← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39
آية (1):- "وَكَانَتِ الْحَرْبُ طَوِيلَةً بَيْنَ بَيْتِ شَاوُلَ وَبَيْتِ دَاوُدَ، وَكَانَ دَاوُدُ يَذْهَبُ يَتَقَوَّى، وَبَيْتُ شَاوُلَ يَذْهَبُ يَضْعُفُ."
داود يذهب يتقوى: بدأ إيشبوشث حربه بتحريض وقيادة أبنير الذي كان يصر أن يبقى الملك في يد شاول بالرغم من إدراكه أن الله حلف لداود أن يهبه الملك (آية 9) ولذلك كانت الحرب طويلة بين أبنير المعاند وداود المُصّرْ على أن يفي بوعده لشاول ولا يضرب ابنه إيشبوشث ولذلك أستمرت الحرب عامان. وخلال هذه الفترة اجتذب الله الشعب لداود فأحبوه لصفاته وإلتفوا حوله وكان ينتصر في حروبه ضد أعداء شعبه فيحبه شعبه وينضم إليه الكثيرين. وهذا عكس بيت شاول الذي يذهب يضعف. فلا بركة من الله لمن يقاوم وعدهُ. هكذا يحدث لكل إنسان تائب يملك المسيح على قلبه فتبدأ الحرب بين مملكة المسيح (داود) ومملكة الشر (إيشبوشث) أو الروح ضد الجسد وقليلًا قليلًا تقوى الروح وتنحل مملكة الشر وتضعف. ولاحظ أن داود كان هو الأضعف بحسب الظاهر فهو سبط واحد وعدوه 10 أسباط لكن قوة داود كانت في إيمانه بوعد الله عكس إيشبوشث الذي كانت قوته في اعتماده على أبنير وفارق عظيم بين من يتكئ على ذراع الله ومن يتكئ على ذراع بشر. وعلينا أن لا نتعجل هلاك الأشرار فالله يعطيهم فرص للتوبة ويعلمنا الصبر فنتزكى بالصبر.
الآيات (2-6):- "وَوُلِدَ لِدَاوُدَ بَنُونَ فِي حَبْرُونَ. وَكَانَ بِكْرُهُ أَمْنُونَ مِنْ أَخِينُوعَمَ الْيَزْرَعِيلِيَّةِ، وَثَانِيهِ كِيلآبَ مِنْ أَبِيجَايِلَ امْرَأَةِ نَابَالَ الْكَرْمَلِيِّ، وَالثَّالِثُ أَبْشَالُومَ ابْنَ مَعْكَةَ بِنْتِ تَلْمَايَ مَلِكِ جَشُورَ، وَالرَّابعُ أَدُونِيَّا ابْنَ حَجِّيثَ، وَالْخَامِسُ شَفَطْيَا ابْنَ أَبِيطَالَ، وَالسَّادِسُ يَثْرَعَامَ مِنْ عَجْلَةَ امْرَأَةِ دَاوُدَ. هؤُلاَءِ وُلِدُوا لِدَاوُدَ فِي حَبْرُونَ. وَكَانَ فِي وُقُوعِ الْحَرْبِ بَيْنَ بَيْتِ شَاوُلَ وَبَيْتِ دَاوُدَ، أَنَّ أَبْنَيْرَ تَشَدَّدَ لأَجْلِ بَيْتِ شَاوُلَ."
أنجب داود ستة أولاد أمنون البكر (ارتكب الشر مع أخته) ومات في حياة داود. ثم كيلآب أو دانيئيل (1أى 1:3) وغالبًا فقد مات في أواخر حياة داود لأن أدونيا هو الذي طلب الملك كبكر وليس كيلآب. ثم إبشالوم وقُتِلَ عقب تمرده على والده ثم أدونيا الذي طلب الخلافة بعد موت أبيه وفي آية (6):- كان أبنير هو الذي يشجع إيشبوشث على الانفصال.
الآيات (7-11):- "وَكَانَتْ لِشَاوُلَ سُرِّيَّةٌ اسْمُهَا رِصْفَةُ بِنْتُ أَيَّةَ. فَقَالَ إِيشْبُوشَثُ لأَبْنَيْرَ: «لِمَاذَا دَخَلْتَ إِلَى سُرِّيَّةِ أَبِي؟» فَاغْتَاظَ أَبْنَيْرُ جِدًّا مِنْ كَلاَمِ إِيشْبُوشَثَ وَقَالَ: «أَلَعَلِّي رَأْسُ كَلْبٍ لِيَهُوذَا؟ الْيَوْمَ أَصْنَعُ مَعْرُوفًا مَعَ بَيْتِ شَاوُلَ أَبِيكَ، مَعَ إِخْوَتِهِ وَمَعَ أَصْحَابِهِ، وَلَمْ أُسَلِّمْكَ لِيَدِ دَاوُدَ، وَتُطَالِبُنِي الْيَوْمَ بِإِثْمِ الْمَرْأَةِ! هكَذَا يَصْنَعُ اللهُ بِأَبْنَيْرَ وَهكَذَا يَزِيدُهُ، إِنَّهُ كَمَا حَلَفَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ كَذلِكَ أَصْنَعُ لَهُ لِنَقْلِ الْمَمْلَكَةِ مِنْ بَيْتِ شَاوُلَ، وَإِقَامَةِ كُرْسِيِّ دَاوُدَ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَعَلَى يَهُوذَا مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ». وَلَمْ يَقْدِرْ بَعْدُ أَنْ يُجَاوِبَ أَبْنَيْرَ بِكَلِمَةٍ لأَجْلِ خَوْفِهِ مِنْهُ."
دخل أبنير على سُرّية شاول فعاتبه إيشبوشث بعنف ليس دفاعًا عن الحياة المقدسة بل هو خاف أن أبنير حين يتزوج بزوجة شاول الملك ينسب الملك لنفسه. وتصوّر أيضًا أن أبنير إنما يفعل هذا بالإتفاق مع يهوذا وملك يهوذا داود حتى يتخلصوا من إيشبوشث أي اتهمه بالخيانة. ولكن أبنير رد التوبيخ بتوبيخ أعنف ولم يقدر إيشبوشث أن يجاوبه فهو رجل ضعيف الشخصية. وكان أبنير رجلًا معتدًا بذاته فقد حارب الفلسطينيين وأعاد كثيرًا من البلدان التي إغتصبوها وهو الذي أقام إيشبوشث. والآن في حديثه يتصور أنه هو الذي سيعطي الملك لداود ويأخذه من إيشبوشث ومعنى هذا أنه قادر أيضًا أن يأخذه من داود وقتما يشاء. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). هو يمثل الذراع البشري المتشامخ الذي يظن أنه قادر أن يقيم ملوكًا ويعزلهم [أمّا داود الذي يعرف عمل الله فرتل (مز 8:118؛ 146: 3-5) وهو عكس هذا تمامًا] أبنير هذا رجل قوي لكنه يرضي شهواته فيدخل على سرية شاول ويعطي الملك لإيشبوشث شاعرًا أنه وراء هذا الملك وقد قبل إيشبوشث هذا فهو المستفيد فكان أن انقلب عليه أبنير فهو بلا مبدأ. وهذا يحدث لكل إنسان يقبل عطية من يد إنسان وليس من يد الله، فالله وحده هو الذي يعطي بسخاء ولا يعير. لكن عطايا البشر غير ذلك فالإنسان يطالب بمقابل لكل ما يعطيه وعطايا الإنسان لا تثبت. ولكن كان ما حدث عمومًا لصالح داود فالأرض تعين المرأة (رؤ16:12) ولقد استخدم الله أبنير هذا لكي ينفذ خطته في أن يملك داود. وفي (8) أَلَعَلِّي رَأْسُ كَلْبٍ لِيَهُوذَا هذا يشرح أن إيشبوشث اتهم أبنير بأنه متآمر مع داود ورأس كلب أي خاضع ليهوذا وفي (9) كذلك أصنع لهُ= أي كما حلف الله أن يملك داود سأصنع لهُ وَأُمَلِّكَهُ، ومعنى الكلام كله أنك اتهمتني بأنني متآمر مع داود مع أنني لم أسلمك ليده. إذًا سأنفذ ما اتهمتني وأسلم الملك لداود عقابًا لك على هذا الاتهام.
أية (12):- "فَأَرْسَلَ أَبْنَيْرُ مِنْ فَوْرِهِ رُسُلًا إِلَى دَاوُدَ قَائِلًا: «لِمَنْ هِيَ الأَرْضُ؟ يَقُولُونَ: اقْطَعْ عَهْدَكَ مَعِي، وَهُوَذَا يَدِي مَعَكَ لِرَدِّ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ إِلَيْكَ»."
لمن هي الأرض= يعني أن الأرض هي تحت يد أبنير وهو مستعد أن يملك داود بشرط إقطع عهدك معي= العهد الذي يرد أبنير الأرض لداود وداود يصفح عنهُ ويقبله في خدمته.
آية (13):- "فَقَالَ: «حَسَنًا. أَنَا أَقْطَعُ مَعَكَ عَهْدًا، إِلاَّ إِنِّي أَطْلُبُ مِنْكَ أَمْرًا وَاحِدًا، وَهُوَ أَنْ لاَ تَرَى وَجْهِي مَا لَمْ تَأْتِ أَوَّلًا بِمِيكَالَ بِنْتِ شَاوُلَ حِينَ تَأْتِي لِتَرَى وَجْهِي»."
في مقابل طلب أبنير طلب داود رد زوجته الأولى ميكال وهذا لعدة أسباب:-
أ. حبًا لزوجته الأولى وأمانته لها. فإن لم يكن أمينًا لزوجته الأولى كيف يكون أمينًا على مملكته.
ب. هو رد لكرامته فقد أخذ شاول منهُ امرأته عنوة بعد مطاردته وهروبه.
ج. حتى تظهر للناس شرعية حكمه فهو زوج بنت الملك السابق (سبب سياسي).
د. حتى لا يعطي لفلطيئيل أي حق أن يطالب بالعرش اعتمادًا على زواجه من بنت الملك (سبب سياسي).
الآيات (14-16):- "وَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلًا إِلَى إِيشْبُوشَثَ بْنِ شَاوُلَ يَقُولُ: «أَعْطِنِي امْرَأَتِي مِيكَالَ الَّتِي خَطَبْتُهَا لِنَفْسِي بِمِئَةِ غُلْفَةٍ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ». فَأَرْسَلَ إِيشْبُوشَثُ وَأَخَذَهَا مِنْ عِنْدِ رَجُلِهَا، مِنْ فَلْطِيئِيلَ بْنِ لاَيِشَ. وَكَانَ رَجُلُهَا يَسِيرُ مَعَهَا وَيَبْكِي وَرَاءَهَا إِلَى بَحُورِيمَ. فَقَالَ لَهُ أَبْنَيْرُ: «اذْهَبِ. ارْجعْ». فَرَجَعَ."
نجد داود يرسل لإيشبوشث نوعًا من إكرامه فهو ملك وميكال أخته وكتدعيم لطلب أبنير فليس معقولًا أن يطلب أبنير رد ميكال لداود، وداود لا يطلب زوجته أو هو لا يريدها. وانتهار أبنير لفلطيئيل يشير إلى أن أبنير وراء تدبير الأمر كله. وداود يقول خطبتها لنفسي بمئة غلفة= مع أنه أتى بـ200 غلفة ولكنه يذكر الرقم الذي طلبهُ أبوها كمهر للزواج.
أية (17):- "وَكَانَ كَلاَمُ أَبْنَيْرَ إِلَى شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: «قَدْ كُنْتُمْ مُنْذُ أَمْسٍ وَمَا قَبْلَهُ تَطْلُبُونَ دَاوُدَ لِيَكُونَ مَلِكًا عَلَيْكُمْ."
ها هو أبنير يطلب الملك لداود، وداود لا يتحرك شعرة ليطلب الملك فهو يريده من يد الله ويظهر من كلام أبنير أن الشعب كان قد طالب قبلًا بأن يملك داود عليهم لكن أبنير كان يعارض.
آية (18):- "فَالآنَ افْعَلُوا، لأَنَّ الرَّبَّ كَلَّمَ دَاوُدَ قَائِلًا: إِنِّي بِيَدِ دَاوُدَ عَبْدِي أُخَلِّصُ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ أَعْدَائِهِمْ»."
لأن الرب كلّم داود= الكتاب لم يقل ما قالهُ أبنير لكن يُفهم هذا من شجاعة داود خصوصًا من نجاحه ضد جليات ثم توفيقه في حروبه ضد الفلسطينيين. فالله وعده أن يثبته.
آية (19):- "وَتَكَلَّمَ أَبْنَيْرُ أَيْضًا فِي مَسَامِعِ بَنْيَامِينَ، وَذَهَبَ أَبْنَيْرُ لِيَتَكَلَّمَ فِي سَماعِ دَاوُدَ أَيْضًا فِي حَبْرُونَ، بِكُلِّ مَا حَسُنَ فِي أَعْيُنِ إِسْرَائِيلَ وَفِي أَعْيُنِ جَمِيعِ بَيْتِ بَنْيَامِينَ."
كان من الصعب على سبط بنيامين الذي كان لهُ الملك أن يقبل ملكًا من سبط آخر، ولكن أن يتكلم معهم أبنير بالذات وهو بنياميني وقائد الجيش وقريب شاول الملك فقد قبلوا منهُ.
الآيات (22-39):- "فَجَاءَ أَبْنَيْرُ إِلَى دَاوُدَ إِلَى حَبْرُونَ وَمَعَهُ عِشْرُونَ رَجُلًا. فَصَنَعَ دَاوُدُ لأَبْنَيْرَ وَلِلرِّجَالِ الَّذِينَ مَعَهُ وَلِيمَةً. وَقَالَ أَبْنَيْرُ لِدَاوُدَ: «أَقُومُ وَأَذْهَبُ وَأَجْمَعُ إِلَى سَيِّدِي الْمَلِكِ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ، فَيَقْطَعُونَ مَعَكَ عَهْدًا، وَتَمْلِكُ حَسَبَ كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ». فَأَرْسَلَ دَاوُدُ أَبْنَيْرَ فَذَهَبَ بِسَلاَمٍ. وَإِذَا بِعَبِيدِ دَاوُدَ وَيُوآبُ قَدْ جَاءُوا مِنَ الْغَزْوِ وَأَتَوْا بِغَنِيمَةٍ كَثِيرَةٍ مَعَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ أَبْنَيْرُ مَعَ دَاوُدَ فِي حَبْرُونَ، لأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَرْسَلَهُ فَذَهَبَ بِسَلاَمٍ. وَجَاءَ يُوآبُ وَكُلُّ الْجَيْشِ الَّذِي مَعَهُ. فَأَخْبَرُوا يُوآبَ قَائِلِينَ: «قَدْ جَاءَ أَبْنَيْرُ بْنُ نَيْرٍ إِلَى الْمَلِكِ فَأَرْسَلَهُ، فَذَهَبَ بِسَلاَمٍ». فَدَخَلَ يُوآبُ إِلَى الْمَلِكِ وَقَالَ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ هُوَذَا قَدْ جَاءَ أَبْنَيْرُ إِلَيْكَ. لِمَاذَا أَرْسَلْتَهُ فَذَهَبَ؟ أَنْتَ تَعْلَمُ أَبْنَيْرَ بْنَ نَيْرٍ أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ لِيُمَلِّقَكَ، وَلِيَعْلَمَ خُرُوجَكَ وَدُخُولَكَ وَلِيَعْلَمَ كُلَّ مَا تَصْنَعُ». ثُمَّ خَرَجَ يُوآبُ مِنْ عِنْدِ دَاوُدَ وَأَرْسَلَ رُسُلًا وَرَاءَ أَبْنَيْرَ، فَرَدُّوهُ مِنْ بِئْرِ السِّيرَةِ وَدَاوُدُ لاَ يَعْلَمُ. وَلَمَّا رَجَعَ أَبْنَيْرُ إِلَى حَبْرُونَ، مَالَ بِهِ يُوآبُ إِلَى وَسَطِ الْبَابِ لِيُكَلِّمَهُ سِرًّا، وَضَرَبَهُ هُنَاكَ فِي بَطْنِهِ فَمَاتَ بِدَمِ عَسَائِيلَ أَخِيهِ. فَسَمِعَ دَاوُدُ بَعْدَ ذلِكَ فَقَالَ: «إِنِّي بَرِيءٌ أَنَا وَمَمْلَكَتِي لَدَى الرَّبِّ إِلَى الأَبَدِ مِنْ دَمِ أَبْنَيْرَ بْنِ نَيْرٍ. فَلْيَحُلَّ عَلَى رَأْسِ يُوآبَ وَعَلَى كُلِّ بَيْتِ أَبِيهِ، وَلاَ يَنْقَطِعُ مِنْ بَيْتِ يُوآبَ ذُو سَيْل وَأَبْرَصُ وَعَاكِزٌ عَلَى الْعُكَّازَةِ وَسَاقِطٌ بِالسَّيْفِ وَمُحْتَاجُ الْخُبْزِ». فَقَتَلَ يُوآبُ وَأَبِيشَايُ أَخُوهُ أَبْنَيْرَ، لأَنَّهُ قَتَلَ عَسَائِيلَ أَخَاهُمَا فِي جِبْعُونَ فِي الْحَرْبِ. فَقَالَ دَاوُدُ لِيُوآبَ وَلِجَمِيعِ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ: «مَزِّقُوا ثِيَابَكُمْ وَتَنَطَّقُوا بِالْمُسُوحِ وَالْطِمُوا أَمَامَ أَبْنَيْرَ». وَكَانَ دَاوُدُ الْمَلِكُ يَمْشِي وَرَاءَ النَّعْشِ. وَدَفَنُوا أَبْنَيْرَ فِي حَبْرُونَ. وَرَفَعَ الْمَلِكُ صَوْتَهُ وَبَكَى عَلَى قَبْرِ أَبْنَيْرَ، وَبَكَى جَمِيعُ الشَّعْبِ. وَرَثَا الْمَلِكُ أَبْنَيْرَ وَقَالَ: «هَلْ كَمَوْتِ أَحْمَقَ يَمُوتُ أَبْنَيْرُ؟ يَدَاكَ لَمْ تَكُونَا مَرْبُوطَتَيْنِ، وَرِجْلاَكَ لَمْ تُوضَعَا فِي سَلاَسِلِ نُحَاسٍ. كَالسُّقُوطِ أَمَامَ بَنِي الإِثْمِ سَقَطْتَ». وَعَادَ جَمِيعُ الشَّعْبِ يَبْكُونَ عَلَيْهِ. وَجَاءَ جَمِيعُ الشَّعْبِ لِيُطْعِمُوا دَاوُدَ خُبْزًا، وَكَانَ بَعْدُ نَهَارٌ. فَحَلَفَ دَاوُدُ قَائِلًا: «هكَذَا يَفْعَلُ لِيَ اللهُ وَهكَذَا يَزِيدُ، إِنْ كُنْتُ أَذُوقُ خُبْزًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ». فَعَرَفَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَحَسُنَ فِي أَعْيُنِهِمْ، كَمَا أَنَّ كُلَّ مَا صَنَعَ الْمَلِكُ كَانَ حَسَنًا فِي أَعْيُنِ جَمِيعِ الشَّعْبِ. وَعَلِمَ كُلُّ الشَّعْبِ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَلِكِ قَتْلُ أَبْنَيْرَ بْنِ نَيْرٍ. وَقَالَ الْمَلِكُ لِعَبِيدِهِ: «أَلاَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَئِيسًا وَعَظِيمًا سَقَطَ الْيَوْمَ فِي إِسْرَائِيلَ؟ وَأَنَا الْيَوْمَ ضَعِيفٌ وَمَمْسُوحٌ مَلِكًا، وَهؤُلاَءِ الرِّجَالُ بَنُو صَرُويَةَ أَقْوَى مِنِّي. يُجَازِي الرَّبُّ فَاعِلَ الشَّرِّ كَشَرِّهِ»."
كان أبنير قد ذهب لينظم استلام داود للعرش لكن أتى يوآب وسَمِعَ أن أبنير خرج بسلام فخاف لسببين:
2- خاف أن يعطي داود لأبنير قيادة الجيش بدلًا منهُ.
2- تذكر دم أخيه عسائيل مع أن أبنير بريء من دم عسائيل فهو حذره مرتين وعسائيل لم يقبل التحذير. وحتى فكرة أن يعطي داود القيادة لأبنير فهي مجرد غيرة لا أساس لها. ويكون قتل يوآب لأبنير هو خيانة وغدر. وهو اتهم أبنير بأنه جاسوس وهذا غير حقيقي فما معنى أن يتجسس ليثير الأسباط على داود بيينما الأسباط فعلًا تحت قيادة أبنير الفعلية فما معنى التجسس! لذلك لم يرد داود على يوآب لأنه إستخف بفكرته وتظاهر يوآب بأن داود يريد أبنير وأرسل لهُ فعاد فقتله دون أن يشك في خيانة يوآب (تث24:27). ولكن كل الأمور تعمل معًا للخير. فكان موت أبنير بسماح من الله حتى لا يقال أن أبنير هو الذي ملّك داود. وكان هذا عقابًا لأن أبنير قاوم مملكة داود وهو يعرف أنها من الله. والآن يقاوم إيشبوشث ويؤيد داود انتقامًا من إيشبوشث. وكم كان داود شهمًا ونبيلًا ورقيق القلب في رثائه لأبنير وكانت طريقته في الحزن مقنعة للجميع أنه لم يشارك يوآب في هذه المؤامرة. وهو أمَرَ يوآب أن يمزق ثيابه ويرتدي المسوح وراء النعش كاعتراف علني بخطئه ولكن كان من المفروض أن يعاقب يوآب على خيانته لكن داود لم يفعل معللًا ذلك بأن يوآب وإخوته أقوى منهُ وهذا لا يصح. حَزِنَ داود على أبنير فهو يحزن على كل طاقة من طاقات شعبه قادرة أن تحارب الوثنيين. كموت أحمق= إذ إئتمن نفسه لدى الغادر يوآب ولم تكن يداه مربوطتين ولا رجلاه بل مات في خيانة وهذا ممّا يزيد الحزن عليه.
← تفاسير أصحاحات صموئيل الثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير صموئيل ثاني 4 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير صموئيل ثاني 2 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/xcj5rm2