وتتوالى النبوات في سفر أشعياء وفى بقية أسفار أنبياء العهد القديم عن هذا المسيح الآتي الذي سيملك على جميع الشعوب بالحق والبر ويدعونه بالذي تطلبه الأمم والمشرع لجميع الشعوب وغصن البر والرب برنا والراعي الواحد، الراعي الصالح :
"ويخرج قضيب من جزع يسى وينبت غصن من أصوله ... ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسى (والد داود) القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ومحله يكون مجدًا" (أشعياء 1:11، 10).
"وأقطع لكم عهدًا أبديًا مراحم داود الصادقة هوذا قد جعلته شارعًا للشعوب رئيسًا وموصيًا للشعوب" (أشعياء 3:55، 4).
"ها أيام تأتى يقول الرب وأقيم لداود غصن بر فيملك ملك وينجح ويجرى حقًا وعدلًا في الأرض في أيامه يخلص يهوذا ويسكن إسرائيل آمنًا وهوذا أسمه الذي يدعونه به الرب برنا" (أرمياء 5:23، 6).
"ها أيام تأتى يقول الرب وأقيم الكلمة الصالحة التي تكلمت بها إلى بيت إسرائيل وإلى بيت يهوذا. في تلك الأيام وفى ذلك الزمان أنبت لداود غصن البر فيجرى عدلًا وبرًا في الأرض في تلك الأيام يخلص يهوذا وتسكن أورشليم آمنة وهذا ما تتسمى به الرب برنا" (أرمياء 14:33-16).
"وأقيم عليها راعيًا واحدًا فيرعاها عبدي داود هو يرعاها وهو يكون لها راعيًا. وأنا الرب أكون لهم إلهًا وعبدي داود رئيسًا في وسطهم" (حزقيال 23:24، 24).
"وداود عبدي يكون ملكًا عليهم ويكون لجميعهم راع واحد فيسلكون في أحكامي ويحفظون فرائضي ويعملون بها ... وعبدي داود رئيس عليهم إلى الأبد" (حزقيال 24:37، 25).
وقد تنبأ ميخا النبي أنه سيولد في بيت لحم على الرغم من أنه الأزلي الموجود قبل كل وجود: "أما أنت يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطًا على إسرائيل وخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" (ميخا 2:5).
وتنبأ جميع الأنبياء أن هذا المسيح الآتي، النسل الموعود، لن يأتي كملك جبار بل كراع حنون يرعى قطيعه، شعبه، إلى مياه حية، إلى الحياة الأبدية :
"كراع يرعى قطيعه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). بذراعه يجمع الحملان وفى حضنه يحملها ويقود المرضعات" (أشعياء 11:40).
"لا يجوعون ولا يعطشون ولا يضربهم حر ولا شمس لأن الذي يرحمهم يهديهم وإلى ينابيع المياه يوردهم" (أشعياء 10:49).
وقد تمت جميع النبوات حرفيًا في السيد المسيح الذي تنبأت النبوءات إنه لابد سيأتي. قالت المرأة السامرية للسيد المسيح: "أنا أعلم أن مسيا الذي يقال له المسيح يأتي. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء. قال لها يسوع أنا الذي أكلمك هو" (121)، ولما تبع أندرواس السيد المسيح بناء على شهادة يوحنا المعمدان عنه قال لبطرس أخاه "قد وجدنا مسيا. الذي تفسيره المسيح" (122). وعندما سأل رئيس الكهنة السيد المسيح عند محاكمته "هل أنت المسيح ابن الله؟ قال له يسوع أنت قلت. وأيضًا أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة وآتيًا على سحاب السماء" (123). وهو بذلك يشير إلى ما سبق أن تنبأ به دانيال النبي قائلًا بالروح: "كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحاب السماء مثل ابن إنسان آتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطى سلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدى ما لن يزول وملكوته مال ينقرض" (124).
ولما بشر الملاك جبرائيل العذراء مريم بأنها ستحيل وتلد المسيح "الآتي" إلى العالم قال لها: "وها أنت ستحبلين وتلدين أبنًا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيمًا وابن العلى يُدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية... الروح القدس يحل عليك وقوة أعلى تظللك فلذلك أيضًا القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (125).
ولما أرسل يوحنا المعمدان أثنين من تلاميذه إلى السيد المسيح ليسألاه السؤال الذي انتظرت الإجابة عليه أجيالًا كثيرة: "أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟" قال لهما "أذهبا وأخيرًا يوحنا بما تسمعان وتنظران. العمى يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يبشرون. وطوبى لمن لا يعثر فيَّ" (126). وهو بهذا يشير إلى ما سبق أن تنبأ به عنه إشعياء النبي "حينئذ تنفتح عيون العمى وآذان الصم تنفتح. حينئذ يقفز الأعرج كالآيل ويترنم لسان الآخرين" (127)، "وأجعلك عهدًا للشعب ونورًا للأمم لتفتح عيون العمى لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة" (128).
وفى مجمع الناصرة أعلن أمام الجموع إنه هو "الآتي" الذي تنبأ عنه الأنبياء مستشهدًا بما جاء عنه في سفر إشعياء النبي: "ودخل إلى المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ. فدفع إليه بسفر إشعياء النبي. ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبًا فيه روح الرب على لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفى المنكسري القلوب لأنادى للمأسورين بالإطلاق وللعمى بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية وأكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه إلى الخادم وجلس... فابتدأ يقول لهم أنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم" (129).
وعندما أراد السيد المسيح أن يعلن عن هذه الحقيقة لتلاميذه سألهم قائلًا: "من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان؟ قالوا قوم يوحنا المعمدان. وآخرون إيليا. وآخرون إرميا أو واحد من الأنبياء. قال لهم وأنتم من تقولون أنى أنا؟ فأجاب بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن الله الحي. فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا. لن لحمًا ودمًا لم يعلن لك لكن أبى الذي في السموات" (130). وفى مناسبة أخرى كرر القديس بطرس إعلان هذه الحقيقة قائلًا: "ونحن أمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي" (131). وقالت له مرثا أخت لعاذر "أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم" (132).
وفى وقت ميلاد المسيح بالجسد من مريم العذراء كان اليهود في حالة انتظار وترقب لاقتراب مجيئه، وذلك بناء على معرفتهم بالنبوات التي تنبأت عنه ودراستهم لها، فقد ظهرت علامات مجيئه بانقطاع الحكم من سبط يهوذا وذلك باستيلاء هيرودس الكبير وأولاده الذين ولد السيد المسيح وصلب في عهدهم، على الحكم تحقيقًا لنبوءة يعقوب لابنه يهوذا "لا يزال قضيب (الحكم) من يهوذا أو مشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون (الذي له الحكم والسيادة)" (133)، وكذلك أيضًا تحقيقًا لنبوءة دانيال النبي الذي تنبأ أن المسيح الآتي والذي وصفه ب "المسيح الرئيس" سيأتي ويقطع (أي يصلب) بعد مرور 490 سنة على صدور الأمر لتجديد أورشليم وبنائها" (134)، وكان الأمر قد صدر بذلك سنة 454ق.م" (135) وبناء على ذلك كان اليهود وقت ميلاده يعلمون أنهم يعيشون في الوقت المحدد لميلاده. وبالإضافة إلى ما جاء في النبوات فقد امتلأت كتب اليهود فيما بين ملاخي النبي حوالي 430 ق.م. وآخر أنبياء اليهود قبل يوحنا المعمدان وبين السيد المسيح، وهى الفترة المسماة بفترة ما بين العهدين، بالكثير من التقاليد والأقوال التفسيرية وأدب الرؤى عن هذا المسيح الآتي" (136). بل وكان بعض شيوخ اليهود المعاصرين لتلك الفترة قد صار لهم الوعد من الله إنهم أن يموتوا قبل أن يروا "مسيح الرب" الآتي إلى العالم، ومن هؤلاء سمعان الشيخ الذي -كما يقول الكتاب- "كان بارًا تقيًا ينتظر تعزية إسرائيل والروح القدس كان عليه. وكان قد أوحى إليه بالروح القدس أنه لن يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب" (137). ولما دخل الطفل يسوع في اليوم الثامن لميلاده إلى الهيكل مع يوسف ومريم العذراء ليختن حسب الناموس، ذهب سمعان بالروح إلى الهيكل وحمل الطفل على ذراعيه "وبارك الله وقال: الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب نور إعلان للأمم ومجدًا لشعبك إسرائيل" (138). وكان هناك في نفس الوقت "حنة بنت فنوئيل" التي كانت عابدة في الهيكل منذ حوالي أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل، هذه العابدة عندما رأت الطفل الإلهي، الآتي إلى العالم، "في تلك الساعة وقفت تسبح الله وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم" (139).
وقد ظن الشعب عندما ظهر يوحنا المعمدان أنه قد يكون المسيح المنتظر "وإذا كان الشعب ينتظرون ويفكرون في قلوبهم عن يوحنا لعله المسيح" (140) وقد أجابهم يوحنا بقوله "أنا أعمدكم بماء للتوبة" (141) ولكن يأتي من هو أقوى منى الذي لست أهلًا أن أحل سيور حذائه" (142). وفى اليوم التالي جاء السيد المسيح إلى يوحنا فأشار إليه قائلًا "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم. هذا الذي قلت عنه يأتي بعدى رجل قد صار قدامى لأنه كان قبلي... وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله" (143).
وكان الرب يسوع المسيح يبرهن على صحة رسالته، في مواقف كثيرة بما سبق أن تنبأ به عنه جميع الأنبياء؛ ومن بين أقواله في ذلك:
"لأنكم لو كنتم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية. وهى التي تشهد لي" (144)،
"لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى في ناموس موسى والأنبياء والمزامير" (146)،
"ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب" (147).
وكان تلاميذه ورسله عندما يبدأون كرازتهم لليهود، خاصة في المجامع يوم السبت، ويدعونها للإيمان به بالروح القدس، يبدأون بإعلان ما سبق وتنبأ به عنه جميع الأنبياء ويفسرونه لهم؛ يقول يكون. إن يؤلم المسيح يكن هو أول قيامة الأموات مزمعًا أن ينادى بنور للشمس وللأمم" (148). عندما دونت الأناجيل أشار مدونيها بالروح لكثير من هذه النبوات وطبقوها على حياته وأعماله وأقواله، كانت أشهر عباراتهم التي استخدموها في ذلك؟ "لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل (149)"، "لكي يتم ما قيل بالأنبياء (150)"، "لكي يتم ما قيل بأشعياء النبي (151)"، "لأنه مكتوب بالنبي (152)"، "حينئذ تم ما قيل بإرمياء النبي القائل (153)"، "لكي يتم الكتاب (154)".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/zhn9qgz