إذ عبد إسرائيل العجل الذهبي أثناء استلام موسى النبي للشريعة على جبل سيناء اضطر أن يكون موسى النبي حازمًا في تأديبه، فأمر بقتل البعض ليقدم درسًا للباقين (خر 25:32-29)، بينما حين أراد الله أن يعاقب الشعب بإبادته تشفّع فيهم موسى النبي نفسه، طالبًا أن يصفح الله عنهم وإلا يمحو اسمه من كتابه (خر 32:32)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. الحب الذي دفع موسى النبي لتأديب قلة بالقتل حتى لا يفقد بقية الشعب علاقته بالله وتمتعه بالمجد الأبدي، هو نفسه الذي دفعه أن يشفع فيهم أمام الله حتى لا يُبادوا.
* ماذا إذن كيف تُحسب أوامر موسى أو أعماله قاسية عندما صدرت بغيرة ورغبة مقدسة، إذ رأى الشعب الذي في عهدته عوض أن يخضع لله الواحد قد انحط ليُقيم تمثالًا يعبده ويدنس نفسه بالشياطين؟
أية قسوة في عقوبته لهم بقتل قلة منهم بالسيف، من أُناس استحقوا الموت بحكم الله السري والخفي لأنهم عصوه؟ بهذه الوسيلة قدم تحذيرًا حادًا للشعب في ذلك الحين، وقدم مثالًا سابقًا لأجل المستقبل.
عندما يقرأ شخص صلاة موسى عن الإسرائيليين الخطاة، الذي لم يرد لهم أن يتحقق فيهم ما فعله خلال الحب وليس خلال أية قسوة: "إن غفرت خطيتهم، وإلا فامحني من كتابك" (خر32:32)، ويقارن بين حكمه بقتل (الإسرائيليين) بحزم ومهابة وصلاته يرى الأمر واضحًا جدًا[24].
انتقد أتباع ماني التأديب بالقتل كما جاء في العهد القديم، ورد عليهم القديس أغسطينوس[25]:
[عليهم أن يتأملوا ما قاله بولس الرسول بخصوص الخاطئ الذي أُسلم إلى الشيطان لهلاك الجسد "لكي تخلص الروح (1 كو 5:5). ورغم أن هذا النص لا يُفهم منه موت الجسد إلا أن الرسول كان يفرض هذا التأديب لا عن كراهية، بل في حبٍ، كما يتضح من قوله "لكي تخلص الروح"[26].
ليلاحظ هؤلاء الهراطقة ما جاء في كتب الكنيسة التي يعترفون بها، حيث كُتب فيها أن الرسول توما لعن الشخص الذي ضربه بيده، طالبًا له الموت، بصورة قاسية جدًا، رغم طلبته من أجل روح هذا الشخص حتى لا يُحرم من ميراث العالم الآتي. لذلك لا ينبغي لهم أن يثوروا بصورة عنيفة على التأديبات الجسدية الواردة بالعهد القديم، متجاهلين بأي روح فُرضت هذه التأديبات وفي أية مرحلة من ترتيب الأزمنة جاءت.]
_____
[24] Against Foustus 22:79.
[25] الموعظة على الجبل لأغسطينوس، ترجمة: القمص تادرس يعقوب ملطي، ك 1، في 64، 65.
[26] كان يقصد الرسول أن يعزل هذا الشخص وأمر بعدم مخالطته (1 كو 11:5، 13). ويبدو أن هذا الأخ قد حزن حزنًا مفرطًا حتى كاد أن يبتلع من الحزن، لذلك كتب الرسول في رسالته الثانية مطالبًا بمسامحته (2 كو 5:2-8).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/jewish-law-punishment.html
تقصير الرابط:
tak.la/3k39w8n