يقول الأخوة الكاثوليك: إن اعتراف بطرس بألوهية السيد المسيح أهَّلهُ للرئاسة العامة على الكنيسة، ففي العهد الجديد طبعة دار الشرق ببيروت سنة 1991م جاء تحت عنوان يسوع يجعل بطرس رئيس الكنيسة {فأجابه يسوع طوبى لك يا سمعان بن يونا، فليس اللحم والدم كشف لك هذا، بل أبي الذي في السموات. وأنا أقول لك: أنت صخر وعلى الصخر هذا سأبني كنيستي فلن يقوى عليها سلطان الموت}.. (61)
وجاء في الحاشية تعليقًا على كلمة "صخر" ترجمة عربية للاسم الأرامي "كيفا"، وعلى كلمة "كنيستي".. تستند الكنيسة الكاثوليكية إلى هذا النص وتبنى عليه تعليمها القائل بأن خلفاء بطرس يرثون رئاسته... ويعتقد التقليد الأرثوذكسي بأن جميع الأساقفة المعترفين بالإيمان القويم في أبروشياتهم هم خلفاء بطرس وخلفاء الرسل.
وجاء في ترجمة العهد الجديد النص الآتي: "وأنا أقول لك أنت الصفاة وعلى هذه الصفاة سأبني كنيستي" (62)، وجاء في التعليق على هذا بالحاشية " في هذا الكلام يتضح جليًا رئاسة القديس بطرس على الكنيسة بأسرها لما صرح به السيد له المجد من أن القديس بطرس هو في كنيسته بمنزلة الأساس من البيت. فكما أن البيت لا يقوم إلاَّ بالأساس كذلك الكنيسة لا تقوم إلاَّ برئاسة بطرس ويؤيد ذلك تأييدًا قوله التالي " وسأعطيك مفاتيح ملكوت الله " لأن تسليم مفاتيح مدينة إلى شخص يتضمَّن تسليم المدينة بأسرها له وجعلها تحت سلطانه فنتج من ثم أن المسيح لما سلَّم المفاتيح إلى بطرس جعله رئيسًا مطلقًا على كنيسته، وفوَّضه الله كمال السلطان على أن يحل ويربط أي أن يسن شرائع ويلزم المرؤوسين بحفظها ويعاقب من لا يحفظها وأن يصنع كل ما يؤول إلى فائدة الكنيسة بحسب اختلاف الأزمنة على ما يرتئيه. ثم أن "الصفاة" كلمة عربية ترادف لفظ "بطرس" في اليونانية. كما أن "كيفا" ترادفها في السريانية، ومعنى الكل واحد وهو الصخرة. لقَّب السيد المسيح بطرس بذلك توطئه لما أتم به كلامه من قوله وعلى هذه الصفاة سأبني كنيستي.
ويقول الأخوة الكاثوليك " فمكافأة له على اعترافه الحسن بلاهوته أعلن له بأنه سيجعله صخرة الكنيسة أعنى رأسًا لها (بالنيابة عنه) فإذا افترضنا المُحَال وقلنا أن صحة الآية هي {أنت بطرس} بالمعنى الذي يقصده الخصوم (يقصد الأرثوذكس) أي {اسم لا أكثر ولا أقل} لما كان في ذلك أي مكافأة بل كان كل ما في الأمر أن السيد المسيح أراد أن يلفت نظر بطرس إلى اسمه كأنه كان ساهيًا عنه. فهل ذلك قول معقول؟ لا عمري هذا من جهة ومن جهة أخرى أين تكون الصلة التي تربط نقطتي هذه الآية. أنت بطرس وأنا الصخرة؟ أين هذه الإشارة المزعومة. أنت بطرس وعلى هذه الصخرة (أعنى أنا المسيح) ابني بيعتي؟" (63)
كما يقولون " يقول البعض أنه بنى كنيسته على إيمان بطرس وليس على شخصه فنقول لهؤلاء أن هذه شهادة تُميّز بطرس عن سائر الرسل لأنه كان أكثر الرسل إيمانًا بالسيد المسيح. فإن قلنا أنها مبنية على صخرة إيمان بطرس أقول أيضًا أن هذا دليل على أنه يستحق الرئاسة لأن إيمانه ثابت كالصخرة وقد نال بسبب إيمانه واعترافه الطوبي من المسيح" (64)
وأيضا يقول الأخوة الكاثوليك أن الرب يسوع وعد بطرس "سأعطيك مفاتيح ملكوت السموات" وقد تحقَّق هذا الوعد بعد القيامة (يو20: 12، 13)، يقول الأب مكسيموس كابس " أما القديس كيرلس بطريرك الإسكندرية فيقول: لا ريب عند أحد بل أنه معلوم في كل الدهور أن القديس بطرس الجزيل الطوبى مقدام الرسل ورأسهم وعمود الإيمان وأساس الكنيسة الجامعة قد تسلَّم من سيدنا يسوع المسيح مخلص الجنس البشرى ومنقذه مفاتيح ملكوت السموات وأُعطى السلطان على حل الخطايا وربطها، وهو يحكم بواسطة خلفائه بالرب، وضابط مكانهُ البابا القديس والجزيل الطوبى سلفينوس الأسقف قد أرسلنا نيابة عنه إلى هذا المجمع (القى هذا الخطاب في افتتاحية المجمع المسكوني الذي أثبتَ فيه أمومة العذراء لابن الله)" (65)
توضيح:
في كل اللغات القديمة مثل اليونانية والقبطية والسريانية واللاتينية يظهر الفارق واضحًا بين بطرس وبين صخرة، فمثلًا في اللغة القبطية نجد نص الآية:
بطرس أنت لك أقول أنا
الصخرة هذه على كنيستي سأبني
وباللغة الإنجليزية:
That thou art Peter, and Upon this rock I will build my Church.
والمقصود بالصخرة هو الإيمان بالمسيح ابن الله الحي، لأن الاعتراف بألوهية المسيح هو صُلب المسيحية وجوهرها وأساسها، كما وردَّت آيات كثيرة تشير إلى أن إلهنا الصخرة الحقيقية ومن هذه الآيات:
"وليس صخرة مثل إلهنا" (1صم2:2) "الرب صخرتي وحصني ومنقذي" (2صم22: 2) "ومن هو صخرة سوى إلهنا" (مز18: 31) "إنما هو صخرتي وخلاصي وملجأي" (مز62: 2، 6، 7) "هلم نرنم للرب. نهتف لصخرة إلهنا" (مز65: 1) "مبارك الرب صخرتي" (مز134: 1) "ها أنا أضع في صهيون حجر صدمة وصخرة عثرة وكل من يؤمن به لا يخزى" (رو9: 33) " لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح" (1كو10: 4) فإلهنا هو صخر الدهور بينما لم ترد آية واحدة تحدثنا عن بطرس الصخرة (معرف بالألف واللام).
أن بطرس ليس صخرة بل هو عينًا، لأن الصخرة التي شرب منها بنو إسرائيل أينعت أثنى عشرة عينًا إشارة للاثني عشر تلميذًا كما كان في إيليم سبعون نخلة إشارة للسبعين رسولًا... إيمان بطرس صخرة وأيضا إيمان أي من الرسل صخرة لذلك قال الإنجيل "مبنيّين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية" (اف2: 20) والمقصود بأساس الرسل هو إيمان الرسل وليس أشخاصهم. أما حجر الزاوية وصخر الدهور الذي نشأت الكنيسة على أكتاف صليبه فهو ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، والرسل بنوا كرازتهم على الإيمان به.
والرب الذي طوَّب بطرس عندما أصاب، وبَّخه بشدة عندما اخطأ قائلًا له " أذهب عنى يا شيطان أنت معثرة لي" (مت16: 23)، فالرب طوَّب بطرس على روح الإيمان ووبَّخه على روح العثرة. لأنه لو كان المقصود بالصخرة التي ستُبني عليها الكنيسة هي شخص، فكيف تُبنى الكنيسة على شخص وصفه يسوع المسيح بأنه شيطان عثور؟!! فهل يُعقَل أن تبني كنيسة على إنسان معرض للضعفات والسقوط والهلاك، وبطرس ليس الشخص الوحيد الذي اعترف بألوهية السيد المسيح بل اعترف قبله نثنائيل "أجاب نثنائيل وقال له يا معلم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل. أجاب يسوع وقال هل آمنت لأني قلت لك.." (يو1: 49، 50) فواضح أن نثنائيل آمن واعترف نفس إيمان واعتراف بطرس وقبله، وقبل نثنائيل آمن واعترف بهذا يوحنا المعمدان " وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله" (يو1: 34)، وبهذا الإيمان اعترف تلاميذه الذين كانوا في السفينة " والذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين بالحقيقة أنت ابن الله" (مت14: 33) وقد اعترف بطرس أن إخوته نالوا نفس الإيمان بالسيد المسيح ابن الله الحي "ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي" (يو6: 69). بل أنه منذ صنع الرب يسوع أول معجزة في عرس قانا الجليل وأظهر مجده فآمن به تلاميذه (يو2: 11) وهذا الإيمان أعلنته مرثا أخت لعازر "أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم" (يو11: 27) وأعلنه لونجينوس وجنوده " وأما قائد المئة والذين معه يحرسون يسوع فلما رأوا الزلزلة وما كان خافوا وقالوا حقًا كان هذا ابن الله" (مت27: 54).
ويجب أن نلاحظ أن بطرس ليس له فضل في شهادته للسيد المسيح لأن الذي أعلن له هذا ليس لحم ودم بل الآب السمائي، وبذلك لا نستطيع أن نقول مع الأب مكسيموس كابس "أن هذه الشهادة -إيمان بطرس- تُميِز بطرس عن سائر الرسل لأنه أكثر الرسل إيمانًا بالسيد المسيح".
وذات التطويب الذي ناله بطرس على إيمانه واعترافه يناله كل إنسان يؤمن ويعترف بالمسيح ابن الله الحي، وهذا ما أعلنه مخلصنا الصالح لتوما قائلًا "طوبى للذين آمنوا ولم يروا" (يو20: 29).
والرب يسوع الذي أعطى بطرس مفاتيح ملكوت السموات أي سلطان الحل والربط قد أعطى أيضًا هذا السلطان لتلاميذه الأطهار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى: "الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء" (مت18:18) " ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له. ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو20: 22، 23) وبولس الرسول مارس هذا السلطان مع خاطئ كورنثوس (1كو5:5)، وجميع الآباء الكهنة نالوا هذا السلطان، فيقول أحدهم " فالكاهن له سلطان المفاتيح أن يخلص الخاطئ من جهنم ويجعله أهلًا للفردوس وينقذه من عبودية الشيطان ويصيّره ابنًا لله... أن الكهنة هم الموزِعون النعم الإلهية وشركاء الرب... هم البوابون الذين لهم وحدهم أعطيت مفاتيح ملكوت السموات" (66)
وقال آخر "الكاهن وكيل المسيح وبسلطانه يحل ويربط لأنه كقول المجمع التريدنتيني رأس 8 جلسة 14 أن الآباء القدماء اعتقدوا وعلَّموا أن المفاتيح لم تعط للكهنة للحل فقط بل وللربط أيضًا" (67)
وبهذا المفهوم السابق أي أن المقصود بالصخرة هو إيمان بطرس وليس شخص بطرس اعترف الآباء القديسون فمثلًا:
* قال القديس كيرلس عمود الدين "إني أظن أن لفظة "بيترا" ليست بشيء سوى أمانة التلميذ الثابتة الغير المتزعزعة المؤسَّسة عليها كنيسة المسيح ولن تقوى عليها أبواب الجحيم إلى لا بُد" (68)
* وقال يوحنا ذهبي الفم "على هذه البيترا أبنى بيعتي. لا يقول على بطرس لأنه بنى كنيسته لا على الرجل بل على إيمانه، وماذا كان هذا الإيمان؟ أما هو هذا {أنك أنت المسيح ابن الله الحي}؟ " (69)
* وقال أورجينيوس "أن هذه الصخرة هي كل تلميذ للمسيح، وعلى كل صخرة من هذه يُبنى كل تعليم كنسي، إن كنت تظن إن جميع الكنيسة مبنيَّة على بطرس وحده فماذا نقول عن يوحنا بن الرعد؟! وفي كل واحد من الرسل؟! هل نجسر أن نقول عن بطرس وحده أن أبواب الجحيم لن تقوَ عليه وأنها تقوى على بقية الرسل؟! ألعل مفاتيح ملكوت السموات معطاة لبطرس وحده من الرب وليس أحد من المغبوطين الآخرين تسلمها؟! " (70)
وقال اغسطينوس "لم يقل (لبطرس) أنت البيترا بل أنت بطرس. فالصخرة هي المسيح الذي من إقرار سمعان به أخذ اسمه بطرس" (71)
* وقال أيضًا "أن الكنيسة مؤسَّسة على البيترا التي منها أخذ بطرس اسمه، لأنه ليس البيترا من بطرس بل هو منها كما أن اسم المسيح ليس هو من المسيحي بل المسيحي من المسيح، فلذلك يقول الرب {أنى على هذه البيترا أبني بيعتي} لأن بطرس قال {أنت المسيح ابن الله الحي}، وهكذا قال المسيح أنى على هذه البيترا التي اعترفتَ بها (يا بطرس) أبنى بيعتي، فالبيترا كانت المسيح وعلى هذا الأساس كان بطرس مبنيًّا لأن ليس أحد يستطيع أن يضع أساسًا غير الموضوع وهو يسوع المسيح، وهكذا الكنيسة التي هي مؤسَّسة على المسيح قبلت منه بواسطة بطرس مفاتيح ملكوت السموات التي (هي) ربط الخطايا وحلها، وكما أن الكنيسة في المسيح بالحقيقة هكذا بطرس في البيترا في الشبه والمعنى " (72)
وقال في هذا الشأن كيرلس مقار أن "بطرس لم يفه بهذا الاعتراف باسمه الخاص الشخصي بل باسم كل المجمع الرسولي الذي كان المخلص سأله بهذا الخصوص. وأنتم من تقولون أني أنا؟ (مت6: 15) ومن حيث أن السؤال لم يوضع لبطرس وحده بل للأثنى عشر فهكذا لما أجاب بطرس وحده أجاب عن الجميع، وفي هذه الحالة يكون الوعد الذي منحه (السيد المسيح) على أثر إقراره (إقرار بطرس) سلَّمه للجميع ولا لوحده...
ويستكمل كيرلس مقار حديثه قائلًا: القديس أغسطينوس... قال {بما أنهم سُئلوا جميعًا وأجاب بطرس وحده: أنت هو المسيح، وقال له تعالي سأعطيك مفاتيح ملكوت السموات، كأنه استلم وحدهُ سلطان ربط الخطايا وحلَّها، والحقيقة هي أنه اعترف باسم الجميع وانه استلم الوعد مع جميعهم بحيث أنه كان ممثلًا وحده المجمع الرسولي هكذا بصورة الجميع لأن الوحدة كانت في الجميع} (على يوحنا خطبة 18) وهذا ما يكرّره على الخصوص باختصار بهذه الجمل {في بطرس كل الرسل استلموا مفاتيح ملكوت السموات} (خطاب 149 على كلام الرسول).
وفي مكان ثان يُعلّم القديس اغسطينوس... أن هذه المفاتيح ليست سوى غفران ومسك الخطايا إذ كتب {هل بطرس استلم هذه المفاتيح وبولس لم يستلمها؟ هل بطرس تقلَّدها ولم يتقلَّدها يوحنا وباقي الرسل، أو هذه المفاتيح أيضًا ليست في الكنيسة حيث كل يوم تغفر الخطايا؟ فليس إذًا بشر مفرد استلم هذه المفاتيح بل وحدة الكنيسة} (خطاب 149 على كلام الرسول وخطاب 295 على بطرس وبولس الرسوليين)..
أن القديس كبريانوس القرطجني الذي كان مصباح أفريقيا قبل القديس أغسطينوس قال في الجيل الثالث في تأليفه عن وحدة الكنيسة أن هذه الكلمات {أنت بطرس وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي وسأعطيك مفاتيح ملكوت السموات} وهكذا هذه الكلمات الأخرى {أرع خرافي} لم تكن لتجعل بطرس ذا سلطة عالية على سلطة باقي الرسل..
وإليك ما كتبه إيرونيموس بهذا الموضوع في مؤلفه ضد يوبيان {أنت تقول: أن الكنيسة بُنيَت على بطرس: هذا حق، ولكن نحن نعلم من نصوص الكتاب الأخرى أن ذلك عينه متعلق بكل الرسل أي أن الكنيسة مبنيَّة على كل الرسل، وأن جميع الرسل قبلوا مفاتيح السموات... فقوة وثبات الكنيسة مرتكزان بنفس الدرجة على كل الرسل} (ضد يوبيان ك1).
أن القديس امبروسيوس... يقول {أن ما قيل لبطرس قيل لباقي الرسل وهو: سأعطيك ملكوت السموات} (على مز38 أنظر مؤلفه عن الكهنوت ك1: 2).. فأرجوك أن تلاحظ كل ما تضمَّنه هذا الشرح: أولًا أن المواعيد الموجهة لبطرس لا تختص به وحده بل تخص أيضًا كل الرسل الآخرين لأن كل الرسل استلموا في بطرس الوعد بالمفاتيح: ثانيًا كلهم تقلَّد من الرب الذي قام من الأموات لا في بطرس بل مع بطرس امتياز المفاتيح الموعود بها سلفًا في شخص بطرس: ثالثًا كل الرسل استلموا مع بطرس مفاتيح الملكوت السماويَّة لما قال الرب للجميع: اقبلوا الروح القدس: أن الخطايا تصير مغفورة إلخ... وأيضًا فإن مفاتيح ملكوت السموات هي سلطة غفران الخطايا ومسكها بنعمة الروح القدس السلطة المسموح بها بالاشتراك لكل الرسل وكل الأساقفة خلفائهم لا تلك السلطة الخيالية لبطرس على رفقائه...
أن أوريجانوس... يشرح هكذا نص القديس متى {إذا كنت تعتقد أن كل الكنيسة مبنيَّة على بطرس وحده فماذا تقول بشأن يوحنا ابن الرعد وكل واحد من باقي الرسل؟ هل نجرأ أن نقول أن أبواب الجحيم لن تقوى على بطرس بالخصوص وأنها كانت مُزمعة أن تقوى على باقي الرسل؟! أليس الحق أن الوعد توجَّه إلى الجميع وإلى كل واحد..؟ فهل السيد أعطى لبطرس وحده مفاتيح ملكوت السموات وواحد من الرسل السعداء لم يستلمها..؟!} (تفسير الإنجيل لمتى مجلد 12: 2)..
أن القديس أفرام السرياني في كتابه عن وفاة القديس باسيليوس قال... {أن باسيليوس بإشغاله منزلة بطرس وتقلده بسلاح حبريته وسلطته جاوب الملك فالنس} بالنسبة لعلامة الشرق القديس باسيليوس (كان يشغل منزلة بطرس) كما كان القديس امبروسيوس في نظر جودانس الذي من برسيا الذي قال عنه {أنه كان خليفة بطرس}
فتكلم الأثنان هكذا لأنهما كان متفقين في أن الأساقفة حازوا كل سلطة بطرس...
أخيرًا أن اولوجيوس الإسكندري الذي كان في نهاية الجيل السادس قال في مؤلفه ضد النوفاتيين كتاب 2 {أن السلطان المُعبَر عنه بمفاتيح ملكوت السموات أُعطى لباقي الرسل في شخص الزعيم} هذا مختصر ولكنه بادر إلى شرحه قائلًا: أن ما وعد به وأُعطى لزعيم المجمع الرسولي فليس له دون غيره بالخصوص بل بالاشتراك لكل الباقين " (73)
وقال صاحب البوق الإنجيلي "أن المعلمين كلهم على الإطلاق يفسرون قوله تعالى {على هذه الصخرة} أي على الإقرار الذي أقرَّ به بطرس بقوله {أنت هو المسيح ابن الله الحي} أسَّس المسيح الكنيسة. هكذا يفسر هذا النص القديس يوحنا العسجدي الفم في تفسيره بشارة متى الإنجيلي، وفي تفسيره الفصل الأول من رسالة بولس إلى أهل غلاطية، وكذلك أيضًا يفسره القديس يوحنا الدمشقي بقوله... أن الرب يسوع قد أبتني الكنيسة على صخرة إقرارك (يا بطرس) وتكلمك باللاهوت " (74)
ونختم إجابة هذا السؤال باعتراف الأسقف الكاثوليكي ستروسمير في المجمع الفاتيكاني الأول:
" أنكم بكلمة الصخرة Pietra التي عليها بُنيت الكنيسة المقدسة تفهمون بطرس Pietra... مار كيرلس (عمود الدين) في كتابه الرابع عن الثالوث الأقدس يقول أنا أؤمن أنه يجب أن تفهموا بالصخرة إيمان الرسول غير المتزعزع، ومار إيلاري أسقف بواكتيار في كتابه الثاني يقول أن الصخرة Pietra هي صخرة الإيمان المباركة الوحيدة. الإيمان الذي به أقرَّ مار بطرس، وفي المجلد السادس يقول أن الكنيسة مبنيَّة على صخرة الإقرار بالإيمان هذه، وقال مار ايرونيموس في كتابه السادس على إنجيل متى أن الله أسَّس كنيسته على هذه الصخرة التي على الإقرار، وأنه من هذه الصخرة تسمى الرسول بطرس، وفم الذهب يقول في مقالته الثالثة والخمسين على إنجيل متى أنه بقوله على هذه الصخرة ابني كنيستي يعنى على إيمان الإقرار، وأما إقرار الرسول فهو هذا {أنت المسيح ابن الله الحي}، وامبروسيوس رئيس أساقفة ميلان في قوله على الإصحاح الثاني من الرسالة إلى أهل أفسس، وباسيليوس السلوكي، وآباء المجمع الخلقيدوني يعلمون هذا التعليم عينه... قال (أوغسطينوس) في موعظته الثالثة عشرة: أنت بطرس على هذه الصخرة التي أقرَّرت بها. على هذه الصخرة التي عرفتها قائلًا {أنت هو المسيح ابن الله الحي}. نعم على هذه الصخرة سأبني كنيستي. أي على نفسي وأنا ابن الله الحي. أنني سأبنيها على نفسي ولا ابني نفسي عليك، والذي اعتقده مار أوغسطينوس في معنى هذه الآية الجليلة اعتقده كل العالم المسيحي في عصره وبناء على كل ما تقدم أقدم هذه النصائح:
1- أن السيد المسيح أعطى لرسله نفس القوة التي أعطاها لمار بطرس.
2- أن الرسل لم يعرفوا مار بطرس نائب المسيح ولا مُعلّم الكنيسة المعصوم.
3- أن مار بطرس لم يعرف نفسه "بابا" ولم يتصرف أبدًا كأنه "بابا".
4- أن المجامع في القرون الأربعة الأولى بينما أقرَّت سمو مقام أسقف رومية في الكنيسة لسبب عظمة مدينة رومية حَسبت له (لأسقف روما) التقدم في الشرف فقط وليس في الحكم الشرعي.
5- أن الآباء القديسين لم يفهموا في القول {أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي} أن الكنيسة كانت مبنية على بطرس Superpetrum بل على الصخرة Superpetram أي على إقرار إيمان الرسول فإذن تاريخيًا وعقليًا ومنطقيًا وحسب الذوق السليم والضمير المسيحي أستنتجُ ما لا يُرَدْ. أي أن يسوع المسيح لم يعط أقل رئاسة لمار بطرس وأن أساقفة رومية لم يصيروا رؤساء للكنيسة إلاَّ باختلاسهم كل حقوق الأسقفية واحدة فواحدة " (75)
_____
(61) الكتاب المقدس - العهد الجديد طبعة دار الشرق بيروت سنة 1991م ص83.
(62) ترجمة العهد الجديد الدار الكاثوليكية المصرية سنة 1951م.
(63) الرئاسة البابوية الأب بولس نصير ص 13.
(64) إيماننا القويم ج1 الأب مكسيموس كابس ص81.
(65) إيماننا القويم ج1 ص88.
(66) روض الواعظ لليكوري ص 9.
(67) لاهوت أنطونين مجلد 2 ص311.
(68) مفاوضة عن الثالوث ك (4) راس (1) - أورده الأسقف ايسيذورس في البرهان القاطع.
(69) مقالة 54، 82 في تفسير إنجيل متى في عظته على الفصح:1- أورده الأسقف ايسيذورس في البرهان القاطع
(70) تنوير الأذهان بالبرهان للأسقف ايسيذورس ص136.
(71) مراجعة 1 فصل 21 -أورده الأسقف ايسيذورس في تنوير الأذهان بالبرهان ص136، 137.
(72) تفسير الأصحاح الأول من إنجيل يوحنا - أورده الأسقف ايسيذورس في البرهان القاطع.
(73) الوضع الإلهي في تأسيس الكنيسة ص 42-61.
(74) البوق الإنجيلي ص151.
(75) الحجة الأرثوذكسية ص121-123.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/peter-rock.html
تقصير الرابط:
tak.la/w23j5v6