St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1629- لماذا اختلف أسلوب المزامير وترتيبها في الترجمة السبعينية والقبطية عن الأصل العبري؟

 

 يقول "د. محمد علي البَار": " وبما أن العهد القديم بأكمله قد فُقد نصه العبري القديم ولم يبقَ منه إلاَّ النص اليوناني الذي ظهر في القرن الثاني قبل الميلاد، فإن تأثر كاتب العهد القديم بالنصوص اليونانية والعقائد الرومانية واضح تمام الوضوح. وكان فيلون الإسكندري يتزعم يهود الإسكندرية الذين أظهروا النص اليوناني للعهد القديم" (41).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج : 1ــ كما هو معروف أن الترجمة السبعينية ترجمة تفسيرية، ولذلك ركزت جدًا على نقل المعنى، فأبرزت معاني بعض الكلمات التي صارت غامضة في العبرية، فمما يُذكر للترجمة السبعينية أنها احتفظت لنا بمعاني كلمات عبرية لم تُعد تستخدم، وتُعد الترجمة السبعينية من أعظم الترجمات وقد استغرقت سنين عديدة خلال القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد على أيدي علماء أكفاء، وقد بذل المترجمون جهدًا عظيمًا حيث لم يكن بين أيديهم قواميس ولا كتب قواعد، كما أن النص العبري الذي أُخذت منه الترجمة السبعينية كان خاليًا من التشكيل، مما كان يجعل لبعض الكلمات أحيانًا أكثر من قراءة، ولكن في القرن السادس الميلادي قام المازوريون (علماء التقليد اليهودي) بوضع حركات الضبط للمزامير لتسهيل قراءتها وحتى يكن لها قراءة واحدة. واسم "يهوه" الذي كان شائعًا في العهد القديم ولم يجرؤ اليهود على النطق به، بل كانوا يستبدلونه بِاسم "أدوناي" أي الرب أو السيد، تركه المازوريون في كل موضع ورد فيه ووضعوا فوقه اسم "أدوناي"، ويقول "الأب متى المسكين": " أن أهم المخطوطات التي فيها الترجمة السبعينية لكتاب المزامير ما يأتي:

 مخطوطة الفاتيكان: وعلامتها B: وهيَ نسخة فاخرة للكتاب المقدَّس اليوناني مكتوبة في القرن الرابع الميلادي ومحفوظة الآن في مكتبة الفاتيكان بروما. ولكن عشر ورقات تحوي مزامير من (105 - 137 : 6)، فقد فقدت منها للأسف...

 النسخة السينائية:.. وهيَ فاخرة أيضًا ومكتوبة أيضًا في القرن الرابع الميلادي والتي عثر عليها هو تشندورف في دير سانت كاترين في جبل سيناء ونقلها إلى مكتبة سان بيترسبورج (بروسيا) وهيَ حاليًا بالمتحف البريطاني.

 النسخة الإسكندرانية: وعلامتها A: وهيَ مكتوبة في أواسط القرن الخامس، وقد أخذوها من الإسكندرية وهيَ الآن فــي المتحف البريطاني، ولكـن بهــا تسع ورقات غائبة من كتاب المزامير من (49 : 19) إلى (مز 79 : 10)" (42).

 ومن الترجمة السبعينية اقتبس كتَّاب العهد الجديد، كما استلمتها الكنيسة وأكملت عليها أسفار العهد الجديد، وقد أخذت الترجمة القبطية من السبعينية، وهذا يفسر اتفاقهما إلى حد بعيد في الأسلوب. كما ظهرت ثلاث ترجمات أخرى يونانية وهيَ:

(1) ترجمة أكيلا: وقد ركزت على الترجمة الحرفية، وهيَ ترجمة متقنة قام بها أكيلا عام 126م وهو يهودي، وما دفعه لهذه الترجمة استخدام المسيحيين للترجمة السبعينية للتدليل على انطباق أقوالها ونبواتها على السيد المسيح، فأراد أن يقاوم نفوذ الترجمة السبعينية، فركز على الترجمة الحرفية دون أن يراعي قواعد اللغة، وما وصل إلينا من هذه الترجمة شذرات متفرقة.

(2) ترجمة سيماخوس: وجاءت في القرن الثاني بعد ترجمة أكيلا، وسيماخوس كان أبونيًا، فهو إنسان هرطوقي، وجاءت ترجمته تجمع بين الدقة والوضوح والفصاحة، ولم يصلنا منها إلاَّ شذرات قليلة.

(3) ترجمة ثيودثيون: وظهرت أيضًا في القرن الثاني الميلادي، وكان ثيودوثيون هرطوقيًا أيضًا، وجاءت ترجمته معتمدة على السبعينية لأن إجادته للغة العبرية كان ضعيفًا، فجاءت ترجمته وكأنها مــراجعة للسبعينية (راجع دائرة المعارف الكتابية جـ1 ص351).

 

2ــ أدمجت الترجمة السبعينية مزموري 9، 10 في مزمور واحد، وكذلك مزموري 114، 115 في مزمور واحد، وقسَّمت المزمور 116 إلى مزمورين، وأيضًا قسَّمت المزمور 147 إلى مزمورين، فكانت النتيجة أن عدد المزامير وهو 150 ثابت في الأصل العبري وفي الترجمة السبعينية، ثم أضافت الترجمة السبعينية مزمور (151). (راجع الكتاب المقدَّس الدراسي ص 1257، ودائرة المعارف الكتابية جـ 4 ص 236).

 وبذلك يمكن تتبع المزامير في الأصل العبري والترجمة السبعينية كالآتي:

الأصل العبري

الترجمة السبعينية

أ - مز 1 - 8

ب- مز 9، 10

جـ- مز 11-113

د- مز 114، 115

هـ- مز 116

و- مز 117-146

ز- مز 147

حـ- مز 148-150

ط- مز -

1-8

9

10-112

113

114، 115

116-145

146، 147

148-150

151

 ويظهر من الترتيب السابق ما يلي:

أــ المزامير (1 - 8) متفقة في الترتيب بين العبري والسبعينية.

ب- مزموري 9، 10 في الأصل العبري مندمجان في السبعينية في مزمور (9).

جـ- المزامير (11- 113) في الأصل العبري هيَ المزامير (10-112) في السبعينية.

د- مزموري (114، 115) في الأصل العبري مندمجان في السبعينية في مزمور (113).

هـ- المزمور (116) في الأصل العبري مُنقسم في السبعينية إلى مزموري (114، 115).

وــ المزامير (117 - 146) في الأصل العبري هيَ المزامير (116 - 145) في السبعينية.

ز- المزمور (147) في الأصل العبري منقسم في السبعينية إلى مزموري (146، 147).

حـ- المزامير (148-150) متفقة في الترتيب في الأصل العبري والسبعينية.

ط- جاء المزمور (151) في الترجمة السبعينية، ولم يرد في المخطوطات العبرية المتاحة.

وأخذت ترجمة فانديك العربية البيروتية وترجمات أخرى من الأصل والترتيب العبري، بينما الترجمة القبطية والفولجاتا وترجمات أخرى أخذت من الترجمة السبعينية. وما يجب التأكيد عليه أنه لم يسقط مزمور واحد من الترجمة السبعينية، بل زاد فيها المزمور (151) الذي لا بُد أن له أصل عبري مفقود.

 

3ــ أخذت الترجمة القبطية من الترجمة السبعينية، والترجمة السبعينية أقدم وأوضح من الأصل العبري الماسوري الذي أُخذت منه ترجمة فانديك البيروتية، حيث كان المترجمون لليونانية على درجة عالية من الكفاءة، فلم يتقيدوا بالترجمة الحرفية أحيانًا بل بذلوا كل جهدهم لينقلوا المعنى المقصود في الأصل العبري والحفاظ على روح النص.

 ويقول "الشماس الدكتور إميل ماهر" عن الترجمة السبعينية أنها: " تنقل لنا قراءة أوضح للنص العبري الذي تنقل عنه، وهو نص أقدم وأوضح وأفضل من قراءة النص العبري المعروف بِاسم النص الماسوري أي التقليدي الذي تم تشكيل كلماته (باختراع علامات التشكيل للحروف الساكنة، في الفترة فيما بين القرنين السادس والعاشر للميلاد).

 وبالرغم من أن الترجمة السبعينية تميل إلى الحرفية الشديدة بصورة تكاد تكون استعبادًا لحرفية الكلمات والتراكيب العبرية، وهيَ سمة تميز على الأرجح يونانية اليهود الإسكندريين في تلك الفترة المبكرة، إلاَّ أن هذه الترجمة اليونانية لسفر المزامير تشهد لجدارة مترجميها ومعرفتهم الممتازة باللغة العبرية لدرجة جعلتهم لا يخشون من التخلي عن الحرفية في بعض المواقع لإعطاء المعنى الأصلي المقصود في النص العبري الذي يترجمون عنه" (43).

 وتُرجم سفر المزامير من السبعينية للقبطية في النصف الأول من القرن الثالث الميلادي، فكانت باكورة الترجمة القبطية التي اكتملت فيما بعد، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وتوجد مخطوطات عديدة لسفر المزامير باللغة القبطية سواء اللهجة الصعيدية أو البحيرية على ورق البردي والرقوق، كما توجد برديات باللهجة الأخميمية ترجع إلى القرن الرابع الميلادي، ويقول "الشماس الدكتور إميل ماهر": " وأهم قطعة بردية باللغة الأخميمية تحتوي على المزمور السادس والأربعين وترجع إلى النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي، فهيَ تعتبر أقدم جميع النصوص المسيحية المعروفة بتلك اللهجة، وقد قام كرم Crum بنشرها في سنة 1934م.

 وتتضح كثرة البرديات والرقوق القبطية القديمة التي تحتوي على سفر المزامير، أو أجزاء منه، والتي ترجع إلى القرن الخامس وما قبله، بمقارنة عددها الذي يمثل نصف عدد مخطوطات باقي أسفار العهـد القديم لها لنفس الفترة (النسبة 17 : 34).. وتتميز الترجمة القبطية لسفر المزامير بانفرادها في بعض المواضيع بنصوص لا وجود لها في النص العبري ولا في الترجمة السبعينية أو غيرها من الترجمات فمثلًا:

· مزمور 95 (= 96 ع): 10: "قولوا في الأمم أن الرب قد ملك" نجده في اللهجة البحيرية والصعيدية هذا: " قولوا في الأمم أن الرب قد ملك على خشبة "، وهكذا هو مكتوب أيضًا في الأجبية لأن المزمور 95 هو أول مزامير صلاة الساعة التاسعة.

· وفي المزمور 37 (= 38 ع): 20: "الذين جازوني عوض الخيرات شرورًا افتروا عليَّ لأني كنت أُحاضر نحو (= أتبع) العدل "، نجد أن هذه الآية تكمل في القبطية الصعيدية وبعض النسخ السبعينية اليونانية بالعبارة التالية:

 "رفضوني أنا الحبيب مثل ميــت مــرذول" وفي القبطية البحيرية: "رفضوني أنا الحبيب مثل ميت مرذول ومساميرًا جعلوا في جسدي"، وهذا النص القبطي البحيري هو المقتبس ضمن أرباع مزمور إنجيل الساعة السادسة من يوم الجمعة العظيمة" (44).

 

4ــ يتصوَّر "د. محمد علي البَار" أن النص العبري للعهد القديم فُقد منذ زمن طويل وفجأة ظهر النص اليوناني في القرن الثاني قبل الميلاد، وهذه مغالطة كبرى، لأنه لم يكن هناك فجوة زمنية بين الأصل العبري والترجمة السبعينية، فالنص العبري ظل قائمًا مستخدمًا وتُرجم إلى الأرامية بعد العودة من السبي، وتُرجم إلى اليونانية منذ القرن الثالث ق.م، وكان النص العبري أيضًا متاحًا لأكيلا وسيماخوس وثيودوثيون في القرن الثاني ق.م، وكان متاحًا أمام الذين قاموا بالترجمة السريانية في القرن الأول الميلادي... إلخ إذًا لم يمر وقت قط اختفى فيه الأصل العبري ثم عاد للظهور في شكل الترجمة اليونانية.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

 (41) أباطيل التوراة والعهد القديم "2" - الله والأنبياء في التوراة والعهد القديم ص 401.

(42) سفر المزامير - دراسة وشرح وتفسير - مقدمة ص 152.

 (43) سفر المزامير قبطي - عربي جـ 1 ص 94.

 (44) سفر المزامير قبطي عربي جـ 1 ص 97، 98.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1629.html

تقصير الرابط:
tak.la/4w5x7av