St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   10-Sefr-Samoel-El-Thany
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

صموئيل ثاني 14 - تفسير سفر صموئيل الثاني

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب صموئيل ثانى:
تفسير سفر صموئيل الثاني: مقدمة سفر صموئيل الثاني | صموئيل ثاني 1 | صموئيل ثاني 2 | صموئيل ثاني 3 | صموئيل ثاني 4 | صموئيل ثاني 5 | صموئيل ثاني 6 | صموئيل ثاني 7 | صموئيل ثاني 8 | صموئيل ثاني 9 | صموئيل ثاني 10 | صموئيل ثاني 11 | صموئيل ثاني 12 | صموئيل ثاني 13 | صموئيل ثاني 14 | صموئيل ثاني 15 | صموئيل ثاني 16 | صموئيل ثاني 17 | صموئيل ثاني 18 | صموئيل ثاني 19 | صموئيل ثاني 20 | صموئيل ثاني 21 | صموئيل ثاني 22 | صموئيل ثاني 23 | صموئيل ثاني 24

نص سفر صموئيل الثاني: صموئيل الثاني 1 | صموئيل الثاني 2 | صموئيل الثاني 3 | صموئيل الثاني 4 | صموئيل الثاني 5 | صموئيل الثاني 6 | صموئيل الثاني 7 | صموئيل الثاني 8 | صموئيل الثاني 9 | صموئيل الثاني 10 | صموئيل الثاني 11 | صموئيل الثاني 12 | صموئيل الثاني 13 | صموئيل الثاني 14 | صموئيل الثاني 15 | صموئيل الثاني 16 | صموئيل الثاني 17 | صموئيل الثاني 18 | صموئيل الثاني 19 | صموئيل الثاني 20 | صموئيل الثاني 21 | صموئيل الثاني 22 | صموئيل الثاني 23 | صموئيل الثاني 24 | صموئيل ثاني كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أراد يوآب أن يكون هو الواسطة لمصالحة داود على ابنه أبشالوم، وكان دافعه:-

1- كان يعلم أن داود يحب إبشالوم جدًا. مشتاقًا أن يرده إلى أورشليم ولكنه يخشَى نقد الشعب لهُ، لهذا أوجد مجالًا للمصالحة أو على الأقل لرده إلى أورشليم، الأمر الذي يفرح قلب داود حتى وإن تظاهر بغير ذلك.

2- أدرك أنه وإن طال الزمن لا بُد وأن الأب سيصالح ابنه فقيامه بهذا الدور يكسبه صداقة الطرفين.

3- يعلم أن لإبشالوم شعبية كبيرة، فإن مات داود ينقسم الشعب على نفسه، كثيرون يريدونه ملكًا وآخرون يتشككون بسبب غضب والده عليه لقتله أمنون وبهذا يحدث شقاق.

4- رجوع إبشالوم قاتل أخيه وصفح داود عنه ينزع مشاعر الضيق من داود تجاه يوآب لقتله أبنير. ولقد استخدم يوآب في الأمر أرملة تحكي قصة تتطابق تقريبًا مع قصة داود وإبشالوم وهو يعرف أن الملك سيسمعها فهو يعرف رقة قلبه تجاه الأرامل ويعرف أنه سيصدر حكمًا بالعفو عن ابنها القاتل حتى لا تُعْدَم الاثنين معًا فيكون قد عفا عن ابنه.

 

الآيات (1-8):- "وَعَلِمَ يُوآبُ ابْنُ صَرُويَةَ أَنَّ قَلْبَ الْمَلِكِ عَلَى أَبْشَالُومَ، فَأَرْسَلَ يُوآبُ إِلَى تَقُوعَ وَأَخَذَ مِنْ هُنَاكَ امْرَأَةً حَكِيمَةً وَقَالَ لَهَا: «تَظَاهَرِي بِالْحُزْنِ، وَالْبَسِي ثِيَابَ الْحُزْنِ، وَلاَ تَدَّهِنِي بِزَيْتٍ، بَلْ كُونِي كَامْرَأَةٍ لَهَا أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ وَهِيَ تَنُوحُ عَلَى مَيْتٍ. وَادْخُلِي إِلَى الْمَلِكِ وَكَلِّمِيهِ بِهذَا الْكَلاَمِ». وَجَعَلَ يُوآبُ الْكَلاَمَ فِي فَمِهَا. وَكَلَّمَتِ الْمَرْأَةُ التَّقُوعِيَّةُ الْمَلِكَ، وَخَرَّتْ عَلَى وَجْهِهَا إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَتْ وَقَالَتْ: «أَعِنْ أَيُّهَا الْمَلِكُ». فَقَالَ لَهَا الْمَلِكُ: «مَا بَالُكِ؟» فَقَالَتْ: «إِنِّي امْرَأَةٌ أَرْمَلَةٌ. قَدْ مَاتَ رَجُلِي. وَلِجَارِيَتِكَ ابْنَانِ، فَتَخَاصَمَا فِي الْحَقْلِ وَلَيْسَ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا، فَضَرَبَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ وَقَتَلَهُ. وَهُوَذَا الْعَشِيرَةُ كُلُّهَا قَدْ قَامَتْ عَلَى جَارِيَتِكَ وَقَالُوا: سَلِّمِي ضَارِبَ أَخِيهِ لِنَقْتُلَهُ بِنَفْسِ أَخِيهِ الَّذِي قَتَلَهُ، فَنُهْلِكَ الْوَارِثَ أَيْضًا. فَيُطْفِئُونَ جَمْرَتِي الَّتِي بَقِيَتْ، وَلاَ يَتْرُكُونَ لِرَجُلِي اسْمًا وَلاَ بَقِيَّةً عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ». فَقَالَ الْمَلِكُ لِلْمَرْأَةِ: «اذْهَبِي إِلَى بَيْتِكِ وَأَنَا أُوصِي فِيكِ»."

St-Takla.org Image: So Joab the son of Zeruiah perceived that the king's heart was concerned about Absalom. And Joab sent to Tekoa and brought from there a wise woman, and said to her, "Please pretend to be a mourner, and put on mourning apparel; do not anoint yourself with oil, but act like a woman who has been mourning a long time for the dead. "Go to the king and speak to him in this manner." So Joab put the words in her mouth. (2 Samuel 14:1-3) صورة في موقع الأنبا تكلا: امرأة تندب ابنها أمام داود الملك (صموئيل الثاني 14: 1-3)

St-Takla.org Image: So Joab the son of Zeruiah perceived that the king's heart was concerned about Absalom. And Joab sent to Tekoa and brought from there a wise woman, and said to her, "Please pretend to be a mourner, and put on mourning apparel; do not anoint yourself with oil, but act like a woman who has been mourning a long time for the dead. "Go to the king and speak to him in this manner." So Joab put the words in her mouth. (2 Samuel 14:1-3)

صورة في موقع الأنبا تكلا: امرأة تندب ابنها أمام داود الملك (صموئيل الثاني 14: 1-3)

في الآية (7) يطفئون جمرتي= تشبه ابنها الحي بأنه جمرة تضطرم نار [وهكذا سُمّيَ داود في (2صم17:21)] ولغاية في نفوس العشيرة تود أن تطفئ الجمرة لتستولي على الميراث. هذا بالإضافة إلى أنه الابن الوحيد الذي سيحمل اسم رجلها الميت. ولقد تراءف عليها داود جدًا ووعدها أنه يوصي بها كي لا يموت ابنها (آية 8).

 

آية (9):- "فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ التَّقُوعِيَّةُ لِلْمَلِكِ: «عَلَيَّ الإِثْمُ يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي، وَالْمَلِكُ وَكُرْسِيُّهُ نَقِيَّانِ»."

عَلَيَّ الإِثْمُ = هنا المرأة تعرف أن حكم الناموس يشترط قتل القاتل ولكنها حالة استثنائية فهي تطلب العفو وعلى أن تكون هي المتحملة لإثم إلغاء الناموس، وكان ذلك جائزًا من أجل الرحمة (تث13:9، 7:12) فالله رحمهم بالرغم من استحقاقهم للموت بل باركهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وعندئذ وعدها الملك بالعفو.

 

آية (10):- "فَقَالَ الْمَلِكُ: «إِذَا كَلَّمَكِ أَحَدٌ فَأْتِي بِهِ إِلَيَّ فَلاَ يَعُودَ يَمَسُّكِ بَعْدُ»."

 

آية (11):- "فَقَالَتِ: «اذْكُرْ أَيُّهَا الْمَلِكُ الرَّبَّ إِلهَكَ حَتَّى لاَ يُكَثِّرَ وَلِيُّ الدَّمِ الْقَتْلَ، لِئَلاَّ يُهْلِكُوا ابْنِي». فَقَالَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّهُ لاَ تَسْقُطُ شَعْرَةٌ مِنْ شَعْرِ ابْنِكِ إِلَى الأَرْضِ»."

لم تكتف بتوصية الملك وبوعده إذ تظاهرت بالخوف من ولي الدم لئلا يهلك دم ابنها. كل هذا لتستخرج عفوًا شاملًا بقسم من الملك ولقد حصلت من الملك فعلًا على:-

‌أ- وعدًا أن يوصي بها وبأمرها فيترفقوا بها (آية 8).

‌ب- ألّا يتعرض لها بأذية أي أحد (آية 10).

‌ج- العفو عن ابنها وحكم فوري لصالحه آية (11) بل وبقسم (آية 11).

 

St-Takla.org Image: And when the woman of Tekoa spoke to David the king, she fell on her face to the ground and prostrated herself, to beg for her second son (2 Samuel 14:4-20) صورة في موقع الأنبا تكلا: امرأة (تقوع) تتوسل داود لأجل ابنها الثاني (صموئيل الثاني 14: 4-20)

St-Takla.org Image: And when the woman of Tekoa spoke to David the king, she fell on her face to the ground and prostrated herself, to beg for her second son (2 Samuel 14:4-20)

صورة في موقع الأنبا تكلا: امرأة (تقوع) تتوسل داود لأجل ابنها الثاني (صموئيل الثاني 14: 4-20)

الآيات (12-17):- "فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «لِتَتَكَلَّمْ جَارِيَتُكَ كَلِمَةً إِلَى سَيِّدِي الْمَلِكِ». فَقَالَ: «تَكَلَّمِي» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «وَلِمَاذَا افْتَكَرْتَ بِمِثْلِ هذَا الأَمْرِ عَلَى شَعْبِ اللهِ؟ وَيَتَكَلَّمُ الْمَلِكُ بِهذَا الْكَلاَمِ كَمُذْنِبٍ بِمَا أَنَّ الْمَلِكَ لاَ يَرُدُّ مَنْفِيَّهُ. لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ نَمُوتَ وَنَكُونَ كَالْمَاءِ الْمُهْرَاقِ عَلَى الأَرْضِ الَّذِي لاَ يُجْمَعُ أَيْضًا. وَلاَ يَنْزِعُ اللهُ نَفْسًا بَلْ يُفَكِّرُ أَفْكَارًا حَتَّى لاَ يُطْرَدَ عَنْهُ مَنْفِيُّهُ. وَالآنَ حَيْثُ إِنِّي جِئْتُ لأُكَلِّمَ الْمَلِكَ سَيِّدِي بِهذَا الأَمْرِ، لأَنَّ الشَّعْبَ أَخَافَنِي، فَقَالَتْ جَارِيَتُكَ: أُكَلِّمُ الْمَلِكَ لَعَلَّ الْمَلِكَ يَفْعَلُ كَقَوْلِ أَمَتِهِ. لأَنَّ الْمَلِكَ يَسْمَعُ لِيُنْقِذَ أَمَتَهُ مِنْ يَدِ الرَّجُلِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُهْلِكَنِي أَنَا وَابْنِي مَعًا مِنْ نَصِيبِ اللهِ. فَقَالَتْ جَارِيَتُكَ: لِيَكُنْ كَلاَمُ سَيِّدِي الْمَلِكِ عَزَاءً، لأَنَّهُ سَيِّدِي الْمَلِكُ إِنَّمَا هُوَ كَمَلاَكِ اللهِ لِفَهْمِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالرَّبُّ إِلهُكَ يَكُونُ مَعَكَ»."

هنا المرأة تفصح عن المقصود هو إبشالوم. وفي تشبيهها فهي شبهت الشعب بالأم المحبة لابنها إبشالوم دون تجاهل للقتيل أمنون. والملك هو ولي الدم ومن حقه أن يطالب بالدم لكنه يلزم أن يترفق بشعبه الذي يطلب العفو عن إبشالوم. وداود استغل هذه القصة فهو يتوق لأن يعفو عن ابنه ويعود يراه. وفي آية (13) لماذا إفتكرت بمثل هذا الأمر على شعب الله= كأنها تقول إن كنت تتراءف على أرملة فتعفو عن ابنها القاتل فكم بالأولى أن تتراءف على شعب بأكمله. وواضح من الكلام أن الشعب كان يحب إبشالوم وقد برأه الشعب من دم أمنون لزنا أمنون مع أخته بل ربما رأوه بطلًا إذ انتقم لشرف أخته وقتل الزاني. وقولها لماذا إفتكرت بمثل هذا الأمر على شعب الله أي لماذا أفتكرت هذا الفكر الرديء على شعب الله أنك حرمتهُ من إبشالوم الذي أحبوه. ويتكلم الملك بهذا الكلام كمذنب= أي موقفك هذا بأن تظل حارمًا الشعب من إبشالوم يجعلك كمذنب. وعليك أن تدين نفسك عندما تصدر مثل هذا الحكم على إبشالوم. بما أن الملك لا يرد منفيه: أي أن خطأ الملك الذي يجعله مذنب أنه لا يريد أن يرد ابنه المنفي. وفي (14) لا بُد أن نموت= ربما قصدت أن أيامنا جميعًا قليلة للغاية فلنحتمل بعضنا بعضًا وليسامح أحدنا الآخر وهل موت إبشالوم سيرد الحياة لأمنون. والكل سيموتون. وكان أمنون لا بُد وسيموت حتى ولو لم يقتله إبشالوم وبالتالي عليك أن تصفح. وكلنا سنموت ولكن الله يدبر بشتى الطرق حتى لا يقطع عنهُ منفيه: وَلاَ يَنْزِعُ اللهُ نَفْسًا بَلْ يُفَكِّرُ أَفْكَارًا حَتَّى لاَ يُطْرَدَ عَنْهُ مَنْفِيُّهُ = وهذه العبارة حلوة جدًا بل هي نبوة وتعبير يكشف عن فهم روحي دقيق لطرق الله ومحبته فالله لا يسر بموت الخاطئ مثل أن يرجع ويحيا (حز23:18) وحزقيال قال هذا بعد قول المرأة بمئات السنين. والله لم ينزع إبشالوم ويقتله فإن كان الله لم يعاقبه فلماذا يقتله الملك. ومحبة الله للإنسان جعلته يتجسد ويصلب حتى يردنا نحن المنفيين وحتى لا ينزع نفوسًا. فقد كنا مستحقين الموت ولكن الله فكر أفكارًا (وهذه تشير للأقنوم الثاني عقل الله وقوته) حتى لا نبقى في الموت. وربما أيضًا ذكرها للموت هنا فيه إستعجال للملك حتى يُسرع ويأتي بإبنه قبل أن يموت بلا صلح فلا أحد يضمن حياته. بل في قولها لا ينزع الله نفسًا= تذكرة لداود أنه هو نفسه قد أخطأ في موضوع أوريا ولم ينزع الله نفسه ويقتله بل سامحه وإن كان قد أدبّه. آية (15) لأن الشعب أخافني= لم تكن لتزعج الملك بهذه الرواية لولا أنها خافت من الشعب وهي خائفة أن ترجع للشعب وهي قد فشلت في إقناع الملك وهي الآن أتت لعّل الملك يسمع ويفعل كقول أمته فواضح أن الشعب متعاطف جدًا مع إبشالوم ومجنون به وربما هي تلح أن الشعب قد يثور إن لم يرجع إبشالوم وفي (16) عادت للرمز مرة أخرى ومعنى الكلام أنها غامرت وثَقّلَتْ على الملك وهي تعلم أنها معرضة للعقاب إن هي أَزْعَجَتْ الملك وقد يعاقبها هي وإبنها أو ينفيها فتحرم من الميراث هي وإبنها وتضطر أن تعيش في أرض غريبة وسط الوثنيين، ولكنها أتت واثقة أن الملك سيسمع منها وهي المرأة البسيطة ويلبي طلبها ولا يحرمها من ميراثها. والكلام هنا عن حرمانها هي وإبنها يشير قطعًا لإبشالوم (هو الابن) المحروم حاليًا من أن يعيش وسط إسرائيل ووسط شعبه وها هو مضطر أن يعيش وسط الوثنيين ويشير لها كأم وهي رمز للشعب الذي لا يريد أن يُحرم من إبشالوم. وهي تخيف داود بأن ابنه يعيش الآن وسط الوثنيين وربما تأثر بعاداتهم وديانتهم بل عودته ربما تقوده للتوبة. وقطعًا فالرجل الذي تتكلم عنهُ هو الملك نفسه= لينقذ أمته من يد الرجل وفي آية (17) لِيَكُنْ كَلاَمُ سَيِّدِي.. عَزَاءً = أي يا ليتني أسمع كلمة مفرحة من سيدي وتوافقني على طلبي وبحكمة ختمت المرأة حديثها بمدحها له = لأَنَّهُ سَيِّدِي.. إِنَّمَا هُوَ كَمَلاَكِ اللهِ . صحيح أن يوآب هو الذي أرسلها لكن كل هذه الحكمة والكلام المملوء حبًا بل رؤية نبوية ومعرفة روحية ليس كلام يوآب الدموي بل كلامها هي. وهي تستحق كل مديح لحكمتها المملوءة اتضاعًا.

 

الآيات (18-24):- "فَأَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «لاَ تَكْتُمِي عَنِّي أَمْرًا أَسْأَلُكِ عَنْهُ». فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «لِيَتَكَلَّمْ سَيِّدِي الْمَلِكُ». فَقَالَ الْمَلِكُ: «هَلْ يَدُ يُوآبَ مَعَكِ فِي هذَا كُلِّهِ؟» فَأَجَابَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالَتْ: «حَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ، لاَ يُحَادُ يَمِينًا أَوْ يَسَارًا عَنْ كُلِّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ سَيِّدِي الْمَلِكُ، لأَنَّ عَبْدَكَ يُوآبَ هُوَ أَوْصَانِي، وَهُوَ وَضَعَ فِي فَمِ جَارِيَتِكَ كُلَّ هذَا الْكَلاَمِ. لأَجْلِ تَحْوِيلِ وَجْهِ الْكَلاَمِ فَعَلَ عَبْدُكَ يُوآبُ هذَا الأَمْرَ، وَسَيِّدِي حَكِيمٌ كَحِكْمَةِ مَلاَكِ اللهِ لِيَعْلَمَ كُلَّ مَا فِي الأَرْضِ». فَقَالَ الْمَلِكُ لِيُوآبَ: «هأَنَذَا قَدْ فَعَلْتُ هذَا الأَمْرَ، فَاذْهَبْ رُدَّ الْفَتَى أَبْشَالُومَ». فَسَقَطَ يُوآبُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ وَبَارَكَ الْمَلِكَ، وَقَالَ يُوآبُ: «الْيَوْمَ عَلِمَ عَبْدُكَ أَنِّي قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ، إِذْ فَعَلَ الْمَلِكُ قَوْلَ عَبْدِهِ». ثُمَّ قَامَ يُوآبُ وَذَهَبَ إِلَى جَشُورَ وَأَتَى بِأَبْشَالُومَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. فَقَالَ الْمَلِكُ: «لِيَنْصَرِفْ إِلَى بَيْتِهِ وَلاَ يَرَ وَجْهِي». فَانْصَرَفَ أَبْشَالُومُ إِلَى بَيْتِهِ وَلَمْ يَرَ وَجْهَ الْمَلِكِ."

فهم داود أن وراء هذا الأمر يوآب والمرأة اعترفت بهذا وأمر داود يوآب أن يذهب ويأتي بإبشالوم على أن لا يراه: 1- حتى لا يظهر داود أنه تهاون في حق أمنون. 2- لكي يتضع إبشالوم ويتوب. 3- حتى لا يكتسب إبشالوم مزيدًا من الشعبية وهو يريد أن يكون العرش لسليمان.

 

St-Takla.org Image: Absalom pardoned by David (2 Sam. 14:33) صورة في موقع الأنبا تكلا: الصفح عن أبشالوم عن طريق داود (سفر صموئيل الثاني 14: 33)

St-Takla.org Image: Absalom pardoned by David (2 Sam. 14:33)

صورة في موقع الأنبا تكلا: الصفح عن أبشالوم عن طريق داود (سفر صموئيل الثاني 14: 33)

الآيات (25-27):- "وَلَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ جَمِيلٌ وَمَمْدُوحٌ جِدًّا كَأَبْشَالُومَ، مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ حَتَّى هَامَتِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَيْبٌ. وَعِنْدَ حَلْقِهِ رَأْسَهُ، إِذْ كَانَ يَحْلِقُهُ فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ، لأَنَّهُ كَانَ يَثْقُلُ عَلَيْهِ فَيَحْلِقُهُ، كَانَ يَزِنُ شَعْرَ رَأْسِهِ مِئَتَيْ شَاقِل بِوَزْنِ الْمَلِكِ. وَوُلِدَ لأَبْشَالُومَ ثَلاَثَةُ بَنِينَ وَبِنْتٌ وَاحِدَةٌ اسْمُهَا ثَامَارُ، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ."

لم يمدح إبشالوم إلاّ في جمال جسده الذي جذب قلوب الشعب. وكان شعره غزيرًا جدًا وجميلًا يدهنه بالأطياب ويُزَيّنهُ بالذهب (برادة الذهب) ممّا زاد في جماله وزاد في وزنه (وقد كتب يوسيفوس أن هذه عادة يهودية أن يرش الشعر ببرادة الذهب) وكان يحلق شعره سنويًا ويزنه (وهذه عادة دينية فلسطينية). كان جماله هو الذي أعطاه شعبية ولكنه كان بلا قداسة فلم ينفعه مديح الناس بل كان السبب في هلاكه. هو يمثل من يفتخرون بأجسادهم (قوتها وجمالها) لأنه ليس عندهم سوى هذا يفتخرون به. شعر رأسه 200 شاقل بوزن الملك= هو وزن الشعر والأطياب والزيوت وبرادة الذهب. على أن الشاقل المستخدم مختلف عليه ممّا يجعل الـ200 شاقل يتراوحوا بين ½ - ½11 كجم. وتضيف السبعينية على أية (27) أن ثامار بنت إبشالوم كانت زوجة لرحبعام وأنجبت لهُ أبيا (هذا نفس كلام يوسيفوس).

 

الآيات (28-33):- "وَأَقَامَ أَبْشَالُومُ فِي أُورُشَلِيمَ سَنَتَيْنِ وَلَمْ يَرَ وَجْهَ الْمَلِكِ. فَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى يُوآبَ لِيُرْسِلَهُ إِلَى الْمَلِكِ، فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا ثَانِيَةً، فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَأْتِيَ. فَقَالَ لِعَبِيدِهِ: «انْظُرُوا. حَقْلَةَ يُوآبَ بِجَانِبِي، وَلَهُ هُنَاكَ شَعِيرٌ. اذْهَبُوا وَأَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ». فَأَحْرَقَ عَبِيدُ أَبْشَالُومَ الْحَقْلَةَ بِالنَّارِ. فَقَامَ يُوآبُ وَجَاءَ إِلَى أَبْشَالُومَ إِلَى الْبَيْتِ وَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا أَحْرَقَ عَبِيدُكَ حَقْلَتِي بِالنَّارِ؟» فَقَالَ أَبْشَالُومُ لِيُوآبَ: «هأَنَذَا قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ قَائِلًا: تَعَالَ إِلَى هُنَا فَأُرْسِلَكَ إِلَى الْمَلِكِ تَقُولُ: لِمَاذَا جِئْتُ مِنْ جَشُورَ؟ خَيْرٌ لِي لَوْ كُنْتُ بَاقِيًا هُنَاكَ. فَالآنَ إِنِّي أَرَى وَجْهَ الْمَلِكِ، وَإِنْ وُجِدَ فِيَّ إِثْمٌ فَلْيَقْتُلْنِي». فَجَاءَ يُوآبُ إِلَى الْمَلِكِ وَأَخْبَرَهُ. وَدَعَا أَبْشَالُومَ، فَأَتَى إِلَى الْمَلِكِ وَسَجَدَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ قُدَّامَ الْمَلِكِ، فَقَبَّلَ الْمَلِكُ أَبْشَالُومَ."

بقى إبشالوم عامين في أورشليم دون أن يتعلم الاتضاع أو يقدم توبة وأستمر عنيفًا في أعماقه. وأرسل يستدعي يوآب فلم يذهب لأن يوآب خشي أن يعرف داود ويغضب. وكان طلب إبشالوم إمّا أن يعفو داود عنهُ أو يقتله وهو عَرِفَ نقطة ضعف أبيه أنه لا يمكن أن يقتله، وهناك نقطة أخرى فداود خشي أن يشهر به ابنه في موضوع أوريا. ونجح إبشالوم في العودة إلى القصر للتخطيط لثورة ضد أبيه الملك واغتصاب العرش.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات صموئيل الثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/10-Sefr-Samoel-El-Thany/Tafseer-Sefr-Samo2il-El-Thani__01-Chapter-14.html

تقصير الرابط:
tak.la/d94qf5y