St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

21- هل كانت هناك طوائف أو جماعات أو أحزاب يهودية أخرى في زمن المسيح غير الصدوقيين والفريسيين والكتبة والأسينيين (الهيرودسيين - الناموسيون - الغيورون)؟

 

س21: هل كانت هناك طوائف أو جماعات أو أحزاب يهودية أخرى في زمن المسيح غير الصدوقيين والفريسيين والكتبة والأسينيين؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: نعم كانت هناك طوائف يهودية أخرى، وإن كان تأثيرها لم يبلغ الطوائف الأربع السابقة (الصدوقيون - الفريسيون - الكتبة - الأسينيين)، ومن هذه الطوائف نذكر الهيرودسيين، والناموسيين، والغيورين، وإذا أكملنا التسلسل يكون ترتيبهم كالآتي:

 

5- الهيرودسيين:

يمثل الهيرودسيون جماعة أو حزبًا وليس طائفة يهودية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقد جاء ذكرهم في الإنجيل، عندما أرسل الفريسيون تلاميذهم مع الهيرودسيين ليصطادوا السيد المسيح بكلمة: "حِينَئِذٍ ذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِيـنَ.."(مت 22 : 15، 16). كما تآمروا مع المتآمرين للقضاء على السيد المسيح: "فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ لِلْوَقْتِ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ وَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ" (مر 3 : 6)، وجاءت تسميتهم من اسم الملك هيرودس الكبير (37 - 4 ق. م)، إذ أحبوه وتشايعوا له رغم أنه كان أدوميًا، حتى أنهم رأوا فيه صورة المسيا المنتظر، وحضوا الشعب على طاعته، حافظين ولائهم الشديد له، ومن الطبيعي أن يصيـر لهم النفوذ القوي، إذ هم أتباع القصر الملكي.

 

St-Takla.org Image: The Jewish Temple, Old Cairo, Cairo, Egypt - October 2011 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org. صورة في موقع الأنبا تكلا: المعبد اليهودي، مصر القديمة، القاهرة، مصر - أكتوبر 2011 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org Image: The Jewish Temple, Old Cairo, Cairo, Egypt - October 2011 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org.

صورة في موقع الأنبا تكلا: المعبد اليهودي، مصر القديمة، القاهرة، مصر - أكتوبر 2011 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

6ــ الناموسيون:

وهم لا يعتبرون بالتحديد طائفة يهودية، لأنهم اُحتسبوا ضمن الكتبة والفريسيين، ومفرد الناموسيين "ناموسي" أي "رجـل الناموس" أو "معلم الناموس"، فنظرًا للشرائع العديدة الخاصة بأحكام الناموس والتي يصعب علـى اليهودي العادي الإلمام بها، لذلك تفرَّغ الناموسيون لدراسة الناموس من الجهة القانونية والتفقُّه فيه، وتطبيقه على المواقف الحياتية التي تستجد، فهم معلموا الناموس وحماة الشريعة، وورد ذكر الناموسيين في العهد الجديد عدة مرات:

أ - رفض الناموسيون كرازة يوحنا المعمدان: "وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ وَالنَّامُوسِيُّونَ فَرَفَضُوا مَشُورَةَ اللهِ مِنْ جِهَةِ أَنْفُسِهِمْ غَيْرَ مُعْتَمِدِينَ مِنْهُ" (لو 7 : 30).

ب - رفضوا كرازة السيد المسيح وتعاليمه رغم أنهم سمعوه وأبصروا معجزاته: "وَفِي أَحَدِ الأَيَّامِ كَانَ يُعَلِّمُ وَكَـانَ فَرِّيسِيُّونَ وَمُعَلِّمُونَ لِلنَّامُوسِ جَالِسِينَ"(لو 5 : 17).

جـ - "وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ نَامُوسِيٌّ لِيُجَرِّبَــهُ قِائِلًا... "(مت 22 : 35).

د- وقبل أن يشفي السيد المسيح الرجل المستسقي: "فَأَجَابَ يَسُوعُ وَكَلَّمَ النَّامُوسِيِّينَ وَالْفَرِّيسِيِّينَ قِائِلًا: هل يَحِلُّ الإبْرَاءُ فِي السَّبْتِ. فَسَكَتُوا. فَأَمْسَكَهُ وَأَبْرَأَهُ وَأَطْلَقَهُ"(لو 14 : 3، 4).

هـ - قال واحد من الناموسيين للسيد المسيح عندما سمعه يوبخ الفريسيين وهو منهم: "يَا مُعَلِّمُ حِينَ تَقُولُ هذَا تَشْتُمُنَا نَحْنُ أَيْضًا. فَقَالَ وَوَيْلٌ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ لأَنَّكُمْ تُحَمِّلُونَ النَّاسَ أَحْمَالًا عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَأَنْتُمْ لاَ تَمَسُّونَ الأَحْمَالَ بِإِحْدَى أَصَابِعِكُمْ. وَيْلٌ لَكُمْ لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَآبَاؤُكُمْ قَتَلُوهُمْ... وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ لأَنَّكُمْ أَخَذْتُمْ مِفْتَاحَ الْمَعْرِفَةِ. مَا دَخَلْتُمْ أَنْتُـمْ، وَالدَّاخِلُونَ مَنَعْتُمُوهُمْ" (لو 11 : 45 - 52).

وـــ كان غمالائيل الذي تتلمذ على يديه بولس الرسول من الناموسيين: "فَقَامَ فِي الْمَجْمَعِ رَجُلٌ فَرِّيسِيٌّ اسْمُهُ غَمَالاَئِيلُ مُعَلِّمٌ لِلنَّامُوسِ مُكَرَّمٌ عِنْدَ جَمِيعِ الشَّعْبِ"(أع 5 : 34).

 

7 - الغيورون:

يمثلون حزبًا أسَّسه "يهوذا الجليلي" (أع 5 : 37) بعد أن نُفي أرخيلاوس بن هيرودس الكبير إلى فيينا ببلاد الغال سنة 6م، وتحوُّل ولاية اليهودية إلى ولاية رومانية، فقاوم يهوذا الجليلي الاكتتاب الذي أمر به الحاكم الروماني، وطالب اليهود بأن لا يدفعوا الجزية لروما، لأن أرض إسرائيل أرض مقدَّسة لا ينبغي أن تذهب خيراتها للمحتل الأجنبي، وكان المثل أمامهم والقدوة فينحاس بن العازار بن هرون الكاهن الذي قال عنه الرب: "قَدْ رَدَّ سَخَطِي عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِكَوْنِهِ غَارَ غَيْرَتِي فِي وَسَطِهِمْ حَتَّى لَمْ أُفْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِغَيْرَتِي. لأَجْلِ أَنَّهُ غَارَ ِللهِ وَكَفَّرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ" (عد 25 : 7 - 13)، لأنه قد قتل الرجل الإسرائيلي الذي زنى مع المرأة الموآبية، كما قتل المرأة أيضًا، وأيضًا تمثَّل الغيورون بالكاهن متاتيا بن يوحنا الذي قتل الرجل اليهودي الذي تقدم ليصعد ذبيحة للصنم كما قتل مندوب ملك سوريا، وبهذا أشعــل فتيلـة ثورة المكابيين (1مك 2 : 24 - 28).

ويمثل الغيورون الجناح السياسي المتطرف للفريسيين أما إذا نظرنا إليهم على أنهم حزب، فإن هذا الحزب يشمل داخله عدة اتجاهات أو عدة أحزاب، الحزب الشمالي المعتدل الذي يتفق في مبادئه مع الكتبة والفريسيين فلا يميل لاستخدام العنف، والحزب الشمالي المتطرف جدًا الذي دُعيَ حزب السيكاري، وقد شجع على العنف والاغتيالات للجنود الرومان ولمن يتعاون معهم من اليهود، وهم يتمسكون بأن الحاكم هو الله، ولم يحفلوا بموت أقاربهم وأصدقائهم، ولم يخشوا الموت قط.

 ويقول "راندال. أ. ويس" Randall A. Weiss: "كـان حاملــوا الخناجــر (السيكاري Sicarii) على الأرجح هم أكثر جماعة متطرفة من اليهود الرجعيين ضد روما. يُشتق اسمهم من الكلمة اليونانية التي تعني "حاملي الخناجر"، وكانوا يستحقون بالفعل هذا اللقب. فقد عُرِف عنهم أنهم يطعنون معارضيهم الذين كانوا أصدقاء لروما. وكانوا يندسون في التجمعات الكبيرة المزدحمة كما في المناسبات الكبرى حاملين معهم سكاكين لها نصل قصير ويمكن إخفاؤها، وكانوا يطعنون ضحيتهم ثم يختفون بين الجموع... أن جماعة " حاملي الخناجر " كانت تتألف من آلاف الأعضاء... البعض يعتقد أن حاملي الخناجر هم المسؤولون عن الثورة التي جلبت الدمـار علــى أورشليم على يد روما في 70م"(67).

 وكان يهوذا الجليلي يرسل أعوانه في نواحي الجليل واليهودية والسامرة لتنفيذ أعمال انتقامية، ويقول المؤرخ اليهودي "يوسيفوس الذي كان ودودًا تجاه الحكـم الرومانـي: "كان هناك يهوذا، جليلي، من مدينة تُسمى جامالا، الذي أخذ معه صادوق وهو فريسي، ثم أصبح غيورًا لاستدراجهم إلى ثورة، وقال كلاهما أنّ نظام الضرائب وقتها لم يكن أفضل من تمهيد للعبودية، ومن ثم حَرَّض الأمة على تأكيد حريتها... لذا قبلت الجماعة ما قاله بسعادة، ويمكن القول أن تلك المحاولة الجريئة وصلت إلى ذروتها سريعًا. لقد انبثقت كل أنواع المصائب عن هذين الرجلين، وانتشرت عدوى هذه العقيدة في الأمة كلها لدرجة لا تصدق. وجاءت حرب ضروس واحـدة تلو الأخرى عليها، وفقدنا أصدقائنا الذين اعتادوا أن يلطَّفوا أوجاعنا. كما كانت هناك سرقــات وجرائــم قتــل كبيــرة جدًا لقادة رجالنا... " (Josephus, 476) (68).

 ويقول "الدكتور القس حنا جرجس الخضري": عن حزب الغيورين: "استعملت هذه الحركات الوطنية التحررية كل الوسائل الممكنة والإرهابية لطرد المستعمر وتحرير البلاد منه. فقاموا بعمليات هجوم وقتل وتخريب في معسكرات العدو الروماني وفي أملاك اليهود الذين كانوا يتواطئون معه. ولذلك فقد نشروا الزعر والخوف والاضطراب، ليس فقط في قلوب الرومان العدو الأول الذي يجب طرده وتطهير البلاد منه، بل وفي قلوب بعض اليهود أيضًا الذين تعاونوا مع المستعمر وخاصة البعض من طبقة الكهنوت الأرستقراطية... ولهذا السبب كانت هذه الحركات موضوع أحاديث الناس ونقاشهم... ومع أن معظم قادة وأعضاء هذه الحركات يعيشون ويعملون في الخفاء خوفًا مـن أن تبطش القوات الرومانية بهم، إلاَّ أن أعمالهم الهجومية والتخريبية كانت كنار على علم، لا يمكن اخفاؤها.." (69).

 وامتنع الغيورون عن تقديم ذبائح في الهيكل لأنهم كانوا ناقمين على الصدوقيين الذين تعاونوا مع الحكم الروماني، ومع أن ثورة يهوذا الجليلي قد أُخمدت بقبضة حديدية من الرومان إلاَّ أنها صارت أُمًّا لثورات أخرى كانت أشد ضراوة ودمارًا، واستمر الغيورون في سلوكهم الدموي، وادَّعى الكثير من قادة هذه الثورات أن كل منهم هو المسيا المنتظر، حتى أن الرومان صارت لهم حساسية مفرطة من الحركات المسيانية، وكل قائد يأتي كان يدعي أنه سيصنع المعجزات، فيهوذا الجليلي قاد عدد غفير من أعوانه إلى نهر الأردن، واعدًا إياهم أنه بكلمة منه سيشق النهر كما فعل يشوع في القديـم، وبالطبع أن زعم يهوذا كان باطلًا، كما ادَّعى المصري الثائر أن أسوار أورشليـم ستسقط عندما يأمر بهذا، كما سقطت أسوار أريحا، وبالطبع لم يحدث هذا، وسمعان ماجوس ألقى بنفسه من على حجاب الهيكل فسقط ومات... أما عن رد فعل الرومان فكان في منتهى القسوة، فطالما هاجموا بيوت الغيورين ومخابئهم وذبحوهم ذبح الخراف، وصلبوا أعدادًا كبيرة منهم.

 وقد اختار السيد المسيح ضمن تلاميذه الاثنى عشر: "سمعان الذي يُدعى الغيور" (لو6 : 15).. "وسمعان الغيور"(أع1 : 13)، فهو من الغيورين، وقال البعض أن السيد المسيح كان يميل لحزب الغيورين وقد اتخذ تلاميذه الاثنى عشر منهم، وهذا قول مردود عليه، لأن "محبة الأعداء" (مت 5 : 43 - 46) رسالة تميَّز بها السيد المسيح والمسيحية، بينما لم يتنازل حزب الغيورين عن المقاومة المسلحة والاغتيالات، ولا بد أن سمعان الغيور قد تغير سلوكه تمامًا كتلميذ للمسيح، ولم يكن التلاميذ الاثنى عشر جميعهم من الغيورين، فقد كان متى عشارًا يعمل لحساب الحكم الروماني، وبطرس الرسول يوصي بالخضوع للملك (1بط 2 : 13 - 20) وكذلك بولس الرسول (رو 13 : 1، 2، 1تي 2 : 1، 2).

 وكانت هناك علاقة بين الغيورين والأسينيين، إلاَّ أن الأسينيين لم يقروا استخدام العنف في مقاومة الرومان، ولكنهم في سنة 66م شاركوا في الثورة مع الغيورين والفريسيين ضد الرومان، وفي سنة 67م جاء القائد الروماني فسبسيان وأخضع أولًا الجليل والجولان، وعندما اُستدعيَ لروما ليتوَّج إمبراطورًا ترك ابنه تيطس ليخضع اليهودية، فحاصر أورشليم لمدة ثلاثة أشهر انتهت بسقوطها المدوي سنة 70م، فكانت النهاية المأسوية لليهود ولأورشليم، وفي مايو سنة 73م سقط آخِر حصون الغيورين في "مسادا"، وجـاء في "أطلس الكتاب المقدَّس": "سقوط مسادا: مسادا عبارة عن بروز صخـري في صحراء اليهودية، قام هيرودس الكبير ببناء قصر على قمته، وبعد سقوط أورشليم قامت جماعة من الغيورين بقيادة ألعازر بالاحتماء في هذا القصر، وبفضل المخزون الكافي من الطعام والشراب استطاعوا أن يصمدوا أمام الرومان حتى سنة 73م.

 قام الرومان أولًا ببناء سور للحصار حول الصخرة لمنع ورود الطعام وبعد ذلك بنو طريقًا منحدرًا ترابيًا يصل إلى أعلى الجانب الغربي من الصخرة، وفوق ذلك، وضعوا قاعدة من الخشب والحديد كدعامة لبرج المحاصرة، وأصبح للرومان موقع مناسب لشن هجومهم منه على السور الرئيسي المحيط بالقمة، مستخدمين المنجنيق، وعندما وجد المحاصرون من اليهود، وعددهم 960، أن لا أمل لهم بالنجاة، قاموا بالانتحار بين ليلــة وضحاهـا، استباقًا للهجوم الأخير" (70).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

 (67) ترجمة د. عادل زكري - الطوائف اليهودية في زمن كتابة العهد الجديد ص 62، 63.

(68) المرجع السابق ص 64، 67.

(69) تاريخ الفكر المسيحي - جـ 1 ص 241.

(70) أطلس الكتاب المقدَّس وتاريخ المسيحية ص 74.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/21.html

تقصير الرابط:
tak.la/7p3998y