محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
لاويين: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36
[لا 8]. |
|||
2. ممارسة العمل الكهنوتي |
|||
3. العمل الكهنوتي والنار الغربية |
الأصحاحات 8-10
في سفر الخروج (أصحاحات 25-30) تمتع موسى النبي بالأمر الإلهي الصادر إليه لإقامة خيمة الاجتماع وتأثيثها وعمل الملابس الكهنوتية وتكريس الكهنة، وجاءت الأصحاحات التالية (35-40) تعلن عن تنفيذ الأمر الإلهي بخصوص الخيمة وإقامتها وقبولها لدى الله، وأرجأ أمر تكريس الكهنة إلى الحديث عنه بعد الحديث عن شرائع الذبائح والتقدمات في سفر اللاويين (أصحاحات 1-7)، ليربط الذبائح بالكهنوت والكهنوت بالذبائح، فلا ذبيحة بدون كاهن، كما لا عمل كهنوتي خارج الذبيحة.
إن كان كهنوت هرون وبنيه يحمل رمزًا وظلًا لكهنوت السيد المسيح الذي لا يقوم على الطقس اللاوي بل على طقس ملكي صادق (عب 7)، غير أن مسح هرون وبنيه يكشف بطريقة الرمز عن دور السيد المسيح الكهنوتي.
هذا وتكشف هذه الأصحاحات عن مفهوم حياة التكريس لحساب الكاهن الأعظم ربنا يسوع بكوننا مسحاء له متحدين بمسيحنا الحق. هذا التكريس العام الذي يلزم أن يتسم به كل مسيحي قبل في مياه المعمودية أن يكون للرب وحده، مسلمًا كل القلب له، فيصير بهذا كاهنًا له لا بمفهوم الكهنوت الذي نناله في سرّ الكهنوت لممارسة العمل السرائري المقدس، وإنما الكهنوت العام الذي من خلاله يحق لكل مؤمن أن يبسط يديه ليقدم ذبائح الحمد والتسبيح وتقدمات الصلوات والتضرعات... هذا ما أوضحه القديس يوحنا الذهبي الفم الذي تمتع بسر الكهنوت وسجل لنا كتبه الستة عن "الكهنوت" في أروع ما قدمه لنا الآباء في هذا الشأن، فإنه يكتب أيضًا عن الكهنوت العام هكذا: [أنت أيضًا صرت ملكًا وكاهنًا ونبيًا في الجرن. صرت ملكًا تحطم أعمال الشر وتقتل خطاياك بسلطان، صرت كاهنًا تقدم حياتك لله كمن يذبح جسده فيذبح ذاته أيضًا، إذ قيل: "إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضًا معه" (2 تي 2: 11). وصرت نبيًا، إذ تعرف ما سيحدث في المستقبل بكونك قد صرت ملهمًا بالله مختومًا (بالمسحة). فكما يُختم الجنود هكذا يختم الروح المؤمنين(110)].
قام طقس التكريس على مبدأ هام هو "التقديس بدم الذبيحة" مع التخصيص للعمل الإلهي بالروح القدس.
[1 -5]. |
|||
[6]. |
|||
[7 -9]. |
|||
[10 -13]. |
|||
[14 -32]. |
|||
[33 -36]. |
"1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2 «خُذْ هَارُونَ وَبَنِيهِ مَعَهُ، وَالثِّيَابَ وَدُهْنَ الْمَسْحَةِ وَثَوْرَ الْخَطِيَّةِ وَالْكَبْشَيْنِ وَسَلَّ الْفَطِيرِ، 3 وَاجْمَعْ كُلَّ الْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ». 4 فَفَعَلَ مُوسَى كَمَا أَمَرَهُ الرَّبُّ. فَاجْتَمَعَتِ الْجَمَاعَةُ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 5 ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِلْجَمَاعَةِ: «هذَا مَا أَمَرَ الرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ»." [1-5].
أعد موسى كل شيء لتتميم طقس التكريس بدقة بالغة، مؤكدين أمرين غاية في الأهمية، هما:
أولًا: إن كان قد أعد هرون وبنيه وأحضرهما كما أعد الثياب الكهنوتية ودهن المسحة والحيوانات للذبح والفطير للتقدمة وجمع الجماعة عند باب خيمة الاجتماع، فإن ما قد فعله كان تحقيقًا لأوامر الله، إذ كانت تسبحة هذا الأصحاح المتكررة: "هذا ما أمر الرب أن يفعل" [5]، أو "كما أمر الرب موسى" [4، 13، 17، 21، 29، 36... إلخ].
لم يكن لموسى النبي وأول قائد للشعب حق التصرف في اختيار الكهنة ولا في تدبير طقس تكريسهم إلاَّ حسب خطة الله وتدبيره، ليعلن أن ما تحقق بمجيء السيد المسيح كان خطة أزلية من تدبير الآب نفسه، إذ يقول السيد "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16)، كما يقول: "هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته... إني خرجت من عندك وآمنوا أنك أنت أرسلتني" (يو 17: 3، 8). هذه الإرسالية لا تقلل من دور الابن الإيجابي، إذ يقول الرسول: "أحبنا المسيح أيضًا وأسلم نفسه لأجلنا قربانًا وذبيحة لله رائحة طيبة... كما أحب المسيح أيضًا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها" (أف 5: 2، 25). لقد قام الآب بالتدبير، قام بدور إيجابي وليس كما ادعى بعض الغنوسيين أن السيد المسيح محب للبشر بينما إله العهد القديم قاسٍ وعنيف. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). قام كل من الآب والابن بدورهما الإيجابي في خلاصنا، وتطابقت إرادتهما تمامًا إذ هما واحد في اللاهوت والجوهر والإرادة.
إن كان الآب هو الذي أرسل ابنه الذي يحمل ذات إرادة الآب دون تعارض قط، ففي سيامة الكهنة - أيًا كانت درجتهم - يلزم أن نسلم الأمر بين يدي الله ليختار بنفسه ويدعو من يشاء، ليعمل فيهم إرادته الصالحة، لهذا يوصينا السيد المسيح: "اطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده" (مت 9: 38). وبهذه الروح تتضرع الكنيسة في ليتورجيا الأفخارستيا، قائلة: "الذين يُفَصِّلون كلمة الحق باستقامة أنعم بهم يا رب على بيعتك يرعون قطيعك بسلام".
من واجب كل عضو في الكنيسة -ككاهن أو كأحد أفراد الشعب- أن يقدم الصلوات والتضرعات مع أصوام ومطانيات metanoia لكي يختار الله رعاة قلوبهم حسب قلبه.
ثانيًا: إن كان الكاهن هو اختيار الله، وطقس سيامته بتدبير إلهي دقيق، فإن الله قد أعلن أن الكاهن يُسام من أجل الجماعة، لهذا طلب من موسى أن يجمع كل الجماعة إلى باب خيمة الاجتماع. بمعنى آخر الكنيسة ليست جماعة الكهنة بل هي الشعب ككل يضم الكهنة كخدام للشعب يعملون لحساب مملكة الله، أي لحساب الجماعة المقدسة، وليس لحسابهم الشخصي. هذا ما أعلنه القديس يوحنا الذهبي الفم في أكثر من موضع مؤكدًا أن الكاهن ليس كاهنًا إلاَّ من أجل الشعب...
بهذه الروح أكدت القوانين الكنسية وكتابات الآباء التزام الشعب لا بالصلاة من أجل اختيار الكاهن وإنما أيضًا أن يقوم بدوره في الاختيار بروح الله. لذا جاء في تزكية الآب البطريرك: [بفعل الروح القدس واتفاق منا كلنا وطيب قلب واتفاق رأي الجماعة(111)]. وتصّر قوانين الرسل في سيامة الأسقف [يجتمع كل الشعب والقساوسة والشمامسة(112)]، كما جاء في قوانين أبوليدس: [يختار الأسقف من الشعب... وفي الأسبوع الذي يُقسم فيه يقول كل الإكليروس والشعب إنا نؤثره(113)].
لاحظ بعض الدارسين أن كلمة اجتماع هنا بمعنى "كنيسة" أو "إكليسيا" قد وردت هنا لأول مرة في الكتاب المقدس، وكأن الكنيسة تجتمع لأول مرة عند المسحة لتعلن عن وجودها خلال كاهنها ربنا يسوع المسيح الممسوح رأسًا لها، فلا وجود للجسد إلاَّ خلال اتحاده بالرأس.
6 فَقَدَّمَ مُوسَى هَارُونَ وَبَنِيهِ وَغَسَّلَهُمْ بِمَاءٍ.
قبل أن يرتدي هرون وبنوه الثياب الكهنوتية، قدمهم موسى وغسلهم بماء [6] ليؤكد لهم جانبين هامين في حياتهما الكهنوتية، الأول أن الله القدوس يعمل في كهنته المقدسين فيه والمغتسلين من كل ضعف، والثاني أن الكاهن - أيًا كانت رتبته - فهو إنسان تحت الضعف يحتاج أن يغتسل هو أولًا لكي يقدر أن يقوم بغسل أقدام الآخرين. هذا ما أكده القديس يوحنا الذهبي الفم لنفسه كما لأخوته الكهنة، معلنًا التزام الكاهن باهتمامه بخلاص نفسه حتى يقدر أن يهتم بأولاده الروحيين، فمن كلماته: [إن كلامي أكثر فائدة لحياتي من الذين يسمعونني(114)].
ويرى العلامة أوريجانوس في اغتسال الكهنة قبل ارتدائهم الملابس الكهنوتية إشارة إلى ضرورة الاغتسال الكلي في مياه المعمودية لكي نلبس السيد المسيح، والحاجة إلى الاغتسال المستمر من الشر باعتزالنا إياه لنبقى على الدوام لابسين ربنا يسوع المسيح. فمن كلماته: [بالحق لا يمكننا أن نلبس ما لم نغتسل أولًا. إذن "اغتسلوا. تنقوا، اعزلوا شر أفعالكم" (إش 1: 16). فإن لم تغتسل هكذا لا تقدر أن تلبس الرب يسوع المسيح كقول الرسول: "البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرًا للجسد لأجل الشهوات" (رو 13: 14). ليغسلك موسى، وليلبسك بنفسه. كيف يغسلنا موسى؟ موسى في الكتب المقدسة يمثل الناموس، كما قيل في الإنجيل: "عندهم موسى والأنبياء ليسمعوا منهم" (لو 16: 29). إذًا ناموس الرب هو يغسلك ويذيب دنسك إن أصغيت له... يا من تريدون التمتع بالمعمودية المقدسة ونوال نعمة الروح يلزمكم أن تتنقوا بالناموس، أي تسمعوا كلمة الرب وتنزعوا عنكم رذائلكم الطبيعية، وتلطفوا طبائعكم المتوحشة، حتى متى حصلتم على الاتضاع والوداعة تتمتعون بنعمة الروح القدس. يقول الرب بواسطة الأنبياء: "أي مكان راحتي...؟! (إلى هذا أنظر) إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي" (إش 66: 1-2). فإن لم تكن وديعًا ومتواضعًا وتقبل كلام الله برعدة لا تسكن فيك نعمة الروح، إذ يهرب الروح القدس من النفس المتكبرة المنافقة(115)].
يحدثنا القديس يوحنا الذهبي الفم على الاغتسال الداخلي، فيقول: [أن تصلي بأيدٍ غير مغسولة لهو أمر تافه، أما أن تصلي بذهن غير مغتسل فهو أبشع الشرور. اسمعوا ما قيل لليهود الذين انشغلوا بالدنس الخارجي: "اغسلي من الشر قلبك يا إورشليم... إلى متى تبيت في وسطك أفكارك الباطلة؟!" (إر 4: 14). ليتنا نحن أيضًا نغتسل لا بالوحل وإنما بماء نظيف، بالصدقة لا بالطمع. لنحد عن الشر ونفعل الخير (مز 37: 27)(116)].
7 وَجَعَلَ عَلَيْهِ الْقَمِيصَ وَنَطَّقَهُ بِالْمِنْطَقَةِ وَأَلْبَسَهُ الْجُبَّةَ وَجَعَلَ عَلَيْهِ الرِّدَاءَ، وَنَطَّقَهُ بِزُنَّارِ الرِّدَاءِ وَشَدَّهُ بِهِ. 8 وَوَضَعَ عَلَيْهِ الصُّدْرَةَ وَجَعَلَ فِي الصُّدْرَةِ الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ. 9 وَوَضَعَ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ، وَوَضَعَ عَلَى الْعِمَامَةِ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ صَفِيحَةَ الذَّهَبِ، الإِكْلِيلَ الْمُقَدَّسَ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.
إذ غسل موسى هرون وبنيه ألبسهم الملابس الكهنوتية لكي يظهروا أمام الله لا بلباس من أوراق التين كآدم الأول، ولا بأقمصه من جلد حيوان يعلن حاجتهم للتستر، إنما يلبسون السيد المسيح نفسه ويختفون فيه بكونه الكاهن الأعظم الذي يعمل في كهنته. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [الرب نفسه هو الذي يعمل وهو الذي يقدم الكل(117)]، [نحن نقوم بدور الخدم، لكنه هو بنفسه الذي يبارك، وهو الذي يحوِّل القرابين(118)].
ما نقوله عن لبس الكهنة للسيد المسيح لممارسة العمل الكهنوتي، نردده بالنسبة لكل مؤمن في ممارسة الحياة التعبدية اليومية، فبدونه لا تقبل عبادتنا. يقول العلامة أوريجانوس: [أود مقارنة المأساة التي لبسها الإنسان الأول عندما أخطأ بتلك التي للقداسة والإيمان. فقد قيل إن الرب الإله صنع "لآدم وامرأته أقمصه من جلد وألبسهما" (تك 3: 21). هذه الأقمصة الجلدية المأخوذة من حيوانات تتفق مع الخاطئ، إذ كانت رمزًا للموت الناجم عن الخطية وعن سقوطه وفناء جسده، لكنك إذ تغتسل بناموس موسى وتتنقى يُلبسك موسى ملابس غير فانية فلا يظهر خزيك (خر 20: 26)، "لكي يبتلع المائت من الحياة" (2 كو 5: 4)(119)].
شملت الملابس الكهنوتية: القميص والمنطقة والجبة والرداء وزنار الرداء والصدرة وبها الأوريم والتميم والعمامه وصفيحة الذهب الإكليل المقدس [7-9]. وإذ سبق لنا الحديث عن هذه الملابس وما تحمله من رموز في دراستنا لسفر الخروج(120)، لهذا أكتفي الآن بعرض تعليقات خفيفة عن هذه الملابس ذكرها العلامة أوريجانوس في عظاته على سفر اللاويين(121).
أولًا: يلبس الكاهن قميصين -ربما عَنَى القميص والرداء- ففي العهد القديم كان يجب ممارسة الشريعة بطقسها حرفيًا مع الفهم الروحي، أما كهنة العهد الجديد فمنعهم السيد أن يلبسوا ثوبين (لو 3: 11)، إذ يليق بهم ألا يقبلوا الحرف بل يسلكوا بالروح. لذلك عندما اجتمع الرسل معًا قرروا ألا يثقل على الداخلين إلى الإيمان من الأمم، واكتفوا بتقديم ثوب الروح للشعب دون حرف الناموس (أع 15).
ثانيًا: يتمنطق الكاهن بالمنطقة والزنار، إشارة إلى إلتزامه بالتحفظ في الكلام كما في العمل، فكما يكرز بالفم يليق به أن يكرز بالعمل أيضًا خلال الحياة الفاضلة وطهارة الجسد.
ثالثًا: يوضع على الصدرة الأوريم والتميم كإشارة إلى إلتزام الكاهن بالحكمة والفهم معًا، أو الحق والمعرفة. [لا يكفي للكاهن أن تكون له الحكمة فقط إنما يلزمه أن تكون له المعرفة... حتى يجيب على كل من يسأله عن سبب الإيمان والحق].
رابعًا: العمامة أو التاج: [ثم يوضع التاج على رأسه، وعلى جبهته توضع صفيحة الذهب [9] حيث ينقش عليها اسم الرب (خر 28: 32، 36). يُسجل اسم الرب على زينة الرأس... إنه رأس كل الأعضاء، وهو زينة كل الأعضاء يوضع فوق الرأس]، [ملء علم الله هو الذي يزين رأسك].
10 ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى دُهْنَ الْمَسْحَةِ وَمَسَحَ الْمَسْكَنَ وَكُلَّ مَا فِيهِ وَقَدَّسَهُ، 11 وَنَضَحَ مِنْهُ عَلَى الْمَذْبَحِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَمَسَحَ الْمَذْبَحَ وَجَمِيعَ آنِيَتِهِ، وَالْمِرْحَضَةَ وَقَاعِدَتَهَا لِتَقْدِيسِهَا. 12 وَصَبَّ مِنْ دُهْنِ الْمَسْحَةِ عَلَى رَأْسِ هَارُونَ وَمَسَحَهُ لِتَقْدِيسِهِ. 13 ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ وَأَلْبَسَهُمْ أَقْمِصَةً وَنَطَّقَهُمْ بِمَنَاطِقَ وَشَدَّ لَهُمْ قَلاَنِسَ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.
في الأصحاح الثاني إذ تحدثنا عن تقدمة القربان رأينا الزيت يُشير إلى المسحة،
وأن المسحة التي تمتع بها هرون وبنوه كانت رمزًا للسيد المسيح الذي لم يمسح بزيت بل بروحه القدوس كرئيس كهنة أعظم يقدم حياته ذبيحة محرقة وحب عن خطايانا.
مُسح هرون وبنوه حتى يحق لهم تقديم ذبائح عن أنفسهم وعن الشعب، ولكي يمارسوا الصلوات والتضرعات، أما كلمة الله فتجسد من أجلنا كنائب عنا ورئيس كهنة أعظم يشفع بدمه لدى الآب مصليًا عنا، ويسكن فينا لنمارس به صلواتنا وعبادتنا، ويتقبل هذه الصلوات... وكما يقول القديس أغسطينوس: [إنه يصلي من أجلنا وفينا كما نصلي نحن له. يصلي من أجلنا بكونه كاهننا، ويصلي فينا بكونه رأسنا، ونصلي له بكونه إلهنا(122)].
14 ثُمَّ قَدَّمَ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ، وَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ثَوْرِ الْخَطِيَّةِ. 15 فَذَبَحَهُ، وَأَخَذَ مُوسَى الدَّمَ وَجَعَلَهُ عَلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا بِإِصْبَعِهِ، وَطَهَّرَ الْمَذْبَحَ. ثُمَّ صَبَّ الدَّمَ إِلَى أَسْفَلِ الْمَذْبَحِ وَقَدَّسَهُ تَكْفِيرًا عَنْهُ. 16 وَأَخَذَ كُلَّ الشَّحْمِ الَّذِي عَلَى الأَحْشَاءِ وَزِيَادَةَ الْكَبِدِ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَشَحْمَهُمَا، وَأَوْقَدَهُ مُوسَى عَلَى الْمَذْبَحِ. 17 وَأَمَّا الثَّوْرُ: جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ وَفَرْثُهُ، فَأَحْرَقَهُ بِنَارٍ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. 18 ثُمَّ قَدَّمَ كَبْشَ الْمُحْرَقَةِ، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ الْكَبْشِ. 19 فَذَبَحَهُ، وَرَشَّ مُوسَى الدَّمَ عَلَى الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. 20 وَقَطَّعَ الْكَبْشَ إِلَى قِطَعِهِ. وَأَوْقَدَ مُوسَى الرَّأْسَ وَالْقِطَعَ وَالشَّحْمَ. 21 وَأَمَّا الأَحْشَاءُ وَالأَكَارِعُ فَغَسَلَهَا بِمَاءٍ، وَأَوْقَدَ مُوسَى كُلَّ الْكَبْشِ عَلَى الْمَذْبَحِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ لِرَائِحَةِ سَرُورٍ. وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. 22 ثُمَّ قَدَّمَ الْكَبْشَ الثَّانِي، كَبْشَ الْمَلْءِ، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ الْكَبْشِ. 23 فَذَبَحَهُ، وَأَخَذَ مُوسَى مِنْ دَمِهِ وَجَعَلَ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ الْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ الْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى. 24 ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ وَجَعَلَ مِنَ الدَّمِ عَلَى شَحْمِ آذَانِهِمِ الْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَيْدِيهِمِ الْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَرْجُلِهِمِ الْيُمْنَى، ثُمَّ رَشَّ مُوسَى الدَّمَ عَلَى الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. 25 ثُمَّ أَخَذَ الشَّحْمَ: الأَلْيَةَ وَكُلَّ الشَّحْمِ الَّذِي عَلَى الأَحْشَاءِ، وَزِيَادَةَ الْكَبِدِ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَشَحْمَهُمَا، وَالسَّاقَ الْيُمْنَى، 26 وَمِنْ سَلِّ الْفَطِيرِ الَّذِي أَمَامَ الرَّبِّ، أَخَذَ قُرْصًا وَاحِدًا فَطِيرًا، وَقُرْصًا وَاحِدًا مِنَ الْخُبْزِ بِزَيْتٍ، وَرُقَاقَةً وَاحِدَةً، وَوَضَعَهَا عَلَى الشَّحْمِ وَعَلَى السَّاقِ الْيُمْنَى، 27 وَجَعَلَ الْجَمِيعَ عَلَى كَفَّيْ هَارُونَ وَكُفُوفِ بَنِيهِ، وَرَدَّدَهَا تَرْدِيدًا أَمَامَ الرَّبِّ. 28 ثُمَّ أَخَذَهَا مُوسَى عَنْ كُفُوفِهِمْ، وَأَوْقَدَهَا عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْمُحْرَقَةِ. إِنَّهَا قُرْبَانُ مَلْءٍ لِرَائِحَةِ سَرُورٍ. وَقُودٌ هِيَ لِلرَّبِّ. 29 ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى الصَّدْرَ وَرَدَّدَهُ تَرْدِيدًا أَمَامَ الرَّبِّ مِنْ كَبْشِ الْمَلْءِ. لِمُوسَى كَانَ نَصِيبًا، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. 30 ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى مِنْ دُهْنِ الْمَسْحَةِ وَمِنَ الدَّمِ الَّذِي عَلَى الْمَذْبَحِ، وَنَضَحَ عَلَى هَارُونَ وَعَلَى ثِيَابِهِ، وَعَلَى بَنِيهِ وَعَلَى ثِيَابِ بَنِيهِ مَعَهُ. وَقَدَّسَ هَارُونَ وَثِيَابَهُ وَبَنِيهِ وَثِيَابَ بَنِيهِ مَعَهُ. 31 ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِهَارُونَ وَبَنِيهِ: «اطْبُخُوا اللَّحْمَ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، وَهُنَاكَ تَأْكُلُونَهُ وَالْخُبْزَ الَّذِي فِي سَلِّ قُرْبَانِ الْمَلْءِ، كَمَا أَمَرْتُ قَائِلًا: هَارُونُ وَبَنُوهُ يَأْكُلُونَهُ. 32 وَالْبَاقِي مِنَ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ تُحْرِقُونَهُ بِالنَّارِ.
السيد المسيح الكاهن على طقس ملكي صادق قدم حياته ذبيحة على الصليب من أجل البشرية دون حاجة إلى تقديم ذبيحة عن نفسه إذ هو ابن الله الحيّ الذي بلا عيب، أما هرون وبنوه فلم يكن ممكنًا أن يمارسوا عملهم الكهنوتي ما لم يتقدسوا خلال الذبيحة، تتقدس حياتهم وحواسهم ومواهبهم لحساب ملكوت الله، لذلك ففي يوم تكريسهم قدمت الذبائح التالية: ثور الخطية الذي وضع هرون وبنوه أيديهم على رأسه ليحمل خطاياهم وضعفاتهم [14]، كبش المحرقة [18]، كبش الملء الذي أخذ موسى من دمه وجعل على شحمة أذن هرون اليمنى وعلى إبهام يده اليمنى وعلى إبهام رجله اليمنى، وكرر نفس الأمر مع بني هرون... ليعلن تقديس آذانهم الروحية (اليمنى) للاستماع لصلوات الرب بفهم وحكمة كقول الرب "من له أذن للسمع فليسمع"، وتقديس أياديهم الروحية للعمل بلا رخاوة في حقل الرب، وأيضًا تقديس أرجلهم الروحية للانطلاق مع الشعب في طريق الرب نحو السماويات. ثم وضع على كفي هرون وكفوف أبنائه قرصًا من الفطير وقرصًا من الخبز بزيت ورقاقة كقربان للرب، ورددها ترديدًا أمام الرب ثم أوقدها محرقة للرب... أيضًا ردد موسى من صدر كبش الملء ترديدًا أمام الرب...
سبق لنا الحديث عن هذه الذبائح والتقدمات ومفاهيمها اللاهوتية الروحية، أما من جهة الترديد أمام الرب، فيرى البعض أن التقدمة المذكورة وضعت على أيديهم ووضع موسى يديه تحت أيديهم، وردد أيديهم بيديه أمام الرب، وذلك برفع الأيدي إلى فوق ثم تحريكها إلى كل الجهات إشارة إلى الشهادة لله الموجود في كل مكان كواهب نعم وعطايا للإنسان.
33 وَمِنْ لَدُنْ بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، لاَ تَخْرُجُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إِلَى يَوْمِ كَمَالِ أَيَّامِ مَلْئِكُمْ، لأَنَّهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَمْلأُ أَيْدِيَكُمْ. 34 كَمَا فَعَلَ فِي هذَا الْيَوْمِ، قَدْ أَمَرَ الرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ. 35 وَلَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ تُقِيمُونَ نَهَارًا وَلَيْلًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَتَحْفَظُونَ شَعَائِرَ الرَّبِّ فَلاَ تَمُوتُونَ، لأَنِّي هكَذَا أُمِرْتُ». 36 فَعَمِلَ هَارُونُ وَبَنُوهُ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ عَلَى يَدِ مُوسَى.
سيامتهم ككهنة للرب يعني في جوهره تخصيص كل حياتهم الداخلية وتصرفاتهم الظاهرة لحساب الرب نفسه، لذا قيل: "ولدى باب الاجتماع تقيمون نهارًا وليلًا سبعة أيام وتحفظون شعائر الرب فلن تموتون لأنيّ هكذا أمرت" [35]. يقيمون نهارًا وليلًا كل أيام الأسبوع، لا يعرفون لهم راحة ولا موضع بعيدًا عن هيكل الرب، إنهم يقضون كل أيام حياتهم لخدمة الرب دون ارتباك بالاحتياجات المادية لهم أو للخدمة، إذ هو نصيبهم وميراثهم كما هم نصيبه، يفرح بسكناهم في بيته ويشبعهم بفيض.
_____
(110) In 2 Cor. hom. 3:7.
(111) القمص صليب سوريال: مذكرات الطقوس، ج3، ص171.
(112) قوانين الرسل، 52:1.
(113) قوانين أبوليدس 2.
(114) In 2 Thess. PG 62:498.
(115) In Lev. hom. 6:2.
(116) In Ioan. hom. 13:3.
(117) In 1 Cor. Hom 27:4.
(118) In Matt. hom. 82:5.
(119) In Lev. hom. 6:2
(120) للمؤلف: سفر الخروج، 1981، ص188- 195.
(121) In Lev. hom. 6:4, 5.
(122) On Ps 86.
← تفاسير أصحاحات اللاويين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير اللاويين 9 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير اللاويين 7 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/8zff6jt