"عنصرة" Pentecost لفظة عبرانية معناها اجتماع أو محفل. واستخدمت الكلمة "عنصرة" لتشير إلى عيد الخمسين اليهودي الذي كان يجتمع فيه كل ذكر من اليهود من كل بقاع الأرض إلى أورشليم للاحتفال بالعيد.
كما أطلقت الكلمة أيضًا على عيد الخمسين المسيحي الذي فيه حل الروح القدس على المجتمعين في عليَّة صهيون، فصار يُدْعَى في العهد الجديد "عيد العنصرة" في العبرية، أو "عيد البنديكوستي" في اليونانية.
ويقع عيد الخمسين اليهودي بعد سبعة أسابيع كاملة من عيد الفصح اليهودي، لذلك سمي "عيد الأسابيع" (خروج 34: 22). ويُسَمَّى أيضًا "عيد الباكورة" (خروج 34: 22؛ عدد 28: 26) "أي باكورة حصاد الحنطة (القمح)، وكذلك يُدْعَى "عيد الحصاد" (خروج 23: 16) أي أتمام حصاد الشعير، وبدء حصاد الحنطة.
وعيد الخمسين عند اليهود هو أحد الأعياد الثلاثة الكبرى التي كان يتحتم على كل ذكر من الشعب الإسرائيلي أن يذهب فيها إلي أورشليم، ليمثل أمام الرب، ويقدم تقدمته للرب (خروج 34: 22، 23)، وهي رغيفين (كان هذا الرغيف كبيرًا في حجمه، فوزن الرغيف بحسب الشريعة يكون عشر الأيفة أي حوالي 2,3 لترًا من دقيق القمح المحصود حديثًا. وطبقًا للمشنا (11: 4) كان طول الرغيف سبعة أشبار، عرضه أربعة أشبار، وسمكه سبعة أصابع) من الدقيق الذي يطحن من غلة الحصاد (لاويين 23: 17، 20)، مع ذبيحة سلامة، وذبيحة محرقة، وذبيحة أثم (لاويين 23: 18، 19).
وفيما بعد وفي عصور متأخرة حفظ العيد كتذكار لإعطاء الناموس لموسي على جبل سيناء، أكثر من حفظه كيوم في عيد الحصاد، فصار هو عيد بدء تاريخ اليهود القومي. إلا أن فيلو ويوسفيوس والتلمود القديم لم يشيروا إلى أي علاقة بين هذا العيد وبين أعطاء الشريعة على جبل سيناء، وكان أول من خلع عليه هذا المعنى هو "ميمونديس" المعلم اليهودي العظيم، ونقل عنه بعض الكتاب المسيحيين.
وفي هذا اليوم عينه بينما كان كثير من اليهود من نحو ثمانية عشر أمة ولسان قد أتوا إلى أورشليم ليحتفلوا بالعيد، انسكب الروح القدس على الكنيسة ممثلة في العلية التي اجتمع فيها التلاميذ مع جمهور كثير من رجال ونساء، وحلَّ الروح القدس على الجميع، فاكتسب العيد معني جديدًا في الكنيسة المسيحية إذ صار أسمه "عيد حلول الروح القدس"، أو "عيد الخمسين"، ومن ثم عرف في اليونانية باسم ή πεντηκοστή (بنديدكستي) Pentecost، أي يوم الخمسين The Fiftieth Day من قيامة الرب من بين الأموات.
ومنذ ذلك التاريخ اعتبر عيد الخمسين أو عيد البنديكستي هو العيد الثاني في الكنيسة بعد عيد الفصح (القيامة). لذلك فهو يعد أقدم أعياد الكنيسة المسيحية بعد عيد القيامة. وهناك ثلاث إشارات إلى يوم الخمسين في العهد الجديد (أعمال 2: 1، 20: 16، 1 كورنثوس 16: 8). وقد وصلتنا الاحتفالات التي كانت تقام في أثنائه من مذكرات السائحة الأسبانية الراهبة ايجيريا في القرن الرابع الميلادي.
ويقارن القديس جيروم (342-420 م.) بين الكنيسة الميسحية، وبين بدء تاريخ اليهود القومي فوق جبل سيناء، فيقول:
(هناك سيناء وهنا صهيون... هناك الجبل المتزلزل وهنا البيت المهتز، هناك الجبل المتقد بالنار، وهنا الألسنة من نار...هناك الرعب الصاخب، وهنا أصوات ألسنة كثيرة ... هناك رنين الأبواق، وهنا نغمات بوق الإنجيل).
ومنذ عصور المسيحية المبكرة أطلقت كلمة "بنديكستي" أو زمن العنصرة ليس على يوم العيد نفسه وحسب، بل وأيضًا على طيلة الأسبوع الذي يليه.
وكانت ليلة عيد الخمسين هي واحدة من الليالي التي كان يحتفل فيها بتتميم سر المعمودية المقدسة، وقد تقلصت هذه العادة في الشرق منذ قرون عديدة، ولكنها ظلت مرعيَّة في كنيسة روما حتى سنة 1955 م.
وكان الاحتفال بالعيد في الكنيسة المسيحية في قرونها الأولى يستمر أسبوعًا كاملًا -كما كان يفعل اليهود- ثم يعقبه صوم الرسل. ونعلم أنهم كانوا "لا يعملون في يوم الخمسين، (بسبب استعلان الروح القدس الذي مُنِحَ للمؤمنين بالمسيح). أي أنه كان أحد أيام العطلات الرسمية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/c9vzc49