* تأملات في كتاب
رسالة يعقوب الرسول: |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20
الأغنياء والأشرار ودينونتهم (يع6،1:5)
الصبر في المِحَن والرجاء بالخلاص منها (يع11،7:5)
القَسَم ويوصي بالصلاة والشكر (يع12:5، 13)
المرضى والاعتراف بالزلات وفاعلية الصلاة (يع14:5-18)
رجوع الضالين إلى طريق الحق (يع20،19:5)
الإصحاح الْخَامِسُ
هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، ابْكُوا مُوَلْوِلِينَ عَلَى شَقَاوَتِكُمُ الْقَادِمَةِ.
غِنَاكُمْ قَدْ تَهَرَّأَ، وَثِيَابُكُمْ قَدْ أَكَلَهَا الْعُثُّ. ذَهَبُكُمْ وَفِضَّتُكُمْ قَدْ صَدِئَا، وَصَدَأُهُمَا يَكُونُ شَهَادَةً عَلَيْكُمْ، وَيَأْكُلُ لُحُومَكُمْ كَنَارٍ.
قَدْ كَنَزْتُمْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ.
هُوَذَا أُجْرَةُ الْفَعَلَةِ الَّذِينَ حَصَدُوا حُقُولَكُمُ، الْمَبْخُوسَةُ مِنْكُمْ تَصْرُخُ، وَصِيَاحُ الْحَصَّادِينَ قَدْ دَخَلَ إلَى أُذْنَيْ رَبِّ الْجُنُودِ.
قَدْ تَرَفَّهْتُمْ عَلَى الأَرْضِ، وَتَنَعَّمْتُمْ وَرَبَّيْتُمْ قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي يَوْمِ الذَّبْحِ. حَكَمْتُمْ عَلَى الْبَارِّ. قَتَلْتُمُوهُ. لاَ يُقَاوِمُكُمْ
فَتَأَنَّوْا أَيُّهَا الإخْوَةُ إلَى مَجِيءِ الرَّبِّ. هُوَذَا الْفَّلاَحُ يَنْتَظِرُ ثَمَرَ الأَرْضِ الثَّمِينَ، مُتَأَنِّيًا عَلَيْهِ حَتَّى يَنَالَ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ وَالْمُتَأَخِّرَ.
فَتَأَنَّوْا أَنْتُمْ وَثَبِّتُوا قُلُوبَكُمْ، لأَنَّ مَجِيءَ الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَ.
لاَ يَئِنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَيُّهَا الإخْوَةُ لِئَلاَّ تُدَانُوا.
هُوَذَا الدَّيَّانُ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ.
خُذُوا يَا إخْوَتِي مِثَالًا لاحْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ وَالأَنَاةِ: الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِاسْمِ الرَّبِّ.
هَا نَحْنُ نُطَوِّبُ الصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ الرَّبِّ.
لأَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ.
وَلكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ يَا إخْوَتِي، لاَ تَحْلِفُوا، لاَ بِالسَّماءِ، وَلَا بِالأَرْضِ، وَلاَ بِقَسَمٍ آخَرَ. بَلْ لِتَكُنْ نَعَمْكُمْ نَعَمْ، وَلاَكُمْ لاَ، لِئَلاَّ تَقَعُوا تَحْتَ دَيْنُونَةٍ.
أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ.
أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ، وَصَلاَةُ الإيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ، وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ،
وَإنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ. اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالزَّلاَتِ،
وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ، لِكَيْ تُشْفَوْا.
طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كثيرًا فِي فِعْلِهَا.
كَانَ إيلِيَّا إنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ صَلَّى أَيْضًا، فَأَعْطَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا، وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ ثَمَرَهَا.
أَيُّهَا الإخْوَةُ، إنْ ضَلَّ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ عَنِ الْحَقِّ فَرَدَّهُ أَحَدٌ،
فَلْيَعْلَمْ أَنَّ مَنْ رَدَّ خَاطِئًا عَنْ ضَلاَلِ طَرِيقِهِ، يُخَلِّصُ نَفْسًا مِنَ الْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا.
«هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، ابْكُوا مُوَلْوِلِينَ عَلَى شَقَاوَتِكُمُ الْقَادِمَةِ» (يع1:5)
الأغنياء الآن يترفهون ويتنعمون لكن في يوم الدينونة ماذا سيحدث؟
«ابْكُوا مُوَلْوِلِينَ عَلَى شَقَاوَتِكُمُ الْقَادِمَةِ»: على الرغم أن أبناء الله يحيَوْنَ في فرح «نَكْتُبُ إلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا» (1يوحنا4:1)، إلا أن الأشرار يعيشون في بُكاء وشقاوة. وكما قال إشَعْيَا النبي «وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَصِلُونَ بَيْتًا بِبَيْتٍ وَيَقْرِنُونَ حَقْلًا بِحَقْلٍ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَوْضِعٌ. فَصِرْتُمْ تَسْكُنُونَ وَحْدَكُمْ فِي وَسَطِ الأَرْضِ» (إشعياء8:5).
«غِنَاكُمْ قَدْ تَهَرَّأَ، وَثِيَابُكُمْ قَدْ أَكَلَهَا الْعُثُّ» (يع2:5)
وكأن الغِنَى ثيابًا فاخرة قد مُزِّقَتْ (تهرأت). وثيابكم من كثرتها تم تخزينها فترة طويلة حتى أَكَلَهَا الْعُثُّ (العِتَّة). حسنًا قال يوحنا المعمدان «مَنْ لَهُ ثَوْبَانِ فَلْيُعْطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ وَمَنْ لَهُ طَعَامٌ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا هكذا» (لوقا11:3). وما أروع قول الرب «وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ إنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَ» (مت6: 28و29). «فَإنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا» (1تي8:6).
«ذَهَبُكُمْ وَفِضَّتُكُمْ قَدْ صَدِئَا، وَصَدَأُهُمَا يَكُونُ شَهَادَةً عَلَيْكُمْ،
وَيَأْكُلُ لُحُومَكُمْ كَنَارٍ قَدْ كَنَزْتُمْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ.» (يع3:5)
ليس الذهب والفضة هنا بالمعنى الحرفي بل بمعنى الغِنَى. وها الأغنياء وقد كنزوا لأنفسهم كنوزًا على الأرض «حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ وَحَيْثُ يَنْقُبُ السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ» (مت6: 19). وبدلًا من «فِعْل الْخَيْرِ وَالتَّوْزِيعَ» (عب16:13)، كنزوا فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ، والصدأ سيكون كَنَارٍ
تأكل لحوم الذين كَنَزْوا في الدنيا ويشهد عليهم في الدينونة.
عبارةٌ ما أروعها عند مؤمني العصر الرسولي الذين عاشوا بروح الغرباء في العالم، مُتوقعين الأبدية قادمة سريعًا. «وَالأَمْلاَكُ وَالْمُقْتَنَيَاتُ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَقْسِمُونَهَا بَيْنَ الْجَمِيعِ كَمَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ احْتِيَاجٌ» (أع45:2). وقد قال مار بولس الرسول «اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآباء بِالأَنْبِيَاءِ» قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ» (عب1:1).
كان هذا في بداية المسيحية في القرن الأول الميلادي، فماذا عنا الآن، ونحن في القرن الواحد والعشرين؟! ما أحوجنا أن نعيش بفكر الآباء فنحيا في استعداد كامل «مُنْتَظِرِينَ وَطَالِبِينَ سُرْعَةَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ» (2بط3: 12).
«هُوَذَا أُجْرَةُ الْفَعَلَةِ الَّذِينَ حَصَدُوا حُقُولَكُمُ، الْمَبْخُوسَةُ مِنْكُمْ تَصْرُخُ، وَصِيَاحُ الْحَصَّادِينَ قَدْ دَخَلَ إلَى أُذْنَيْ رَبِّ الْجُنُودِ.» (يع4:5)
عجيب أن هؤلاء الأغنياء الذين كانوا يكنزون الثياب حتى أكلها العُث، والذهب
والفضة حتى صَدِئَا، نتيجة بُخْلِهم على العاملين معهم،
لم يعطوا أُجرةً عادلة للفَعَلَة الذين حصدوا لهم حقولهم، بل أعطوهم أُجرة
مبخوسة لا تكفيهم ولا تتناسب مع عملهم وتعبهم في الأرض، حتى أنَّ الأُجرة
القليلة الظالمة تصرخ، والحاصدون يصرخون من ظُلمهم، وصرخاتهم قد صعدت إلى أذني
رب الجنود. مع أن الرب يقول في سفر تثنية الشريعة «لا تَظْلِمْ أَجِيرًا
مِسْكِينًا وَفَقِيرًا مِنْ إخْوَتِكَ أَوْ مِنَ الغُرَبَاءِ الذِينَ فِي
أَرْضِكَ فِي أَبْوَابِكَ
فِي يَوْمِهِ تُعْطِيهِ أُجْرَتَهُ وَلا تَغْرُبْ عَليْهَا الشَّمْسُ لأَنَّهُ
فَقِيرٌ وَإليْهَا حَامِلٌ نَفْسَهُ لِئَلا يَصْرُخَ عَليْكَ إلى الرَّبِّ
فَتَكُونَ عَليْكَ خَطِيَّةٌ»
(تثنية 15،14:24)
«قَدْ تَرَفَّهْتُمْ عَلَى الأَرْضِ، وَتَنَعَّمْتُمْ وَرَبَّيْتُمْ قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي يَوْمِ الذَّبْحِ.» (يع5:5)
كان ظُلْمُ الأغنياء أن:
ترفهوا وتنعموا مثل الغني الغبي الذي كان يلبس البز والأرجوان ويتنعم كل يوم مترفهًا، فاستوفي خيراته في حياته ولم يهتم بحياته الأبدية (لوقا 16)
«وَرَبَّيْتُمْ قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي يَوْمِ الذَّبْحِ» تشبيه بالعِجْل الذي يهتمون بإطعامه ليوم الذبح.
«حَكَمْتُمْ عَلَى الْبَارِّ. قَتَلْتُمُوهُ. لاَ يُقَاوِمُكُمْ» (يع6:5)
من هذا البار إلا الرب يسوع «الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (رو3: 12). وكما قال الرب للشاب الناموسي «لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ.» (مت19: 17). ومع هذا فقد حكم الأَثمةُ على البار وصلبوه وقتلوه وهو لا يقاوم «مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إلَى الذَّبْحِ وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ هَكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ» (أع8: 32)، «الَّذِي إذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا وَإذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْلٍ» (1بطرس23:2).
← (ستجد كذلك تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين).
«قَدْ كَنَزْتُمْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ.» (يع3:5)
«فَتَأَنَّوْا أَيُّهَا الإخْوَةُ إلَى مَجِيءِ الرَّبِّ.» (يع7:5)
«فَتَأَنَّوْا أَنْتُمْ وَثَبِّتُوا قُلُوبَكُمْ، لأَنَّ مَجِيءَ الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَ.» (يع8:5)
سبق أن تكلمنا عن الروح التي عاش بها المسيحيون الأوائل في الأجيال الأولى «مُنْتَظِرِينَ وَطَالِبِينَ سُرْعَةَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ» (2بط3: 12)، في شرحنا لعبارة «الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ» (يع3:5)، حتى صارت تحيَّتُهم حينما يتلاقون "ماران آسا" أي "الرب آتٍ". وهكذا عاش الرسول بهذه الروح قائلًا «فَتَأَنَّوْا أَيُّهَا الإخْوَةُ إلَى مَجِيءِ الرَّبِّ.» (يع7:5). والكتاب مليء بهذا المعنى «الرَّبُّ قَرِيبٌ» (في4: 5)، «فَإنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا» (رو13: 11)، «نَحْنُ الَّذِينَ الْتَجَأْنَا لِنُمْسِكَ بِالرَّجَاءِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا» (عب 18:6)
«فَتَأَنَّوْا أَيُّهَا الإخْوَةُ»: إن كنا ننتظر مجيء ربنا قائلين «آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ»(رؤيا 20:22). فأَناةُ ربنا تُعطي فرصة لغير التائبين أن يتوبوا وغير المستعدين أن يستعدوا «وَاحْسِبُوا أَنَاةَ رَبِّنَا خَلاَصًا، كَمَا كَتَبَ إلَيْكُمْ أَخُونَا الْحَبِيبُ بُولُسُ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحِكْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ» (2بط15:3)، «وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ» (رؤ6: 11). فعروس المسيح لم تكتمل بعد، ومتى اكتملت يأتي الرب ويأخذها، «لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ» (أف27:5)
«هُوَذَا الْفَّلاَحُ يَنْتَظِرُ ثَمَرَ الأَرْضِ الثَّمِينَ، مُتَأَنِّيًا عَلَيْهِ.» (يع7:5)
الْفَّلاَحُ هو الزارع، هو رب المجد الذي قال عن نفسه هذا المَثَل «خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ». والبذار هي كلمة الله في الكتاب المقدس، وفي الطبيعة وفي الأحداث حولنا. والأرض بأنواعها هي قلوب الناس وحياتهم المتباينة. والرب بعدما يزرع البذار «يَنْتَظِرُ... مُتَأَنِّيًا»؛ لأن الثمار لا تأتي فورًا بل تحتاج إلى صبر.
«حَتَّى يَنَالَ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ وَالْمُتَأَخِّرَ» (يع7:5)
تحتاج النفس البشرية (الأرض الجيدة) بعدما يزرع الرب فيها بذاره أي كلمته بطريق مباشر أو بِخُدامه، أن يعتني بها فيرسل لها «الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ وَالْمُتَأَخِّرَ»، والْمَطَر الْمُبَكِّر يروي الأرض لتبدأ البذار في النمو، والْمَطَر الْمُتَأَخِّر يُعطي الثمار النامية نُضجًا. فالرب يقول في سفر الشريعة «أُعْطِي مَطَرَ أَرْضِكُمْ فِي حِينِهِ: المُبَكِّرَ وَالمُتَأَخِّرَ. فَتَجْمَعُ حِنْطَتَكَ وَخَمْرَكَ وَزَيْتَكَ»(تث 14:11). أخيرًا فالربُّ «يَنْتَظِرُ ثَمَرَ الأَرْضِ الثَّمِينَ»: نحن ينبغي أن نجاهد ونعمل مع الله، ثم ننتظر الثمر. هكذا قال الرسول بولس «أَنَا غَرَسْتُ وأَبُلُّوسُ سَقَى لَكِنَّ اللهَ كَانَ يُنْمِي. إذَنْ لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئًا وَلاَ السَّاقِي بَلِ اللهُ الَّذِي يُنْمِي»(1كو6:3). «فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ» (غلاطية9:6).
«فَتَأَنَّوْا أَيُّهَا الإخْوَةُ...» (يع7:5)
«فَتَأَنَّوْا أَنْتُمْ وَثَبِّتُوا قُلُوبَكُمْ، لأَنَّ مَجِيءَ الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَ.» (يع8:5)
اصبروا قليلًا، لا تتعجلوا. فمَجِيء الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَ. تأنوا في جهادكم
الروحي؛ لأن من يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص. تأنوا في احتمالكم، تأنوا في خدمتكم، تأنوا لكي تكونوا صورة الله ومثاله «أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إنَّمَا يَقْتَادُكَ إلَى التَّوْبَةِ؟ وَلَكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ» (رو4:2-5). تأنَّوا لأن طول الأناة من ثمار الروح القدس.
«وَثَبِّتُوا قُلُوبَكُمْ» لِنُسَبحِ الله مع داود النبي «ثَابِتٌ قَلْبِي يَا اللهُ ثَابِتٌ قَلْبِي. أُغَنِّي وَأُرَنِّمُ» (مزامير7:57). فينبغي أن نُثَبِّت قلوبنا في انتظار الرب؛ فلا ينشغل القلب هنا وهناك ويتشتت، ويصير الإنسان مبعثرًا بين حياة الروح وحياة العالم. بل ثبِّتوا قلوبكم في الله، «وَتُحِبُّ الرَّبَّ إلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَوَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ» (مر30:12)
«لأَنَّ مَجِيءَ الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَ»: فـ«لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لَكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إلَى التَّوْبَةِ» (2بط9؛:3) «لأَنَّهُ بَعْدَ قَلِيلٍ جِدًّا سَيَأْتِي الآتِي وَلاَ يُبْطِئُ» (عب37:10).
«يَذُمَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُّهَا الإخْوَةُ» (يع11:4)
«لاَ يَئِنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَيُّهَا الإخْوَةُ لِئَلاَّ تُدَانُوا» (يع9:5)
سبق أن شرحنا هذه العبارة مع (يع11:4)
«لئلا تدانوا. هُوَذَا الدَّيَّانُ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ.» (يع9:5)
«لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا.لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ» (مت1:7، 2). وهُوَذَا الدَّيَّانُ العادل وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ قريب منا يرى ويسمع
كل شيء وسيدين المسكونة بالعدل. فلنهرب إذَنْ من إدانة الآخرين لكي ننجو من دينونة الله؛ لأن الحكم على خليقة الله يليق بالله، ليس بنا. فلا تَدِن أحدًا من الناس قبل أن يدينَه الله. ديماس كان لِصًّا في غابات أورشليم ويهوذا كان تلميذًا مُرافقًا للمسيح، وكيف انتهت قصتاهما؟! هوذا الديان واقف على الباب، فكيف نتجاسر ونتدخل فيما هو خاصٌّ به لنأخذَ عمله؟!
«خُذُوا يَا إخْوَتِي مِثَالًا لاِحْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ وَالأَنَاةِ
الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِاسْمِ الرَّبِّ.» (يع10:5)
ظن آساف أن الأشرار يُجازَون آلامًا نتيجة شرهم في العالم، لكنه تعجب وكاد ينهار عندما أدرك أن الآلام هي لأبناء الله الأبرار فقال: «أَمَّا أَنَا فَكَادَتْ تَزِلُّ قَدَمَايَ. لَوْلاَ قَلِيلٌ لَزَلِقَتْ خَطَوَاتِي. لأَنِّي غِرْتُ مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ، إذْ رَأَيْتُ سَلاَمَةَ الأَشْرَارِ. لأَنَّهُ لَيْسَتْ فِي مَوْتِهِمْ شَدَائِدُ، وَجِسْمُهُمْ سَمِينٌ. لَيْسُوا فِي تَعَبِ النَّاسِ، وَمَعَ الْبَشَرِ لاَ يُصَابُونَ. لِذلِكَ تَقَلَّدُوا الْكِبْرِيَاءَ. لَبِسُوا كَثَوْبٍ ظُلْمَهُمْ. جَحَظَتْ عُيُونُهُمْ مِنَ الشَّحْمِ. جَاوَزُوا تَصَوُّرَاتِ الْقَلْبِ. يَسْتَهْزِئُونَ وَيَتَكَلَّمُونَ بِالشَّرِّ ظُلْمًا. مِنَ الْعَلاَءِ يَتَكَلَّمُونَ. جَعَلُوا أَفْوَاهَهُمْ فِي السَّمَاءِ، وَأَلْسِنَتُهُمْ تَتَمَشَّى فِي الأَرْضِ. لِذلِكَ يَرْجعُ شَعْبُهُ إلَى هُنَا، وَكَمِيَاهٍ مُرْوِيَةٍ يُمْتَصُّونَ مِنْهُمْ. وَقَالُوا: «كَيْفَ يَعْلَمُ اللهُ؟ وَهَلْ عِنْدَ الْعَلِيِّ مَعْرِفَةٌ؟».(مز2:73-12)
«حَتَّى دَخَلْتُ مَقَادِسَ اللهِ، وَانْتَبَهْتُ إلَى آخِرَتِهِمْ. حَقًّا فِي مَزَالِقَ جَعَلْتَهُمْ. أَسْقَطْتَهُمْ إلَى الْبَوَارِ. كَيْفَ صَارُوا لِلْخَرَابِ بَغْتَةً! اضْمَحَلُّوا، فَنُوا مِنَ الدَّوَاهِي.» (مز19،17:73). لذلك قال مار بولس لتلميذه الأسقف تيموثاوس «فَاشْتَرِكْ انْتَ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ» (2تي 3:2)
بين العهد القديم والقديس يعقوب الرسول
«هَا نَحْنُ نُطَّوِبُ الصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ الرَّبِّ. لأَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ.» (يع11:5)
«نَحْنُ نُطَّوِبُ الصَّابِرِينَ ونقول مع داود النبي «طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي تُؤَدِّبُهُ يَا رَبُّ وَتُعَلِّمُهُ مِنْ شَرِيعَتِكَ» (مز12:94)
وقَدْ سَمِعْنا «بِصَبْرِ أَيُّوبَ إذ قَامَ أَيُّوبُ... وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ، وَقَالَ عُرْيَانًا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَعُرْيَانًا أَعُودُ إلَى هُنَاكَ، الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا.»(أيوب1: 21،22)
ولكننا رَأَينا عَاقِبَةَ الرَّبِّ إذ «رَفَعَ الرَّبُّ وَجْهَ أَيُّوبَ. وَرَدَّ الرَّبُّ سَبْيَ أَيُّوبَ... وَزَادَ الرَّبُّ عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لأَيُّوبَ ضِعْفًا. فَجَاءَ إلَيْهِ كُلُّ إخْوَتِهِ وَكُلُّ أَخَوَاتِهِ وَكُلُّ مَعَارِفِهِ مِنْ قَبْلُ، وَأَكَلُوا مَعَهُ خُبْزًا... وَبَارَكَ الرَّبُّ آخِرَةَ أَيُّوبَ أَكْثَرَ مِنْ أُولاَهُ.» (أيوب42: 9، 10، 12)
«لأَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ» (يع11:5)
كان أيوب البار مثلًا أعلى في الصبر، هاجمه الشيطان بتجارب عديدة بعد أن أخذ إذنًا من الله واحتمل بصبر كثير، وفرح به الله ولذلك عوضه بأكثر مما فقد وعاملة برحمة كثيرة ورأفة.
وما كان لأيوب أن يصل إلى هذه النتيجة إلا بعد أن دخل إلى عمق الألم. كان في البداية وهو في رخاءٍ يشكر الله، لكنه كان ممتلئًا بِرًّا ذاتيًا. أمَّا بعد التجربة، استيقظ وعرف أنه لا شيء. فلما رأى عاقبة الرب معه، وكيف عوَّضَه أضعافًا، شعر بمراحم الله الكثيرة ورأفاته (أي9:42-12).
← (ستجد كذلك تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين).
«وَلكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ يَا إخْوَتِي،
لاَ تَحْلِفُوا، لاَ بِالسَّماءِ، وَلاَ بِالأَرْضِ، وَلاَ بِقَسَمٍ آخَرَ.
بَلْ لِتَكُنْ نَعَمْكُمْ نَعَمْ، وَلاَكُمْ لاَ، لِئَلاَّ تَقَعُوا تَحْتَ دَيْنُونَةٍ.» (يع12:5)
قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ استخدام اسم الله في القسم نَوعٌ من الاستهانة باسمه المبارك، واحترام الله وتوقيره يجب أن يكون قَبْلَ كُلِّ شيء.
«لاَ تَحْلِفُوا»: هكذا قال الرب في عظته الشهيرة على الجبل «أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَحْنَثْ بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللَّهِ. وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ.» (متى37،33:5).
«أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ.» (يع13:5)
عندما نُحاط بالتجارب والمشقات والضيقات إلى من نذهب أو نلتجئ؟ أليس إلى الله؟ إذن فلْنُصَلِّ. وعندما نفرح فلنفرح بالرب، ونُسَبِّحه على إحساناته. فهو سبب فرحنا. فلا نفرح بعطاياه، بل به نفرح. فهو الذي
أحسن إلينا حتى قال داود النبي «بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ» (مز103: 2).
«أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ» (يع14:5)
τοὺς πρεσβυτέρους τῆς ἐκκλησίας
هذا النص اليوناني الإنجيلي يعني "كهنة الْكَنِيسَةِ"؛ لأن كلمة πρεσβυτέρους ترجمتها الدقيقة كاهن أو وسيط أو شفيع.
وهناك فرق بين سر مِسحَةِ المرضى الذي يمارسه الكهنة، ويستخدمون فيه الزيت والصلاة الخاصة بالسر، وبين الشِّفاء المُعجِزي الذي ليس شرطًا أن يُمارِسه كهنة، وربما يتِم بغير صلاة ولا استخدام مادة كالزيت. لقد كان ظل بطرس الرسول يشفي المرضي بلا صلاة، ومناديل وعصائب مار بولس الرسول تُذهِب الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة.
«وَصَلاَةُ الإيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ، وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ.» (يع15:5)
أحيانا يكون المرض بسبب الخطية؛ لذلك كانت الكنيسة تدعوا أبناءها أن يمارسوا سر التوبة والاعتراف قبل كُل سِر؛ ليكونوا مُستمتعين بنعمة السِّر، ويتلوها سِر التناول، فالهدف دائمًا الاتحاد بالمسيح.
كانوا يمارسون سر التوبة كمقدمة لسِر مِسحَة المرضى. وهذا السر يقود الإنسان
إلى التوبة، وبه يستحق المغفرة؛ ولذلك قال الكتاب «وَإنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ
خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ».
والمُتأمل في صلوات سِر مِسحة المرضى، يجِد غالبية صلواتها توبة وطلب مغفرة،
أكثر منها طلب الشفاء.
فَسِرُّ مِسحة المرضى أساسًا من أجل الأمراض النفسية، والجسمانية التي سببتها
الخطية؛ ولذلك قال الرب للمُقعَد منذ ثماني وثلاثين سنة بعدما شفاه «هَا أَنْتَ
قَدْ بَرِئْتَ فلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا لِئَلَّا يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ»
(يو14:5).
وفي قصة المفلوج قال الرب «ثِقْ يَا بُنَيَّ. مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ»
(متى2:9).
وقال
مار بولس للمتناولين بدون توبة «مِنْ أَجْلِ هَذَا فِيكُمْ
كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ»
(1كو30:11)(10)
«اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالزَّلاَتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ، لِكَيْ تُشْفَوْا طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كثيرًا فِي فِعْلِهَا» (يع16:5).
«اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالزَّلاَتِ»: هذه العبارة تشابه عبارة "علموا بعضكم بعضًا"، وتعني أنَّ المُتعلم يُعَلِّم غير المُتَعَلم، و"ساعدوا بعضكم بعضًا"، وتعني أن القوي يُساعِد الضعيف. وهكذا «اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ» وتعني أن المُخطِئِين يعترفون لآباء الاعتراف.
«وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ»: وهذه هي شفاعة الأحياء في الأحياء.
«طَلِبَةُ الْبَارِّ» هنا هي «صَلاَةُ الإيمَانِ» فيالعدد السابق،التي تشفي المريض. يعلن القديس يعقوب الرسول أن الصلاة المقبولة لابد أن يلازمها الإيمان والأعمال (أعمال البر). ومار بولس يؤيد هذا عندما يقول «فَأُرِيدُ انْ يُصَلِّيَ الرِّجَالُ فِي كُلِّ مَكَانٍ رَافِعِينَ أَيَادِيَ طَاهِرَةً، بِدُونِ غَضَبٍ وَلاَ جِدَالٍ» (1تي8:2). ومار يوحنا يؤيد فيقول «وَمَهْمَا سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ» (1يو22:3).
يُسَجِّل لنا سفر الملوك الأول قصة إيليا النبي الناري، وهي القصة الرابعة في هذه الرسالة، كَمَثَلٍ في الصلاة المُقتدِرة التي أغلقت السماء ثم فتحتها «وَقَالَ إيلِيَّا التِّشْبِيُّ... لأَخَابَ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إلهُ إسْرَائِيلَ الَّذِي وَقَفْتُ أَمَامَهُ، إنَّهُ لاَ يَكُونُ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ فِي هذِهِ السِّنِينَ إلاَّ عِنْدَ قَوْلِي» (1ملوك1:17).والعجيب أن الله هو الذي تراءف على البشرية، وأراد أن يوقِف العقوبة بعد ثلاث سنين ونصف، ولكنه لا يعمل هذا بدون إيليا. فجعل إيليا يُكَلِّم الشعب عن التوبة «فَتَقَدَّمَ إيلِيَّا إلَى جَمِيعِ الشَّعْبِ وَقَالَ: حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ؟ إنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللَّهَ فَاتَّبِعُوهُ، وَإنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ. فَلَمْ يُجِبْهُ الشَّعْبُ بِكَلِمَةٍ» (1ملوك21:18) وَقَالَ إيلِيَّا لأَخَابَ: اصْعَدْ كُلْ وَاشْرَبْ،... فَصَعِدَ أَخَابُ لِيَأْكُلَ وَيَشْرَبَ، وَأَمَّا إيلِيَّا فَصَعِدَ إلَى رَأْسِ الْكَرْمَلِ وَخَرَّ إلَى الأَرْضِ،... وَقَالَ لِغُلاَمِهِ: اصْعَدْ تَطَلَّعْ نَحْوَ الْبَحْرِ فَصَعِدَ وَتَطَلَّعَ... قَالَ: هُوَذَا غَيْمَةٌ صَغِيرَةٌ قَدْرُ كَفِّ إنْسَانٍ صَاعِدَةٌ مِنَ الْبَحْرِ. فَقَالَ: اصْعَدْ قُلْ لأَخَابَ اشْدُدْ وَانْزِلْ لِئَلاَّ يَمْنَعَكَ الْمَطَرُ. وَكَانَ مِنْ هُنَا إلَى هُنَا أَنَّ السَّمَاءَ اسْوَدَّتْ مِنَ الْغَيْمِ وَالرِّيحِ، وَكَانَ مَطَرٌ عَظِيمٌ.» (1مل18:1، 41 – 45)
هذا ما أشار إليه القديس يعقوب: فقال «طِلْبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كثيرًا فِي فِعْلِهَا. كَانَ إيلِيَّا إنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ صَلَّى أَيْضًا فَأَعْطَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ ثَمَرَهَا.» (يع5: 16- 18).
وطلبة يشوع «أَلَيْسَ هذَا مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ يَاشَرَ؟ فَوَقَفَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَلَمْ تَعْجَلْ لِلْغُرُوبِ نَحْوَ يَوْمٍ كَامِل. وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُ ذلِكَ الْيَوْمِ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ سَمِعَ فِيهِ الرَّبُّ صَوْتَ إنْسَانٍ» (يشوع14،13:10).
«أَيُّهَا الإخْوَةُ: إنْ ضَلَّ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ عَنِ الْحَقِّ فَرَدَّهُ أَحَدٌ،
فَلْيَعْلَمْ أَنَّ مَنْ رَدَّ خَاطِئًا عَنْ ضَلاَلِ طَرِيقِهِ،
يُخَلِّصُ نَفْسًا مِنَ الْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا.» (يع20،19:5)
الروحانيون فقط هم الذين يردُّون الناس عن أخطائهم. فالرسول بولس يقول
«أَيُّهَا الإخْوَةُ، إنِ انْسَبَقَ إنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا،
فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ»(غلا 1:6).
_____
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(10) اقرأ كتاب شروحات وتأملات في العجائب والمعجزات للمؤلف.
← تفاسير أصحاحات يعقوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
موضوعات الرسالة |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص يوحنا فايز زخاري |
تفسير يعقوب 4 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-youhanna-fayez/james/chapter-05.html
تقصير الرابط:
tak.la/trkhz9x