محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23
آية 1: "إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ وَالْمُشْتَاقَ إِلَيْهِمْ، يَا سُرُورِي وَإِكْلِيلِي، اثْبُتُوا هكَذَا فِي الرَّبِّ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ”.
إذًا... اثبتوا: قوله "إذًا" يعني أن هذه الآية عائدة على ما قبلها، والمعنى أنه ما دام يا إخوتي أنتم منتظرون مجيء الرب إذًا اثبتوا في الرب: اثبتوا فيما أنتم فيه كمواطنين سماويين، والتزموا بكل ما توجبه عليكم هذه المواطنة السماوية، ولا ترتدوا لمحبة لذات وشهوات العالم. وقوله "اثبتوا في الرب" يعني، أن الرب الذي نحن متحدون به هو الذي سيقودنا في معركة منتصرة لهذا المجد المُعد. يا سروري: ذِكرهم يُدخل السرور لقلبه لطهارة سيرتهم وطاعتهم وكرمهم ومحبتهم. بل هم إكليلي: كان الفائز في السباق يُلبسونه إكليل زهور. وكان المتسابق يظل يجاهد العام كله في تدريبات شاقة وهو يحلم بأن يلبس هذا الإكليل. وحينما يحصل عليه يفتخر به. والرسول يجاهد كل عمره لخلاصهم، ويفتخر بإيمانهم، وسيكلل بسببهم في الأبدية.
آية 2: "أَطْلُبُ إِلَى أَفُودِيَةَ وَأَطْلُبُ إِلَى سِنْتِيخِي أَنْ تَفْتَكِرَا فِكْرًا وَاحِدًا فِي الرَّبِّ”.
يطلب الرسول من كلتيهما أن تتنازل عن ما بينهما من خلاف ويتوافقا في فكر واحد، فلا يحرما نفسيهما من الشركة والفرح في الرب. وهذا سبق ومَهَّدَ له (فى27:1-30 +1:2-8). والخلاف بينهما يعطل عمل الكرازة وعمل الروح القدس. ويبدو أن هاتين المرأتين كان لهما مركزًا هامًا في الكنيسة. وكان النساء أول من آَمن في فيلبي وربما كانت إفودية وسنتيخي عند النهر حيث تُقام الصلاة (أع13:16). ثم صارتا خادمات وكارِزات أو خادمات للمحتاجين. وخصام هاتين الخادمتين يسبب شقاقًا وتحزبًا في الكنيسة فتتأثر الكنيسة ككل.
آية 3: "نَعَمْ أَسْأَلُكَ أَنْتَ أَيْضًا، يَا شَرِيكِي الْمُخْلِصَ، سَاعِدْ هَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ جَاهَدَتَا مَعِي فِي الإِنْجِيلِ، مَعَ أَكْلِيمَنْدُسَ أَيْضًا وَبَاقِي الْعَامِلِينَ مَعِي، الَّذِينَ أَسْمَاؤُهُمْ فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ.”.
شريكي: الكلمة تشير لاشتراك ثورين في محراث، وهذا الشريك المخلص إذًا كان قد احتمل مع بولس نير الخدمة واحتمال الضيقات والمصاعب. وشاركه في الخدمة أيضًا إكليمنضس وإفودية وسنتيخي، وحتى لا ينسى باقي الذين تعبوا معه قال "وباقي العاملين معي". وما هو نصيب من يعمل في كرم الرب؟ أسماؤهم في سفر الحياة. والضيقات التي احتملوها كانت بسبب الاضطهاد الذي حدث في فيلبي وفي كل مكان. جاهدتا معي في الإنجيل: والرسول يشجعهما بقوله هذا، فيذكر لهما ماضيهما ومحبتهما لله لينسوا خلافاتهن. ولكن من هو هذا الشريك الذي يشير إليه الرسول؟ قيلت آراء كثيرة:
1. هو شخص مشهور في فيلبي له مركز قيادي وهم يعرفونه وكان معاونًا لبولس وقيل ربما سيلا أو لوقا أو أسقف فيلبي أو أبفرودتس.
2. قيل إن كلمة شريكي باليونانية هي "سيزيجيوس"، فقالوا أنه شخص اسمه سيزيجيوس، ووصفه الرسول بأنه مخلص.
3. قال القديس يوحنا فم الذهب إنه زوج إفودية أو سنتيخي.
والرسول يطلب من إكليمنضس ومن الشريك هذا مساعدته في عمل الصلح بين المرأتين.
آية 4: "اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا”.
افرحوا في الرب
: فلا فرح حقيقي إلاّ بالثبات في المسيح، ومن هو ثابت في المسيح يملأه الروح القدس فرحًا فالفرح ثمرة من ثمار الروح القدس. والله يريدنا ان نفرح، فهو خلق الإنسان في جنة عَدْنْ، وعَدْنْ كلمة عبرية معناها فرح وبهجة.يدعو الرسول أهل فيلبي للفرح الدائم، كثمرة طبيعية لاتحادهم بالرب: افرحوا في الرب. ومن ثمار الروح القدس الفرح. والفرح الذي يعطيه لنا الرب لا يتأثر بأي ظروف خارجية، ولا يستطيع أحد أن ينزعه منّا (يو22:16)، مهما كانت الآلام المحيطة بنا، كما سبح بولس فَرحًا في سجنه في فيلبي، أمّا أفراح العالم فسريعًا ما تزول. ويصل الإنسان لهذا الفرح سريعًا إذا بدأ يحزن على خطاياه، ويقدم توبة، فالخطية تسبب عدم الثبات في الرب.
الطريق الوحيد للفرح هو المحبة المتبادلة مع الله كما كان الوضع في جنة عَدْنْ. عَدْنْ كلمة عبرية עֵדֶן تعنى الفرح، فالله خلق آدم ليفرح، ولكن هذا الفرح كان له شرط وهو أن يستمر آدم في علاقة المحبة المتبادلة مع الله. فالله يحب آدم ولذلك خلقه ليمتعه بالجنة ويمتعه بالفرح، والله محبة، هذه هي طبيعته. ولأن آدم مخلوق على صورة الله، لذلك كان آدم يحب الله. فالمحبة كانت متبادلة. والله يقول أيضًا "لذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمَ" (أم8: 31). وبالتالي لأن آدم على صورة الله لا بُد أنه يجد لذته في علاقته ومحبته لله. ولكن بعد السقوط نجد أن آدم يختبئ من الله، وكلما زادت الخطية زاد الانفصال عن الله حتى قال إشعياء النبي "حقًا أنت إله محتجب يا إله إسرائيل" (إش45: 15). وقال الله لموسى "لا يراني الإنسان ويعيش" (خر33: 20). والله لا يسمح لنا الآن بأن نراه، لأن إلهنا نار آكلة (خر24: 17 + تث4: 24 + عب12: 29). وهذه النار إما تلهب القلب حبًا وشوقًا وغيرة، وهذا يحدث مع القديسين، وإما تحرق الخطاة (خر10: 1-2 + عد11: 1 + عد16: 31-35). ونحن هنا على الأرض لا يوجد إنسان بلا خطية لذلك لا يوجد من هو مستحق أن يرى الله وإلا يحترق.
ولأن الفرح شرطه المحبة طلب الله من شعبه "اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: ٱلرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِد. فَتُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ" (تث6: 4-5).
وفى العهد الجديد نجد الروح القدس يسكب محبة الله في قلوبنا (رو5: 5) وذلك بعد أن تمم المسيح الصلح مع الآب "لِأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ ٱللهِ بِمَوْتِ ٱبْنِهِ" (رو5: 10). وماذا تكون النتيجة؟ أي ماذا تكون ثمار الروح القدس "محبة، فرح، سلام" (غل5: 22). وبهذا يعيدنا الله للحالة الفردوسية الأولى، محبة متبادلة ونتيجتها الفرح.
وكيف يسكب الروح القدس محبة الله في قلوبنا؟ يكون هذا بأنه يخبرنا عن المسيح، وهذا ما قاله الرب "ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لِأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ" (يو16: 14).
الروح القدس يُصوِّر لنا المسيح في وداعته وتواضعه ومحبته.. لكن أكثر ما يثير حبنا للمسيح هو الصليب "لَيْسَ لِأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لِأَجْلِ أَحِبَّائِهِ" (يو15: 13). وهذا ما يشرحه المر الذي قدمه المجوس للمسيح:-
فما هو المر وإلى ماذا يرمز؟
المُر طعمه مر جدًا وكمية منه قد تسبب الموت: ولكن له رائحة جميلة جدًا وكان عِطر تلك الأيام. فكانت البنات والسيدات يضعون بعض المر في صُرَّة (قطعة من القماش بها بعض المر ومربوطة) ويعلقونها في صدورهن فتخرج منهن رائحة معطرة طوال اليوم. لذلك قالت عروس النشيد "صُرَّةُ ٱلْمُرِّ حَبِيبِي لِي. بَيْنَ ثَدْيَيَّ يَبِيتُ" (نش1: 13). والمعنى إن سر رائحتها الحلوة بين الناس وجود المسيح فيها. وهذا هو نفس ما ردده بولس الرسول "أنتم رائحة المسيح الزكية" (2كو2: 15). والمر يسيل على هيئة قطرات من شجرة المر، ولكن إذا ضُرِبت الشجرة بسكين ينسكب كمية كبيرة من المر منها، ولكن بهذا تموت الشجرة. فالشجرة حين تقطر تشير للمسيح في سيرته الحلوة وحياته الحلوة. وحين تضرب فتموت تشير لموت المسيح بالصليب لأجلنا حبًا فينا. ولكن لاحظ كمية الرائحة التي تصدر من القطرات وقارن مع كمية الرائحة الصادرة من الكمية الضخمة التي تسيل عند موت الشجرة. هكذا المسيح في حياته وسيرته العطرة كان له رائحة حلوة جذبت الكثيرين، أما موته وصليبه فكان لهما رائحة عجيبة فاحت لكل العالم كل الأزمان.
لذلك نجد أن الملاك الذي قابل المريمات بعد القيامة قال لهما "لَا تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ ٱلْمَصْلُوبَ. لَيْسَ هُوَ هَهُنَا، لِأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ" (مت28: 5-6). فهو لم يقل يسوع القائم من الأموات بل يسوع المصلوب، فلماذا؟ صفة المسيح الحي هي طبيعية، فهو حي ومحيى. لكن الجديد والذي يشعل محبته في قلوبنا أنه بذل نفسه عنا وقبل الصلب والموت حبًا فينا، بل أن الصلب هو أصعب وأشنع ميتة.
ولذلك نجد أن بولس الرسول يقول لأهل غلاطية "أَنْتُمُ ٱلَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوبًا" (غل3: 1). ويقول لأهل كورنثوس "وَلَكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِٱلْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً" (1كو1: 23). فمع أن اليهود واليونانيين يحتقرون الصليب إلا أننا نكرز بالمسيح المصلوب. فما اهتم به بولس في كرازته هو أن يرسم للناس صورة المسيح المصلوب. فهذه الصورة حين تُحْفَر في القلب ويدركها الإنسان سيمتلئ محبة للمسيح. فإن كان بولس الرسول قد اهتم برسم صورة يسوع المسيح المصلوب، فمن المؤكد أن الروح القدس هو من أوحى لبولس بهذا، الروح هو الذي يقود بولس الرسول في كرازته. وبالتالي نفهم أن هذا هو عمل الروح القدس في داخلنا أنه يُصَوِّر لنا المسيح وإياه مصلوبا فنلتهب حبًا وحينئذٍ نتذوق الفرح الفردوسي الأول.
قصة معبرة: طفل له عمة مشوهة قد احترق وجهها. وكان هذا الطفل حين يراها يصرخ ويختبئ منها. ولما كبر هذا الطفل سأل عمته عن سبب ما حدث لها، وكان ردها "لقد اشتعلت النيران في البيت وكنت أنت طفلًا صغيرًا فدخلت لأنقذك فحدث لي هذا". وتصوَّر معي موقف هذا الشاب بعد أن فهم أن هذا التشوه كان بسببه، بل أنه كان يُزيد آلام مَنْ أنقذت حياته بصراخه ورفضه لها عندما كان صغيرًا لا يدرك. هذا ما عبَّرَت عنه عروس النشيد (الكنيسة) عندما أدركت معنى الصليب وآلامه لأجلها إذ قالت "إني مريضة حبًا" (نش2: 5). وفى ترجمة أخرى "إني مجروحة حبًا". لقد اشتعلت نيران الحب والندم عند العروس على رفضها السابق للمسيح. لذلك حينما سأل الفريسيون المسيح آية، قال لهم "لا تعطى لكم آية إلا آية يونان النبي" (مت12: 39-40). والآية هي عمل يُظهِر طبيعة الشخص. وطبعًا كان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام رمزًا لبقاء المسيح ثلاثة أيام في القبر. وكأن المسيح يريد أن يقول لهم: هل تريدون أن تعرفونني حقًا، إذًا تأملوا في صليبي وموتي ولسوف تدركون إلى أي مدى قد أحببتكم.
موقف البشر من الصليب؟
*من هو غير مهتم: قال أحد الفلاسفة الغربيين: لو مَرَّ تحت منزلي موكب المسيح حاملًا صليبه، وكنت أعاني من ألم في ضرسي فلن أهتم بآلام المسيح بل سأهتم بألم ضرسي (هذا الإنسان لم يدرك أن آلام المسيح كانت لأجله).
*على النقيض: قال غاندي الزعيم الهندي: أنا لا أدرى كيف ينام المسيحيون ولهم إله صنع كل هذا لأجلهم. وقال طاغور شاعر الهند العظيم "أحب المسيح وأكره المسيحيين" فالمسيحيين في نظره هم الإنجليز الذين كانوا يستعمرون بلاده ويستغلون خيراتها.
*وما هو موقفنا نحن من صليب المسيح: أدخل إلى مخدعك وصلي وأطلب من الروح القدس أن يرسم صورة المسيح المصلوب في قلبك واضحة لتزداد حبا للمسيح وحينئذٍ سوف تتذوق الفرح الفردوسي.
وبعد أن تدرك محبة المسيح المصلوب، ستطلب منه أن يعطيك أن تشعر بمحبة الآب [راجع تفسير "لِيُقَبِّلْنِي بِقُبْلَاتِ فَمِهِ، لِأَنَّ حُبَّكَ أَطْيَبُ مِنَ ٱلْخَمْرِ" (نش1: 2)]. الخمر رمز الفرح. وحينما ندرك محبة المسيح المصلوب نفرح، حينئذٍ سنطلب إدراك محبة الآب = ليقبلني بقبلات فمه، وهي قبلات الأب لأبنه الضال حين عودته، وما أروع هذه الآية "فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ" (لو15: 20). هذه هي القبلات التي طلبتها عروس النشيد.
آية 5: "لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. اَلرَّبُّ قَرِيبٌ”.
حلمكم: المعنى باليونانية (كونوا بلا غضب / لا تكونوا قساة / تحملوا بالصبر إساءات الغير / التساهل مع الآخرين في الحقوق الشخصية كما فعل إبراهيم مع لوط). وهذه الصفات لا تتوافر إلاّ لمن استطاع أن يفرح بالرب، والفرح نابع من المحبة التي هي من ثمار الامتلاء من الروح القدس. والمحبة والفرح يعطيان اتساع قلب واحتمال وضبط للنفس وتسامح ووداعة ولطف.
الرب قريب
: "ماران آثا" (1كو22:16). هي كلمة الصبر التي كان يرددها المسيحيون الأوائل لإعلان فرحهم بقرب مجيء المسيح. وهكذا علينا دائمًا أن نتوقع قرب مجيئه بفرح واشتياق ولهفة. ولاحظ التسلسل الرائع في كلمات الرسول ففي آية (1) قال اثبتوا في الرب وفي آية (4) قال افرحوا في الرب فلا فرح حقيقي بدون ثبات في الرب. وهنا يتكلم عن التساهل في الحقوق وهذا يكون سهلًا وممكنًا لمن يعيش في فرح وينتظر الرب باشتياق. فالذي ينشغل بمجيء الرب يتساهل في حقوقه الشخصية.
آيات 7،6: "لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ".
لا تهتموا بشيء: لا تقلقوا ولا ترتبكوا ولا تضطربوا أمام هموم الحياة. ولاحظ أنه لم يقل لا تفكروا في ترتيب أموركم التي في الغد، بل قال لا تحملوا هم هذه الأمور (مت25:6) + (1كو32:7). بل بالصلاة: فالصلاة تملأ القلب سلامًا، فإذ نسمع صوت الله في قلوبنا نهدأ. وهناك طريقتين للتفكير حينما تواجهنا مشكلة محيرة، الأولى : أن نفكر ونعمل العقل وحده للتوصل إلى حل، وإذا كانت المشكلة كبيرة نصل لليأس. والثانية: هي أن نشرك معنا الله في التفكير...مثلًا يرفع الإنسان قلبه لله ويقول أنت لن تتركني وحدي يا رب في هذه الضيقة....ألست أنا ابنك... أنا أثق أنك تحبني ولن تتخلى عني.... فإذا فعلت يملأ الله قلبك تعزية.
والصلاة تعني التسبيح... أماّ الدعاء: فهو توسل الشخص في تقديم طلباته، وهذا يشمل طلب غفران الخطية. مع الشكر: فالشاكر يزيده الله نعمة فوق نعمة، فحينما نرجع لله بالشكر على عطية من عطاياه، يزيدنا الله من عطايا نعمته، كما رأينا في شفاء العشرة البرص (لو 11:17-19) فالذي عاد شاكرًا حصل على الخلاص، بعد أن كان قد حصل على الشفاء الجسدي. بهذا يرسم الرسول خطة نتبعها في صلواتنا أثناء أي ضيقة. فيجب أن تشمل الصلاة هذه العناصر: (التسبيح والتمجيد لله + الطلب من أجل حل المشكلة + الشكر المستمر حتى وسط الضيقة). والشكر هو عنصر مرافق هام لكل صلاة، بل نحن نبدأ به أي صلاة في كنيستنا.
سلام الله الذي يفوق كل عقل: كثيرًا ما تصادفنا ضيقات أو مشاكل لا نجد لها حلًا بعقولنا، أو يصادفنا مكدر يهدد سلامنا ولا نجد له حلًا، ونصرخ لله فيعطينا سلامًا يتغلب على القلق والخوف وحيرة العقل التي نعاني منها، فسلام الله يفوق ويتفوق على حيرة عقولنا العاجزة، فيغمر السلام عقولنا وقلوبنا بطريقة تفوق أفهامنا. فمع أن الشيء المحير الذي طلبنا إزالته ما زال باقيًا، أو المشكلة أو المُكدِّر ما زال باقيًا، نجد أنفسنا وقد ارتفعنا فوقه ولم يعد يقدر أن يكدرنا أو يفقدنا سلامنا. وهذا ما عَبَّر عنه الرسول بصورة أخرى حين قال "مكتئبين في كل شيء لكن غير متضايقين، متحيرين لكن غير يائسين" (2كو8:4). والفرح في الرب (آية 4) وسلام الله الذي يفوق كل عقل (آية 7) هما عطايا من الله لنحيا في نصرة وسط أحزان وضيقات هذا العالم. فالنصرة في المسيحية هي أن نحيا في فرح وسلام بالرغم من المشاكل الخارجية وليست هي في نزع الضيقة الخارجية وهذا ما كان يعنيه السيد المسيح بقوله "ولا ينزع أحد فرحكم منكم" (يو22:16).
سلام الله الذي يفوق كل عقل: which surpasses all understanding بحسب ترجمة (NKJV) والمعنى أن لدى الله حلولا لمشكلتنا (1) تفوق تصورنا وأفهامنا (2) تعطي سلامًا يسود العقل، يتغلب على الحيرة التي فيه.
يحفظ: كلمة لها طابع عسكري في اليونانية وتعني يُحْكِمْ حراسة شيء ما. إذًا صلوا ولا تقلقوا وسلام الله الذي لا يُعبَّر عنه ولا يمكن للعقل البشري أن يدركه أو يمنحه، سلام الله هذا سوف يُحكم حراسة قلوبكم وأفكاركم في المسيح. أي سوف يمنع القلق أن يتسرب لها وسيمنع أي محاولات من إبليس لزرع الهم واليأس.
يواجه الإنسان مشاكل لا يجد لها حلولًا ويحتار العقل فيها، ومع الصلاة يسود السلام القلب. وهذا السلام الذي يعطيه الروح القدس يتفوق (surpasses) على حيرة العقل. فيسود السلام على الإنسان. وسنظل في هذه الحيرة طالما نحن في الجسد. ولكن عمل الروح القدس يعطي سلاما يغلب هذا القلق لمن يصلي ويلتصق بالله.
آيات 9،8: "أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا. وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ”.
علينا أن لا نكف فقط عن السيئات بل نمتلئ بالإيجابيات وعمل الخير، فإن كنا قد حسبنا العالم نفاية وتركنا السيئات، فعلينا أن ننشغل بشيء ما وليكن ما ننشغل به حسن، نحن ذاهبون للسماء فلننشغل بما للسماء.
أخيرًا
: تعني خلاصة الأمر كله. كل ما هو حق: عليكم أن تنشغل أفكاركم بما هو حق في نظر الله. والحق عكس الباطل. الباطل هو العالم بكل ما فيه من ملذات ودرجات عظيمة، وأموال، ومراكز... هذا قيل عنه باطل الأباطيل. أما الحق فهو المسيح، الذي قال عن نفسه "أنا هو الطريق والحق والحياة". الحق هو الله، وهو السماء والأبدية. هذا ما قال عنه الرسول "إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق" (كو1:3). أما من يهتم بالعالم فهو يهتم بالباطل. وقيل عن إبليس "رئيس هذا العالم" وهو "الكذاب وأبو الكذاب". وقوله كل ما هو... يشير لأن لا ينقسم قلبنا بين الحق والباطل "لا تعرجوا بين الفرقتين". كل ما هو جليل: أي موقر ومستحق الاعتبار. عادل: استقامة التصرف فيما يليق بالآخرين. طاهر: تشمل الأفكار الطاهرة والسلوك الطاهر. كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ: المقصود كل ما يسر الله، ويبعث السرور في قلوب الناس. صيته حسن: أن يشتهر عنكم الأمانة مثلًا، تكون سمعتكم حسنة. إن كانت فضيلة: ضرورة التفكير في كل ما هو فضيلة والاهتمام بأن تكون فينا كل الفضائل، وأن نرفض كل ما هو رذيلة. مدح: أي ليمدح الناس أعمالكم وهذه مثل "ليرى الناس أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذي في السموات". وقد تعني ليمدح كل واحد الآخر ليشجعه. عمومًا نحن لا نتسوَّل المدح من الناس، بل نسعى لأن تكون تصرفاتنا تمجد الله فلا ينتقد أحد الله بسببنا (1كو 5:4).ما تعلمتموه... : راجع (في 17:3). ونرى هنا أهمية التقليد والتعليم الشفهي الذي نقل لنا طرق ممارسة الأسرار. إله السلام: يملأ القلب بالسلام ويسحق الشيطان (رو 20:16).
آية 10: "ثُمَّ إِنِّي فَرِحْتُ بِالرَّبِّ جِدًّا لأَنَّكُمُ الآنَ قَدْ أَزْهَرَ أَيْضًا مَرَّةً اعْتِنَاؤُكُمْ بِي الَّذِي كُنْتُمْ تَعْتَنُونَهُ، وَلكِنْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ فُرْصَةٌ".
فرحت بالرب: هو يفرح بالرب كما علمهم (فى4:4). وليس بالعطايا التي أرسلوها. هو يفرح بالرب الذي وضع المحبة في قلوبهم فأرسلوا عطاياهم. أزهر: هي كلمة تشير للشجرة اليابسة التي أفرخت. أي أفرخت شجرة محبتكم لي، فاعتنيتم بي ووفرتم احتياجاتي. فهم لم يرسلوا له أي شيء في سجنه ليس عن تقصير أو نقص محبة منهم إنما لأنه = لم تكن لكم فرصة ، حتى جاءهم أبفرودتس فأرسلوا معه.
آيات 11-13: "لَيْسَ أَنِّي أَقُولُ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجٍ، فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ. أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ. أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي".
ليس.. من جهة احتياج: هو كان محتاج فعلًا لعطاياهم، ليأكل وليدفع أجرة المنزل الذي أستأجره في روما (أع 30:28). ولكنه يرفض أن تكون خدمته سببًا في مكاسب مادية له.
قد تعلمت: لقد حصل على طبيعة جديدة بعد أن صار مسيحيًا. ويُضاف لذلك أن كثرة أسفاره، وكثرة آلامه كانوا له كمدرسة خاصة.
مكتفيًا: قانِعًا بما عندي، بأقل قدر من المأكل والملبس. أعرف أن أتضع: أي أعيش في أقل مستوى للمعيشة. أن أستفضِل: أي أستبقي فوق كفايتي مِن كل ما كان لي مهما كان قليلًا. وما يفضل يعطيه للمحتاج. فكلمة أستفضل: أفيض على الآخرين، وربما كانت هناك فترات وفرة وغنى مادي في حياته، ولكنه في غناه لم يستكبر، وفي فقره لم يتذمر، فالله رفعه فوق هذا وذاك. في كل شيء: في كل الظروف التي واجهتني. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). تدربت أن أشبع وأجوع: الحياة الروحية عمومًا تحتاج إلى تدريب وجهاد. وهو إذا جاع يقبل الجوع من يدي الرب ويحاول أن يستفيد به، وإذا شبع يشكر. ولكن هناك من في ضيقه يتذمر، وفي أفراحه ينسى الله. ولكن بولس تعلَّم أن يحيا في المسيح على أي حال، ولذلك كان المسيح يقويه في كل شيء على كل حال. ومعنى كلام بولس لأهل فيلبي أن فرحه لم يكن لأنه في احتياج للمعونة بل بمحبتهم التي ظهرت في عطاياهم. لقد تعلَّم أن يعيش بالقليل وهو في حالة رِضَى بالرب، ومهما كان له من ضعف بشري ففي المسيح كان يجد كفايته ولا يحتاج مع المسيح لأي شيء آخر: أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني: في المسيح أي لأنني ثابت فيه وهو له إمكانيات لانهائية، وبهذه الإمكانيات يمكنني أن افعل أي شيء. ولم يزل المسيح مصدر قوة لنا في كل شيء (في حياتنا الروحية والمادية) كما كان لبولس. وهذه الآية رد على قول المسيح بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا (يو5:15، وراجع 2كو12: 9، 10). ولكن علينا أن نعرف أن ما سيتحقق ونستطيع عمله هو ما يوافق إرادة الله ولمجد اسمه.
في المسيح = أي ثبات في المسيح اللانهائي - وهذا يعطي لمن يثبت في المسيح إمكانيات لا نهائية، هي إمكانيات حياة المسيح الذي فيه. وهاهو بولس الرسول ما زال يكرز للآن في كل زمان وفي كل مكان بكتاباته. أما من يريد أن ينسب نجاح العمل لنفسه سيأخذ إعجاب الناس لكنه سيقع في حيز المحدود الذي هو إمكانيات البشر العاجزة، بل وكل محدود له نهاية. وكل نهاية هي الموت. لذلك نفهم أن شجرة الحياة هي الإتحاد بالمسيح. وشجرة معرفة الخير والشر هي الخطية التي تفصلنا عن المسيح، والمسيح هو الحياة. إذًا فشجرة معرفة الخير والشر التي أكل منها آدم أدت للموت لأنه وقع في حيز المحدود بانفصاله عن الله.
أجاب مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن سؤال "كلمنا عن إنجازاتك في فترة حبريتك" فأجاب "لم نتعود أن نتكلم عن إنجازاتنا بل عن ما عمله الله بنا".
وكل من يفهم أن الله هو الذي يعمل به وينسب كل نجاح له في عمله إلى الله، ينطلق في نجاحه إلى أفاق لا نهائية مثل بولس الرسول.
الذكاء الروحي:- هو أسلوب يتبعه الخادم الذي يريد أن تنجح خدمته، ويتمجد بها اسم الله. ويتلخص في أنه عليه أن يفهم أن الله يعمل به، وأنه هو مجرد أداة في يد الله فلا ينسب أي نجاح في الخدمة لنفسه بل لله. وهذا ما قال عنه الرسول أنه "يجاهد قانونيا" (2تى2: 5) "وأيضا إن كان أحد يجاهد، لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا" وقوله يكلل يعني أن من يسلك بالذكاء الروحي وينسب نجاح الخدمة لله مخفيا ذاته يظهره الله ويحبه الناس، فالله هو الذي يضع محبة هذا الخادم في قلوب الناس. بل أن العجيب أن الله ينسب العمل لهذا الخادم مع أن العمل عمل الله. ونرى تطبيق هذا في خدمة وعمل مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث.
أما من يفرح بثمار عمله فيبدأ يتكلم عن نفسه معجبا بنفسه وبنجاحه، فهو يسرق عمل الله وينسبه لنفسه. وهو قد يلاقي بعض الإعجاب به، ولكن هذا سيكون لوقت محدود. وسيتغير الحال بدوافع الغيرة من البعض. بل من فصل نفسه عن الله يقع في حيز المحدود ويبدأ نجاح خدمته في التآكل.
آيات 14-16: "غَيْرَ أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ حَسَنًا إِذِ اشْتَرَكْتُمْ فِي ضِيقَتِي. وَأَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ أَيُّهَا الْفِيلِبِّيُّونَ أَنَّهُ فِي بَدَاءَةِ الإِنْجِيلِ، لَمَّا خَرَجْتُ مِنْ مَكِدُونِيَّةَ، لَمْ تُشَارِكْنِي كَنِيسَةٌ وَاحِدَةٌ فِي حِسَابِ الْعَطَاءِ وَالأَخْذِ إِلاَّ أَنْتُمْ وَحْدَكُمْ. فَإِنَّكُمْ فِي تَسَالُونِيكِي أَيْضًا أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ لِحَاجَتِي”.
إذ قال إنه غير محتاج لشيء وإنه مستكفي، وحتى لا يفهم أهل فيلبي أن الرسول يحط من قدر ما قدموه له، يقول إن كل ما عملتموه لي فهو حسن. إذ أنكم شاركتموني في ضيقتي في سجني، ليس بعطاياكم فقط بل بمحبتكم ومشاعركم. لقد شعرت في محبتكم أن ضيقتي هي ضيقة لكم. وهذا ليس بالجديد عليكم فأنتم منذ بدأتُ الكرازة بينكم بالإنجيل وحتى خروجي من مكدونية (كانت آخر مدينة زارها هناك هي بيرية منذ 10 سنوات)، لم تشاركني كنيسة واحدة كما شاركتموني، وبالأخص في مشاعركم بأنكم مدينون لي بالكثير، مقابل ما أخذتموه مني في رعايتكم وكرازتكم وتنمية إيمانكم، وأرسلتم لمساعدتي وأنا في تسالونيكي وهي مدينة ذات ثراء كبير. إلاّ أنتم وحدكم: لم يقبل الرسول سوى منهم لثقته في محبتهم له. العطاء والأخذ: بولس أعطاهم روحيات وأخذ منهم ماديات. وهم أخذوا روحيات وأعطوه ماديات.
آية 17: "لَيْسَ أَنِّي أَطْلُبُ الْعَطِيَّةَ، بَلْ أَطْلُبُ الثَّمَرَ الْمُتَكَاثِرَ لِحِسَابِكُمْ”.
لا يُفهم من حديثي هذا أنني أجتهد في طلب عطايا أكثر منكم، بل أطلب لكم الثمر المتكاثر في البر، أي الثمر الروحي المتكاثر في أعمال المحبة ويزداد رصيدكم من أعمال البر والإحسان، والله لا ينسى تعب المحبة.
آيات 18-20: "وَلكِنِّي قَدِ اسْتَوْفَيْتُ كُلَّ شَيْءٍ وَاسْتَفْضَلْتُ. قَدِ امْتَلأْتُ إِذْ قَبِلْتُ مِنْ أَبَفْرُودِتُسَ الأَشْيَاءَ الَّتِي مِنْ عِنْدِكُمْ، نَسِيمَ رَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ، ذَبِيحَةً مَقْبُولَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ. فَيَمْلأُ إِلهِي كُلَّ احْتِيَاجِكُمْ بِحَسَبِ غِنَاهُ فِي الْمَجْدِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. وِللهِ وَأَبِينَا الْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدَّاهِرِينَ. آمِينَ”.
استفضلت: تقدماتكم جعلتني أستوفي كل حاجاتي بل زادت عن حاجتي. ذبيحة مقبولة نسيم رائحة طيبة: هذه كلمات تستخدم مع ذبائح العهد القديم (تك 21:8) + (لا9:1). فهو اعتبر العطايا ذبيحة حب (عب16:13). والرائحة الطيبة هي رائحة المحبة التي قدموا بها عطاياهم. فيملأ إلهي: قوله إلهي يشير لإحساسه بأن الله إله خاص له " أنا لحبيبي وحبيبي لي" (نش 16:2؛ 3:6). وهذا الإحساس يقوي العلاقة بيني وبين الله. بولس اختبر العلاقة الخاصة بين الله وبينه وعرف محبة الله وحنانه.
بحسب غناه: إذًا فعطايا الله لنا بغير حدود لأن غناه بغير حدود.
ولله وأبينا: هو الله وهو أبينا. وما أجمل أن نعرف أن الله هو أبونا.
آيات 21-23: "سَلِّمُوا عَلَى كُلِّ قِدِّيسٍ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الإِخْوَةُ الَّذِينَ مَعِي. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ جَمِيعُ الْقِدِّيسِينَ وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ مِنْ بَيْتِ قَيْصَرَ. نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ. كُتِبَتْ إلِىَ أَهْلِ فِيلِبِّي مِنْ رُومِيَة عَلَى يَدِ أَبَفْرُودِتُس”.
لا سيما الذين من بيت قيصر: كان الرسول قد قاد بعض الجنود وموظفي القصر للإيمان، وربما بعض من عائلة قيصر. فكان الجنود الذين يحرسونه يسمعونه وينقلون الأخبار للآخرين فيأتون إليه. ويسمعونه فيؤمنوا.
← تفاسير أصحاحات فيلبي: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
الفهرس |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير فيلبي 3 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/k8t73fs