St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   11-Resalet-Filebby
 

شرح الكتاب المقدس - القمص أنطونيوس فكري

تفسير رسالة فيلبي - المقدمة

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي:
تفسير رسالة فيلبي: مقدمة رسالة فيلبي | فيلبي 1 | فيلبي 2 | فيلبي 3 | فيلبي 4

نص رسالة فيلبي: فيلبي 1 | فيلبي 2 | فيلبي 3 | فيلبي 4 | فيلبي كامل

تنقسم بلاد اليونان إلى مقاطعتين رئيسيتين هما: إخائية في الجنوب وأشهر مدنها كورنثوس وأثينا، ومقاطعة مكدونية في الشمال وأشهر مدنها فيلبي وتسالونيكي. ولقد ضم فيلبس المكدوني فيلبي إلى مملكته سنة 356 ق.م. ووسعّها وحصنّها ودعاها باسمه. وفيلبس المكدوني هو أبو الإسكندر الأكبر.

وفيلبي تشمل مناجم ذهب. وهي طريق رئيسي بين أوروبا وآسيا. ولموقعها الجغرافي صارت مدينة تجارية هامة ولقد سقطت تحت يد الرومان سنة 168 ق.م وأصبحت فيما بعد كولونية (أع 16: 12). أي مستعمرة لها امتيازات خاصة تحت حكم الرومان. ولقد أسكن أغسطس قيصر جنوده المنتصرين فيها مكافأة لهم. وكان سكانها يتمتعون بكل حقوق وامتيازات المواطن الروماني كسكان روما تمامًا. ولا يدفع أهلها ضرائب، مما جعلهم يعتبرونها جزءًا من روما (وهذا معنى كولونية). ولذلك كان أهل فيلبي يفتخرون بهذا الوضع ولسبب رعويتهم الرومانية المتميزة. بل كانوا يلبسون أزياء رومانية، حتى صارت فيلبي صورة مصغرة لروما. وهكذا أيضًا كانت طرسوس التي منها شاول الطرسوسي (بولس الرسول). لذلك كان بولس الرسول مواطن روماني لأنه مولود في طرسوس. وقبل إيمان فيلبي انتشر فيها السحر والعرافة والعبادات الوثنية، أي أن الشيطان كان مسيطرًا على أهل المدينة.

St-Takla.org Image: Map of: Macedonia, Thrace, Philippi, Beroea (Berea), Thessalonica, Troas, Ephesus, Achaia, Corinth, Athens, Crete صورة في موقع الأنبا تكلا: خريطة: مقدونية، تراقيا، فيلبي، بيرية، تسالونيكي، ترواس، أفسس، أخائية، كورنثوس، أثينا، كريت

St-Takla.org Image: Map of: Macedonia, Thrace, Philippi, Beroea (Berea), Thessalonica, Troas, Ephesus, Achaia, Corinth, Athens, Crete

صورة في موقع الأنبا تكلا: خريطة: مقدونية، تراقيا، فيلبي، بيرية، تسالونيكي، ترواس، أفسس، أخائية، كورنثوس، أثينا، كريت

زارها بولس الرسول سنة 52 م. حيث أسس أول كنيسة في أوروبا بعد أن ظهر له في رؤيا رجل مكدوني يطلب إليه قائلًا "أعبر إلينا وأعنا" (أع 9:16). فآمن على يديه كثيرون منهم ليديا، وكانت ليديا أول من آمنت في فيلبي. وفيها سُجِن الرسولان بولس وسيلا حيث أخرجهما الرب فكرزا للسجان وأهل بيته وكانا بولس وسيلا قد سُجنا بسبب ثورة حدثت حينما أخرج بولس الشياطين من العرافة فغضب أسيادها لانقطاع أرباحهم. وهم قبضوا على بولس وسيلا ظنًا منهم أنهما يهوديان، ثم أدركوا أنهما رومانيان. وكان ليس من السهل القبض على الرومان إلاّ بحسب القانون الروماني، لذلك إذ عرفوا أنهما رومانيان أطلقوا سراحهما.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

تاريخ كتابتها:

يُرجح أنه نحو سنة 63 م. قرب نهاية أسر بولس الأول في روما، حيث كان يتوقع سرعة الإفراج عنه (في 13:1، 25) + (في 2: 24،23). ورسائل الأسر الأول هي أفسس وكولوسي وفيلبي وفليمون.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

غَرَض الرسالة:

* لما سمع أهل فيلبي أن بولس مسجون ومريض أرسلوا له أبفرودتس بالعطايا والهدايا. ولكن أبفرودتس مرض أثناء خدمته لبولس في روما. وإذ مرض أبفرودتس وقارب الموت، سمع بذلك أهل فيلبي وحزنوا، فحزن الرسول على حزنهم وأرسل لهم يطمئنهم على أبفرودتس وأرسله لهم ليطمئنوا. وأرسل لهم أيضًا يشكرهم على عطاياهم ومحبتهم (في 25:2 + 4: 18،16،10). وهو يشيد بهم لتبرعاتهم (2كو 8: 4،3؛ 11: 9،8). ولنرى مشاعر الحب العجيبة في محبة الكل للكل. وبولس لم يقبل مساعدة مالية سوى من أهل فيلبي وذلك لشعوره بمحبتهم الحقيقية ومشاعرهم الطيبة، أما هو عن نفسه فنعرف أنه قد تعلم أن يكون قنوعًا ومقتنعًا بما عنده حتى لو كان قليلًا. بل أن أهل فيلبي تبرعوا بالكثير لأورشليم (2كو8: 1-5) حيث ترى إشارة بولس الرسول لكرم كنائس مكدونية.

* وردت كلمة الحب في هذه الرسالة 11 مرة، وهي خالية من التوبيخ أو النقد، بل نرى فيها عواطف حارة نحو أبناء لهم مكانتهم الخاصة في قلب الرسول، إذ ذهب إليهم برؤيا، وكانوا أول كنيسة يؤسسها في أوروبا. ونرى في الرسالة اهتمام الرسول برعيته المحبوبة. ومحبته الخاصة لهم وفرحته بهم إذ كانوا كنيسة قوية. وبالرغم من أسر الرسول وسجنه فالرسالة تنضح بنغمة الفرح، لقد تعلَّم الرسول أن يفرح بالرب كل حين. لقد حبسه العالم في سجن ولكن لا يستطيع أحد أن يمنع تعزيات الله عنه، بالرغم من السلاسل والضرب والإهانات وهذا ما حدث مع الرسل (أع 41:5). وهذا هو معنى الانتصار في المسيحية. فالانتصار ليس في الخروج من التجربة أو انتهاء الألم أو الظروف المكدرة بل في استمرار الفرح والتعزيات حتى في وسط التجربة.

مثال: الثلاثة فتية في أتون النار. فالله لم يطفئ النار بل جاء وسطهم وحوَّل النار إلى جنة يسيرون فيها. وهذه هي طريقة الله. فهو لا يخرجنا من التجربة بل يعطينا التعزية وسط التجربة "شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني" (نش 6:2). بل نرى أنه ولا حتى الموت صار من الأمور المقاومة لنا، فالموت سيقودنا للسماء، فإن كنا نحيا في السماء من الآن كعربون لما سوف نأخذه بعد ذلك "سيرتنا في السماوات" (فى20:3). فإننا بالتأكيد سنشتهي أن نذهب فعلًا إلى السماء (فى23:1). المسيحية جعلتنا نحيا في السماويات الآن كعربون (أف6:2). وجعلت الموت شهوة. هذه هي الغلبة على الموت، وهذا هو الانتصار في المسيحية على الألم، أي الفرح الذي لا ينزعه أحد منا (يو22:16). مهما كانت الظروف مكدرة. نحن نعيش منتظرين بشوق مجيء المخلص. ولقد وردت كلمة الفرح في هذه الرسالة 16 مرة، لذلك فهي رسالة حب وفرح. حب من راعٍ أمين لرعيته، وحب من الرعية لراعيها، وحب بين أفراد الرعية بعضهم لبعض، ودعوة للحب الحقيقي بينهم ونبذ الذات، ليستمر هذا الحب ويستمر هذا الفرح وسط الضيقات، وتستمر التعزيات الإلهية وسط طريق الألم. عمومًا فلا فرح بدون محبة ولا محبة بدون فرح. فالفرح ناشئ عن المحبة، وثمار الروح "محبة، فرح، سلام..." (غل22:5) وهذه هي الحالة الفردوسية الأولى في جنة عَدْنْ (عَدْنْ تعني فرح) إذ كان آدم يحب الله ويحب حواء قبل الخطية. والله بعد فدائه لنا تركنا في العالم المملوء بالألم ولكنه قادر أن يملأ قلوب أولاده بالفرح والسلام والتعزية (يو 22:16).

St-Takla.org Image: Paul’s Epistle to the Philippians: Paul dictates to his amanuensis his epistle to the Philippians, as an image of a hand coming from a cross appears above, representing the blessing of the cross - from the book: The Holy Apostles Story and Epistles (Der Heyligen Apostel Geschichte und Episteln), by Johann Christoph Weigel, 1695. صورة في موقع الأنبا تكلا: بولس الرسول يكتب الرسالة إلى أهل فيلبي، حيث نرى الرسول مقيدًا بقيود السجن، وهو يملي الرسالة للناسخ، ويظهر يد من صليب تعطي بركة الصليب المقدس - من كتاب: قصة الآباء الرسل والرسائل، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

St-Takla.org Image: Paul’s Epistle to the Philippians: Paul dictates to his amanuensis his epistle to the Philippians, as an image of a hand coming from a cross appears above, representing the blessing of the cross - from the book: The Holy Apostles Story and Epistles (Der Heyligen Apostel Geschichte und Episteln), by Johann Christoph Weigel, 1695.

صورة في موقع الأنبا تكلا: بولس الرسول يكتب الرسالة إلى أهل فيلبي، حيث نرى الرسول مقيدًا بقيود السجن، وهو يملي الرسالة للناسخ، ويظهر يد من صليب تعطي بركة الصليب المقدس - من كتاب: قصة الآباء الرسل والرسائل، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

* يبدو أن البعض من المتهودين والمتفلسفين (غالبًا من الغنوسيين) كرزوا بالمسيح أثناء سجن الرسول بغرض سيء، ألاّ وهو إغاظة بولس الرسول، ولكي يتعرض لضيقات أكثر، فجاءت نغمة الرسالة، وحدانية الروح والفرح. والرسول انتهز الفرصة ليعطيهم بعض التعاليم ضد ما سمعوه من أفكار فلسفية ومن متهودين من الذين كرزوا لإغاظته.

* الله قادر أن يخرج من الجافي حلاوة. فنجد أن الرسول استغل فرصة سجنه وبشر كثيرين من الجنود، بل ومن بيت قيصر. وهنا نجد الرسول يُطمئن أهل فيلبي على استمرار خدمته وسط آلامه وسجنه، وأن كلمة الله لا تُقيد.

* كان للنساء عملهن وخدمتهن في الكنيسة، ويبدو أن اختلافًا في الفكر دب بينهن (في 2:4). لذلك أكثر الرسول من كلمة "جميعكم"، مع التشديد على الوحدانية وحثهم على نكران الذات والتواضع، وطلب الصلح بين سيدتين خادمتين هما أفودية وسنتيخي، ويبدو أنهما كانا لهما مركزًا هامًا في كنيسة فيلبي. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولكن يبدو أنه لم يكن في كنيسة فيلبي خلافات تُذكر سوى خلاف هاتين السيدتين.

* نلاحظ أن حالة أهل فيلبي كانت جيدة، فلم يكن هناك داعٍ لأن يوبخهم على شيء، ولا نرى فيها تعليمًا مرتبًا كما في رسالة رومية مثلًا، لذلك فهي تتضمن ما يختص باختبارات القديسين وهم في حالة مُرْضِية لله.

* الرسول هنا كان يرسل لأصدقاء فحدثهم عن أخباره وأخبار نجاح خدمته.

* كان عدد اليهود الذين أقاموا في فيلبي قليلًا جدًا، ولم يكن هناك مجمع لليهود. بل كان النسوة يجتمعن على شاطئ النهر للعبادة. لذلك كان تعصب اليهود في فيلبي لا يُذكر. وكان هناك مذبح لإله وثني على جبل قرب المدينة. ويبدو أن اجتماع اليهود عند هذا النهر كان ينضم إليه بعض الوثنيين، فليديا الوثنية كانت حاضرة لخطاب بولس في هذا الاجتماع وآمنت. وربما تكون ليديا قد تهودت، قبل أن تؤمن بالمسيح على يدي بولس.

* عَيَّرَ الوثنيون المؤمنين في فيلبي بأنهم عبدوا إنسانًا حُكِمَ عليه بالموت صلبًا، وهذه الميتة هي أحقر ميتة عند الرومان واليونان، لذلك فالرسول يوضح لهم فضل معرفة المسيح المصلوب. وربما بدأ الوثنيون يتهمون المسيحيين بإنشاء دين محرم جديد، فيقول لهم الرسول "وُهِبَ لكم أن تتألموا" (في 29:1).

* كتب لهم الرسول يذكرهم بأنهم إن كانوا يفتخرون برعويتهم الرومانية، فعليهم بالأولى أن يفتخروا برعويتهم السماوية.

* حمل أبفرودتس هذه الرسالة لأهل فيلبي لكي يطمأنوا على صحته.

* ينظر الرسول على كنيسة فيلبي وهم بدونه، كمعلم ومصلح لأخطائهم ومشجع لهم ليعلمهم أن يلقوا برجائهم على الرب وحده.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات فيلبي: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/11-Resalet-Filebby/Tafseer-Resalat-Fileppy__00-introduction.html

تقصير الرابط:
tak.la/athkty5