← اللغة الإنجليزية: Sumer - اللغة العبرية: שומר - اللغة اليونانية: Σουμέριοι - اللغة الأمهرية: ሱመር.
السومريون هم أقدم أمة معروفة سكنت في بلاد بين النهرين. وكان سومر تشغل الجزء الجنوبي من بلاد بابل، أي الجزء الجنوبي من العراق الحالية. أما مملكة "أكد" التي أعقبتها، فكانت تقع إلى الشمال الغربي. ولا يذكر اسم "سومر" في الكتاب المقدس، ولكن تُذكر "شنعار" (تك 10: 10، 11: 2؛ 14: 9،1؛ إش 11: 11 .. إلخ). وكانت شنعار تشمل منطقتي سومر وأكد. ومع ذلك فقد قامت في تلك البلاد إحدى الحضارات العظمى القديمة. وما زال من العسير تحديد من كان السومريون عرقيا أو لغويا (فاللغة السومرية مكونة من عناصر لغات عديدة)، ولكننا نعرف الكثير عن تاريخهم وديانتهم وأساليب حياتهم.
(أولًا) ملخص تاريخهم:
لا نعلم من أين جاء السومريون، ولكن يحتمل أنهم جاءوا من المناطق الجبلية فيما وراء إيران. ويبدو أنهم وصلوا إلى رأس الخليج الفارسي، وابتدأوا يتسلطون على السكان القدماء في منتصف الألف الرابعة قبل الميلاد.
(1) حقبة فجر التاريخ (ما بين 3300-2800 ق.م.):
وجميع التواريخ هنا تقريبية، وعاصرت هذه الحقبة تقدما عظيما، ففيها ظهرت كل العناصر المميزة لحضارة بلاد بين النهرين. وكان أروع إنجاز هو ظهور الكتابة (حوالي 3300 ق. م.) على شكل صور رمزية، وهي الأشكال الأولى للكتابة السومرية، وقد أضاف إليها الأكاديون الساميون الكثير من الكلمات.
(2) حقبة الأسرات الأولى (2800-2360 ق.م.):
وتسمى العصر السومري الكلاسيكي، وتقسم هذه الحقبة بالنسبة لآثارها بحسب مستوى المباني والأختام الأسطوانية، إلى الأسرات الأولى والثانية والثالثة (الأسرة الثالثة = أسرة أور الأولى) وتشمل المراجع عن هذه الحقبة، قوائم بالملوك السومريين، وهي تشابه إلى حد بعيد -في طول أعمار ملوكها- ما جاء في الكتاب المقدس عن أعمار الأجيال قبل الطوفان، فيسجل عن كل ملك أنه حكم عدة آلاف من السنين.
وقد اكتشف في 1965م، عدد كبير من الألواح السومرية في "تل أبو سلابخ" على بُعْد نحو اثني عشر ميلا من "نّبور" ترجع إلى نحو 2600 ق.م ومن الصعب قراءتها، ولكن بعضها يسبق عصر الآداب السومرية الكلاسيكية بنحو 800 عام. وقد ثبت أن "وصايا شوروبَّاك"، و"ترانيم معبد كيش" هي نصوص قديمة العهد جدَّا.
ومن ملوك هذه الحقبة أورنانش من لاجاش، وإنَّاتوم، وإينتمنا، وإناتوم الثاني. وأخيرًا اغتصب العرش "أوروكاجينا" ثم اغتصبه منه "لوجالزا جيزي" حاكم "أمَّه" (Umma) . وقد نجح في تأسيس الإمبراطورية السومرية الأولى، إذ غزا لاجاش وسائر المدن السومرية وجعل من "أرك" عاصمة له. ولكن سرعان ما هزمه "سرجون الكبير" ملك "أكد" ، والذي لم يؤسس أسرة جديدة فحسب، بل بدأ حقبة جديدة من حكم الساميين.
(3) الأسرة الأكادية الأولى: (2360-2180 ق.م.):
وقد أسسها سرجون الكبير أو سرجون الأول. وكان اسمه الأكادي "شاروكين" أي "الملك شرعي" وقد أطلق على نفسه هذا الاسم لأنه لم سكن شرعيا بل مغتصبا للعرش! وتعتبر مدة حكمه "العصر الذهبي" في التاريخ البابلي. ومصادر تاريخ هذه الأسرة هي النقوش الكثيرة المكتوبة بالأكادية القديمة، التي سجلها سرجون وخلفاؤه. وتدور حوله العديد من الأساطير. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). وخلفه ابنه "ريموش" الذي خلفه بدوره ابن آخر لسرجون اسمه "مانشتوسو" ثم "نارام - سِن"، ويرجح أنه كان حفيدًا لسرجون. ويصورونه -كجده- بطلًا (على عمود النصر الذي أقامه، وكذلك في الكتابات المتأخرة). ثم خلفه على العرش "شاركا لشاري"، الذي خلفه أربعة ملوك حكموا مددًا قصيرة. وأخيرًا أزاحت هذه الأسرة، قوى خارجية كان من بينها "الجوتيون" الذين جاءوا من جبال زاجروس. وفى الواقع، حكم الملوك الأربعة الأخيرين إلى جانب الجوتيين.
(4) عصر الجوتيين (2180-2060 ق.م.):
كان سقوط الاسرة الأكادية واستيلاء الجوتيين على الحكم يعتبر كارثة عظمى، إذ حلت الجحافل البربرية غير المتحضرة، محل الاسرة الأكادية صاحبة الحضارة العريقة. والنقوش التي ترجع إلى هذه الحقبة قليلة، ومن الصعب الربط بينها وبين قوائم أسماء الملوك. ويبدو من الواضح أنه كان للاجاش وأرك حكامهما، أي أن الجوتيين لم تستتب لهم السيطرة على كل البلاد. وأخيرًا هزمهم وطردهم "أوتو هيجال" ملك أرك. وفي أثناء حكمه كان هناك حاكم لأور اسمه "أورنامو" الذي كان يعترف في البداية بسلطة أوتوهيجال ، ولكنه أخيرًا هزمه، وجعل من "أور" عاصمة له، وأسس أسرة أور الثالثة.
(5) أسرة أور الثالثة (2060-1950 ق.م.):
وكان منها خمسة ملوك: أورنامو، شولحي، أمار - سِن، شو - سِن، وإبي - سِن. وواضح أنه في منتصف عهدهم بدأوا في إطلاق أسماء أكادية على أبنائهم، لأن الأسماء الثلاثة الأخيرة أسماء أكادية. ويشتهر الآن "أور - نامو" بالقوانين التي سنها، ولعله كان معاصرًا لإبراهيم. وبداية من "أور - نامو" الذي استولى على معظم البلاد، بدأ ملوك أور يطلقون على أنفسهم "ملك أرض سومر وأكد". وفي ذلك العهد تركزت الشؤون الاقتصادية في يد الملك. وكان من أعظم إنجازات ذلك العهد المباني العظيمة التي ما زَال بعضها قائما مثل "الزاجورات" (وهو برج مدرج، يعلوه معبد فوق القمة) الذي بدأ بناءه "أور-نامو". وقد اكتشف الكثير من النصوص الاقتصادية التي ترجع إلى ذلك العهد.
ومن أعظم الحكام السومريين، "جودا" حاكم لاجاش، الذي يمكن أن حكمه (نائبا للملك؟) كان في بداية حكم أسرة أور الثالثة، وقد ترك عددًا كبيرا من النقوش والتماثيل، وجميعها من حجر الديوريت الاسود الصلد.
وقد شهدت السنوات القليلة الأخيرة من حكم "إبي - سِن" بزوغ عصر جديد، حتى أصبح حكمه قاصرا على أور، وأخيرا فقد عرشه، وأُخذ أسيرًا إلى "سوسه" في عيلام، وقد دمر العيلاميون "أور" تدميرًا تامًا (ويبدو أن الغيلاميين كانوا القوى الأجنبية التي قضت على الأسرة الأكادية قبل استيلاء الجوتيين على الحكم). وقد انضم إلى العيلاميين في القضاء على "أور" شعب غير معروف، ويطلق عليه اسم "سوا".
وتظهر في ذلك العصر أسماء سامية غربية. وكان الناس الذين يحملون هذه الأسماء -في حقيقتهم- أموريين (ويطلق عليهم في السومرية "مارتو" وفي الأكادية "أمورو") وكانوا يتكلمون إحدى اللغات الكنعانية القريبة من الفينيقية والأوغاريتية والعبرية.
(6) عصر إسن - لارسا (1950-1700 ق.م.):
في نهاية الصراع المذكور آنفا، ظهر "إشبييرا" حاكم "إسن"، فطرد الحامية العيلامية التي كانت معسكرة في "أور" وأسس أسرة "إسن". وقد أصدر خامس ملك من ملوك هذه الأسرة، وهو "ليبيت - إشتار" مجموعة قوانين. ولكن كان يعاصر هذه الأسرة، أسرة أخرى في الجنوب، هي أسرة "لارسا"، وأخيرًا هزم آخر ملوك لارسا "ريم - سِن"، وآخر ملوك أسرة "إسن"، ووحَّد البلاد، ولكن هذه الوحدة لم تدم طويلا، إذ هزم حمورابي الأموري -ملك مدينة بابل- "ريم - سِن"، آخر ملوك أسرة لارسا. وكانت الأسرة الحاكمة في بابل قد ظهرت قبل حمورابي بنحو مائة سنة، ولكن حمورابي هو الذي نجح في توحيد كل بلاد بابل.
وبالإنجاز فإنه في بداية القرن التاسع عشر قبل الميلاد، كانت هذه الأسرات العظيمة الثلاث (إسن، ولارسا، وبابل) تنتمي للعصر البابلي القديم (حيث كان لأشور وماري في الشمال الغربي، حكام مستقلون). ولكن بفتوحات حمورابي (1792-1750 أو 1728-1686 ق.م.)، أصبح للأسرة البابلية الأولى (التى بدأت في 1850 ق.م.) السيادة الكاملة. و"ب حمورابي" ينتهي تاريخ سومر ويبدأ تاريخ بابل، الدولة السامية التي قامت على أسس سومرية (كما يقول كرامر).
ثانيا- الديانة السومرية:
كان للسومريين جماعة من "الآلهة الكبار"، وكان أكبر الآلهة الذكور ثلاثة هم "آن" إله الجو (ودعاه الأكاديون أخيرًا "آنو") وكان مقر عبادته في "أرك"، و"إنليل" إله الهواء، وكان مقر عبادته في "نيبُّور"، و"إنكي" إله الجحيم والحكمة (ويسمى "إيا" في الأكادية) وكان مقر عبادته الرئيسي في "إريدو". ويظهر "آن" رئيسا لمجمع الآلهة في العصور المبكرة. وبعد ذلك أصبح "إنليل" هو كبير الآلهة. وفي عصر حمورابي -في الدولة البابلية القديمة- أصبح "مردوخ" هو كبير الآلهة.
ومن كبار الإلاهات "ننتود" ("نن" بمعنى سيدة، و"تود" بمعنى ولادة، أي سيدة الولادة أو "الإلاهة الأم") وكان مقر عبادتها الرئيسي في "دلمون" (ويقول البعض إنها هي "البحرين" في الخليج الفارسي)، ولكن كان لها معابد أخرى في لاجاش وكيش. كما كانت "إنانَّا" (أو سيدة الجو أو ملكة السماء) إلاهة الحب والحرب، من كبار الإلاهات أيضا، وكان مقر عبادتها الرئيسي في "آن" أي "أرك" ، وقد اكتشف لها معبد (يسمى "إيانَّا" أي "بيت السماء") في "أرك" يرجع إلى عصر فجر التاريخ.
وكان هناك ثلاثة آلهة آخرون هم: (1) "أوتو": إله الشمس (وهو الإله السامي "شماس")، وكان مقر عبادته في سيبَّار ولارسا. (2) "نانَّا" إله القمر (وهو "سِن" في الأكادية - وكان يُعبد في أوروحاران) وكان مقر عبادته الرئيسي في "أور". (3) "إشكر" إله الطقس (وهو "حدد" أو "هدد" بالأكادية، وهو نفسه "بعل" عند الكنعانيين).
وكان كل واحد من أولئك الآلهة العظام، يُصوَّر في صورة بشرية، فبم يُصوَّر أحد منها في صورة حيوانية (كما كان الحال في مصر، حيث كان يُصوَّر الإله برأس حيوان أو طائر).
وبالإضافة إلى هؤلاء الآلهة الكبار، كان هناك عدد من صغار الآلهة، مثل إله الزراع "ديموزي" [وهو "تموز" المذكور في (نبوة حزقيال 8: 14)، ويقابل "أدونيس" عند اليونانيين)، وكان "ديموزي" يموت ثم يعود للحياة كل سنة، فكان يرمز إلى الفصول. وكان من الآلهة الصغار الشياطين والجن.
ثالثًا : الحياة في سومر:
(أ) الملك :
(1) ألقابه : كان يسمى في اللغة "السومرية" إنسي إي "السيد". كما كان يسمى "لوجال" أي "الرجل العظيم". ويبدو أن كلمة "إنسي" كانت تطلق على ملك يحكم دولة من مدينة واحدة ، أما "لوجال" فكانت تطلق على ملك يحكم دولة من أكثر من مدينة.
(2) تأليهه : كان الملك في مصر الفرعونية "يُؤلَّه" أي يعتبر "إلها"، ولكن لا أثر لذلك في عهود الأسرات الأولى في بلاد بين النهرين، ولكنه يظهر في العصور المتأخرة (مثل عصر الأسرة الأكادية الأولى، وأور الثالثة). ولكن تختفي هذه الظاهرة تمامًا منذ عصر حمورابي.
(3) واجباته : كان الملك يقوم بواجبات الكاهن لإله المدينة، ويدير شؤون المدينة باسم الإله، ويشرف على كل شؤون الدولة، وعلى إقامة المباني والمعابد، وحفر القنوات وبناء الجسور، وقيادة القوات المسلحة، كما أنه كان كبير القضاة، ومسئولًا عن تنفيذ العدالة.
(4) قصره : كان يسمى مقر الملك أو قصره "إيجال" (أي البيت العظيم، ومنها اشتقت كلمة "هيكل" أي معبد"). ولعل الملك كان يقيم -في العصور المبكرة- في المعبد.
(ب) المعبد :
قبل العصر الثالث في أوراء كان يوجد في سومر عدد كبير من الدول المكونة من مدينة واحدة، حيث كان المعبد هو المركز الروحي والاقتصادي والسياسي. وكان معنى ذلك أن يمتلك المعبد مساحات كبيرة من الأرض، كانت تستلزم أن يقوم بخدمتها عدد كبير من الناس، يعتمدون في معيشتهم على المعبد. وكان عدد أولئك الناس يتراوح بين ألف وألف ومائتي عامل (ماعدا عائلاتهم). ويبدو أن كل سكان لاجاش تقريبا كانوا يعتمدون في معيشتهم على المعبد. وكان ذلك يشمل الفلاحين، والحرَّاثين، والرعاة ، والبستانيين، والصيادين. كما كانت هناك درجات في الوظائف، من خبازين، وطبَّاخين، وصنّاع الجعة، والصنَّاع الماهرين "، والصيَّاغ، والذين يقطعون الأحجار، والذين يصنعون الأختام. كما كانت النساء تعملن في الطحن والغزل والنسيج. كما كان هناك سعاة (يركبون عربات) ونوتية للسفن. وكان على كل أولئك مفتشون ومشرفون.
كان الكاهن فوق كل هذه الرتب. وكان يتولى هذه الوظايفة الملك والملكة. فكان الملك هو كبير كهنة الآلهة الذكور، والملكة كبيرة كاهنات الإناث من الآلهة. ولكن كثيراُ ما كان الملك يفوَّض آخر للقيام بأعماله الكهنوتية. ويجب ألا ننظر إلى خدام المعبد على أنهم كانوا عبيدًا، لأنهم كانوا يعتبرون أحرارًا. أما العبيد فكانوا يُستوردون من الخارج، وكان عددهم قليلا في المجتمع السومري.
وكان المصدر الأساسي للدخل هو الأرض، ليس فقط من المحاصيل، بل أيضا من الإيجارات التي كانت تدفع أحيانا بالفضة. كما كان الصيد أحد المصادر الأخرى للداخل (كان معبد لاجاش يستخدم مائة صيَّاد). كما كانت هناك المكوس على التجارة الخارجية من الأحجار والأخشاب والمعادن التي لم يكن يوجد شيء منها في الجزء الجنوبي من بلاد النهرين. وكانت التجارة واسعة مع عيلام والمناطق المحيطة بالخليج الفارسي، وسورية والمناطق الشمالية من بلاد بين النهرين وحتى بلاد الهند.
(ج) القانون:
وصلت إلينا مجموعتان غير متكاملتين من القوانين السومرية: مجموعة قوانين "أورو - نامّو" مؤسس الأسرة الثالثة في "أور" ، أي أنها ترجع إلى نحو 2050 ق.م. ثم مجموعة "ليبيت - إشتار" الملك الخامس في "إسن" والتي ترجع إلى 1850 ق.م. وتتعلق هذه القوانين بالزواج والخطايا الجنسية والطلاق، والقذف والاعتداء، والعبيد، واهمال دفع الضرائب، والميراث، وتأجير الثيران... إلخ . وكانت هذه القوانين سابقة للقوانين الأشمل والأشهر مثل "قوانين حمورابي".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/pzhh5gr