← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31
الآيات (1-4):- "فَأَرْسَلَ الرَّبُّ نَاثَانَ إِلَى دَاوُدَ. فَجَاءَ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: «كَانَ رَجُلاَنِ فِي مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا غَنِيٌّ وَالآخَرُ فَقِيرٌ. وَكَانَ لِلْغَنِيِّ غَنَمٌ وَبَقَرٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا. وَأَمَّا الْفَقِيرُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ إِلاَّ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ صَغِيرَةٌ قَدِ اقْتَنَاهَا وَرَبَّاهَا وَكَبِرَتْ مَعَهُ وَمَعَ بَنِيهِ جَمِيعًا. تَأْكُلُ مِنْ لُقْمَتِهِ وَتَشْرَبُ مِنْ كَأْسِهِ وَتَنَامُ فِي حِضْنِهِ، وَكَانَتْ لَهُ كَابْنَةٍ. فَجَاءَ ضَيْفٌ إِلَى الرَّجُلِ الْغَنِيِّ، فَعَفَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَنَمِهِ وَمِنْ بَقَرِهِ لِيُهَيِّئَ لِلضَّيْفِ الَّذِي جَاءَ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ نَعْجَةَ الرَّجُلِ الْفَقِيرِ وَهَيَّأَ لِلرَّجُلِ الَّذِي جَاءَ إِلَيْهِ»."
لأن ضمير داود لم يتحرك أرسل لهُ الرب ناثان النبي والله لهُ وسائله المتعددة حتى يجعلنا نستيقظ ونقدم توبة مثل [العظات / موت أحد الأحباء / مرض / تجارب / فشل / آية من الكتاب] ومعنى المثل الذي ضربه ناثان. أن الضيف الجائع هو شهوة داود فالشهوة هي دخيلة على الإنسان وهي جاءت للإنسان في مساء هذا العالم. وأراد داود الغني أن يشبع شهوته باغتصابه بثشبع الصغيرة الوحيدة المحبوبة جدًا لدى رجلها، هذه التي عاشت معه تشاركه حياته وأكله وشربه وسرير نومه ومشاعره. والآن يغتصبها داود الغني جدًا الذي لهُ زوجات كثيرات. وبثشبع هذه إفترستها شهوة داود كما أفترسته هو أيضًا.
الآيات (5، 6):- "فَحَمِيَ غَضَبُ دَاوُدَ عَلَى الرَّجُلِ جِدًّا، وَقَالَ لِنَاثَانَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّهُ يُقْتَلُ الرَّجُلُ الْفَاعِلُ ذلِكَ، وَيَرُدُّ النَّعْجَةَ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ لأَنَّهُ فَعَلَ هذَا الأَمْرَ وَلأَنَّهُ لَمْ يُشْفِقْ»."
حمى غضب داود وأصدر حكمه وكأنه يصدر حكمًا على نفسه. لذلك علينا أن لا نتسرع ونصدر أحكامًا وندين الآخرين بل نترك الدينونة لله فالإنسان يميل أن يدين الآخرين ولا يدين نفسه بل هو لا يرى خطأ في نفسه. ويرد النعجة أربعة أضعاف= وهذا بالفعل حدث مع داود فهو قتل أوريا ومات لهُ 4 بنين: 1- ابن بثشبع (ابن الخطية)؛ 2- أمنون قتله إبشالوم؛ 3- إبشالوم؛ 4- أدونيا قتله الملك سليمان. وداود زنى بامرأة أوريا وقد زنا ابنه أمنون مع ابنته ثامار وزنى إبشالوم بسراريه أما حكم داود بالقتل= يقتل الرجل الفاعل= فهذا سامحه الله فيه لأنه اعترف وندم.
آية (7):- "فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ! هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: أَنَا مَسَحْتُكَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَأَنْقَذْتُكَ مِنْ يَدِ شَاوُلَ،"
شجاعة ناثان في مواجهة داود تشبه شجاعة إيليا في مواجهة أخاب وهكذا يوحنا المعمدان في وجه هيرودس. فقد واجه داود بصرامة وصراحة وحزم ولم يحابي الوجوه. ولاحظ ناثان كان يتحدث مع داود خفية ولم يشهر به أمام إنسان لكن الله سمح بنشر هذا في الكتاب المقدس لتعليمنا. ومن الأفضل أن نفضح هنا في هذا العالم عن أن نخسر الأبدية. أنا مسحتك.. وأنقذتك= لنذكر إحسانات الله علينا فلا نخطئ إليه.
الآيات (8-14):- "وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ سَيِّدِكَ وَنِسَاءَ سَيِّدِكَ فِي حِضْنِكَ، وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا. وَإِنْ كَانَ ذلِكَ قَلِيلًا، كُنْتُ أَزِيدُ لَكَ كَذَا وَكَذَا. لِمَاذَا احْتَقَرْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ لِتَعْمَلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيْهِ؟ قَدْ قَتَلْتَ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ بِالسَّيْفِ، وَأَخَذْتَ امْرَأَتَهُ لَكَ امْرَأَةً، وَإِيَّاهُ قَتَلْتَ بِسَيْفِ بَنِي عَمُّونَ. وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ إِلَى الأَبَدِ، لأَنَّكَ احْتَقَرْتَنِي وَأَخَذْتَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ لِتَكُونَ لَكَ امْرَأَةً. هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هذِهِ الشَّمْسِ. لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ بِالسِّرِّ وَأَنَا أَفْعَلُ هذَا الأَمْرَ قُدَّامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَقُدَّامَ الشَّمْسِ». فَقَالَ دَاوُدُ لِنَاثَانَ: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ». فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «الرَّبُّ أَيْضًا قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لاَ تَمُوتُ. غَيْرَ أَنَّهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ بِهذَا الأَمْرِ أَعْدَاءَ الرَّبِّ يَشْمَتُونَ، فَالابْنُ الْمَوْلُودُ لَكَ يَمُوتُ»."
كان تأديب داود قاسيًا جدًا لكن قطعًا كان مطلوبًا لأجل خلاص نفسه لا يفارق السيف بيتك= 3 من أولاده ماتوا بالسيف في أثناء حياته. وحتى نهاية كرسي داود أيام صدقيا لم يفارق السيف بيته فقد مات أولاد صدقيا بسيف نبوخذ نصر أمام عيني أبيهم. وكل هذه الآلام هي ثمار طبيعية للخطية. الأسرة المباركة والآباء المباركون يقدمون بركة لأولادهم والعكس صحيح فالأسرة الفاسدة تورث أولادها فسادًا ولعنة. وعظمة داود النبي في أنه لم يجد لنفسه أعذارًا كما كان يفعل شاول بل هو اعترف سريعًا بخطيته واحتمل تأديب الرب في صمت لذلك كان حسب قلب الله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فالله يحب أن نخضع بين يديه حتى في التأديب ولاحظ أن داود كملك عظيم لم يخجل أن يعترف أمام ناثان النبي. وفي (13) لا تموت= أي لا تموت الآن فورًا ولن تقتل فورًا وأيضًا لن تموت الموت الثاني وتهلك بسبب الخطية. ومزامير توبة داود الرائعة التي سجلها في هذه المناسبة [6، 32، 38، 51، 102، 130، 143].
وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجعُ مَعَ نِسَائِكَ = الله لن يأخذ النساء ليعطيهن إلى عدو داود ليزني معهن، بل لن يحمي نساء داود ممن يريد أن يزني معهن. في السابق كان الله يحمي داود ونساءه كما فعل حينما خطف العمالقة نساءه ونساء رجاله (1مل30). ولكن بعد خطية داود لم يحمي الله نساءه كتأديب له.
الآيات (15-23):- "وَذَهَبَ نَاثَانُ إِلَى بَيْتِهِ. وَضَرَبَ الرَّبُّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ امْرَأَةُ أُورِيَّا لِدَاوُدَ فَثَقِلَ. فَسَأَلَ دَاوُدُ اللهَ مِنْ أَجْلِ الصَّبِيِّ، وَصَامَ دَاوُدُ صَوْمًا، وَدَخَلَ وَبَاتَ مُضْطَجِعًا عَلَى الأَرْضِ. فَقَامَ شُيُوخُ بَيْتِهِ عَلَيْهِ لِيُقِيمُوهُ عَنِ الأَرْضِ فَلَمْ يَشَأْ، وَلَمْ يَأْكُلْ مَعَهُمْ خُبْزًا. وَكَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ أَنَّ الْوَلَدَ مَاتَ، فَخَافَ عَبِيدُ دَاوُدَ أَنْ يُخْبِرُوهُ بِأَنَّ الْوَلَدَ قَدْ مَاتَ لأَنَّهُمْ قَالُوا: «هُوَذَا لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا كَلَّمْنَاهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِصَوْتِنَا. فَكَيْفَ نَقُولُ لَهُ: قَدْ مَاتَ الْوَلَدُ؟ يَعْمَلُ أَشَرَّ!». وَرَأَى دَاوُدُ عَبِيدَهُ يَتَنَاجَوْنَ، فَفَطِنَ دَاوُدُ أَنَّ الْوَلَدَ قَدْ مَاتَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِعَبِيدِهِ: «هَلْ مَاتَ الْوَلَدُ؟» فَقَالُوا: «مَاتَ». فَقَامَ دَاوُدُ عَنِ الأَرْضِ وَاغْتَسَلَ وَادَّهَنَ وَبَدَّلَ ثِيَابَهُ وَدَخَلَ بَيْتَ الرَّبِّ وَسَجَدَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى بَيْتِهِ وَطَلَبَ فَوَضَعُوا لَهُ خُبْزًا فَأَكَلَ. فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: «مَا هذَا الأَمْرُ الَّذِي فَعَلْتَ؟ لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا صُمْتَ وَبَكَيْتَ، وَلَمَّا مَاتَ الْوَلَدُ قُمْتَ وَأَكَلْتَ خُبْزًا». فَقَالَ: «لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا صُمْتُ وَبَكَيْتُ لأَنِّي قُلْتُ: مَنْ يَعْلَمُ؟ رُبَّمَا يَرْحَمُنِي الرَّبُّ وَيَحْيَا الْوَلَدُ. وَالآنَ قَدْ مَاتَ، فَلِمَاذَا أَصُومُ؟ هَلْ أَقْدِرُ أَنْ أَرُدَّهُ بَعْدُ؟ أَنَا ذَاهِبٌ إِلَيْهِ وَأَمَّا هُوَ فَلاَ يَرْجعُ إِلَيَّ»."
مرض طفل الخطية فتذلل داود من أجل محبته للطفل ولأنه شعر أن موت الطفل يحمل معنى غضب الله عليه فكان يصلي ويصوم. وكان يرجو شفاؤه كعلامة رضا من الله. ولكنه أعلن تسليمه الكامل لحكم الله حين مات الولد بل مسح نفسه بالدهن علامة الفرح فهو شعر أن الولد عند الله وهذه هي إرادته. وكان يجب أن يموت الولد كعلامة لكل إنسان خاطئ أن كل ما يجنيه من الخطية ممّا يعتبره العالم مكسبًا زمنيًا لا بُد وسيضيع. فمن يسرق لا تكون لهُ بركة في أمواله كذلك من لا يدفع العشور أومن يبحث عن لذة بطريقة خاطئة.. وهكذا وفي آية (15) فثقل: مرض مرضًا شديدًا.
الآيات (24، 25):- "وَعَزَّى دَاوُدُ بَثْشَبَعَ امْرَأَتَهُ، وَدَخَلَ إِلَيْهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا فَوَلَدَتِ ابْنًا، فَدَعَا اسْمَهُ سُلَيْمَانَ، وَالرَّبُّ أَحَبَّهُ، وَأَرْسَلَ بِيَدِ نَاثَانَ النَّبِيِّ وَدَعَا اسْمَهُ «يَدِيدِيَّا» مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ."
سليمان: معناه سالم أو صانع سلام إذ في أيامه استراحت المملكة من الحروب فقد أطلق الاسم عليه بطريقة نبوية فهو كرمز للمسيح باني الهيكل ملك السلام ورئيس السلام كان يجب تسميته بصانع السلام. وربما كان اختيار داود للاسم ليشير أنه وإن كانت الخطية قد أثارت زوابع عديدة إلاّ أنه بالتوبة استعاد سلامه الداخلي وأنه هو وزوجته أم سليمان عادا لحالة السلام مع الله. وهذا لا يمنع وقوع التأديبات. وأحب الطفل وأرسل ناثان حيث دعاه يديديا ومعناه محبوب الله وهو اشتقاق آخر من كلمة داود التي تعني المحبوب ليؤكد لوالديه أنه وإن مات الطفل الأول للتأديب فالثاني يعلن محبة الله لهما وغفرانه خطيتهما.
الآيات (26-31):- "وَحَارَبَ يُوآبُ رِبَّةَ بَنِي عَمُّونَ وَأَخَذَ مَدِينَةَ الْمَمْلَكَةِ. وَأَرْسَلَ يُوآبُ رُسُلًا إِلَى دَاوُدَ يَقُولُ: «قَدْ حَارَبْتُ رِبَّةَ وَأَخَذْتُ أَيْضًا مَدِينَةَ الْمِيَاهِ. فَالآنَ اجْمَعْ بَقِيَّةَ الشَّعْبِ وَانْزِلْ عَلَى الْمَدِينَةِ وَخُذْهَا لِئَلاَّ آخُذَ أَنَا الْمَدِينَةَ فَيُدْعَى بِاسْمِي عَلَيْهَا». فَجَمَعَ دَاوُدُ كُلَّ الشَّعْبِ وَذَهَبَ إِلَى رِبَّةَ وَحَارَبَهَا وَأَخَذَهَا. وَأَخَذَ تَاجَ مَلِكِهِمْ عَنْ رَأْسِهِ، وَوَزْنُهُ وَزْنَةٌ مِنَ الذَّهَبِ مَعَ حَجَرٍ كَرِيمٍ، وَكَانَ عَلَى رَأْسِ دَاوُدَ. وَأَخْرَجَ غَنِيمَةَ الْمَدِينَةِ كَثِيرَةً جِدًّا. وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِي فِيهَا وَوَضَعَهُمْ تَحْتَ مَنَاشِيرَ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسِ حَدِيدٍ وَأَمَرَّهُمْ فِي أَتُونِ الآجُرِّ، وَهكَذَا صَنَعَ بِجَمِيعِ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ."
نعود الآن إلى خبر الحرب مع بني عمون الذي بدأه في (2صم1:11) فنجد يوآب قد هزم بني عمون.
ويبدو أن مدينة ربة كان لها سور يحيط بها ويحيط بمدينة صغيرة أي حيّ صغير ولهُ سور أيضًا يشمل خزان الماء أو الآبار التي تمد المدينة بالماء. وعندما سقطت مدينة المياه في يد يوآب كان منطقيًا أن تسقط مدينة ربة: مدينة المملكة (عاصمتها) بعد انقطاع المياه عنها. وعندئذ أرسل يوآب يستدعي داود ليأتي ويدخل هو المدينة لئلا يقال أن يوآب هو فاتح المدينة وليس داود. وكل مسيحي عليه أن ينسب انتصاره للمسيح. بل كل نجاح ينسب للمسيح وليس لنا. وربما حملت كلمات يوآب نوع من التحذير لداود أي إن أردت أن تكون ملكًا فإنزل وحارب. لقد تجرأ يوآب على داود جدًا. وفي (30) تاج ملكهم: كان وزنهُ وزنة من الذهب فكيف يضع داود هذا الثقل على رأسه (حوالي 45 كجم).
1- قيل أن اثنان من عظماء داود أمسكا التاج ورفعاه على رأسهِ علامة تسلطه على بني عمون وقد فعلا هذا لبعض الوقت ثم أنزلاه. وهذا رأي معظم المفسرين.
2- قد يكون التاج خفيفًا ولكنه مملوء جواهر وقيمة الجواهر به تعادل وزنة ذهب.
3- قيل أن كلمة تاج ملكهم هي تاج ملكومهم أي إلههم وهذا تمثال وثن يمكن وضع هذا التاج عليه.
وفي (31) وضعهم تحت مناشير ونوارج حديد= غالبًا معنى هذا أنه استخدمهم في تقطيع الأشجار بالمناشير والدراس بالنوارج أي استخدمهم في عبودية مرة. ولكن في (1أى3:20) الآية صريحة أن داود نشرهم بالمناشير وهذه بلا شك قسوة ولكنهم يستحقونها فهم كانوا يقدمون أولادهم ضحايا حيَّة لإلههم ملكوم. إذ كانوا يحرقونهم أمامه أحياء. ولكن على كل الأحوال فهي قسوة مرفوضة من داود الذي يرمز للمسيح لكن عادة ما تقترن القسوة مع خطية الزنا. وكان داود خارجًا من خطية الزنا وقتل أوريا ولم يرجع لسابق رحمته بالتوبة بعد ولكن من المؤكد بعد أن عاد لحياة التوبة رجعت لهُ رحمته ومحبته ورقة قلبه.
سؤال:- أن كان الله قد نقل عن داود خطيته(آية 13)بعد اعترافه، فلماذا كانت العقوبات؟
الله الذي يحب داود يريد داود في أكمل صورة ، فالله يريد ان يُكَمِّل عبيده . ولاحظ قول بولس الرسول ان الله كَمَّل المسيح بالآلام (عب 2: 10 ) فهل لا يكملنا نحن بالآلام ، ليكون لنا نصيب أكبر في السماء .
لكن لنلاحظ ان الله كمل المسيح بالآلام لكي يشابهنا في كل شيء إذ نحن كبشر تحت الآلام (يع 5: 17) .
والله يكملنا نحن بالآلام لكي نَكمُل فنشابه المسيح = يتصور المسيح فينا ( غل 4: 19)
ونلاحظ أن الله لا يدعنا نجرب فوق ما نحتمل حتى لا نفشل ونيأس (مز 125: 3؛ 1كو 10: 13) والله وجد أن داود يحتمل. إذًا فالله يجربه ليصل إلى أعلى درجة (يُجرِّبه أي يسمح له بتجربة) ، وبتجربة تنزع هذه الخطايا المحبوبة من قلبه . فنجد ان الزنا والقتل اللذان دخلا بيته جعلا قلبه يتنقى من الشهوة الخاطئة والقسوة التي تسللت إليه. بعدما رآه من زنى ابنه مع ابنته، وزنى إبشالوم ابنه مع نسائه، كره الزنى وعاد لطهارته. وهكذا بعدما رأى الدم والقتل يدخل بيته كره ما فعله مع أوريا. وعاد لنقاوته. بل حينما أتوا له بحاضنة لتدفئه لم يقترب إليها إذ زهد تمامًا في الجنس (1مل1: 1-4). لقد أتى التأديب بثماره ونجح، فالله كطبيب ماهر لا يفشل في أدويته وعلاجه لأمراض أولاده الروحية ليخلصوا.
داود في نقاوته ومحبته لله وتسابيحه كان مثاليًا، وأحبه الله هكذا. وبعد خطيته تغير قلبه واشتعلت شهوته، وزادت قسوته. والله الذي أحب داود في صورة نقاوته، أراد أن يعيده إلى صورته الأولى. وهكذا قال الرب "«الحق أقول لكم: ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات" (مت18: 3). وهذا ما يعمله معنا الروح القدس خلال رحلة حياتنا، ما قال عنه بولس الرسول "تجديد الروح القدس" (تى3: 5).
← تفاسير أصحاحات صموئيل الثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير صموئيل ثاني 13 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير صموئيل ثاني 11 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/45a8dbm