St-Takla.org  >   books  >   fr-athnasius-fahmy  >   tertelian
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا - القمص أثناسيوس فهمي جورج

15- الصلاة الربانية

 

9) الصلاة الربانية

عرض لكتاب "الصلاة"

يؤكد ترتليان على تعليم الإنجيل بخصوص مبدأ الصلاة في الخفاء وأيضًا الثقة في أن الله ضابط الكل حاضر في كل مكان يرى ويسمع من صرخ إليه، ويعلم أننا يجب ألا نظن أننا نقترب من الله بكثرة الكلمات، ويشرح الصلاة الربانية التي يرى فيها خلاصة الإنجيل كله.

 

أبانا الذي في السموات
ليتقدس اسمك
لتكن مشيئتك، كما في السماء كذلك على الأرض
ليأت ملكوتك
خبزنا كفافنا أعطنا اليوم
اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر، نحن أيضًا للمذنبين إلينا
لا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير
خاتمة

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أبانا الذي في السموات

تبدأ الصلاة بشهادة لله وأيضًا بجعالة للإيمان عندما نقول "أبانا الذي في السموات" لأن في قولنا هذا اعتراف بإيماننا بالله، وفيه أيضًا جعالة هذا الإيمان الذي هو استحقاقنا لنقول هذه المناداة، ومكتوب "أما كل الذي قلبوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه" (يو 1: 12) وقد علم رب المجد يسوع كثيرًا عن أبوة الله لنا بل وأعطانا وصية "لا تدعوا لكم أبًا على الأرض لأن أباكم واحد الذي في السموات" (مت 23: 9) فبهذه الصلاة نطيع الوصية.

وقولنا "أبانا" يتضمن في وقت واحد واجب بنوى من أبناء نحو أبيهم وأيضًا شعور بمخافة ومهابة لله، وأيضًا في مناداتنا للآب ندعو الابن لأنه قال "أنا في الآب والآب فيَّ".

St-Takla.org         Image: The Lord's Prayer in Coptic and Arabic languages, by Kami Nassief صورة: الصلاة الربانية: أبانا الذي في السماوات باللغة العربية و اللغة القبطية، فن كامي نصيف

St-Takla.org Image: The Lord's Prayer in Coptic and Arabic languages, by Kami Nassief

صورة في موقع الأنبا تكلا: الصلاة الربانية: أبانا الذي في السماوات باللغة العربية و اللغة القبطية، فن كامي نصيف

ويشير العلامة ترتليان إلى الكنيسة هنا، ففي دعائنا للآب والابن ندعو أيضًا أمنا الكنيسة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ليتقدس اسمك

اسم الله لم يعلن لأحد ولا حتى لموسى الذي سأله عنه (خر 3: 13-16) أما نحن فقد أعلنه لنا الله الابن إذ يقول "قد أتيت باسم أبى" (يو 5: 43) وبوضوح أكثر يقول "أنا أظهرت اسمك للناس" (يو 17: 6) لذلك نحن نصلى أن يتقدس هذا الاسم، وليس معنى هذا أننا نتمنى أن يصير اسم الله مقدسًا، لانه هو مقدس بذاته، هو الذي يقوم حوله الشاروبيم قائلين "قدوس قدوس قدوس" بغير انقطاع، ومن المعروف أنه يليق بالله الصالحة للإنسان، وهذه الطلبة "ليتقدس اسمك" تعطى للإنسان بركة وتعده لشركة الملائكة وهو هنا على الأرض فيحفظ عن ظهر قلب تسبيحهم غير المنقطع "قدوس قدوس قدوس".

وتعنى أيضًا هذه الطلبة عند ترتليان أن يتقدس هذا الاسم فينا لأننا نحن فيه، ويتقدس في كل إنسان لا يزال نعمة الله تنتظره، كي نطيع الوصية "صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم" (مت 5: 44) فنصلى حتى لأجل أعدائنا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

لتكن مشيئتك

كما في السماء كذلك على الأرض

بحسب ترتليان لا يعنى هذا أن هناك قوة تمنع تنفيذ مشيئة الله، لكن نحن نصلى لكي تكون مشيئة الله منفذة ومطاعة في الكل، ويفسر ترتليان هذه الآية تفسيرًا رمزيًا فالسماء هي الروح والأرض هي الجسد،وبذا يكون معنى الطلبة هو أن تكمل مشية الله في الروح كما في الجسد أيضًا.

ومشيئة الله هي أن نسير بحسب وصاياه لذلك نحن نصلى ونتضرع إليه لكي يهبنا معونة وقدرة على تتميم مشيئته.

وهناك أيضًا مشيئة الله التي تممها مخلصنا الصالح بكرازته وعمله وباحتماله، لأنه هو نفسه أعلن أنه لا يصنع مشيئته بل مشيئة الآب،لذلك من المؤكد أن كل ما صنعه كان مشيئة الله الآب، وهكذا نحن المسيحيين مدعوون الآن لنكرز ونعمل ونحتمل حتى الموت، ولكننا نحتاج لمشيئة الله لتتميم هذه الواجبات.

وفى قولنا "لتكن مشيئة الله" نتمنى الخير لأنفسنا لأنه ليس هناك أي شر في مشيئة الله، وبهذه الصلاة ندرب أنفسنا على الصبر والاحتمال، فالمخلص نفسه عندما أراد أن يعلمنا عن ضعفات الجسد وحقيقة الألم قال "يا أبتاه إن شئت أن تجيز عنى هذه الكأس ولكن لتكن لا إرادتي أنا بل إرادتك" (لو 22:42) فسلم نفسه لمشيئة الآب ليعلمنا الصبر اللائق.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ليأت ملكوتك

يربط ترتليان بين "لتكن مشيئتك" وبين "ليأت ملكوتك" فالطلبة الأخيرة أيضًا تعنى "ليأت في داخلنا" إذ نطلب أن يأتي ملكوت الله في داخلنا.

ويحث ترتليان قراءه على التضرع لأجل مجيء الملكوت سريعًا، ويذكر نفوس الشهداء الأبرار التي تصرخ من تحت المذبح إلى الرب تطلب الانتقام من الساكنين على الأرض (رؤ 6: 10) ويرى أنها لا تطلب الانتقام إلا لأنه مرتبط بالطبع بنهاية الدهر ومجيء الملكوت.

ففي الصلاة الربانية نطلب مجيء الملكوت الذي لأجله نتألم ونصلى ونصبر.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

خبزنا كفافنا أعطنا اليوم

رتبت الحكمة الإلهية الصلاة ترتيبًا رائعًا، فبعد الأمور السمائية "اسم" الله، ومشيئة "الله" و"ملكوت" الله، تفسح مكانًا للاحتياجات الأرضية لأن الرب قال "اطلبوا أولًا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم" (مت 6: 33).

ثم يفسر ترتليان هذه الطلبة تفسيرًا روحيًا، فيقول أن المسيح هو خبزنا، لأنه هو الحياة، والخبز هو الحياة، وهو نفسه قد قال " أنا هو خبز الحياة" (يو 6: 35) و"لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعلم" (يو 6: 33)، وهو يقدم لنا جسده أيضًا في صورة خبز "هذا هو جسدي" (مت 26: 26) وهكذا عندما نطلب "خبزنا كفافنا" إنما نطلب أن نسكن ونثبت دومًا في المسيح ونتحدى مع جسده.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر

نحن أيضًا للمذنبين إلينا

من المناسب بعد التأمل في قدرة الله الكلية أن نتوسل بعد ذلك إلى مراحمه ورأفاته فنقول "اغفر لنا ذنوبنا" ويرى ترتليان أنها طلبة للمغفرة مليئة بالاعتراف، لأن من يطلب الغفران إنما يعترف بالذنب اعترافًا تامًا.

وهذه هى التوبة التي ترضى الله ويفضلها عن الموت الخاطئ، ويذكر ترتليان هنا مثل العبد الذي تحنن عليه سيده وأطلقه وترك له دينه، أما هو فلم يرحم رفيقه، لذلك سلمه سيده إلى المعذبين حتى يوفى كل ما كان عليه (مت 18: 21)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. كما يذكر إجابة الرب على بطرس عندما سأله هل يغفر لأخيه سبع مرات: "لا أقول إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات" (مت 18: 21 - 22).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

لا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير

من أجل تكملة هذه الصلاة القصيرة، أضاف رب المجد "لا تدخلنا في تجربة" لكي لا يكون قد طلب فقط لأجل مغفرة الخطايا التي اقترفت فعلًا، بل وأيضًا لأجل الهروب والنجاة من احتمالات الخطية.

واهتم ترتليان في شرحه لهذه الآية أن يوضح أننا نطلب ألا ندخل في تجربة على يد الشرير المجرب، لكن هذا لا يعنى أن الرب يجرب كما لو كان يجهل إيمان الناس أو يريد سقوطهم، وعندما أمر الله إبراهيم أن يقدم ابنه إسحق ذبيحة، لم يكن ذلك لكي يجربه، بل يثبت إيمانه، ولكي يقدم لنا فيه مثالًا لتلك الوصية التي تعلمنا ألا نخضع لأي عواطف أو مشاعر أقوى من محبتنا لله، ونتفق صلاتنا هذه مع قول الرب "اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة" (لو 12:40).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

خاتمة

فى ملخص قليل الكلمات هكذا، اجتمعت أقوال الأنبياء

وأناجيل الرسل وعظات وأمثال الرب، وتحقق العديد من الوصايا:

تكريم وتوقير الله في "أبانا"

شهادة الإيمان في "أسمك"

تقديم الطاعة في "مشيئتك"

تذكر الرجاء في "ملكوتك"

طلب الحياة في "خبزنا"

الاعتراف الكامل بالذنوب في "اغفر"

الخوف من الدخول في تجارب "لا تدخلنا"

ويقول ترتليان: "أي عجب في هذا؟ فالله وحده يمكنه أن يعرف كيف يريد أن يصلى إليه الإنسان".


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/tertelian/prayer.html

تقصير الرابط:
tak.la/z3yz278