تأتي أهمية دراسة أفكار ديديموس ومنهجه اللاهوتي، كعلامة على طريق تجديد المدرسة اللاهوتية ونمو المعرفة اللاهوتية في الإسكندرية في عهد البابا أثناسيوس الرسولي، إذ أن ديديموس وضع علمه اللاهوتي المؤسس على حياة تقوية نسكية مستنيرة بمعرفة الله في خدمة قضية الخلاص والإيمان، متتلمذًا على منهج البابا أثناسيوس، وتأثر بفكرة وأسلوبه، لذلك لم يكن اللاهوت بالنسبة له منهج دراسة خارجية بل هو رؤية شخصية داخلية، ولا يُعرف إلا بالشركة العميقة.
ويشبه عمل الرب في التعليم بضوء المصباح، لذلك يعبر عن المعرفة اللاهوتية بعبارات الإشراق والنور، فتكلم عن الأبرار اللاهوتيين وحالتهم النورانية، وعن الإنسان الداخلي أن وجهه نوراني، وعن اللاهوت الأرثوذكسي أنه إيمان متألق، وعن تعليم الثالوث النوراني وعن محبة الله النورانية، وعن الأبرار الذين يضيئون كالشمس وعن أورشليم السمائية المتألقة التي ليس فيها ظل.
كذلك أيضًا وصف المعرفة اللاهوتية بأنها طهارة، وهذا ما أكد عليه أوريجانوس من قبل، ويصف الطهارة في تفسيره للمزامير قائلًا:
(يحتاج الإنسان إلى أن يكون طاهر القلب ليقدر أن يمجد الله بالترانيم واللاهوتيات، فمعرفة الله توجد فقط حيث الشبع والسلام). (1)
Anthropocentric فاللاهوت عند ديديموس ليس متمركزًا حول الإنسان God-centred وليس محصلة للقياسات المنطقية العقلانية البشرية، بل هو متمركز حول الله لأنه قائم في سر الشركة، شركة الإلهي والإنساني في يسوع المسيح، وهو اختبار شخصي داخلي عميق، وحدث التجسد الإلهي هو مركز وبداية المعرفة اللاهوتية، إذ أنه:
(من المخلص الذي بلا خطية مشتهى قلوبنا ننال هبة النطق بالإلهيات).
ويتبع ديديموس البابا أثناسيوس في اعتبار كُتاب العهدين لاهوتيين، فاللوغوس المتجسد سلم الاستعلان اللاهوتي إلى تلاميذ المباركين، ويقول ديديموس:
(لقد استلم يوحنا عطية اللاهوت من المخلص الذي بلا خطية، الذي هو اشتياقنا، الذي ملأت رحمته الأرض، معلمًا نوع الإيمان الذي ينبغي أن نؤمن به معطيًا عقيدة عامة للجميع:
(في البدء كان الكلمة)
أي أنه بلا بدء وغير مخلوق). (2)
وتحدث ديديموس كثيرًا عن الفرح الذي يرتبط عنده بوفرة الخيرات الروحية، وكان هذا تعبيرًا عن كنوز السلام والفرح التي في نفس ديديموس، ونجد صدى هذا الفرح في تفسيره فهو التهليل الروحاني مع كل ما يقترن به في الكتاب المقدس مثل التراتيل والمدائح والأعياد.
واقترنت المعرفة اللاهوتية عند القديس ديديموس بالفرح والنور والتسبيح، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. الذي اعتبره القديس كنز الروح، لذلك يقول في تفسيره للمزمور 91:
(حين تسبح الله فأنت تنطق بالإلهيات أي تتأمل الأمور العجيبة التي صنعها الله فيك لأنه أقامك وقواك حتى تنجو من الموت وتحيا لمجده وتعلن أعماله). (3)
ويرى القديس ديديموس الضرير أن اللاهوت الخاص بالخليقة يعتمد على اللاهوت الخاص Soterology بالخلاص.
لأن غاية الوحي الإلهي من الحديث عن الخلق هو تصحيح الأفكار الخاطئة التي تسربت إلى إسرائيل.
يقول القديس ديديموس عن الله الخالق:
(يفكر البعض أن (البدء) هو زمن، ولكن من يتعمق في كلمة (البدء) يجد أنها لا تحمل معنى واحدًا بل أكثر من معنى، فأحيانًا تعني العلة، فيكون المعنى هنا أن السموات والأرض متواجدة في العلة.. بالحقيقة كل شيء صنعه الكلمة، ففي المسيح يسوع خُلق كل ما على الأرض وما في السماء، الأمور المنظورة وغير المنظورة). (4)
وعن سقوط آدم يعتبر القديس ديديموس أن إبليس عمل خلال الحية التي أغوت المرأة، هذه التي بدورها أخذت رجلها معها، وهذه إشارة إلى أن عدونا إبليس في حربة يبدأ خلال الشهوة كحية تتسلل إلينا، لكي تنخدع الحواس التي تمثل المرأة، والحواس بدورها يكون لها فاعليتها في العقل (الرجل)، فيفقد العقل اتزانه وحكمته وينحرف إلى الشر، إذ أن الإنسان يستجلب لنفسه أعذارًا عن خطاياه. (5)
ويرى القديس أن آدم طلب المعرفة خلال الشر فاختبأ من وجه الرب بابتعاده عن معرفة الله النقية، ويعتبر القديس ديديموس أن عُري آدم هو فُقدانه للفضيلة التي تستره، لأن الفضيلة ملبس إلهي، والشهوة تخفى الإدراك للحقيقة وتنزع المعرفة. (6)
ويعتبر القديس ديديموس أن الأرض لا تعطى ثمرًا وتصير قفرًا بسبب خطايانا، لأنها تثمر للذين يحتفظون بنقاوتهم ويفهمهم بغير فساد، وهذا الثمر يتناقص بأمر الرب حتى نتغير عن حالنا، فهذه هر رؤية القديس للتأديبات الإلهية. (7)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/st-dedimos/method.html
تقصير الرابط:
tak.la/v9whfdf