وُلِدَت الكنيسة يوم الخمسين بأورشليم، ولذا عُدَّت كنيسة أورشليم هي الكنيسة الأم لليهود المتنصرين، بل للعالم المسيحي كله فيما بعد...
ونستطيع أن نتصور الحياة التي كانت تحياها تلك الجماعة المسيحية الناشئة... كانوا قلة في عددهم، خصوصًا بعد أن عاد شهود يوم الخمسين الذين آمنوا إلى أوطانهم... كانت الحياة، وكل شيء، داخل هذه الجماعة الجديدة، يجري في بساطة، حتى أن القديس لوقا حينما يصور تلك الفترة المبكرة يقول عن المؤمنين أنهم كانوا "يكسرون الخبز في البيوت، ويتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب" (أع 2: 46).
لكن، ومع ذلك كانت هذه الكنيسة الناشئة تنمو داخليًا وخارجيًا على أيدي الرسل... وهنا نذكر القديس بطرس، الذي كان له -بحكم سنه وخبرته وحماسه الفطري- دور قيادي في تلك الفترة المبكرة من حياة الكنيسة. ساعد الرسل عدد من الكهنة القسوس وسبعة شمامسة للعناية بالفقراء والمرضى... وكان روح الله يعمل - لا في الرسل وحدهم بل في جميع التلاميذ أي المؤمنين، فقفز عدد المؤمنين من ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف (أع 4: 4)... أما عوامل النمو فكانت الكرازة بالإنجيل وعمل المعجزات باسم الرب يسوع، وحياة المؤمنين العجيبة في إيمانها وحبها وكل فضيلة(1).
كان المؤمنون -بقيادة الرسل- يصعدون إلى الهيكل للعبادة، كما كان يفعل معلمهم... أما اجتماعات العبادة الخاصة، فعقدوها في البيوت (أع 2: 46؛ أع 5: 42). كما واظبوا على تناول عشاء الرب... وفي كل ذلك كان يجمعهم إحساس بأنهم جماعة واحدة، وأعضاء جسد واحد رأسه المسيح... وقد لازموا الهيكل وعبادته، وتمموا الناموس القديم، بقدر ما سمحت لهم حياتهم الجديدة، وإيمانهم الجديد...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وعظات القديس بطرس للشعب امتازت بالبساطة والإقناع، أما خطبه أمام السنهدرين(2)، فلم تكن دفاعية بقدر ما كانت تبشيرية، ومفعمة حماسًا وغيرةً وقوةً وإقناعًا وحكمةً... ولا شك أن ذلك كله كان من عمل روح الله الذي جعل من التلميذ الرعديد، شاهدًا صنديدًا يشهد أمام مجلس اليهود الأعلى ويقول: "إن كان حقًا أمام الله أن نسمع لكم أكثر من الله فاحكموا، لأننا نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا... ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع 4: 19، 20 - أع 5: 29).
هكذا كانت يد الله القوية واضحة في الخدمة، فكان "مؤمنون ينضمون للرب أكثر. جماهير من رجال ونساء" (أع 5: 14)... وكانت "كلمة الله تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا في أورشليم، وجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان" (أع 6: 7)... كان الرب هو العامل فيهم وبهم، وهكذا... "كان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أع 2: 47). أما نتيجة هذا التوفيق والنجاح في الخدمة، فكانت سلسلة طويلة ومريرة من المؤامرات والاضطهادات، مرت بها الكنيسة والمؤمنون...
43 | |
44 | |
45 | |
46 | |
47 | |
48 | |
49 | |
50 | |
51 | |
52 | |
53 | |
54 | |
55 | |
56 | |
57 |
_____
(1) سيأتي الكلام عن ذلك بالتفصيل.
(2) (أع 3: 12 - 5: 29 - 10: 34).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/jerusalem.html
تقصير الرابط:
tak.la/sc4av22