في القدرة
وعن هذه الصفة نقول أن الله قادر على كل شيء، أو أنه كلي القدرة Almighty. وقد عبر أيوب النبي عن هذه الصفة الإلهية بقوله للرب "قد علمت أنك تستطيع كل شيء، ولا يعسر عليك أمر" (أي 2:42).
الله هو الوحيد القادر على كل شيء. وكل شيء مستطاع عند الله (مت 26:19).
"غير المُستطاع عند الناس هو مستطاع عند الله" (لو 27:18).
ومن هنا نؤمن بالمعجزات. والكتاب المقدس حافل بمعجزات الله. وقد سميت المعجزة هكذا، لأن عقلنا البشر يعجز عن تفسيرها. أنها ليست شيئًا ضد العقل، إنما هي فوق مستوى العقل. تدخل في قدرة الله غير المحدودة.
فمن قدرات الله غير المحدودة: قدرته على الخلق.
وقدرة الله في الخلق، شملت أنواعًا عجيبة، فقد خلق الملائكة أرواحًا (مز4:104). وخلق الجماد مادة. وخلق الإنسان من مادة وروح. وخلق باقي الكائنات الحية كالنبات والحيوان بأنواع يصعب إحصاؤها، ترتفع من الحشرة إلى الأسد والفيل، وتتنوع في ما يعيش على الأرض، أو البحر، أو في الجو.
ومن قدرات الله غير المحدودة: قدرته على إقامة الموتى.
ليس فقط في إقامة أشخاص معينين، مثل إقامة لعازر وله أربعة أيام في القبر (يو39:11)، بل بالأكثر القيامة العامة في آخر الزمان... إقامة كل البشر أبوينا آدم وحواء... كل الذين تحولوا إلى تراب، والذين أكلهم الحيوان أو أحرقتهم النيران، أو أكلهم الدود، والذين تحللت أجسادهم وامتصتها الأرض... كيف يقومون جميعًا ويقفون أمام الله في يوم الحساب بأرواحهم وأجسادهم... إنها قدرة غير محدودة يق أمامها العقل البشري مبهوتًا ومذهولًا.
الله ليس فقط قادرًا على كل شيء، بل أيضًا هو مصدر كل قوة.
هو الذي يهب القدرة للملائكة الذين وصفهم المزمور بعبارة "المقتدرين قوة" (مز20:103) الذين يستطيعون أن ينتقلوا من السماء إلى الأرض في لمح البصر لكي ينفذوا أمرًا لله. سواء في عمل الرحمة، مثلما قال دانيال بعد أن ألقوه في جُبِّ الأُسُود، "إلهي أرسل ملائكة فسد أفواه الأسود" (دا22:6)... أو في العقوبة مثل الملاكين اللذين ضربا بالعمى أهل سادوم الذين أحاطوا بباب لوط (تك11:19).
والله هو الذي وهب قديسيه قوة لصنع المعجزات.
كالقوة التي منحها لموسى بعصاه، أن يشق بها البحر الأحمر (خر16:14). وأن يضرب الصخرة فيخرج منها الماء ليشرب الشعب (خر6:17).
وكالقوة التي أقام بها إيليا ابن أرملة صرفة صيدا من الموت (1مل22:17). والتي بها أقام أليشع من الموت ابن المرأة الشونمية (2مل36:4).
إنها معجزات ليست بقوتهم الشخصية، إنما بقدرة الله، وكانت تسبقها صلاة أو وعد من الله. وهكذا مع كل معجزات القديسين على مر الأجيال. وتعبيرًا عن ذلك قال القديس بطرس الرسول لليهود بعد شفاء الرجل الأعرج على باب الجميل "ما بلكم تتعجبون من هذا؟ ولماذا تشخصون إلينا كأننا بقوتنا أو تقوانا قد جعلنا هذا يمشي!! أن إله إبراهيم وإسحق ويعقوب..." (أع12:3-16)... وهكذا نسب قوة المعجزات إلى الرب
أيضًا الله القادر على كل شيء، هو الذي وهب العقل البشري قدرات عجيبة.
(انظر باب الله القوي، كلي القدرة).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
والله الذي يهب القدرة هو قادر أيضًا أن يسحبها متى يشأ.
هو الذي وهب شمشون الجبار قوة جسدية فائقة الوصف، وعندما كسر شمشون نذره، بعد أن باح به لدليلة، سحب منه الله تلك القوة، فأذله أعداءه (قض16). وقليل في هذه الإذلال عن شمشون "انتفض حسب كل مرة، ولم يعلم أن الله قد فارقه".
الله أعطى القوة للنار أن تحرق. ولكنه في قصة الثلاث فتية القديسين، الذين ألقاهم الفرس في النار، لم يسمح الله للنار أن تؤذيهم "لم تكن للنار قوة على أجسامهم، وشعرة من رؤوسهم لم تحترق..." (دا 27:6).
الله أعطى قوة جبارة للبحر، تستطيع ثورة أمواجه أن تغرق أعظم السفن... ومع ذلك يقول المرتل في المزمور ممجدا قوة الله "أيها الرب أله الجنود، من مثلك قوي...؟! أنت متسلط على كبرياء البحر... عند ارتفاع لججه، أنت تسكتها" (مز 8:89-9).
نضع إلى جوار هذا معجزة انتهار الرب للبحر، إذ "قام وانتهر الريح. وقال للبحر: اسكت، أبكم. فسكنت الريح، وصار هدوء عظيم..." (مر39:4).
وتشبه ذلك أيضًا معجزة المشي على الماء (مت25:14-32).
ولعل البعض من جهة قدرة الله غير المحدودة، يسألون من جهة قوة الشيطان!
الشيطان ليس إلهًا للشر. بل هو من خلق الله... خلقه ملاكًا بكل قدرات الملاك، وهو حول نفسه إلى شيطان. ففقد قداسته، وبقيت له القوة التي منحها الله للملائكة ومع ذلك فهو تحت قدرة الله.
في قصة أيوب الصديق. كان يسمح له في حدود معينة (أي 12:1) (أي 6:2). سمح له الله أولًا أن يمد يده إلى كل ما لأيوب، ولكن ليس إلى شخصه. ولم يستطع الشيطان أن يتجاوز هذه الحدود. وفي المرة الثانية سمح له أن يمس جسده، ولكن لا يمس نفسه. وكان كذلك. وكانت قدرة الشيطان محدودة بقدرة الله. وقد سمح الله للشيطان أن يجرب أيوب، ليقدم أيوب مثالًا في الصبر (يع10:5، 11). وأيضًا لكي يكافئه على صبره (أي 12:42-16).
وفي التجربة على الجبل، لما قال له الرب أخيرًا "اذهب يا شيطان" (مت10:4)، ذهب ولم يستطع أن يخالف.
ولا تنسى المعجزات الكثيرة الخاصة بإخراج الشياطين. ونذكر من بينها قصة لجيئون، إذ كانوا فرقة بالآلاف من الشياطين. وقد اخرجوا. ولم يستطيعوا أن يدخلوا الخنازير إلا بسماح منه، إذ قالوا: لنا أن ندخل فيها، فأذن لهم (لو32:8). وفي بعض الأوقات كان الشياطين يصرخون خائفين أن يهلكهم (مر24:1). وكان الناس يندهشون قائلين: إنه بسلطان وقوة يأمر الأرواح النجسة فتخرج (لو36:4).
على أن مصير الشيطان واضح أنه في يد الله الكلي القدرة الذي سيهلكه.
لقد قَيَّدَهُ الله ألف سنة (رؤ2:20). وهذا دليل على قدرة الله. وأخيرًا سوف يلقيه في بحيرة النار والكبريت هو وأنصاره، وسيعذبون نهارًا وليلًا إلى أبد الآبدين" (رؤ10:20)... بل كل الأشرار أيضًا سوف يلقون في "النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (مت41:25).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/god-and-man/limitless-power.html
تقصير الرابط:
tak.la/w4kjxyt