يقول الأخوة الكاثوليك أن كتبَّة العهد الجديد أوردوا اسم بطرس أولًا فيقول الأب بولس نصير {وأما أسماء الأثنا عشر رسولًا فهي هذه الأول سمعان الذي يقال له بطرس واندراوس أخاه} (مت10: 2)، (مر3: 14-16)، (لو6: 13، 14)، (أع1: 13)، وهذا دليل على إقرارهم بالرئاسة لأنهم اتفقوا جميعًا في ذكره أول أسماء الرسل بينما اختلفوا في ترتيب بعض الأسماء الأخرى فمثلًا اندراوس الذي ذكره متى الإنجيلي في الترتيب الثاني ذكره مارمرقس في الترتيب الرابع. إذًا ذكرْ أسم بطرس أولًا ليس من باب بدء العدد.
وذكْر بطرس الأول في الرسل لا تعنى الأسبقية في الدعوة لأن أندراوس عرف السيد المسيح قبله وهو الذي دعاه قائلًا {قد وجدنا مسيا الذي تفسيره المسيح. فجاء به إلى يسوع..} (يو1: 41، 42).
يقول يعقوب السروجي ص555 في الميمر الخمسين المعتمد من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والمسجل بالبطرخانة تحت نمرة (8 سجل): {لأجل هذا بُنيت البيعة على الجاحد لتكون متفقة جميع ادماسها بغير تخبيط... صار أولًا وبعد أن اخطأ وتاب بالحق لم ينزل درجة ليكون ثانيًا أو ثالثًا. صعد بالدموع وقام في موضعه بغير تغيير وحمل بيده المفاتيح والاسم والأمر... لأنه هو الأساس}.
ويؤكدون أيضًا أن بطرس هو الأول بمعنى رئيس الرسل والكنيسة ونائب المسيح بدليل:
أ- أن المسيح غيَّر اسم بطرس {وجعل لسمعان اسم بطرس} (مر3: 16) لأنه مزمع أن يقيمه رئيسًا على كنيسته.
ب- عندما رجعت مريم المجدلية من القبر جاءت إلى سمعان بطرس لأنه الرئيس، وعندما تحرك بطرس مع يوحنا تجاه القبر وركض يوحنا فوصل أولًا إلاَّ أنه انتظر عند باب القبر حتى جاء بطرس ودخل، وقال يعقوب السروجي " خرج سمعان مع يوحنا. سبق الشاب البتول لذاك القديس رئيس التلاميذ... بلغ يوحنا باب قبر العريس الملك ولم يدخل حتى أتى سمعان الكامل. انتظر ذاك الحامل مفاتيح الخزانة ليأتي لأنه أولًا يفتح ويدخل كالوكيل. قام يوحنا كالحكيم لئلا يبلبل صف الكرازة. ثبت ليأتي رئيس التلاميذ لأنه تأخر منه لأنه هو أولًا ينظر ويشهد على القيامة. سمعان بطرس رئيس الأدماس أتى ودخل قدام " (58)
ح- الذين يحصلون الضرائب لم يتحدثوا مع أحد من التلاميذ إلاَّ سمعان بطرس، والسيد المسيح اختاره ليسدد الضريبة عنهما بطريقة معجزية فيقول الأب مكسيموس كابس:
" ولقد فهم الناس رئاسة بطرس على التلاميذ في حياة السيد المسيح لأنهم عندما كانوا يريدون الاستفهام عن شيء كانوا يلجأون إلى بطرس... {ولما أتوا إلى كفرناحوم دنا الذين يجبون الدرهمين إلى بطرس وقالوا له أما يؤدى معلمكم الدرهمين..} (مت17: 12) ولما أراد يسوع ألاَّ يشكَّك الذين يجمعون الجباية قال لسمعان بطرس {أمضى إلى البحر..} (مت17: 26) فلم يدفع الجزية عن باقي الرسل، ولكن وضعه وحده في صف الرئاسة كأنه يريد بذلك أن يُظهِر للناس بما أنه سيمثله على الأرض يدفع عنه الجزية " (59)
د- يوم الخمسين ألقى بطرس العظة الأولى، وإليه لجأ الناس يسألونه عما يفعلون؟
ه- بينما أغفل سفر الأعمال معجزات الرسل فإنه أورد معجزات بطرس الرسول...
و- بطرس الرسول هو الذي أصدر الحكم بالإعدام على حنانيا وسفيرة لتظل كنيسته نقية، ولأنه له حق القصاص.
ز- عندما كان بطرس في السجن صارت صلاة بلجاجة من الكنيسة حتى أرسل الله ملاكه ونجاه.
ح- كان بداية دخول الأمم (كرنيليوس) للكنيسة على يد بطرس رئيس الكنيسة.
ط- قال بطرس الأول عن مرقس الإنجيلي "مرقس ابني" (1بط5: 13).
توضيح:
لفظة " الأول " لها أكثر من معنى مثل:
أ- الأول في الزمن: مثل قولنا " أول أمس " أو " أول الأسبوع " وسواء أول أمس أو أول الأسبوع فهو مجرد يوم يتساوى مع بقية الأيام.
ب- الأول في العدد: مثل قول الكتاب " سبعة أيام تأكلون فطير. اليوم الأول تعزلون الخمير من بيوتكم" (خر12: 15) ومثلها "اليوم الأول من الفطير" (مر14: 12).
ح- الأول في الرتبة والمقام.
فلماذا تأخذون المعنى الثالث دون الأول والثاني؟
واسم بطرس الذي ورد أولًا في عدَّة آيات، لم يرد أولًا في آيات أخرى مثل:
"كل واحد منكم يقول أنا لبولس وأنا لأبلوس وأنا لصفا" (1كو1: 12).
"أبولس أم أبلوس أم الصفا.." (1كو3: 22).
"ألعلنا ليس لنا سلطان أن نجول بأخت زوجة كباقي الرسل وأخوة الرب وصفا" (1كو9: 5).
"فإذا علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا المعتبرون أعمدة أعطوني وبرنابا يمين الشركة" (غل2: 9).
وهل عندما نقول "باسم الآب والابن والروح القدس" ويرد اسم الآب أولًا. هل معنى هذا أن الآب مُميز وأفضل ورئيس على الابن والروح القدس؟
أما قول يعقوب السروجي بأن الكنيسة بُنيت على بطرس فسنلقى الضوء عليه في إجابة السؤال السادس... لو كان هناك أفضلية ورئاسة وتميّيز فماذا نقول عن يوحنا الحبيب التلميذ الذي كان يسوع يحبه؟ وماذا نقول عن بولس الرسول الذي قال "أنا تعبت أكثر من جميعهم" (1كو15: 10)؟
لقد غيَّر السيد المسيح اسم سمعان إلى بطرس، ولكنه غيَّر أيضًا اسمي ابني زبدي " ويعقوب بن زبدي ويوحنا أخا يعقوب وجعل لهما اسم بوانرجس أي ابني الرعد" (مر3: 17) وما رأيك عندما نادى الرب يسوع بطرس على بحيرة طبرية باسمه السابق " فبعدما تغدوا قال يسوع لسمعان بطرس يا سمعان بن يونا.." (يو21: 15).. هل بهذا يكون جرَّده من رئاسته؟!
وعندما عادت مريم المجدلية من القبر تحدثت مع بطرس ويوحنا وليس مع بطرس فقط "فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس وإلى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه.." (يو20: 2). أما إنتظار يوحنا عند القبر حتى وصول بطرس ودخوله أولًا فهذا تأدبًا من يوحنا وتقديرًا لبطرس الأكبر منه سنًا. حتى لو إفترضنا جدلًا بأن بطرس هو الرئيس ويوحنا وصل أولًا للقبر ودخل وأنتظره داخل القبر فإن هذا لن يؤثر على رئاسة بطرس، ودخوله قبر المخلص ليس أكلة عدس تُفِقد البكورية، وقد يرجع هذا لإيمان يوحنا فبمجرد أن رأى الحجر مدحرجًا آمن بقيامة الرب. أما أقوال يعقوب السروجى فهي مجرد تأملات...
فلماذا سأل جُباه الضرائب بطرس بالذات؟ لأنه هو الذي تصدى لهم، وكان هو المتقدم في الحديث ذو الطبيعة الحماسية. كما أننا لو تصوَّرنا فرضًا أن بطرس هو رئيس التلاميذ فكيف علم جباه الضرائب هذا؟ هل كان بطرس يرتدى زيًا يميزه عن غيره؟ أو هل كان يحمل شارة الرياسة على صدره..؟ كلا... وأيضا السيد المسيح أرسل بطرس بالذات ليُسدّد الضريبة عنهما بطريقة معجزية لأنه هو الذي أبلغه الرسالة.
أما عن حديث بطرس يوم الخمسين فإنه لم يتكلم بمفرده... قال الإنجيل
" وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى... كل واحد كان يسمعهم يتكلمون بلغته... أترى ليس جميع هؤلاء المتكلمين جليليين.." (أع24: 4-7). حقًا بطرس ألقى أول عظة فاصطاد ثلاثة آلاف نفس للمسيح لكن هل تظن أن هذه هي العظة الأولى التي ألقيت في فجر المسيحية..؟! هل كان بطرس يعظ والتلاميذ جميعهم يصمتون..؟! وما رأيك في بولس الرسول الذي اجتذب للمسيح عشرات الألوف؟! وأيضا لم يسأله اليهود بمفرده عما يفعلون لأن الكتاب يقول " فلما نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع أيها الرجال الأخوة... فقال لهم بطرس.." (أع2: 37-41).
ولقد ذكر سفر الأعمال بعض المعجزات التي صنعها الرب على يد بطرس رسول الختان ولكنه لم يذكر جميع المعجزات التي صنعها، وأيضًا بالمثل ذكْر بعض المعجزات التي أجراها الرب على يد بولس الرسول وليس كل المعجزات التي صنعها. بل نقول أنه بمجرد ظهور بولس على مسرح الأحداث لم يذكر سفر الأعمال شيئًا عن بطرس ويعقوب ويوحنا، وهناك أكثر من عشرة أصحاحات (من 16-28) دارت الأحداث خلالها حول بولس الرسول وكرازته ولم يُذكَر قط اسم بطرس الرسول. فمن منهما يكون الرئيس؟ لا هذا ولا ذاك لأنهم جميعًا أخوة لهم رأس واحد هو عريس الكنيسة ورأسها.
وفي موضوع حنانيا وسفيرة لم يكن بطرس الوحيد الذي له حق الحكم والقصاص، فبولس الرسول أصدر حكمه على خاطئ كورنثوس ولم يحيله إلى بطرس الرسول، وعندما طلب إيليا نزول نار من السماء لتأكل رئيس الجند مع الخمسين جنديًا التابعة له، وحدث هذا مرتين فهل هذا يُعدُّ مبرّر لدعوة إيليا رئيس الأنبياء ورئيس كنيسة العهد القديم؟
وصارت الكنيسة تصلى بلجاجة من أجل بطرس لأنه عضو من أعضائها وواحد من الاثني عشر ومُهدَّد بالذبح، ولم يكن قد مضى وقتًا طويلًا على استشهاد يعقوب أسقف أورشليم، وثق يا صديقي لو كان الذي في السجن يوحنا أو مرقس أو غيرهما لصارت نفس الصلاة بنفس القوة واللجاجة... ألم تصنع الكنيسة مناحة عظيمة ليس من أجل أحد الآباء الرسل بل من أجل اسطفانوس رئيس الشمامسة؟!
ودخول كرنيليوس الأممي للإيمان على يد بطرس الرسول كان استثناء، وعندما تم تقسيم العمل تولى بولس كرازة الأمم، وأخذ بطرس ويعقوب ويوحنا بركة الكرازة لأهل الختان، ونقول أيضًا أن الرسل كان لهم صفة العموميَّة فبولس الرسول الذي تخصَّص في كرازة الأمم كان يكرِز لليهود أولًا في كل مدينة يدخلها وكثير من اليهود قبلوا الإيمان على يديه، والحقيقة أن الذي كان مسئولًا عن تدبير أمور الخدمة مجمع الرسل، ولذلك اضطر بطرس أن يشرح لهم كيف تم قبول الأمم عن طريق رؤيا سمائية، ولا ننسى أن مجمع الرسل هو الذي أرسل بطرس ويوحنا في السامرة، وهذا ما قاله كيرلس مقار أول بطريرك كاثوليكي في كتابه الوضع الإلهي لتأسيس الكنيسة أن الذي كان يقود الكنيسة مجمع الرسل وليس بطرس.
وأخيرًا قول بطرس الرسول " مرقس ابني " يرجع إلى فارق السن بينهما، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فوقت الصلب كان مرقس شابًا نحو سبعة عشر عامًا بينما كان بطرس رجلًا ناضجًا، وأيضا فلتلاحظ يا صديقي أن بطرس لم يقل " مرقس تلميذي " أو "مرقس مرؤوسي".
وفي نهاية الإجابة على هذا السؤال نعيد القول بأنه لو كان بطرس هو الأول بمعنى أنه رئيس الرسل والكنيسة ككل ما كان بولس الرسول يواجهَّهُ ويلومهُ ويوبّخهُ مجاهرة ويسجل هذا في رسالة عامة لشعب غلاطية بل لكل المسيحيين في كل زمان ومكان، وإن كان الأخوة الكاثوليك يقولون بأن لوم بولس لبطرس كان مجرد تمثيلية وأن بولس أوقع الملامة على بطرس بينما كان المقصود ملامة اليهود كقول الآب بولس نصير "وهكذا فاز الرسولان بمآربهما فلم يكن لوم بولس لبطرس، وصمت بطرس عن هذا اللوم إلاَّ بناء على مؤامرة واتفاق سابق بين الرسولين " (60) فإن كان الرسول بولس يعتبر الصراحة فضيلة ويمدح تلميذه تيموثاوس عليها فكيف يحطم هذه الفضيلة ويدخل في دور التمثيل والمؤامرة؟! وهل أسَّس الرسل الأطهار المسيحية على التمثيليات والمؤامرات والاتفاقيات السريَّة؟!
_____
(58) الرئاسة البابوية للأب بولس نصير ص53، 54.
(59) إيماننا القويم ج1 ص82.
(60) الرئاسة البابوية للأب بولس قصي ص77، 78ر.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/peter-name.html
تقصير الرابط:
tak.la/7j4ws2x