سبق لنا معالجة موضوع "الإباحة" أو حق الإنسان في دفاعه عن نفسه أو الغير أو الوطن، وقلنا إنه يصعب أن نفصل بين الجانب الإيماني والجانب القانوني. فالمؤمن الحقيقي يؤمن بوحدة الحياة؛ لا يفصل إيمانه عن سلوكه، ولا يحمل شخصيتين، واحدة للعبادة والأخرى للسلوك في المجتمع.
لكي يعيش الإنسان المسيحي في المجتمع ناجحًا ملتزمًا بقوانينه وأعرافه يجب أن يكون ملمًا بها جيدًا، خاضعًا لها ولوصية الله: "أعطِ ما لقيصر لقيصر"، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. هذا وأن القوانين الوضعية التي تحكمنا نجدها غالبًا ما تسير مع تعاليم الكتاب وكنيستنا، كقول الرسول بولس: "السلاطين الكائنة هي مرتبة من الله" (رو 1:13). فالمسيحية تدعو إلى المحبة والتسامح كما تدعو إلى الشرعية حيث تحث المسيحي على الالتجاء إلى القانون لتدبير الأمور، فيكون على من ظُلم أو سُلب حقه أن يطالب به عن طريق قنوات المجتمع الشرعية.
كان رفع الدعاوى مقررًا منذ القديم في الشريعة اليهودية (تث 8:17، 9)، وكانت الشريعة الرومانية تبيح لرعاياها أن يرفعوا دعواهم إلى الإمبراطور إذا لم يرضوا بحكم حكام الأقاليم والمقاطعات. لذلك رفع القديس بولس دعواه إلى قيصر (أع 11:25).
كما أنه في حالات أخرى نجد المسيحي في وضع الدفاع عن نفسه أو أقاربه أو عن وطنه، يقف أمام الخطر دون استطاعة منه أن ينتظر أجهزة الدولة حتى لا يفقد حياته أو حياة أقاربه، وهنا نجد أن القوانين الوضعية قد سايرت تعاليم الكتب السماوية في وضع أسباب معينة يستطيع عندها الشخص أن يدفع الخطر عنه، دون أن تقع عليه أية مُسائلة قانونية، بل ودون أن تقع عليه مسائلة دينية أيضًا.
أنظر عزيزي القارئ إلى آبائنا القديسين الذين كانوا قدوة في تنفيذ وصايا الله والخضوع لأحكام الدولة وقوانينها طالما أنها لا تحثهم على إنكار الإيمان الحقيقي أو مخالفة الوصية الإلهية.
بلا شك كان يوسف الصديق، الرجل الثاني بعد فرعون، أمينًا في تنفيذه للقوانين المصرية، ما دامت في الرب، وقد كسب قلب فرعون وكل المصريين معه.
وأيضًا دانيال النبي تقلد أعلى مناصب في الدولة لاحترامه لقوانينها ولملكها، مؤمنًا بأن "قلب الملك في يد الرب كجداول مياه حيثما شاء يميله" (أم 1:21).
وبروحٍ تقويٍ يقول بولس الرسول لتلميذه تيطس: "ذكِّرهم أن يخضعوا للرياسات والسلاطين ويطيعوا ويكونوا مستعدين لكل عملٍ صالحٍ" (تي 1:3).
119 | |
120 | |
121 | |
122 | |
123 | |
124 | |
125 | |
126 | |
127 | |
128 | |
129 |
_____
[20] نقلًا عن كتاب: الإيمان والإباحة إعداد القمص تادرس يعقوب ملطي وماجد سامي سوس المحامي، 1998، ص 10 إلخ.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/defending.html
تقصير الرابط:
tak.la/h633c7q