St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   37-Al-Yakaza-Al-Roheya
 

كتب قبطية

كتاب اليقظة الروحية لقداسة البابا شنودة الثالث

15- الضيقات والضربات

 

St-Takla.org Image: Finally, he stopped keeping records because there was too much to measure. (Genesis 41: 49) - "Joseph rules in Egypt" images set (Genesis 41:47-57): image (4) - Genesis, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "وخزن يوسف قمحا كرمل البحر، كثيرا جدا حتى ترك العدد، إذ لم يكن له عدد" (التكوين 41: 49) - مجموعة "يوسف يحكم في مصر" (التكوين 41: 47-57) - صورة (4) - صور سفر التكوين، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Finally, he stopped keeping records because there was too much to measure. (Genesis 41: 49) - "Joseph rules in Egypt" images set (Genesis 41:47-57): image (4) - Genesis, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وخزن يوسف قمحا كرمل البحر، كثيرا جدًا حتى ترك العدد، إذ لم يكن له عدد" (التكوين 41: 49) - مجموعة "يوسف يحكم في مصر" (التكوين 41: 47-57) - صورة (4) - صور سفر التكوين، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

هناك أناس لا توقظهم المحبة، ولا التوبيخ الهادئ، وإنما يحتاجون إلى لطمة قوية توقظهم، فيرجعون إلى الله كإنسان في حالة سُكْر، لا يمكن أن يفيق بأن تربت على كتفه في وداعة وتدعوه أن يصحو.. أو مثل فرعون الذي احتاج إلى ضربات شديدة، فكان يفيق ويقول: (أخطأت إلى الرب.. صليا إلى الرب إلهكما، ليرفع عنى هذا الموت) (خر 10: 16) (أخطأت.. الرب هو البار، وأنا وشعبي الأشرار) (خر 9:270) ومشكلة فرعون إنه كان يعود فيغلبه طبعه، ولم تكن يقظته نابعة من توبة حقيقية.

ولعل أخوة يوسف، مثال للذين ساعدتهم الضيقة على اليقظة.

لقد تآمروا على أخيهم يوسف، وباعوه كعبد، وخدعوا أباهم يعقوب وادعوا أن وحشا قد افترس يوسف. وفي كل ذلك لم يتوبوا، ولم يفيقوا لأنفسهم. ولكنهم لما وقعوا في ضيقة شديدة عند شراء القمح، وأتهمهم الحاكم بأنهم جواسيس، وحبسهم ثلاثة أيام، وأمرهم بإحضار أخيهم الصغير (بنيامين) ليثبتوا صدق كلامهم. حينئذ أفاقوا بسبب هذه الضيقة، وتذكروا خطيتهم إلى يوسف (وقالوا بعضهم لبعض: حقا أننا مذنبون إلى أخينا الذي رأينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع. لذلك جاءت علينا هذه الضيقة.. وأجابهم رأوبين قائلًا: ألم أكلمكم قائلًا لا تأثموا بالولد، وأنتم لم تسمعوا ؟ فهوذا دمه يطلب) (تك 42: 21، 22).

كذلك لما دبر يوسف أن يوجد طاسه الفضي في متاع بنيامين الصغير الذي ضمنوه لأبيهم الشيخ، وقرر يوسف أن يأخذ منهم بنيامين، قال يهوذا ليوسف (ماذا نتكلم؟ وبماذا نتبرر؟ الله قد وجد إثم عبيدك) ( تك 44: 16) بالضيقة تذكروا ذنبا مرت عليه سنوات طويلة..

كم من شخص كأخوة يوسف، إذا أصابته ضيقة يستيقظ ضميره، ويقول "هذا ذنب فلان الذي ظلمته أو ذنب فلان الذي صرفته والدمع في عينيه، ولم أشفق..؟!".

 

ومن أمثلة الذين أيقظتهم الضيقات، الابن الضال:

لم يستيقظ ضميره وهو في حياة المتعة، ينفق ماله بعيش مسرف، ويلهو مع أصحابه.. ولكنه لما افتقر واعتاز، وأشتهى الخرنوب الذي تأكله الخنازير ولم يجد.. حينئذ أمكن لهذه الضيقة أن توقظه. فيقول الكتاب إنه (رجع إلى نفسه) وقال (كم من أجير عند أبي يفضل عنه الخبز وأنا هنا أهلك جوعا؟! أقوم وأذهب إلى أبي..) (لو 15: 17). وهكذا قادته الضيقة إلى اليقظة وإلى التوبة، وعاد إلى أبيه.

 

مثال آخر أيقظته الضيقة، هو يونان النبي.

لقد هرب من وجه الرب، ولم يطعه في الذهاب إلى نينوى. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). كل هذا وضميره لم يحركه. وحتى عندما ركب سفينة إلى ترشيش، وهاجت الأمواج على السفينة حتى كادت تنكسر، وصرخ ركاب السفينة كل واحد إلى إلهه.. على الرغم من كل هذا لم يتحرك ضمير يونان، بل (نزل إلى جوف السفينة واضطجع ونام نوما ثقيلا) (يون 1: 5) مما اضطر رئيس النوتية إلى أن يوبخه قائلًا (مالك نائما. قم أصرخ إلى إلهك، عسى أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك). ولكن يونان لم يصرخ إلى إلهه.

متى استيقظ إذن وصرخ إلى إلهه؟ حدث هذا حينما وقع في الضيقة الكبرى، وابتلعه الحوت، فاكتنفته المياه، وأحاط به الغمر، وأعيت فيه نفسه حينئذ (صلى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت) وصرخ إلى الرب، ونذر، وقال للرب الخلاص (يون 2).

St-Takla.org Image: Picasso, Weeping woman, 1937 صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة للفنان بيكاسو، المرأة الباكية

St-Takla.org Image: Picasso, Weeping woman, 1937

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة للفنان بيكاسو، المرأة الباكية

هناك مَنْ لا توقظه الضيقات الصغيرة، بل ضيقة مُرَّة توقظه.

كما حدث ليونان النبي، الذي لم تكن الأمواج الشديدة كافية لإيقاظه، فاحتاج إلى حوت يبلعه لكي يفيق إلى نفسه. ولو أننا نلاحظ في قصة يونان أن اليقظة التي سببها ابتلاع الحوت له، لم تكن يقظة كاملة أو دائمة. فعلى الرغم من أنه أطاع الرب بعدها وذهب إلى نينوى، إلا أن طبعه عاد فغلبه، واحتاج إلى عمل إلهي آخر‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!

ومن أمثلة الضيقات التي توقظ الضمير أحيانًا:

الأمراض والأحداث:

إن ساعة واحدة مؤلمة من مرض قاس مستعصي، قد توقظ الخاطئ وترده إلى الله، أكثر من ألف عظة، وبخاصة المرض الذي يهدد بالموت، أو المرض الذي يطول ويبدو أن الأطباء قد عجزوا عن علاجه..

في المرض يشعر الإنسان بضعفه، فيلجا إلى الله. وهنا يبدأ التفكير في أن يصطلح مع الله . فيستيقظ من غفوته، ويعود إلى الله مصليًا، طالبًا منه العون والشفاء.

وسواء في ذلك: المرض الذي يصيب الشخص نفسه، أو المرض الذي يصيب واحدًا من أحبائه..

ولعل هذه اليقظة من الأسباب التي لأجلها سمح الله بالأمراض..

إن الخاطئة التي ادَّعَت على القديس مقاريوس أنه أخطأ معها، وأنها حملت منه: هذه لما تعسرت جدًا في الولادة، واشتدت الأوجاع عليها حتى قاربت الوفاة، عرفت أن هذه الضيقة إنما هي ضربة لها من الله، فاستيقظت لنفسها، واعترفت إنها ظلمت ذلك البار، وأخبرت باسم الشاب الذي أخطأ إليها بالحقيقة.

وتوجد حوادث أخرى مماثلة قد سجلها التاريخ..

ولعل الله قد سمح لهذه الخاطئة وأمثالها بآلام الجسد، لكي تخلص الروح في يوم الرب، كما القديس بولس الرسول عن خاطئ كورنثوس (1كو 5: 5).

ولعل من القصص المعروفة في التاريخ: المرض المستعصي الذي أصاب الشماس أوغريس، وفشل كل أنواع العلاج فيه. وأخيرًا قالت له القديسة ميلانيا "إني أرى يا ابني، أن هذا المرض ليس مثل باقي الأمراض. فأخبرني ما هو سببه في حياتك". وهنا صحا أوغريس إلى نفسه وصارَح القديسة بمشكلته الروحية. وقاده هذا المرض ليس فقط إلى اليقظة الروحية، وإنما وصل به أيضًا إلى الرهبنة فصار من آبائها ومرشديها المعروفين. وتحوَّل من أوغريس الذي تتعبه الخطيئة، إلى القديس مارأوغريس البنطي St. Evagrius المرشد الروحي العظيم..

وتدخُل في نطاق الأمراض أيضًا الأوبئة الفتّاكة، التي تهلك بالمئات والآلاف، فيخشى كل فرد منها على حياته، ويشعر أن دوره في الموت ربما يأتي اليوم أوغدًا.. وهكذا يصحو إلى نفسه ويتوب مستعدا لأبديته. ولعل البعض يذكر وباء الكوليرا Cholera الذي أصاب مصر سنة 1948.. حقًا كان في أيامه سبب يقظة لكثيرين.

وما نقوله عن الأمراض، يمكن أن نقوله أيضًا عن بعض الأحداث الأخرى التي يتعرض لها الإنسان، ويحتاج فيها إلى معونة من فوق، كما قال الرب (ادعني في وقت الضيق، أنقذك فتمجدني) (مز 50: 15).

ومن الضيقات التي توقظ الإنسان الخاطي، نوع آخر هو: الفشل والمذلة والشماتة.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/37-Al-Yakaza-Al-Roheya/The-Spiritual-Wake-15-Motives-4-Problems.html

تقصير الرابط:
tak.la/6waa3rg