† الإنسان الروحي لابد أن يجعل الرب أمامه في كل وقت. ليس فقط في وقت الصلاة، وليس فقط في الكنيسة أو في أي موضع من المواضع المقدسة ولكن أمامه في كل حين.
† يعجبني كلمة قالها إيليا النبي وهو يكلم عوبديا قال له "حَيٌّ هُوَ رَبُّ الْجُنُودِ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ" (سفر الملوك الأول 18: 15). ولم يكن إيليا في ذلك الوقت يصلي، ولم يكن في الهيكل، وإنما كان يشعر باستمرار أنه واقف أمام الله.
† وداود النبي عندما وقع في ضيقة قال "جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، لأَنَّهُ عَنْ يَمِينِي فَلاَ أَتَزَعْزَعُ" (سفر المزامير 16: 8). فداود كان يعرف ويشعر أن الرب أمامه في كل حين.
† كذلك داود عندما أخطأ لم يقل أنا أخطأت إلى أوريا الحثي، ولم يقل أنا أخطأت إلى بثشبع وإنما قال للرب في المزمور الخمسين: "إليك وحدك أخطأت والشر قدامك صنعت"، ونص الآية هو: "إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ" (سفر المزامير 51: 4).
† أيضًا الابن الضال في رجوعه لأبيه قال له: "أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا" (إنجيل لوقا 15: 21).
† أنت أمام الله في كل مكان. في بيتك، وفي عملك، وفي مخدعك، وأنت جالس مع الناس، وأنت بمفردك حتى إن كنت في حجرة مغلقة.
† فمثلًا البنت العفيفة المحتشمة لا تكون فقط محتشمة أمام الناس؛ وإنما تكون مُحْتَشِمة أيضًا في حجرتها الخاصة، وهي جالسه بمفردها.. ولا تكون أبدًا في وضع خاطئ. فهي تشعر أنها حتى وهي بمفردها تراها الملائكة وتراها أرواح القديسين فلا تستطيع أبدًا أن تكون أمامهم في وضع غير محتشم.
† يا إخوتي الأحباء كل إنسان عريان ومكشوف أمام الله. الرب يراه ويسمعه. بل يرى أيضًا ما في فكره، ويرى ما في قلبه، ويرى ما في نيته. يعرفه كله جملة وتفصيلًا.
† فإذا تحدثت عن أحد بالسوء فاعرف أنك واقف أمام الله وهو يسمعك، وستحسب لك خطيئة. ولو أخطأت بالجسد حتى لو كنت بمفردك فإن الله يراك. وأنت مخطئ أمام الله. وإذا كنت مرائي أو منافق ما تظهر به يخالف ما بداخلك، إعرف أن الله يرى ذلك. أمام الله أنت مكشوف وعريان.
† العجيب أن الشخص لا يستطيع أن يخطئ أمام الناس لأنه يخجل منهم. لكنه لا يخجل أن يخطئ أمام الله. ففي وقت الخطيئة يُنسي الشيطان الإنسان كل شيء خاص بربنا.
† ولذلك قال أحد القديسين: "كل خطيئة تسبقها الشهوة والغفلة والنسيان".
† الشهوة تجعل الإنسان في غفلة وتنسيه كل شيء. وتنسيه أنه أمام الله. وتنسيه أنه هيكل للروح القدس والروح القدس ساكن فيه. وتنسيه التناول وتنسيه خطورة الخطية وعقوبة الخطيئة وتنسيه الله الذي يرى ويعرف كل شيء. وتنسيه أن الخطيئة موت وأنها عداوة لله. ولا يتذكر إلا حلاوة الخطيئة في نظره.
† والشيطان يشجع الإنسان على النسيان في وقت الخطيئة فينسى إحسانات الله إليه، كم أحسن الرب إليه، ويقف أمام ضميره كناكر للجميل. بل وأثناء الخطيئة ينسى أنه سيحتاج إلى الله فيما بعد، وينسى أنه سيطلب الله وبأي وجه سيطلبه؟!
† المزمور يقول عن الذين يضرون الآخرين: "لم يسبقوا أن يجعلوا الله أمامهم"، ونص الآية هو: "لَمْ يَجْعَلُوا اللهَ أَمَامَهُمْ" (سفر المزامير 54: 3). هناك إنسان يُدَبِّر تدبيرًا مُحكمًا في الخفاء من كل ناحية. ويفشل التدبير لأنه لم يضع الله أمامه.. فالله يرى كل شيء.
† السيد المسيح يقول: "الذي تقولونه في المخادع ينادى به فوق السطوح"، ونص الآية هو: "لِذلِكَ كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي الظُّلْمَةِ يُسْمَعُ فِي النُّورِ، وَمَا كَلَّمْتُمْ بِهِ الأُذْنَ فِي الْمَخَادِعِ يُنَادَى بِهِ عَلَى السُّطُوحِ" (إنجيل لوقا 12: 3).
† أي خطيئة من الخطايا الله يراها. الذي يتكبر ويتعظم، أو الذي يشتهي العظمة، أو الذي يعامل الناس بكبرياء وينسى أنه تراب ورماد، وينسى قصة هيرودس لما قبل العظمة والله أرسل ملاك ضربه فمات وأكله الدود (سفر أعمال الرسل 12: 23).
† نحن ننسى الله وننسى أننا أمامه ولذلك نحن نخطئ.
† يا ليت كل إنسان يضع أمامه الكلمة التي قالها الرب لكل من ملائكة الكنائس السبع رعاة الكنائس، حيث قال: "أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ" (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 2: 2، 13، 19؛ سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 3: 1، 8، 15).
† كلمة "أنا عارف أعمالك" كلمة تطمئن وتُخيف في نفس الوقت.
† تطمئن الشخص السائر في طريق الله، وتخيف الشخص الذي يؤذي غيره أو الشخص المخطئ عمومًا.
† الشخص السائر في خوف الله يسمع الرب قائلًا له: "أنا عارف أعمالك"، كما قال لملاك كنيسة أفسس: "عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّكَ تَعِبْتَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي وَلَمْ تَكِلَّ" (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 2: 2، 3). وكما قال لملاك كنيسة سميرنا: "أنا أعرف من يتعبك وسأجازي كل واحد على أعماله".
† ربنا يقول لكل إنسان: أنا عارف أعمالك الطيبة و أعمالك الرديئة. أعلمها كلها. أعرف الخير الذي تعمله في الخفاء ولا تريد أن تأخذ عليه أجرًا من الناس وأنا سأجازيك عنه علانية. كما أعرف الخطايا التي تكتمها وتخجل أن يعرفها الناس.
† يقول الرب لأحدنا: أنا أعرف كل عمل طيب أنت تعمله. ويقول للآخر: "إن لك إسمًا أنك حي وأنت ميت" الله يعلم.
† يا ليت في كل تصرف نتصرفه نضع الله أمامنا. لأن الله يسمع ويرى ويعرف أفكارنا ويعرف قلوبنا من الداخل ويعرف نياتنا فلا بد أن يلتفت كل منا لذلك ويحترس.
† كذلك إذا كنت في ضيقة ضع الرب أمامك. كما قال داود "جعلت الرب أمامي في كل حين لكي لا أتزعزع"، ونص الآية هو: "جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، لأَنَّهُ عَنْ يَمِينِي فَلاَ أَتَزَعْزَعُ" (سفر المزامير 16: 8). في ضيقاتك تستطيع أن تعرف أن الرب أمامك وسأعطيكم أمثلة على ذلك:
يعقوب أب الآباء كان هاربًا من أخيه عيسو وكان ذلك يتعبه. وعيسو قال: "أقوم وأقتل يعقوب أخي"، ونص الآية هو: "فَأَقْتُلُ يَعْقُوبَ أَخِي" (سفر التكوين 27: 41). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وفيما يعقوب هارب من أخيه، ظهر له الله على رأس السلم السمائي الواصل بين السماء والأرض وقال له: "وَهَا أَنَا مَعَكَ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ، وَأَرُدُّكَ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ" (سفر التكوين 28: 15).
† الله الواقف أمامك يحميك وينجيك من أعدائك. كما يقول المزمور: "لا يترك عصا الخطاة تستقر على نصيب الصديقين"، ونص الآية هو: "لأَنَّهُ لاَ تَسْتَقِرُّ عَصَا الأَشْرَارِ عَلَى نَصِيبِ الصِّدِّيقِينَ" (سفر المزامير 125: 3).
† وداود يشعر بهذا فيقول: "الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ. فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي" (سفر المزامير 23: 1، 2).
بل يقول أكثر من هذا: "إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي" (سفر المزامير 23: 4).
† شعور الإنسان أن الله معه لا يجعله يخاف أبدًا. داود يقول: "لا أخاف ماذا يفعل بي الإنسان؟"، ونص الآيات هو: "عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ؟"، "عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الإِنْسَانُ؟"، "الرَّبُّ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي الإِنْسَانُ؟"، "الرَّبُّ مُعِينٌ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي إِنْسَانٌ؟" (سفر المزامير 56: 4، 11؛ 118: 6؛ رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 13: 6).. ما دام الله موجود وأنت ترى الله أمامك. لا يمكن أن يتعبك أحد.
† الله قال لبولس الرسول: "لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ، وَلاَ يَقَعُ بِكَ أَحَدٌ لِيُؤْذِيَكَ" (سفر أعمال الرسل 18: 9، 10).
† وأمام البحر الاحمر قال كلمة رددها موسى "الرَّبُّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ" (سفر الخروج 14: 14).
† الرب ليس فقط أمامك أثناء الخطيئة وأثناء الضيقة، أيضًا الرب أمامك أثناء الصلاة. هناك من يصلي وهو لا يدري ماذا يقول. ومن الممكن أن يقول مزامير دون أن يفهمها. أو تسبحة دون أن يدرك معناها. ولكن الذي يقف أمام الله يجب أن يفهم كل كلمة يقولها أمام الله. وأيضًا ما دام يعلم أنه أمام الله يملكه الخشوع أثناء الصلاة. الكثير يصلون بلا خشوع لأنهم لا يشعرون بأنهم واقفين أمام الله.
† في الاعتراف. أنت أمام الله في الاعتراف. في الحقيقة أنت تعترف لله في سمع الكاهن. وتأخذ الحل من الروح القدس من فم الكاهن. الكاهن مجرد وسيط بينك وبين الله. لذلك الشخص الذي يركع أثناء الاعتراف يكون شاعر أنه يركع أمام الله.
وشاعر أنه يأخذ الحل من الله.
† ولذلك أيضًا يقول الكاهن في القداس عن الشعب "يكونون محاللين من فمي بروحك القدوس" أي روحك القدوس هو الذي يحاللهم من فمي. فنحن في القداس نكون واقفين أمام الله.
يا ليتنا نشعر أننا أمام الله باستمرار.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/3azhgwz