س 65 : هل شهد آباء القرن الثالث لقانونية أسفار العهد الجديد؟ وهل هذه الشهادات أصابها العوار؟ وكم كان كم اقتباسات آباء القرنين الثاني والثالث من هذه الأسفار؟
ج : نعم هناك الكثير من شهادات الآباء في القرن الثالث، ونذكر منها شهادات أكليمنضس السكندري، وترتليان، وهيبوليس، وأوريجانوس، ويوسابيوس، ثم نورد جدولًا باقتباسات سبعة من آباء القرنين الثاني والثالث من أسفار العهد الجديد والتي تعدت الستة والثلاثين ألف اقتباسًا.
1ـ أكليمنضس السكندري (150 ـ 215م):
تتلمذ على يدي بنتينوس، وقال عنـه "يوسابيوس القيصري": " في ذلك الوقت أُشتهر أكليمنضس إذ تعلم معه (مع معلمه بانتينوس) الأسفار الإلهيَّة في الإسكندرية... وفي كتابه "وصف المناظر" يتحدث عن بنتينوس بِالاسم كمعلمه... وقد حافظ هؤلاء الأشخاص على التقليد الحقيقي للتعليم المبارك، المسلَّم مرة مباشرة من الرسل المقدسين بطرس ويعقوب ويوحنا وبولس، إذ كان الابن يستلمه عن أبيه (وقليلون هم الذين شابهوا آبائهم) حتى وصل إلينا بإرادة الله لنحافظ على هذه البذار الرسولية" (5 : 11 : 1، 2، 5)(466).
وعندما سافر بنتينوس إلى الهند للكرازة تولى أكليمنضس إدارة مدرسة إسكندرية اللاهوتية بالإسكندرية، وكان فيلسوفًا بارعًا، متمرسًا بالأسفار المقدَّسة، وضع ثمانية مجلدات في تفسير العهد الجديد، مقتبسًا نحو ألفي وأربعمائة اقتباس من أسفار العهد الجديد، وقال عنه "القديس جيروم": "مجلداته المعروفة مملوءة علمًا وفصاحة، يستخدم الكتب المقدَّسة والأدب الدنيوي، في رأيي أنه أكثر الجميع علمًا" (مقار لرشيد المليكي)(467).
وقد أوضح "القديس أكليمنضس" أن متى أول الإنجيليين، يليه مرقس، ويليه إنجيل لوقا، وظهر أخيرًا إنجيل يوحنا (راجع الأب فاضل سيداروس - تكوين الأناجيل ص 63)، وقال عن إنجيل مرقس: "هذا ما وصل إليَّ من الأقدمين عن إنجيل المسيح حسب مرقس. فيما كان بطرس يبشر جهرًا بالكلمة في مدينة روما بإلهام الروح وينشر الإنجيل، رغب كثير من السامعين إلى مرقس الذي رافق بطرس مدة طويلة وحفظ ما سمعه منه أن يكتب لهم ذلك، ففعل وأعطاهم سفره ولما علم بطرس بالأمر لم ينشطه (أي لم يشجعه) ولم يمنعه" (راجع الآباء اليونان: الثامن 890، 194، وعشرين، 551)(468).
وذكر "أكليمنضس السكندري" أن بولس الرسول هو كاتب رسالة العبرانيين، فيقول: "يوسابيوس القيصري" أنه قال عن هذه الرسالة أنها: "من تأليف (كتابة) بولس، وأنها كتبت إلى العبرانيين باللغة العبرية. ولكن لوقا ترجمها بدقة ونشرها إلى اليونانيين... ويُرَّجح بأن كلمتي "بولس الرسول" لم توضعا في مقدمة الرسالة؛ لأنه إذ أرسلها إلى العبرانيين المتحاملين عليه والمتشككين فيه كان حكيمًا في أنه لم يشأ أن ينفرهم منذ البداية بذكر اسمه" (ك 6 ف 14 : 2، 3)(469).
وطعن "علي الريس" في شهادة أكليمنضس بناءً على ما ذكره يوسابيوس القيصري (ك 6 ف 13 فقرة 6، ف 14 فقرة 1) بأن أكليمنضس في كتابه "وصف المناظر" وضع وصفًا لجميع الأسفار دون أن يحذف الأسفار المتنازع عليها وهيَ رسائل العبرانيين، وأكليمنضس الروماني، وبرنابا، ويهوذا، والرسائل الجامعة الأخرى، ورؤيا بطرس، كما استشهد علي الريس بما جاء في كتاب "فكرة عامة عن الكتاب المقدَّس" إصدار دير أنبا مقار ص 73 وغيره (راجع تحريف مخطوطات الكتاب المقدَّس ص 17-19).. وقد سبق الرد على هذه الاتهامات فيُرجى الرجوع إلى إجابة (س61، س62).
2ــ ترتليان (145 - 220م):
وُلِد في قرطاجنة (تونس) من أسرة وثنية غنية، وكان والده سيناتورًا رومانيًا، ودرس ترتليان اللاتينية واليونانية، ودرس الفلسفة والخطابة والقانون والطب، وصار محاميًا مشهورًا، وأعجب بشجاعة وبراءة الشهداء المسيحيين ولقاءهم الموت بفرح، فآمن بالسيد المسيح، ويعتبر ترتليان أول لاهوتي عظيم كتب باللاتينية، وأدخل الفكر القانوني والروح القانونية للتعاليم اللاهوتية اللاتينية، وله العديد من المؤلفات، ولكن ما كتبه باللغة اليونانية تعرض للضياع، ومن أهم كتبه: الكتب الخمسة التي كتبها ضد مركيون الهرطوقي، كما كتب ضد هرموجينس الغنوسي، وضد أتباع فالنتينس الغنوسي أيضًا، وكتب "ترياق العقرب" ضد الفكر الغنوسي.
وكتب "ترتليان" دفاعه إلى "سكابيولا" حاكم أفريقيا (211 - 213) الذي اضطهد المسيحيين اضطهادًا قاسيًا، حتى أنه ألقى بهم للوحوش وأحرقهم أحياء، وأوضح له أن ديانة الإنسان لا تنفع ولا تؤذي أحد، فنادى بإطلاق حرية العقيدة ودافع ترتليان عن المسيحيين، وفي كتابه الأول "إلى الوثنيين" أوضح أن الإجراءات المُتخذة ضدهم تناقض مبادئ العدالة، وفي كتابه الثاني كتب نقدًا لاذعًا للديانة الوثنية، وفي كتاب "الدفاع" أوضح أن الجهل وراء اضطهاد المسحيين، فقد كتب دفاعه "الاحتجاج من أجل الإيمان" وقدمه للإمبراطور الروماني. وقال فيه: " نحن نملأ كل مكان بينكم، المدن والقرى والأسواق والمعسكر والقبائل والجماعات والقصر ومجلس الشيوخ والساحة العامة، ولم نترك لكم شيئًا سوى معابد آلهتكم" (470).
وذكر "ترتليان" الأناجيل الأربعة، وقال: " أن كتَّاب العهد الإنجيلي هم الرسل الذين عيَّنهم الرب نفسه لنشر الإنجيل إلى جانب الرجال الرسوليين الذين ظهروا مع الرسل وبعد الرسل... يوحنا ومتى اللذان غرسا الإيمان داخلنا، ومن الرسوليين لوقا ومرقس اللذان حدداه لنا بعد ذلك" (471) مع ملاحظة أن مرقس من الرسل السبعين، وقد بلغت اقتباساته أكثر من سبعة آلاف اقتباس من العهد الجديد، فلم يترك أصحاحًا واحدًا من الأناجيل الأربعة لم يقتبس منه، ودافع عن رسائل بولس الرسول رسالة رسالة، كما اقتبس من رسائل العبرانيين ويهوذا، وأشار إلى سفر الرؤيا، ودافع بقوة عن قانونية الأناجيل الأربعة، فقال في كتابه "ضد ماركيون الهرطوقي": " أربعة يثبتون لنا الإيمان في أسفارهم، اثنان من الرسل وهما متى ويوحنا، واثنان من التلاميذ وهم لوقا ومرقس... (ثم أردف قائلًا): " أن السلطة التي تثبت حقيقة إنجيل لوقا الذي يقره ماركيون هيَ عينها تثبت حقيقة أناجيل متى ويوحنا ومرقس.." (راجع الآباء اليونان: الثاني 363، 365)(472).
وطعن "علي الريس" في شهادة ترتليان قائلًا: " ولكن يبدو أن القساوسة نسوا أو تناسوا أن ترتليان رائد الكتَّاب اللاتين كان يؤمن بأن رسالة برنابا هيَ سفر إلهي وأنها من أسفار الكتاب المقدَّس ونسى القساوسة البروتستانت أن ترتليان كان يؤمن بقانونية سفر باروخ الذي يعتقدون هم أنه سفر مزيف" (473).. وقد سبق الرد على هذا الاتهام فيُرجى الرجوع إلى (إجابة س 62).
3ـــ هيبوليتس (170 - 235م):
كان صديقًا لأوريجانوس، وصـار كاهنًا في روما، فكثيرًا ما زار أوريجانوس في الإسكندرية، كما زاره أوريجانوس في روما، ويعتبر هيبوليتس امتداد للقديس إيرينيؤس، فقد تأثر به كثيرًا، فجاءت كتاباته دحضًا للهرطقات كما كتب إيرينيؤس "ضد الهرطقات"، وانشغل هيبوليتس بالكتاب المقدَّس، حتى أنه اقتبس في كتاباته من أسفار العهد الجديد أكثر من 1300 اقتباس.
وقد طعن "علي الريس" في شهادة هيبوليتس لأنه لم يعترف برسائل العبرانيين ويعقوب وبطرس الثانية، ويوحنا الثالثة، كما أقرَّ باستخدام كتاب الراعي لهرماس (وقد جاء هذا في كتاب: "الكتاب المقدَّس - النصوص الأصلية - كيف وصلت لنا - دار مجلة مرقس ص 75)، كما اقتبس واستشهد بسفر "أعمال بولس" (بحسب ما جاء في دائرة المعارف جـ 1 ص 45).. (راجع تحريف مخطوطات الكتاب المقدَّس ص 32، 33).. وقد سبق الرد على مثل هذه الاتهامات، فيُرجى الرجوع إلى إجابة (س60، س61).
4ــ أوريجانوس (185 - 245م):
وُلِد في الإسكندرية وتميز بالنضوج المُبكر، إذ عندما سُجن والده قبل أن يُقدم للاستشهاد أرسل إليه أوريجانوس يشجعه لكـي يثبت في المسيح، وأراد هو أيضًا أن يتقدم للاستشهاد ولكن أمه منعته، وإذ كان نهمًا جدًا في القراءة والمعرفة كان يمضي أوقاته ولياليه بين المكتبات، فيقرأ ما يشأ مقابل دفع مبلغ لصاحب المكتبة، وتتلمذ على يدي القديس أكليمنضس السكندري، وخلَّفه في إدارة مدرسة إسكندرية اللاهوتية لمدة اثنى عشر عامًا، فنهض بالمدرسة وافتتح عدة أقسام للعلوم الفلسفية ليجذب غير المؤمنين، وفسَّر أوريجانوس جميع أسفار العهدين القديم والجديد، فبلغت اقتباساته من العهد الجديد نحو ثمانية عشر ألف اقتباس، منها سبعة آلاف من الأناجيل الأربعة، وقال أن أسفار العهد القديم هيَ ما تكلم به السيد المسيح بواسطة الأنبياء قبل التجسد، وأسفار العهد الجديد هو ما تكلم به المسيح أيضًا من خلال رسله الأطهار فقال: "وبكلمات المسيح لا نعني تلك التي تكلم بها عندما صار إنسانًا وحلَّ بالجسد، فقد كان المسيح قبل ذلك الوقت كلمة الله الذي تكلم في موسى والأنبياء... وبعد صعوده إلى السماء تكلم في تلاميذه كما تكلم بواسطة بولس الذي قال: أنتم تطلبون برهان المسيح الذي يتكلم فيَّ" (474).
ولا أحد ينسى الجهد الخارق الذي بذله أوريجانوس في الـ"هيكسابلا" Hexapla أي السداسي، حيث وضع نصوص العهد القديم في ستة أعمدة، النص العبري بحروف عبرية، والنص العبري بحروف يونانية، والترجمة السبعينية، وترجمة سيماخوس، وترجمة أكويلا، وترجمة ثيؤودسيون، وكان تحت تصرفه أربعة عشر ناسخًا من الجنسين يتبعونه أينما ذهب، ولكثرة ما كتب أوريجانوس قيل أنه لا يوجد العقل البشري الذي يعي جميع ما كتب أوريجانوس.
وقال "أوريجانوس" عن الأناجيل الأربعة: " من المؤكد أن متى ومرقس ويوحنا وأيضًا لوقا بعدما امتلئوا بالروح القدس أخذوا على عاتقهم أن يكتبوا الأناجيل... فالكنيسة لديها أربعة أناجيل، في حين أن الهراطقة لديهم الكثير، يُدعى واحد منها "الإنجيل بحسب المصريين" وآخر "الإنجيل بحسب الاثنى عشر"، وأراد باسيليوس أيضًا أن يكتب إنجيلًا، وأن يدعوه بِاسمه. لقد أراد الكثيرون أن يكتبوا ولكن هناك أربعة أناجيل فقط أخذنا منها عقائدنا عن شخص ربنا ومخلصنا، وأعرف إنجيلًا يُدعى "الإنجيل بحسب متياس"، وقرأنا أناجيل كثيرة حتى لا يحسبنا الذين يتخيلون أنهم يمتلكون بعض المعرفة لمعرفتهم بهذه الكتب أننا جهلاء. ومع ذلك فمن بين كل هذه، وافقنا فقط على ما سلمته الكنيسة لنا وهيَ الأناجيل الأربعة فقط" (475).
ويقول "يوسابيوس القيصري" عن أوريجانوس: " (3) وفي كتابه الأول عن إنجيل متى، الذي يبين فيه عقيدة الكنيسة، يشهد بأنه لا يعرف سوى أربعة أناجيل، ويكتب الآتي:
(4) بين الأناجيل الأربعة، وهيَ الوحيدة التي لا نزاع بشأنها في كنيسة الله تحت السماء، عرفت من التقليد أن أولها كتبه متى، الذي كان عشارًا، ولكنه فيما بعد صار رسولًا ليسوع المسيح، وقد أُعدَّ للمتنصرين من اليهود، ونشر باللغة العبرانية.
(5) والثاني كتبه مرقس الذي كتبه وفقًا للتعليمات التي تلقاها من بطرس الذي في رسالة الجامعة يعترف به ابنًا قائلًا: تسلم عليكم التي في بابل المختارة معكم وكذا مرقس ابني.
(6) والثالث كتبه لوقا، وهو الإنجيل الذي أقرَّه بولس، وكُتب من أجل المتنصرين من الأمم. وآخر الكل الإنجيل الذي كتبه يوحنا" (6 : 25 : 3، 4، 5، 6)(476).
وعندما هاجم الفيلسوف الوثني "كلسوس" المسيحية انبرى له العلامة أوريجانوس ورد عليه بعد أن قابل مخطوطات الأناجيل الأربعة وشرحها وعلَّق عليها (راجع الأب بولس إلياس اليسوعي - يسوع المسيح - شخصيته - تعاليمه ص 8).
وطعن "علي الريس" في شهادة العلامة أوريجانوس لأنه:
أ - كان يعترف بسفر رسالة إرميا، فجاء في جدوله للأسفار القانونية: "إرميا مع المراثي والرسالة في سفر واحد اسمه إرميا (تاريخ الكنيسة ليوسابيوس 6 : 25 : 2)، ويُعلق "علي الريس": "والآن نسأل جهابذة علماء الكتاب المقدَّس من البروتستانت هل رسالة إرميا التي كان يؤمن بها "العالِم العظيم"!! (الذي أصبح ناظرًا للمدرسة اللاهوتية في سن الثامنة عشر) موجودة في الكتاب المقدَّس الذي بين يدي البروتستانت الآن؟ الإجابة طبعًا أنها غير موجودة!!. هذه الرسالة لم يكن أوريجانوس فقط يعتقد أنها سفر مُوحَى به من الأمة بل يوجد غيره الكثير من آباء الكنيسة اعتقدوا بنفس عقيدته كما تخبرنا بذلك دائرة المعارف الكتابية فتقول:
"قانونية الرسالة وقيمتها: كان الآباء اليونانيون الأوائل، يميلون – بوجه عام – إلى اعتبار الرسالة جزءًا من الأسفار القانونية، لذلك تذكر في قوائم الأسفار القانونية لأوريجانوس وأبيفانيوس وكيرلس الأورشليمي وأثناسيوس، وعليه فقد اعترف بها رسميًا في مجمع لاودكية 360م" (دائرة المعارف الكتابية جـ 1 إرميا ص 189، 190) (477).
تعليق: الحقيقة أن رسالة إرميا تمثل الفصل (الأصحاح) الخامس من سفر باروخ، وهذا السفر من الأسفار القانونية المحذوفة التي حذفها البروتستانت، وهذه الأسفار موجودة في الطبعة الكاثوليكية، وأيضًا في الترجمة العربية المشتركة، كما تطبعها كنيستنا القبطية وتوفرها للشعب، ولم يسأل علي الريس الأرثوذكس ولا الكاثوليك لأنهم يعترفون بقانونية الرسالة.
ب - لم يعترف برسالة بطرس الثانية، ولم يعترف برسالتي يوحنــا الثانيـة والثالثة (يوسابيوس 6 : 25 : 10)، وشك في نسبة رسالة العبرانيين لبولس الرسول، ولا سيما بسبب اختلاف ألفاظها وأسلوبها عن بقية رسائله" (يوسابيوس 6 : 25 : 11) (راجع تحريف مخطوطات الكتاب المقدَّس ص 13 - 15). ثم يتطرق "علي الريس" إلى وضع أوريجانوس، ورأي الكنيسة فيه، وعما إذا كان قديس عظيم وعالِم جليل أم أنه شخص هرطوقي ومحروم كما أوضح قداسة البابا شنوده في كتابه سنوات مع أسئلة الناس - أسئلة لاهوتية وعقائدية ص 131 (راجع تحريف مخطوطات الكتاب المقدَّس ص 15، 16).
تعليق: بالنسبة للجزئية الأولى من الاتهام فقد سبق الإجابة عليها، فيُرجى الرجوع إلى إجابة (س61) مع العلم بأن أوريجانوس قد اعترف بقانونية الرسالة إلى العبرانيين، وأكد أن رسائل بولس الرسول أربعة عشر بما فيها رسالة العبرانيين، فيقــول "فيليب شاف": "وينسب أوريجانوس الرسالة إلى العبرانيين، هنا ويكرر في أماكن أخرى (حوالي مئتي مرة) في أعماله، لبولس الرسول"(478).
أمَّا بالنسبة لوضع أوريجانوس في الكنيسة، فلا أحد ينكر غزارة عِلم أوريجانوس، ولكن بسبب الأخطاء التي سقط فيها تعرَّض للحرم من البابا ديمتريوس الكرام الثاني عشر، وأكد البابا ثاؤفيلس الثالث والعشرون هذا الحرم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وتحمس لذلك القديس أبيفانيوس أسقف قبرص، والقديس جيروم، كما أن الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية حرمت كل تعاليم أوريجانوس في المجمع الخامس، والمجمع السادس، وبالطبع يستحيل مناقشة قضية أوريجانوس وتوابعها بمثل هذه البساطة.
5ــ يوسابيوس القيصري (274 - 340م):
هو أسقف قيصرية وانشغل بتسجيل التاريخ الكنسي، وكان واسع الاطلاع على كتب وأقوال الآباء، وهو أسبق المؤرخين وأقدرهم، حتى أنه دُعي أبو التاريخ الكنسي، وهو أحد أعضاء مجمع نيقية، وبلغت اقتباساته من العهد الجديد أكثر من خمسة آلاف اقتباس منهم أكثر من ثلاثة آلاف اقتباس من الأناجيل، وقد وصلت لنا كتاباته كاملة، وأقرَّ يوسابيوس القيصري قائمة أسفار العهد الجديد المعترف بها في العالم كله، وتشمل الأناجيل الأربعة لمتى ومرقس ولوقا ويوحنا، وسفر الأعمال، وجميع رسائل بولس الرسول (باستثناء رسالة العبرانيين المُعترف بقانونيتها والمُختلف على مؤلفها)، ورسالتا بطرس الأولى ويوحنا الأولى. وأوضح الأسفار التي تأخر الاعتراف بها في بعض الأماكن وهيَ رسائل يعقوب، وبطرس الثانية، ويوحنـا الثانية، والثالثة، ويهوذا، وسفر الرؤيا، وهذه القائمة التي أقرَّها يوسابيوس القيصري ما زالت محفوظة في لندن، وقد سبق تدوين شهادته عن هذه الأسفار، فيُرجى الرجوع إلى إجابة (س61).
ويقول "ميلتون فيشر": " في وقت مبكر من هذا القرن بدأت الصورة تتضح، فقد أظهر يوسابيوس (270 - 340 أسقف قيصرية قبل 315) المؤرخ الكنسي العظيم، احترامه وتقديره للعهد الجديد في كتابة (Church History 3. chpts. iii – xxv) وقد أظهر بشكل مباشر حالة العهد الجديد مع بداية القرن الرابع:
(1) فقد تم الاتفاق عالميًا على عهد جديد قانوني تضمَّن الأناجيل الأربعة، سفر الأعمال، رسائل بولس (بما في ذلك العبرانيين، مع سؤال حول مؤلفه)، رسالة بطرس الأولى، رسالة يوحنا الأولى، وسفر الرؤيا.
(2) اعتراف الأغلبية، بمن فيهم يوسابيوس نفسه، ولكن اعتراض البعض على بعض الأسفار، وهيَ رسالة يعقوب، ورسالة بطرس الثانية (الأكثر إثارة للجدل) ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة، ورسالة يهوذا.
(3) أما أعمال بولس، والديداكي، وراعي هرماس فقـد تـم تصنيفهـــا على أنها "زائفة"، وكل الكتابات الأخرى أُدرجت على أنها "هرطقات منافية للعقـل.." (479).
وطعن "علي الريس" في شهادة يوسابيوس القيصري، لأنه رفض قانونية رسالة بطرس الثانية مع أنها نافعة للكثيرين، وقد سبق الرد على هذا الاتهام، مع ذكر ما قاله يوسابيوس في هذا الشأن (يوسابيوس 3 : 3 : 1)، فيُرجــى الرجــوع إلــى إجابة (س61).
أمَّا عن اقتباسات آباء القرنين الثالث والرابع من أسفار العهد الجديد القانونية فبلغت عشرات الآلاف من الاقتباسات، وحتى يمكن تصوُّر هذا الكم الهائل، دعنا يا صديقي نورد الجدول الذي أورده "جوش مكدويل" في كتابه: "برهان يتطلب قرارًا" ص 85 ويشمل اقتباسات سبعة فقط من آباء الكنيسة في هذين القرنين:
الكاتب |
الأناجيل |
أعمال الرسل |
رسائل بولس |
الرسائل العامة |
رؤيا يوحنا |
المجموع |
268 1038 1107 9231 3822 734 3258 |
10 194 44 349 502 42 211 |
43 499 1127 7778 2609 387 1592 |
6 23 207 399 120 27 88 |
3 (266) 65 11 165 205 188 27 |
330 1819 2406 17992 7258 1378 5176 |
|
المجموع الكلي |
19368 |
1352 |
14035 |
870 |
664 |
36289 |
_____
(466) ترجمة القمص مرقس داود - تاريخ الكنيسة ط (2) 1979م ص 257، 258.
(467) أورده القمص عبد المسيح بسيط - قانونية أسفار العهد الجديد ص 162، 163.
(468) الأب بولس إلياس اليسوعي - يسوع المسيح - شخصيته - تعاليمه ص 17، 18.
(469) ترجمة القمص مرقس داود - تاريخ الكنيسة ط (2) 1979م ص 302، 303.
(470) أورده القمص عبد المسيح بسيط - الوحي الإلهي واستحالة تحريف الكتاب المقدَّس ص 103.
(471) المرجع السابق ص 108.
(472) الأب بولس إلياس اليسوعي - يسوع المسيح - شخصيته - تعاليمه ص 19.
(473) تحريف مخطوطات الكتاب المقدَّس ص 31.
(474) أورده القمص عبد المسيح بسيط - الإنجيل كيف كُتب وكيف وصل إلينا؟ ص 158.
(475) أورده القمص عبد المسيح بسيط - قانونية أسفار العهد الجديد ص 174.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/65.html
تقصير الرابط:
tak.la/5qrzh88