س16: من هم الكتبة؟ وما هو عملهم؟ ولماذا أطلق عليهم الشعب "سُفرِيم"؟ وكيف كانت معاملاتهم مع يسوع المسيح؟
ج: 1- كان عمل الكتبة من الأعمال الهامة، فالكتبة يقومون بكتابة العقود (إر32 : 12) وبكتابة الرسائل (إر36 : 4، 32)، وإمساك السجلات وتنظيمها وحفظها، وتسجيل الحسابات، وكان يشغل الكاتب في القصر الملكي مركزًا هامًا، حتى أن كبير الكتبة يعتبر سكرتير الدولة ومستشارًا من مستشاري الملك، وذكر الكتاب المقدَّس بعض أسماء هؤلاء الكتبة مثل "شبنة الكاتب" في أيام حزقيا الملك (2مل 18 : 18)، و"شافان الكاتب" (2مل 22 : 8) في أيام يوشيا الملك، و"عزرا الكاهن كاتب شريعة إله السماء" (عز 7 : 12)، وكان هناك "كاتب رئيس الجند" (2مل 25 : 19) الذي كان يجمع الشعب للتجنيد.
2ـــ بعد العودة من السبي أصبح للكتبة شأنًا كبيرًا فـي الأمـور الدينية وتفسير الشريعة (نح 8 : 8) علاوة على نسخ الأسفار المقدَّسة، ودخل إلى طائفة الكتبة عدد كبير من الكهنة، حتى أنه في القرن الثاني قبل الميلاد في عصر المكابيين كان معظم الكتبة من الكهنة (1مك 7 : 12)، وصارت لهم تجمعاتهم الخاصة ولا سيما في المجامع اليهودية، وازدادت الحاجة إليهن بسبب نسخ التوراة التي أحرقها جنود أنطيوخس الرابع أبيفانس بناء على تعليماته.
3ــ أُطلق على الكتبة اسم "سُفِريم" Sopherim من الفعل "سُفِر" Sopher أي "يعد" أو "يحسب" لأنهم اعتادوا أن يحصوا حروف كل سفر، وتحديد الحرف الأوسط، والكلمة الوسطى، والآية الوسطى في كل سفر، كما أحصوا حروف التوراة، وعملهم هذا يُظهر مدى الدقة التي اتبعها النسَّاخ في نسخ الأسفار المقدَّسة.
4ــ كان الكتبة يعتبرون فقهاء الأمة، يصدرون الفتاوى مثل الفريسيين، وقد دوّنت هذه الفتاوى والتفاسير في المشنا والجمارا والمدراش، وكان بعض الكتبة أعضاء في مجمع السنهدريم (مت 26 : 57)، ونال بعضهم رتبة "رابي" Rabbi، وبعضهم نال الرتبة الأعلى "رابوني" Rabboni، وظل لهم نفوذهم حتى بعد خراب أورشليم ودمار الهيكل سنة 70م.
5ــ اهتم الكتبة مثل الفريسيين بالمظاهر الخارجية، فوبخهم السيد المسيح، وحذر الشعب منهم قائلًا: "تَحَرَّزُوا مِنَ الْكَتَبَةِ، الَّذِينَ يَرْغَبُونَ الْمَشْيَ بِالطَّيَالِسَةِ وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ. وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ وَالْمُتَّكَآتِ الأُولَى فِي الْوَلاَئِمِ. الَّذِينَ يَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ الصَّلَوَاتِ. هؤُلاَءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ"(مر 12 : 38 - 40). كما صبَّ السيد المسيح الويلات عليهم هم والفريسيين كما رأينا من قبل.
6ـــ تصادم الكتبة مع السيد المسيح، فمثلًا عندما غفر خطايا المفلوج: "وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ هُنَاكَ جَالِسِينَ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ. لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هذَا هكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ" (مر 2 : 6، 7)، وفي معجزة إخراج الشياطين: "وَأَمَّا الْكَتَبَةُ الَّذِينَ نَزَلُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ فَقَالُوا إِنَّ مَعَهُ بَعْلَزَبُولَ وَإِنَّهُ بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْـرِجُ الشَّيَاطِينَ" (مر 3 : 22)، واتهم الكتبة السيد المسيح بأنه يكسر السبت، فعندما شفى الرجل ذو اليد اليابســة: "فَامْتَلأُوا حُمْقًا وَصَارُوا يَتَكَالَمُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَاذَا يَفْعَلُونَ بِيَسُوعَ" (لو 6 : 11)، وقالوا عنه: "مَا بَالُهُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ" (مر 2 : 16)، واحتجوا مع الفريسيين على التلاميذ لأنهم يأكلون بأيدي غير مغسولة (مر 7 : 5). وبينما كان الشعب ينظر إليه كمعلمين وفقهاء الأمة ولاهوتييّها يفسّرون الشريعة ويصـدرون الفتاوى، شاركوا رؤساء الكهنة في مؤامراتهم: "وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ كَيْفَ يُمْسِكُونَهُ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُونَهُ" (مر 14 : 1) بينما صبَّ السيد المسيح عليهم الويلات: "عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، 3فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ. وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ" (مت 23 : 3)، وبعد موت المسيح وقيامته شارك الكتبة في اضطهاد المسيحيين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/16.html
تقصير الرابط:
tak.la/atwx9qg