الفصل الأربعون: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8
إقامة البرهان:
من إبطال النبوة وخراب أورشليم،
من تجديد الأمم واتباعهم إله موسى.
وماذا بعد ليفعله المسيا ولم يتممه المسيح؟
1- إذن فاليهود يعيشون، والوقت الذي نتحدث عنه، والذي يحاولون أن يثبتوا أنه يشير إلى المستقبل قد حل فعلًا، لأنه متى بطلت النبوة والرؤيا من إسرائيل إلا عندما أتى المسيح قدوس القدوسين؟ لأنه من ضمن العلامات والبراهين القوية على مجيء كلمة الله أن أورشليم لا تكون قائمة فيما بعد، ولا يكون نبي قائمًا فيهم، ولا تعلن لهم رؤيا، وهذا أمر طبيعي جدًا.
2- لأنه إن كان الذي أُشير إليه قد جاء، فما هي الحاجة لأية إشارة تشير إليه بعد؟ إن كان الحق قد وافى فما هي الحاجة بعد إلى الظل؟ لأن هذا هو السبب الذي لأجله تنبأوا، أي إلى أن يأتي البر الحقيقي، المزمع أن يكون فدية عن الجميع، وكان هذا هو السبب في بقاء أورشليم إلى ذاك الوقت، أي حتى يتدربوا هناك في الرموز استعدادًا للحقيقة.
3- فعندما جاء “قدوس القدوسين” كان طبيعيًّا أن تختم الرؤيا والنبوة، وتبطل مملكة أورشليم. لأن الملوك كان يجب أن يمسحوا بينهم إلى أن يمسح “قدوس القدوسين”. ويعقوب تنبأ بأن مملكة اليهود تبقى حتى مجيئه قائلًا “لا يزول حاكم من يهوذا ورئيس من بين أحقائه حتى يأتي المعد له وهو رجاء الشعوب(119)“.
4- ومتى هتف المُخَلِّص نفسه أيضًا قائلًا “الناموس والأنبياء إلى يوحنا تنبأوا(120)“. فلو كان لليهود الآن ملك أو رؤيا، لجاز لهم أن ينكروا المسيح الذي أتى. أما أن لم يوجد ملك ولا رؤيا، بل من ذلك الوقت إلى الآن ختمت كل نبوة، وأخذت المدينة والهيكل، فلماذا يجحدون ويتمردون لهذا الحد، إذ وهم ينظرون ما حصل ينكرون المسيح الذي تمم كل شيء؟ ولماذا وهم يرون حتى الأمم يهجرون أوثانهم، ويركزون رجاءهم في إله إسرائيل بالمسيح - ينكرون المسيح الذي ولد من أصل يسى حسب الجسد، والذي صار ملكًا من ذلك الوقت إلى الآن؟ لأنه لو كانت الأمم تعبد إلهًا آخر، ولا تعترف باله إبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى، لجاز لهم مرة أخرى أن يدعوا بأن الله لم يأت.
5- أما إن كان الأمم(121) يكرمون نفس الإله الذي أعطى الناموس لموسى، وقرر الوعد لإبراهيم، والذي احتقر اليهود كلمته، فلماذا يجهلون، أو بالحري لماذا يتجاهلون، أن الرب الذي تنبأت عنه الكتب قد أشرق على العالم، وظهر له متجسدًا كما قال الكتاب “الرب الإله أنار علينا(122)” وأيضًا “أرسل كلمته فشفاهم(123)“، وأيضًا “لا رسول ولا ملاك بل الرب نفسه خلصهم(124)“.
6- ويمكن تشبيه حالتهم بإنسان غير متزن العقل يرى الأرض تضيئها الشمس. ولكنه ينكر الشمس اليت تنيرها. لأنه ماذا بقى لكي يفعله ذاك الذي ينتظرونه عندما يأتي؟ أيدعو الأمم؟ لقد تمت دعوتهم فعلًا. أيبطل النبوة والملك والرؤيا؟ وهذا أيضًا تم. أيفضح فساد العبادة الوثنية؟ لقد فضحت وشجبت فعلًا. أيبيد الموت؟ لقد أُبيد فعلًا.
7- إذن فأي شيء لم يفعله المسيح ولم يحصل؟ وأي شيء لم يتم حتى يصر اليهود على عدم إيمانهم؟ أقول لأنه إن كان -كما نرى فعلًا- لم يبق بعد ملك ولا نبي ولا أورشليم ولا ذبيحة ولا رؤيا بينهم، بل امتلأت الأرض كلها من معرفة الله، والأمم تركوا فساد عبادتهم الوثنية، والتجأوا الآن إلى إله إبراهيم “بالكلمة” ربنا يسوع المسيح، فيجب أن يكون واضحًا حينئذ -حتى لأشد الناس عنادًا- أن المسيح قد أتى، وأنه أنار الكل إطلاقًا بنوره، وأعطاهم التعليم الصحيح الإلهي عن أبيه.
8- هكذا يستطيع المرء أن يوبخ اليهود بحق بهذه الحجج وبغيرها من الكتب الإلهية.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(119) “لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع الشعوب” (تكوين 49: 10) (شيلون فُسِّرَت بمعنى “مَنْ له الحق”. انظر قاموس الكتاب المقدس).
(120) “الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبأوا” (متى 11: 13، لوقا 16: 16).
(122) “الرب هو الله وقد أنار لنا” مزمور 18: 37، انظر أيضًا (عدد 6: 25).
(123) (مزمور 107: 20).
(124) “فصار لهم مخلصًا. في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم بمحبته ورأفته هو فكهم” (إشعياء 63: 6، 8) أما في الترجمة السبعينية فقد وردت هذه الفقرة هكذا “فصار لهم مخلصًا من كل ضيقهم. لا سفير ولا رسول بل خلصهم بنفسه لأنه أحبهم ونجاهم، هو بنفسه فداهم”.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/incarnation-of-the-word/destruction-of-jerusalem.html
تقصير الرابط:
tak.la/a693qhw