ج: قال الله لموسى "متى آتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها وطرد شعوبًا كثيرة من أمامك الحثيين والجرجاشيين والأموريين والكنعانيّين والفرزيين والحويين واليبوسيّين سبع شعوب أكثر وأعظم منك" (تث 7: 1).. " وقال يشوع لبني إسرائيل... بهذا تعلمون أن الله الحي في وسطكم وطردًا يطرد من أمامكم الكنعانيّين والحثيين والحويين والفرزيين والجرجاشيين والأموريين واليبوسيّين" (يش 3: 9، 10) أما عن أماكن إقامتهم فيحددها سفر يشوع قائلًا " الكنعانيون في الشرق والغرب والأموريين والحثيين والفرزيين واليبوسيّين في الجبل والحويين تحت حرمون في أرض المصفاه" (يش 11: 3)، وكانت أرض كنعان تطلق على كل أرض فلسطين بالإضافة إلى أرض لبنان وسوريا، كما كانت تُطلق على الأرض التي تقع غرب نهر الأردن فقط، والتي قام يشوع بن نون بتقسيمها على الأسباط التسعة والنصف. ولم ينجح الكنعانيون في تكوين دولة موحَّدة قوية كما حدث في مصر أو بلاد ما بين النهرين، بل عاشت كل جماعة في مدينة مُحصَّنة بأسوار عالية، تعلوها أبراج المراقبة والدفاع، ويحيط بالمدينة مناطق ريفية، وفي وقت الخطر يحتمي أهل الريف داخل هذه المدن المُحصَّنة. وبالرغم من شهرة تلك المدن إلاَّ أن مساحتها كانت محدودة، واشتغل الكنعانيون بالزراعة فزرعوا الحنطة والشعير والفول والعدس والتين والكروم والزيتون، كما عملوا بالرعي في تلك الأراضي التي تفيض لبنًا وعسلًا، وازدهرت في هذه الأرض التجارة، وصناعة الغزل والنسيج والصباغة، وصيد الأسماك... إلخ.
وفيما يلي نلقي الضوء قليلًا على هذه الشعوب السبعة العظيمة التي سكنت أرض الموعد(*):
1- هم نسل كنعان الابن الرابع لحام بن نوح " وبنو حام كوش ومصرايم وفوط وكنعان" (تك 10: 6) وقد سُميت كل شعوب المنطقة بالشعوب الكنعانية، لأن أصل معظم هذه الشعوب يرجع إلى كنعان " وكنعان ولد صيدون بكره وحِيثًّا واليبوسي والأموري والجرجاشي والحويّ والعرقي والسيني والأروادي والعماري والحماتي" (تك 10: 15 - 18) فقد خرجت من أصل كنعان 11 قبيلة عاشت في أرض كنعان وسوريا، فسكنت الست قبائل الأول في جنوب صيدون وانتشرت شرقًا إلى المرتفعات، بينما سكنت الخمس قبائل الأخرى شمال صيدون، وصيدون هي ميناء على البحر المتوسط يقع شمالًا بمحاذاة دمشق تقريبًا(1).
ويقول " دونالد ريدفورد": "وقد أطلق المصريون عليها اسم "ريتينو"، و"خارو" وأسماها السوريون خلال الألف الثاني ق. م. " كنعان " والعبرانيون " إسرائيل " أما اليونانيون والرومان اسم فلسطين Palestina"(2)..
2- عندما رأى حام عورة أبيه نوح في سكره وهزأ به لعن نوح كنعان بن حام قائلًا " ملعون كنعان عبد العبيد يكون لأخوته" (تك 9: 25) لقد كشف نوح بروح النبوءة عن مستقبل هذا الشعب الشائن، ولذلك أستحق اللعنة بسبب شره المتفاقم، ورغم أن الكنعانيين كانوا من أقوى وأشهر شعوب المنطقة، لكنهم توغلوا في الشر، حتى قدموا أبناءهم ذبائح للأوثان، وباشروا الزنا والسكر في معابدهم ضمن طقوس عباداتهم النجسة.
3- سكن الكنعانيون منطقة الهلال الخصيب منذ نحو منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد وامتدت أراضيهم شمالًا حتى شملت أجزاء من جنوبي أسيا، وبهذا احتلت مكانًا إستراتيجيًا خطيرًا، فمن خلالها تمر القوافل التجارية بين أوروبا وأسيا، ومن خلالها تعبر الجيوش، ويمكن تقسيم أرض كنعان إلى أربعة قطع مستطيلة وهي:
أ - المنطقة الساحلية: تقع على ساحل البحر المتوسط وبها مواني صور وصيدا وبيبلوس، وتنتشر بها التلال التي تتخللها السهول الصغيرة.
ب - سلسلة الجبال الوسطى: وترتفع في الجنوب حيث اليهودية لتصل إلى أكثر من ألف متر فوق مستوى البحر، وتنخفض الارتفاعات كلما اتجهنا شمالًا، ثم تعود وترتفع في أقصى الشمال حيث منطقة الجليل.
جـ- منخفض وادي الأردن: حيث بحر الجليل والبحر الميت، وتمثل هذه المنطقة أكثر المناطق انخفاضًا على سطح الكرة الأرضية إذ يصل الانخفاض إلى 390 مترًا تحت سطح المياه.
د - هضبة عبر الأردن: وهي عبارة عن سلسلة جبال أقل ارتفاعًا من السلسلة الوسطى، وتمر بها روافد نهر الأردن والبحر الميت (أرنون ويبوق).
وأرض كنعان أرض مشمسة، تسقط عليها الأمطار التي تقل كلما اتجهنا شرقًا أو جنوبًا، أما الفترة من خلال مايو إلى أكتوبر فهي فترة جفاف(3).
4- قبل أن يأتي الكنعانيون إلى هذه المنطقة عاشوا ردحًا من الزمن على شاطئ الخليج العربي بجوار الكوشيين، وقد تركوا أرضهم هذه لسبب غير معروف، فربما توالت عليهم الزلازل فهربوا منها، وربما وقع نزاع بينهم وبين الكوشيين، وربما السبب هو هجوم ملوك العيلاميين على بابل سنة 2250 ق.م. وقرضهم لدولة الكوشيين. وعندما نزح الكنعانيون إلى أرضهم فلسطين أزاحوا بعض السكان القدامى من الأراميين، وهم من نسل أرام بن سام بن نوح، وكانوا قد شيدوا مدينة جبيل قبل حلول الكنعانيين بأراضيهم.
5- عاش الكنعانيون في مدن مستقلة، يدير شئون كل مدينة أمير، ويسمونه أيضًا ملك، مثل الملوك الذين حاربهم يشوع وقضى عليهم، ويقول المطران يوسف الدبس": "ولم تكن تتحد كلمتهم إلاَّ إذا فاجأتهم غارة أو حلت بهم نكبة عامة. ولم يكونوا مع هذا ليتألَّبوا دائمًا عند حلول النوائب بل كثيرًا ما تركوا العدو ينكل ويفتك بهم تباعًا. ولم يكن عندهم عصبة ولا تناصر بل توفرت بينهم العداوات والحروب الأهلية... لم يكن للعشيرة الواحدة على الأخرى سيادة تامة أو مُطلقة بل كانوا أحلافًا يتناصرون"(4).
6- عندما ترك أبينا إبراهيم موطنه في أور الكلدانيين جاء إلى هذه الأرض، وعاش متنقلًا فيها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقد حدثت مخاصمة بين رعاته ورعاة لوط لأن الأرض لم تحتملهما ولاسيما أن الكنعانيين كانوا ساكنين في الأرض (تك 13: 5-7) وفي هذه الأرض تغرَّب إسحق، وأيضًا يعقوب وبنيه قبل نزولهم إلى أرض مصر، وتزوج أثنين من أولاد يعقوب وهما يهوذا وشمعون من بنات الكنعانيين (تك 38: 2، 46: 10) وفي أيام يشوع تركز الكنعانيون في المناطق الساحلية "جميع ملوك الكنعانيين الذين على البحر" (يش 5: 1).
7- كثيرًا ما كان فرعون مصر يفرض سيطرته على شعوب كنعان باستثناء الحثيين، ولكن بمجرد موت فرعون أو انكساره في الحرب أو حدوث اضطراب في مصر، كان الكنعانيون يسرعون بالتمرد ويرفضون دفع الجزية، حتى يعود فرعون أو خليفته ويقتص منهم فيخضعون له، ففي الأسرة السادسة في القرن الرابع والعشرين ق.م. كلَّف فرعون مصر " ويني " أحد رجال حاشيته المشرف على السوق الملكي لمنتجات البساتين لقمع القلاقل التي تجتاح أرض كنعان، وقد قام "ويني" بمثل هذه الحملة خمس مرات، وهذا دليل كافٍ على محاولات الكنعانيين المتكرّرة للخلاص من النفوذ المصري، حتى وإن كان ما سجله " ويني " يتسم بالحماس الزائد والزهو والمبالغة، فقال:
" عندما أعتزم جلالته تأديب الأسيويين الذي يقيمون على الجانب الآخر للرمال، أعدَّ جيشًا من عشرات الألوف من المجندين الذين يأتون من الوجهين القبلي والبحري، وقد أوفدني جلالته على رأس هذا الجيش... إن أحدًا لم يتعارك مع زميل له، ولم يسرق أحد رغيفًا أو صندلًا من مسافر، ولم يسلب أحد جلبابًا من بلدة ما، ولم يستولِ أحد على عنزة من شخص ما، ولقد قدت قواتي...
وعاد هذا الجيش سالمًا، بعد أن سحق أولئك الذين يعيشون على الجانب الآخر للرمال.
عاد هذا الجيش سالمًا بعد أن محق مدنهم الحصينة!
عاد هذا الجيش سالمًا بعد أن اجتث أشجار فاكهتهم وتكعيبات عنبهم!
عاد هذا الجيش سالمًا بعد أن أشعل النار في كافة مساكنهم!
عاد هذا الجيش سالمًا بعد أن ذبح قوات العدو بعشرات الألوف!
عاد هذا الجيش سالمًا، ومصطحبًا أعداد غفيرة من القوات التي رفعت السلاح في وجه المصريين كأسرى حرب.
وقد أثنى عليَّ جلالته ثناء فاق كل الحدود. وكلفني جلالته بقيادة هذا الجيش في خمس مناسبات متتالية حتى أخضع بلاد أولئك الذين يعيشون على الجانب الآخر للرمال كلما رفعوا راية العصيان"(5).
وخلال الأسرتين الثانية عشر والثالثة عشر في مصر من سنة نحو (2000-1700 ق. م.) قال كل من "أنتيف" Antef، و"نسومونتو" Nessumentu إنهما دمَّرا مستوطنات كنعانية حصينة حيث قادا الحملة(6).
1- الحثيون في الكتاب المقدَّس: الحثيون هم بنو حث الابن الثاني لكنعان " وكنعان ولد صيدون بكره وحِثًّا" (تك 10: 15) ومن عفرون الحثي اشترى أبينا إبراهيم مغارة المكفلية (تك 23: 10 - 18) ومن بنات حث أتخذ عيسو امرأتين "يهوديت ابنة بيري الحثي وبسمة ابنة إيلون الحثي فكانتا مرارة نفس لإسحق ورفقة" (تك 26: 34، 35).. " وقالت رفقة لإسحق ملَّلتُ حياتي من أجل بنات حث. إن كان يعقوب يأخذ زوجة من بنات حث مثل هؤلاء من بنات الأرض فلماذا لي حياة" (تك 27: 46) وتمثل أرض الحثيين جزءًا من أرض الموعد " في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرآم ميثاقًا قائلًا: لنسلك أُعطي هذه الأرض... والحثيّين والفرزّيّين والرفائيّين والأموريّين والكنعانيّين والجرجاشيّين واليبوسيّين" (تك 15: 18 - 21) وعندما حلَّ يشوع بأرض أريحا وعاي " ولما سمع جميع الملوك الذين في عبر الأردن في الجبل وفي السهل وفي كل ساحل البحر الكبير إلى جهة لبنان الحثيون والأموريون والكنعانيون والفرزيون والحوّيُّون واليبوسيون. إجتمعوا معًا لمحاربة يشوع وإٍسرائيل بصوت واحد" (يش 9: 1، 2) وقد حقَّق يشوع النصرة عليهم، وامتلك جزءًا من الأرض، وأوصى شعبه بالمثابرة نحو امتلاك بقية الأرض قائلًا " الرب إلهكم هو المحارب عنكم. انظروا. قد قسمت لكم بالقرعة هؤلاء الشعوب الباقين مُلكًا... الرب إلهكم هو ينفيهم من أمامكم ويطردهم من قدامكم فتمتلكون أرضهم كما كلمكم الرب إلهكم" (يش 23: 3 - 5) ولكن بنو إسرائيل تقاعسوا عن طردهم، بل وتخالطوا وتصاهروا معهم وعبدوا آلهتهم " فسكن بنو إسرائيل في وسط الكنعانيين والحثيين" (قض 3: 5) وفي أيام داود الملك كان هناك تواجد للحثيين، فكان " أخيمالك الحثي" (1 صم 26: 6) صديقًا لداود، وكان من ضمن قادته الأبطال " أوريا الحثي" (2 صم 11: 9 - 13) وتزوج سليمان بنساء حثيَّات (1 مل 11: 1) كما استخدم الحثيين مثل غيرهم من شعوب الأرض للتسخير " جميع الشعب الباقين من الأموريين والحثيين والفرزيين والحويين واليبوسيين... الذي لم يقدر بنو إسرائيل أن يحرموهم جعل عليهم سليمان تسخير عبيد إلى هذا اليوم" (1 مل 9: 20، 21) وأيضًا أقام سليمان علاقات تجارية مع ملوك الحثيين (1 مل 10: 29).
2- تاريخ الحثيين: ظل تاريخ الحثيين مجهولًا وشكَّك الكثيرون في حقيقة وجود الإمبراطورية الحثية، إلى أن أكتشف البحَّاث تاريخ الحثيين من الآثار المصرية القديمة، والآثار الكلدانية، والآثار الحثية ذاتها، ففي عام 1812م مرَّ الجوالة الإنجليزي " بوركرد " Burckardet في حماة فلفت نظره وجود كتابات على الجدران الأثرية قريبة من اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) ولكنها ليست بهيروغليفية فسجل هذه الملاحظة، وعندما زار "جونسون" Johnson و"جاسوب" Jessup الجوالان الأمريكيان حماة اهتما بنسخ تلك الكتابات، ثم قام العالِم " شارل دراك " Charles Drak بناء على تكليف لجنة الاكتشافات في فلسطين بنقل تلك الكتابات، وأعقبه العالِم " وريث " Wright بمعاونة " صبحي باشا " وإلى سوريا حينئذ فنقل أيضًا هذه الكتابات. وخضعت هذه الكتابات للدراسة، وفي سنة 1871م تم اكتشاف نقوش أيضًا في كركميش تُظهر إمبراطورية الحثيين كإمبراطورية عظيمة ازدهرت خلال فترة طويلة من التاريخ من 1900 - 1200 ق.م. وأيضًا أظهرت الآثار المصرية الحثيين وهم يتميزون بأنوف كبيرة، يحلقون لحاههم وشواربهم وشعور رأسهم، وبشرتهم بيضاء ضاربة إلى الحمرة، ويرتدون قميص مستطيل يصل إلى العقبين، وأحذيتهم معكوفة إلى فوق، وجيوشهم مدرَّبة على القتال وتعتمد قدرتهم الحربية على الخيل والمركبات العسكرية الصغيرة التي يجرها فرسان وتقل السائق مع أثنين من المقاتلين.
ويقول " ف. ب. ماير": "دلتنا الاكتشافات الهامة الأخيرة أن الحثيين كانوا شعبًا عظيمًا، مثقفين ثقافة عالية، ولهم من الكفاية ما يجعلهم ينافسون مصر وآشور"(7).
ويقول المطران يوسف الدبس أن "الشاعر المصري "بنتاور" روى أنه كان للحثيين عند محاربتهم رمسيس الثاني ألفان وخمسمائة مركبة للحرب"(8).
وتم أيضًا اكتشاف عشرة آلاف لوحة طينية في بوغاز كوي بتركيا تؤكد حقيقة الشعب الحثي، وجاء في دائرة المعارف " قد أكتشف "د. وينكلر" في سنة 1906م في أطلال ملوك الحثيين في " بوغاز كوي " آلاف الألواح المنقوشة باللغة المسمارية Cuneiform ترجع إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وقد تم سنة 1920م التوصل إلى فك رموزها. وقد ثبت أنها سجلات حكومية، كان البعض منها مشابهًا ومعاصرًا لرسائل تل العمارنة، بل لقد ورد بها أسماء الفراعنة المعاصرين... وفي الألف الثالثة قبل الميلاد، قامت في أواسط الأناضول عدة ممالك صغيرة من أصول غير ساميّة، كانت إحداها مملكة الحاتيين Hattians... ولكن بافول نجم هذه الممالك الحثية الصغيرة في نحو 1750 ق.م. انتقل مركز قوة الحثيين إلى "خاتوساس" Hattusas... في حوالي 1600 ق.م. استطاع "مورسيليس الأول" Mursilis (حوالي 1620 - 1590 ق. م.) أن يقتحم مدينة بابل القوية وينهبها، مما كان له أثره في سقوط الإمبراطورية البابلية الأولى، وفيما بين 1600 - 1400 ق.م. سادت فترة من المنازعات الداخلية مما أضعف النفوذ الحثي في الخارج"(9).
ويقول " قليني نجيب": "ظل شعب الحثيين مجهولًا لدى علماء الآثار حتى أعلن سايس A.H Sayce في محاضرة له بجمعية الآثار الإنجليزية أنه عثر على آثار للحثيين. وبفضل جهود كل من ل. دي لابورت L. De Laporte وA. Juret تم تأسيس جمعية الدراسات الحثية والأشورية في باريس عام 1930م، وكانت تنشر أبحاث العلماء في المجلة الحثية الأسيوية... وكان الكتاب المقدَّس هو أول مصدر تاريخي يذكر الحثيين قبل اكتشاف الوثائق الحثية -بعد ذلك- في بوغاز كوي (1893 - 1906م) والتي يُقدَّر عددها بنحو عشرة آلاف لوح مسماري... كما عُثر على كتابات أخرى في كركميش وحلب وحماة ورأس الشمرة، ومعظمها محفوظ في المتحف البريطاني ومتحف استانبول. ويقول الدكتور سليم حسن عن قوم خيتا (الحثيين) أنهم {يُعدَون ضمن القبائل السورية الصغيرة التي ذُكرت في التوراة، وكان كل ما يُعرَف عنهم مستقى من كتاب العهد القديم... غير أن علم الآثار الحيثيية لم يبتدئ فعلًا إلاَّ في عام 1886م... ولفظة خيثيين (خيتيين) وصلتنا من كتاب العهد القديم وقد وجدت في الخط المسماري بلفظة "خاتي" وفي المصرية "ختي"(10) وفي العام السادس من القرن العشرين تم العثور في بوغاز كوي شمال شرق أنقرة - حيث كانت توجد عاصمة الحيثيين - على الألواح آنفة الذكر وهي منقوشة بالبابلية والحثية المحلية {وهي تؤكد أن المملكة الحثية كانت إحدى القوى العظمى في الشرق الأدنى القديم في الآلف الثاني ق.م. وكان بين النصوص وثائق المعاهدات التي عقدها ملوك الحيثيين مع الدول المجاورة، والتي عثر على نماذج مماثلة لها في مصر وبلاد الرافدين""(11)(12).
وقد تركزت مملكة الحثيين في آسيا الصغرى، وهي شبه جزيرة يحدها البحر الأبيض المتوسط جنوبًا وغربًا، والبحر الأسود شمالًا، ورغم أن سواحل مملكة الحثيين بلغت 2000 ميل، فإن الحثيين لم يركبوا البحر ولم يمهروا فيه، بل عاشوا في الهضبة الوسطى في آسيا الصغرى، وكانت عاصمتهم "حاتوساس" أو "حاتوشا" Hattusas تقع على قمة تل يعلو قرية "بوغازكي" الحالية.
3- مصر والحثيين: عرف المصريون مملكة الحثيين ببلاد "خيتا" فهو الاسم الذي أطلقه المصريون عليهم، و"خيتا" هي "حاتي" Hatti وقد عاش فيها الحاتيون، وهم السكان الأصليون لأرض الحثيين، وقد حدثت أول معركة بين الحثيين وتحتمس الثالث سنة 1482 ق.م. في مجدو، فانتصر عليهم، ووجد في رسائل تل العمارنة حوالي 1375 ق.م. رسالة قادمة من ممثلي فرعون في الساحل الفينيقي تستنجد بفرعون من تغلغل جيوش الحثيين في البلاد وتزايد خطرهم، وتلتمس إرسال القوات اللازمة للتصدي لهذه الغارات الحثية، وفي نحو سنة 1300 ق.م. كانت موقعة قادش الشهيرة، وقادش هم أهم مدينة حصينة للحثيين في برية حمص، وذكرت الآثار المصرية القديمة على جدار بهيكل الأقصر حصار رمسيس الثاني لهذه المدينة، ودعنا يا صديقي نطرح الصراعات بين مصر والحثيين بشيء من التفصيل، فقد اشتبكت مصر مع الحثيين في عدة حروب أعقبها عدة معاهدات:
أ - المعاهدة مع رمسيس الأول: يقول المطران يوسف الدبس " كان الحثيون حينئذ ذوي دولة قديرة فسيحة الأرجاء تهيم بالحروب وتعادل مصر قوة. فدخل رمسيس الأول فلسطين، فلم يصادف شديد مقاومة، فقد اعتاد أهلها أن يستسلموا إلى كل غازٍ أقبل على بلادهم، لكنه لم يبلغ نهر العاصي إلاَّ وقابلته جيوش لم تكن في الحُسبان. ولم نطلّع على تفاصيل هذه الحرب. فربما اضطرب المصريون عن ذكرها لأنها لم تكن مشرّفة لهم، لأن الظاهر في قرائن الحال أن رمسيس لم يقوَ على إخضاع الحثيين، بل أُلجي أن يعقد مع ملكهم معاهدة صلح مشترك بموجبها تلتزم كلتا الدولتين بالدفاع والمهاجمة على مَنْ يناوئ أحدهما ليتقي رمسيس الحرب التي أوقد نارها"(13).
ب- المعاهدة مع سيتي الأول: خلَّف رمسيس الأول ابنه سيتي الأول الذي حاول إخضاع الحثيين لسلطته، ويقول المطران يوسف الدبس أن سيتي " زحف في السنة التالية لملكه بعساكر جرارة إلى سورية فقلَّ من قاومه في فلسطين لأن ملوك الكنعانيين ولاسيما الفينيقيون لم يكن لهم هم إلاَّ بإرباح تجارتهم، فاستسلموا إليه وأدوا إليه جزيتهم وقدموا الذخائر لجنوده. ثم دان له الأراميون دون شديد نزاع... وفي أعالي جبل لبنان حتى ارتاع منه ملوك ما بين النهرين والعراق العربي، وأرسلوا إليه هدايا يسترضونه بها فحسبها جزية. لكن الطامة الكبرى أدركته عند بلوغه تخوم مملكة الحثيين في قرب العاصي، فقد استعرت نار الوغي على قلعة قادس وطال أجيجها... كان الحثيون يذبُّون عن مواطنهم قدمًا قدمًا، وكلما كثر عديد المواقع اشتدت حميتهم وبسالتهم حتى أعيوا فرعون فاضطر أن يوقّع على عهدة صلح مع "موتنار" ملكهم ضمنت لهم سلامة أملاكهم حتى ردت لهم قادس مدينتهم، ولم يلزموا أنفسهم إلاَّ الانكفاف عن الاعتداء على الأعمال المصرية وأن لا يثيروا ثورة على سلطة ملك مصر بل يكون بين المملكتين عهد دفاع وهجوم"(14).
جـ- المعاهدة مع رمسيس الثاني: خشى رمسيس الثاني بعد موت أبيه سيتي الأول أن ينقض الحثيون معاهدة الصلح الموقعة بين مصر وبينهم، وهذا ما حدث فعلًا، فإذ شعر الحثيون بقوة نفوذهم الذي امتد من قادس إلى أطراف آسيا الصغرى، ومن لبنان إلى الفرات، وإذ تآلبت معهم الشعوب الأخرى مثل سكان حلب وكركميش والجرجاشيون والأراميون والأرواديون، حتى أن ملك حلب قاد جيش قوامه 18 ألف جندي مع "موتنار" ملك الحثيين، وبلغت عدد المركبات العسكرية ألفان وخمسمائة مركبة، وقد أعلن " موتنار " نقضه لمعاهدة الصلح مع مصر، وثارت حمية الشباب في داخل فرعون مصر رمسيس الثاني، وجمع جيش جرار وخرج لقتال الحثيين، وأراد "موتنار" أن يخدع فرعون مصر فأرسل أعرابيين متنكرين يخبرانه بأن قبائلهم تود أن تخدم فرعون عوضًا عن ملك الحثيين، وأبلغاه بمعلومات كاذبة وأن "موتنار" يخشى بطشه، فبلع رمسيس الطُعم وأقبل إلى قادس بعدد قليل من جنوده، وفي الطريق التقى بجاسوسين فعذبهما حتى اعترفا بالحقيقة، ولكن الوقت كان قد فات، وهجم " موتنار " على الجيش المصري فشطره نصفين، ولكن شجاعة رمسيس الثاني البالغة - وبحسب ما جاء في الآثار المصرية - جعلته يخترق صفوف الحثيين ثماني مرات، حتى وحد صفوفه واشتبكت الحرب الضروس:
وبعد أن أختبر كل طرف قوة الآخر، اتجها إلى عقد معاهدة صلح بين رمسيس الثاني ملك مصر وكيتاسار ملك الحثيين، وجاء من ضمن ما جاء فيها: "أنه منذ هذا النهار فصاعدًا يكون سلام وإخاء مؤبدان بين بلاد مصر وبلاد الحثيين فلا تنشأ عداوة بينهما البتة، بل يكون ملك مصر العظيم أخًا لي مستمرًا على السلم معي، وأكون أخًا له مقيمًا على السلم معه منضمًا إليه كأن لكلينا قلبًا واحدًا... ولا يسطو ملك الحثيين على أرض مصر البتة ليأخذ منها شيئًا أيًّا كان...
فإذا غشا عدو أرض رمسيس ملك مصر وأوفد يقول لملك الحثيين: تعالَ فأنجدني، لزم على ملك الحثيين أن يأتي ويضرب العدو. وإذا تعذر عليه الحضور بنفسه أن يُرسل رجاله وخيله للإيقاع بالعدو. وكذا إذا غشا أرض الحثيين عدوًا وأستنجد ملكهم بملك مصر لزمه أن ينجده بنفسه أو برجاله وخيله... وأخيرًا يستدعي الملكان المتعاهدان آلهة كل قبيلة منهما ذكورًا وإناثًا للشهادة عليهما وللانتقام ممن يخالف شيئًا مما أبرمه الاتفاق.."(15).
وتُوّجت المعاهدة بزواج رمسيس الثاني بابنة " كيتاسار" (وقد ذكر في دائرة المعارف الكتابية باسم " مواتاليس " Muwatalis) وزار رمسيس الثاني بلاد الحثيين بناء على دعوة حماه له، كما حضر كيتاسار إلى مصر وأستقبله رمسيس في مدينة " رعمسيس " بأرض جاسان، وفصل نهر العاصي بين نفوذ الإمبراطورية المصرية والإمبراطورية الحثية، وفي سنة 1190 ق.م. انقضَّت جحافل الغزاة من شعوب البحر على الإمبراطورية الحثية فكانت نهايتها وسقطت عاصمتهم العظيمة حاتوساس(16).
1- هم من نسل كنعان، فهم أبناء الحوّىّ سادس أبناء كنعان " وكنعان ولد صيدون بكره وحثَّا. واليبوسي والأموري والجرجاشي والحوّىّ.." (تك 10: 15 - 17) وتزوج عيسو ابنة " صبعون الحوّي" (تك 36: 2) وسكن بعضهم في شكيم فكان " شكيم بن حمور الحوّىّ" (تك 34: 2) الذي اعتدى على دينة ابنة يعقوب من الحويّين، وكان سكان جبعون من الحويّين " لم تكون مدينة صالحت بني إسرائيل إلاَّ الحوّيّين سكان جبعون" (يش 11: 19) كما سكن بعض الحويّين في شمال البلاد في لبنان بجبل حرمون " والحوّيين سكان جبل لبنان من جبل بعل حرمون إلى مدخل حماه" (قض 3: 3)، وعملوا بالتجارة، ولذلك فضلوا حياة الاستقرار ونبذوا الحروب. وفي الإحصاء الذي عمله داود دخل في الإحصاء " جميع مدن الحوّيين" (2 صم 24: 7) وفي أيام سليمان خضعوا للتسخير وعملوا في تشييد المباني العظيمة (1 مل 9: 20، 21).
2- هل الحويُّون Hivites هم الحوريون Horites؟
يقول "القمص تادرس يعقوب": "في (تك 36: 2) ذُكر أن صبعون حوّى بينما في نفس الإصحاح (تك 36: 20، 39) أنه حُوريّ. وجاءت كلمة "حيوّي" في العبرية في (تك 34: 2) مترجمة في السبعينية "حوري".. والاحتمال القائم هو أن قسمًا من الحوريين يُعرف بالحويين، وأن كلمة " حوري " هي الأصل"(17).
1- كلمة فرزيين في اللغة العبرية تعني القرويين أو الفلاحين، ولذلك قال البعض أن الفرزيّين ليس شعبًا لأنه لم يكن أحد من أبناء كنعان باسم فريز، ويقول " المطران يوسف الدبس " ردًا على هذا: "وأما اسم الفرزيّين الوارد في آيات أخرى من الكتاب فيُراد به سكان القرى تميّيزًا لهم عن سكان المدن، لا فرع آخر من بني كنعان"(18). أما البعض الآخر فقد أكد أن الفرزيين كانوا من أول الشعوب التي استوطنت أرض كنعان قبل عصر إبراهيم " وكانت خصومة بين رعاة ماشية ابرام ورعاة ماشية لوط. والكنعانيون والفرزيون حينئذ يقيمون في الأرض" (تك 13: 7) وعقب حادثة دينة ابنة يعقوب وقتل شمعون ولاوي لشكيم وأهل مدينته، قال يعقوب لهما " كدرتماني بتكريهكما إياي عند سكان الأرض الكنعانيين والفرزيين" (تك 34: 30) وأيضًا قد أحصاهم الله من ضمن الشعوب العظيمة السبعة في أرض كنعان (تث 7: 1).
2- عندما دخل بنو إسرائيل أرض كنعان كان الفرزيون يقطنون في المناطق الجبلية " والفرزيين واليبوسيين في الجبل" (يش 11: 3) والتي كانت من نصيب أسباط أفرايم ومنسى ويهوذا، ولم يقضي عليهم بنو إسرائيل بل تخالطوا معهم وصاهروهم، وظل الفرزيون في أرض فلسطين حتى في أيام سليمان فوضعهم تحت التسخير (1 مل 9: 20، 21) وبعد العودة من السبي قال الرؤساء لعزرا " لم ينفصل شعب إسرائيل والكهنة واللاويين من شعوب الأراضي حسب رجاساتهم من الكنعانيين والحثيين والفرزيين واليبوسيين والعمونيين والموآبيين والمصريين والأموريين. لأنهم اتخذوا من بناتهم لأنفسهم ولبنيهم وأختلط الزرع المقدَّس بشعوب الأراضي" (عز 9: 1، 2).
من نسل كنعان، فهم أبناء الجرجاشي خامس أبناء كنعان (تك 10: 15، 16) وسكنوا في شرق بحر الجليل، وقد وعد الله إبراهيم بأن يعطي لنسله أرض الجرجاشيين (تك 15: 18-20) وذكرهم موسى النبي ضمن الشعوب السبعة العظيمة التي سكنت أرض كنعان قبل دخول بني إسرائيل إليها (تث 7: 1) وهم غير الجرجسيين الذين جاء ذكرهم في العهد الجديد " ولما جاء إلى العبر إلى كورة الجرجسيّين أستقبله مجنونان" (مت 8: 28).
1- هم من نسل كنعان، فهم أبناء الأموري رابع أبناء كنعان " وكنعان ولد صيدون بكره وحيثًّا. واليبوسي والأموري" (تك 10: 15، 16) وبدايتهم يشوبها الغموض، لكن كان لهم تواجد في الساحل الغربي للبحر الميت.
ويقول " الأستاذ جرجس صالح إبراهيم " أستاذ العهد القديم بالإكليريكيات: "الأموريون: انضموا للكنعانيين حوالي عام 2500 ق.م. وكانوا أولًا يعيشون عيشة البداوة، ثم تحضَّروا وأسَّسوا فيما بعد دولة ماري على الفرات المتوسط، وحوالي سنة 1830 ق. م. أنشأوا السلالة البابلية الأولى"(19).
وفي أيام أبينا إبراهيم قام كدرلعومر ملك عيلام والملوك الذين معه "وضربوا كل بلاد العمالقة وأيضًا الأموريين" (تك 14: 7) وكان من الأموريين "أخي أشكول وأخي عانر. وكانوا أصحاب عهدٍ مع ابرآم" (تك 14: 13).
وقد استُخْدمت كلمة أموري في العهد القديم للدلالة على كل سكان فلسطين بصفة عامة، وذُكر أسمهم بدلًا من اسم الكنعانيين سكان فلسطين الأصليين، فقال الله لإبراهيم " لأن ذنب الأموريين ليس إلى الآن كاملًا" (تك 15: 16) وأطلق يشوع بن نون اسم الأموريين على كل سكان كنعان، ففي صلاته عقب هزيمة بني إسرائيل أمام عاي قال "لكي تدفعنا إلى يد الأموريين ليبيدونا" (يش 7: 7) وجاء في "دائرة المعارف": "وعلى وجه العموم كان اسم " أموري " في العصر البابلي يشمل كل الشعوب المتحضرة المستوطنة غرب الفرات مهما كانت الأجناس التي ينتمون إليها"(20) وكان للأموريين تواجد في شكيم أيام أبينا يعقوب (تك 48: 22).
2- كان للأموريّين تواجد في شرق نهر الأردن، ومن أشهر ملوكهم " عوج " ملك باشان، و" سيحون " وكانت عاصمة ملكة حشبون، وعندما طلب موسى أن يعبر في تخومهم مجرد عبور لا أكثر، خرج سيحون لمحاربة إسرائيل، فانتصر عليهم بنو إسرائيل وامتلكوا أرضهم " فضربه إسرائيل بحد السيف وملك أرضه من أرنون إلى يبوق إلى بني عمون... وأقام إسرائيل في جميع مدن الأموريّين" (عد 21: 24، 25) ولم يستطع كموش إلههم أن يخلصهم " لأن نارًا خرجت من حشبون لهيبًا من قرية سيحون... ويل لك ياموآب. هلكت يا أمة كموش" (عد 21: 28، 29) وكذلك ضرب بنو إسرائيل عوج وبنيه وجميع قومه (عد 21: 33 - 35) أما تواجدهم غرب الأردن فقد استمر، وقال الكتاب " جميع ملوك الأموريّين الذين في عبر الأردن غربًا" (يش 5: 1).
3- عندما ضعفت الإمبراطورية المصرية لجأ الأموريون للإمبراطورية الحثية، فجاء في " دائرة المعارف": "عندما بدأت الإمبراطورية المصرية في التفكك في عصر أمنحتب الرابع (أخناتون) في نهاية عهد الأسرة الثامنة عشر (1400 ق. م.) كان من الطبيعي أن يلتفت الأمراء والأموريون إلى جيرانهم الأقوياء في الشمال... وهكذا وجد "أزيرو" (الأموري) أنه من الأفضل أن يلجأ إلى الحثيين ويدفع للحكومة الحثية جزية سنوية قدرها 300000 شاقل من الذهب. ومنذ ذلك الوقت أصبحت مملكة الأموريين خاضعة للإمبراطورية الحثية"(21).
4- عندما عبر يشوع بن نون بشعبه نهر الأردن من الشرق للغرب، وحصل الجبعونيين بخدعة على عهد سلام معه " اجتمع ملوك الأموريين الخمسة ملك أورشليم وملك حبرون وملك يرموت وملك لخيش وملك عجلون وصعدوا هم وكل جيوشهم ونزلوا إلى جبعون وحاربوها" (يش 10: 5) فاستنجد الجبعونيون بيشوع فنجدهم وفاجأ هؤلاء الملوك وأنتصر عليهم، ولكن ظل للأموريون تواجد في غرب الأردن، ففي أيام صموئيل النبي " كان صلح بين إسرائيل والأموريين" (1 صم 7: 14) وفي أيام سليمان أستخدمهم للتسخير " جميع الشعب الباقين من الأموريّين والحثيّين والفرزيّين والحويّين واليبوسيّين... جعل عليهم سليمان تسخير عبيد" (1 مل 9: 20، 21).
5- تقول " الأخت الإكليريكية وفاء فريد زخاري"(22): "كان الأموريون يتكلمون لغة سامية، وقد حكموا أجزاء من فلسطين وسوريا وبابل لبعض الوقت، ودعى البابليون قبل سنة 2000 ق.م. أرض فلسطين وسوريا بأرض الأموريين، وكانت عاصمتهم في أوائل الألف الثانية قبل الميلاد هي " ماري " التي تقع على نهر الفرات وتُدعى الآن " تل الحريري " وأُكتشف بها قصر كبير وما يقرب من عشرين ألف لوحة فخارية مكتوب عليها بالخط المسماري. وفي عصر أبينا إبراهيم مثل الأموريون أهم قبيلة في الأرض الجبلية في جنوب فلسطين، وفي وقت الخروج كان الأموريون مازالوا يقطنون ذلك الإقليم (عد 13: 29، تث 1: 7، 19، 20، 44) وكانوا قد امتلكوا قبل الخروج ما وراء الأردن من نهر أرنون في الجنوب إلى جبل حرمون في الشمال (عد 21: 26 - 30، تث 4: 48، يش 9: 10، قض 11: 22)"(23).
1- هم من نسل كنعان، فهم أبناء اليابوسي ثالث أبناء كنعان (تك 10: 15، 16) وقد وعد الله إبراهيم بأن نسله سيمتلك أرضهم (تك 15: 18-20) وقد استولى اليبوسيون على المدينة الكنعانية الحصينة "يوروسليما" كما ورد أسمها في رسائل تل العمارنة ودعوها " يبوس " ثم دُعيت في سفر القضاة باسم أورشليم نسبة إلى أسمها القديم (يوروسليما) " جاء إلى مقابل يبوس. هي أورشليم" (قض 19: 10) ويرى العلامة أوريجانوس أن معنى "يبوس" أي "يدوس بالأقدام" فهي تحمل معنى رمزي لمن يدنس الشيء وينجسه بأقدامه.
2- أتحد ملكهم أدوني صادق مع ملوك الجنوب ضد يشوع، ولكن يشوع هزمهم (يش 10) وإستولى على حصونهم، بينما لبثوا هم في يبوس الحصينة " وأما اليبوسيون الساكنون في أورشليم فلم يقدر بنو يهوذا على طردهم" (يش 15: 63) ووقعت أرض اليبوسيين بالقرعة ضمن سبط بنيامين، وبالرغم أنه بعد وفاة يشوع " حارب بنو يهوذا أورشليم وأخذوها وضربوها بحد السيف وأشعلوا المدينة بالنار" (قض 1: 8) إلاَّ أن اليبوسيين أستعادوا المدينة " وبنو بنيامين لم يطردوا اليبوسيين سكان أورشليم فسكن اليبوسيون مع بني بنيامين في أورشليم" (قض 1: 21).
3- عندما تحدى اليبوسيون داود معتمدين على حصانة مدينتهم التي تُحاط بوديان عميقة، وهي وادي قدرون شرقًا، ووادي ابن هنوم جنوبًا وغربًا، وقالوا له لا تدخل إلى هنا (2 صم 5: 6) فأخذ داود المدينة وجعلها عاصمة مملكته. وعندما أحصى داود الشعب وغضب عليه الله، وبسط الملاك المُهلِك يده على أورشليم ليهلكها، وكان الملاك واقفًا عند بيدر "أرونة اليبوسي" اشترى منه داود الحقل وأقام مذبحًا وقدم ذبائح فكفت الضربة عن إسرائيل (2 صم 24: 13 - 25) وفي حكم سليمان جعلهم كبقية الأموريين والحثيين والفرزيين والحويين للتسخير (1 مل 9: 20، 21).
_____
(*) إضافة من الموقع: لهم ذِكر كذلك في العهد الجديد: "ثُمَّ أَهْلَكَ سَبْعَ أُمَمٍ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَقَسَمَ لَهُمْ أَرْضَهُمْ بِالْقُرْعَةِ." (أع 13: 19).
(1) راجع دائرة المعارف الكتابية جـ 6 ص 393.
(2) ترجمة بيومي قنديل - مصر وكنعان وإسرائيل في العصور القديمة ص 20.
(3) راجع د. إبراهيم سالم الطرزي - أبيجرافيا وأبوكريفا العهد القديم الكتاب الأول ص 12.
(4) تاريخ الشعوب المشرقية في الدين والسياسة والاجتماع جـ 1 ص 246.
(5) ترجمة بيومي قنديل - مصر وكنعان وإسرائيل في العصور القديمة ص 87، 88.
(6) راجع مصر وكنعان وإسرائيل في العصور القديمة ص 132.
(7) حياة يشوع ص 34.
(8) تاريخ الشعوب المشرقية في الدين والسياسة والاجتماع جـ 1 ص 203.
(9) دائرة المعارف الكتابية جـ 3 ص 25، 26.
(10) مصر القديمة جـ 5 ص 639.
(11) د. أحمد رحيم هبو - تاريخ الشرق القديم.
(12) الكتاب المقدَّس بين التاريخ والآثار ص 78، 79.
(13) تاريخ الشعوب المشرقية في الدين والسياسة والاجتماع جـ 1 ص 172.
(14) المرجع السابق ص 173.
(15) تاريخ الشعوب المشرقية في الدين والسياسة والاجتماع جـ 1 ص 180.
(16) راجع دائرة المعارف جـ 3 ص 76، 77.
(17) تفسير سفر يشوع ص 27.
(18) الشعوب المشرقية في الدين والسياسة والاجتماع جـ 1 ص 246.
(19) مذكرة في تاريخ شعب العهد القديم ص 2.
(20) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 426.
(21) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 425.
(22) الكلية الإكليريكية بدمنهور.
(23) من أبحاث النقد الكتابي.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/906.html
تقصير الرابط:
tak.la/4rbzp5h