في المكان والزمان
الله غير محدود من جهة المكان. فهو موجود في كل مكان Omnipresent لا يحده مكان، ولا يسعه مكان. هو في الكون كله.
في السماء وفي الأرض وما بينهما. هو في الجو، وهو في أعماق البحر. وكما قال داود النبي "أين أذهب من روحك؟! ومن وجهك أين أهرب؟! إن صعدت إلى السموات، فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية، فها أنت. وأن أخذت جناحي الصبح، وسكنت في أقاصي البحر، فهناك أيضًا تهديني يدك وتمسكني يمينك..." (مز7:139-10). وهكذا قيل:
السماء هي كرسي الله، والأرض هي موطئ قدميه" (مت34:5، 35).
هو موجود في الفردوس، السماء الثالثة (2كو2:12، 4) (لو43:23). وهو موجود أيضًا في سماء السموات. وحسنًا قال عنه سليمان عند تدشين الهيكل: "هوذا السماوات وسماء السموات لا تسعك، فكم بالأقل هذا البيت الذي بنت!!" (1مل27:8).
هو في كل مكان، حيث يرى ما يفعل الناس، ويسمع ما يقولون.
فكل إنسان مضبوط إمامة، لا يستطيع أن ينكر، أمام الله ضابط الكل... قال إيليا النبي في ذلك: "حي هو رب الجنود، الذي أنا واقف إمامة" (1مل 15:18). وكما يقف البشر أمام الله على الأرض، يقف الملائكة إمامة في السماء.
الله في كل، ولا يؤثر عليه مكان.
هو حيث يسبحه القديسون بطهارة قلوبهم. وهو حيث يوجد الأشرار في أماكن شرهم، يسجل عليهم شرورهم، أو يوبخهم عليها ويعمل على هدايتهم. وكما يقول عن بعض هؤلاء: "أنا واقف على الباب اقرع" (رؤ20:3)...
إن أشعة الشمس تدخل الأماكن القذرة، تطهرها وتقتل جراثيمها، ولا تؤثر عليها قذارتها... هكذا الله يدخل إلى كل مكان، يؤثر فيه ولا يتأثر...
ولأنه في كل مكان، لا نقول عنه إنه يصعد أو يهبط، ولا نقول إنه يمشي أو يتحرك.
فإن صعد، إلى أبن يصعد؟! وهو موجود من قبل في المكان الذي يصعد إليه! وإن قلنا إنه ينزل إلى مكان ما، فهو بلا شك موجود من قبل في كل مكان يقال إنه ينزل إليه. وهو لا يمشي ولا يتحرك، لأنه في كل مكان: لا يفارق موضعًا إلى موضع آخر. إنه مالئ الكل.
وإن وجدت آيات في الكتاب المقدس تحمل مثل هذه التعابير، فإنما لكي تقرب المعنى إلى عقولنا البشرية، أو تعني ظهوره في الموضع الذي يقال إنه نزل إليه، أو ظهر فيه، أو عمل فيه عملًا...
فهو لا يأتي إلى مكان، ولا يفارق مكانًا، ولا ينتقل من مكان إلى مكان. لأنه موجود كل مكان، في كل وقت. وهو لا يأتي إلى مكان لأنه موجود في المكان الذي يقال إنه يأتي إليه. إنما يظهر فيه، أو يعلن وجوده فيه، فنقول إنه أتى إليه.
عندما سلَّم لوحي الشريعة لموسى على الجبل، كان في نفس الوقت في السماء وفي كل الأرض. وهكذا حينما كلم أبانا إبراهيم ودعاه. ويسرى هذا المنطق على كل لقاءات الله مع البشر، منذ أبينا آدم وعبر الأجيال جميعًا: أنه غير محدود من جهة المكان.
كذلك الله غير محدود من جهة الزمان.
إنه أزلي، أي لا بداية له. والأزلية هي من صفات الله وحده، لا يشاركه فيها أحد لأن كل الكائنات الأخرى هي مخلوقات. والمخلوق له بداية. يبدأ وجوده منذ أن خلقه الله، وقبل ذلك لم يكن. أما الله فهو الوحيد الأزلي. وقد قال عن نفسه في سفر أشعياء النبي "قبلي لم يصور إله. وبعدي لا يكون..." (أش 10:43).
ولأن الله أزلي، فهو واجب الوجود، أو هو موجود بالضرورة.
وجوده ضرورة تفسر وجود باقي الكائنات. لأنها ما دامت قد وجدت في وقت ما، فلابد أن هناك بالضرورة من أوجدها، وهو الله. ولا يوجد كائن أخر غيره موجود بالضرورة. لأن كل كائن مخلوق، ما دام لم يكن موجودًا قبل خلقه، إذن وجوده ليس ضروريًا.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
والله كما أنه أزلي، كذلك هو أبدي.
هو غير محدود من جهة الزمن، بلا بداية، ولا نهاية، ولذلك يوصف أيضًا بأنه سرمدي. أنه لا يدخل في نطاق الزمن ومقاييسه... لأنه فوق الزمن، أو هو خالق الزمن. وما يقال عن الله في أزليته وأبديته، يقال أيضًا عن عقله وروحه... فروح الله في كل مكان، وروحه قبل كل الأكوان. وهكذا أيضًا عقل الله، الذي "كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو 3:1).
وكما أن الله غير محدود من جهة المكان والزمان، كذلك هو غير محدود في القدرة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/god-and-man/limitless-space-time.html
تقصير الرابط:
tak.la/65r7shn