محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
حجي: |
لكي نفهم النبوة، يجب أن نعرف ملخص تاريخي:
1. سقطت أورشليم سنة 586 ق.م. في يد نبوخذ نصر ملك بابل، فدمرها وأخذ شبانها وشاباتها سبايا ودمَّر الهيكل تمامًا.
2. سقطت بابل نفسها في يد الفرس سنة 536 ق.م. بيد كورش الملك الفارسي الذي إذ أراه دانيال نبوة إشعياء (ص44 و45)، وأرميا (ص25 و29). أمر بإعادة بناء الهيكل وعودة اليهود.
3. توفي كورش سنة 529 ق.م. وتولى ابنه قمبيز (أرتحشستا) الملك وأقنعه الوشاة بوقف العمل في بناء الهيكل، فأصدر أمرًا بذلك وتوقف البناء حتى مات سنة 522 ق.م. (عز17:4 -25).
4. تولى مكانه داريوس هستاسب، وفي أيامه أرسل الله حجي وزكريا النبي يُحثان الشعب لبناء الهيكل.
= الله مشتاق أن يسكن وسط شعبه.
هذا هو الفرح الحقيقي. ولنرى التناسب بين اسم النبي وموضوع نبوته.
حجّى = عيدي أو المفعم بالبهجة.
5. بحث الملك في السجلات القديمة ووجد أمر كورش بالبناء فأصدر أمرًا بالبناء سنة 520 ق.م. (عزرا ص5 و6)، وإكتمل بناء الهيكل وتم تدشينه سنة 515 ق.م.
6. حجي وزكريا وملاخي نسميهم أنبياء ما بعد السبي.
7. السامريون هم الذين كانوا يقاومون البناء.
8. النبوة عبارة عن أربع رسائل نبوية من الله على يد حجي يُحِث الشعب على بناء الهيكل ويُعاتبهم على تراخيهم في ذلك.
9. ولمّا بدأ البناء بدأت نغمة التشجيع في رسائل الله للشعب بل أعطاهم نبوة بأن المسيح سيأتي ويؤسس الهيكل الحقيقي، أي الكنيسة هيكل جسده. وكل منّا هو هيكل لله يسكن فيه الروح القدس (1كو16:3) وهذه هي الفرحة الحقيقية.
10. مع بداية البناء أخذ الشعب يسبح في فرح وتهليل. أما كبار السن الذين رأوا الهيكل الأول الذي دمره البابليون أخذوا في البكاء (عز 10:3 -13).
11. أرسل الله يشجعهم بنداء زكريا "لأنه من إزدرى بيوم الأمور الصغيرة" (زكريا10:4) وهل هناك عقبات لكن لا تخافوا لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود. من أنت أيها الجبل العظيم أمام زربابل تصير سهلًا.
12. زربابل من نسل داود ومعنى اسمه المولود في بابل (أرض العبودية) وهو الذي بَنَى الهيكل، فهو رمز للمسيح ابن داود باني الكنيسة هيكل جسده (يو21:2).
عتاب من الله على تكاسلهم في بناء البيت، ولاحظ أن لهم عذرًا:
فالملك أصدر قرارًا بوقف البناء.
قد يعتبروا أن هذا القرار هو إعلان عن إرادة الله في هذا
وقطعًا هذا العائق يعتبر جبل، ولكن أمام الله يعتبر سهلًا. والخطية والشيطان والموت كانوا جبالًا صعبة ولكن أمام المسيح إنتهوا. ولكن اسأل نفسك هل حاولت، فكل من حاول وجد الأمر سهلًا "اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ... لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ" (متى29:11-30)، وهم إنتهزوا فرصة التوقف وبدأوا في تزيين بيوتهم تاركين بيت الله "هَلِ الْوَقْتُ لَكُمْ أَنْتُمْ أَنْ تَسْكُنُوا فِي بُيُوتِكُمُ الْمُغَشَّاةِ وَهَذَا الْبَيْتُ خَرَابٌ"؟ (حج 1: 4). لاحظ أن الله قال هذا سنة 520 ق.م. وهم لهم 16 سنة في أورشليم، فكانوا قطعًا قد بنوا بيوتهم وسكنوا. فالله لا يعاتبهم على بناء بيوتهم!! وهو لا يريد أن شعبه يسكن في العراء، بل يُعاتبهم على أنهم يُغطون بيوتهم بالخشب والرخام (DECORATION) تاركين بيته خراب.
والله يريد أن يسكن وسطهم، وهذا ما قيل عن أورشليم السمائية (رؤ 21: 3).
والله يريد أن يسكن في قلوبنا، وهدف الله في هذا أن نفرح،
والله يُعاتبنا أننا نهتم بملذاتنا وملاهينا غير مهتمين بتقديم قلوبنا مسكنا له فنفرح فرحًا حقيقيًا.
والله يقول أن وجوده فينا يُعطينا بركة وعدم وجوده يسبب لعنة "زَرَعْتُمْ كَثِيرًا وَدَخَّلْتُمْ قَلِيلًا. تَأْكُلُونَ وَلَيْسَ إِلَى الشَّبَعِ. تَشْرَبُونَ وَلاَ تَرْوُونَ. تَكْتَسُونَ وَلاَ تَدْفَأُونَ. وَالآخِذُ أُجْرَةً يَأْخُذُ أُجْرَةً لِكِيسٍ مَنْقُوبٍ" (حج6:1)،"لِذَلِكَ مَنَعَتِ السَّمَاوَاتُ مِنْ فَوْقِكُمُ النَّدَى وَمَنَعَتِ الأَرْضُ غَلَّتَهَا، وَدَعَوْتُ بِالْحَرِّ عَلَى الأَرْضِ" (حج10:1، 11).
والنقطة الإيجابية أن الشعب استجاب فورًا وبدأ البناء وفرح الرب بهم فأرسل رسالة ثانية.
هي رسالة تشجيع بينما الأولى كانت رسالة عتاب، خصوصًا فالله يشجعهم بسبب هؤلاء الباكين.
"مَنِ الْبَاقِي فِيكُمُ الَّذِي رَأَى هَذَا الْبَيْتَ فِي مَجْدِهِ الأَوَّلِ؟ وَكَيْفَ تَنْظُرُونَهُ الآنَ؟ أَمَا هُوَ فِي أَعْيُنِكُمْ كَلاَ شَيْءٍ!" (حج3:2)، "فَالآنَ تَشَدَّدْ يَا زَرُبَّابِلُ.. وَتَشَدَّدْ يَا يَهُوشَعُ" (حج4:2).
زربابل هو الوالي ويهوشع رئيس الكهنة وكلاهما معًا يمثلان المسيح الملك والكاهن الذي بذبيحة جسده هيأ جسده (الكنيسة)، بل امتد الأمر للنبوة بالمسيح مؤسس هيكل جسده."هِيَ مَرَّةٌ.. فَأُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَالْيَابِسَةَ" (حج6:2)، بل المسيح زلزل مملكة الشيطان "وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ فَأَمْلأُ هَذَا الْبَيْتَ مَجْدا"ً (حج7:2) (قطعًا) يقصد هيكل جسد المسيح، "مَجْدُ هَذَا الْبَيْتِ الأَخِيرِ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ مَجْدِ الأَوَّلِ قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. وَفِي هَذَا الْمَكَانِ أُعْطِي السَّلاَمَ يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ" (حج9:2)، فهو ملك السلام.
ليس هذا فقط، بل يقول الرب هي مرة بعد قليل فَأُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَالْيَابِسَةَ.. وَيَأْتِي مُشْتَهَى.. الأُمَمِ.
أُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ = بنزول ابن الله متجسدًا للفداء وصلبه ويومها تزلزلت الأرض. ودخل المسيح السماء بجسده البشري ليفتح السموات للجسد البشري. وكل هذا حدث مرة واحدة. فبينما تحدث الزلازل الأرضية يوميًا، فزلزلة السموات وانفتاحها للمسيح بجسد إنساني حدثت مرة واحدة وستظل مفتوحة للبشر، لكل من هو ثابت في المسيح من المؤمنين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وقوله أُزَلْزِلُ.. الأَرْضَ يعني أيضًا هزة قوية هزت قلوب البشر فتغيروا عن وثنيتهم وآمنوا بالمسيح.
أُزَلْزِلُ.. الأَرْضَ = زلزلة الأرض: المسيح ابن الله الكلمة يتجسد وينزل إلى الأرض بل ويصلب ويموت على الأرض.
أُزَلْزِلُ.. الْبَحْرَ = زلزلة البحر = البحر يشير للعالم وشهواته = بأمواجه ومياهه المالحة وبهم يموت الإنسان.
أُزَلْزِلُ.. الْيَابِسَةَ = زلزلة اليابسة = رجوع البشر الذين يبست حياتهم لابتعادهم عن الله مصدر المياه الحلوة التي تحيي.
أُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ = زلزلة السماء = بدخول جسد إنساني هو جسد المسيح ابن الله.
ولكن من الذي يستحق أن يسكن فيه المسيح فيملأه بركة ويكون هذا مجدًا "وَأَكُونُ مَجْدًا فِي وَسَطِهَا" (زك5:2)، هذا موضوع الرسالة الثالثة.
الله يكلمهم هنا عن النجاسة وانتقالها سريعًا بين الناس ليتطهروا، ويدعوهم لترك الخطية، فلا شركة للنور مع الظلمة "وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟" (2كو14:6)
"وَالآنَ فَاجْعَلُوا قَلْبَكُمْ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ فَرَاجِعًا قَبْلَ وَضْعِ حَجَرٍ عَلَى حَجَرٍ فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ" (حج15:2)، فكروا بصدق وبعمق وأمانة إذا كنتم تريدون أن تبنوا البيت أي إذا كنتم تريدون حقًا أن يسكن الله وسطكم. وهذا الكلام لنا... هل تريد أن يسكن الله فيك وتكون هيكلًا لله، الله مشتاق لهذا، ويُعاتب من يتراخى ويهمل.
ويكمل الله للتشجيع من أسكن فيه أملأه بركة، ومن لا يريد يخسر كثيرًا.
"مُذْ تِلْكَ الأَيَّامِ كَانَ أَحَدُكُمْ يَأْتِي إِلَى عَرَمَةِ عِشْرِينَ فَكَانَتْ عَشَرَةً (عرمة =إيفة = مكيال للحبوب... قَدْ ضَرَبْتُكُمْ بِاللَّفْحِ (ريح عنيف) وَبِالْيَرَقَانِ (آفة حشرية) وَبِالْبَرَدِ (الصقيع)..." (حج2: 16-17)، يُخطئ من ينسب الضربات للطبيعة، بل هي أدوات تأديب في يد الله. والله هنا يُشجع التائب... سجِّل يوم توبتك. فمن هذا التاريخ ستبدأ البركة "هَلِ الْبَذْرُ فِي الأَهْرَاءِ بَعْدُ؟ (مخازن الحبوب) وَالْكَرْمُ وَالتِّينُ وَالرُّمَّانُ وَالزَّيْتُونُ لَمْ يَحْمِلْ بَعْدُ. فَمِنْ هَذَا الْيَوْمِ أُبَارِكُ (حج19:2).
ورأينا أن أهم بركة يأتي بها الرب هي وجوده في وسطنا وهو مصدر السلام والفرح (حجي = مفعم بالبهجة)، إذًا البركة = وجود الله في وسطنا، واللعنة = عدم وجود الله في وسطنا.
وما حدود البركة التي نحصل عليها من عمل المسيح، هذا هو موضوع الرسالة الرابعة.
البركة التي أحصل عليها من سكنى المسيح في حياتي هي: بركة غير محدودة "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي يُعْطِيكُمْ" (يو23:16). لذلك نُصلي في نهاية الصلاة الربانية: بالمسيح يسوع ربنا، والاسم في العبرانية يدل على قدرة وإمكانيات الشخص:
1. والمسيح بقوة صليبه زلزل ممالك الشيطان والموت والخطية "وَأَقْلِبُ كُرْسِيَّ الْمَمَالِكِ... وَيَنْحَطُّ الْخَيْلُ وَرَاكِبُوهَا" (حج22:2)، الخيل وراكبوها إشارة لقوة إبليس.
2. وزربابل كرمز للمسيح يقول هنا عنه الله "آخُذُكَ يَا زَرُبَّابِلُ عَبْدِي... وَأَجْعَلُكَ كَخَاتِمٍ لأَنِّي قَدِ اخْتَرْتُكَ" (حج23:2)، والخاتم يتم عن طريقه صرف أي شيء، لذلك أعطى الأب للابن الضال خاتم ليعود يستعمله ليأخذ من غنى أبيه. ولنا فنحن نأخذ من بركات الآب السماوي بقوة عمل المسيح الفدائي، لذلك نختم صلواتنا قائلين، بالمسيح يسوع ربنا. أي صار لنا دالة عند الله فيستجيب صلواتنا من أجل دم ابنه على الصليب. وهذا معنى قول السيد المسيح "الحق الحق أقول لكم ان كل ما طلبتم من الاب باسمي يعطيكم . إلى الآن لم تطلبوا شيئا باسمي. اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملًا" (يو16: 23 ، 24).
هذه نبوة عن طريق فرح الإنسان والفرح ليس للإنسان فقط بل الله يفرح بخلاصنا، والله من فرحته بعمل المسيح الفدائي والبركات التي ستعود على شعبه أرسل الرسالة الرابعة في نفس يوم الرسالة الثالثة، الله فرح بعودة الفرح لأولاده بالمسيح عوضًا عن الغم الذي عاشوا فيه.
← تفاسير أصحاحات حجي: مقدمة | 1 | 2
الفهرس |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير حجي 2 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9bvz5vv