نقطة أخرى نقولها في محبة الله لنا. وهي:
إن الله المحب يختار المحبين للعمل معه في الخدمة.
لقد اختار داود المحب، الذي من فرط محبته أشفق على شاه وانتزعها من فم الأسد لينقذها (1صم17: 34، 35).
وموسى، لما كان في بدء حياته قائدًا قويًا، يمكنه أن يقتل رجلًا ويطمره في الرمل (خر2: 12)... في ذلك الوقت لم يختره الرب. إنما أخذه ودربه في عمل الرعي أربعين عامًا، حتى وصل إلى الوضع الذي قيل عنه فيه (وكان الرجل موسى حليمًا جدًا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض) (عد12: 3).
واستخدم الرب موسى المملوء من الحب.
الذي دافع عن مريم بعد أن تكلمت ضده. ولما ضربها الرب بالبرص، دافع عنها موسى (وصرخ موسى إلى الرب قائلًا: اللهم اشفها) (عد 12: 13).
ودافع موسى عن الشعب لما أراد الرب إفناء ذلك الشعب بعد عبادته العجل الذهبي. وإذا بموسى المملوء محبة يتشفع فيهم ويقول لله "لِمَاذَا يَا رَبُّ يَحْمَى غَضَبُكَ عَلَى شَعْبِكَ...؟ اِرْجِعْ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِكَ، وَانْدَمْ عَلَى الشَّرِّ بِشَعْبِكَ" (خر 32: 11-12).
ووصلت المحبة بموسى، أنه قال للرب: "وَالآنَ إِنْ غَفَرْتَ خَطِيَّتَهُمْ، وَإِلاَّ فَامْحُنِي مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي كَتَبْتَ»" (خر 32: 32).
ذَكَّرَتْنِي هذه العبارة بقول القديس بولس الرسول:
(كنت أود لو أكون أنا نفسي محرمًا من المسيح، لأجل أخوتي أنسبائي حسب الجسد) (رو 9: 3).
هذه المحبة العجيبة لم تكن موجودة عند بولس في عهده قبل أن يعرف المسيح، حينما كان أسمه شاول الطرسوسي وكان مضطهدًا للكنيسة، وكان (ينفذ تهديدًا وقتلًا على تلاميذ الرب) (حتى وجد أناسًا من الطريق، رجالًا أو نساء، يسوقهم موثقين إلى أورشليم) (أع 9: 2) ويجر رجالًا ونساء ويسلهم إلى السجن (أع 8: 3).
ولكنه لما عرف الرب المحب... تحول إلى صورة المحبة هذه.
وأصبح بولس الذي قال إن المحبة أعظم من الإيمان الذي ينقل الجبال (1كو 13: 13) أصبح بولس الذي كان يقول (استعبدت نفسي للجميع لا ربح الكثيرين صرت للضعفاء كضعيف، لا ربح الضعفاء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. صرت للكل كل شيء، لأخلص على كل حال قومًا) (1كو 9: 19-22). صار بولس الذي قال (متذكرين أني ثلاث سنين ليلًا ونهارًا، ولم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد) (أع20: 31)... نعم ينذر بدموع، وليس بعنف. ويقول أيضًا في محبته للكل "من يضعف وأنا لا أضعف؟! ومن يعثر وأنا لا ألتهب؟!" (2كو 11: 29).
نعم إن الرب أعد تلاميذه بالحب لكي يخدموا والذين كانوا عنفاء منهم غيرهم إلى محبين.
نذكر مثالًا آخر غير شاول الطرسوسي، هو يعقوب ويوحنا، اللذين سماهما الرب بوانرجس أي ابني الرعد (مر3: 17). وقد كانا عنيفين في بادئ الأمر قبل أن يدربهما المسيح على المحبة...
حدث مرة أن الرب لم يقبله قرية السامريين (فلما رأى ذلك تلميذاه يعقوب ويوحنا، قالا: يا رب، أتريد أن نقول تنزل نار من السماء فتفنيهم كما فعل إيليا أيضًا. فانتهرهما الرب وقال (لستما تعلمان من أي روح أنتما. لأن ابن الإنسان لن يأت ليهلك أنفس الناس، بل ليخلص) (لو 9: 52-56).
وإذا بيوحنا الذي قال تلك العبارة العنيفة، يتحول إلى يوحنا الحبيب أكثر تلميذ تكلم عن المحبة.
يكفي أنه هو الذي قال (الله محبة. من يثبت في المحبة، يثبت في الله، والله فيه) (1يو 4: 16). ويحكي التاريخ قصصًا عجيبة عن المحبة...
إن الله المحب، يريد أن يكون خدامه على نفس صورته في الحب، وبنفس أسلوبه في الحب. والذي لا تسكنه المحبة لا يصلح أن يكون خادمًا للرب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/love/use.html
تقصير الرابط:
tak.la/x6x4b78