وحتى بعد سقطة الإنسان الأول لم يتخل الله عن محبته.
ففيما هو يعاقب، مزج العقوبة بوعد بالخلاص. فقال (إن نسل المرأة يسحق رأس الحية) (تك 3: 15). حقًا كما نقول في القداس الغريغوري "حَوَّلت لي العقوبة خلاصًا".
ولم يلعن الله آدم وحواء لعن الحية (تك3: 14)، إلا كانت اللعنة قد أصابت البشرية كلها.
وحتى عندما عاقب الله قايين، لم يتخل الله عن رأفته، فلما قال له قايين (أنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض، فيكون كل من وجدني يقتلني) فقال له الرب كل من قتل قايين، فسبعة أضعاف ينتقم منه وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده (تك 4: 14، 15).
ومن محبة الله للإنسان رعايته بالناموس والأنبياء.
فلما سار الإنسان في طريق الضلال (وقال الجاهل في قلبه ليس إله) (مز 14: 1). وفسد البشر جميعًا، وإذا ليس من يعمل صلاحًا، ليس ولا واحد (مز 14: 3) بل حتى ضمائرهم أظلمت ولم تعد تهديهم، أرسل الله لهم الأنبياء لكي يبلغوهم صوت الله وأوامره. كما زودهم بالوحي الإلهي وبالشريعة المكتوبة. بل أن أول لوحين للشريعة، كانا مكتوبين بأصبع الله (واللوحان هما صنعه الله والكتابة كِتابة الله منقوشة على اللوحين) (خر32: 16).
واستمر الله يرسل الأنبياء لهداية الناس، حتى بعد أن تركوا عهده، ونقضوا مذابحه، وقتلوا أنبياءه بالسيف (1 مل 19: 14). وحتى بعد أن عبدوا العجل الذهبي (خر32) وعبدوا الأصنام فترات طويلة.
ومن محبة الله للإنسان أنه كان الراعي الصالح له.
كما تغنَّى داود النبي في المزمور قائلًا (الرب يرعاني فلا يعوزني شيء.في مراع خضر يربضني. إلى ماء الراحة يوردني. يرد نفسي، يهديني إلى سبل البر) (مز 23).
وقال الرب في سفر حزقيال النبي (أنا أرعي غنمي وأربضها -يقول السيد الرب- وأطلب الضال، واسترد المطرود، وأجبر الكسير وأعصب الجريح...) (حز 34: 15، 16). بل أن الرب تكلم بشدة ضد الرعاة الذين يرعون أنفسهم وقد أهملوا غمه وخرافة، فقال (هأنذا على الرعاة، واطلب غنمي من يدهم، وأكفهم عن رعي الغنم، ولا يرعَى الرعاة أنفسهم بعد، وأخلص غنمي من أفواههم، فلا تكون لهم مأكلًا) (حز 34: 10).
وفي العهد الجديد يقول السيد الرب (أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف) (يو10: 11). (أنا هو الراعي الصالح، وأعرف خاصتي، وخاصتي تعرفني) (خرافي تعرف صوتي فتتبعني، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي) (يو 10: 14، 27، 28).
ورعاية الرب لشعبه شاملة تشمل كل تفاصيل الحياة:
فهو يرعاهم ماديًا وروحيًا. ويخلصهم من أيدي أعدائهم. كما قال موسى النبي (قفوا وانظر خلاص الرب... الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون) (خر 14: 13، 14). وقصص أمثال هذا الخلاص التي تظهر محبة الرب كثيرة في سفر القضاة.
ومحبة الرب في رعايته المادية وأولاده، تظهر في معجزتي المن والسلوى، وفي إرساله الطعام لإيليا النبي عند نهر كريت أثناء المجاعة، في عبارة مؤثرة قال له فيها (وقد أمرت الغربان أن تعولك هناك) (1 مل 17: 4)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. بل تظهر محبة الرب العجيبة في هذا الأمر، إذ أنه (يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين) (مت 5: 45). بل أنه يعطي البهائم قوتها، وفراخ الغربان التي تدعوه (مز146). ويعطي طعامًا لكل دودة تدب تحت حجر... ما أعجب محبته للكل وما أعجب حنانه.
ورعايته الروحية تشمل قصة الخلاص كلها.
وفي ذلك قال بولس الرسول عن الله في إرساله الخدام للعناية الروحية بالناس (وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلًا، والبعض الخدمة، لبنيان جسد المسيح. إلى أن تنتهي جميعًا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله...) (أف4: 11-13). بل قال أيضًا عن الملائكة (أليسوا جميعهم أرواحًا خادمة، مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص) (عب 1: 14).
أما عن محبة الله في إرسال الملائكة لخدمة البشر ولمعونتهم، فهي موضوع طويل يدل على عمق محبة الله...
يحدثنا عنه دانيال النبي في الجب وهو يقول (إلهي أرسل ملاكه، فسد أفواه الأسود) (دا 6: 22). ويقول أبونا يعقوب أب الآباء (الْمَلاَكُ الَّذِي خَلَّصَنِي مِنْ كُلِّ شَرّ) (سفر التكوين 48: 16). ملاك آخر أنقذ بطرس الرسول من السجن (أع 12: 7، 11). وملاك ضرب جيش سنحاريب وخلص الشعب منه (2 مل19: 35). حقًا، كما يقول الكتاب (ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم) (مز 34: 7).
ومن محبة الرب أيضًا يرسل ملائكة البشارة والفرح.
ملاك يبشر العذراء بالحبل بالمسيح (لو1: 26، 38). وملاك يبشر زكريا بيوحنا المعمدان (لو1: 11-20). وملاك يبشر الرعاة بميلاد المسيح (لو2: 8-14). وملاك يبشر يوسف النجار (مت 1: 20، 21)... وما أكثر الملائكة الذين بشروا النسوة بالقيامة... وملائكة البشري كثيرون في الكتاب المقدس، يرسلهم الله من محبته حاملين أخبارًا مفرحة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/love/shepherd.html
تقصير الرابط:
tak.la/y7sz9bp