St-Takla.org  >   books  >   fr-antonios-fekry  >   jewish-eucharist
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الأصول اليهودية لسر الإفخارستيا - برانت بيتري - ترجمة وعرض: القمص أنطونيوس فكري

44'- تصور لمجرى الأحداث ليلة خميس العهد وحتى الصليب: الرب يسوع يؤسس سر الإفخارستيا(*)

 

وفي أول أيام الفطير تقدم التلاميذ إلى يسوع قائلين: «أين تريد أن نعد لك لتأكل الفصح؟» فقال: «اذهبوا إلى المدينة إلى فلان وقولوا له: المعلم يقول إن وقتي قريب. عندك أصنع الفصح مع تلاميذي، ففعل التلاميذ كما أمرهم يسوع وأعدوا الفصح. (مت26 : 17 - 19).

* كان الفصح يوم السبت (أنظر الأناجيل - ملخص سريع للأعياد اليهودية - وهي مقدمة موجودة في كل الأناجيل قبل أحداث الآلام مباشرة)، والخروف يُذبح عشية السبت أي الجمعة مساءً. وكان سؤال التلاميذ حتى يستعدوا للفصح كما تعودوا أن يعملوا مع المسيح خلال السنوات الماضية. وأعد التلاميذ كل الاحتياجات ليأكلوا الفصح يوم الجمعة مساء، وهم لا يعلمون بميعاد صلب المسيح وأنه سيكون يوم الجمعة مساء.

* فوجئ التلاميذ بالرب يسوع يوم الخميس مساء يطلب منهم أن يُعدوا المائدة، ولكن لم يذبحوا الخروف، بل كان المنزل ما زال به خبزًا مختمر. فهم يرفعوا الخبز من المنزل ابتداء من عشية الفصح (الجمعة مساء ولمدة أسبوع، ويأكلون الفطير غير المختمر بدلًا من الخبز ويسمون هذا عيد الفطير).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الفصح اليهودي يتطلب وجود :-

الخروف المشوي + فطير + أعشاب مرة + صلصة خاصة بالفصح + 4 كئوس نبيذ مخلوط بماء.

"وأعدوا الفصح" = معنى أعدوا الفصح أي أعدوا المكان وأعدوا الفطير والأعشاب المرة والصلصة والخمر. ولكن بعد ما حدث هذه الليلة صار لهذه العبارة معنى آخر، لقد أعد التلاميذ الفصح المسيحي.

ولفهم طقس الفصح اليهودي ومقارنته بالعشاء الرباني راجع الرسم بالصفحة الأخيرة من الباب السادس تحت عنوان الكأس الرابعة في كتاب الجذور اليهودية لسر الإفخارستيا في مقدمة كتاب الأسرار الكنسية.

St-Takla.org Image: Figure for the four cups صورة في موقع الأنبا تكلا: رسم توضيحي للكؤوس الأربعة

St-Takla.org Image: Figure for the four cups

صورة في موقع الأنبا تكلا: رسم توضيحي للكؤوس الأربعة

الفصح اليهودي له طقوسه - ويشمل تقديم أربع كئوس من الخمر (النبيذ) - ويتخلل شرب الأربعة كئوس الأكل من الخروف والفطير والأعشاب، والكثير من الصلوات والتسابيح.

 

الكأس الأولى ( ويسمونها كأس التقديس)

تبدأ وليمة الفصح عند المساء. ويجتمع رب الأسرة مع أسرته متكئين حول المائدة. ويصب رب الأسرة الكأس الأول ممزوجا بقليل من الماء. ثم يتلو رب الأسرة صلاة بركة على الكأس. وكانت عادة اليهود أن يغسلوا الأيدي بعد أن يتلو رب الأسرة كلمات البركة على كأس النبيذ. وكان لليهود طقوس معقدة وقوانين لغسل الأيدي. وكان العبيد هم من يأتوا بالماء ليغتسلوا قبل الأكل أو يقوم أصغر الموجودين بذلك. ثم يشربون الكأس الأولى.

 ثم يأتون بالطعام ويضعونه على المائدة ويتكون من (1) فطائر (بلا خمير) - (2) طبق أعشاب مرة - (3) نوع خاص من الصلصة (هاروشة بالعبرية) - (4) الخروف المشوي. والملفت للنظر أن المشناة מִשְׁנָה (أهم كتب التقاليد اليهودية) تسمى الخروف (الجسد) . ثم يغمس الأب بعض الأعشاب المرة في الصلصة ويأكلهم ويصنع الكل مثله.

* المسيح في تعاليمه السابقة علم بأن غسل الأيدي غير مهم لذلك اندهش التلاميذ بل فوجئوا بأن المسيح هو الذي يغسل لهم أرجلهم. وما أخجلهم أن المسيح فعل هذا بعد مشاجرتهم عمن هو الأعظم. والسيد يغسل أرجل تلاميذه بكل وسخهما، إشارة لأنه أتى ليغسل قذارة الإنسان، ثم يوحدنا به في سر الإفخارستيا. وكان الفصح احتفال عائلي، الأب مع أبنائه، لكن المسيح احتفل مع تلاميذه. فهو جعلهم من عائلته بل جسده من لحمه ومن عظامه. وكان المسيح يتصرف كأنه هو المضيف والقائد للـ12 تلميذا فهو صار رأس الجسد.

 

الكأس الثاني (ويسمونه كأس الإعلان أو الإظهار)

ترديد كلمات الكتاب المقدس لإعلان وإظهار وشرح عمل الله مع شعبه وفداءه لهم

هنا يخلط رب الأسرة الكأس الثاني (نبيذ وماء) ولكن لا يشربه. وهنا يبدأ بأن يسأل الابن الأكبر الأب ... لماذا تختلف هذه الليلة عن كل الليالي؟ ويبدأ الأب يعلن ويظهر ويشرح ماذا صنع الله لإسرائيل عند الخروج من مصر وأن الله أخرجهم من الحزن إلى فرح وأعياد نحتفل بها، ومن العبودية إلى الحرية والمجد.

وبعد الشرح وقراءة كل ما كتب عن الفصح في الناموس يشربون هذه الكأس الثانية.

* هذه الكأس هي التي جاء عنها في (لو22 : 18) "ثم تناول كأسا وشكر وقال خذوا هذه واقتسموها بينكم". والعشاء الأخير للمسيح مع تلاميذه لم يكن تذكارًا لفداء تم في مصر، بل تأسيسا لفصح جديد. فالمسيح حفظ الفصح القديم ونفذ توقعات اليهود بفصح جديد وفداء جديد هو فصح وفداء المسيا.

في فصح اليهود كان الكلام حول خروج أبرام من أور وعهد الله معه، ثم خروج الشعب من مصر ودخول أرض الميعاد، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. أما في العشاء الأخير تكلم المسيح عن العهد الجديد (إر31 : 31) الذي سيحدث في زمن الخلاص (1كو11 : 25 + إر31 : 31 - 33) . في عشاء المسيح الأخير لم يتكلم المسيح عن الخروج من مصر وآلامهم في مصر كما تعود اليهود، لكنه تحدث عن ألامه هو (خروجه هو الذي كان عتيدا أن يكمله في أورشليم (لو9 : 31) أي صلبه خارج أورشليم ليفدى شعبه كخرف فصح العهد الجديد. لم يشرح معنى الفصح القديم، بل أعطى تلاميذه جسده ودمه ليأكلوا ويشربوا فيصير هو فصحنا الجديد.

 

الكأس الثالث (كأس البركة)

الأكل من وليمة الفصح

St-Takla.org Image: Sitting positions during the First Communion: John at the right side of Jesus Christ - Jesus Christ - Judas Iscariot at the left side of Jesus - Peter facing John صورة في موقع الأنبا تكلا: أماكن الجلوس حول المائدة في سر الإفخارستيا الأول (العشاء الرباني): يوحنا عن يمين المسيح - المسيح - يهوذا عن يسار المسيح - بطرس في مقابل يوحنا

St-Takla.org Image: Sitting positions during the First Communion: John at the right side of Jesus Christ - Jesus Christ - Judas Iscariot at the left side of Jesus - Peter facing John

صورة في موقع الأنبا تكلا: أماكن الجلوس حول المائدة في سر الإفخارستيا الأول (العشاء الرباني): يوحنا عن يمين المسيح - المسيح - يهوذا عن يسار المسيح - بطرس في مقابل يوحنا

يمزجوا الكأس الثالث وهذا يمثل البدء الحقيقي للعشاء. ويأكلون الخروف والفطير. ثم يغمسون لقمة صغيرة في الصلصة (كتاب المشناة) -- غالبا هذه هي اللقمة التي أخذها يهوذا قبل أن يخرج ليتمم خيانته فيهوذا لم يتناول من الجسد والدم-- (يو13 : 26 ، 27). ثم يأكلون الخروف ويسمونه الجسد مع الفطير. فصح اليهود كان حول خروف مذبوح (لحمه ودمه المسكوب). ونلاحظ تشديد المشناة على أهمية أن يأتي مقدم خروف الفصح إلى الهيكل، فتقول يجب أن يؤتى بجسد خروف الفصح إلى الهيكل أمام الرب، ونلاحظ  ذكر المشناة عبارة جسد الخروف.

* وليلة العشاء الرباني فوجئ التلاميذ بالمسيح يبارك الخبز ويعطيهم قائلا هذا هو جسدي. بهذا قال المسيح لتلاميذه: الجسد صار جسدي أنا -الفصح الجديد- الذي كان جسد خروف الفصح رمزا له.

 وبعد الأكل يتلو الأب كلمات بركة أخرى على الكأس الثالثة ويسمونها كأس البركة (بيراكا بالعبرية) وبهذا تتم المرحلة الثالثة للعشاء.

* هذه الكأس -كأس البركة- هي التي قيل عنها في (لو22 : 21) "وكذلك الكأس أيضا بعد العشاء قائلا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم". وهكذا قال عنها بولس الرسول "كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح. الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح"(1كو10 : 16) . إذًا نفهم أن كأس الإفخارستيا هي كأس البركة، الكأس الثالثة بحسب تسميات الربيين.

* لاحظ أن الموجود على مائدة العشاء الرباني هو ما كان موجودا في البيت. فكان الموجود خبز وخمر وطبق الصوص. والمسيح لم يتكلم ويشرح قصة جسد الخروف بل يشرح ما يقدمه لتلاميذه ولكنيسته كلها من بعد ذلك، ويقول "خذوا كلوا هذا هو جسدي"  و"هذا هو دمى الذي للعهد الجديد".

وكان الدم يسكب في الهيكل ثم يأتي اليهودي بالخروف إلى منزله.

* والمسيح حول الكلام إلى جسده ودمه. (كان اليهودي يأتي بالخروف إلى الهيكل ويذبحه، ولكن الكهنة هم الذين يجمعون الدم ويسكبونه عند المذبح، وخلال هذا كان اللاويين يرنمون - وكهنة اليهود هم الذين ذبحوا المسيح الفصح الجديد كآخر ذبيحة مقبولة يقدمها الكهنوت اليهودي). المسيح أشار لدمه المسفوك لغفران الخطايا بدلا من سفك دم الخروف حول المذبح.

كانوا يتكئون على المائدة باليد اليسرى ويأكلون باليمنى. وكان رب الأسرة يجلس على رأس المائدة التي على شكل حرفU  وعلى يساره الابن الأكبر، وهكذا إلى أن يجلس الأصغر على الطرف الآخر من المائدة.

* وجلس المسيح على الطرف وجلس يوحنا على يمينه (بحسب التقاليد اليهودية المكتوبة فالأصغر مكانه على الطرف الآخر ولا نعرف لماذا جلس يوحنا بجانب المسيح - ربما لم يلتزموا بالتقاليد). وفي مقابل يوحنا جلس بطرس ربما خجلا بسبب النزاع مع يهوذا عمن هو الأكبر فاختار هو مكان الأصغر. ولذلك حينما قال الرب أن أحدهم سيسلمه أومأ بطرس ليوحنا الذي كان في مقابله أن يسأل المسيح. فحينما يميل يوحنا ليسأل المسيح سرا يكون كمن اتكأ على صدره. ولأن بطرس كان على الطرف نجد أن المسيح بدأ بغسل رجليه أولًا.

 

آخر محاولات للمسيح مع يهوذا ليمتنع عن الخيانة ثم ليتوب فيقبله

في (يو25:13-26) نسمع "فَاتَّكَأَ ذَاكَ عَلَى صَدْرِ يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، مَنْ هُوَ؟» أَجَابَ يَسُوعُ:«هُوَ ذَاكَ الَّذِي أَغْمِسُ أَنَا اللُّقْمَةَ وَأُعْطِيهِ!». فَغَمَسَ اللُّقْمَةَ وَأَعْطَاهَا لِيَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ.

إذ كانت العادة أن كل واحد من الموجودين يغمس لقمة في الصوص بنفسه ولكن المسيح في آخر محاولة مع يهوذا أعطاه اللقمة. وكانت هذه عادة عند اليهود، أن رب الأسرة يعطى هو اللقمة للابن الأكبر لإكرامه. والمسيح قام بهذا حين سأله يوحنا عمن هو الذي يسلمه. ويبدو أن يهوذا كان قد مدَّ يده ليغمس اللقمة في الصوص "الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يسلمني" كما ورد في (مت26 : 23)، فبادر المسيح وغمس هو اللقمة وأعطاها ليهوذا كما ذكر القديس يوحنا. ويكمل القديس يوحنا في (يو13 : 27) "فبعد اللقمة دخله الشيطان". فكأن الأكل من اللقمة كان هو آخر شعاع من نور الحب وجهه المسيح ليهوذا الخائن. ولماّ رفضه دخله الشيطان ودخل هو للظلمة إذ هو أسلم ذاته للشيطان رافضا كل محاولة.

وكان قول الرب ليهوذا في بستان جثسيماني "يا صاحب لماذا جئت؟" (مت26 : 50) وأيضا "يا يهوذا أبقبلة تسلم ابن الإنسان" (لو22 : 48) محاولة أخرى لدفعه للندم والتوبة، وكأن الرب يقصد بها - أنا ما زلت أحبك يا يهوذا (لاحظ قول الرب له يا صاحب)، ولو قدمت توبة سأقبلها وأسامحك بالرغم من خيانتك لي.

 

الكأس الرابعة (كأس التسبيح)

طقس نهاية الفصح

بعد العشاء وشرب الكأس الثالثة يسبحون ويتلون المزامير (115 - 118) ويشربون الكأس الرابعة بعد أن يسبحوا.

* وهذا عمله المسيح  ثم سبحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون (مت26 : 30). ولكنه خرج مع تلاميذه من العلية دون أن يشرب الكأس الرابعة. والمعنى أن المسيح رفض أن يشرب الكأس وأجلها حتى يتمم تأسيس وتثبيت ملكوت الله بالصليب. إذًا المسيح أجلها حتى شربها على الصليب بعدما قال "أنا عطشان".

ونلاحظ أن المسيح صلّى في جثسيماني للآب قائلًا أن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس. وواضح أن هذه الكأس هي تعبير عن الموت على الصليب. فلماذا رمز المسيح للصليب بكأس؟ ولأي كأس كان يشير؟

St-Takla.org Image: Jesus, the Sacrifice of the Eucharist, communion bread and cup, wine, Coptic art صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يسوع ذبيحة الإفخارستيا، التناول، الخبز والخمر، الكأس، فن قبطي

St-Takla.org Image: Jesus, the Sacrifice of the Eucharist, communion bread and cup, wine, Coptic art

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يسوع ذبيحة الإفخارستيا، التناول، الخبز والخمر، الكأس، فن قبطي

لم يشرب المسيح كأس الخل في طريقه للصليب (الخل نبيذ له طعم لاذع حامضي). واحتمل كل ألام الصلب والجلد، فما قدموه له كان نبيذا ممزوجا بمر وهذا يعمل كمخدر لتسكين الآلام (مت27 : 33 ، 34) وشرح هذا يأتي من التلمود البابلي. فهم كانوا يعطون المصلوب خلا (نبيذ محمض) مع مر لتسكين الآلام لذلك قدموا للمسيح الخل في الطريق كعمل رحمة قبل أن يتذوق ألام الصلب الرهيبة. ولكن المسيح لم يرد أن يشرب، لأنه أراد أن يشرب كأس الآلام حتى آخرها ويتذوق ألام البشر. ولذلك ترك الفصح قبل نهايته لأنه يعرف أن هناك ألاما تنتظره وبهذا يشرب كل الكأس، كأس الآلام وكأس موت الصليب.

والعجيب أنه شرب أخيرا الخل (وهو نبيذ محمض) لم يشرب المسيح فقط بل قال "أنا عطشان" فأعطوه خلًا على زوفا (يو19 : 28 - 30). وبعد أن شرب قال "قد أُكْمِل" وأسلم روحه. فقول الرب قد أُكْمِل لا يعنى فقط موته بالجسد، ولاحظ أنه قالها مباشرة بعد أن قال أنا عطشان وشرب الكأس الأخيرة.... وبهذا شرب المسيح الكأس الرابعة للفصح وأنهى العشاء الفصحى الجديد، ولكن ليس في العلية، لكنه أنهاه على الصليب في لحظة موته. وبموت المسيح حدث التصالح بين السماء والأرض، وبدأ ملكوت الله. فهو كان عطشانا لخلاص البشر فهو لهذا أتى ولهذا صلب ومات.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الذبيحة الجديدة للفصح الجديد

بصلاته 3 مرات لرفع الكأس عنه أعلن يسوع أن موته يعنى أنه يقدم نفسه ذبيحة فصح. فهو بشربه الكأس الرابع ينتهي طقس الفصح وينسكب دمه تماما كسكب دم خروف الفصح. وبهذا عكس المسيح ترتيب طقس الفصح المعتاد، إذ كان خروف الفصح يُذبح ويسفك دمه ثم يأكلونه. أما مع المسيح فتقدم الأكل سكب الدم، لأن المسيح أراد أن يؤسس الفصح الجديد. فكان هو المضيف والذبيحة والكاهن.

بتأجيل شرب الكأس حتى لحظة موته وَحَّدَ المسيح بين العشاء الأخير وموته على الصليب (صارا حدثًا واحدًا). وبرفضه شرب الكأس الرابعة حتى النفس الأخير ربط السيد بين تقديم نفسه على هيئة خبز وخمر وبين تقديم نفسه على الصليب. وبهذا صار العشاء الرباني والصليب يقولان نفس الشيء = *1) جسدي أقدمه لكم "وأخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم قائلا: هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم. اصنعوا هذا لذكرى"  (لو22 : 19) *2) يعطى لغفران الخطايا "هذا هو دمى الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (مت26 : 28) *3) فداء عن كثيرين "ليبذل نفسه فداء عن كثيرين" (مر10 : 45). وبالإيجاز حول المسيح الصليب إلى فصح جديد مسيحي بل كان الصليب نهاية لطقس الفصح الجديد هذا. فعلى الصليب شرب الكأس الرابعة، فطقس الفصح بدأ في العلية وانتهى بموت المسيح على الصليب. وبالصليب حول العشاء الأخير إلى ذبيحة حية مقدمة للكنيسة إلى نهاية الزمان، وهو الكاهن الذي يقدم نفسه ذبيحة حية ليصير "خروف قائم كأنه مذبوح". ذبيحة لها مفعول مستمر "يُعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه". فهي ذبيحة من يأكل منها تغفر خطاياه (فموت المسيح بطبيعة آدم له مفعول مستمر = لذلك فإن التناول منه يُعطى لمغفرة الخطايا)، ولكنها حية من يأكل منها يحيا إلى الأبد (أيضا قيامة المسيح بحياة أبدية لها مفعول مستمر = لذلك فالتناول منها يُعطى حياة أبدية). وفي القداس الإلهي يصلى الكاهن المسيحي فيحول لنا الروح القدس الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه لنظل أحياء فيه، ثابتين فيه إلى اليوم الذي نذهب فيه للسماء حيث لا خطية [راجع تفسير الآيات عب10 : 19 - 21]. المسيح هو رئيس كهنتنا الحقيقي هو من يقدم نفسه ذبيحة حية. ثم يقوم الكاهن المسيحي بتوزيع الجسد والدم عطية المسيح الأبدية لشعبه كما حدث يوم إشباع الـ5000 نفس. المسيح بتأجيله شرب الكأس الرابع حتى الصليب، وحَّد بين صليبه وبين الفصح الجديد أي العشاء الرباني، وأمر تلاميذه أن يكون هذا الفصح أبديا "اصنعوا هذا لذكرى". فالمسيح قدم نفسه ذبيحة فصحية جديدة وطلب الأكل من جسده كما يؤكل لحم الخروف ولكن على صورة خبز وخمر.

القداس الإلهي كله بصلواته وطقوسه هو تذكار للفداء. وهذا من أول خطوة وهي فتح الكاهن لستر الهيكل ممسكا بالصليب في يده، إشارة تطبع في ذهن المصلين أن المسيح كرئيس كهنتنا بصليبه فتح لنا باب السماء - وحتى رش الماء في نهاية القداس إشارة لانسكاب الروح القدس علينا بعد الإتحاد بالمسيح في سر الإفخارستيا. اصنعوا هذا لذكرى ليس فقط في تقديم خبز وخمر بل كل القداس نذكر عمل المسيح كله.

ولذلك نقول إن الإفخارستيا هي نفسها ذبيحة الصليب.

والقداس بكل دقائق طقوسه وصلواته هو تنفيذ أمر المسيح "اصنعوا هذا لذكرى"

القداس كله من أول صلوات العشية وحتى التوزيع هو صورة حية ممتدة لذبيحة الصليب.

إذًا فلقد قام المسيح بعمل فصح مسيحي متبعا نفس الطقوس اليهودية مع بعض الاختلافات:-

1.    استعمل المسيح خبزًا مختمرًا بدلًا من الفطير.

2.    بدلا من جسد خروف الفصح حوَّل المسيح الخبز إلى جسده.

3.    بدلا من ترديد قصة ألام اليهود في مصر، حدثهم الرب عن ألام صلبه.

4.    لم يشرب الرب الكأس الرابعة وأجلها حتى شربها على الصليب بعد أن سبحوا.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(*) هذا المقال من وضع المترجم.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jewish-eucharist/thursday.html

تقصير الرابط:
tak.la/y4mh54v