س 61 : متى تم تحديد قانونية أسفار العهد الجديد؟ وهل تأخر الاعتراف بقانونية بعض الأسفار إلى مجمع نيقية وما بعده؟
جاء في مدخل العهد الجديد بالطبعة اليسوعية للعهد الجديد أنه تم أولًا جمع رسائل بولس الرسول بينما تأخر جمع الأناجيل: " فليس هناك قبل السنة 140 أي شهادة تثبت أن الناس عرفوا مجموعة من الفصول الإنجيلية المكتوبة... وابتدأ نحو السنة 150 عهد حاسم لتكوين قانون العهد الجديد، وكان الشهيد يوستينوس أول من ذكر أن المسيحيين يقرأون الإنجيل في اجتماعات الأحد وأنهم يعدُّونها مؤلفات الرسل... هناك عدد كبير مـن المؤلفات "الحائرة".. وكان الرسالة إلى العبرانيين والرؤيا موضوع أشد المنازعات... وقد أُنكرت صحة نسبتهما إلى الرسل إنكارًا شديدًا مدة طويلة. فأُنكرت في الغرب صحة الرسالة إلى العبرانيين وفي الشرق صحة الرؤيا. ولم تُقبل من جهة أخرى إلاَّ ببطء رسالة يوحنا الثانية والثالثة ورسالة بطرس الثانية ورسالة يهوذا" (363).
(راجع أيضًا السيد سلامة غنمي - التوراة والأناجيل بين التناقض والأساطير ص 218 - 221، ولواء أحمد عبد الوهاب - اختلافات في تراجم الكتاب المقدَّس ص 119، 120 وموريس بوكاي - القرآن الكريم والتوراة والإنجيل ص 17، 75 - 77).
ويقول "علاء أبو بكر":
س42: أبحث وتدبر: هل تعلم أنه تم اختيار هذه الأناجيل في مجمع نيقية عن طريق القرعة؟
س43: هل تعلم أنه حتى مجمع نيقية (325م) لم يُطلِق أحد على هذه الأناجيل كتاب الله أو كلمة الله، وكانت تُتلى في الكنائس من باب التعاليم المفيدة والعقيدة" (364).
س181: لماذا اختار الروح القدس الكتب المقدَّسة في عام 325م، وما الموانع التي أعاقته لاختيارها قبل ذلك" (365).
س264: هل سيكون حساب من ماتوا قبل عام 325م حيث أقرَّت الكنيسة الكاثوليكية الكتب المقدَّسة القانونية ورفضت الباقي؟ هل هم في الجنة أم في النار" (366).
س401: هل تعلم: أن مجمع نيقية أقرَّ بوحي الأناجيل الأربعة بالاقتراع؟ وهل تعلم: أنه هو الذي قرَّر أي كتب تُعتبر إلهيَّة وأيهما شيطانية أو بشرية؟ وهل تعلم: أن هذا المجمع لم يقرُّ من الرسائل الاثنين والعشرين إلاَّ رسالتين فقط هما رسالة بطرس الأولى ورسالة يوحنا الأولى ورفض ما عداها" (367).
وجاء في س136:.. وأخرج القانون الموراتوري رؤيا يوحنا من القانون الذي سبقه، واعتبرها مشكوكًا في صحتها، ولم يذكر رسالة يعقوب وأضاف رؤيا بطرس، التي حذفت من قانون الكتاب المقدَّس الحالي. وليس قبل بداية عام 405م كتب البابا أيونوسنت الأول إلى أسقف طواوز، وذكر تلك الكتب التي تكون العهد الجديد الحالي. وقد أمَّن مجمع فلورانس عام 1442م على هذا الاختيار، وأكده مجمع ترنت عام 1546م، فهل إلى عام 1546م كان هناك تباحث في محتويات كتُب العهد الجديد حتى يؤكده مجمع ترينت؟ أنها كارثة بكل المقاييس!" (368).
ويقول "الدكتور عبد الغني عبود" وقد: " اعتمد آباء الكنيسة أربع نسخ منها، بالاقتراع، أي بكثرة الأصوات وهيَ إنجيل متى، إنجيل مرقس، إنجيل لوقا، إنجيل يوحنا مع طائفة من أقوال الرسل المدوَّنة في العهــد الجديــد" (المسيح والمسيحية والإسلام ص 117) (369).
ويقول "أحمد عبد الغفار عطار": " أن الأناجيل المختارة لم يكن اختيارها قائمًا على أساس البحث العلمي والدراسة والنقد، ولم يكن بوحي من السماء، أو أمـر من المسيح (عليه السلام)، بل اُختيرت بالاقتراع أي بكثرة الأصوات من قِبل آباء الكنيسة... وهذه العملية نفسها تدل على إبعاد العقل والدين في الاختيار، وعلى أي حال فعملية الاقتراع برهان على أن الاختيار لم يكن مبنيًا على أساس صحيح، لأنه فُرض في جميعها عندما دخلت حلبة الاقتراع الصلاحية حتــى فازت الأربعــة بالاقتراع" (الديانات والعقائد ط1 - ص 499-500) (370).
ويقول "الدكتور منذر الحايك": "وقبل أن ينعقد مجمع نيقية المسكوني الأول كانت الأناجيل مدوَّنات متفرقة بأيدي الناس وفي الكنائس، وتنسب كل منها لواحد من تلاميذ المسيح أو أتباعهم، وبلغ عدد الأناجيل الأساسية أكثر من ستين وكل منها كان برواية مختلفة.
كان أحد أهم قرارات مجمع نيقية أن يقرر: أي من هذه الأناجيل هو الكتاب المقدَّس للديانة المسيحية، والأناجيل التي تم قبولها في المجمع أربعة فقط هيَ: متى، مرقس، يوحنا، ولوقا" (371).
وإن كان "الدكتور منذر الحايك" جعل الأناجيل المختلف عليها ستين، فإن "علي زلماط " في نفس المرجع رفع العدد إلى المئات، فيقول: "وباتفاق علماء المسيحية أن هذه الأناجيل قد تم اختيارها ابتداءً لتكون المرجع والأساس والكتاب المقدَّس للكنيسة والمؤمنين، في القرن الرابع الميلادي سنة 325م، أثناء انعقاد مجمع نيقية الذي جاء لتحديد العقيدة الرسمية والكتاب المقدَّس من بين مئات الأناجيل، المنتشرة بين الناس ومختلف الطوائف والفِرق آنذاك".
ويقول "الإمام محمد أبو زهرة" عن مجمع نيقية: " أمره بتحريق ما يخالفه: إن المجمع أمر بتحريق الكتب التي تخالف رأيه، وتتبُّعها في كل مكان، وحثَّ الناس على تحريم قراءتها... ولعل المجمع مخطئ في ذلك التحريم، وآثم في ذلك التحريق، بل أن المجامع العامة من بعد أن خطأته، فأعادت إلى حظيرة التقديس كتبًا حرَّمها، وأخرجت من البلى كتبًا حرقها، وقد حرَّم كتبًا من العهد القديم، ولم يعترف بها فاعترفت به المجامع المسيحية من بعده، وحرَّم من كتب النصارى المعتبرة الآن: رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين، والرسالة الثانية لبطرس، والرسالة الثانية والثالثة ليوحنا ورسالة يعقوب ورسالة يهوذا. ومشاهدات يوحنا، ولكن المجامع من بعد أقرتها وأجمعت عليه"(372) (راجع أيضًا نفس المرجع ص 105).
ويقول "نبيل نيقولا چورج": " قرار مجمع نيقية عام 325م، الذي أمــر فيـه "قسطنطين" الإمبراطور الروماني، بحرق جميع نسخ إنجيل المسيح (عليه السلام)، وإقرار أربعة كُتب أخرى من أصل عدة كتب كانت تُعرف آنذاك، فأطلق عليها كلمة إنجيل بدلًا من إنجيل المسيح (عليه السلام) فاعتبرها النصارى منذ ذلك الوقت هذا إنجيل المسيح نفسه" (373).
ويقول "دكتور محمد عبد الله الشرقاوي" أن هناك عدة قوائم لأسفار العهد الجديد اختلف ترتيب الأسفار فيها اختلافًا بيّنًا، فبينما قرَّر مجمع روما سنة 382م برعاية البابا ديماسوس ترتيب الأسفار كالآتي: الأناجيل الأربعة (متى، مرقس، لوقا، ويوحنا) ثم رسائل بولس الأربعة عشر، ثم رؤيا يوحنا، ثم أعمال الحواريين (سفر الأعمال) ثم الرسائل الكاثوليكية أو الجامعة، قرَّر مجمع ترنت سنة 1546م ترتيب الأسفار كالآتي: الأناجيل الأربعة (متى، ومرقس، ولوقا، ويوحنا)، ثم سفر أعمال الحواريين، ثم رسائل بولس الأربعة عشر، ثم الرسائل الكاثوليكية ثم رؤيا يوحنا. أمَّا أقدم ترتيب الذي وضعه البابا أثناسيوس فكان: الأناجيل الأربعة (متى، ومرقس، ولوقا، ويوحنا)، ثم سفر أعمال الحواريين، ثم الرسائل السبع الكاثوليكية، ثم رسائل بولس الرسول الأربعة عشر، ويختلف ترتيب رسائل بولس الرسول بين كل قائمة وأخرى اختلافًا كبيرًا كما يقول "دكتور محمد عبد الله شرقاوي" أن مجمع نيقية انعقد سنة 325م لتحقيق الأمر في الكتب المشكوك في قداستها، وبعض الأسفار التي لم يقرها مجمع نيقية، أقر مجمع لودسيا سنة 364م ستة منها وهيَ (يع، 2بط، 2يو، 3يو، يه، عب)، ثم أقرّ مجمع قرطاج سنة 397م سفر الرؤيا. (راجع نقد التوراة والأناجيل الأربعة ص 30 - 34، والسيد سلامة غنمي - التوراة والأناجيل بين التناقض والأساطير ص 385، 387).
ج : وُلِدت الكنيسة في يوم الخمسين من قيامة السيد المسيح من بين الأموات، وانتشر الإيمان المسيحي بقوة عجيبة وسرعة رهيبة، حتى بلغ ربوع المسكونة في سنوات قليلة، وظلت الكنيسة نحو خمسة وعشرين عامًا لا تمتلك إنجيلًا واحدًا مكتوبًا، إنما عاشت وشبعت وارتوت من كرازة الآباء الرسل وخلفائهم عن طريق الإنجيل الشفاهي، ودوَّن بولس الرسول الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيكي نحو 49/50م فكانت السفر الأول من جهة الترتيب الزمني من أسفار العهد الجديد، وتوالى تدوين الأسفار المقدَّسة حتى سفر الرؤيا قرب نهاية القرن الأول الميلادي، وكل رسالة أو إنجيل كان يدوَّن، سريعًا ما كان ينتشر ويعم الآفاق، فكان المؤمنون بمجرد أن يتلقفوا أي رسالة أو إنجيل، على الفور يقارنونه بما عرفوه من التقليد الشفاهي الذي حفظوه في قلوبهم بدقة عجيبة، فإن توافق يقبلونه، وإن اختلف ولو اختلافًا طفيفًا، فعلى الفور يرفضونه، فقد حفظوا وصية بولس الرسول للغلاطيين: " إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا" (غل 1 : 9)، وقـال "كاسبر جيرجوري": " وحينما كان يتم استلام إنجيل فقد كان المسيحيون يقارنوا محتواه مع ما سمعوه شفويًا بالفم" (374).
ولم يتم تحديد قانونية الأسفار السبعة والعشرين الخاصة بالعهد الجديد دفعة واحدة، إنما تم ذلك على دفعات، واستغرق وقتًا طويلًا، ولم يكن الأمر سهلًا بالنسبة لبعض الأسفار التي احتاجت وقتًا طويلًا لإقرار قانونيتها، وقد رفضت الكنيسة كم ضخم من كتب أبو كريفا المزيفة، والتي حملت أسماء الآباء الرسل كنوع من الخداع، وكان لا بد من الفرز الدقيق جدًا، والإجماع العام على قانونية كل سفر على حدة، ولذلك استغرقت بعض الأسفار نحو قرنين من الزمان لإقرار قانونيتها، وهذا لا يعد عيبًا ولا عوارًا، إنما يكشف عن مدى أمانة ودقة وجدية المسيحيين في تقرير قانونية سفر معين، وربما هجوم الإخوة النقّاد المسلمين لتأخر الاعتراف بقانونية بعض الأسفار أنهم لم يعتادوا هذا في جمع القرآن، إذ كان يكفي شهادة رجلين لتدوين أي آية أو فقرة، وقال زيد بن ثابت الذي جمع القرآن أنه وجد آخر سورة التوبة (التوبة 9 : 28) حتى خاتمة براءة مع أبي خزيمة الأنصاري فقط، فقال أبو بكر: " أكتبوها، فإن رسول الله قد جعل شهادته بشهادة رجلين" (الإتقان 1 : 206)، وفي رواية سالم مولى أبي حذيقة، قال لأصحابه: التمسوا له اسمًا، فقال بعضهم سموه إنجيلًا، فكرهوه، وقال بعضهم: سموه السفر، فكرهوه من يهود، فقال عبد الله بـن مسعود: رأيت للحبشة كتابًا يدعونه المصحف، فسموه به. (محاضرات الأدباء مجلد 2 جـ 4 ص 433، فتح الباري 9 : 13، تاريخ الخلفاء : 77، والبرهان للزركشي 1 : 281، والتمهيد في علوم القرآن 1 : 246).
مرَّ
إقرار قانونية أسفار العهد الجديد بعدة مراحل:
أولًا: رسائل بولس الرسول
ثانيًا: الأناجيل
الأربعة وسفر الأعمال
ثالثًا: رسالتي
بطرس الأولى ويوحنا الأولى
رابعًا:
الأسفار السبعة التي تأخر الاعتراف بها:
1ــ
الرسالة إلى العبرانيين
2ــ رسالة
يعقوب
3ـــ
رسالة بطرس الثانية
4، 5 -
رسالتا يوحنا الثانية
والثالثة
6ــ رسالة
يهوذا
7ــ رؤيا يوحنا
دوَّن بولس الرسول أول سفر في العهد الجديد وهو رسالته الأولى لأهل تسالونيكي نحو سنة 49/50م.، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ثم توالت رسائله، وجاءت آخرها رسالته الثانية إلى تيموثاوس قبيل استشهاده في 12 يوليو 67م، ومع أن هذه الرسائل كتبت لتعالج ظروف خاصة بكل كنيسة والإجابة على الأسئلة المثارة ومعالجة المشاكل الخاصة بشعب هذه الكنيسة، وأيضًا للحض على مواصلة الجهاد الروحي، وحملت أجمل النصائح والوصايا، لكن في مجملها حملت الطابع المؤقت للمكان والزمان، إلاَّ أن المؤمنين في كل مكان رأوا فيها فوائد روحية عظيمة وخبرات تصلح لكل زمان ومكان، فانتشرت هذه الرسائل على مستوى الكنيسة الجامعة، وشجع بولس الرسول أولاده على تداول هذه الرسائـل معًا (كو 4 : 16)، ومن الملاحظ أن بولس الرسول لم يشر للأناجيل الأربعة، وما اقتبسه من أقوال السيد المسيح اقتبسه من الإنجيل الشفاهي، فقال لقسوس أفسس: " مُتَذَكِّرِينَ كَلِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ أَنَّهُ قَالَ مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ" (أع 20 : 35) مع أن هذا القول لم يدوَّن في الأناجيل المكتوبة، لكنه كان معروفًا من خلال كرازة الآباء الرسل.
وجمعت رسائل بولس الرسول وانتشرت وصارت معروفة لدى المؤمنين، وكانت تحت يد بطرس الرسول الذي كتب عنها، وساوى بينها وبين أسفار العهد القديم (2بط 3 : 15، 16) ويقول "دكتور إدوار ج. يونج": " تلك الملاحظة المباركة التي ذكرها الرسول بطرس عن رسائل بولس، إذ وصفها وهو يتحدث عنها: "كباقي الكتب" في عداد أجزاء الكتاب المقدَّس... بل تقدَّم أكثر من ذلك في جراءة بالغة ليقرّر أن مَن يحرف تفسيرها، إنما يفعل ذلك لهلاك نفسه، ويا له من تعبير مفزع ورهيب، فإن الكتب المقدَّسة عند بطرس ذات أهمية مطلقة كاملة، إلى الدرجة أن من يحرف تفسيرها، يُعرض نفسه للهلاك والضياع الأبدي، ولسنا نظن أن هناك لغة يمكن أن تكون أعلى من هذه فـي وصــف رسائل بولس"(375).
ويقول "يوسابيوس القيصري": " وأما رسائل بولس الأربعة عشرة فهيَ معرفة ولا نزاع عليها. وليس من الأمانة التغاضي عن هذه الحقيقة وهيَ أن البعض رفضوا رسالة العبرانيين قائلين أن كنيسة روما تشكَّكت فيها علــى أساس أن بولس لــم يكتبها" (3 : 3 : 5) (376).
فقد كان الوعي المسيحي يدرك ما في هذه الرسائل من فوائد جزيلة فاحتفظوا بها وحافظوا عليها، بل أنهم حافظوا على كتابات الآباء الرسوليين تلاميذ الرسل، فالشهيد بوليكاريوس في القرن الثاني الميلادي يقول لأهل فيلبي: " أن رسائل أغناطيوس التي أُرسلت منه إلينا، وغيرها أيضًا كثير مما لدينا، فقد بعثنا بها إليكم حسب طلبكم، وأرفقناها بهذه الرسالة التي منها ستحصلون على منفعة جزيلــة" (رسالـة بوليكاربوس إلى فيلبي 13)(377).." ويشهد القديس غريغوريوس أنه كان لدى القديس بوليكاربوس جميع رسائل بولس الرسول، ورسالة بطرس الأولى، ورسالة يوحنا الأولى، وإنجيل متى وربما بقية الأناجيل الأربعة" (378).
ويرى البعض أن الذي قام بجمع رسائل بولس الرسول، هو "أنسيمس" العبد الهارب من سيده فليمون، وقد صار أسقفًا، وأُقرّت قانونية رسائل بولس الرسول باستثناء الرسالة إلى العبرانيين فقط، ليس بسبب أي اعتراض على الرسالة، ولكن لصعوبة نسبتها لبولس الرسول، الذي إعتاد أن يكتب اسمه في رسائله، ولكن إذ كتب هذه الرسالة لليهود، ولا أحد يجهل مدى عداوة اليهود له، لذلك فضَّل أن لا يذكر اسمه في هذه الرسالة، حتى لا يحجم اليهود عن قراءتها، وقُبلت هذه الرسالة مبكرًا في المشرق، ولكن تأخر قبولها في الغرب وقتًا طويلًا، حتى نُفي البابا أثناسيوس الرسولي إلى أتريف بفرنسا، وأقنع الغرب بقبولها، فقبلها الغرب متأخرًا. إذًا هناك ثلاثة عشر رسالة لبولس الرسول استقرت قانونيتها في القرن الأول الميلادي، وتأخر إقرار قانونية رسالة العبرانيين.
كان مارمرقس أول مَن كتب إنجيله من الأناجيل الأربعة، وبالطبع كتبه قبل استشهاده في 8 مايو 68م، ويقول "يوسابيوس القيصري" عن إنجيل مرقس: " (1) وهكذا عندما ذاعت الكلمة الإلهيَّة بينهم انطفأت قوة سيمون وتلاشت كما تلاشى الشخص نفسه. وأضاء جلال التقوى عقول سامعي بطرس لدرجة أنهم لم يكتفوا أن يسمعوا مرة واحدة فقط، ولم يقتنعوا بتعاليم الإنجيل الإلهي غير المكتوب، بل توسلوا بكل أنواع التوسلات إلى مرقس، أحد تابعي بطرس، والذي لا يزال إنجيله بين أيدينا. لكي يترك لهم أثرًا مكتوبًا عن التعاليم التي سبق أن وصلتهم شفويًا. ولم يكفُّوا حتى تغلبوا على الرجل، وهكذا سنحت الفرصة لكتابة الإنجيل الذي يحمل اسم مرقس.
(2) ويقولون أن بطرس عندما علم بوحي من الروح بما حدث أسَرَتهُ غيرة هؤلاء الناس، وأن السفر نال موافقته لاستعماله في الكنائس. وقد أيد هذه الرواية أكليمنضس في الكتاب الثامن من مؤلَّفه "وصف المناظر"، واتفق معه أيضًا أسقف هيرابوليس المُسمى بأبيـاس" (2: 15 : 1، 2) (379).
ثم تبع مارمرقس القديس متى بكتابة إنجيله، ثم لوقا الإنجيلي الذي كتب إنجيله وأيضًا سفر الأعمال، ودعيت الأناجيل الثلاثة هذه بالأناجيل الإزائية أو المتشابهة نظرًا لتشابهها إلى حد كبير في الخطوط الرئيسية، وقُبِلت هذه الأناجيل عقب كتابتها لأنها جاءت مطابقة تمامًا للإنجيل الشفاهي الذي تعلمته الكنيسة واستقر في وجدانها، وقبيل نهاية القرن الأول كتب يوحنا الحبيب إنجيله وكان تحت يده الأناجيل الإزائية فيقول "يوسابيوس القيصري" أن متى كتب إنجيله للعبرانيين: " (7) وبعد أن نشر مرقس ولوقا إنجيليهما يُقال أن يوحنا: الذي صرف كل وقته في نشر الإنجيل شفويًا، بدأ أخيرًا يكتب للسبب التالي: أن الأناجيل الثلاثة السابق ذكرها إذ وصلت إلى أيدي الجميع، وإلى يديه أيضًا، يقولون أنه قبلها وشهد لصحتها، ولكن كان ينقصها وصف أعمال المسيح من بداية خدمته. (8) وهذا صحيح، لأنه واضح أن الإنجيليين الثلاثة دوَّنوا الأعمال التي فعلها المخلص بعد سجن يوحنا المعمدان بسنة، وبينوا هذا في بداية رواياتهم... (11) ولذلك يقولون أن يوحنا الرسول إذ طلب منه كتابة إنجيله لهذا السبب دوَّن فيه وصفًا للفترة التي تجنبها الإنجيليون السابقون... أنه وضح هذا في الكلمات التالية: هذه بداية الآيات فعلا يســوع.." (3 : 24 : 7، 8، 11) (380).
وقبلت الكنيسة إنجيل يوحنا، والأمر العجيب سرعة انتشار هذه الأناجيل، فوُجِدت في مصر قبل نهاية القرن الأول بشهادة "فيلو" المؤرخ اليهودي السكندري، وكان فيلو معاصرًا للرسل، فقال يوسابيوس القيصري: " ويُقال أيضًا أن فيلو في عهد كلوديوس تعرَّف في روما ببطرس الذي كان يكرز هناك وقتئذ" (2 : 17 : 1) (381).
وعندما تحدث "يوسابيوس القيصري" عن تجمعات المسيحيين على بحيرة مريوط يقرأون ويفسرون أسفار العهد الجديد، يقول: " ويبدو أن هذه الأمور قد رواها شخص سمعهم يفسرون كتاباتهم المقدَّسة، ولكن المرجَّح جدًا أن مؤلفات القدماء – التي يقول أنها كانت عندهم – هيَ الأناجيل وكتابات الرسل، وربما تفسير بعض النبوات القديمة، كما تتضمنه الرسالة إلى العبرانيين والكثير من رسائل بولس" (2 : 17 : 12) (382).
كما عثر في مصر على البردية P52 التي تشمل بعض الآيات عن إنجيل يوحنا، ويرجع تاريخ هذه البردية إلى الفترة من (125 - 150م)، فقد انتشرت الأناجيل انتشارًا واسعًا أكثر من رسائل بولس الرسول، لأن الأناجيل حوت أقوال وتعاليم وأعمال السيد المسيح، أمَّا الرسائل فهيَ صدى وشرح لتعاليم الرب يسوع، وقد ضُمَّ إنجيل يوحنا للأناجيل الثلاثة نحو 120م، وفي سنة 150م شهد يوستين أن الكنيسة في صلواتها الليتورجية كانت تقرأ أثناء عبادتها من مذكرات الرسل أي من الأناجيل، ومع بداية القرن الثاني كانت قد أُقرّت قانونية الأناجيل الأربعة وأيضًا أعمال الحواريين أي سفر الأعمال.
ويقول "ديفيد أ. ده سيلفا": " بحلول نهاية القرن الثاني كانت الأناجيل الأربعة قد ترسخت وأصبحت واسعة القبول، ولقد حظى إنجيل متى بأوسع وأكثر قبول في المجتمع المسيحي. ولقد سبق الاستشهاد به كسفر مقدَّس من قِبل أكليمنضس الذي من روما (في أواخر القرن الأول)، ومن قِبل أغناطيوس الذي من أنطاكية (في أوائل القرن الثاني). كما حصلا إنجيلا مرقس ولوقا اعترافًا واسعًا في وقت مُبكر من العملية. أما إنجيل يوحنا فواجه صعوبة أكبر في كسب القبول على الصعيد الأوسع للكنيسة وراء حدود آسيا الصغرى. جزئيًا بسبب أن المسيحيين الغنوسيين وجدوا فيه مساعدًا على نشر نظامهم" (383).
ويؤكد "عباس محمود العقاد" أن الأناجيل تم إقرارها في القرن الأول الميلادي، فيقول: " الإنجيل كلمة يونانية بمعنى الخبر السعيد أو البشارة، وقد تداول المسيحيون في القرن الأول عشرات النسخ من الأناجيل، ثم اعتمد آباء الكنيسة أربع نسخ منها بالاقتراع – أي بكثرة الأصوات – وهيَ إنجيل مرقس وإنجيل متى وإنجيل لوقا وإنجيل يوحنا، مع طائفة من أقوال الرسل المدوَّنة في العهد الجديد" (384).
والحقيقة أن قانونية الأناجيل الأربعة قد أُقرت فعلًا مع نهاية القرن الأول الميلادي طبقًا للمعايير القانونية الخمسة التي سبق التعرُّف عليها (راجع س 29)، والأمر كان موضوعيًا، وليس آراء شخصية يعبر عنها بالاقتراع ويُؤخذ رأي الأغلبية، بل الرأي بالإجماع فالسفر التي تنطبق عليه معايير القانونية الخمسة وتتفق مع الإنجيل الشفاهي الذي تسلمته الكنيسة كتقليد مقدَّس من الآباء الرسل، يتم الاعتراف به، والسفر الذي يُشك في قانونيته يُنحَى جانبًا، وطالما رفضت الكنيسة عشرات الأناجيل الأبو كريفا المزيفة.
والأمر العجيب أن تأتي "دكتورة سارة بنت حامد" وتُخطئ عملاق الأدب العربي الأستاذ الكبير عباس العقاد، وتقول: "وبدون شك يظهر فساد هذا القول (قول العقاد) وفيما ذكرناه مما سبق الكفاية في إظهار مدى خطئه إذ أن اختيار الأربع نسخ لم يكن بالاقتراع ولا بكثرة الأصوات بل على العكس هو الصحيح، فقد كانت الكثرة الكاثرة في مجمع نيقية عام 325م من القائلين بالتوحيـد، وأن المسيح عليه السلام ليس إلاَّ بشرًا ورسولًا، ولكن الجبروت والسلطان من قبل الإمبراطور الروماني انحاز إلى القائلين بألوهية المسيح، وبذلك حُظرت قراءة الأناجيل الأخرى والتي تقول بالوحدانية (كعقيدة أصلية للنصارى) بل وأمر بإحراقها" (385). وقد تجاهلت هذه الدكتورة أن مجمع نيقية لم يُعقد لإقرار قانونية الأناجيل التي استقرت منذ نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني، وتغافلت أن مجمع نيقية عُقد بسبب بدعة أريوس الذي طعن في ألوهية المسيح، وتجاهلت أن جميع المسيحيين الذي حضروا مجمع نيقية حتى أريوس وأتباعه جميعًا بلا استثناء يعترفون ويقرون بوحدانية الله، وأن مجمع نيقية لم يأمر بحرق أية أناجيل... إلخ.
وقد أُقرّت قانونية رسالة بطرس الأولى بدون أي عائق قبل استشهاده سنة 68م، وكذلك أُقرت قانونية رسالة يوحنا الأولى قبل رحيله من هذا العالم، فهاتين الرسالتين أُقرّت قانونيتهما قبل نهاية القرن الأول.
وبذلك صارت الأسفار التي أُقرّت قانونيتها مع بداية القرن الثاني عشرون سفرًا تشمل الأناجيل الأربعة، وسفر الأعمال، وثلاثة عشر رسالة لبولس الرسول، ورسالة بطرس الأولى، ورسالة يوحنا الأولى، فقد قُبلت هذه الأسفار من الكنيسة الجامعة الرسولية في شتى بقاع المسكونة شرقًا وغربًا، بلا نقاش ولا مجادلة ولا دمدمة، وهذه الأسفار كانت كافية جدًا للإيمان المسيحي بجميع جوانبه، فلا توجد أي عقيدة إيمانية خارج إطار هذه الأسفار.
ويقول "يوسابيوس القيصري": " (1) وطالما كنا بصدد البحث في هذا الموضوع فمن المناسب أن تحصي كتابات العهد الجديد السابق ذكرها. وأول كل شيء إذًا يجب أن توضع الأناجيل الأربعة، يليها سفر أعمال الرسل.
(2) بعد هذا يجب وضع رسائل بولس، ويليها في الترتيب رسالة يوحنا الأولى التي بين أيدينا، وأيضًا رسالة بطرس. بعد ذلك توضع (إن كان ذلك مناسبًا حقًا) رؤيا يوحنا التي سنبين الآراء المختلفة عنها في الوقت المناسب. هذه إذًا هيَ جميعها ضمن الأسفار المقبولة.
(3) أما الأسفار المتنازع عليها، المعترف بها من الكثيرين بالرغم من هذا، فبين أيدينا الرسالة التي تُسمى رسالة يعقوب ورسالة يهوذا وأيضًا رسالة بطرس الثانية، والرسالتان اللتان يُطلق عليهما رسالتا يوحنا الثانية والثالثة، سواء انتسبتا إلى الإنجيلي (يوحنا) أو إلى شخص آخر بنفس الاسم" (3 : 25 : 1-3)(386).
وهذه الأسفار هيَ رسائل العبرانيين، ويعقوب، وبطرس الثانية، ويوحنا الثانية، ويوحنا الثالثة، ويهوذا بالإضافـة إلى سفر الرؤيا، ويقول "ميلتون فيشر": "صحيح أن بعض الرسائل القصيرة قد تعرضت للمساءلة حول صحتها في بعض الأماكن لحوالي خمسين سنة أخرى (100 - 150م)، ولكن كان هذا فقط بسبب عدم تأكدهم من كاتبها، وهذا يشير إلى أن القبول لم تفرضه أعمال المجامع لكنه كان يحدث بصورة تلقائية من خلال استجابة طبيعية من جانب أولئك الذين قد عرفوا حقائق عن أصل الرسالة ومؤلفها" (387).
وسبب تأخر الاعتراف بها ليس الشك في محتـوى الرسالة، ولكن الإبهام الذي يحيط بِاسم مؤلفها، فاعترف البعض بصحة نسبتها إلى بولس الرسول الذي تعمد عدم ذكر اسمه حتى يقبلها اليهود الذين يناصبونه العداء وطالما اضطهدوه وأثاروا في وجهه القلاقل، فقبلوا الرسالة، والبعض الآخر أنكر نسبتها لبولس الرسول، فلم يقبلها، وبالأكثر قُبلت الرسالة في الشرق مبكرًا، وتأخر قبولها في الغرب حتى القرن الرابع عندما نُفي البابا أثناسيوس الرسولي إلى تريف بفرنسا فاستطاع أن يقنع الغرب بصحة نسبتها لبولس الرسول، فقُبلت، وقد وُجِدت الرسالة ضمن تسع رسائل في البردية (P46) والتي يرجع تاريخها إلى الفترة من 85-105م، وهيَ أقدم مخطوطة لرسائل بولس الرسول.
وقد تم الاعتراف بقانونية الرسالة في مجمع لاودكية سنة 363م، ومجمع هيبو سنة 393م، ومجمع قرطاجنة الأول سنة 397م، ومجمع قرطاجنة الثانية سنة 419م، حيث كان لأُغسطينوس دور بارز في إقرار قانونية كل من رسالة العبرانيين، وسفر الرؤيا، وضمت الترجمة السريانية (البشيتا) هذه الرسالة، وأيضًا ترجمة الفولجاتا (الشعبية) التي قام بها القديس جيروم، وذكرها ضمن الأسفار المقدَّسة أوريجانوس، والبابا أثناسيوس الرسولي، ويوسابيوس القيصري، وكيرلس الأورشليمي.
وأيضًا يرجع سبب التأخر في إقرار قانونية هذه الرسالة عدم التأكد من كاتبها، وعما إذا كان يعقوب الرسول أم يعقوب أخو الرب؟ وأيضًا هذه الرسالة قُبلت مبكرًا في الشرق وتأخر قبولها في الغرب، ولا سيما أنها ركزت بدرجة كبيرة على الأعمال، بينما ركز بولس الرسول، ولا سيما في رسالته إلى رومية على الإيمان، وقد أدرجت ضمن وثيقة موراتوري سنة 170م، واقتبس منها جيروم وأُغسطينوس، وعندما تم التأكد أنها تُكمل رسائل بولس الرسول ولا تناقضها قُبلت في الغرب أيضًا، وفي القرن السادس عشر حاول مارتن لوثر حذفها لتركيزها على الأعمال، ولكنه عجز عن فعل هذا.
وسبب تأخر الاعتراف بها اختلاف أسلوبها عن الرسالة الأولى لبطرس الرسول، وبينما أملى بطرس الرسول رسالته الأولى لتلميذه سلوانس، كتب هو الرسالة الثانية بخط يده، ووجدت الرسالة ضمن مخطوطات قديمة مثل البردية (P72) التي ترجع للقرن الثالث الميلادي، وحوت الترجمة القبطية هذه الرسالة، واقتبس منها أكليمنضس السكندري، وأوريجانوس، بل اقتبست منها رسالة برنابا التي يرجع تاريخها إلى القرن الأول الميلادي.
وقد أوضح "يوسابيوس القيصري" أنها نافعة وقد استعملت مع الأسفار القانونية فيقول: " أن رسالة بطرس الأولى مُعترف بصحتها. وقد استعملها الشيوخ الأقدمون في كتابتهم كسفر لا يقبل أي نزاع. على أننا علمنا بأن رسالته الثانية الموجودة بين أيدينا الآن ليست ضمن الأسفار القانونية، ولكنها مع ذلك، إذ اتضحت (أنها) نافعة للكثيرين فقد استعملت مع باقي الأسفار" (3 : 3 : 1) (388).. ويقول "القمص مرقس داود": " لقد أجمعت كل الكنائس على قانونية هذه الرسالة، وقد أشار إليها "فرمليان" أسقف قيصرية كبدوكية في القرن الثالث، وأكليمنضس الإسكندري وكثيرون غيرهما" (389).
وسبب تأخر الاعتراف بهاتين الرسالتين أن اسم يوحنا لم يرد فيهما بشكل واضح، بل دعى نفسه بالشيخ، مع أن أسلوبهما لا يختلف عن أسلوب يوحنا الحبيب، ولأن بوليكاربوس تلميذ يوحنا والأقرب إليه يعرف جيدًا أن معلمه هو كاتبهما، لذلك اقتبس منهما على أنهما سفران مقدسان، كما أدرجت الرسالتان في وثيقة موراتوري، وضمتهما الترجمة اللاتينية.
ربما سبب التأخر في الاعتراف بها أنها اقتبست من سفر أخنوخ وهو ليس من الأسفار القانونية، والحقيقة أن يهوذا اقتبس ما هو كان سائدًا في التقليد اليهودي، وهو يشبه اقتباس بولس الرسول من الشعراء اليونانيين: " كَمَا قَالَ بَعْضُ شُعَرَائِكُمْ أَيْضًا: لأَنَّنَا أَيْضًا ذُرِّيَّتُهُ" (أع 17 : 28). وقد اقتبس منها إيرينيؤس وأكليمنضس السكندري وترتليان، وأُدرجت في وثيقة موراتوري، ووُجِدت في مخطوطة البردية (P72) مما يؤكد استخدامها في مصر مع رسالة بطرس الثانية.
تأخر الاعتراف بما في الشرق بسبب ما تصوره البعض أن السفر يتكلّم عن مُلك ألفي مادي، كما كان هناك شك في نسبة السفر ليوحنا الإنجيلي (راجع الأب چورج سابا - على عتبة الكتاب المقدَّس ص 189)، وأيضًا أكثر أصحاب البدعة المونتانية من الاقتباس من هذا السفر، فهاجم السفر ديوناسيوس السكندري في منتصف القرن الثالث، بينما دافع عن قانونية السفر البابا أثناسيوس الرسولي، والقديس جيروم وأُغسطينوس. وكتب "يوسابيوس" فصلًا كاملًا يُمحّص فيه سفر الرؤيا ويذكر بعض الآراء، فقال فيمــا قال: " (1).. لقد رفض البعض ممن سبقونا السفر وتحاشوه كلية، منتقدينه أصحاحًا أصحاحًا، ومدعين بأنه بلا معنى وعديم البراهين، وقائلين بأن عنوانه مزور.
(2) لأنهم يقولون أنه ليس من تصنيف يوحنا، ولا هو رؤيا، لأنه يحجبه حجاب كثيف من الغموض ويؤكدون أنه لم يكتبه أي واحد من الرسل، أو القديسين، أو أي واحد من رجال الكنيسة...
(4) على أنني لم أتجاسر أن أرفض السفر لأن الكثيرين من الإخوة كانوا يجلُّونه جدًا، ولكنني أعتبر أنه فوق إدراكي، وأن في كل جزء معاني عجيبة جدًا مختفية لأنني إن كنت لا أفهم الكلمات فأظن أن وراءها معنى أعمق.
(5) وأنني لا أريد أن أقيسها أو أحكم عليها بعقلي، بل أعتبرها أعلى من أن أدركها تاركًا مجالًا أوسع للإيمان. ولست أرفض ما لا أدركه، بل بالعكس أتعجب لأنني لا أفهمه...
(7).. وأوافق أيضًا أنه من تصنيف رجل قديس مُلهم بالروح القدس.." (7 : 25) (390).
وراح يُقارن بين سفر الرؤيا وكتابات يوحنا الإنجيلي الذي لم يعلن عن نفسه في الإنجيل ولا في رسائله، بينما كاتب سفر الرؤيا يعلن عن نفسه... إلخ.
ولم يذكر "مجمع لادوكية" سنة 363م اسم سفر الرؤيا ضمن الأسفار المقدَّسة فقد حدَّد القانون (60) من قوانين مجمع لاودكية ستة وعشرين سفرًا، ولم يذكر سفر الرؤيا لأن هرطقة مونتانوس أفرطت في استخدام هذا السفر، لذلك رأى مجمع لادوكية أن لا يقرأ في الكنيسة.
وأيضًا لم يرد سفر الرؤيا في "قائمة القديس كيرلس الأورشليمي" سنة 350م، ويقول "مايكل مارلو": " أن حذف سفر الرؤيا من قائمة كيرلس أسقف أورشليم يرجع إلى رد الفعل العام ضد هذا الكتاب في الشرق نتيجة الاستخدام المفرط له بواسطة طائفة المونتانيين" (391). كما يقول "سام شامون": " أن كيرلس قبل 26 سفرًا من السبعة والعشرين كأسفار قانونية. الكتاب الوحيد الذي لم يذكره هو سفر الرؤيا. ويبدو أن السبب في حذف سفر الرؤيا هو الاستخدام المفرط له من قِبل طائفة المونتانيين وكان هذا هو السبب أيضًا وراء رفض الآباء الآخرين للرؤيا" (392).
وقد " استطاع أمبروسيوس أسقف ميلانو، وروفينوس المؤرخ الكنسي، وجيروم الناسك والمؤرخ، وأُغسطينوس أسقف هيبو -من آباء الغرب- أن يكون لهم الأثر الفعَّال في قبول بقية الأسفار المختلف عليها في أواخر القرن الرابع. فلقد ضمنها جيروم في ترجمته اللاتينية المشهورة للكتاب المقدَّس المعروفة بـ "الفولجاتا" سنة 382م، كما استطاع أُغسطينوس من أن يقنع مجمع هيبو (393م)، وقرطاجنة (397 - 419م) على قبول الرسائل في القانون اللاتيني للعهد الجديد" (393).
ونعيد القول أن التأخر في الاعتراف بقانونية الأسفار السبعة لا يعد عيبًا، إنما يعكس أمانة ورزانة ورصانة الكنيسة في إقرار قانون العهد الجديد: " وهكذا ظل خيط من عدم الإجماع يكتنف قانون العهد الجديد، فبينما كان وضع الأناجيل ورسائل بولس الرسول والرسالتين الجامعتين الكبيرتين مستقرًا منذ القرن الثاني، ظلت قانونية بقية الأسفار تنتظر حكم الكنيسة الجامعة. وقد صدر هذا القرار بكثير من الرزانة، وترتب على ذلك أن قبولها صار أكثر ثبوتًا من أي لائحة أخرى نهائية. فقد نتج عن الدراسات الرصينة التي قامت بها مدرسة الإسكندرية اللاهوتية ومدرسة أنطاكية السريانية وترجمة جيروم في الغرب أن قامت المجامع المتعاقبة بوضع القانون النهائي لأسفار العهد الجديد مثلما كانت قد استقرت عليه كنيسة الإسكندرية أيام القديس أثناسيوس الرسولي، وأشهرها مجمع هيبو سنة 393م، ومجمع قرطاجنة الأول سنة 397م، والثاني سنة 419م"(394).
ويقول "دكتور ستريتر" عن تدوين أسفار العهد الجديد: " بما أن الوحي لا يكون كاملًا ما لم يُدوَّن تدوينًا صحيحًا، فقد كان منطقيًا من البدء أن يتجه التفكير إلى تكوين العهد الجديد لتكميل العهد القديم، وكانت الكنيسة من الوجهة العقلية ستصبح في مركز ضعيف ما لم تكن قد عملت على تعزيز عقائدها بمجموعة من الأسفار المقدَّسة، لا تقل من حيث قانونيتها وصدق مصدرها ووحيها عن أسفار التوراة اليهودية القديمة. ومع أن تكوين هذه المجموعة كان ضروريًا فإن القوم لم يحسوا بالحاجة إليها إلاَّ ببطء، ولم يخلعوا عليها الصفة القانونية الرسمية إلاَّ بعد أن تقادم عهدها وبلغت درجة عليا من الشهرة وقوة السلطان. أمَّا هذا العمل ذاته أي خلع الصفة القانونية فليس هو الذي جعلها أسفارًا مقدَّسة بل هو بمثابة الاعتراف بقدسيتها التي تكون قد تأصلت بما أحاط بها من براهين داخلية وخارجية" (395).
ويقول "الأب چورج سابا": " فكانوا يقولون: يمكن أن تُقرأ الكتب في الكنيسة على أنها قانونية، ولا يجوز أن يُقرأ سواها، لأنه ليس قانونيًا... غير أن "قانون" الكتاب المقدَّس لم ينشأ بوحي ما معيَّن أو بقرار صدر ذات يوم، وإنما نشأ شيئًا فشيئًا" (396).
ويؤكد "الدكتور أحمد شلبي" على أن إقرار قانونية أسفار العهد الجديد السبعة والعشرين بالكامل قد فرغ منه مجمع نيقية سنة 325م، فيقول: " ولكن مصير هذه الأناجيل كلها قرَّره مجمع نيقية سالف الذكر، أي قرَّره أولئك الذين اتخذوا قرارًا بألوهية المسيح، ومن ثم ألغى هذا المجمع كل الأناجيل التي لا تتفق وقراره السابق، والتي لا تلائم الاتجاه الذي ابتدعه بولس الرسول، فوافق هذا المجمع على كل الأسفار السبعة والعشرين سالفة الذكر وكوَّن منها ما أُطلق عليه "العهد الجديد"، ورد المجمع كل سوى ذلك، وعده هراءً بالغًا وكُفرًا وزيغًا يجب إفناؤه ويُعاقب من قال به أو حمله"(397). ومع تحفظنا الشديد على قول الدكتور أحمد شلبي بأن بولس الرسول ابتدع فكرة ألوهية المسيح، وأن مجمع نيقية إنساق في هذا الاتجاه، وتغافله بأن أسفار العهد الجديد كلها تعترف وتُقر وتُؤكد على ألوهية السيد المسيح، ولكن ما يهمنا هنا أن دكتور أحمد شلبي يقول أن مجمع نيقية قد أقرَّ قانونية السبعة وعشرين سفرًا التي حواها العهد الجديد، بينما كثير من النقّاد يقولون بغير هذا... فمَن نصدق؟!
وفي إجابة سؤال لاحق سنعرض للأدلة التفصيلية العديدة التي تثبت قانونية جميع أسفار العهد الجديد، فمنذ بداية القرن الثاني والآباء المعتبرون يقتبسون منها، مثل أكليمنضس الروماني (30 - 110م) والشهيد أغناطيوس الأنطاكي (30 - 107م) والشهيد بوليكاربوس (65 - 155م)، وهؤلاء من الآباء الرسوليين، أي من تلاميذ الرسل، كما اقتبس منها كتاب الديداكي (تعليم الرسل) خلال الفترة 80 - 120م ورسالة برنابا سنة 100م، وبابياس أسقف هيرابوليس (60 - 130م) وكتاب الراعي لهرماس، ويقول "القمص عبد المسيح بسيط": " ويضيف بنجانين وورفيلد: اكتمل قانون العهد الجديد عندما استلمت الكنيسة آخر كتاب رسمي من الرسل، وهذا تم عندما كتب القديس يوحنا سفر الرؤيا عام 98م. وسواء كانت كنيسة أفسس قد استكملت القانون عندما استلمت سفر الرؤيا أولًا، فإن هذا يعتمد على وجود أي رسالة (فلتكن مثلًا رسالة يهوذا) قد وصلت إلى أفسس مع دليل موثوق برسوليتها... فمن المؤكد أن الكنائس لم تستلم القانون بالكامل حتى زمن لاحق. فالكنيسة اللاتينية في القرنين الثاني والثالث لم تكن تعرف ماذا تفعل بخصوص رسالة العبرانيين. والكنيسة السريانية ظلت لعدة قرون تحتاج إلى الرسائل الجامعية والرؤيا. ولكن منذ زمن إيرينيؤس وما بعده امتلكت الكنيسة القانون كاملًا كما نحن الآن. وعلى أية حال فقد كان المبدأ الذي كان يُقبَل على أساسه السفر أو كان يُشَك فيه ويُطرح جانبًا هو التقليد التاريخي للرسولية"(398).
ويقول "قداسة البابا تواضروس الثاني": " انتشرت بعد ذلك المخطوطات والترجمات عبر القرون من خلال وسائل عديدة... مع ملاحظة أن الوضع النهائي لكل أسفار العهد الجديد المعترف بها لم يتم إلاَّ أواخر القرن الثالث الميلادي... وتناقلت هــذه الكتابات (الرسائل والأناجيل) بين مؤمني الكنائس... واستغرق ذلك زمنًا طويلًا للوصول إلى كل الأسفار التي تشكّل العهد الجديد... وتم ذلك في أواخر القرن الثالث الميلادي، كان هناك اختلاف بين بعض النسخ في الرسائل مع عدة أسفار غير قانونية مثـل كتاب الراعي لهرماس...
وفي مدرسة الإسكندرية الشهيرة قام أوريجانوس (مع بداية القرن الثالث) بمحاولة حل هذه المشكلة مُقسمًا الأسفار إلى :
- أسفار معتمدة. - وأسفار تحت البحث.
ولم يحسم الأمر إلاَّ القديس أثناسيوس الرسولي في رسالته الفصيحة عام 367م حيث ذكر قائمة بالأسفار الإلهيَّة المعترف بها وهيَ التي استقرت عليها الكنيسة في جميع أنحاء العالم حتى يومنا هذا" (399).
ويتبقى لنا إجابة التساؤلات العديدة التي أثارها النقّاد، إجابات تلغرافية سريعة على بعض النقاط التي لم تشملها الإجابات السابقة:
قال "علاء أبو بكر": لماذا اختار الروح القدس الكتب المقدَّسة في عام 325م؟ وما الموانع التي أعاقته لاختيارها قبل ذلك؟.. فلعل علاء أبو بكر يستدرك الأمر، فروح الله القدوس هو العامل دائمًا وأبدًا، ففي التجسد الإلهي هو الذي حلَّ على العذراء مريم وهيئ الجسد المقدَّس للابن الكلمة، وفي المعمودية مسح الابن ليبدأ خدمته، وفي يوم الخمسين حلَّ على التلاميذ كألسنة نار وملأهم من كل حكمة وفهم ومعرفة، فنطقوا بلغات، وفي الكرازة ذكَّر التلاميذ بكل أقوال السيد المسيح وأعماله، فكان هو العامل في الإنجيل الشفاهي، وعند كتابة الأسفار رافق الكُتَّاب فنشَّط ذاكرتهم وأنار أذهانهم وعصمهم من أي خطأ، وقد قرَّرت الكنيسة قانونية ثلاثة عشر رسالة من رسائل بولس الرسول عقب كتابتها، وكذلك الأناجيل وسفر الأعمال، ورسالة بطرس الأولى ويوحنا الأولى، فهوذا عشرون سفرًا لم يمر القرن الأول إلاَّ وكانت قد تقرَّرت قانونيتهم، ولا توجد عقيدة مسيحية خارج هذه الأسفار. إذًا تساؤل علاء أبو بكر وربط قانونية جميع الأسفار بمجمع نيقية سنة 325م ليس له محل من الإعراب.
وقال "علاء أبو بكر" أيضًا: هل الذين ماتوا قبل سنة 325م هم في الجنة أم في النار؟.. نقول له أولًا: نحن لا ننتظر جنة بها طعام وشراب ومتع جسدية كاعتقاده، إنما نحن ننتظر ملكوت السموات، وملكوت السموات ليس طعامًا وشرابا وزواجًا، إنما هو مُلك الله على كل حياتنا وأحاسيسنا ومشاعرنا، أمور لا يُعبر عنها بلغة بشرية عندما تتواجد النفس في الحضرة الإلهيَّة مع الطغمات السمائية. وثانيًا: كان الأجدر بعلاء أبو بكر أن يسأل عن الذين ماتوا خلال الخمسة وعشرين سنة الأولى من الكرازة حيث لم يكن هناك إنجيلًا واحدًا مكتوبًا، بينما بعد القرن الأول كان هناك أسفار العهد الجديد السبعة والعشرين جميعها مكتملة، وقد أقرت الكنيسة قانونية عشرين سفرًا منهم. إذًا تساؤل علاء أبو بكر افتقر للذكاء. وثالثًا: نطمئن علاء بأن جميع الذين آمنوا بالسيد المسيح ونالوا المعمودية بِاسمه فإن أسمائهم كُتبت في الملكوت السمائي على الفور، بل أن الوثنيين الذين أمضوا حياتهم في الآثام والشرور والخطايا، متى آمنوا بالسيد المسيح، وحتى لو لم يسعفهم الوقت للعماد المقدَّس، إنما تكلَّلوا بأكاليل الاستشهاد فنصيبهم محفوظ في الملكوت، وهم قد تعمدوا هنا معمودية الدم... إلهنا الطيب لا يتحيَّن الفرص لإلقاء الناس في النار، إنما يتحيَّن الفرص لاقتناص النفوس للملكوت.
قال "علاء أبو بكر" أن مجمع نيقية هو الذي قرَّر أي الكتب إلهيَّة وأيهما شيطانية أو بشرية؟.. وهذا قول لا يليق، لأنه ليس لدينا على الإطلاق كتب شيطانية، ثم كيف يساوي بين الشيطانية والبشرية فيضعهما في كفة واحدة..؟! وهذه الكتب أبو كريفا التي رفضتها الكنيسة، ليس لأنها كتب شيطانية، قد كُتبت بيد الشيطـان، أو تدعو لعبادة الشيطان، إنما رفضتها لأنها حوت بعض الأمور المُبالغ فيها والخيالية التي لا تتفق مع الحقيقة.
وقال "علاء أبو بكر" أنه حتى مجمع ترنت سنة 1546م كان هناك تباحث وتداول حول قانونية الأسفار... وهذا قول جانبه الصواب كثيرًا، لأن مجمع ترنت أكد على ما هو كائن ومستقر... وما هو؟.. هو قانونية أسفار العهد الجديد السبعة والعشرين، أمَّا علاء أبو بكر فيرى في هذا التأكيد أنه كارثة.
وقال "دكتور منذر الحايك" أن الأناجيل التي عرضت على مجمع نيقية خمسين إنجيلًا، وقال "علي زلماط " أنها مئات... والحقيقة غير هذا وذاك، لأنه لم يعرض على مجمع نيقية لا مئات الأناجيل، ولا خمسين إنجيلًا، ولا عشرة ولا إنجيلًا واحدًا، لأن إقرار قانونية الأناجيل حسمته الكنيسة منذ نهاية القرن الأول، فما الداعي للعودة له بعد أكثر من مائتي سنة؟! كما أن قول علي زلماط بأنه في مجمع نيقية كان هناك طوائف وفرق، قول جانبه الصواب، فلم تكن هناك طوائف وفرق لأن الانشقاق الأول الذي حدث في الكنيسة وترتب عليه فرقتين حدث سنة 451م في مجمع خلقيدونية، وليس في مجمع نيقية سنة 325م، مجمع نيقية هو تفشي بدعة أريوس، والكنيسة قد اجتمعت على مستوى المسكونة لتبحث في قضية أريوس وبدعته، فبحثت وحكمت وأنذرت أريوس ولم يرتدع فحرمته، وأقرت قانون الإيمان المسيحي.
وقال "الإمام محمد أبو زهرة " أن مجمع نيقية حرَّم قراءة الكتب غير القانونية وأمر بحرقها، وهو قول مجافٍ للحقيقة، لأن المهمة الأولى لمجمع نيقية كانت وضع حدًا لبدعة أريوس، وليس إقرار قانونية أسفار وإصدار أمر بحرق ما عداها، فهذا لم يحدث على الإطلاق، فقرارات مجمع نيقية، وقوانين مجمع نيقية ما زالت بين أيدينا للآن، فليقل الناقد في أي قانون من قوانين مجمع نيقية أمر المجمع بحرق كتب قدَّسها البعض وأنكرهـا الآخرون، ولعل العالق بذهن الإمام محمد أبو زهرة حادثة حرق المصاحف الشهيرة بسبب الخلافات بينها، والتي نفذها عثمان بن عفان ورجاله، ولعل الإمام محمد أبو زهرة يدرك أن بطل مجمع نيقية أثناسيوس، هو الذي ذكر أسماء السبعة والعشرين سفرًا الخاصين بالعهد الجديد في رسالته الفصيحة رقم (39) سنة 367م، وهو الذي أقنع الغرب بقبول رسالة العبرانيين عندما نُفي إلى أتريف بفرنسا.
وعلّق "دكتور محمد عبد الله شرقاوي" على اختلاف ترتيب الأسفار من قائمة لأخرى، وهذا لا يمثل مشكلة على الإطلاق، فهذا اجتهاد بشري واختلاف في وجهات النظر، فسواء تصدر السفر أول القائمة أو جاء في منتصفها أو آخرها، فهو سفر قانوني، وسيظل قانونيًا رغم اختلاف الترتيب، والملاحظ أن الأناجيل الأربعة تصدرت جميع القوائم وبنفس الترتيب لأنها تحكي عن حياة وأعمال وأقوال وتعاليم السيد المسيح، بينما بقية الأسفار تدور في فلكها.
_____
(363) الطبعة اليسوعية للعهد الجديد - دار المشرق - بيروت ص 8 - 10 .
(364) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 3 ص 44.
(365) المرجع السابق جـ 4 ص 144.
(366) المرجع السابق ص 271.
(367) المرجع السابق ص 440.
(368) البهريز جـ 5 - من شبكة الأنترنت.
(369) أورده نبيل نيقولا چورج - الأناجيل الأربعة لماذا لا يعول عليها؟ ص 98.
(370) المرجع السابق ص 98، 99.
(373) الأناجيل الأربعة لماذا لا يُعول عليها؟ ص 8.
(374) أورده القمص عبد المسيح بسيط - قانونية أسفار العهد الجديد ص 32.
(375) ترجمة القس إلياس مقار - أصالة الكتاب المقدَّس ص 58.
(376) ترجمة القمص مرقس داود - تاريخ الكنيسة ط (2) سنة 1979م ص 113.
(377) فكرة عامة عن الكتاب المقدَّس - دير القديس أنبا مقار ص 69.
(378) المرجع السابق ص 69.
(379) ترجمة القمص مرقس داود – تاريخ الكنيسة ط (2) 1979م ص 88.
(382) المرجع السابق ص 92.
(385) التحريف والتناقض في الأناجيل الأربعة ص 53.
(386) ترجمة القمص مرقس داود - تاريخ الكنيسة ط (2) 1979م ص 152.
(387) أورده ف. ف. بروس - قصة الكتاب المقدَّس ص 60.
(388) ترجمة القمص مرقس داود - تاريخ الكنيسة ط (2) سنة 1979م ص 113.
(389) ترجمة القمص مرقس داود - تاريخ الكنيسة ط (2) سنة 1979م هامش ص 113.
(390) ترجمة القمص مرقس داود - تاريخ الكنيسة طبعة (2) سنة 1979م ص 373، 374.
(391) أورده القمص عبد المسيح بسيط - قانونية أسفار العهد الجديد ص 201.
(392) المرجع السابق ص 201.
(393) فكرة عامة على الكتاب المقدَّس - دير القديس أنبا مقار ص 76.
(394) فكرة عامة على الكتاب المقدَّس - دير القديس أنبا مقار ص 79.
(395) القس صموئيل مشرقي - مصادر الكتاب المقدَّس ص 64.
(396) على عتبة الكتاب المقدَّس ص 174.
(397) مقارنة الأديان 2ـــ المسيحية ص 207.
(398) قانونية أسفار العهد الجديد ص 42، 43.
(399) مفتاح العهد الجديد جـ 1 ص 40، 41.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/61.html
تقصير الرابط:
tak.la/m3wfr6b