تظهر واضحة في كثير من كتبهم. ونذكر منها:
يقولون في كتابهم [الحق الذي يقود إلى الحياة الأبدية](1):
"إن الروح القدس ليس شخصًا، بل قوة الله الفعالة".
ويقولون في كتابهم [ليكن الله صادقًا](2):
"إن زعم رجال الدين أن الروح القدس شخص روحي ثالث، هو زعم مبنى على أساس واهن، نشأ من سوء ترجمة الأصل اليوناني بكلمة تشف عن معنى الشخصية. والحقيقة أن المراد بالأصل "نسمة" أو "ريح" أو "نسيم". فكما أن النسمة أو الريح أو النسيم لا يظهر للعين، كذلك روح الله. فمتى حلّ روح الله على إنسان، حصل هذا الإنسان على تفويض من الله بإجراء عمل خاص مهما كان نوعه. إن الروح القدس هو قوة الله القدير غير المنظور، وهو القوة الدافعة لعبيد الله على عمل إرادته."
ويقولون في كتابهم [هذه هي الحياة الأبدية](3):
"الروح هو قوة وليس شخصًا. إنه القوة القدوسة الفعالة النابعة من مصدرها الفياض الذي هو الله".
ويقولون في كتابهم [المباحثة من الأسفار المقدسة](4):
"إن روح الله القدوس هو قوته الفعالة".
إنكارهم أقنومية الروح القدس، هو جزء من إنكارهم للأقانيم الثلاثة. أي أنهم ينكرون عقيدة (الثالوث القدوس) تبعًا لذلك.
الروح القدس كان يكلم الناس، والقوة لا تتكلم.
كان يختار بعض الرسل. وكان يرسلهم، ويحدد لهم أماكن خدمتهم: يمنعهم من الذهاب إلى مكان معين، ويرشدهم إلى مكان آخر. وكان ينطق على أفواههم، ويرشدهم إلى كل الحق، ويقود مجامعهم، وينطق على ألسنتهم. وأحيانًا يبكت.
بينما القوة لا تنطق ولا ترشد، ولا ترسل ولا تختار، ولا تمنع.
الروح القدس لم يكن مجرد قوة، بل كان يمنح القوة.
وهكذا قال السيد الرب للرسل "ولكنكم ستنالون قوة متى حلّ الروح القدس عليكم. وحينئذ تكونون لي شهودًا.." (أع 1: 8).
القوة إذن ليست هي الروح القدس، بل هي نتيجة لحلول الروح القدس. ومع ذلك فالروح القدس لا يختص بالقوة وحدها، بل يختص بأمور عديدة، كما ورد في سفر إشعياء النبي:
"يحل عليه روح الرب: روح الحكمة والفهم، روح المشورة
والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب" (أش 11: 2).
كان الروح القدس يدعو الخدام، ويرسلهم ويقيم الأساقفة.
ففي سفر الأعمال (أع 13: 2، 4) ورد أنه "قال الروح القدس: أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه". فلما وضعوا عليهما الأيادي، قيل "فهذان إذ أُرسلا من الروح القدس، انحدرا إلى سلوكية..".
هنا الروح القدس يأمر ويدعو ويرسل ولو كان مجرد قوة -كما يعتقد شهود يهوه- ما كان يقول "افرزوا"، وما كان يقول "العمل الذي دعوتهما إليه". فمجرد القوة لا تقول ولا تدعو للخدمة، ولا تحدد العمل، ولا ترسل الرسل.
كذلك قال القديس بولس الرسول لرعاة الكنيسة في أفسس: "احترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم فيها الروح القدس أساقفة..." (أع 20: 28).
إذن الروح القدس كان يقيم الأساقفة. ومجرد القوة أو الريح لا تقيم أساقفة! حسب اعتقاد شهود يهوه في الروح القدس!
وفى مثل عمل الروح القدس في الدعوة إلى الخدمة:
دعوة الروح القدس لفيلبس أن يبشر الخصي الحبشي:
فقد ورد في الإصحاح الثامن من سفر أعمال الرسل: "قال الروح لفيلبس: تقدم ورافق هذه المركبة (مركبة الخصي) [أع 8: 29]. وأطاع فيلبس الروح القدس، ورافق المركبة وبشر الخصي، وعمده.
هل نصدق أن هناك ريحًا أو قوة أمرت فيلبس، فأطاع؟!
دعوة الروح القدس لبطرس الرسول أن يبشر كرنيليوس.
ورد في سفر أعمال الرسل عن القديس بطرس الرسول أنه "قال له الروح هوذا ثلاثة رجال يطلبونك. قم وأنزل معهم غير مرتاب". هنا الروح يدعوه إلى الخدمة ويطمئنه. (أع 10: 19). وقد روى القديس بطرس عن هذا الأمر فقال: "قال لي الروح أن أذهب معهم غير مرتاب" (أع 11: 12).. فهل الريح أو القوة ترشد إلى الخدمة وتطمئن؟!
بل في علاقة الروح القدس بالسيد المسيح الذي يؤمن شهود يهوه أنه إله قدير، نقرأ الآتي في نبوءة عنه في سفر إشعياء:
"روح السيد الرب علىّ، لأنه مسحني لأبشر المساكين. أرسلني لأعصب المنكسري القلوب.." (أش 61: 1، 2)
من هذا الذي يمسح السيد المسيح. ويرسله، ويعين عمله؟! أهو الريح؟! أو مجرد قوة لم يحدد شهود يهوه كنهها؟!
وفي قصة العماد نقرأ أنه "نزل عليه الروح القدس مثل حمامة" (لو 3: 22) (مر1: 10) (يو 1: 32).
فهل الريح تتشبه في هيئة حمامة؟! وهل مجرد القوة تظهر كحمامة؟!.
وماذا عن قول الإنجيل "ثم أصعد يسوع إلى البرية من الروح ليجرب من إبليس" (مت4: 1) (مر 1: 12)؟
هل الريح أصعدت الرب يسوع؟! أو أصعدته قوة مبهمة؟!
ويشهد الكتاب المقدس أن الروح القدس يكلم الناس ويكلم الكنائس. فهل الريح تتكلم؟! أو مجرد القوة تتكلم؟!
يقول الرب يسوع في سفر الرؤيا أكثر من مرة "من له أذن للسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس" (رؤ 2: 7) (رؤ 2: 29)...
وقال القديس بولس الرسول لليهود في روما "حسنًا كلّم الروح القدس آباءنا بإشعياء النبي قائلًا..." (أع 28: 25).
وقال في رسالته إلى العبرانيين "لذلك كما يقول الروح القدس اليوم: إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم" (عب 3: 7، 8).
وورد في سفر الرؤيا عن السيد المسيح "الروح والعروس يقولون تعالَ" (رؤ 22: 17).
فهل الريح تتكلم وتقول؟! وهل مجرد القوة تتكلم وتقول؟!
في مواضع كثيرة في الكتاب إن الروح القدس يعلّم، ويذكّر بكلام التعليم، ويبكت. وهذا كله يدل على أنه شخص، وليس مجرد قوة أو ريح!!
قال السيد المسيح لرسله القديسين "وأما الروح القدس... فهو يعلمكم كل شيء" (يو14: 16). وقال أيضًا "أما المعزي الروح القدس... فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو 14: 26).
وقال كذلك "وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى كل الحق. لأنه لا يتكلم من نفسه، بل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية" (يو 16: 13).
وقال عنه أيضًا "ومتى جاء ذاك، فإنه يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة" (يو 16: 8).
وقال القديس بولس الرسول "نتكلم... لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية، بل بما يعلّمه الروح القدس" (1كو 2: 13). فهل الريح أو القوة تعلّم وتبكت؟! وهل تخبرنا بأمور آتية؟!
قيل عن الروح القدس أيضًا إنه يعزى الرسل، وإنه يشهد للمسيح وإنه يشفع في المؤمنين.
ما أكثر الآيات التي وُصف بها الروح القدس المعزي. منها:
ثلاث آيات في الإصحاح 14 من يوحنا. يقول الرب يسوع في واحدة منها "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه.." (يو 14: 16، 17).
فهل هذا المعزى مجرد قوة؟ وكيف أن العالم لا يقبل هذه القوة، بينما كثيرون قبلوا الإيمان بسبب الآيات والقوات؟!
ويقول أيضًا في (يو 14: 26): "وأما المعزى الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم"، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فهل هذا الذي يعلمهم كل شئ، ويعزيهم ويذكرهم، هو مجرد ريح أو قوة مجردة؟!
ويقول في (يو 15: 26) "ومتى جاء المعزى، الذي سأرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي". إنه يعزيهم، لأنه يعلمهم، ولأنه يمكث معهم، ولأنه روح الحق. وهو الذي يشهد للسيد المسيح...
ويقول في (يو 16: 13، 14) "ذاك يمجدني، لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" من هذا الذي يأخذ ويخبر ويمجد؟ أهو مجرد ربح أو قوة؟!
كان الروح القدس يرشد مجمع التلاميذ، ويشترك معهم في إصدار قراراتهم. وكان يحدد لهم أماكن خدماتهم.
فقرارات مجمع أورشليم -الذي اجتمع فيه التلاميذ- صدّروه بعبارة "قد رأى الروح القدس ونحن ألا نضع عليكم ثقلًا أكثر.." (أع 15: 28).
أما عن تحركات التلاميذ وتحديد أماكن خدمتهم، فيذكر سفر أعمال الرسل أنه "بعدما اجتازوا في فريجية وكورة غلاطية، منعهم الروح القدس أن يتكلموا بالكلمة في آسيا. فلما أتوا إلى ميسيا، حاولوا أن يذهبوا إلى بيثينية فلم يدعهم الروح". وانتهى الأمر إلى أنه أرشدهم برؤيا أن يذهبوا إلى مكدونية "متحققين أن الرب دعاهم لتبشيرهم" (أع 16: 6- 10).
فهل الذي حدد سير خدمتهم، كان مجرد ريح أو قوة؟! أم أن أقنوم الروح القدس هو الذي أرشدهم إلى مكان خدمتهم؟!
والروح القدس يشفع فينا، كما يقول القديس بولس الرسول:
"كذلك الروح أيضًا يعين ضعفاتنا. لأننا لسنا نعلم ما نصلى لأجله كما ينبغي. ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها" (رو 8: 26). والذي يشفع لا بد أن يكون شخصًا (أقنومًا)، وبخاصة إن كان ذلك بأنات...
والروح القدس هو أيضًا مصدر المواهب الروحية.
"أنواع مواهب موجودة، ولكن الروح واحد" "ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل. ولكنه لكل واحد يعطى إظهار الروح للمنفعة: فإنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة، ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد. ولآخر إيمان بالروح الواحد. ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد. ولآخر عمل قوات، ولآخر نبوءة، ولآخر تمييز الأرواح. ولآخر أنواع ألسنة، ولآخر ترجمة ألسنة. ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه، قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كو 12: 4- 11).
كل هذه المواهب منحها الروح الواحد (الروح القدس). ألا يدل كل هذا على أنه شخص (أقنوم)؟!
ومن المواهب التي يهبها الروح القدس: النبوءة.
كما قال عنه السيد الرب إنه "يخبر بأمور آتية" (يو 16: 13). وكما ورد عنه في قانون الإيمان المسيحي إنه: "الناطق في الأنبياء". وقال موسى النبي "يا ليت كل شعب الرب كانوا أنبياء، إذا جعل الرب روحه عليهم" (عد11: 29).
ولا ننسى أن شاول الملك تنبأ لما مسحه صموئيل النبي. وقال له صموئيل النبي في ذلك "يحل عليك روح الرب فتتنبأ معهم وتتحول إلى رجل آخر" (1صم10: 6).
وحدث ذلك فعلًا، إذ صادف زمرة من الأنبياء "فحلّ عليه روح الله، فتنبأ في وسطهم" وقال الشعب متعجبًا "أشاول أيضًا بين الأنبياء!" (1 صم 10: 10، 11).
ومن أمثلة النبوءات التي مصدرها الروح القدس: ما كتبه القديس بولس الرسول "لكن الروح يقول صريحًا إنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان... " (1تى 4: 1) ويقول بولس الرسول أيضًا "غير أن الروح القدس يشهد في كل مدينة قائلًا إن وثقًا وشدائد تنتظرني.." (أع 20: 23).
تنبؤ الروح القدس يدل على أنه شخص.
كذلك كون الروح القدس مصدرًا للوحي:
لقد حلّ روح الرب على داود لما مسحه صموئيل النبي (1صم 16: 13). والروح القدس الذي فيه صار مصدرًا للوحي بالنسبة إلى مزاميره. وهكذا شهد الرب بذلك فقال "لأن داود نفسه قال بالروح القدس: قال الرب لربى اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك" (مر 12: 36) (مت 22: 43) (مز 110: 1). إذن الروح القدس هو الذي أوحى لداود النبي أن يقول هذه العبارة، أو هذه النبوءة عن السيد المسيح.
كذلك قال السيد المسيح لتلاميذه "لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت 10: 20).
أيضًا يقول القديس بطرس الرسول".. لأنه لم تأتِ نبوءة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط1: 21). الروح القدس إذن هو مصدر الوحي عمومًا.
في المعمودية يولد الإنسان من الروح القدس. كما قال الرب لنيقوديموس: "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح، لا يقدر أن يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد، جسد هو. والمولود من الروح هو روح" (يو3: 5، 6). وطبيعي أن المعمد لا يولد من ريح أو من مجرد قوة. بل من الله أي من أقنوم.
وقال السيد المسيح لتلاميذه "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم. وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت 28: 19) أي باسم الأقانيم الثلاثة.
أيجرؤ أحد إذن -بعد كل هذا- أن ينكر أقنوميته، أو ينكر لاهوته؟! ويظن أنه مجرد قوة أو ريح وليس شخصًا!!
_____
(1)
ص24.
(2) ص 113.
(3) ص 176.
(4)
ص 132.
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/watchtower/person.html
تقصير الرابط:
tak.la/7r3kjt3