St-Takla.org  >   books  >   fr-angelos-almaqary  >   bible-history-edersheim-1
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تاريخ العهد القديم للعلامة ألفريد إدرشيم: الجزء الأول: عالم ما قبل الطوفان وتاريخ رؤساء الآباء الأولين - القمص أنجيلوس المقاري

22- الفصل الثاني والعشرون: رحيل يعقوب وأسرته إلى مصر - مقابلة يعقوب مع فرعون - مرضه الأخير ووصيته بدفنه في كنعان - تبني أفرايم ومنسى بين بني إسرائيل (تك46-48)

 

الفصل الثاني والعشرون

رحيل يعقوب وأسرته إلى مصر - مقابلة يعقوب مع فرعون - مرضه الأخير ووصيته بدفنه في كنعان - تبني أفرايم ومنسى بين بني إسرائيل (تك46-48)

 

يمكن القول إن طريقًا صعبًا كان يكمن أمام يعقوب رئيس الآباء. إلى الآن لم يتلق توجيه مباشر من الله به يمكنه الانتقال مع أسرته إلى مصر. لكن من الناحية الأخرى تعاملات الله مع يوسف ودعوة فرعون له والمجاعة تهدف إلى الإشارة إليها بكونها الفترة التي تكلم الله عنها لإبراهيم (تك 15: 13)، عندما لنسله أن يغادر كنعان ويصيروا غرباء ويُستعبدوا في أرض ليست لهم.

هو علم أن هذين الشيئين يلزم حدوثهما قبل عودة بني إسرائيل وامتلاكهم النهائي لأرض الموعد. يلزم لإثم الآموريين أن يكتمل ويتحتم لعشيرة إسرائيل أن تنمو وتصير أمة.

بالنسبة للشيء الأول لا يزال هو حدث في المستقبل، وبالنسبة للثاني، من السهل معرفة أن مزيد من البقاء في أرض كنعان، سيكون عائقًا وليس معينًا لتحقيق تحولهم من عشيرة إلى أمة. لأنه في ذاك الوقت كانت أرض كنعان منقسمة بين ممالك صغيرة كثيرة مستقلة، مع واحدة أو أكثر يتحتم أن يدخل أبناء يعقوب مع تزايد عددهم إما في أن يندمجوا ويلتحموا بها أو يدخلوا معها في حروب.

وما هو أكثر خطورة على دينهم سيكون تواجدهم المستمر ومعاشرتهم للكنعانيين. لكن الأمر سيكون مختلفًا تمامًا في مصر. فإلى هناك سيمضون رسميًا كغرباء ولغرض مؤقت. فكونهم كرعاة والرعاة رجسين لدى المصريين، سيفصلهم على السواء رسميًا ودينيًا واجتماعيًا عن بقية الشعب المصري، ويجعلهم موضوعين في منطقة منفصلة بمفردهم.

ولكن أرض جاسان كانت أفضل موضع لزيادة ثروتهم من الغنم والبقر. هذه يمكن تحديدها بكونها الأسباب الظاهرية لانتقالهم إلى مصر في ذاك الوقت، والأوجه الروحية والأسمى للحدث قد تم تسميتها من قبل.

والطمأنينة التي احتاجها يعقوب لتعزيته قد مُنحت له عند وصوله إلى بئر سبع على الحافة الجنوبية لأرض الموعد. هناك ذَبَحَ ذَبَائِحَ لإِلَهِ أَبِيهِ إِسْحَاقَ، وهناك تكلم الرب الأمين إليه "فِي رُؤَى اللَّيْل". وكلماته أعطت يعقوب ضمانة رباعية أن الله كان إله العهد، وأنه ليس ليعقوب أن يخشى النزول إلى مصر، وأن الله سيجعله هناك أمة عظيمة، وبعبارات أخرى أن التحول من مجرد عشيرة إلى أمة سيتم في مصر، وأن الله سينزل معه، وأخيرًا أنه يقينًا سوف يصعده ثانية.

وكل من هذه الضمانات الأربعة تم تقديمها بالتشديد على ضمير المخاطب "أنا" ليشير إلى كونه المصدر المباشر والشخصي لكل هذه البركات. بهذا تقوى إسرائيل وتابع رحلته بروح واثقة. وكما هو حادث في الكتاب المقدس مرارًا، يوجد درس مهم جدًا في هذا السياق وإن كان بطريقة تفلت من الملاحظة السطحية. لقد تم التنبيه مرارًا أن الكتاب المقدس لا يقدم تاريخ الأشخاص لذواتهم، بل يقدم تاريخ ملكوت الله.

وهذا يظهر بمنتهى الوضوح في هذه القائمة التي قُدمت في هذه المرحلة عن "أَسْمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَى مِصْر" (تك 46: 8). من الواضح أنه ليس لنا أن نأخذها حرفيًا بكونها قائمة بمن رافقوا يعقوب في رحلته إلى مصر.

أولًا البعض منهم مثل يوسف نفسه وأبنيه أفرايم ومنسى وبنيهما -إن كان لهما بنين آنذاك- كانوا فعلًا في مصر.

ثانيًا بعض أحفاد وأحفاد أحفاد يعقوب يلزم أنهم ولدوا بعد مجيء أبناء يعقوب إلى مصر، بينما من الناحية الأخرى يلزم أنه يوجد آخرين ممن لم يتم ذكرهم حيث أنه من المستحيل تخيل أن كل الأسر التي لم يتم تسمية بقية نسلها بفروعهم صاروا منقرضين.

لكن لو احتفظنا في بالنا بمبدأ أنه فقط ما يختص بملكوت الله يتم تسجيله، يصير بعد ذلك كل شيء واضحًا. ونحن الآن لا ننظر إلى هذه القائمة بكونها قائمة متعلقة بسيرة حياة يعقوب، بل جدول سلسلة أنساب تم استنباطها على خلفية هدف خاص. وذلك الهدف هو أن يتم أولًا تعداد أجداد أسباط إسرائيل، ثم تعداد من لهم أن يكونوا من بينهم رؤساء عشائر منفصلة ومميزة في كل سبط.

St-Takla.org Image: Jacob blesses Ephraim and Manasseh (Genesis 48: 14), by Rembrandt. - from "The Bible and its Story" book, authored by Charles Horne, 1909. صورة في موقع الأنبا تكلا: يعقوب يبارك أفرايم ومنسى (تكوين 48: 14)، رسم رامبرانت.- من كتاب "الإنجيل وقصته"، إصدار تشارلز هورن، 1909 م.

St-Takla.org Image: Jacob blesses Ephraim and Manasseh (Genesis 48: 14), by Rembrandt. - from "The Bible and its Story" book, authored by Charles Horne, 1909.

صورة في موقع الأنبا تكلا: يعقوب يبارك أفرايم ومنسى (تكوين 48: 14)، رسم رامبرانت.- من كتاب "الإنجيل وقصته"، إصدار تشارلز هورن، 1909 م.

بناء على هذا تحتوي قائمة سلسلة الأنساب بجانب أسماء من هم من نسل يعقوب ونزلوا فعليًا معه إلى مصر، أيضًا أولئك الذين كان لهم أن يصيروا رؤساء بيوت. هذا يظهر بوضوح تام من مقارنة مع (عد26) حيث يتم تعداد عشائر إسرائيل بصفة خاصة. بين مؤسسي تلك العشائر لا يوجد اسم واحد لم يرد من قبل في القائمة المبكرة (الواردة هنا). لكن توجد بعض أسماء قد سقطت في القائمة الثانية مثل واحد من أبناء شمعون وواحد من أبناء أشير وثلاثة أسماء لبنيامين، وهذا بدون شك يرجع إما إلى كونهم انقرضوا وإلا لأنهم نُقلوا من مواضعهم بواسطة إجراء عقابي ما.

بل إنه لا يبدو غريبًا أن تجد أسماء رؤساء عشائر مستقبلة تم تعدادها مقدمًا في هذه القائمة. ألم نقرأ بطريقة مشابهة أنه في إبراهيم قدمت أجيال لاوي التي تولد بعد العشور لملكي صادق؟ في الواقع يعبّر الكتاب المقدس عن نفسه على الدوام بهذه الطريقة. هكذا نقرأ أن الله قال لإبراهيم وإسحق ويعقوب: "أعطيك هذه الأرض" عندما كانوا بعد غرباء ونزلاء وقبل قرون كثيرة من تحقق هذا فعليًا: "فيك تتبارك كل قبائل الأرض"، بينما ليعقوب شخصيًا قال الله: "أنا أصعدك أيضًا" من مصر.

لأن مع الله لا شيء اسمه مستقبل بالمعنى الحقيقي، فهو يرى النهاية من البداية. لكن عندما يلخص النص المقدس قائمة سلسلة الأنساب بالقول: "جميع النفوس كانت سبعين" نفكر في مغزى العدد، عشرة سبع مرات، سبعة لكونه عدد العهد المقدس، وعشرة عدد الكمال(56).

عندما شرع يعقوب في رحلته أرسل أمامه يهوذا ليخبر يوسف بوصوله. فسارع يوسف لملاقاة أبيه على حدود أرض جاسان. كان لقاؤهم بعد طول فراق مؤثر جدًا وفي غاية حرارة المحبة. إن التعبير العبري: "وَلَمَّا ظَهَرَ لَهُ" يعني ضمنًا عظمة غير عادية ليوسف عند ظهوره أمام أبيه. لكن عندما كان في حضرة أبيه العبري، فإن السيد المصري العظيم كان من جديد مجرد الفتى يوسف: "وَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَبَكَى عَلَى عُنُقِهِ زَمَانًا".

لقد بات الآن من واجب يوسف أن يخبر فرعون بقدوم أسرته ووصولها أرض مصر، لكن تنال في نفس الوقت ترحيبًا مجددًا ومنحها حق امتلاك مؤقت لأرض جاسان ليستوطنوا فيها. لأجل هذا الهدف مضى يوسف أولًا بمفرده إلى الملك، ثم أدخل إليه بعد ذلك خمسة من إخوته.

وشدد هو وإخوته على حقيقة أن مهنة الأسرة كانت رعي الغنم. فهذا سيؤّمن لهم بقائهم في جاسان بكونها المنطقة الأكثر ملائمة للرعي وفي نفس الوقت الأكثر بعدًا وعزلة عن السواد الأعظم من الشعب المصري. لأن الآثار المصرية تبين لنا أن الرعاة كانوا يُعتبرون أدنى طبقات المجتمع ربما لأن عاداتهم البدوية كانت تتعارض مع المدنية المستقرة للبلاد.

والنقطة الأخرى التي كان لأبناء يعقوب أن يحرصوا على التشديد عليها هي هذه أنهم جاءوا فقط لكي يتغربوا وليس لكي يستقروا في الأرض، حتى أنه كما جاءوا أولًا بناء على دعوة صريحة من الملك يمكنهم أن يكونوا أحرار في اتخاذ قرار الرحيل عندما يحين الوقت للرحيل. من المهم أن نلاحظ هذا في ضوء الظلم الذي لحق بهم فيما بعد بالحجز القسري لأحفادهم.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

لقد حدث كما توقع يوسف، فقد خصص لهم فرعون موضع إقامة في أفضل الأراضي، في الجزء المناسب لهم جدًا، بل في الواقع للمنطقة الوحيدة المناسبة للرعي، على الحدود بين أرض مصر وكنعان، في أرض جاسان أو أرض رعمسيس مثلما أحيانًا تُدعى من المدينة التي تحمل ذلك الاسم.

إن عالم مدقق وقدير(57) عبّر عن نفسه في هذا الموضوع قائلًا: "تقع أرض جاسان بين الجزء الشرقي من الدلتا القديمة والحدود الغربية لفلسطين، وبالكاد كانت جزء من مصر فقد كان يسكنها أجانب آخرين بجانب الإسرائيليين وكانت في أسمائها الجغرافية سامية أكثر منها مصرية، كانت أرض رعي وتناسب بالأخص الرعاة وكافية ووافية للإسرائيليين الذين نموا هناك وكانوا منفصلين عن السواد الأعظم من المصريين"(58).

قبل أن يُسكن يوسف يعقوب أبيه في أرض جاسان، أدخله إلى فرعون الذي استقبله بترحاب ومودة ملك شرقي وبتوقير واحترام لرؤية عجوز يفوق جدًا متوسط العمر العادي للمصريين. اعترافًا منه بجميل وعطف فرعون بارك يعقوب فرعون، وإجابة على سؤال فرعون على عمره قارن سني غربته بأيام سني حياة آبائه. لقد عاش إبراهيم 175 سنة وإسحق 180 سنة، بينما يعقوب لم يكن عمره آنذاك سوى 137 ويدرك اقتراب موته.

مقارنة بهم لم تكن أيامه سوى أيام قَلِيلَةً وَرَدِيَّة، مملوءة بالمحن والأحزان والهموم منذ هربه من بيت أبيه. لكن مهما اختلفوا في الأحداث الخارجية فإن جوهر حياتهم كان واحدًا. فحياته وحياتهم كانت على السواء أيام غربة. [13- فِي الإِيمَانِ مَاتَ هَؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ. 14- فَإِنَّ الَّذِينَ يَقُولُونَ مِثْلَ هَذَا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ وَطَنًا. 16- وَلَكِنِ الآنَ يَبْتَغُونَ وَطَنًا أَفْضَلَ، أَيْ سَمَاوِيًّا. لِذَلِكَ لاَ يَسْتَحِي بِهِمِ اللهُ أَنْ يُدْعَى إِلَهَهُمْ، لأَنَّهُ أَعَدَّ لَهُمْ مَدِينَةً. (عب 11: 13-14، 16). ]. وبنفس الطريقة يلزم أن تكون حياة كل واحد منا نحن أيضًا، مهما كان تاريخها الخارجي، مجرد غربة.

لكن مُنحت ليعقوب سبعة عشرة سنة إضافية في عزلته الهادئة في أرض جاسان. وإذ قد شعر أنه قد حان فعلًا وقت رحيله من العالم أرسل ليوسف ليجيء إليه. لم يكن استدعائه ليوسف ليعبّر عن لوعة الفراق ولا حتى بالأساس ليكون اللقاء لقاء وداع الأحباء مثلما يمكن أن يكون في ظروف كهذه لائق وفي محله. فإسرائيل، مثلما تسمى بهذا الاسم هنا أيضًا بصفة مميزة(59)، كان يعد لعمل آخر عظيم من أعمال الإيمان.

 على فراش موته كان لا يزال هو متمسكًا بوعود الله المختصة بتملك أرض كنعان وبكل ما يرتبط بها، فألزم ابنه يوسف بقسم أن يدفنه مع آبائه في مغارة المكفيلة. وإذ حصل منه على هذا الوعد المهيب، قيل: "فَسَجَدَ إِسْرَائِيلُ عَلَى رَأْسِ السَّرِير".

كان لا يزال هناك شيء واحد متبقي لابد من عمله. فأبناء يوسف لم يتم تبنيهم بعد رسميًا في عشيرة إسرائيل. بل أكبر ابنيه منسى وأفرايم، كان لهما أن يصيرا رؤساء سبطين منفصلين، لأن يوسف كان له أن يأخذ حق البكورية: نصيبين في إسرائيل. لذلك بعد لقائه مع أبيه بوقت قصير، عندما أُعلم يوسف بمجيء المرض الأخير المميت لأبيه، أسرع بإحضار ابنيه لكي يتم تعيينهما كورثة مشاركين مع بقية أبناء يعقوب.

في هذا الفعل بيّن يوسف إيمانه على نحو بارز ومميز. فبدلًا من أن يسعى ويطلب لابنيه الكرامات والأمجاد التي منحها لهم بلاط ملك مصر، هو جحدها كلها بوضوح ومفضلاّ أن يكون لهم شركة في نصيب جنس الرعاة المزُدرين والمُحتقرين.

لأول مرة نجد هنا مباركة مصحوبة بوضع الأيدي(60). لكن كانت عيني يعقوب معتمة وعندما أحضر يوسف ابنيه بالقرب من أبيه، واضعًا منسى بكونه الأكبر على يمين أبيه وأفرايم لكونه الأصغر على يساره، عزا الأمر إلى إخفاق البصر عندما عكس يعقوب يديه واضعًا يده اليمنى على أفرايم واليسرى على منسى.

لكن يعقوب وضع يديه هكذا عن دراية وعمد. فهو في الحقيقة عمل هذا نبويًا. فقد برهنت الأحداث صدق هذه النبوة. ففي وقت موسى كان سبط منسى فعليًا أكثر من سبط أفرايم بأكثر من عشرين ألف (عد 26: 34، 37). لكن هذه العلاقة النسبية عُكست في أيام القضاة، وعلى الدوام فيما بعد استمر سبط أفرايم بعد سبط يهوذا أقوى سبط في إسرائيل.

لكن ما يؤثر فينا بالأساس هو أن نرى كيف تتداخل وتتشابك بشدة كل مشاعر وذكريات وآراء شخص على فراش الموت بدينه وتدينه. لم يعد هو بعد يتبنى أية أفكار صعبة عن رداءة أيامه في الماضي. ذكرياته عن الأيام السابقة قاصرة الآن فقط على صلاح ولطف الله الذي قاده عبر كل أيام غربته.

خرجت مشاعره بكل ملئها في كلمات البركة التي نطق بها ليوسف: "اللهُ الَّذِي سَارَ أَمَامَهُ أَبَوَايَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْحَاقُ اللهُ الَّذِي رَعَانِي مُنْذُ وُجُودِي إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. الْمَلاَكُ الَّذِي خَلَّصَنِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ يُبَارِكُ الْغُلاَمَيْنِ. وَلْيُدْعَ عَلَيْهِمَا اسْمِي وَاسْمُ أَبَوَيَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ. وَلْيَكْثُرَا كَثِيرًا فِي الأَرْضِ" (تك 48: 15-16).

في هذه الإشارة الثلاثية إلى الله بكونه إله العهد، الراعي، الملاك المخلّص، لدينا هنا توقع وسبق مميز للحقيقة المختصة بالثالوث المبارك.

إذ قد نطق بالبركة ليوسف، أعطى يعقوب ابنه يوسف كهبة خاصة قطعة الأرض التي بجانب سوخار (يو 4: 5)، شكيم القديمة والتي في الأصل اشتراها من بني حث (تك 33: 19)، لكن التي كما تنبأ هو بكون نسله سوف يأخذونها ثانية بالسيف والقوس من يد الآموريين. في هذه الأرض التي تملكها يوسف، بعد قرون كثيرة مؤخرًا ارتاح عندها الراعي الفادي، وحتى في تعبه كان يدعو ويرعى قطيعه (يو4).

أما بالنسبة ليعقوب، فآخر ضمانة أعطاها لابنه كانت أن يكرر بتشديد هذا الاعتراف الإيماني: "هَا أَنَا أَمُوتُ وَلَكِنَّ اللهَ سَيَكُونُ مَعَكُمْ وَيَرُدُّكُمْ إِلَى أَرْضِ آبَائِكُمْ" (تك 48: 21)، لأن الناس تزول ولكن كلام وقصد الرب يبقى إلى الأبد!

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(56) الترجمة اليونانية السبعينية تعطي الرقم بكونه 75 نفس ومنه - مثلما كان شائعًا بين يهود عصره اقتبس القديس إستفانوس هذا الرقم (أع 7: 14). وبالطبع هذا العدد نتج عن ترتيب مختلف قليلًا للقائمة. فالذي في النص العبري يذكر لليئة ستة أباء وخمس وعشرين حفيد واثنين من أبناء الأحفاد بجانب دينة. ولزلفة: ابنان 11 حفيد و 2 من أبناء الأحفاد وابنة. ولراحيل ابنان، 12 حفيد، ولبلهة ابنان وخمس أحفاد. وتم إدراج البنتين لأسباب خاصة.

(57) Mr. Grove, in Smith’ Dictionary of the Bible, vol. 1, p. 711. 

(58) من المعروف جيدًا أن أحد الآثار المصرية تعرض شرح مدهش جدًا لهذا الدخل لبني إسرائيل إلى مصر، حتى أن البعض اعتبرها وإن كان على أسس غير كافية تصوير فعلي للحدث. فالغرباء من الواضح أصلهم السامي وقد جاءوا بنسائهم وأبنائهم.

(59) من المفيد لنا جدًا أن نلاحظ في هذه الرواية التبديل الكثير بين اسمي يعقوب وإسرائيل.

(60) وضع الأيدي كان يشكل أيضًا جزء أساسي من تقديم الذبائح. إذ كان مقدم الذبيحة يضع يده عليها ويعترف بخطاياه، بهذا تنتقل خطاياه إلى الذبيحة فتكون الذبيحة بديل يحل محله.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/bible-history-edersheim-1/jacob-depart-egypt.html

تقصير الرابط:
tak.la/dt434vg