St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   11-Resalet-Filebby
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

فيلبي 3 - تفسير رسالة فيلبي

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي:
تفسير رسالة فيلبي: مقدمة رسالة فيلبي | فيلبي 1 | فيلبي 2 | فيلبي 3 | فيلبي 4

نص رسالة فيلبي: فيلبي 1 | فيلبي 2 | فيلبي 3 | فيلبي 4 | فيلبي كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

آية 1: "أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي افْرَحُوا فِي الرَّبِّ. كِتَابَةُ هذِهِ الأُمُورِ إِلَيْكُمْ لَيْسَتْ عَلَيَّ ثَقِيلَةً، وَأَمَّا لَكُمْ فَهِيَ مُؤَمِّنَةٌ".

أخيرًا: الأصل اليوناني "أما بالنسبة لما بقى من الكلام" أي أن الجزء السابق أو الحديث السابق قد انتهى وسيبدأ حديث في موضوع جديد هو تعاليم المتهودين الذين يعلِّمون بضرورة الختان، وباقي الطقوس اليهودية كأمر ضروري للخلاص. والرسول لا يعتبر أن تحذيراته في هذا الخصوص هي ثقيلة عليه أو تسبب له ضيقًا لأنها تُؤمِّنْ من يسمعها من الانزلاق في الخطأ. وهي ليست ثقيلة عليه لثقته فيهم ومعرفته لأخبارهم. وهذا عكس ما قاله في رسالته لغلاطية ولكورنثوس، حين قال "من حزن كثير ومرارة قلب كتبت لكم"، وهي ليست ثقيلة لأنه مسرور بهم. وقوله إنها ليست ثقيلة لأنه طالما نبههم إلى خطورتها وهو معهم في فيلبي ولكنه مضطر الآن أن يكتب لهم لخطورة الأمر.

افرحوا: الفرح يعطي قوة (نح10:8). أماّ الفشل والغم فلا يليقا بأولاد الله، لأن إبليس يصطاد مثل هذه النفوس المغمومة:

1. ليشككها في محبة الله.

2. ليغريها بأن تتعزى بخطايا العالم وملذاته.

ولنرى كيف أن بولس وسيلا كانا يسبحان في السجن. لو كتب بولس لهم عن الفرح وهو لا يعاني من السجن لما صدقوه وهم في آلامهم وهناك اضطهاد واقع عليهم، لكنه يكتب لهم كمختبر. والفرح هو لمن يثبت في الرب (فى4:4)، والفرح الذي من الرب يتميز عن الفرح العالمي في أنه ينتصر على الضيقات (يو16: 22) . بل لا يمكن أن يجتمع الألم والفرح إلاّ في الرب، فالرب وحده هو القادر أن يحوِّل الضيق الداخلي الناشئ من الألم إلى فرح داخلي. هذه الرسالة هي رسالة الفرح لذلك يذكرهم بالفرح الذي يريد الرب أن يعطيه لهم، وفي هذا تحذير أن من يرتد وراء الآخرين سيفقد هذا الفرح.

افرحوا: هنا بولس يعطي أمرًا بأن نفرح والمقصود أن اكتشفوا أن الله قادر أن يعطيكم الفرح من خلال العلاقة الشخصية في المخدع واكتشاف شخص الله الذي يعطي الفرح الحقيقي الذي ينتصر على أي ألم. من اكتشف هذا الفرح لا تهزمه تجربة ولا يصاب باكتئاب أو حزن. ومن لم يكتشف طريق الفرح هذا، إن أصابته تجربة مؤلمة، يصطدم مع الله ويكتئب بل هناك من يرفضون التعزية والفرح. وكيف يعطي الله تعزية وفرح لمن لا يريد. ومن هم هكذا يصبحون صيدًا سهلًا لإبليس. والمسيح يحزن جدًا على هؤلاء المكتئبين، بعد كل ما صنعه من فداء، وأنه جعلهم أبناء الله وأعد لهم مكانًا في السماء وأن كل الأمور لخيرهم ليصلوا إلى هذا المكان المعد، بل هو يعرف أننا الآن في حزن وهو مستعد أن يحول الحزن الذي نحن فيه إلى فرح لمن يريد ويطلب (يو16: 22) . فلماذا يكتئبون؟ السبب هو الشك في محبة المسيح لهم وأن ما يسمح به هو للخير. ومن يحيا في فرح يحيا في صحة جسدية ونفسية ويحيا في قوة.

 

آية 2: "اُنْظُرُوا الْكِلاَبَ. انْظُرُوا فَعَلَةَ الشَّرِّ. انْظُرُوا الْقَطْعَ”.

انظروا: معناه احذروا واحترسوا وافتحوا عيونكم.

الكلاب = هناك كلمتين بمعنى كلاب:

1. الكلاب المدلّلة وهذه تكون مدلّلة في البيوت. واستخدم رب المجد هذه الكلمة في حديثه مع المرأة الكنعانية (مت26:15).

2. الكلاب الجربانة الضالة التي تجري في الشوارع مُهْمَلَةْ. وهذه هي الكلمة المستخدمة هنا. وهذه الكلمة استخدمها اليهود واليونانيين ككلمة توبيخ، ويقصد بها الرسول توبيخ المعلمين الكذبة من المتهودين، الذين تمسكوا بالتعاليم اليهودية وحرموا أنفسهم من الشبع بالنعمة في إنجيل الخلاص، وهؤلاء أرادوا اعتبار المسيحية طائفة يهودية، وعلموا بأن الأمم لكي يصيروا مسيحيين عليهم أن يدخلوا من باب اليهودية أولًا. هؤلاء كانوا سبب ثورة بولس الرسول على غلاطية إذ وضعوا بجانب دم المسيح شروطا أخرى للخلاص كالختان والتطهير بالماء. وهؤلاء أسماهم الرسول هنا:-

كلابًا:

1. فهم نبحوا ضد بولس عندما قاومهم، ككلاب مسعورة (راجع سفر الأعمال)، بل نبحوا ضد كل من عَلَّم تعليمًا صحيحًا. وشبههم بالكلاب في محاولتهم عض ومهاجمة خدام المسيح الحقيقيين. وهكذا وصف المسيح هيرودس بالثعلب.

2. هم ينهشون جسم المسيح (الكنيسة) ليخطفوا ما يستطيعون اختطافه من المؤمنين.

3. الكلب رمز للنجاسة في العهد القديم (تث18:23). لأنه يأكل من الزبالة والقذارة. ولذلك أطلق اليهود على الأمم لفظ كلاب لوثنيتهم ونجاستهم التي يحيون فيها، وبهذا فهم منفصلين عن شعب الله وعن الله. ودارت الأيام وها هو بولس كممثل لكنيسة الأمم يرد لهم الاسم فهم أولى به بسبب انفصالهم الآن عن الكنيسة شعب الله وعن النعمة. ولا سبيل للطهارة من النجاسة إلا بدم المسيح، وهم رافضين الإيمان بالمسيح، ولذلك فنجاستهم باقية. ولذلك قال عنهم الرسول أنهم كلاب.

4. الكلب منتقم ينهش من الخلف، وهذا ما يفعلونه باضطهادهم لخدام المسيح.

فعلة الشر: هم المتهودين الذين يريدون إفساد التعليم الصحيح وخطف أولاد الله، هم ضد الإنجيل ويشوهون تعاليمه ويضلِّلون المؤمنين عن الحق الإلهي الصحيح.

القطع: معنى الكلمة الذين يقطعون أجزاء من أجسادهم، وهي إشارة لأنهم يعلِّمون بالختان الجسدي كطريق للخلاص بدلًا من الختان الروحي الذي هو من صميم عمل النعمة في العهد الجديد. ونادى به أنبياء العهد القديم (لا41:26) + (تث16:10 +6:30) + (إر10:6). والكلمة قد تشير إلى أن هؤلاء بتعاليمهم المنحرفة قد قطعوا أنفسهم من شركة جسد الكنيسة.

 

آية 3: "لأَنَّنَا نَحْنُ الْخِتَانَ، الَّذِينَ نَعْبُدُ اللهَ بِالرُّوحِ، وَنَفْتَخِرُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، وَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى الْجَسَدِ”.

لأننا نحن الختان = لماذا هم كلاب؟ لماذا هم قطع؟ لأنهم قطعوا أنفسهم عنا نحن كنيسة المسيح المختونين روحيًا أي ختان القلب بالروح (رو29:2، 13:8). فالقلب يحب الأقارب مثلًا ولكنه يحب الخطية أيضًا، ولكن الروح القدس يعين من يميت أعمال الجسد، فمن يقف ميتًا أمام الخطية يعينه الروح القدس وبولس الرسول هنا يقول أيهما له قيمة أكبر: أن يقطع إنسانًا جزء من جسده بيد إنسان أو أن الروح القدس يميت حب الخطية من داخلي.

نحن نعبد الله بالروح: العبادة بالروح (رو9:1) هي التي أشار إليها السيد المسيح للسامرية (يو24،23:4). وهذه العبادة بالروح يشترك فيها كل من آمن بالمسيح من اليهود والأمم الذين صاروا من شعب الله.

هناك عبادة بالجسد أي ما كان يمارسه اليهود. يصوم ويصلي ويطالب الله بالأجر (ومازال هناك من المسيحيين من يفكر كاليهود فيقول أنا صمت وصليت فلماذا يسمح الله لي بهذه التجربة) وهناك من يدخل في منافسات من يصوم مدة أطول ليطالب بثمن أكبر. هذا ما يسمى البر الذاتي.

وهناك عبادة نفسانية أي من يصلي إذا وُجد جو مشجع كاجتماع صلاة. أي طالما وُجِدَت قوة دفع يصلي، وإذا لم توجد لا يصلي. مثل هؤلاء يصلون القداس ثم لا يصلون في مخادعهم لأنهم صلوا في القداس.

أما العبادة بالروح هي أن يقودني الروح.

ولكن هناك سؤال هل الصوم عبادة بالروح أم الجسد مع أن الصوم يقوم به الجسد وهكذا المطانيات metanoia هل هي بالجسد أم بالروح. هناك صوم ومطانيات بالروح وصوم ومطانيات بالجسد. الصوم بالروح هو أن الروح القدس يخاطب الروح الإنسانية فتقتنع الروح الإنسانية بما يمليه عليها الروح القدس. والجسد ينقاد لما أملاه الروح القدس على الروح الإنسانية. (وهكذا في المطانيات) وهنا نجد أن الروح القدس أقنع الإنسان بهذه العبادة بأن يبكته على خطاياه ويقنعه بالانسحاق (يصوم ويصلي ويسجد). أو الروح القدس يذكر الإنسان بأن المسيح صلب من أجله ويقنعه قائلًا ألا تترك أكل تحبه لأجل المسيح. هنا يصوم الإنسان ويصلي وينسحق عن اقتناع دون طلب ثمن من الله. هنا لو أتت تجربة على الإنسان ينسحق بالأكثر ويقول هذه بسبب خطاياي، أنا أستحق. هذه العبادة بالروح تجعلني أقترب بسهولة من الله لذلك حصلت المرأة الخاطئة على الخلاص ولم يحصل عليه الفريسي المتكبر.

أما العبادة بالجسد فهي نوع من إحساس الإنسان بأنه يداين الله بعبادته. ولكن من يداين الله سريعًا ما يدين الله مثل الفريسي الذي قال عن المسيح "لو كان هذا نبيًا..".

هذه العبادة بالجسد هي ما أسماه بولس البر الذي بالناموس أي العبادة الجسدية ولكن هناك البر الذي بالمسيح، وفيه المسيح هو الذي يفعل فيَّ كل بر. أما البر الذي بالناموس ففيه أنني أنا الذي أفعل كل شيء.

ولكن هل معنى أن المسيح هو الذي فعل كل شيء أنني لا عمل لي ولا جهاد لي؟

حل هذه المعادلة كان في قول المسيح: " إذا فعلتم كل البر فقولوا أننا عبيد بطالون"، ومن يضع في نفسه أنه عبد بطال كيف يدين الله إن أتت عليه تجربة ويقول لماذا سمحت يا رب بكذا أو كذا.... هو سيقول لأجل خطيتي.

المسيح تمم الخلاص ولكن حتى أستفيد بهذا الخلاص.

1. أتمم خلاصي بخوف ورعدة في جهاد مستمر.

2. أقول دائمًا إنني عبد باطل.

لذلك ينقسم المؤمنين إلى فئتين:

1. المجموعة الأولى تشعر بخيرات الله عليها وأن خيراته هي بلا حدود وتنسب الآلام لخطاياها. هذه الفئة هي من تعبد الله بالروح.

2. المجموعة الثانية تنسب الخير لذكائها وتنسب الآلام والشرور لله وهذه الفئة هي من تعبد بالجسد.

الفئة الأولى تنسحق أمام الله، فيتعامل معها الروح وتعبد الله بالروح والفئة الثانية كبريائها أعماها فما عادت تعرف كيف تسمع صوت الله وما عادت تستطيع أن ترى يد الله.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

العبادة بالروح:

ماذا يأخذ من يعبد بالروح؟

1. الروح يشفع فيه أي يجعله مقبولًا أمام الرب (رو26:8). فالمسيح يشفع فينا شفاعة كفارية أمام الآب أي يغطينا بدمه فنصير مقبولين أمام الآب. فبدون دم المسيح نفتضح وتظهر خطايانا فلا نكون مقبولين أمام الآب.

2. فماذا تعني شفاعة الروح القدس؟ قد يطلب الإنسان طلبًا لا يرضي عنه الله، مثلًا شفاءً جسديًا، كما طلب بولس، ويصر هذا الإنسان على طلبه فيكون معاندًا لإرادة الله. وهنا يتدخل الروح القدس مع من يعبد بالروح ويقنعه أن هذا ضد إرادة الله، ويستجيب ويصرخ "لتكن مشيئتك" ويصير بهذا مقبولًا لدى الآب. وهذا ما حدث مع بولس الرسول إذ سمع أن شفاءه سيكون سببًا في هلاكه إذ سيرتفع من فرط الإعلانات (2كو11) فلم يطلب مرة أخرى.

3. الروح القدس  يُصوِّر لنا من هو المسيح وكيف أحبنا حبًا متناهيًا. وقد لا نجد كلمات نعّبر بها عن حبنا للمسيح وشكرنا له فنصرخ بأنات للتعبير عن حالتنا هذه.

4. (رو26:8). إذ لا نجد كلمات تعبِّر عما في القلب. يذكرنا الروح القدس بكم صنع بنا الله وحفظنا وستر علينا وأعاننا ويُصوِّر لنا هذه المواقف وكم كنا معرضين لأخطار عظيمة لولا معونة الله. وهنا تخرج عبارة "أشكرك" من القلب وليس من الفم.

5. يُصوَّر لنا الروح القدس عظم خطيتنا وكم من إهانات وجهناها إلى الله فنصرخ من القلب "ارحمنا" وليس من الفم.

6. الروح القدس يُصوَّر لنا أمجاد السماء (1كو9:2-12 + 1كو12:13). وكيف أن هذا سيكون مكاننا فنسبح الله من القلب على عظيم محبته ونشكره ونشتهي السماء.

7. الروح القدس يضع كلامًا على أفواه من يعبد بالروح (هو2:14، 3) ولكن هذا يستلزم أن نسكت بعض الوقت أثناء الصلاة وأن ننسحق أمام الله وأن نتغصب فنطيل صلواتنا نتكلم قليلًا ونسكت كثيرًا لنسمع.

8. لذلك نصلي دائمًا أن نمتلئ من الروح ونقول "روحك القدوس جدده في أحشائنا" أي املأنا من الروح واجعله يعمل فينا ولا ينطفئ. فتكون لنا هذه العبادة الروحية. والروح نفسه لا ينطفئ فإلهنا نار آكلة (عب29:12) ولكن الإنسان الجسداني لا يعود يسمع صوته مثال من يطفئ صوت الراديو لا يعود يسمع صوته مع أن الموجات الصوتية موجودة في كل مكان ومتاحة.

 

نفتخر في المسيح: شعب الله يفتخرون في المسيح يسوع، وليس بأعمال الجسد مثل الختان الجسدي أو البنوة لإبراهيم. وكلمة نفتخر في أصلها اليوناني تحمل معنى فكر الفرح والمجد. فالعبادة بالروح تقود للفرح. لذلك في العهد الجديد لم نسمع عن شخص قوي جسديًا ولا عن امرأة جميلة كما كنا نسمع كثيرًا في العهد القديم لأن القوة والجمال صارا في العهد الجديد في شخص المسيح فقط. لقد صار المسيح هو فرحنا ومجدنا وابتهاجنا وفخرنا وقوتنا وجمالنا.

لا نتكل على الجسد: في المفهوم المسيحي، الخلاص عمل يفوق إمكانيات البشر ويقوم به الله لأجل الإنسان. أمّا اليهود فهم يتصورون أن الخلاص هو عمل طبيعي يقوم به الإنسان تجاه الله، لذلك فهم يتكلمون عن أعمال بشرية مثل الختان أو سائر الفروض الناموسية كوسائل للتبرير. والمقصود تجنبوا أفكار المعلمين الكذبة، فنحن نعبد الله بأرواحنا الخاضعة لعمل الروح القدس، ونفتخر بالمسيح يسوع الذي يمنحنا البر والقداسة، ولسنا مثلهم نعتمد في تبريرنا على عمل يعملونه في الجسد كبر ذاتي لهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ومن يعبد الله بالروح في فرح سيفهم أن الله هو الذي يعمل كل شيء. وهو لذلك لا يعتمد على نفسه في شيء بل على الله. فمن يعتمد على ذاته يحاول أن يرضي ذاته في عبادته فيتكبر. أما من يثق في أن الله هو الذي يعمل كل شيء يشعر بضآلته فينسحق، وهذا هو المدخل الصحيح للتعامل مع الله، وهذا ما شعر به بولس الرسول نفسه فقال  جاهدت الجهاد الحسن لأنه مخلوق ليعمل (أف 10:2). ولكن في داخله يشعر إنه أول الخطاة ويقول "أنا أصغر جميع القديسين" (أف 8:3). حقًا الله عمل كل شيء للخلاص لكن على الإنسان أن يجاهد وإذا فعل كل البر يقول عن نفسه أنه عبد بطال ويقول عن نفسه أنه "أول الخطاة" مع بولس. لذلك المسيحي لا يفتخر بنفسه فهو يشعر أنه لا شيء بل يفتخر بالمسيح ويقول عن نفسه أنه عبد بطال هذه حقيقة أولًا. وثانيًا فيها حماية من الكبرياء. وثالثًا أننا لا نعتمد على عملنا بل على قوة عمل المسيح.

 

آية 4: "مَعَ أَنَّ لِي أَنْ أَتَّكِلَ عَلَى الْجَسَدِ أَيْضًا. إِنْ ظَنَّ وَاحِدٌ آخَرُ أَنْ يَتَّكِلَ عَلَى الْجَسَدِ فَأَنَا بِالأَوْلَى”.

إن كان أحد من المتهودين يثق في نفسه بما له من مميزات مترتبة على وضعه كيهودي، وعلى ما له من أعمال بشرية. فأنا أفوقه في هذه المميزات.

إن ظن: ظن في أصلها اليوناني تشير لمن يقارن نفسه بالآخرين، فيرى في نفسه مميزات لا يراها في الآخرين. وهكذا المتهودين يظنون أنفسهم بسبب يهوديتهم أنهم أفضل من الأمم.

 

آية 5: "مِنْ جِهَةِ الْخِتَانِ مَخْتُونٌ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ، مِنْ جِنْسِ إِسْرَائِيلَ، مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، عِبْرَانِيٌّ مِنَ الْعِبْرَانِيِّينَ. مِنْ جِهَةِ النَّامُوسِ فَرِّيسِيٌّ”.

الختان: علامة شعب الله في العهد القديم. إذًا بولس من بيت يهودي وليس دخيلًا على اليهودية. في اليوم الثامن: كان الدخلاء (الأمم الذين آمنوا باليهودية وأرادوا الانضمام لدين اليهود) يختتنون وهم كبار سنًا، أي يوم دخولهم لليهودية. إذًا بولس كان يهودي المنبت وليس دخيلًا.

من جنس إسرائيل: لم يختلط بالأمم، أي من جنس نقي. وارث لبركة إبراهيم وإسحق ويعقوب. من سبط بنيامين: كانت ميزة سبط بنيامين أنه مع سبط يهوذا مولودين في الأرض المقدسة، وهو ابن راحيل المحبوبة وليس ابن جارية. ولاحظ أن يوسف أيضًا كان ابن راحيل المحبوبة ولكن سبطي افرايم ومنسى ضاعا مع المملكة الشمالية. وكان من سبط بنيامين، أول ملك على إسرائيل. وظلوا ملازمين ليهوذا بعد انقسام المملكة، وعادوا معهم بعد السبي. عبراني: أي يتكلم العبرانية مع أنه وُلِدَ في بلاد أجنبية، وهذه ميزة له، فاليهود في الشتات كانوا يتكلمون اليونانية وأهملوا العبرانية. فريسي: أي مُفرز ومُخصص لله، يحفظ أبسط وأدق تفاصيل الناموس بكل حرص. وعند اليهود كان الفريسيين هم الأعظم في الأحزاب، فكانوا مثل الحاصلين على الدكتوراه في الناموس، وكانوا حوالي ستة آلاف شخص أيام المسيح. وقيل عنهم: "كل من يذهب للسماء لا بُد أن يكون فريسيًا". ولكن المسيح كان يهاجمهم لكبريائهم.

 

آية 6:  "مِنْ جِهَةِ الْغَيْرَةِ مُضْطَهِدُ الْكَنِيسَةِ. مِنْ جِهَةِ الْبِرِّ الَّذِي فِي النَّامُوسِ بِلاَ لَوْمٍ”.

هو عرف اليهودية في أضيق مذاهبها وأكثرها تعصبًا، كان غيورًا على يهوديته لا يطيق أن يرى أحد خارج حظيرتها. لذلك حرص على أن يلاشي الكنيسة الوليدة. وكان هذا تدينًا مريضًا لأنه مرتبط بالقتل. كان كمن يدافع عن الله. والحق أن الله هو الذي يدافع عنا.

بلا لوم: كان مدققًا في إيفاء كل مطالب الناموس بلا إهمال يُلام عليه في وصايا أو فرائض الآباء. ومشكلة هذا الشعور أن الإنسان الذي يشعر أنه بلا لوم لن يبحث عن الكمال. ولاحظ أن بولس المسيحي قال الخطاة الذين أولهم أنا.

آيات 6، 5: تشرح معنى البر الذي بالجسد، هنا نجد بولس يفتخر بمواصفات معينة جسدية، ويفتخر بنفسه في كبرياء. وهكذا كان بولس في ظل اليهودية.

أما في المسيحية فقد انفتحت عيناه وأبصر نور الله وأدرك قداسته، وفي ضوء نور الله العظيم رأى ما بداخله في الأعماق فرأى خطايا قد لا ندركها نحن فماذا قال؟

* الخطاة الذين أولهم أنا (1تى1 : 15) - هو في نور الله لا يرى سوى الله ونفسه - ولا يقارن نفسه مع أحد بل يفحص نفسه في نور الله القوى الذي يراه، فيرى ما لا نراه نحن.

* أنا الذي كنت قبلا مُجدفًا ومضطهدًا ومفتريًا (1تى1: 13).

* الخطية الساكنة فيَّ - ليس ساكن في جسدي شيء صالح (رو7).

* من ينقذني من جسد هذا الموت (رو7).

 

آية 7: "لكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحًا، فَهذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً".

كل هذه الامتيازات السابقة التي كانت لي قبل المسيح، وتعتبر مكاسب كبيرة من وجهة نظر أي يهودي، رأيتها الآن كخسارة:-

* هي خسارة إذا قورنت بما أخذته من هبات في المسيح.

* هي خسارة لأنها لم تفدني شيئًا في علاقتي بالمسيح، بل كانت حاجزًا بيني وبينه. البر الذي بالناموس كان السبب في أنني لم أعرف المسيح إذ كان أمامي، فطالما ظن الإنسان في نفسه أنه بار فلن يشعر بالاحتياج للمسيح ولن يبحث عنه.

* بل اضطهدت تابعيه من المسيحيين. وبينما كان يظن أن هذه خدمة يقدمها لله إذ به يزداد انفصالا بعمله هذا عن الله.

* لذلك يكون بري هذا هو السبب في هلاكي لأنني لم أعرف المسيح. فبولس بعد أن عرف المسيح اكتشف أن بر الجسد صار عائقًا عن بر المسيح، فالبر الناموسي هو نوع من الربح للإنسان بحيث أنه كلما حصل عليه بسلوكه كان له فضل فيه على الآخرين. 

* الإحساس بالبر الذاتي، والإحساس بالأفضلية على الآخرين، يبعدنا عن البر بالمسيح لأن فيه كبرياء، والكبرياء يسبب الابتعاد والانفصال عن الله.

* وما دام الإنسان يحسب نفسه بلا لوم فلماذا السعي وراء الكمال.

* كان الناموس الذي كنت متمسكًا به سبب لعنة عليَّ، فالناموس يلعن ويحكم بالموت على كل من يخطئ حتى في خطية واحدة، ومن هو الذي لا يخطئ.

وحتى الآن فهناك من يظن أن طريقًا ما فيه ربح ولكنه فيه خسارة، مثل من ينكر الإيمان. أما من يستشهد فإن العالم يظن أنه قد خسر حياته، وهو قد ربح الملكوت (مر 35:8). بولس كيهودي كان يظل يفكر في نسبه وما يفتخر به من أعماله فيدخله الكبرياء أما بولس كمسيحي يقول أنه لا يفكر في الماضي مهما وصل من درجات أو مهما عمل من خدمة بل يظل ينظر للسماء ولدرجات أعلى (آية 13).

 

آية 8: "بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ،”

بولس بعد أن رأى المسيح في طريقه إلى دمشق، ثم عرفه بعد ذلك من خبرته في حياته في المسيح، وعرف أن المسيح هو يهوه الإله القوي الذي أحب خاصته إلى المنتهى. فلأجل المسيح الذي تذوق بولس محبته، خسر وضعه كفريسي مقرب للقيادات الدينية وقائد يهودي بارز، بل خسر أصدقاءه ومعارفه اليهود. وامتد بولس بنظره فوجد أن ليس فقط مركزه كيهودي، بل كل ما في العالم ما هو إلاّ نفاية بجانب معرفة يسوع المسيح، وأن كل شيء في العالم إن كان سيحرمه من المسيح، أو بالمقارنة مع معرفة المسيح، ما هو إلاّ نفاية. وهذا معنى المثل الذي قاله الرب عن الإنسان الذي وجد لؤلؤة كثيرة الثمن فمضى وباع اللآلئ التي يمتلكها إذ صارت لا قيمة لها عنده بعد اكتشاف اللؤلؤة الثمينة.

معرفة المسيح: هناك فرق بين أن أعرف المسيح وأن أعرف عن المسيح. فأعرف المسيح تشير لمعرفة اختبارية اقتناها بولس من خلال حياة الشركة مع المسيح. ومعرفة المسيح هذه هي الحياة الأبدية (يو3:17). وهذه المعرفة تملأ القلب فرحًا وسلامًا ومحبة (راجع مت46:13).

فضل معرفة المسيح: حين تُقارن معرفة المسيح هذه بأي شيء آخر فهي من المؤكد ستكون أفضل بما لا يُقاس. بل إذا لم أعرف المسيح فسيكون كل ما عرفته أو وصلت إليه في العالم ما هو إلاّ خسارة وعديم النفع. فمعرفة المسيح تعني الفرح والسلام هنا إذ نعرف بين يدي من نحن، وتعني المجد في السماء. أليست إذًا كل الأشياء التي تلهينا عن معرفة المسيح ما هي إلاّ خسارة. والمسيح هو وحده الحق "أنا هو الطريق والحق والحياة" أما العالم فهو باطل كل الأباطيل أي ضياع وبلا جدوى.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

معرفة المسيح:

معرفة المسيح هي الأفضل (آية 8).

أوجد فيه (آية 9) أي ثابت في المسيح.

لأعرفه (آية10).

 

خلق الله آدم ومن آدم كون الله حواء فهما واحد، والأولاد كانوا منهما، أي الكل واحد هو آدم. ولكن الخطية شققت هذه الوحدة. وجاء المسيح ليعيد ما أفسدته الخطية ويجمعنا كلنا في جسد واحد هو جسده. فآدم كان رأسا لجسد واحد مزقته الخطية. أما المسيح فصار رأسا لجسد واحد تجمعه المعمودية والإفخارستيا.

أوجد فيه: مثل غصن في كرمة. وهنا كل منا يصير عضوا في جسد المسيح، ودم المسيح يسري في كل الجسد وكل من هو ثابت في المسيح سيكون له ثمار (يو15).

أعرفه: هناك معنى رمزي لكلمة أعرفه في الكتاب المقدس غير المعنى المباشر to know. فالكلمة تشير لوحدة ينتج عنها حياة. ونجد هنا ثلاث مستويات لهذه الوحدة:-

(1) فلان عرف زوجته (تك1:4) أي عاشرها وصارا جسدًا واحدًا، هذه معرفة بحسب الجسد. هي معرفة مثمرة تعطي حياة هو الطفل الذي يولد.

(2) وهناك معرفة على المستوى اللاهوتي:

- لا أحد يعرف من هو الابن إلا الآب  ومن هو الآب إلاّ الابن (لو22:10)

- أنا والآب واحد (يو30:10)

- أنا في الآب والآب فيَّ  (يو10:14)

وهذه الآيات تشير لوحدة الآب والابن وأن المعرفة تعني الوحدة. فكون أن الآب يعرف الابن والابن يعرف الآب فهذا يعني الوحدة، وهذا يظهر من الآيتين الأخيرتين. وهي أيضًا معرفة أو وحدة ينتج عنها حياة. فالآب يريد أن يخلق والابن الكلمة به كان كل شيء. الآب يريد أن الجميع يخلصون والابن يتمم الفداء.

(3)وأيضا كتعبير عن الوحدة بيننا وبين المسيح يقال أعرفه وتعني صرنا واحدًا مع المسيح. وباتحادنا بالمسيح يعطينا حياته فيكون لنا ثمر بر. "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو17: 3).

 وكلمة أعرف المسيح إذًا تعني أنني أصبحت واحدًا مع المسيح وسيكون لي ثمر هو ثمر البر الذي بالمسيح لأن حياة المسيح ستكون فيَّ.

وقارن مع الآيات (يو20:17ـ23) فالمسيح صيرنا واحدًا فيه.

فلو قلنا أن فلان عرف زوجته فهذا يعني أنهما صارا جسدًا واحدًا. ونحن بالمعمودية نتحد بالمسيح ونصير جسده فتكون لنا حياته الأبدية (رو6). فهذا يشير أيضًا إلى أن من يعرف الله يصير معه روحًا واحدًا (1كو 6: 17).

ومن يصير روحًا واحدًا مع الله يكون كشجرة مغروسة على مجاري المياه فمجاري المياه هي إشارة للروح القدس (يو 7: 37 – 39).

وهذه الوحدة مع المسيح تعطينا أن تصير لنا حياته فيستخدم أعضاءنا كآلات بر وهذا هو البر الذي بالمسيح. المسيح هو الذي يعمل فينا أعمال بر. والبر الذي بالمسيح يكون بالإيمان كمدخل لأننا ننتمي لجسد المسيح ونصير في المسيح بالإيمان ثم المعمودية. والطريق لكي أتحد بالمسيح هو الموت عن العالم.

 

 المعرفة بالمعنى المباشر للكلمة to know

هناك من يعرف عن المسيح معلومات ولكن من يعرفه بعد الإتحاد فهذه معرفة اختبارية تنتج عن العشرة. وحتى على مستوى العلاقات بيننا، فالمعرفة تزداد بالعشرة.

ونلاحظ أنه إذا عرفت المسيح أستطيع أن أترك العالم جزئيًا وإذا حدث هذا أعرف المسيح أكثر وحينئذ أفرح به فأتخلى بالأكثر عن العالم ، وهكذا إلى أن يصبح العالم كله بالنسبة لي نفاية. ولكن حتى نعرف المسيح فالثمن هو ترك العالم والموت عن العالم. وهذا ما نسميه حياة الإماتة . والمعرفة هنا هي معرفة اختبارية وليست العقلانية النظرية، ومن لا يعرف المسيح معرفة اختبارية يسهل خداعه وبهذا قد ينكر المسيح. وكلما عرفت المسيح يزداد إتحادي به والثبات فيه.

(يو21:17)  المسيح يطلب أن نكون واحدًا، نحيا في وحدة.

(يو21:17)  ليكونوا واحدًا فينا. هنا يطلب المسيح لنكون واحدًا مع الله.

(يو23:17)  أنا فيهم وأنت فيَّ ليكونوا مكملين إلى واحد.

هذه الوحدة خسرناها بالخطية، والمسيح أتى ليعيد هذه الوحدة. لذلك كانت هذه الآيات آخر آيات قبل الصليب مباشرة والسيد يقول "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم" وذلك بتحاشي الخطية والالتصاق به فنعرفه عقليًا أولًا ثم بالموت عن العالم تزداد المعرفة الاختبارية ويزداد الفرح وذلك لأن المسيح شخص ممتع وإذا عرفناه سنحبه لأنه يُحَب وبسبب هذا الحب ومن تذوقه، ترك الرهبان العالم وذهبوا للبرية ليتوحدوا مع الله فيستمتعوا بحبه دون عائق.

 

والمعرفة تزداد هنا على الأرض وتزداد أيضًا في السماء وكلما ازدادت المعرفة يزداد الفرح ويزداد الثبات أما من يرى الخطية لذيذة يريد أن يقتنصها فهو غصن جاف وورق خريفي أي تجربة تكون كريح تسقطه. (الريح الخفيفة هي التجارب البسيطة) أما من عرف المسيح فيكون كمن بنى بيته على الصخر. هذا لمن يعرف ويعمل (مت24:7-27) فما العمل الذي أعمله لأعرف المسيح وأبني بيتي على الصخر.

1. عشرة المسيح في المخدع.

2. الموت عن الخطية والعالم.

3. تنفيذ الوصايا.

 

أما من انغمس في محبة العالم تاركًا عشرة المسيح فلن يعرفه لذلك قال القديس يعقوب "محبة العالم عداوة لله" (يع 4:4) = هذه مثل من تقول لزوجها أنا أحبك لكن أحب معك شخصا آخر، أفلا يعتبر زوجها أن هذا عداوة له وخيانة. لكننا نحن نتعامل مع العالم كوسيلة للحياة ولكن من يحول العالم إلى هدف فهذا يعتبر عداوة لله. ومن يفعل سيسمع صوت الله قائلا له "أنا مزمع أن أتقيأك من فمي".

لذلك في آية (في 18:3) نسمع عن مؤمنين صاروا أعداء صليب المسيح هؤلاء لم يحاربوا المسيح لكنه يقول عنهم في آية (في 19:3) إنهم إلههم بطنهم لأن كل من يفكر فقط في شهوات وملذات الدنيا فهذه عداوة لله لأنه بهذا لم يبحث عن متعة معرفة المسيح ولا صار المسيح إلهًا يشبعه.

أعداء الصليب: ما هو الصليب؟ هو الألم.

فكيف يقبل الاستشهاد من يرفض صوم الأربعاء والجمعة. من يقبل الصليب هو صديق الصليب ولكن من لا يريد حمله فهو عدو له. هل مستعد أن تموت أولًا عن لذات الطعام في الصوم أو تحبس نفسك في صلوات طويلة.

من لا يريد إضاعة وقت في الصلاة لله كيف يقول أنا أقبل الصليب؟ من يغصب نفسه ويموت عن لذات العالم يتذوق حلاوة عشرة الله وحينئذ يدرك أن العالم نفاية بجانب معرفة المسيح. أمّا من يعرف الله في الكنيسة بطريقة ظاهرية سيأخذ بقدر ما أعطى.

لأعرفه: معرفة / تلذذ / ثبات / وحدة/ ثمار بر/ حياة.

وقوة قيامته: بالمعمودية وُلد ولادة جديدة.

بها صار ثابتًا في المسيح، وصارت فيه بذرة حياة.

شركة آلامه: حينما أرى آلام الحبيب أشتهي الألم معه كأم ترى آلام ابنها فتقول " يا ريتني كنت أنا" هذا بسبب الحب فمن أحب المسيح يشتهي أن يتألم معه. والمسيح تألم مرة على الصليب ولكنه ما زال يتألم بسبب الخطاة والذين ينكرون اسمه.

متشبهًا بموته: عن الخطية وعن العالم.

 

آية 9: "وَأُوجَدَ فِيهِ، وَلَيْسَ لِي بِرِّي الَّذِي مِنَ النَّامُوسِ، بَلِ الَّذِي بِإِيمَانِ الْمَسِيحِ، الْبِرُّ الَّذِي مِنَ اللهِ بِالإِيمَانِ”.

وأوجد فيه: أوجد في المسيح أي متحدًا به الآن وإلى الأبد، عضوًا في جسده وغصنًا في الكرمة. وهذا سر الفرح والسلام هنا، وهذا هو الطريق الوحيد لأمجاد السماء. وثباتي في الكرمة أي المسيح هو الوسيلة الوحيدة لكي أتبرر، ويرى الناس بر المسيح فيَّ الذي يثمره الروح القدس كهبة مجانية نتيجة لإيماني بالمسيح، فالإيمان بالمسيح هو المدخل لكل هذه البركات = بالإيمان وليس بطريق الفريسيين = ليس لي برى الذي من الناموس: هذا البر هو ما أصنعه أنا أي تنفيذي لأوامر الناموس، أصنعه أنا من ذاتي. وهذا ثبت أن أحدًا لم يستطع أن يتبرر به (أع 10:15) + (غل 16:2). فلو كان الناموس يبرر ما كان هناك داعٍ للمسيح (غلا 21:2). كل من قيل عنه بارًا قبل المسيح كان:

1.بطريقة نسبية أي هو بار بالمقارنة بمن حوله.

2.كان بر الناموس طريقًا ليتقابل البار بالمسيح فيعرفه كما حدث مع التلاميذ فتبعوه. أما البر الذي بالمسيح فيهيئنا لنتقابل مع الآب في المجد، ويقبلنا الآب لأننا في ابنه. وهذا ما قاله هوشع النبي "إزرعوا لأنفسكم بالبر، أحصدوا بحسب الصلاح، أحرثوا لأنفسكم حرثا .... حتى يأتي (المسيح) ويعلمكم البر" (هو10: 12).

3.لنقارن بين البر الذي يصنعه الله: البر الذي من الله بالإيمان. والبر الذي أصنعه أنا بذاتي (بالالتزام بالناموس). فالفارق بينهما هو الفارق بين السماء والأرض. البر الذي بالمسيح يعطيني السماء ميراثًا. والبر الذي من ذاتي يعطيني أن أتفوق على من هم مثلي على الأرض، ويكون ميراثي أرضيًا. وهذا هو حال العهد القديم. والسؤال للمتهودين... ماذا تطلبون... أبرًا يصنعه الله أم برًا ذاتيًا تصنعونه أنتم؟!

 

آية 10: "لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ،"

لأعرفه: هو سبق وقال إنه حَسِبَ كل شيء خسارة لأجل هذه المعرفة، وبإيمانه بالمسيح أصبح يوجد في المسيح (الآية السابقة). وصارت له حياة البر، البر الذي من الله. ولذلك حَسِبَ كل ما في العالم، ما تحت يده وما لا يملكه، كل شيء حسبه نفاية. لذلك انفتحت عيناه وصار يعرف كل يوم عن المسيح أكثر. لقد عرف بولس الرسول شيئًا عن المسيح في طريقه لدمشق، وما عرفه جعله يترك مركزه اليهودي، وهنا بدأت اختباراته عن المسيح تزداد، وظل يعرف كل يوم شيئًا جديدًا عن المسيح، وكلما عرف أكثر أحبه أكثر. ومع زيادة المعرفة احتقر أمجاد العالم بالأكثر. وأدرك أن كل ما كان يعتبره مكسبًا ما كان سوى خسارة عطلته عن المسيح، وما هو إلاّ نفاية بجانب محبة المسيح ومجد المسيح.

لقد كانت خسارته لكل المميزات السابق ذكرها هي الطريق الوحيد لمعرفة الرب يسوع، ليس فقط لكي يخلص بل ليعرف الرب معرفة حقيقية، يعرف حبه وحنانه وقوة اقتداره، ومجده، وتواضعه، ووداعته وعذوبته، هي معرفة اختبارية لأن المعرفة العقلية فقط هي معرفة شيطانية. أما من يعرف الرب ويختبره سيحب الرب ويطيعه ويتشبث به ويخدمه. ونلاحظ أن معرفة الله تزداد يومًا عن يوم هنا على الأرض وهناك في السماء.

1. المعرفة على الأرض تزداد يومًا عن يوم.

2. انتقالنا إلى أمجاد السماء يجعل معرفتنا تزداد جدًا.

3. معرفتنا في السماء أيضًا ستزداد يومًا عن يوم، وبالتالي تزداد أفراحنا إذ نعرف عن الرب أكثر ونحبه بالأكثر وهذه هي الحياة الأبدية (يو 3:17).

وقوة قيامته: لقد اختبر الرسول قوة عمل المسيح فيه من خلال كل ما واجهه من مواقف الحياة، ولقد تلامس واختبر قوة المسيح التي أقامت المسيح من الأموات، ورأى أن هذه القوة نفسها عملت لحسابه، إذ أقامته من موت الخطية. واختبر قوة القيامة هذه التي انتشلت الأمم من وثنيتهم ليصيروا قديسين.

وشركة آلامه: حين تذوق الرسول محبة المسيح، واختبر قوته الموجهة نحوه ونحو كل العالم، صار يشتهي أن يتألم لأجل حبيبه المسيح، فمن تذوق حب المسيح، يسهل عليه قبول الألم. وبولس حَسِبَ نفسه كغنم سيقت للذبح. اختبر بولس أكثر من ذلك أن المسيح لم يتركه في آلامه وحده، بل كان يعطيه تعزية بقدر الآلام التي يتعرض لها (2كو3:1-10). بل اختبر بولس أن الآلام التي سمح بها الله كانت لتنقيته وحفظه من الكبرياء (2كو7:12-10). والأجمل مِن كل هذا أنه شَعَرَ بشركة ورفقة المسيح بجانبه وسط آلامه. وهذه وحدها شهوة قلب من يحب محبة حقيقية. وشركاء الألم شركاء المجد (رو17:8). هنا قال كلمته العجيبة، إنه "وهِبَ لنا أن نتألم لأجله" (فى29:1). وذلك حتى نتذوق التعزيات، وبالآلام نكمل (عب10:2). وهذه وحدها شهوة قلب من يحب محبة حقيقية. وشركاء الألم شركاء المجد (رو17:8).

متشبهًا بموته: قمة الحب للمسيح أن نموت فعلًا لأجله، وهذا تم مع الشهداء، وهذا كان موقف الرسول الذي كان مستعدًا للموت لأجل المسيح في أي لحظة (رو36:8) + (2كو11:4). ولكن بالنسبة لنا فنحن لن نموت فعلًا لكي نتشبه بالمسيح ولكن نموت عن الخطية (رو11:6) + (كو5:3). ونموت عن العالم وكافة الأمور الأرضية. ونصلب أهوائنا وشهواتنا (غل24:5). ولكن إن حدث وطُلِب منا إنكار الإيمان فأهلا بالاستشهاد.

وترتيب الأحداث بالنسبة للمسيح كان: الألم ←  ثم الموت ←  ثم القيامة

معرفة المسيح

قوة قيامته

شركة آلامه

الموت

القيامة

(آية 11)

هي وحدة معه ينشأ عنها المعرفة الاختبارية وتذوق لذة عشرته فنحتقر العالم.

القيامة من موت الخطية وتغيير كامل للحياة

الحب للمسيح يدفع لقبول الألم لأجله في فرح لنشترك معه

1- موت عن الخطية

2- لو وصل الأمر للاستشهاد

القيامة العامة من الأموات في مجد أبدي

 

الجدول يشير لترتيب الأحداث بحسب الآيات 10، 11

لأعرفه وقوة قيامته وشركة ألامه متشبها بموته.. قيامة الأموات.

وقارن مع طريق المسيح آلام.... موت...... قيامة

وقد يبدو أن الترتيب بالنسبة لنا معكوسًا عما للمسيح ولكن لنتأمل

لأعرفه

وقوة قيامته

 

شركة آلامه

الموت

القيامة

  بهذا اتحد بالمسيح  يصير لي نفس طريق المسيح

فالمعرفة اتحاد وثبات في حياة المسيح

وإذا حدث الإتحاد مع المسيح   

آية 11: "لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ”.

لعلي:

1. هذه تشير لاتضاعه فهو يكمل خلاصه بخوف ورعدة غير واثق في نفسه، فهو القائل "من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط" (1كو 12:10).

2. وتشير لصعوبة الطريق إلى هذه القيامة، وصعوبة الجهاد المطلوب، والحيطة والحذر المطلوبين، فهو القائل: "أقمع جسدي وأستعبده.. حتى لا أصير مرفوضًا" (1كو 27:9). "ويكمل خلاصه بخوف ورعدة" (في 12:2).

3. فيها شهوة للمجد البهي بعد القيامة الذي رأى لمحة منه في طريقه إلى دمشق. والقيامة في هذه الآية تتكلم عن القيامة العامة في اليوم الأخير.

 

St-Takla.org Image: Runners, a photo from St-Takla.org's journey to Ethiopia صورة في موقع الأنبا تكلا: عدائون، من صور رحلة موقع سانت تكلا دوت أورج أي أثيوبيا

آية 12: "لَيْسَ أَنِّي قَدْ نِلْتُ أَوْ صِرْتُ كَامِلًا، وَلكِنِّي أَسْعَى لَعَلِّي أُدْرِكُ الَّذِي لأَجْلِهِ أَدْرَكَنِي أَيْضًا الْمَسِيحُ يَسُوعُ".

لكنى أسعى: معنى الكلمة كمن يجري في سباق، وهو تعبير واضح عن حياة الجهاد. ومعنى الآية.. أنا لم أبلغ كمال المعرفة بالرب يسوع، فهذا لن يتحقق لا هنا ولا في السماء، بل هي حياة تنمو فيها المعرفة هنا وهناك. ولكنني أمسكت بالطريق، وأنمو في هذه المعرفة كل يوم بقدر ما أسعى كي أحقق الهدف الذي لأجله افتقدني الرب يسوع في طريقي إلى دمشق. وكلما أعمل على إماتة ذاتي حاسبًا كل الأشياء نفاية، وأشترك في آلام الرب أزداد معرفة وأمتلئ بحياة المسيح فيَّ.

أدركني أيضًا: الله أدركنا لكي يحضرنا إلى السماء، لكي نحصل على كمال بركتنا. وأدركني أي وصل إليَّ، وتعامل مع قلبي، لأعرفه وأحبه وأثق فيه فأسلم له قلبي فيمتلكني، وبهذا يضمن كمال خلاصي، وبأن لا يمتلكني غيره فيستعبدني فأهلك.

والله بفدائه وإرسال روحه القدس، الذي يُبَكِّت ويعزي ويعلِّم أدركنا. لكن الله له طرق مختلفة تختلف بحسب احتياج الشخص وباختلاف حالته، يجذب بها كل نفس إليه، فمع السامرية يذهب إليها ويحاورها ليعرفها ذاته، ومع الابن الضال يُرسِلْ له الرب مجاعة ليقارن بين حاله في المجاعة والشبع في بيت أبيه، ومع مُقعد بيت حسدا يذهب إليه ليشفيه، وهكذا.. ومع بولس الرسول يظهر له في طريقه إلى دمشق. كلٌ له طريقة خاصة يستعملها الله بحكمته التي لا تُدرك. أدركني: هي تعبير عن المعاملة الخاصة للمسيح مع كل نفس.

 

آيات 14،13: "أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ. وَلكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ، أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ”.

أحسب: الكلمة في أصلها اليوناني معناها النظرة الفاحصة للماضي، في نقاش هادئ مع النفس للخروج بنتيجة. ولقد ظن كلًا من الفريسيين والغنوسيين أنهم وصلوا لدرجة الكمال، هؤلاء ببرهم الناموسي، وأولئك بمعرفتهم الفلسفية، وهذا ضد التواضع، فكلما شعروا أنهم وصلوا لدرجة معينة من البر انتفخوا. والكبرياء فيه انفصال عن الله لذلك يقول بولس في حكمة "أنسى ما هو وراء”: لا يفكر أبدًا إلى ما وصل إليه... فهو لم يصل بعد للسماء ولا للكمال. والكلمة اليونانية "أنسى" تشير لتمام النسيان. هو كمتسابق يركض نحو الجعالة، إن التفت إلى الوراء يضيع وقته وقد يخسر السباق. وروحيًا من ينظر للوراء يهلك كامرأة لوط "من يضع يده على المحراث لا يعود ينظر إلى الخلف". فمن يضع يده على المحراث وينظر للخلف يتعوَّج طريقه.

دعوة الله العليا: دعوة الله لنا هي عليا لأنها تأتي من السماء وهدفها أن نتجه للسماء. معنى كلام الرسول، أنني بنظرة هادئة لماضي حياتي أرى أنني لم أصل بعد للمستوى الذي لا أحتاج فيه إلى مزيد من الجهاد ومزيد من النمو ومزيد من المعرفة ومزيد من الحب، وأشعر أنني في احتياج للكثير كي أتمم الهدف الذي قصده لي الرب. لذلك أنا أنسى كل ما حصلت عليه (أو وصلت إليه) في الماضي سواء كان مكاسب أم سلبيات، حتى لا يعوقني شيء عن الجهاد الإيجابي لمزيد من النمو في معرفة الرب.

وَتَذَكُّر الشر أيضًا يُهْلِك. لذلك تصلي الكنيسة "طهِّرنا من كل دنس.. ومِنْ تِذكار الشر المُلْبِس الموت" (صلاة الصلح بالقداس الباسيلي). فتذكار الشر القديم إمّا أنه:

1. يجعلنا نشتهيه مرة أخرى.

أو:

2. نسقط في اليأس.

 ولكن داود يقول: "خطيتي أمامي في كل حين" ولكن هذه تعني أن نذكر خطيتنا:

1. لنتضع ولا ننتفخ.

2. لنذكر رحمة الله الذي غفر لنا فنشكره شكرًا بانسحاق وبتسبيحه على عمله.

ولنذكر دائمًا أعمال الله معنا وقبوله لنا لنشكره على محبته.

مع أن بولس وصل لمعرفة عالية جدًا جعلته يحسب كل الأشياء نفاية إلاّ أنه لو شعر أنه وصل لشيء وصار شيئًا ، سيمنعه هذا عن السعي للكمال بل سيدفعه للكبرياء والسقوط. بل يظل الإنسان يسعى أي كمن يركض في سباق بلا توقف.....

ناسيًا الماضي بإيجابياته فلا ينتفخ، وبسلبياته فلا ييأس طالبا رحمة الله.

الإيجابيات (كل ما وصل إليه من معرفة).

السلبيات (الخطايا السابقة).

الجعالة: هي الجائزة التي ينالها المتسابق أو المتصارع، وهذه في المسابقات العالمية، وأما لنا فجائزتنا هي الملكوت، هي الإكليل الأبدي (1كو 25:9). هي المسيح نفسه، وهكذا قال الرسول "لكي أربح المسيح" (آية 8). وفي مسابقات العالم واحد فقط من بين المتسابقين يأخذ الجائزة. أمّا روحيًا فكل من يجاهد سيكلل (1كو 24:9-27).

أمتد: كما يرمي المتسابق بنفسه في الميدان ليحصل على المكافأة (الجعالة) هكذا يركز الرسول كل فكره وجهده لكي يرضي الله، يرمي بنفسه في خدمته وجهاده معتمدًا على نعمة الله.

 

آيات 16،15: "فَلْيَفْتَكِرْ هذَا جَمِيعُ الْكَامِلِينَ مِنَّا، وَإِنِ افْتَكَرْتُمْ شَيْئًا بِخِلاَفِهِ فَاللهُ سَيُعْلِنُ لَكُمْ هذَا أَيْضًا. وَأَمَّا مَا قَدْ أَدْرَكْنَاهُ، فَلْنَسْلُكْ بِحَسَبِ ذلِكَ الْقَانُونِ عَيْنِهِ، وَنَفْتَكِرْ ذلِكَ عَيْنَهُ”.

الكاملين: الكمال نسبي، والمقصود الناضجين روحيًا الذين لهم نفس الفكر الذي له، والذي ذكره في آيات (14،13). أي الذين يسعون للكمال العمر كله معتمدين على نعمة الله وليس برهم الذاتي. ومن تواضع الرسول وضع نفسه معهم فقال الكاملين منا. هؤلاء الكاملين يشعرون أنه ما زال ينتظرهم الكثير. وحتى لو افتكر أحد أنه قد بلغ إلى أعلى مستوى فالله سيعلن له الحقيقة إن طلبها وأراد معرفتها، وهذا هو عمل الروح الذي يبكت ويعلم لكل من افتكر شيئًا غير صحيح فالروح القدس يصحح له إما بقراءة الكتاب المقدس أو كتاب روحي أو بعظة أو في خلال قراءته يفتح إدراكه فيفهم.

 بخلافه: لكل من ضل وانشغل بالعالم، أو ظن نفسه قد ارتفع في مستواه فيكف عن الجهاد. عمل الروح أن يكشف لهؤلاء ضلال فكرهم. وبولس واثق أن هذا سيحدث لأهل فيلبي لأنه واثق في محبتهم وإخلاصهم، فالله إذًا لن يتركهم جهلاء. وأما نحن ففي أعلى مستوى نصل إليه يجب أن يكون لنا هذا الفكر الذي أشرنا إليه. فلنسلك بحسب القانون عينه: لنواصل سيرنا في نفس الطريق أي الجهاد الذي بدأنا به علاقتنا بالرب حتى ننتهي إلى الجعالة العليا التي أرادها لنا الرب. أما ما قد أدركناه: علينا ألاّ نقف مهما كان ما أدركناه من نمو روحي بل نواصل السير والجهاد في طريق الكمال الذي لا نهاية له ولنذكر قول السيد المسيح: " كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل".

 

آية 17: "كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي مَعًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، وَلاَحِظُوا الَّذِينَ يَسِيرُونَ هكَذَا كَمَا نَحْنُ عِنْدَكُمْ قُدْوَةٌ”.

1. بولس هنا يضع نفسه أمامهم كإنجيل مُعاش فلم يكن هناك أناجيل مكتوبة.

2. وبولس يطلب أن يتمثلوا به لأنه هو يتمثل بالمسيح (1تس 6:1) + (1كو 1:11). فكأنهم إذا تمثلوا ببولس فهم يتمثلون بالمسيح.

3.  بل يطلب منهم بولس أن يتمثلوا بمن هم قدوة كتيموثاوس وأبفرودتس: الذين يسيرون هكذا. والمعنى أيضًا تمثلوا بمن يتمثل بالمسيح، وليكونوا لكم قدوة. لذلك تقرأ لنا الكنيسة في كل قداس السنكسار cuna[arion لنتمثل بهؤلاء القديسين.

 

آيات 19،18: "لأَنَّ كَثِيرِينَ يَسِيرُونَ مِمَّنْ كُنْتُ أَذْكُرُهُمْ لَكُمْ مِرَارًا، وَالآنَ أَذْكُرُهُمْ أَيْضًا بَاكِيًا، وَهُمْ أَعْدَاءُ صَلِيبِ الْمَسِيحِ، الَّذِينَ نِهَايَتُهُمُ الْهَلاَكُ، الَّذِينَ إِلهُهُمْ بَطْنُهُمْ وَمَجْدُهُمْ فِي خِزْيِهِمِ، الَّذِينَ يَفْتَكِرُونَ فِي الأَرْضِيَّاتِ".

هنا يشير لمن ارتدوا عن الطريق الصحيح وتأثروا بالفلسفات العالمية الإباحية، وهؤلاء اعتبروا أن الجسد مصدر للشرور، لذلك فالخطية مهما كانت لن تزيده شرًا فوق شره، وبالتالي لا ضرر من خطيتهم، إذًا فليطلقوا العنان لشهواتهم. وقالوا إن النعمة فيها متسع لجميع الخطايا (رو5:3ـ8). هؤلاء لا يسعون لجعالة دعوة الله العليا، بل لإرضاء شهوات بطونهم (أكل وشرب وجنس). لذلك هم أعداء صليب المسيح:هؤلاء مثل من يتذمر من تجربة بل ويتخاصم مع الله بسبب تجربة، أفلا يعتبر هذا عداوة للصليب الذي سمح به الله لهذا الشخص. ومن يرفض أن يتنازل عن أي شهوة أو لذة حسية ألا يعتبر هذا عداوة للصليب. هؤلاء يؤمنون بالصليب نظريًا لكنهم يرفضون حمله وترك شهواتهم، يرفضون صلب الجسد مع الأهواء والشهوات (غل 24:5). فالصليب رمز للتحمل والتضحية بالذات. هؤلاء لا يستطيعون تقبل الصليب لأن المسيح بصليبه أراد لنا التحرر من مطالب الجسد الأرضية، وأعطانا بصليبه أن نعيش وفق الروح الساكن فينا ويملك الله على كل القلب. كيف ينفذ هؤلاء وصية السيد لمن يريد أن يصبح تلميذا له فعليه أن يحمل صليبه ويتبعه (لو14: 27). هؤلاء صارت بطونهم آلهتهم: أي يعملون لإرضائها وتلبية مطالبها ورغباتها، ولا يرفضون لبطونهم طلب. فهم عندهم أن أقصى درجات السعادة هو إشباع الشهوات الجسدية.

مجدهم في خزيهم: صار مجدهم وافتخارهم بأمور هذا العالم وإرضاء شهواتهم، وهم افتخروا بكسرهم للقوانين الأدبية والخلقية والتشريعية وصار تفكيرهم منحطًا ومنصبًا في كل ما يربطهم بأرض الشقاء، ولم يعد لهم أي تطلع للسماء، فشرورهم منعت عنهم معرفة الملكوت الذي أراد الرب أن يؤسسه بالصليب. وكان افتخارهم هذا خزيًا لهم. هذه الآيات رد على من يقول أن من آمن قد ضمن الخلاص، فهاهم أناس قد آمنوا ثم ارتدوا فهلكوا.

 

آيات 21:20: "فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ”.

سيرتنا: المقصود في النص اليوناني مواطنتنا، هي من نفس أصل كلمة "عيشوا" (فى27:1). فمواطنو فيلبي كانوا يُعاملون كالرومان، ولهم نفس مزايا الرومان من أهل روما، وهذا كان يدفعهم للافتخار، لذلك يستخدم الرسول هذه الكلمة ليثير فيهم الاهتمام بالأكثر بمواطنتهم السماوية.

نحن مواطنين سماويين لأن رأسنا المسيح سماوي وأبونا سماوي وأعطانا أن نحيا في السماويات فهو "أقامنا معه وأجلسنا معهُ في السماويات" (أف6:2). إذًا فلنسلك كمواطنين سماويين فنحن ننتظر: (في أصلها اليوناني تعني التوقع بشوق شديد) نحن ننتظر مجيء مخلصنا الرب يسوع مرة ثانية من السماء. إذًا فما يدفعنا لأن نسلك كسمائيين أن ربنا سيأتي قريبًا من السماء حينئذ سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده. وكلمة تواضعنا لا تعني التواضع، بل الوضيع Lowly Body وتُترجم أيضًا Vile Body بمعنى (تافه / فاسد / حقير / جدير بالازدراء..). وهو صار وضيعًا بسبب الخطية. ونلاحظ أن موسى حين رأى شيئًا بسيطًا من مجد الله وهو مختبئ في الجبل لمع وجهه، فكم كان لمعان ومجد وجه آدم حين كان في الجنة وكان يتكلم مع الله دائمًا. هكذا خلقنا الله في مجد وقد خسرنا هذا المجد بالخطية. والمسيح افتدانا ليردنا إلى صورة مجده، لذلك قال: "المجد الذي أعطيتني.. أعطيتهم" (يو 22:17). هذا ما قاله معلمنا يوحنا: " إذا أُظِهَر ذاك نكون مثله لأننا سنراه كما هو" (1يو2:3). لقد صار جسدنا حقيرًا تضربه الأمراض وخاضعًا للآلام والأهواء، وكل هذا سيتغير إلى جسد مُمجد على غرار جسد المسيح الذي قام به من الموت. وفق قوته الإلهية التي بها يعمل فينا، ليقودنا للخضوع الكامل له فنعيش في مجده. وبعد أن كان جسدنا للهوان سيصير ممجد ونوراني (1كو 42:15-50). بحسب عمل استطاعته أن يُخضع لنفسه كل شيء: إن قوة السيد المسيح غير محدودة، وقد ظهرت تمامًا في قيامته وصعوده مُمجدًا. وبنفس هذه القوة هو قادر أن يغير أجساد المؤمنين إلى أجساد مُمجدة مثل جسده، هذه القوة صارت مُوجهة لنا نحن البشر وقارن مع (أف1: 19 ، 20 + 2: 6)، وبهذه القوة هو قادر أن يجعل كل المخلوقات تخضع للمسيح حتى الطبيعة نفسها. وهنا نقارن بين نهاية أجساد القديسين في مجد ونهاية الشهوانيين الذين نهايتهم الهلاك (في 19:3). مخلصًا = أي ينقلنا من هذه الصورة المزرية التي نحن عليها إلى صورة المجد. ما حصلنا عليه من بركات الخلاص حتى الآن هو عربون الخلاص النهائي. أما حين نلبس الجسد الممجد نكون وقتها قد حصلنا على كل بركات الخلاص الذي قدمه لنا الرب يسوع. يفتكرون في الأرضيات (آية 19) = لا يفكرون في السمائيات، كل همهم في التفكير في الأرضيات. ونحن من المؤكد سنفكر في الأرضيات فنحن نعيش في العالم ونأكل ونشرب ولكن علينا أن نفكر في المكان الذي سنذهب إليه ونهتم به بالأولى فهو مكاننا الأبدي.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المجد والصليب

الصليب والمجد هما وجهان لعملة واحدة فحين يقول الكتاب "لأن يسوع لم يكن قد مجد بعد" (يو39:7) فهو يقصد بقوله مُجِّدَ هنا أي صُلِبَ أو يمكن فهمها أنه لم يكن قد جلس عن يمين الآب. والسبب أن هناك اتجاهين يسلك فيهما الإنسان. فهو:

1. إمّا ينظر للسماء رافضًا شهوات الأرض ومجدها وهذا هو الصليب، كما يقول بولس الرسول "حاشا لي أن أفتخر إلاّ بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي وأنا للعالم" (غل14:6). ولكن من ينظر للسماء فهو طالب مجد الله وسيمجده الله.

2. وإمّا ينظر لشهوات العالم كما فعل ديماس الذي قال عنه بولس الرسول "ديماس تركني إذ أحب العالم الحاضر" (2تى10:4) والعالم هو باطل الأباطيل (عكس المجد).

المجد: أول مرة يذكر فيها كلمة المجد  في الكتاب المقدس كانت بحسب مفهوم البشر، فقد قال بني لابان عن يعقوب حينما زادت ثروته من الغنم "مما لأبينا صنع كل هذا المجد" (تك1:31) وما زال حتى الآن هناك من يفهم أن المجد هو في كنوز ومراكز هذه الدنيا. وظل الله يرتقي بالفكر البشري ليفهموا أن المجد ليس في الماديات بل في وجود الله وسطنا، فالمجد هو شيء خاص بالله وليس بالإنسان. "أكون لها سور نار من حولها وأكون مجدًا في وسطها" (زك5:2). فالمجد هو الحالة التي فيها الله. ونحن لن نفهم حقًا ما هي حقيقة هذا المجد، هل هو نور؟ هل هو عظمة؟ هذا "ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان" (1كو9:2) ونحن الآن في مجد مستتر وذلك لوجود المسيح في وسطنا (مت20:28) وسيأتي وقت يستعلن هذا المجد في الدهر الآتي (رو18:8).

الصليب: يعني الألم وقبول الألم، ورفض هذا العالم وشهواته. وهذا ما فعله المسيح. فلقد:

1. رفض أي شيء من هذا العالم حينما عرض إبليس هذا عليه (مت8:4ـ10) وانتهى برفض حياته وصلب على الصليب وأسلم الروح (ما بدأه المسيح برفض شهوات العالم أنهاه برفضه الحياة كلها) وهذا هو نفس ما قاله بولس هنا أعرفه... وشركه ألامه متشبهًا بموته (فى10:3).

2. هو لمحبته قبل الصليب لأجلنا وكل من أحبه يقبل الصليب لأجله.

3. الألم لم يعد عقوبة للمجرم فالمسيح كان بريئًا بلا خطية، لذلك صار الألم شركة حب مع المسيح وحمل للصليب وراءه وتلمذة له ومن يحمل صليبه يصير تلميذًا للمسيح.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الصليب والمجد مُتطابقان

من يسعى وراء العالم الباطل وشهواته يصير باطلًا مثله، ومن يرفض العالم الباطل يصير في مجد، فالصليب وهو رفض العالم والحياة الحاضرة هو الصورة الأخرى لاختياره المجد. لذلك فالمسيح حين أطاع حتى الموت موت الصليب رفعه الله... (في 8:2، 9). والإنسان مخير بين العالم وشهواته وملذاته وخطاياه وبين رفض العالم واختيار معرفة المسيح.

1. فإن من طلب معرفة المسيح، اكتشف لذته وتوحد به وأحبه وعاش في فرح هو عربون الفرح الأبدي، وعاش في مجد مستتر انتظارًا لإعلان هذا المجد، وعاش في تعزية يعطيها الله لمن اختار طريق الألم والصليب، حتى نحتمل آلام هذا العالم. ومهما طالت مدة هذا العالم بآلامه، فالمسيح ينظر إلينا مشجعًا ويقول لقد اقتربت أيام الراحة والفرح والمجد... أما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة إن من عرف المسيح وأحبه سيحتقر العالم وما فيه وسيعتبره نفاية.

2.وإن طلب شهوات وملذات هذا العالم، فهو يذهب للعالم بشهواته رافضًا تعزيات الله فهو قد أحب العالم. ومحبة العالم هي عداوة لله (يع4:4). لأنني ألجأ للعالم كإله آخر يكون مصدرًا لفرحي ولذتي . وأسعى له كمن يرضيه رافضًا طريق المسيح للتعزية ، وهو طريق الصليب كطريق للتعزية والفرح الإلهي ، استعدادًا للفرح والمجد الأبدي . لذلك يكون من اختار أن تكون بطنه هي إلهه فهو بهذا يكون قد ترك الله كإله له، فهو بهذا يعادي صليب المسيح أي طريق المسيح الذي بدأ بالصليب وإنتهى بالجلوس عن يمين الآب هو بهذا اختار له إلهًا آخر . وبهذا يعادي الله وطريقه الذي هو الصليب والمجد الحقيقي، واختار إلهًا باطلًا عوضًا عن الله وبهذا نفهم أيضًا الآية (فى29:1) "وهب لكم.. أن تتألموا لأجله" فالألم هو شركة مع المسيح في صليبه وفي مجده (رو17:8) ومن عرف المسيح وأحبه واتحد به يشتهي أن يتألم معه ، فالمحب يشتهي أن يتألم مع من أحبه، ولكن من جهة أخرى فمن اختار طريق الألم يكافئه الله بأن يمجده.

فالألم والمجد وجهان لعمله واحدة. ومن رفض الألم فهو يرفض المجد الإلهي في هذه الحياة كشيء مستتر، وفي الحياة الأخرى بالعيان. فيكون معنى وُهِبُ لكم أن تتألموا يعني أنه وُهِبُ لكم أن تتحدوا بالمسيح المتألم المصلوب، وتكتشفوا عذوبته وتعزياته ومحبته، وتعرفوه وتشتهوا أن تشاركوه ألمه، وأيضًا بهذا فلقد وُهِبُ لكم أن تتمجدوا معه.

فشركة الآلام والصليب إذًا هي شركة حب وتعزية على الأرض وشركة مجد في السماء، ومن يرفض هذا الطريق ويسير وراء شهواته فلقد سار وراء إله آخر يظن أنه يشبعه ويفرحه ولكنه إله باطل، وبهذا لن يكسب بل أنه سيعادي الله وصليبه بمسلكه هذا.

إن من عرف المسيح وأحبه يعتبر العالم نفاية والعكس من يجري وراء العالم فهو لم يعرف المسيح ولا أحبه ولا اختبره لذلك يرفض صليبه ويرفض الألم معه. المجد صار للمسيح بالجسد ونحن جسده، لذلك سيصير لنا نفس المجد لذلك يصلي المسيح في صلاته الشفاعية الأخيرة قائلًا:

"مجدني أنت  أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم" (يو5:17) ثم يقول: "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو22:17) فمن يرفض طريق المسيح ويجري وراء شهواته لينال لذة وقتية فهو يترك طريق المجد ويترك كل تدبير الله له الذي أعده له ليحيا في المجد أبديًا وهذا عداوة لله ولصليبه. والإنسان حر في أن يسلك في أي اتجاه وهذا ملخص الآيات (فى17:3-21) وفيها يطلب الرسول أن نسلك في طريق السماء ليكون نصيبنا المجد وليس الهلاك. والمجد هو رفض الخطية والعالم وهذا ما عمله المسيح فتمجد وكل من يسلك هذا الطريق يتمجد. وكل من يسلك في طريق العالم رافضًا الطريق الذي أعده له الله، ساعيًا وراء لذاته، ساعيًا وراء العالم فهو يبحث عن إله آخر وبهذا يعادي الله وصليبه. فرفض العالم وملذاته هو الصليب (غل14:6).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات فيلبي: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/11-Resalet-Filebby/Tafseer-Resalat-Fileppy__01-Chapter-03.html

تقصير الرابط:
tak.la/qa6hb49