St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1628- متى كُتب سفر المزامير؟ ومتى تم جمعه وضمه للأسفار المقدَّسة؟

 

 ويقول "أ. د. محمد خليفة حسن": " وكالعادة هناك اختلاف بين علماء النقد حول تاريخ كتابة سفر المزامير، فقد اعتبره بعضهم من كتابات ما قبـل السبي، بينما نسبه فريق آخر إلى فترة ما بعد السبي، ونسبه عدد آخر إلى العصر المكابي" (38).

 ويقول "عاطف عبد الغني": " ولعل أصحاحات المزامير أوضح مثل على خلط التوراة أحيانًا للأزمنة، فهيَ تجمع بين ثلاثة منها:

الأول: زمن داود.

الثاني: زمن السبي وفيه تعود الصورة القديمة للرب المحارب عن أمة اليهود (رب الجنود). هذه الصورة التي تتسق مع طلب العون المادي من الإله الجبار، وبعد أن كانت مزامير داود الشعرية، بها تسبيحات وطلب للغفران فمزامير آساف وقورح يسيطر عليها الشر وتصدر من قلبين يشتهيان الانتقام ويصدران الحقد، فتستدعي هذه المزامير صورة يهوه الجبار ليعود فينتقم من أعداء إسرائيل.

 أما الزمن الثالث فهو زمن العودة من السبي، ونكتشفه في المزمور الخامس والتسعين وبعض المزامير التي تليه وتحمل ترانيم الفرحة بالخلاص (39).

 ويقول "د. حسن الباش": " مثل المزامير، مثل التوراة، فقبل السبي البابلي لم تكن مدوَّنة، وعندما ظهر عزرا الكاتب جمع ما يُسمى أسفار التوراة، وجمع ما يُسمى بالمزامير وضمها في كتاب واحد أطلق عليه اسم كتاب التوراة، ومن ثم بقيت المزامير في التوراة العبرانية كجزء منها..

 ويرى الفيلسوف سبينوزا أن المزامير جُمعت وقُسمت إلى خمسة أقسام -أسفار- بعد إعادة بناء المعبد، أي بعد مجيء المسبيين من بني إسرائيل من بابل إلى فلسطين.. وقد ظلت هذه المزامير فترة من الزمان مهجورة لا تستعمل في المعبد ولا يُتعَبَد بها. وقد تكون بأثر هذا الإهمال قد تعرضت للضياع أو التلف أو التحريف. ويقول فخري عطية أن حزقيا هو الذي أعاد مزامير داود إلى مكانها من الاستعمال في الهيكل اعتمادًا على قول الكتاب: وقال حزقيا الملك والرؤساء للاويين أن يسبحوا الرب بكلام داود وآساف الرائي" (40).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج : 1ــ سفر المزامير هو السفر الوحيد الذي استغرق في كتابته أكثر من سبعمائة عام بداية من داود النبي مرنم إسرائيل الحلو في القرن العاشر ق.م، وحتى نحو سنة 200 ق.م، بل أن موسى في القرن الخامس عشر قبل الميلاد كتب المزمور (90) وضُمَ لسفر المزامير، وجميع المزامير التي تحمل اسم كتبتها يُعرف بالتقريب زمن كتابتها، وهو الزمن الذي عاش فيه هؤلاء الكُتَّاب. أما بقية المزامير التي لا تحمل في عناوينها اسم كتبتها فيصعب تحديد زمن كتابتها.

 كما يجدر الإشارة إلى أن الأسفار الأخرى ضمت تسابيح وترانيم أخرى لم ترد في سفر المزامير، مثل ترنيمة موسى ومريم بعد الخروج من أرض مصر، وترنيمة دبورة القاضية بعد الانتصار على يابين ملك كنعـان ورئيس جيشه سيسرا، وترنيمة حنة أم صموئيل النبي بعد أن أنجبت صموئيل، وتسبحة العذراء مريم.. إلخ.

 

2ـ بدأ جمع المزامير واستخدامها في العبادة في حياة داود وسليمان، واستمر جمع المزامير على يد يهوشافاط وحزقيا ويوشيا ملوك يهوذا أثناء النهضات الروحية، وهذا يعني أن السفر تم جمعه على عدة مراحل من خلال خمسة كتب:

 (1) تم تجميع مزامير الكتاب الأول (مز 1-41) باعتبار أن معظمها صلوات لداود النبي.

 (2) تكوَّنت مجموعة مزامير أخرى لداود بالإضافة لمزامير لقورح وآساف.

 (3) تكوَّن الكتاب الثاني (مز 42-73) بالإضافة لعشرة مزاميـر أخرى (مز 74-83) من مزامير لداود ولقورح ولآساف وللاويين.

 (4) أضيف ستة مزامير ملحق من مزامير بني قورح ومزامير أخرى (مز 84-89) وبذلك اكتمل الكتاب الثالث (مز 73-89).

 (5) تكوَّن الكتاب الرابع (مز 90-106) والكتاب الخامس (مز 107-150) وبذلك اكتمل سفر المزامير بعد أن جمع عزرا الكتابين الرابع والخامس، ثم أُضيف إليهما المزامير التي جاءت متأخرة في عصر عزرا.

 واستخدمت المزامير في العبادة منذ زمن داود النبي، وهذا أدى إلى نسخها بوفرة أكثر من أي سفر آخر، وقد نُسخت مثل بقية الأسفار بعناية بالغة.

 

 3ــ نحن نوافق عاطف عبد الغني في قوله بأن سفر المزامير لم يُكتب في فترة زمنية واحدة، بل كُتب في ثلاثة عصور، عصر داود، وعصر السبي، وعصر ما بعد السبي، ولكننا لا نوافقه على أن نبرة المزامير قد تغيرت من نبرة التسابيح في زمن داود إلى نبرة طلب الانتقام في عصر السبي، لأن هناك العديد من مزامير داود كانت تطلب من الله الانتقام من الأعداء، بمعنى تحقيق العدالة الناجزة، لتمجيد العدل الإلهي، ولنا عودة لمزامير النقمة عند حديثنا عن (مز 35 : 1-3).

 

 4ــ من المعروف أن المزامير جُمعت على فترات زمنية متفاوتة في خمسة كتب، ضمها سفر واحد، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ومنذ ولادتها وهيَ تُدعى "مزامير" وليس " توراة " كقول د. حسن الباش، لأنه من المعروف لدى جميع الدارسين أن التوراة هيَ أسفار موسى الخمسة، وقال الناقد أن المزامير ظلت مهجورة خلال فترات الضعف الروحي التي مرت بها مملكة يهوذا على يد بعض الملوك الأشرار الذي عطلوا العبادة في الهيكل، وأيضًا عندما تهدَّم الهيكل، وتغافل الناقد أن المزامير لم تستخدم في الهيكل فحسب، بل أنها كانت تستخدم في الصَّلاة الفردية، ولذلك لا نستطيع أن نقول أن الناس قد هجروا وتركوا الصَّلاة بالمزامير، بل أنهم عندما ذهبوا إلى أرض السبي في بابل لم يكفوا عن الصَّلاة بالمزامير، بل كُتبت مزامير أخرى في أرض السبي، وبعد العودة من السبي، وبذلك لا محل للقول بأن المزامير تعرَّضت للضياع والتلف والتحريف، بل أن المزامير أرَّخت لتلك الفترات المظلمة، فذكرت هدم الهيكل وحرقه سنة 586 ق.م على أيدي البابليين، فقال المرنم: " اَلَّلهُمّ، إِنَّ الأُمَمَ قَدْ دَخَلُوا مِيرَاثَكَ. نَجَّسُوا هَيْكَلَ قُدْسِكَ. جَعَلُوا أُورُشَلِيمَ أَكْوَامًا. دَفَعُوا جُثَثَ عَبِيدِكَ طَعَامًا لِطُيُورِ السَّمَاءِ.." (مز 79 : 1 - 7).

" لِمَاذَا رَفَضْتَنَا يَا اَللهُ إِلَى الأَبَدِ. لِمَاذَا يُدَخِّنُ غَضَبُكَ عَلَى غَنَمِ مَرْعَاكَ.. قَدْ حَطَّمَ الْعَدُوُّ فِــي الْمَقْدِسِ.. أَطْلَقُوا النَّارَ فِي مَقْدِسِكَ. دنَّسُوا لِلأَرْضِ مَسْكَنَ اسْمِكَ.." (مز 74 : 1-9).

وفي أرض السبي ترنَّموا بالمزمور:

" عَلَى أَنْهَارِ بَابِلَ هُنَاكَ جَلَسْنَا. بَكَيْنَا أَيْضًا عِنْدَمَا تَذَكَّرْنَا صِهْيَوْنَ.. كَيْفَ نُرَنِّمُ تَرْنِيمَةَ الرَّبِّ فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ.." (مز 137).

 وبعد العودة من السبي تُرجمت المزامير من العبرية إلى الأرامية بما عُرِف بترجوم المزامير، وتُرجمت في القرن الثالث قبل الميلاد للغة اليونانية ضمن "الترجمة السبعينية"، وفي القرن الثاني الميلادي تُرجمت للغة السريانية فيما عُرِف بالترجمة "البشيطا" أي البسيطة، وفي القرن الرابع الميلادي تُرجمت للغة اللاتينية فيما عُرِف بترجمة "الفولجاتا" أي الشعبية أو الشائعة، وقد عُثر في مخطوطات وادي قمران على 27 نصًا للمزامير وأربعة تفاسير تعود للقرن الأول الميلادي (راجع الخوري بولس الفغالي - المدخل إلى الكتاب المقدَّس جـ 1 ص 13، 14). وعلى مرّ العصور منذ داود النبي وللأن لم ينقطع اليهود ولا المسيحيين عن الصَّلاة والتسبيح بالمزامير، مما يجعل القول بضياعها أو تحريفها أمر غير معقول وغير مقبول.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(38) مدخل نقدي إلى أسفار العهد القديم ص 185.

 (39) أساطير التوراة ص 118.

(40) الكتاب والتوراة - عندما باع الحاخامات موسى عليه السلام ص 93، 94.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1628.html

تقصير الرابط:
tak.la/nwg97zn