محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
عزرا: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24
لم يكن ممكنًا للشيطان أن يقف أمام هذا المنظر الرائع! مذبح الرب يُبنى، والكهنة مع الحكام والشعب يتهللون، حتى وإن امتزج بدموع المتحسرين على الهيكل القديم، أثار العدو أهل السامرة لمقاومتهم بأكثر من وسيلة.
الآن يد الله الصالحة التي استخدمت الكثير من الوسائل لعودتهم، سمحت بوجود هذه المقاومة، لأن بدونها لن نكتشف فسادنا الداخلي، فنرجع ونتمتع بالنصرات والأكاليل السماوية.
1. قاومهم السامريون وهم خليط من اليهود والأمم، لكي يطالبوا بالشركة في العمل، فإنهم يعبدون إله إسرائيل، لكنه كأحد الآلهة. كانت غايتهم لا الشركة في العمل بل تحطيم العمل من الداخل.
2. دُعي السامريون المقاومون "شعب الأرض" [4]، لا شعب الله، إذ ارتبطوا بالأرضيات لا الإلهيات. هكذا لا يطيق شعب الأرض الذي يضع قلبه في الأمور الزمنية شعب الله الذي يكرس قلبه لله.
3. قدم المقاومون شكاوى لدى قمبيز بن كورش، تحمل افتراءات كاذبة.
4. أخيرًا باستخدام بعض المشيرين للملك نال المقاومون القرار بوقف البناء.
يليق بنا ألا نخاف من المقاومة الخارجية، مهما بلغ خداعها أو عنفها، وإنما نحسبها دعوة لمراجعة نفوسنا، ونخاف من خطايانا التي هي العلة الحقيقية للفشل.
1 -5. |
||
6 -10. |
||
11 -13. |
||
14. |
||
15 -16. |
||
17 -24. |
||
من وحي عزرا 4 |
1 وَلَمَّا سَمِعَ أَعْدَاءُ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ أَنَّ بَنِي السَّبْيِ يَبْنُونَ هَيْكَلًا لِلرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ، 2 تَقَدَّمُوا إِلَى زَرُبَّابِلَ وَرُؤُوسِ الآبَاءِ وَقَالُوا لَهُمْ: «نَبْنِي مَعَكُمْ لأَنَّنَا نَظِيرَكُمْ نَطْلُبُ إِلهَكُمْ، وَلَهُ قَدْ ذَبَحْنَا مِنْ أَيَّامِ أَسَرْحَدُّونَ مَلِكِ أَشُّورَ الَّذِي أَصْعَدَنَا إِلَى هُنَا». 3 فَقَالَ لَهُمْ زَرُبَّابِلُ وَيَشُوعُ وَبَقِيَّةُ رُؤُوسِ آبَاءِ إِسْرَائِيلَ: «لَيْسَ لَكُمْ وَلَنَا أَنْ نَبْنِيَ بَيْتًا لإِلهِنَا، وَلكِنَّنَا نَحْنُ وَحْدَنَا نَبْنِي لِلرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ كَمَا أَمَرَنَا الْمَلِكُ كُورَشُ مَلِكُ فَارِسَ». 4 وَكَانَ شَعْبُ الأَرْضِ يُرْخُونَ أَيْدِيَ شَعْبِ يَهُوذَا وَيُذْعِرُونَهُمْ عَنِ الْبِنَاءِ. 5 وَاسْتَأْجَرُوا ضِدَّهُمْ مُشِيرِينَ لِيُبْطِلُوا مَشُورَتَهُمْ كُلَّ أَيَّامِ كُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ وَحَتَّى مُلْكِ دَارِيُوسَ مَلِكِ فَارِسَ.
وَلَمَّا سَمِعَ أَعْدَاءُ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ
أَنَّ بَنِي السَّبْيِ يَبْنُونَ هَيْكَلًا لِلرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ [1].
"أعداء يهوذا" السامريون وهم خليط من الأسباط العشرة ومن الشعوب الذين أتى بهم ملوك أشور وأسكنوهم في إسرائيل.
صارت عبادة أهل السامرة مزيجًا بين عبادة الله الحيّ والأصنام. وهم يمثلون خطرًا أكثر من الوثنيين، كما كانوا يحملون عداوة ضد يهوذا وأورشليم والهيكل أكثر منهم.
هذا الخلط بين الحق والباطل، يفسد القلب، ويحطم الإيمان بنوعٍ من الميوعة وعدم الجدية. وكما يقول الرسول بولس: "لا تكونوا تحت نيرٍ مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطة للبرّ والإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة، وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصب للمؤمن مع غير المؤمن؟ وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان؟ (2 كو 6: 14-16).
*
ألا ترى أن "المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة؟" بها لا تقدر أن تنطق بالإنجيل، وإنما تسمع كلمات الأوثان. بها تفقد الحق أن المسيح هو الله، وما تشربه هناك تتقيأه في الكنيسة(36).* شاب يصاحب شابًا للشر، فليبكِ عليهما المفرزون.
* أيها المحب لله، حين ترى المنافقين يتراشقون بألفاظ الغش والتدليس اهرب من هناك، لئلا يتعلق بأذنيك ألفاظهم القاتلة.
* يقول الرسول: "أية شركة بين النور والظلمة"؟ حيث يوجد تناقض فاصل، ولا يمكن المصالحة بين النور والظلمة. فالشخص الذي يشترك في الاثنين معًا لا يساهم في شيءٍ، لأجل تعارضهما، وتناقض الواحد للآخر في نفس الوقت في حياته المشتركة. إيمانه يمد الجانب المنير، لكن عاداته المظلمة تطفئ مصباح العقل.
حيث أنه من الاستحالة ومن غير المعقول أن يتوافق النور والظلمة، فالشخص الذي يضم الاثنين معًا يصير عدوًا لنفسه، إذ ينقسم إلى طريقين بين الفضيلة والشر.
إنه يقيم معركة معادية في داخله. وذلك أنه إذ يوجد عدوان غير ممكن أن ينتصر الاثنان كل على الآخر (لأن نصرة أحدهما تسبب موتًا للثاني)، هكذا أيضًا تحدث الحرب الداخلية بالارتباك في حياته، ليس ممكنًا للعنصر القوي أن يغلب دون أن يتحطم الطرف الآخر تمامًا. كيف يمكن للجيش الموقر أن يكون أقوى من الشر، عندما تهاجمه كتيبة الشر المقاومة؟
إن كان يليق بالأقوى في طريق للنصرة أن يقتل العدو تمامًا، هكذا فإن الفضيلة سيكون لها النصرة على الشر فقط عندما يفسح لها العدو كله الطريق خلال اتحاد العناصر المعقولة ضد العناصر غير السليمة... إذ لا يمكن للصالح أن يوجد فيَّ ما لم يحيا خلال موت عدوّي.
يستحيل علينا أن نحتفظ بالمضادات التي نمسك بها بكلتا اليدين، إذ لا توجد شركة بين كلا العنصرين في ذات الكائن. إن كنا نقتني الشر نفقد القوة لاقتناء الفضيلة(37).
"يهوذا وبنيامين": هم أغلبية العائدين الذين استطاعوا معرفة نسبتهم لآبائهم.
"بنى السبي يبنون هيكلًا:" صاروا يُدعون بني السبي، لأنهم أهملوا الهيكل سابقًا.
تَقَدَّمُوا إِلَى زربابل وَرُؤُوسِ الآبَاءِ وَقَالُوا لَهُمْ:
نَبْنِي مَعَكُمْ لأَنَّنَا نَظِيرَكُمْ،
نَطْلُبُ إِلَهَكُمْ، وَلَهُ قَدْ ذَبَحْنَا مِنْ أَيَّامِ أَسَرْحَدُّونَ مَلِكِ أَشُّورَ،
الَّذِي أَصْعَدَنَا إِلَى هُنَا [2].
جاءوا بكلمات معسولة تحمل سمًا قاتلًا، تعلن عن اشتهائهم في الشركة في بناء بيت الرب، لا لهدفٍ إلا تعطيل العمل، وإدخال العبادات الوثنية فيه.
"لأننا نظيركم"، لأنهم يتصورون أنهم يعبدون الله، لكن ديانتهم كان فيها القليل من عبادة الله والكثير من العبادة الوثنية.
لماذا رُفض طلب هؤلاء الذين سبق فذبحوا للرب في أيام أسرحدون ملك أشور أن يشتركوا في بناء بيت الرب؟
هؤلاء من منطقة السامرة الذين يكنون كل عداوة ليهوذا وبنيامين، هم من سلالة الشعوب التي استقرت في مملكة الشمال، بعث بهم ملوك أشور من مناطق مختلفة بعد ترحيل عدد كبير من الإسرائيليين إلى العاصمة سنة 722 ق.م. واختلطوا باليهود، فمزجوا بين عبادة الله الحي والعبادة الوثنية. جاء في سفر الملوك الثاني: "وأتى ملك أشور بقومٍ من بابل وكوث وعوَّا وحماة وسفروايم وأسكنهم في مدن السامرة عوضًا عن بني إسرائيل، فامتلكوا السامرة، وسكنوا في مدنها. وكان في ابتداء سكنهم هناك أنهم لم يتقوا الرب، فأرسل الرب عليهم السباع فكانت تقتل منهم... فأمر ملك أشور قائلًا ابعثوا إلى هناك واحدًا من الكهنة الذين سبيتموهم من هناك فيذهب ويسكن هناك ويعلمهم قضاء إله الأرض. فأتى واحد من الكهنة الذين سبوهم من السامرة، وسكن في بيت إيل وعلمهم كيف يتقون الرب. فكانت كل امة تعمل آلهتها ووضعوها في بيوت المرتفعات التي عملها السامريون كل أمة في مدنها التي سكنت فيها" (2 مل 17: 24-29).
فطلبهم بالشركة في البناء يبدو في الظاهر أن فيه إخلاص ومشاركة في العمل، لكنهم لم يحملوا ذات القناعة، ولا الولاء للكتاب المقدس كله، ولا الارتباط بيهوه وحده. أرادوا الشركة في العمل مع بقائهم يعبدون الأوثان ويرفضون الأسفار الأخرى غير أسفار موسى الخمسة. لقد شك زربابل في إخلاص السامريين من جهة إقامة عبادة الله الحي في نقاوة، وأن تقدمهم بالطلب يحمل نوايا سياسية خفية(38). لقد أرادوا أن يساعدوا في البناء، بكونه مقدسًا لأحد الآلهة التي يتعبدون لها. لكن هذا المزج بين عبادة الله والعبادة الوثنية قد سبب خرابًا قبل السبي، ولم يرد يشوع وزرُبابل أن تتكرر هذه المأساة. كثيرًا ما تكون مساعدة العالم للكنيسة ثمنها باهظٌ للغاية (رؤ 2: 20). وفي نفس الوقت رفض قبول هذه المساعدة يولد روح مقاومة قاسية ضد الكنيسة.
كان هؤلاء من نسل الذين أصعدهم أسرحدون (آية 2) وأسنفر (آية 10)، وهؤلاء كان دينهم مزيجًا فيه شيء من تقوى الرب، ولكن أكثره أباطيل وثنية، ولذلك محا هؤلاء هوية إسرائيل (إش 8:7) والعداوة لشعب الله هي عداوة تقليدية نشأت منذ صارت هناك عداوة بين نسل المرأة ونسل الحية. وإبليس قطعًا سيقاوم بناء الهيكل وسيقاوم أي بناء لجسد المسيح.
فَقَالَ لَهُمْ زَرُبَّابِلُ وَيَشُوعُ وَبَقِيَّةُ رُؤُوسِ آبَاءِ إِسْرَائِيلَ:
لَيْسَ لَكُمْ وَلَنَا أَنْ نَبْنِيَ بَيْتًا لإِلَهِنَا،
وَلَكِنَّنَا نَحْنُ وَحْدَنَا نَبْنِي لِلرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ،
كَمَا أَمَرَنَا الْمَلِكُ كُورَشُ مَلِكُ فَارِسَ [3].
كان الردّ حازمًا، فإن الأمر بالبناء صدر من ملك فارس إلى الشعب اليهودي وحده. فإن أراد السامريون وغيرهم أن يشتركوا في العمل، فليرجعوا إلى ملك فارس. لا يمكن القول بأن هذا الردّ أدى إلى نوعٍ من العداوة بين الفريقين، إنما كشف عن الحقيقة الخفية، في قلوب الأعداء.
لم يكن ممكنًا قبول هذه الشركة التي لا تحمل روح القداسة ولا الإخلاص. "لأنه أية خلطة للبّر والإثم، وأية شركة للنور مع الظلمة، وأي اتفاق للمسيح مع بليعال، وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن، وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان" (2 كو 6: 14-16). وكما قال القديس بطرس لسيمون الساحر: "ليس لك نصيب ولا قرعة في هذا الأمر، لأن قلبك ليس مستقيمًا أمام الله" (أع 8: 21).
"ليس لكم ولنا" رفض اليهود الاتحاد معهم، لأنهم عرفوا غايتهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولكن اليهود لم يستطيعوا أن يقولوا السبب الحقيقي للرفض بسبب الخوف منهم، واكتفوا بقولهم إن الأمر ببناء الهيكل كان من الملك كورش لليهود فقط وليس لآخرين، فعليهم أن يلتزموا بالبناء وحدهم.
وَكَانَ شَعْبُ الأَرْضِ يُرْخُونَ أَيْدِيَ شَعْبِ يَهُوذَا،
وَيُذْعِرُونَهُمْ عَنِ الْبِنَاءِ [4].
"يرخون" ابتدأوا المقاومة، فظهرت حقيقة نواياهم، وأنهم لا يطلبون الرب ولا بناء بيته.
إذ كشفت إجابة زربابل ويشوع ما في قلب هذا الشعب المقاوم من خداع، صار هذا الشعب، "شعب الأرض"، مقاومًا لهم، تارة بالاستخفاف والتعطيل، وتارة بالتخويف. إن كان المؤمنون يُدعون "شعب الله"، فإن الأشرار بدورهم يُدعون "شعب الأرض" إذ ترتبط قلوبهم وأفكارهم بالأرضيات، وليس من موضع للسماويات في حياتهم.
وَاسْتَأْجَرُوا ضِدَّهُمْ مُشِيرِينَ
لِيُبْطِلُوا مَشُورَتَهُمْ كُلَّ أَيَّامِ كُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ
وَحَتَّى مُلْكِ دَارِيُوسَ مَلِكِ فَارِسَ [5].
"استأجروا ضدهم مشيرين" في ديوان الملك وقصره ومن مشيريه. استطاع هؤلاء المشيرون المرتشون في أيام قمبيز بن كورش أن يقنعوه بإصدار أمر بوقف البناء، وتوقف فعلًا حتى ملك داريوس.
لو كان هؤلاء يريدون البناء فعلًا لما كانوا دفعوا رشاوى لوقف البناء.
"داريوس" هو داريوس هستاسب الذي أمر بإعادة البناء، ملك بعد أرتحشستا.
6 وَفِي مُلْكِ أَحَشْوِيرُوشَ، فِي ابْتِدَاءِ مُلْكِهِ، كَتَبُوا شَكْوَى عَلَى سُكَّانِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ. 7 وَفِي أَيَّامِ أَرْتَحْشَسْتَا كَتَبَ بِشْلاَمُ وَمِثْرَدَاثُ وَطَبْئِيلُ وَسَائِرُ رُفَقَائِهِمْ إِلَى أَرْتَحْشَسْتَا مَلِكِ فَارِسَ. وَكِتَابَةُ الرِّسَالَةِ مَكْتُوبَةٌ بِالأَرَامِيَّةِ وَمُتَرْجَمَةٌ بِالأَرَامِيَّةِ. 8 رَحُومُ صَاحِبُ الْقَضَاءِ وَشِمْشَايُ الْكَاتِبُ كَتَبَا رِسَالَةً ضِدَّ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرْتَحْشَسْتَا الْمَلِكِ هكَذَا: 9 كَتَبَ حِينَئِذٍ رَحُومُ صَاحِبُ الْقَضَاءِ وَشِمْشَايُ الْكَاتِبُ وَسَائِرُ رُفَقَائِهِمَا الدِّينِيِّينَ وَالأَفَرَسْتِكِيِّينَ وَالطَّرْفِلِيِّينَ وَالأَفْرَسِيِّينَ وَالأَرَكْوِيِّينَ وَالْبَابِلِيِّينَ وَالشُّوشَنِيِّينَ وَالدَّهْوِيِّينَ وَالْعِيلاَمِيِّينَ، 10 وَسَائِرِ الأُمَمِ الَّذِينَ سَبَاهُمْ أُسْنَفَّرُ الْعَظِيمُ الشَّرِيفُ وَأَسْكَنَهُمْ مُدُنَ السَّامِرَةِ، وَسَائِرِ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ وَإِلَى آخِرِهِ.
وَفِي مُلْكِ أَحْشَوِيرُوشَ فِي ابْتِدَاءِ مُلْكِه،ِ
كَتَبُوا شَكْوَى عَلَى سُكَّانِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ [6].
الآن يشرح الكاتب في شيءٍ من التفصيل ما ورد في الآية 5، حيث أبرز المقاومة.
يرى البعض أن كلمة أحشويرش وأيضًا أرتحششتا هما لقبان لملوك فارس، كما يُقال عن ملوك مصر "فراعنة". وان أحشويرش المذكور هنا هو قمبيز بن كورش (529-522 ق.م).
كلمة "شكوى": في العبرية سطنة أو شطنة، مشتقة من كلمة شيطان أو المشتكي.
واضح أن الآية 6 اعتراضية وسط الكلام، وضعها عزرا كمثالٍ آخر لمقاومة الأعداء الدائمة لعمل الله. غالبًا ما تشير إلى محاولة الأعداء لوقف بناء الأسوار، ويبدو أنهم نجحوا في مسعاهم هذا، وتوقف بناء الأسوار حتى حصل نحميا على إذن بالبناء من خليفة أحشويرش وهو أرتحششتا لونجيمانوس.
وَفِي أَيَّامِ أَرْتَحْشَسْتَا
كَتَبَ بِشْلاَمُ وَمِثْرَدَاثُ وَطَبْئِيلُ وَسَائِرُ رُفَقَائِهِمْ إِلَى أَرْتَحْششْتَا مَلِكِ فَارِسَ.
وَكِتَابَةُ الرِّسَالَةِ مَكْتُوبَةٌ بِالأراميَّةِ وَمُتَرْجَمَةٌ بِالأراميَّةِ [7].
استغل الأشرار موت كورش فاستأجروا ضدهم مشيرين من ديوان الملك لإيقاف العمل. وبالفعل أمر قمبيز بن كورش بإيقاف العمل.
معظم الأسماء مثل بشلام ومثردات أسماء أجنبية، وليست يهودية، فهم من الأمم الذين سكنوا في إسرائيل.
أرتحششتا المذكور هنا يُقصد به الملك المنتحل الذي اغتصب العرش وهو غومانا أو سمردس (522-521 ق.م). وقد نجحت مساعي الأعداء في إقناعه بأن يصدر مرسومًا بوقف البناء في الهيكل.
غالبًا كان هناك رسالتان في أيام أرتحششتا، الأولى من بشلام ورفقائه وهذه لم تسجل، والثانية من رحوم ورفقائه.
"طبئيل"، ربما يكون طوبيا العبد العموني الذي قاوم بناء السور على يد نحميا.
مكتوب بالأرامية ومترجم بالأرامية، أي بأحرف أرامية وباللغة الأرامية وليست بالفارسية، وابتداء من آية 8 وحتى (عز 6: 18) باللغة الأرامية. واللغة الأرامية هي لغة الحكومة ولغة التجارة الأجنبية وهي لغة الترجوم. استخدم عزرا الأرامية هنا لأنه يورد رسائل استحسن أن ينقلها كما كتبت بدون ترجمة.
رَحُومُ صَاحِبُ الْقَضَاءِ وَشِمْشَايُ الْكَاتِبُ،
كَتَبَا رِسَالَةً ضِدَّ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرْتَحْشَشتَا الْمَلِكِ هَكَذَا: [8]
هذه شكوى ثالثة كتبها رحوم صاحب القضاء وأمين سّر شمشاي، أرسلها باسم المستوطنين الذين أتى بهم ملك أشور للسكنى في مدن السامرة.
ورحوم صاحب القضاء تعني رئيس المراسيم أو حاكم البلاد ، وشمشاي كاتبه.
كَتَبَ حِينَئِذٍ رَحُومُ صَاحِبُ الْقَضَاءِ وَشِمْشَايُ الْكَاتِبُ وَسَائِرُ رُفَقَائِهِمَا الدِّينِيِّينَ
وَالأَفَرَسْتِكِيِّينَ وَالطَّرْفِلِيِّينَ وَالأَفْرَسِيِّينَ وَالأَرَكْوِيِّينَ وَالْبَابَلِيِّين،َ
وَالشُّوشَنِيِّينَ وَالدَّهْوِيِّينَ وَالْعِيلاَمِيِّينَ [9].
هم قبائل مختلفة من الشعوب التي أصعدها الآشوريون ليعيشوا في إسرائيل. لاحظ كثرة الأجناس التي تكون منها شعب السامرة.
الدينيونDinaites : ورد هذا الاسم في الترجمة العربية المتداولة بين أيدينا لقبيلة كانت تقطن في السامرة بدلًا من الإسرائيليين الذين ذهبوا إلى السبي. لكن جاءت معظم الترجمات الحديثة تتفق مع الترجمة السبعينية على أنها تعني "قضاة" أو الذين يدينون أو يحكمون في القضايا.
يرى البعض أنهم مستوطنون من Dayen، وهي بلد كثيرًا ما أُشير إليها في النقوش الأشورية على أنها على حدود كيليكيا وكبادوكيا(39).
يرى آخرون أنهم شعب أرسله الملك آشوربانيبال Osnappar الذي يُدعى أيضًا أسنفر Ashurbanipal لاستعمار مدن السامرة(40).
يرى آخرون أنهم ربما يكونون من الشعوب الأرمنية حيث عرفهم الأشوريون بأنهم Dayani(41).
الأفرستكيون - أفرسكيون: اختلفت الآراء حول هذا الشعب(42).
ا. يرى البعض أنهم قبيلة أو شعب جبلي يسكن ما بين مديان وفارس.
ب. يرى آخرون أنهم سكان إحدى مدينتين في مديان، أُشير إليهما في نقوش آسرحدون، تدعيان بارتاكا Partakka وبارتوكا Partukka.
ج. يرى آخرون أنهم ليسوا قبيلة معينة، وإنما جماعة من المواطنين تحت قيادة داريون
د. يرى آخرون أنها كلمة إيرانية قديمة aparasarka معناها "حاكم أقل".
الطرفليون Tarpelites: مستعمرون أقامهم ملك أشور في السامرة، يُظن أنهم قبيلة مديانية تُدعى Tapyri، في شرق عيلام(43) Elymais.
يرى Rawlinson أنها قبيلة Tuplai التي وردت في النقوش لتعادل الكلمة اليونانية Tibarenoi، وهي قبيلة على ساحل بنتس. ويرى Hitzig أنها في طرابلس Tripolis في شمال فينيقية(44).
يرى آخرون أن الكلمة لا تحمل معنى عرقيًا (للأجناس)، وإنما هو اسم خاص ببعض الضباط الفارسيين في السامرة(45). كما يرى البعض أن الكلمة الأشورية معناها "كتبة الألواح"، أي تشير إلى فئة تمارس وظيفة معينة.
الأفرسيون Aphorsites: يظن البعض أنهم قبيلة ميدية، ورد ذكرها في نقوش سنحاريب باعتبارهم سكان إقليم بارستو. ويرى البعض أنه يُقصد بهم الفارسيون.
العيلاميون Elamites: سكان إقليم عيلام (تك 10: 22).
أركيون Archevites: هم سكان أرك (تك 10:10).
الشوشنيون Susanchites: شعب من شوشن، عاصمة عيلام. تقع جنوب غربي بلاد فارس بالقرب من نهر أولاي، ويدعى حاليًا نهر قارون.
الدهويون Dehavites: من الجماعات التي سباها أسنفر (أشور بانيبال) ملك أشور، وأسكنهم في مدن السامرة.
وَسَائِرِ الأُمَمِ الَّذِينَ سَبَاهُمْ أُسْنَفَّرُ الْعَظِيمُ الشَّرِيفُ،
وَأَسْكَنَهُمْ مُدُنَ السَّامِرَةِ،
وَسَائِرِ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ وَإِلَى آخِرِهِ [10].
أسنفر: غالبًا ما يُقصد به أشوربانيبال الذي ملك في أشور (سنة 668 - سنة 626 ق.م.) وكان هذا ملكًا عظيمًا، عُرف بطغيانه، حارب أخاه والي بابل الذي كان قد عصاه وحارب عيلام فلعله الملك الذي نفي بعض البابليين والشوشنيين (سكان شوشن) أسكنهم مدن السامرة، وقد يكون هو أسرحدون نفسه أو قائدًا أنابوه لهذه العملية.
11 هذِهِ صُورَةُ الرِّسَالَةِ الَّتِي أَرْسَلُوهَا إِلَيْهِ، إِلَى أَرْتَحْشَسْتَا الْمَلِكِ: «عَبِيدُكَ الْقَوْمُ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ إِلَى آخِرِهِ. 12 لِيُعْلَمِ الْمَلِكُ أَنَّ الْيَهُودَ الَّذِينَ صَعِدُوا مِنْ عِنْدِكَ إِلَيْنَا قَدْ أَتَوْا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَبْنُونَ الْمَدِينَةَ الْعَاصِيَةَ الرَّدِيَّةَ، وَقَدْ أَكْمَلُوا أَسْوَارَهَا وَرَمَّمُوا أُسُسَهَا. 13 لِيَكُنِ الآنَ مَعْلُومًا لَدَى الْمَلِكِ أَنَّهُ إِذَا بُنِيَتْ هذِهِ الْمَدِينَةُ وَأُكْمِلَتْ أَسْوَارُهَا لاَ يُؤَدُّونَ جِزْيَةً وَلاَ خَرَاجًا وَلاَ خِفَارَةً، فَأَخِيرًا تَضُرُّ الْمُلُوكَ.
هَذِهِ صُورَةُ الرِّسَالَةِ الَّتِي أَرْسَلُوهَا إِلَيْهِ إِلَى أَرْتَحْشَشتَا الْمَلِكِ:
عَبِيدُكَ الْقَوْمُ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ إِلَى آخِرِهِ [11].
في عبر النهر، أي ما غرب نهر الفرات.
لِيُعْلَمِ الْمَلِكُ أَنَّ الْيَهُودَ الَّذِينَ صَعِدُوا مِنْ عِنْدِكَ إِلَيْنَا،
قَدْ أَتُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ،
وَيَبْنُونَ الْمَدِينَةَ الْعَاصِيَةَ الرَّدِيئَةَ،
وَقَدْ أَكْمَلُوا أَسْوَارَهَا،
وَرَمَّمُوا أُسُسَهَا [12].
اليهود: أطلق هذا الاسم أولًا على أهل المملكة الجنوبية أي يهوذا وبنيامين وبعد العودة من السبي صار اسمًا لكل اليهود من كل الأسباط.
اليهود الذين صعدوا من عندك، أي الذين عادوا من السبي.
يُعتبر أول افتراء هو تغافلهم في شكواهم أمر كورش ببناء بيت الرب، وحسبوا أن العائدين من السبي عصاة ومتمردين، جاءوا ليبنوا المدينة العاصية الشريرة.
الافتراء الثاني: ادعاؤهم أن القادمين من السبي قد أكملوا أسوارها ورمموا أسسها، مع أنهم لم يفعلوا شيئًا سوى وضع أساسات الهيكل.
العاصمة الرديئة إشارة إلى تاريخ أورشليم التي عصت ملوك أشور وبابل قديمًا.
أَنَّهُ إِذَا بُنِيَتْ هَذِهِ الْمَدِينَةُ،
وَأُكْمِلَتْ أَسْوَارُهَا،
لاَ يُؤَدُّونَ جِزْيَةً وَلاَ خَرَاجًا وَلاَ خِفَارَةً،
فَأَخِيرًا تَضُرُّ الْمُلُوكَ [13].
الافتراء الثالث: نجد هنا أن أعداء اليهود يصورون للملك أن اليهود يبنون الأسوار ليمتنعوا عن دفع الجزية، بينما هم يبنون الهيكل الآن وليس الأسوار. ادعاؤهم أنهم لا يؤدون الجزية ولا الخراج ولا الخفارة [13]، مع أنهم لم يمتنعوا عن هذا كله. الجزية ما يدفع للملك، والخراج هو الرسوم على التجارة وغلة الأرض للإنفاق على المحاكم المحلية. والخفارة هي الرسوم على عابري الطرق لأجل إصلاحها ودفع مرتبات رجال أمن الطرق.
لاحظ أن أعداء اليهود في رسالتهم يهولون الأمور، ويبالغون حتى يثيروا الملك ضدهم، فقد اشتهر الفرس بأنهم مولعون بتحصيل الضرائب والجزية لينفقوا على جيوشهم الجرارة.
لقد اعتاد الأعداء على ترديد الأكاذيب ضد المؤمنين، وإثارة الملوك ضد الكنيسة وضد شعب الله. إنها حيلة دائمة، وقد فعل اليهود ذلك ضد المسيح حين اتهموه بأنه عدو لقيصر.
وَالآنَ بِمَا إِنَّنَا نَأْكُلُ مِلْحَ دَارِ الْمَلِكِ،
وَلاَ يَلِيقُ بِنَا أَنْ نَرَى ضَرَرَ الْمَلِكِ،
لِذَلِكَ أَرْسَلْنَا، فَأَعْلَمْنَا الْمَلِك [14].
إنهم يثنون على الملك، ليس مديحًا فيه، وإنما لتحقيق هدفهم من المقاومة، ووقف بناء الهيكل.
"نأكل ملح دار الملك" تعبير أنهم في خدمة الملك، وأنهم يتقاضون مرتباتهم من دار الملك، فلا يليق بهم أن يروا ضرر الملك ولا يخطروه، إنما يلزمهم أن يكونوا أمناء من نحو من يرعى حياتهم. هكذا حاولوا أن يستروا غايتهم الحقيقية.
في نفس الوقت يقدمون تفسيرًا خاطئًا لتصرفات الراجعين من بابل أنهم يسببون ضررًا للملك، الأمر الذي لا يُسكت عليه. العجيب أن هذا الاتهام قائم عبر العصور، حيث تُتهتم الكنيسة في اهتمامها بالعبادة لله أنها تسبب ضررًا للدولة، وأنه تمرد على الحكام. هذا ما نادت به السلطات اليهودية حين قدمت السيد المسيح لمحاكمته: "إن أطلقت هذا، فلست محبًا لقيصر" (يو 19: 12).
لنلاحظ أن من يأكل ملح دار الملك يجد نفسه ملزمًا بهذا، فكم وكم نحن الذين نلنا كل خيراتنا من الله، يكون مجد الله هو هدفنا.
15 لِكَيْ يُفَتَّشَ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ آبَائِكَ، فَتَجِدَ فِي سِفْرِ الأَخْبَارِ وَتَعْلَمَ أَنَّ هذِهِ الْمَدِينَةَ مَدِينَةٌ عَاصِيَةٌ وَمُضِرَّةٌ لِلْمُلُوكِ وَالْبِلاَدِ، وَقَدْ عَمِلُوا عِصْيَانًا فِي وَسَطِهَا مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ، لِذلِكَ أُخْرِبَتْ هذِهِ الْمَدِينَةُ. 16 وَنَحْنُ نُعْلِمُ الْمَلِكَ أَنَّهُ إِذَا بُنِيَتْ هذِهِ الْمَدِينَةُ وَأُكْمِلَتْ أَسْوَارُهَا لاَ يَكُونُ لَكَ عِنْدَ ذلِكَ نَصِيبٌ فِي عَبْرِ النَّهْرِ».
لِيُفَتَّشَ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ آبَائِكَ،
فَتَجِدَ فِي سِفْرِ الأَخْبَارِ،
وَتَعْلَمَ أَنَّ هَذِهِ الْمَدِينَةَ مَدِينَةٌ عَاصِيَةٌ وَمُضِرَّةٌ لِلْمُلُوكِ وَالْبِلاَدِ،
وَقَدْ عَمِلُوا عِصْيَانًا فِي وَسَطِهَا مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ،
لِذَلِكَ أُخْرِبَتْ هَذِهِ الْمَدِينَةُ [15].
استغل الأعداء بعض الأحداث القديمة، مثل تمرد يهوياقيم على نبوخذنصر، فصعد عليه وقيده بسلاسل وقادة إلى بابل. من مثل هذا الحادث صّور الأعداء الموقف في أورشليم موقف تمرد على فارس، يُفهم منه الرغبة في إقامة مملكة لإسرائيل يمكنها أن تسيطر على المنطقة، فلا يكون لفارس سلطان على كل الأمم التي في نهر النهر. كأن نية الذين يبنون بيت الله، هي التمتع بالسلطة، وسحب سلطة فارس من المنطقة.
سفر الأخبار، أي سجلات الحكومة.
للملوك والبلاد، أي الملوك وغيرهم من حكام البلاد الذين كانوا تحت سلطة الملك أرتحششتا.
وَنَحْنُ نُعْلِمُ الْمَلِكَ ،
أَنَّهُ إِذَا بُنِيَتْ هَذِهِ الْمَدِينَةُ وَأُكْمِلَتْ أَسْوَارُهَا،
لاَ يَكُونُ لَكَ عِنْدَ ذَلِكَ نَصِيبٌ فِي عَبْرِ النَّهْرِ [16].
هنا مكر الحية، فلو فُرِض أن اليهود بنوا أسوار أورشليم، فهل يمنع هذا كل البلاد غرب نهر الفرات من دفع الجزية، هذا لن يتم إلا بتكوين دولة يهودية كبيرة تسيطر على كل ما في غرب النهر، وهذا هو التهويل لإثارة الملك.
17 فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ جَوَابًا: «إِلَى رَحُومَ صَاحِبِ الْقَضَاءِ وَشَمْشَايَ الْكَاتِبِ وَسَائِرِ رُفَقَائِهِمَا السَّاكِنِينَ فِي السَّامِرَةِ وَبَاقِي الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ. سَلاَمٌ إِلَى آخِرِهِ. 18 الرِّسَالَةُ الَّتِي أَرْسَلْتُمُوهَا إِلَيْنَا قَدْ قُرِئَتْ بِوُضُوحٍ أَمَامِي. 19 وَقَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِي أَمْرٌ فَفَتَّشُوا وَوُجِدَ أَنَّ هذِهِ الْمَدِينَةَ مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ تَقُومُ عَلَى الْمُلُوكِ، وَقَدْ جَرَى فِيهَا تَمَرُّدٌ وَعِصْيَانٌ. 20 وَقَدْ كَانَ مُلُوكٌ مُقْتَدِرُونَ عَلَى أُورُشَلِيمَ وَتَسَلَّطُوا عَلَى جَمِيعِ عَبْرِ النَّهْرِ، وَقَدْ أُعْطُوا جِزْيَةً وَخَرَاجًا وَخِفَارَةً. 21 فَالآنَ أَخْرِجُوا أَمْرًا بِتَوْقِيفِ أُولئِكَ الرِّجَالِ فَلاَ تُبْنَى هذِهِ الْمَدِينَةُ حَتَّى يَصْدُرَ مِنِّي أَمْرٌ. 22 فَاحْذَرُوا مِنْ أَنْ تَقْصُرُوا عَنْ عَمَلِ ذلِكَ. لِمَاذَا يَكْثُرُ الضَّرَرُ لِخَسَارَةِ الْمُلُوكِ؟». 23 حِينَئِذٍ لَمَّا قُرِئَتْ رِسَالَةُ أَرْتَحْشَسْتَا الْمَلِكِ أَمَامَ رَحُومَ وَشِمْشَايَ الْكَاتِبِ وَرُفَقَائِهِمَا ذَهَبُوا بِسُرْعَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى الْيَهُودِ، وَأَوْقَفُوهُمْ بِذِرَاعٍ وَقُوَّةٍ. 24 حِينَئِذٍ تَوَقَّفَ عَمَلُ بَيْتِ اللهِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ، وَكَانَ مُتَوَقِّفًا إِلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مُلْكِ دَارِيُوسَ مَلِكِ فَارِسَ.
فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ جَوَابًا:
إِلَى رَحُومَ صَاحِبِ الْقَضَاءِ وَشَمْشَايَ الْكَاتِبِ،
وَسَائِرِ رُفَقَائِهِمَا السَّاكِنِينَ فِي السَّامِرَةِ،
وَبَاقِي الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ.
سَلاَمٌ إِلَى آخِرِهِ [17].
بعث الملك الشرير رسالة إلى رحوم وشمشاي ورفقائهما لبحث الأمر، والتأكد مما جاء في رسالتهم له، مع إعطائهم سلطة لإيقاف العمل.
وثق الملك في خدامه غير الأمناء، وجعل من الخصوم حكامًا وقضاة ومنفذين للحكم. وكما يقول الحكيم: "الحاكم المٌصغي إلى كلام كذب كل خدامه أشرار" (أم 29: 12).
الحاكم أو القائد الشرير في أية جماعة يمثل بؤرة تضم أشرارًا يشاركونه شره، وبمشورتهم الشريرة يدفعونه بالأكثر إلى الشر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فعندما طلب يربعام وكل إسرائيل من رحبعام بن سليمان أن يخفف النير عنهم، استشار أحداثًا غير حكماء، وأجاب: "إن خنصري أغلظ من مَتُنَي أبي... أبي أدَّبكم بالسياط، وأما أنا فبالعقارب" (2 أي 10:10-11) فانقسمت المملكة، واعتزله عشرة أسباط.
* المشير الأحمق حارس أعمى، والمشير الحكيم حصن للثقة.
الرِّسَالَةُ الَّتِي أَرْسَلْتُمُوهَا إِلَيْنَا،
قَدْ قُرِئَتْ بِوُضُوحٍ أَمَامِي [18].
وَقَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِي أَمْرٌ،
فَفَتَّشُوا وَوُجِدَ أَنَّ هَذِهِ الْمَدِينَةَ مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ تَقُومُ عَلَى الْمُلُوكِ،
وَقَدْ جَرَى فِيهَا تَمَرُّدٌ وَعِصْيَانٌ [19].
وَقَدْ كَانَ مُلُوكٌ مُقْتَدِرُونَ عَلَى أُورُشَلِيمَ،
وَتَسَلَّطُوا عَلَى جَمِيعِ عَبْرِ النَّهْر،ِ
وَقَدْ أُعْطُوا جِزْيَةً وَخَرَاجًا وَخِفَارَةً [20].
فَالآنَ أَخْرِجُوا أَمْرًا بِتَوْقِيفِ أُولَئِكَ الرِّجَالِ،
فَلاَ تُبْنَى هَذِهِ الْمَدِينَةُ،
حَتَّى يَصْدُرَ مِنِّي أَمْرٌ [21].
لا نستطيع أن ننكر الجوانب الطيبة في الرسالة، والتي بلا شك هي عطية من يد الله الصالحة على شعبه. فالأمر صدر بوقف البناء وليس هدم مبني، وهو وقف مؤقت، وفي نفس الوقت لم يأمر برجوع العائدين من بابل إلى بلاد السبي كما كانوا عليه قبلًا.
"حتى يصدر مني أمر" إذا لم يغلق الباب نهائيًا فجاء من بعده وأعطى الأمر وها هي يد الله تعمل.
لقد خالف هذا الملك شريعة مادي وفارس التي لا تُنسخ (دا 6: 8). لم يحترم منشور الملك كورش، ولا التزم بشريعة الإمبراطورية.
ربما كان هذا الوقف تأديبًا من الله بسبب عدم قداسة الشعب، أو اهتمامهم ببيوتهم أكثر من الاهتمام ببيت الرب، كما يظهر في الأصحاح التالي.
* دُعي الشيطان قويًا ليس لأنه بالطبيعة هو هكذا، إنما بالإشارة إلى سلطانه الذي صار له بسبب ضعفنا(46).
فَاحْذَرُوا مِنْ أَنْ تَتَهَاوَنُوا عَنْ عَمَلِ ذَلِكَ.
لِمَاذَا يَكْثُرُ الضَّرَرُ لِخَسَارَةِ الْمُلُوكِ؟ [22]
الملك أرتحششتا كممثل لإبليس عدو المؤمنين يطلب من خدامه ألا يتهاونوا في مقاومتهم، حاسبًا أن كل تهاون معهم هو خسارة خطيرة لمملكته. حرب عدو الخير ضد الإنسان لن تتوقف.
* كما إن الرب يلقي الشبكة ويصطاد عددًا ضخمًا من السمك، وتلاميذه كصيَّادي سمك يجمعون الذين يَقبلون الإيمان به خلالهم ويحضرونهم إليه، هكذا أيضًا إبليس له شيَّاطينه الخاضعة له الذين ينصبون الشباك للناس ويقتادونهم إليه.
* تحسدنا الأرواح الشريرة منذ أن عرفت أننا حاولنا أن نرى عارنا وخزينا، وقد بحثنا عن طريقة للهروب من أعمالهم التي يعملونها معنا، ولم نحاول فقط أن نرفض مشورتهم الشريرة التي يزرعونها فينا، بل أن كثيرين منا يهزأون بحيلهم. والشياطين تعرف إحسان خالقها في هذا العالم، وقد حُكم عليهم بالموت، وأعد لهم جهنم ليرثوها بسبب غفلتهم وكثرة خبثهم(47).
حِينَئِذٍ لَمَّا قُرِئَتْ رِسَالَةُ أَرْتَحْشَشْتَا الْمَلِكِ،
أَمَامَ رَحُومَ وَشِمْشَايَ الْكَاتِبِ وَرُفَقَائِهِمَا،
ذَهَبُوا بِسُرْعَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى الْيَهُود،ِ
وَأَوْقَفُوهُمْ بِذِرَاعٍ وَقُوَّةٍ [23].
"بذراع وقوة" يقف الشيطان بكل قوته لمنع العمل.
لماذا توقف البناء؟ هل هذا يرجع لقوة المقاومة؟ بالحري لتراخي من يبني، إذ لم يصلوا ولا صاموا، وظلوا في حالة تراخٍ إلى أن قام حجي النبي وزكريا ابن عدو النبيان وكلماهم بعنفٍ.
وقف المرتل في دهشة أمام عمل الله العجيب، وسط المعركة التي بين الله وإبليس. رأى نفسه عصفورًا لا حول له ولا قوة. لا يقدر أن يفلت من فخ الصيادين، أي إبليس وملائكته، لكن القدير أعانه، فكسر له الفخ وأطلقه حرًا. ترنم المرتل، قائلًا:"انفلتت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيَّادين، الفخ انكسر ونحن انفلتنا، عوننا باسم الرب الصانع السماوات والأرض" (مز 123: 7).
* ما هو الفخ الذي انكسر؟ يقول الرسول:" (الرب) سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعًا" (رو 16: 20)، "فتستفيقوا من فخ إبليس" (2 تي 2: 26). ها أنتم ترون الشيطان هو الصيَّاد، يشتاق أن يصطاد نفوسنا للهلاك. الشيطان هو سيِّد فخاخ كثيرة، وخداعات من كل نوع... متى كنَّا في حالة النعمة تكون نفوسنا في أمان. لكن ما أن نلهو بالخطيَّة، حتى تضطرب نفوسنا وتصير كسفينة تلطمها الأمواج(48).
حِينَئِذٍ تَوَقَّفَ عَمَلُ بَيْتِ اللهِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيم،َ
وَكَانَ مُتَوَقِّفًا إِلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مُلْكِ دَارِيُوسَ مَلِكِ فَارِسَ [24].
توقف العمل ولكن إلى حين، فإن كانت العلة الحقيقية هي الفساد الداخلي، فإن الله واهب النصرة يسمح بالجراحات والهزيمة المؤقتة حتى يرجع أولاده إليه فيقدم لهم النصرة.
* في اللحظة التي فيها لا نزال وسط المعركة نُحارب ونُجرح، نسأل أنفسنا: من الذي يغلب؟
الغالب أيها الإخوة هو ذاك الذي يعتمد على الله الذي يسنده وهو يحارب، ولا يعتمد على قوته. للشيطان خبرته في الحرب، لكن إن كان الله معنا فسنغلبه. يحارب الشيطان بذاته، فإن حاولنا أن نفعل ذات الأمر، فسيغلبنا. إنه مُحارب مُختبر، لهذا يليق بنا أن نستدعي القدير ليقف ضده.
ليقطن فيك ذاك الذي لا يُغلب، فستغلب ذاك الذي اعتاد أن ينتصر. من هم الذين يغلبهم؟ أولئك الذين قلوبهم فارغة من الله(49).
* يعرف الله سعيكم وإرادتكم الصالحة، وينتظر جهادكم، ويسند ضعفكم، ويكلل نصرتكم(50).
* إبليس عدونا لن يتوقف عن مقاومتنا.
يصب علينا اتهامات لا حصر لها.
يبث ضدنا افتراءات لا أساس لها.
يستخدم كل وسيلة لتحطيم عملنا في ملكوتك.
عنفه لا يوصف، وقسوته لا تُقدر!
* في وسط هذه المعركة وإن ظن العدو أنه قد غلب،
فسرّ نصرته ضعفنا وليس قوته.
خطيتنا هي طريق نجاحه.
لتعمل نعمتك فينا،
وليشرق نورك علينا.
تقدسنا، فنتمتع بقوتك.
نختفي فيك، فننال النصرة!
* لك المجد يا من تسمح لنا بالهزيمة إلى حين،
لك المجد يا من تدعونا للنصرة الأبدية!
صالح أنت يا أيها القدوس!
أنت هو سرّ نصرتنا ونجاحنا.
_____
(36) Sermons on New Testament Lessons.
(37) On Perfection.
(38) Kaiser, Davids, Bruce and Brauch: Hard Sayings of the Bible, 1996, p.248-49.
(39) Barnes’ Notes.
(40) Nelson’s Illustrated Bible Dictionary, article Dinaites.
(41) The New Unger Bible Dictionary, article Dinaites.
(42) International Standard Bible Encyclopedia, article Apharstchites.
(43) Fausset’s Bible Dictionary.
(44) International Bible Dictionary.
(45) The New Unger’s Bible Dictionary.
(46) In Matt hom 41
(47) الرسالة السادسة.
(48) On Ps. hom. 20.
(49) Com. on 1 John, 4:3.
(50) Robert Llewelyn, The Joy of the Saints, Spiritual Readings throughout the Year, Springfield, Illinois, 1989, p. 56.
← تفاسير أصحاحات عزرا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير عزرا 5 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير عزرا 3 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ypy9z9d