ترجمة: القمص تادرس يعقوب ملطي
دُعي يسوع إلى وليمة ليأكل خبزًا، وإذ سمعت امرأة خاطئة أنه دُعي في وليمة فرحت. جمعت أفكارها مع بعضهما البعض مثل البحر، وكان حُبها يعج في داخلها كالأمواج. تطلعت فرأت أن (يسوع) بحر النعمة قد جمع نفسه في مكان واحد، فعزمت أن تدخل إليه، وتُلقي بكل شرورها في أمواجه.
(لقد أدركت) إنها ربطت نفسها بقيود الألم بعصيانها، لهذا بدأت تبكي نفسها قائلة:
"ماذا انتفعت من هذا الزنا الذي ارتكبته؟ وماذا أفادني فجوري؟ لقد وصمت الأبرياء بالعار. لقد أهلكت الأيتام. وبوقاحة سلبت أموال التجار، ومع هذا لم أروِ جشعي. إنني كقوس في حرب، كنت أُصيب الصالح مع الطالح. إنني أشبه عاصفة في البحر، أغرقت سُفن كثيرين.
الآن، لماذا لا أربح لي إنسانًا واحدًا قادرًا على إصلاح فجوري، لأنه واحد هو اللَّه (الذي يُصلح الفجار) وكثيرون هم الشياطين".
نطقت المرأة في داخلها ثم بدأت تعمل. اغتسلت ومسحت أصباغ عينيها التي أعمتهما بها، وعندئذ تدفقت الدموع من عينيها.
سحبت سِوار صباها الجذَّاب من مِعصمها وألقت به من يديها.
نزعت ثوب زِناها الكتاني عن جسدها وطرحته، وعزمت أن تكتسي بالثوب الذي هو "ثوب الصلاح".
خلعت حذاء الفجور المزيَّن من قدميها وألقته. ووجهت خطواتها في طريق البُرج السماوي.
ثم أخذت في كفِّها ذهبًا، أمسكت بالذهب، وتطلعت نحو السماء، وبدأت تصرخ في سرِّها إلى ذاك الذي يصغي إليها باهتمام. لقد صرخت قائلة: "أيها الرب هذا ما ربحته من الشر، وها أنا اشتري به خلاصي. هذا ما قد جمعته على مر الأيام، وها أنا أربح به رب الأيتام".
نطقت المرأة سرًا ثم خرجت لتنفذ عملًا. أخذت الذهب في كفها، وحملت الصندوق المرمري في يديها، وبسرعة ذهبت في ندامة إلى بائع الطيب... رآها التاجر فتعجب، وبدأ يسألها. ابتدأ يقول للزانية:
"أما يكفيكِ أيتها الزانية أنكِ قد أفسدتِ كل مدينتنا؟ ماذا يكشف مظهرك هذا الذي تخدعين به أحبائك، إذ خلعتي عنك فجوركِ (وتظاهرتِ) باللباس المحتشم؟ لقد كنت تأتين إليَّ قبلا بمظهر يختلف تمامًا عما أنت عليه اليوم. إذ كنت تكتسين بثوب فاخر وتحضرين معك ذهبًا قليلًا، وتطلبين طيبًا ثمينًا حتى تجعلي به فجورك مُبهجًا. وأما اليوم فإنني أرى ثوبك معتدلًا وأتيت بذهب كثير.
لست أدري كيف أُعلل هذا التغيُّر الذي حدث... فإما أن تلبسي ثوبًا يتناسب مع قدرتك، أو تشتري طيبًا يتناسب مع ثوبك المعتدل. لأن الطيب الذي تطلبينه لا يتناسب مع قيمة ثوبكِ.
ألعله يوجد تاجر يقابلك، تغتني منه الكثير، وأنت تعلمين عنه إنه لا يحب مظهر الفجور، لهذا نزعتي عنك مظهر فجورك حتى تأسرين بطرق متعددة غنى كثيرًا؟ لكن لو كان هذا الرجل يُحب مظهر الاحتشام بسبب طهارته حقًا، فالويل له! في أي شيء ها هو يسقط؟ إنه سيُبتلع في دوامة تجرف بضائعه.
إنني كإنسان يريد لكِ الخير، أُقدم لك نصيحة، وهي أن تطردي عنك كل محبوبيكِ الذين لم يساعدونك منذ صباكِ، واطلبي لك عريسًا واحدًا يُصلح فُجورك".
بحكمة تكلم تاجر الطيب مع المرأة الزانية بهذه الأقوال. وإذ انتهى الرجل من حديثه أجابته المرأة الزانية وقالت:
"لا تعوقني يا إنسان، ولا توقفني بتساؤلاتك. فإنني لم أسألك الطيب مجانًا، إنما سأدفع لك قيمته برضى. خُذ ذهبًا ما شئت وأعطني الطيب الثمين. خذ ما لا يدوم، وهب لي ما يدوم، فإنني سأذهب (به) إلى ذاك الذي يدوم، واشتري له ما يدوم. وكما قلت لي فإنه تاجر غني جدًا سيقابلني، إنه يسلبني، وأنا أيضًا أسلبه. هو يسلبني خطاياي ومعاصي، وأنا أيضًا أسلب غناه.
وكما تكلمت عن الزواج، فإنني قد ربحتُ لي عريسًا في السماء، ذاك الذي سُلطانه يدوم إلى الأبد، وملكوته لا يزول".
ثم أخذت الطيب وانصرفت.
← ترجمة القصة بالإنجليزية هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت: Love And Tears.
انصرفت المرأة بسرعة، وإذ رآها الشيطان ثار غاضبًا، وحزن في داخله حُزنًا عظيمًا. كان فرحًا من جهة، وحزينًا من جهة أخرى. كان فرحًا لأنها تحمل معها الطيب، لكنه كان خائفًا بسبب اكتسائها بثوب مُحتشم. لقد التصق بها، وتتبع خطواتها كلصٍ يتبع تاجرًا. أَنْصَت إلى دمدمة شفتيها وأَصْغى إلى كلماتها. لاحظ عينيها بتدقيق إلى أين كانت تُوجه نظراتها. وإذ انصرفت تحرك مع حركات قدميها ليعرف إلى أين هي متوجهة.
الشيطان المملوء مكرًا يعرف هدفنا عن طريق كلماتنا. وهكذا إذ رأى عجزه عن أن يُغير فكرها، ظهر لها في شكل رجل، ومعه مجموعة من الشبان الصغار يُشبهون أحبابها القدامى، وعندئذ بدأ يوجه إليها الحديث قائلًا:
"أستحلفك بحياتك أن تُخبريني أيتها المرأة إلى أين أنت تتوجهين؟ لأنكِ على غير عادتك تُسرعين. اخبريني ماذا تُعني وداعتك هذه، لأن نفسكِ منكسرة (في الأصل "وديعة") كنفس الأَمَة؟ هوذا بدلًا من ثياب الكتان الفاخرة، تكتسين بثوبٍ حقير. وبدلًا من أساور الذهب والفضة لا يوجد حتى خاتم واحد في إصبعك. لا تلبسين حتى حذاءًا عاديًا بدلًا من الصنادل الفاخرة. اكشفي لي عن نيتكِ، فإنني لا أفهم معنى تغيرك. هل مات لكِ أحد أحبابكِ، وأنت ذاهبة لكي تُكفِّنينَه؟ فإنني أذهب معكِ إلى القبر وأُشارككِ حزنكِ".
أجابت المرأة الخاطئة وقالت للشيطان: "حسنًا قُلت إنني أذهب لكي أدفن الميت. فإنه قد مات لي واحد، هو خطية أفكاري. وها أنا أذهب لأدفنه".
أجاب الشيطان وقال: "انصرفي أيتها المرأة (عما أنت قادمة عليه) فإنني أول أحبابك. وأنا لست مثلكِ، فإنني لا أضع يديّ عليك، بل أقدم لك ذهبًا أكثر من قبل".
أجابت المرأة الخاطئة وقالت: "إنني غاضبة يا هذا. فإنك لستَ بمحبٍ لي. إنني اقتني لي زوجًا في السماء، الذي هو اللَّه، الذي هو فوق الكل، سلطانه يبقى إلى الأبد وملكوته لا يزول. إنني هوذا أقول في حضرتك، بل وأعود فأكرر ولا أكذب، إنني كنت عبدة للشيطان منذ طفولتي إلى اليوم. وكان يطأ بأقدامه علىّ، وأنا بدوري أهلكت كثيرين. أصباغ العيون أعمت عيني. لقد كنت عمياء، ولم أكن أعرف أن هناك واحد هو الذي يقدر أن يهب النور للعميان. وها أنا أذهب لأنال نورًا لعينيّ، وبهذا النور أضيء لكثيرين. لقد كنت من قبل مُقيدة برُبط وثيقة، ولم أكن أعرف إنه يوجد واحد يُحطم الأوثان. وها أنا أذهب إليه ليُبيد أوثاني، وأنزع غباوة الكثيرين. لقد كنت مجروحة ولم أعرف أن هناك واحد هو الذي يقدر أن يُضمد جراحاتي. وها أنا أذهب إليه لكي يُضمدها".
تكلَّمت المرأة الزانية بهذه الأمور بحكمة مع الشيطان. فتنهد وحزن ثم بكى. صرخ صرخة مدوّية وقال: "لقد انهزمت منك يا امرأة، ولستُ أدري ماذا أفعل؟"
ما أن أدرك الشيطان عجزه عن تغيير ذهنها، حتى بدأ ينتحب نفسه قائلًا:
"هوذا منذ الآن تشامخي يَهلك، وكبرياء كل أيامي يَبيد. كيف أُلقي الشِبَاك لتلك التي ارتفعت إلى الأعالي؟ كيف أُصوِّب ضدَّها السهام هذه التي حُصونها لا تهتز؟ لذلك فإنني أذهب إلى حضرة يسوع... هوذا قد أوشكت أن تمثُلَ في حضرته.
لأذهب وأقول له: هذه المرأة زانية، لعلَّه يحتقرها ولا يقبلها. لأقول له: هذه المرأة التي جاءت إلى حضرتك هي زانية. لقد أسرت رجالًا بفجورها، وأفسدت الشبان. ولكن أنت أيها الرب بار والكل يحتشد لكي يراك. فإن رأتك البشرية تتحدث مع زانية، يهربون من حضرتك، ولا يُسلم عليك أحد.
ولكن كيف أدخل في حضرة يسوع، هذا الذي يعرف كل المكنونات الخفية؟ إنه يعلم من أنا؟ إنه يعرف إنني لا أقوم بعمل ما بقصدٍ حسن. فربما ينتهرني فأهلك وتفسد كل حِيَلي. إنني أذهب إلى سمعان، لأن سمعان لا يُدرك الخفيات. وأضع في قلبه هذا الأمر، فربما اصطاده بهذه الصنارة. وهكذا أقول له: "استحلفك بحياتك يا سمعان أن تُخبرني عن ذلك الرجل الذي استضفته في بيتك: هل هو بار أم صديق للأشرار؟ فإنني إنسان غني ولي ممتلكات كثيرة، وأرغب أن أستضيفه مثلك حتى يبارك ممتلكاتي"...
أجاب سمعان قائلًا: "منذ رأيته لم أرَ فيه دنسًا، بل بالأحرى أرى فيه هدوءًا وسلامًا وخيرًا. الضعفاء شفاهم بغير مكافأة، والمرضى بغير أجر. في البرية رأى الجياع يخورون جوعًا، فأجلسهم على العشب وأشبعهم برحمته. الأرملة التي ليس لها أحد، تبعت ابنها [الوحيد] لتدفنه في القبر، فعزَّاها، وردَّه إليها. وأبهج قلبها. وهب البُكم والعُمي بصوته شفاء. البُرص شفاهم بكلمته. الأعمى الحزين المتضايق فتح عينيه ليُعاين النور. أما من جهتي أنا فإنني قد سمعت عن شهرة هذا الرجل من بعيد فدعوته لكي يبارك ممتلكاتي ولطعاني ومواشي".
بعد ما نطق سمعان بهذا الكلام، أجابه الشيطان: "لا تُمجد إنسانًا منذ البداية، لكن انتظر حتى النهاية. فالرجل تبدو عليه سمات الوقار ههنا، ونفسه لا تُسر بالخمر. فإن ترك بيتك دون أن يتحدث مع زانية فهو إذًا بار وليس بصديق لأناس يرتكبون الشر".
بمكر نطق الشيطان بهذا مع سمعان، ثم اقترب، لكنه وقف بعيدًا ليرى ماذا يحدث؟
وقفت المرأة المملوءة معاصيًا ملتصقة بالباب. لقد ضمَّت يديها للصلاة، وهكذا توسَّلت [سرًا]:
"مبارك أيها الابن الذي نزل إلى الأرض من أجل خلاص الإنسان. لا تُغلق الباب في وجهي، فأنت دعوتني وها أنا قد أتيت. إنني أعرف أنك لا تحتقرني. افتح لي باب رحمتك، لكي أدخل يا ربي، وأجد لي فيك ملجأ من ذاك الشرير [الشيطان] وجنوده. لقد كنت كعُصفور والصقر يلاحقني. لقد هربت والتجأت إلى عُشك. لقد كنت كبقرة، والنير هيَّجني. ها أنا أرتد إليك من ضلالي، فضع على كتفي نيرك الذي أحمله".
هذا ما نطقَت به المرأة الزانية عند الباب وهي تبكي بدموع غزيرة.
تطلَّع رب البيت فرآها، وللحال تغيَّر لون وجهه، وبدأ يوجه حديثه للزانية قائلًا: "أُخرُجي من هنا يا زانية، فإن الذي دخل ها هنا هو بار، وأتباعه هم بلا لوم. أما يكفيكِ يا زانية أنكِ قد أفسدتِ المدينة كلها؟ لقد أفسدتِ الطاهرين بغير خجل. لقد سلبت الأيتام بغير حياء. لقد نهبت ربح التُجار وملامح وجهك لم تخز. إن شِباكك لن تُفسد هذا الرجل، لأنه بالحق هو بار، وأصحابه بلا لوم".
إذ انتهى سمعان من حديثه، أجابته المرأة الخاطئة وقالت له: "بالتأكيد أنت هو حارس الباب لكنك لا تعرف الأسرار الخفية. إنني سأعرض أمري في الوليمة، وأنت سوف لا يكون عليك لوم [إذ تتركني أدخل]، لأن إن كان أحد يرغب في دخولي، فسيأمرني بالدخول، فأدخل".
أسرع سمعان وأغلق الباب [في وجهها] وابتعد. وتأخر كثيرًا دون أن يعرض أمرها في الوليمة. وأما هو [السيد المسيح] العارف بالأسرار، فإنه أومأ إلى سمعان وقال له: "تعال يا سمعان. إنني آمرك، هل يوجد على الباب أحد؟ أيا كان هذا الإنسان افتح له لكي يدخل ليأخذ ما يحتاج إليه وينصرف. فإن كان جائعًا ومحتاجًا إلى طعام، فها هوذا في بيتك يوجد مائدة الحياة. وإن كان ظمآنًا ومحتاجًا إلى ماء، فها هنا في مسكنك يوجد الينبوع المبارك. وإن كان مريضًا ويطلب الشفاء، ففي منزلك الطبيب العظيم. دع الخُطاة يتطلعون إليّ، فإنني من أجلهم قد نزلت، وإنني أصعد إلى السماء، حاملًا على كتفي القُطعان التي ضلت من بيت أبي، وارتفع بها إلى السماء".
اقترب سمعان وفتح الباب قائلًا: "ادخلي واصنعي ما شئت لذاك الذي هو مثلك".
دخلت المرأة الخاطئة المملوءة عِصيانًا. عبرت ثم وقفت عند قدميه. ضمت يديها مصلية [سرًا] قائلة:
"عيناي قد صارتا ينابيع دموع، لا تكف عن أن تُروي الحقول، وها هي اليوم تغسل قدمي ذاك الذي يبحث عن الخطاة. هذا الشعر غزير منذ طفولتي حتى اليوم، ليته لا يحزنك أن أمسح به جسدك الطاهر. الفم الذي قبَّل الفُجار، لا تمنعه عن أن يُقبِّل الجسد الذي يغفر المعاصي والفُجور."
بهذا تكلَّمت المرأة الخاطئة مع يسوع ببكاءٍ كثيرٍ. أما سمعان فوقف من بعيد يترقب ماذا يفعل الرب معها *.
تركزت أنظار سمعان على المرأة يرقب كل حركة من حركاتها، وإذا به يسمح لأفكاره قائلًا في نفسه:
"ما هذا؟ امرأة زانية تدخل بيتي! بيتي أنا الفريسي الطاهر الذي لم يتجنس قط! آه لو علِمت هذا ما كنت قد دعوتك يا يسوع! لقد خدعتني يا يسوع! هل هذا معلِّم، ويترك الزانية تغسل رجليه بدموعها دون أن يطردها؟ هل هذا نبي، ويترك النجسة تمسك بيديها الدنستين رجليه لتمسحهما بشعر رأسها؟ لقد صدَّق ذاك الذي نصحني إنه ما كان لي أن أحكم عليه من السماع أو من بداية أمره.
إنه ليس نبي! إنه صديق للزناة والخطاة! إنه ليس بار كما ظننته. لو كان هذا نبيًا لعلم من هذه المرأة التي لمسته إنها خاطئة".
وإذ هو غارق في أفكاره إذ بيسوع -عارف الأسرار- يومئ إليه قائلًا بلطف: "يا سمعان عندي شيء أقوله لك".
خجل سمعان، إذ بينما هو يُجدف على المعلِّم، إذ بالمعلِّم يُحدثه في لُطف ورقة، يُحدثه كصديق يستشيره في أمر خاص. عندئذ بدء يُفكر،قائلًا في نفسه:
"من يكون هذا؟ أنا حكمت عليه ليس بنبي، وأمَّا هو فيريد أن يستشيرني في أمر ما. وبلطف زائد يُحدثني حديث الصديق مع صديقه. يا سمعان عندي شيء أقوله لك. إنه بالحق مُعلِّم".
عندئذ أجاب سمعان في خجل من نفسه: "قل يا معلِّم".
قال له يسوع: "كان لدائن مدينين. على الواحد خُمسمائة دينار وعلى الآخر خمسون. وإذ لم يكن لهما ما يوفيانه سامحهما كليهما، فقل أيهما يكون أكثر حُبًا له؟"
أجاب سمعان للحال قائلًا: "أظن الذي سامحه بالأكثر".
فقال له يسوع "بالصواب حكمت".
عندئذ تطلع يسوع إلى المرأة وتحدث مع سمعان معاتبًا إياه، لأن ما كان يلزم أن يصنعه ولم يفعله قامت به تلك التي كانت زانية وممقوتة. "أنظر هذه المرأة. إنني دخلت بيتك وماء لرجلي لم تُعط ها أنت يا سمعان قد أحجمت حتى عن واجب الضيافة العادي. وأما هي فقد غسلت رجلي بالدموع. أُنظر أيّ ثمن تستحقه؟ بزيت لم تدهن رأسي، تأمل علامة إهمالك. وأما هيَ فقد دهنت بالطيب رجلي، تأمل علامة غيرتها. قُبلة لم تُقبلني، تأمل شهادة عداوتك. وأمَّا هيَ فلم تكُف عن تقبيل رجليَ، تأمل علامة حبها. من أجل ذلك أقول لك قد غفرت خطاياها الكثيرة، لأنها أحبت كثيرًا. والذي يُغفر له قليل يُحب قليلًا".
ثم التفت يسوع إلى المرأة وقال لها: "مغفورة لك خطاياك".
عندئذ أحنى سمعان رأسه وبدأ يُفكر في نفسه قائلًا:
"مغفورة لكِ خطاياك... مغفورة لكِ خطاياك... من يغفر الخطايا إلا اللَّه وحده.
آه. لقد حسبته نبيًا فدعوته ليُبارك بيتي، ولغباوتي حكمت عليه أنه ليس بنبي لأنه غير عارف أمر المرأة.
والآن من يكون هذا؟.
إنه يعرف المرأة تمامًا... يعرف إنها خاطئة جدًا، ولكنها تُحب كثيرًا.
لقد تعجَّلتُ وتسرَّعتُ وحكمتُ عليه إنه لا يعرف أمرها. وها هو يعلم أفكاري الخفية.
ظننته لم يعرف خطاياها، وحكمت عليه أنه ليس نبي، مع أن الأنبياء لا يعرفون كل الأمور، بل ما يُكشف لهم.
تسرَّعت في الحكم عليه، وهو استشارني بلطف.
جدَّفت عليه في داخلي، وها هو يُعلن ذاته لي.
إنه المُحب...
ساتر الخطايا...
عارف أفكاري وأسراري...
غافر الخطايا...
هو هو رب الأنبياء بعينه..."
_____
* الحديث التالي كله من وضع المترجم مستعينًا بأقوال الكتاب المقدس [لو7] وبعض عبارات مارافرآم الواردة في مقالة عن "ربنا Our Lord".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/vh67cbx