هذا الملكوت هو مملكة الله..
يملك فيها الله بالبر وبالسلام. ولذلك يقال عن الله إنه ملك السلام، وملك البر. ونحن نرتل إلي الله قائلين له: يا ملك السلام، أعطنا سلامك..
هذا الملكوت هو مملكة القديسين..
وفي هذا المجال تعجبني أغنية جميلة سجلها القديس يوحنا الرسول في رؤياه، سمعها من الغالبين، وهم يرتلون في السماء قائلين "عظيمة وعجيبة هي أعمالك، أيها الرب القادر علي كل شيء. عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين" (رؤ 15: 3).
حقًا إن الله هو ملك علي القديسين.
منطقيًا هو ملك علي العالم كله، كخالق وكإله.. ولكن من الناحية العملية هو ملك علي القديسين الذين سلموه حياتهم بالتمام، يملك عليها ويدبرها حسب مشيئته الصالحة. أما الأشرار فهم متمردون علي ملكوته.. الله هو إذن ملك علي الذين يفتحون له قلوبهم.
والذين يفتحون قلوبهم هم القديسون، لذلك فالرب ملك القديسين.
كل أعضاء مملكة الله، من القديسين. وكل من لا يحيا حياة البر والقداسة، ليس هو عضوًا في ملكوت الله. ولأن القداسة هي محبة الإنسان لله من كل قلبه..
لذلك قال الكتاب "ملكوت الله داخلكم".
ملكوت الله هو أن يملك الله علي قلب المؤمن، وعلي فكره وعلي حواسه، وعلي حياته كلها. فيصبح كل ما فيه ملكًا لله، مقدسًا لله. وبهذا دعي أعضاء الملكوت بأنهم قديسون.. هؤلاء القديسين هم "الذين قبلوه" الذين آمنوا به، واعتمدوا، وصاروا أعضاء في جسده، أي في الكنيسة، يمارسون حياتها، ويتمتعون بأسرارها المقدسة، ويحفظون وصايا الرب.
لذلك حسن أن نقول أن مملكة الله هي الكنيسة المقدسة.
ورؤساء الكنيسة، إنما هم وكلاء لله، أقامهم علي عبيده لرعايتهم، وسيعطون حسابًا عنهم أمامه.. وكل من هو داخل الكنيسة، محفوظ في الملكوت. أما الأشرار فإنهم يقفون خارجًا، في الظلمة البرانية. لا لأن الله رفضهم من ملكه، وإنما لأنهم هم الذين رفضوا أن يملك الله عليهم..
والأبرار يسميهم الكتاب "بنو الملكوت"..
فلينظر كل إنسان إلي نفسه، هل هو من أبناء الملكوت؟ إن الله يريد أن يمتلئ ملكوته بالمؤمنين. وهؤلاء يصرخون إليه قائلين "تقلد سيفك علي فخذك أيها الجبار. استله، وانجح، واملك". ولكن الله لا يشاء أن يملك إلا بإرادتنا. إنه يريدنا أن نحب ملكوته، ونسعى إليه، لا أن يدخلنا إلي الملكوت قهرًا وإجبارًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). الله له الملك. ولكنه وهب الناس حرية الإرادة، يخضعون بها لملكه إن أرادوا، أو لا يخضعون. يسيرون تحت قيادته الروحية أو لا يسيرون.. البعض قبلوه ملكًا. والبعض في تمرد وخيانة، صاحوا قائلين " ليس لنا ملك إلا قيصر" (يو 19: 15).
إنها بلا شك تدل علي عدة معان أو مقاصد، من الممكن أن تكون موضع تأمل المصلي. فيركز علي أحد هذه المعاني أو عليها كلها: ملكوت الله على القلب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/49pxqpc