كان الزمن في الأيام الأولى يحدد بشروق الشمس وغروبها, أو بالنسبة لمواقع القمر وبعض النجوم. وأول إشارة كتابية إلى الوقت في الكتاب المقدس جاءت في سفر التكوين (تك 1: 5) عندما فصل الله بين النور والظلمة وخلق الشمس لحكم النهار والقمر والنجوم لحكم الليل (تك 1: 14، 16).
وكانت هذه الأنوار كما قال الله لآيات ولأوقات ولأيام وسنين. فصارت أساس التفكير المتطور بخصوص الوقت وتنظيمه.
وعندما بدأ الإنسان يزرع ويفلح الأرض ازداد إدراكه لقيمة الوقت وبدأ ترتيب الوقت بالنسبة للزراعة وتقويم جازر في القرن العاشر ق.م. يسجل شيئًا من هذا الإدراك على قطعة من الحجر المرمري الأملس. والكتاب يذكر هذه الأوقات في (تك 8: 22؛ خر 34: 21؛ لا 26: 5؛ مز 74: 17؛ زك 14: 8؛ 2 صم 21: 9). وقد ربط اليهود تاريخهم بالأحداث الكبيرة مثل الخروج من مصر (خر 12: 40) أو السبي البابلي (حز 33: 21؛ 40: 1) أو بناء الهيكل (1 مل 6: 1) أو الزلزلة (عا 1: 1؛ زك 14: 5) أو بالنسبة إلى سني حكم الملوك (2 ملو 3: 1؛ وغيره).
وهكذا لم يفت اليهود أن يلاحظوا تغييرات الطقس والأزمنة. وكانت الساعة أصغر أقسام الوقت عندهم. ويظهر أنهم كانوا يقيسونها بواسطة آلة شمسية سميت درجات (2 مل 20: 11). وكان يومهم الديني يبدأ بغروب الشمس أما النهار الطبيعي فيبدأ بشروقها. ثم قسموا الليل إلى ثلاثة أقسام سُمّي كل منها هزيعًا. وقد ذكر منها الهزيع الأوسط (قض 7: 19) وهزيع الصبح (السَّحَر) (خر 14: 24؛ 1 صم 11: 11).
ويظهر الترتيب الروماني الليل في العهد الجديد. فنراه منقسمًا إلى أربع هزع (مر 13: 35). هزيع المساء, ونصف الليل, وصياح الديك, والصباح. وكان اليوم منقسمًا إلى 24 ساعة في كل منها 60 دقيقة وفي كل دقيقة 60 ثانية. وقد نقلوا هذا عن السومريين. وقد أطلق الكلدانيون أسماء على الأيام ترتبط بالشمس وبالقمر وبالنجوم, كما حدد الفلكي نبوريمانو أيام السنة بـ365 يومًا وست ساعات و15 دقيقة و41 ثانية. وهذا قريب للغاية من طول السنة الحقيقي إذ أنه يزيد على طولها الحقيقي ست وعشرين دقيقة وخمس وخمسين ثانية.
أما الأسبوع العبراني فكان سبعة أيام تنتهي بالسبت وقد قسم المصريين القدماء شهرهم وهو 30 يومًا إلى ثلاثة أقسام في كل منها عشرة أيام. وكان البابليون يحرمون القيام ببعض الأعمال في اليوم السابع. ويلاحظ أن العبرانيين بنوا فكرة الأسبوع وتوقيت الزمن على ترتيب الله في الخليقة (تك 1؛ 2). ولم تكن لديهم أسماء للأيام فقد أعطوها أرقامًا إلاّ أنهم ميزوها بسبب القراءات الكتابية اليومية.
أما الشهر العبراني فقد كانت شهرًا قمريًا, كان أول يوم فيه يسمى الهلال وكان عيدًا. وفي أسفار موسى الخمسة ويشوع والقضاة وراعوث لم يُذْكَر سوى شهر واحد باسمه وهو أبيب. ثم عدّت الشهور حسب ترتيبها فقيل الشهر الثاني والثالث إلخ ... وفي سفر الملوك الأول تُذكر أسماء ثلاثة من الأشهر هي زيو (الثاني) (1 مل 6: 1) وإيثانيم (السابع) (1 مل 8: 2) وبول (الثامن) (1 مل 6: 38). ولم يذكر غير هذه من أسماء الشهور في أسفار ما قبل السبي.
والشهور العبرية هي: أبيب (نيسان) وزيو وسيوان وتموز وآب وأيلول وإيثانيم (تشري) وبول وكسلو وطيبيت وشباط وآذار. وآذار (وهو الشهر الثالث عشر المضاف).
أما السنة العبرية فكانت تتألف من اثنتي عشر شهرًا قمريًا ابتداؤها أول نيسان. ثم كانوا يضيفون إليها شهرًا يكون بمثابة الشهر الثالث عشر وذلك عندما ينتهي الشهر الثاني عشر قبل اعتدال الليل والنهار مما يمنع تقديم باكورات غلة الشعير في منتصف الشهر التالي, وكذلك تقديم بقية التقدمات في أوانها. وكانت السنة قبل السبي تبدأ في الخريف ثم صارت بعد السبي تبدأ في الربيع.
وقد استخدم اليهود السنة الشمسية بعد السبي مع احتفاظهم بالسنة القمرية لأجل الحياة الدينية. وكانت أيام شهورها 29 يومًا ونصف يوم. ثم حاولوا أن يوفقوا بين السنة الشمسية والقمرية بإضافة شهر قمري إلى السنة أسموه آذار الثاني وذلك سبع مرات في خلال دورة تسعة عشر عامًا (Metonic Cycle) وذلك في السنة الثالثة والسادسة والثامنة والحادية عشرة والرابعة عشرة والسابعة عشرة والتاسعة عشرة. وقد نقل اليهود هذا النظام عن البابليين.
وكان لليهود المتأخرين مبتدآن للسنة, فقد كان الشهر السابع المدني هو الشهر الأول للسنة المقدسة. كما ابتدأت السنون السابعة واليوبيليَّة في الشهر السابع وَيُرَجَّح أن ذلك كان مرتبًا لأسباب زراعية.
وأما أعيادهم وأيامهم المقدسة فكانت قليلة في الأزمنة الأولى, وانحصرت في السبوت والأهلة, ثم في أربعة أعياد كبيرة وصوم واحد. والأعياد هي عيد الفصح وعيد الأسابيع وعيد الأبواق وعيد المظال. أما الصوم فكان صوم يوم الكفارة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). إلا أنه بعد السبي أضيفت أعياد وأصوام كثيرة منها: عيد الفوريم وعيد التدشين وصيام وهذه جعلت الشعب يفكرون في مصائبهم وقت السبي. أما السنة السابعة فكانت سنة راحة تبتدئ سنة اليوبيل يوم الفصح في نهاية 49 سنة وكانت شبيهة بالسنة السابعة إلا أنها كانت أكثر أهمية منها.
وقد كان اليهود يعدون السنين لملوكهم من وقت نهايتها وليس من تاريخ بداية الملك وتبوء العرش . ويمكننا تمييز حِقَّب الوقت اليهودي على وجه تقريبي فإذا هي سبع حِقَّب:
(1) من الخليقة إلى ارتحال أبرام من حاران, ويصعب تحقيق هذه الفترة لأنها كانت في عصور سحيقة ولأننا لا نعرف على وجه التحقيق الطريقة التي اتبعت في حساب تلك الأزمنة ولا نعرف أيضًا إذا كان الوحي قد ذكر كل الأسماء بالتسلسل أم ذكر أسماء الأشخاص البارزين فقط التي عندنا أولًا من آدم إلى نوح وأولاده (تك 5: 3 - 32), ثم من سام إلى أبرام (تك 11: 10 - 26).
(2) من ارتحال أبرام من حاران إلى الخروج, ويظن بعضهم أنها 430 سنة (غل 3: 17).
وقال آخرون بأنها 645 سنة (خر 12: 40) بحسب النص العبري.
(3) من الخروج إلى تأسيس هيكل سليمان وقد اعتبرت هذه الحقبة اثنتي عشرة فترة تبلغ كل واحدة منها أربعون سنة, فتكون كلها 480 سنة (1 مل 6: 1). وأول أجزاء هذه الحقبة الفترة في البرية (خر 16: 35، 13؛ عد: 33), كما استغرق عصر القضاة ست فترات أو ثمانية (قض 3: 11، 30؛ 5: 31؛ 8: 28؛ 13: 1؛ 10: 1 - 3؛ 12: 7 - 14), ثم عهد كهانة عالي (1 صم 4: 18), ثم عهد ملك شاول (أع 13: 21), وأخيرًا عهد ملك داود (1 مل 2: 11).
ولا ينبغي أن يفوتنا أن ندرك أن أجزاء هذه الحقبة لم تكن كلها متساوية تمامًا لأن الأربعين سنة في كل منها كانت تتفاوت طولًا وقصرًا, كما أن الاختلاف في تحديد وقت هذه الحقبة راجع إلى الاختلاف في طريقة حسابها وحدودها.
(4) من تأسيس هيكل سليمان إلى خرابه, وتاريخ هذه الحقبة أكثر دقة ويقينًا بالنسبة لشهادة الآثار وشهادة تاريخ الأمم للتاريخ المقدس في حدود 1000 سنة ق.م. وطول هذه المدة يبلغ 425 سنة منها 37 للمملكة قبل انقسامها, وقد كانت مدة مملكة يهوذا 388 سنة تقريبًا, أما مدة مملكة إسرائيل فكانت 255 سنة تقريبًا.
(5) من خراب هيكل سليمان إلى الرجوع من السبي (سبي بابل) وهي سبعون سنة كما قالت النبوة, ويصعب تحديدها, فيظن أنها مدة سبعين سنة التي تسلطت فيها بابل على فلسطين والمشرق (ار 25) لاتفاقها مع أول سنة لنبوخذناصر (ار 25: 1؛ 46: 2) وانتهاؤها بسقوط بابل وإشهار كورش الأمر بعودة المسببين في السنة الأولى لملكه (ار 29: 10).
(6) من الرجوع من السبي إلى مجيء المسيح، وتقدر هذه المدة بحوالي 530 سنة. وفي هذه الحقبة أعيد بناء الهيكل ثم أتى إلى حكم الإغريق والبطالسة على فلسطين وظهر في الأفق نجم المكابيين من سنة 166 ق.م. حتى سنة 37 ق.م. عندما جلس هيرودس على العرش وأعاد بناء الهيكل. وبدأ عهد الرومان في فلسطين بعد أن استولى القائد بمباي على أورشليم في سنة 63 ق.م.
(7) من ميلاد المسيح إلى خراب الهيكل، وتقدر ب 74 سنة.
وهاك تواريخ بعض الحوادث الهامة التي وردت في الكتاب المقدس والتي يكاد الباحثون يجمعون على أنها حدثت في هذه التواريخ على وجه التقريب:
بناء هيكل سليمان 967 ق.م.
انقسام المملكة931 ق.م.
سقوط السامرة722 أو 721 ق.م.
رجوع بعض اليهود إلى أورشليم 538 ق.م.
أتمام بناء لهيكل زربابل515 ق.م.
تكريس الهيكل على يد يهوذا المكابي165 ق.م.
الصليب والقيامة حوالي30 ميلادية.
اهتداء شاول الطرسوسي (بولس الرسول) حوالي 35 ميلادية.
استشهاد بولس حوالي 67 أو 68 ميلادية.
* انظر أيضًا: هجعة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ra748gz