سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة روحية وعامة
الإجابة:
أولًا.. نحن لا نعترف للكاهن، إنما نعترف لله في وجود الكاهن، ومن فم الكاهن نسمع صوت الله لنا "والآن نحن جميعًا حاضرون أمام الله لنسمع جميع ما أمرك به الله" (أع33:10).
ولو كان الاعتراف على الله فقط، ما قال معلمنا بولس الرسول: "اعترفوا بعضكم على بعض (بشر لبشر) بالزلات" (يع16:5). ثم لماذا نقول هذا في الاعتراف فقط أن أعترف على الله مباشرة؟ هل الله يناولك أو الله يقرن زواجك؟! أم أن كل هذه الأمور تتم في وجود الأب الكاهن الذي يتمم أوامر سيده، والذي من فمه تُطلَب الشريعة، هكذا قال رب الجنود: "اسأل الكهنة عن الشريعة" (حج11:2).
فالكاهن معلم يعلم الشريعة، وهو أيضًا أب نكشف له أسرار النفس ليداويها.. والاعتراف على الكاهن واجب لأنه هو المؤتمَن من قِبَل الله "كخدام المسيح ووكلاء سرائر الله" (1كو9:4). وإن الكاهن يأخذ نعم الله ويقدمها للناس "لأن كل رئيس كهنة مأخوذ من الناس يُقام لأجل الناس في ما لله (أي فيما يتعلق بنِعَم الله وتعاليم الله)" (عب9:5).
ثم أن الاعتراف في وجود الأب الكاهن لا ينفي الاعتراف أولًا لله، ثم بدون الاعتراف على الكاهن، كيف تسمع صوت الحل عن خطاياك؟
ولا تقل إن الكاهن إنسان خاطئ مثلي فلماذا أعترف عليه؟ نعم، هو إنسان خاطئ ولكن عمل الروح القدس في الكاهن لا يتوقف على قداسته الشخصية، بل على استحقاقات المسيح رأسًا، وإن كان ينبغي في سر الاعتراف بالذات أن تحتار مَنْ تستريح له وتثِق فيه.
إن داود الذي قال: "لك وحد أخطأت والشر قدامك صنعت" (مز50)، (ستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا) قال أيضًا "اعترف بخطيئتي ولا أكتم إثمي. قلت أعترف للرب بذنبي وأنت رفعت آثام خطيئتي" (مز32). ولكن يتعذَّر علينا التحدث مع الله مباشرة؛ إذ لما كلَّم الله شعبه قديمًا من على جبل حوريبب ارتعبوا وقالوا لموسى: "كلِّمنا أنت فنسمع ولا يكلمنا الله لئلا نموت" (خر19:20).
والاعتراف على الكاهن ضروري حتى يعين الإنسان على توضيح الخطأ من الصواب، لأنه كثيرًا ما توجد بعض الأمور غير الواضحة وأحيانًا يكون سبب عدم وضوح الخطأ هو الضمير الواسع الذي يستبيح كل شيء أو يستهين بالخطيئة وأحيانًا يكون الضمير مرسومًا يرى الخطيئة في كل شيء. وكما يقول الكتاب: "ويل لِمَنْ هو وحده إن وقع؛ إذ ليس ثانٍ ليُقيمه" (جا10:4).
والاعتراف على الأب الكاهن يريح النفس ولاسيّما عندما نسمع صوت التحليل الممنوح له من الله. وبدون الاعتراف على الكاهن كيف تسمع هذا الصوت للحل عن خطايانا؟ كما سمع داود بعد اعترافه بخطيئته لناثان النبي صوت الحِل منه قائلًا: "الرب أيضًا قد نقل عندك خطيئتك؛ لا تموت" (2صم12).
وفي سفر التثنية (تث 4:26) "وتأتي إلى الكاهن الذي يكون في تلك الأيام وتقول له: أعترف اليوم للرب الملك" (وهذا يُظهِر أن الاعتراف للكاهن هو اعتراف لله).
ولا تقل أنني أخجل من الاعتراف على الكاهن، فأيهما أهوَن أن تتحمل مرارة الخجل فيُردِعك الخجل عن تكرار الخطيئة وصنعها مرة أخرى فتتخلص نفسك باعترافك، أم أن تهرب من مرارة الخجل وتهلك بخطاياك في يوم الدين.. يوم أن تظهر خطاياك مكشوفة ليس للكاهن فقط بل لله والملائكة ولجميع البشر؟! ولكن لو كانت هناك خطيئة تؤرق مضجعك كثيرًا ولا تقدر أن تعترف بها لأبيك، تستطيع الذهاب لأب آخر لا يعرفك وتعترف عنده بهذه الخطيئة، وتعرف علاجها وتأخذ إرشادًا.. ولكن لا يكون هذا الأمر عادة، حيث أنه إذا كنت واثقًا من أنك تعترف على الله، فإنك لن تخجل من أب اعترافك.. ولكن الاعتراف هو -عفوًا- كالقيء! فإنك يجب أن تلفظ كل ما في داخلك من أخطاء لتتنقى منها..
ولقد قال الحكيم يشوع بن سيراخ في سفر حكمته (سي 31،24:4) "وَلاَ تَسْتَحِيِ (أي لا تخجل) فِي أَمَرِ نَفْسِكَ، فَإِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ مَا يَجْلُبُ الْخَطِيئَةَ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مَجْدٌ وَنِعْمَةٌ.. لاَ تَسْتَحِي أَنْ تَعْتَرِفَ بِخَطَايَاكَ، وَلاَ تُغَالِبْ مَجْرَى النَّهْرِ (أي الشعور الجارف بالاعتراف)". وقال سيلمان الملك: "مَنْ يكتم خطاياه لا ينجح، ومَنْ يقرّ بها ويترُكها يُرحَم" (أم13:28).
كتاب سر التوبة والاعتراف – إبراهيم سدراك
كتاب كيف أعترف؟ - القمص فليمون الأنبا بيشوي
كتاب القيم الروحية في سر التوبة – الأنبا غريغوريوس المتنيح
سؤال: سر التوبة و الاعتراف
سؤال: سر الكهنوت
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/6kdsx7n