ملحق رقم 13
الملائكة والشياطين - سقوط الملائكة
ما يوجد في التقليد اليهودي كثير عن موضوع الملائكة والشياطين، قليل منه من الكتاب المقدس. ولكن نجد أيضًا في هذا التقليد كثير من الخرافات والتخيلات.
إختلفت أراء الربيين حول خلقة الملائكة - هل خلقوا في اليوم الثاني كـ"أرواح" ، "رياح" "الخالق ملائكته رياحا" (مز115: 4) (روح وريح كلمة واحدة في العبرية) - أو هم خلقوا في اليوم الخامس (إش6: 2) "السيرافيم لكل واحد ستة أجنحة..." وهؤلاء قالوا أن الله خلق الطيور ذوات الأجنحة في اليوم الخامس. والملائكة من ناحية تسبيحهم لله فهم نار مشتعلة، ومن ناحية خدمتهم فهم خدام لهم أجنحة. وقالوا أن الله يخلق ملائكة كل يوم وظيفتهم هي التسبيح ومصيرهم بعد ذلك الذهاب إلى النبع أو الغدير الملتهب الذي خرجوا منه. وهذا الغدير الملتهب ينبع من تحت عرش الله، وأيضًا قالوا أن الله يخلق ملاكا جديدا لتنفيذ كل أمر، ثم يذهب لهذا الغدير الملتهب الذي خرج منه. وفكرة الخلق المستمر للملائكة تتفق مع عقيدة الإنبثاق أو الإنبعاث = الصدور أو الفيض في خلق العالم. ورأوا في قول إرمياء "هي جديدة كل صباح" (مرا3: 23) تأكيدا لفكرهم. وقالوا أن الله يخلق يوميا مجموعة من الملائكة للخدمة اليومية، وأن كل كلمة تخرج من فم الله تصير ملاكا أو رسولا لتنفيذ هذه الوصية (وهنا نجد الوحدة بين القول والفعل). وربطوا بين عدد الملائكة الضخم وحماية إسرائيل ضد أعدائها. وقسموا الملائكة إلى فرق وكل فرقة لها قائد وكلهم قد خلقوا لحماية إسرائيل. وقالوا أن هناك سبع سموات:- الفيلكون وبها الشمس - الركية وفيها تشرق الشمس والقمر والنجوم والكواكب المثبتة - الشيشاكيم وبها الطاحونة لعمل المن للأتقياء - زبهول وبها أورشليم العليا والهيكل والمذبح وميخائيل هو رئيس الملائكة الذي يقدم الذبائح - ماعون حيث ملائكة الخدمة يسبحون ليلا ويسكتون نهارا ليعطوا الفرصة لتسابيح اليهود في الهيكل - ماخون حيث مخازن الثلج والبرد وغرف الرياح والماء وكهف الضباب وأبوابهم نارية - وأخيرًا أرابوث حيث العدل والقضاء والعدل وكنوز الحياة والسلام والبركات وأرواح الأبرار - وأرواح الأبرار الذين سيولدون في المستقبل. والندى الذي به سيقوم الأموات. وهناك الأوفانيم والسيرافيم والمخلوقات الحية وملائكة الخدمة وعرش المجد وفوق كل هؤلاء الملك العظيم. ولكل شيء على الأرض له ملاك خاص (الأمطار والبَرَدْ والرياح بل وكل عشب. بل وكل حدث كالحياة والموت والغنى والفقر. وقالوا أن الأبطال حين يموتون يصبحون ملائكة.
ملائكة الخدمة وهم الأوفانيم والسيرافيم والمخلوقات الحية (الشايوث) ورؤساء الملائكة لا توجد لهم مدد محددة. وقالوا أن هناك ملاك لكل شعب من شعوب الأرض السبعون (تك10). وهذه الملائكة تقف أمام الله ليدافعوا عن هذه الشعوب أمامه. والأمم التي تعادي إسرائيل تكون ملائكتها معادين لإسرائيل، وهذه الملائكة تختفى حين تُدمَّر هذه الأمم. وهناك 5 رؤساء ملائكة، 4 منهم يحيطون بعرش الله هم ميخائيل وغبريال وروفائيل وأوريئيل. والخامس هو أعظمهم وأسموه ميتاترون وهو تحت العرش وأمامه. ويتميز هؤلاء الملائكة بأنهم موجودين في حجاب السحابة، بينما الآخرين يسمعون فقط أوامر الله من خارج هذه الستارة السحابية. وتوجد عدة تصورات في كتب اليهود عن رؤساء الملائكة وعددهم وأسماءهم فمثلًا هناك سوريال ملاك الوجه الذي يحفظ الربيين من الأرواح الشريرة. وهناك ملاك اسمه ساندالفون يقف على الأرض ورأسه على ارتفاع 500 سنة ويقف هذا الملاك خلف الماركابة (مركبة العرش). وهناك ساجساجيل وهو الذي علم موسى اسم الله المقدس، وكان موجودا ساعة موته. أما رؤساء الملائكة الخمسة الأساسيين فهم:-
ميتاترون:- يناظر ملاك الوجه وهو ممثل الله أو هو اللوغوس. ويسمى في الكابالا الكاتب العظيم ورئيس هذا العالم وأيضًا الإله الصغير وله 7 أسماء مثل القدير ويشترك معه في عظمته. ويسمى أيضًا أمير الوجه. وهو الذي أعطى لموسى أن يرى ما لا يُرى، وهو يعلم الأطفال الذين ماتوا صغارا دون أن يتعلموا. وفي مقدمة المدراش عن سفر مراثى إرمياء قالوا عنه أنه سكب الدموع على خراب أورشليم بدلًا من الله، حتى لا يبكى الله القدير. وهو الذي كان يسير أمام إسرائيل في البرية، وجعل موسى يرى كل أرض فلسطين. وفي حوارات المسيحيين مع اليهود إستغل المسيحيين كل هذا المكتوب عن الميتاترون وقالوا لليهود "إذًا لماذا أنتم معترضون على المسيح وكتبكم تتكلم عنه" وكان الرد أن الميتاترون لا سلطان له أن يغفر الخطايا كما قال المسيح عن نفسه.
ميخائيل "من مثل الله":- الأمير العظيم وهو يقف عن يمين عرش الله، وهو أمير الحكمة وهو أمير أورشليم وممثل إسرائيل. وهو الذي يقدم على المذبح السمائى أرواح الأبرار أو خراف نارية (هناك رأيين فيما يقدمه ميخائيل على المذبح السمائى). وهو الذي أنقذ إبراهيم من أتون نار نمرود والثلاثة فتية من الأتون. وكان هو الذي بشر إبراهيم بميلاد إسحق وكان معه غبريال ورافائيل (الثلاثة رجال الذين بشروا إبراهيم). وهو الذي أنقذ لوط. وكان ميخائيل وغبريال أصدقاء العريس لآدم في زفافه. ولكنهم لم يقدروا أن يعاينوا مجد موسى. وفي موت موسى أعد ميخائيل النعش ووضع غبريال غطاء على رأسه وساجساجيل غطى قدميه. وفي العالم الآتى ينطق ميخائيل بكلمات البركة على ثمار جنة عدن ويعطيها لغبريال الذي يعطيها بدوره للأباء البطاركة فيعطونها هم لداود. وقالوا أن ميخائيل أعظم من غبريال (دا1: 13).
غبريال "جبروت الله":- بينما يمثل ميخائيل الرحمة عند الله، يمثل غبريال القضاء عند الله. فغبريال هو الذي دمر سدوم وأماكن أخرى. وهو ضرب خدام بنت فرعون الذين أرادوا منعها من أن تأخذ موسى من الماء وضرب موسى ليبكى ويثير شفقة بنت فرعون. وهو الذي قتل جنود نبوخذ نصر المحيطين بالأتون. وهو الذي ضرب جيش سنحاريب. وقال البعض أن غبريال هو المسئول عن نضج الثمار فهو مخلوق من النار بينما ميخائيل مخلوق من الثلج. ويقف ميخائيل بجانب غبريال دون أن تؤذى نار غبريال ثلج ميخائيل. وفي أيام النهاية يصطاد غبريال لوياثان ويذبحه. وهذا يرمز لتدمير كل أعداء إسرائيل.
أوريئيل "الله نورى" ورافائيل "الله يشفي":- أحدهم عن يسار عرش الله والآخر يقف خلفه.
تنقسم خدمتهم إلى قسمين *التسبيح و*تنفيذ الأوامر. وللتسبيح يوجد 694000 ربوة (الربوة = 10000) يسبحون اسم الله يوميًّا من الصباح حتى المساء ويقولون "قدوس قدوس قدوس". ومن الغروب حتى شروق الشمس يقولون "مبارك مجد الله في مكانه" ويقولون أن ملاك الصلوات يقدم صلوات إسرائيل. وإسم كل ملاك يتناسب مع الخدمة المكلف بها ويتغير مع تغيير الخدمة. ولكل ملاك في قلبه لوح محفور عليه اسم الله وإسم هذا الملاك، ولذلك قال الملاك لمنوح "لماذا تسأل عن إسمى وهو عجيب". وملائكة الخدمة هم الذين نطقوا بالعقوبات التي تقررت على آدم بعد خطيته، ثم أن ملائكة الخدمة أيضًا قطعوا أيدي وأرجل الحية. ورقص 120000 منهم حينما هرب يعقوب من لابان. وكان هناك 4000 ربوة مستعدون للدفاع عنه أمام عيسو. وهم الذين يعاقبون المرتدون ويعاقبون الأرواح الخاطئة بإلقائها من عالم إلى آخر. وقالوا أن لكل إنسان ملاك صالح وملاك شرير يصاحبونه خصوصا في عشية السبت وهو عائد من المجمع، ولكل شريعة إلتزم بها في المجمع يرسل له الله ملاكا يحفظه. وقال الربيين أن هناك سنهدريم استشاري في السماء وأن الله لا يتخذ قرارًا دون استشارتهم وهذا حدث عند خلق الإنسان. وقد دافعوا عن آدم حتى لا يموت وإلا يموت أيضًا نسله موسى وهرون الأتقياء. وهم دافعوا عن إسحق حينما أراد إبراهيم ذبحه بأن سكبوا ثلاث دمعات على سكين إبراهيم جعلوا حد السكين غير حاد فلم يتمكن من ذَبْح إسحق.
هم محدودين في معرفتهم وقدراتهم وهم أرواح نقية بدون أحاسيس بشرية أو احتياجات حسية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهم بدون خطية ولا كراهية. ويعيشون في نور المجد الإلهي وهم غير مرئيين ولا حدود لحركتهم. ولكنهم في درجة أقل من إسرائيل ومكلفين بخدمة إسرائيل. فهم لا يستطيعون أن يعطوا الحيوانات أسماء كما فعل آدم. ويعقوب تغلب على الملاك في صراعه معه وبكى الملاك. ولكن طبيعتهم هي التي تميزهم عن الإنسان. ولا يستطيع ملاك أن يقوم بعملين في وقت واحد. هم مجرد أدوات عمياء لتنفيذ إرادة الله. وهم معرضون للعقاب، فالله أنزل ملاكي لوط من درجتهم لمدة 138 سنة لأنهم أخبروا لوط بأن الله سيدمر سدوم. وحينما أخبر الله الملائكة أنهم أقل من الأتقياء ومن إسرائيل داخلهم الحسد. وآدم أقرب لله من الملائكة، والله يحب إسرائيل أكثر من الملائكة، وحين كان الله يكلم موسى كانت الملائكة واقفين حولهم لكنهم لم يسمعوا شيئًا. وقالوا أن فرعون أمسك موسى ليقتله بعد أن قتل المصري، ولما أراد قتله انحنى السيف ولم يقتله وأتى ملاك وأخذ شكل موسى فأعطى موسى الفرصة ليهرب. وحاولت الملائكة أن يعطيها الله الناموس ولكنه أعطى إسرائيل هذا الامتياز فلم يكن الملائكةالملائكة مستحقين له. ولما قبل إسرائيل نير الناموس أتى 60 ربوة من الملائكة ليكللوا كل إسرائيلي كان في سيناء.
حين تشاور الله مع الملائكة بخصوص خلقة الإنسان إعترضوا فأخفى الله عنهم أن آدم سيسقط ويخطئ. ومع هذا تآمر الملائكة ليجعلوا آدم يسقط. بل إشتكوا إبراهيم لله أنه لم يقدم هو كبش ذبيحة لله. وإشتكوا إسماعيل ليتركه الله يموت عطشا. وحسدوا موسى أنه كتب الناموس. وأن موسى ليصنع سلامًا مع الملائكة قال لهم أن الله لم يعطهم الناموس فهم ليسوا معرضين للسقوط مثل البشر فصار الملائكة أصدقاء لموسى، بل وصاروا يطلعونه على بعض الأسرار. بل قالوا أن الملائكة لهم دخل بالأعمال السحرية.
بجانب ما ذكر هناك أسماء سارها أولام = رئيس هذا العالم. وهناك أمير البحر وإسمه راحاب وهذا دمره الله لأنه رفض أن يستقبل الماء الذي كان يغمر الأرض. دوماه = ملاك عالم الأموات. وعندما تغادر نفس إنسان تقى جسده تعلن ملائكة الخدمة لله، فيكلفهم الله بمقابلة هذه الروح ويسمعونه (إش57: 2). أما الأشرار فيقابل أرواحهم 3 ملائكة مُدمِّرين يسمعونه كل واحد منهم آية كقرار إدانة وعقوبة (إش48: 22 + إش1: 11 + حز32: 19). وكل أنفس الموتى يتسلمها دوما. وهناك يوركيمى أمير الثلج الذي حاول تبريد أتون الثلاثة فتية. ولكن الملاك غبريال إعترض لأن التبريد سيكون بوسائل طبيعية (الثلج) وأراد هو كملاك النار أن يبرد الأتون من الداخل ويجعله نارا من الخارج أحرقت خدام الملك. وهناك راضيا ملاك المطر. وهناك ملاك لكل شيء الزرع والطعام بل وحتى الشهوات.
فكر الربيين مختلف تمامًا عن فكر العهد الجديد، ففيما عدا لقب الشيطان لم يرد بالعهد الجديد أي اسم من الأسماء التي يرددها الربيين. وكتابات الربيين لم تذكر شيء عن مملكة الشيطان. وفي مفهومهم لا تعارض بين قوة الشيطان وما هو خير، ولا بين الله والشيطان. فالشيطان هو عدو للإنسان وليس لله ولا للخير. أما العهد الجديد فيقدم المسيح الأقوى الذي هزم الشيطان القوي وأخذ منه ما كان يملكه (لو11: 21 ، 22). في العهد الجديد نرى خلاص الإنسان من يد الشيطان خارجيًّا وداخليًّا أيضًا، ويصير له حياة روحية جديدة. ويقدم الربيين اليهود الشيطان في ثلاثة مظاهر: إسمه الشيطان (ويسمى أيضًا صمائيل) - يسترهارا أو حافز الشر مشخصن - وهو ملاك الموت. وبتعبيرات أخرى المشتكى الذي يتهم والمجرب الذي يغوى والمعاقب. وقبل عرض أراء الربيين حول هذه النقاط لنوضح الآتى لشرح المعاني:-
هذا حدث بعد خلق الإنسان وليس قبله. وكان الشيطان قبل سقوطه رئيسًا لكل الملائكة. ولكن الله حدد للمسيا أن يكون درجته في السماء أعظم منه لأنه هو الممسوح - بينما هو ملاك مقدس. ولما فهم أنه سيكون روحا خادمة للمسيا الذي من هذا الجنس الإنسانى الذي رآه مخلوقا أمامه ضعيفا وأقل منه وهو رئيس الملائكة العظيم، بل أن الجنس الإنسانى أقل من الملائكة العاديين رفض وتمرد وسقط. فكان سقوطه بسبب الغيرة والحسد. وهم كانوا أصلا من المعترضين على خلق الإنسان. وبينما كانت تدور المناقشات في السنهدريم السماوى بين الملائكة، هل يجب أن يُخلق الإنسان أم لا، قال لهم الله "لماذا المناقشات وقد تم خلقة الإنسان. وظهر تفوق آدم إذ أمكنه أن يعطى أسماء للمخلوقات لذلك دبروا مؤامرة لإسقاطه، وبسقوطه يستعيدوا هم الأفضلية. وكان صمائيل أفضل من السيرافيم والمخلوقات السمائية إذ كان له أجنحة ضعف ما لهم. ونزل صمائيل للحية التي كانت في ذلك الوقت تتكلم ولها أيدى وأرجل ولها هيئة الجمل ووجد أنها أداة مناسبة لتنفيذ خطته. ودخل صمائيل في الحية فصارت خاضعة له تمامًا وصار يقودها. وخدع صمائيل حواء أولًا وفرض على حواء لمس شجرة الحياة، ومع أن الشجرة صرخت لأن سطانائيل لمسها وإدعى أن لمسها لا يميت مع أن التلامس معها ممنوع. وصدقته حواء وتلامست مع الشجرة وحالا وجدت أن ملاك الموت آتيا عليها فخافت أن تموت وأن الله يعطى آدم زوجة أخرى فأغوت آدم ليسقط.
"الله إمتحن إبراهيم" (تك22: 1) كيف فهموا هذه الآية - ذهب صمائيل ليشتكى إبراهيم أنه عمل إحتفالا كبيرا حينما وُلِد إسحق ولكنه لم يقدم لله ذبيحة. فأراد الله أن يظهر له أن إبراهيم ليس فقط على إستعداد أن يقدم ذبيحة حيوانية بل يقدم ابنه ذبيحة.
يميز التلمود بين دافع الشر داخلنا وبين شخص الشيطان من خارج. ويرفض التلمود فكرة أن الشيطان هو مجرد شخصنة لدافع الشر الموجود في الإنسان، بل أن الله هو الذي خلق هذا الدافع للشر داخلنا حتى قبل السقوط. وقالوا أن هناك دافعين مخلوقين داخل الإنسان أحدهما هو دافع للشر (ييسترهارا) والآخر دافع لعمل الخير. ولكن يمكن للإنسان أن يتغلب عليه. وقالوا أن وجود دافع الشر هذا في الإنسان لازم لإستمرارية هذا العالم. ونسبوا لصمائيل كل محاولات الإغواء للإنسان في تاريخ إسرائيل. ونسبوا له محاولته منع إبراهيم من تقديم إسحق ابنه ذبيحة، وذلك بمحاولاته لتخويف سارة أو التأثير على إسحق.
مثلًا حين فشل الشيطان في التأثير على ثبات إبراهيم وإسحق هاجم سارة وأخبرها بالكذب أن إسحق تم ذبحه فماتت حزنا عليه، وقال ربيين آخرين بل ماتت من الفرحة حينما وجدت ابنها قد عاد حيا بعد أن علمت بموته.
وقالوا أن المشرف على الموت يرى الشيطان كعدو له ممسكا سيفا وعلى طرفه قطرة مرارة ترتجف وفي خوفه يفتح فمه ويبتلع هذه القطرة وهذه تعطى شحوب الوجه ويتبعها فساد الجسد. ومع كل هذا فالشيطان لا يملك قوة مطلقة. وحينما قبل إسرائيل نير الناموس في سيناء تحرروا تمامًا من سطوته، ولكن بسبب خطية العجل الذهبي لم يستمروا أحرارا منه.
نجد في أفكار الربيين في هذا الموضوح لمحات من الفكر الفارسى بل أسماء مشابهة.
هناك أراء حول الموضوع - قيل أنهم خلقوا عشية أول سبت، وأن عددهم يتزايد، وقيل أنهم ثمرة من حواء مع أرواح مذكرة، ولآدم مع أرواح مؤنثة. وهم لهم أجنحة ويعرفون المستقبل. وقيل أنهم نشأوا خلال عملية تحول للثعابين ثم يتحولون بعد ذلك لمصاصى دماء ثم إلى أشواك ثم إلى شيديم. وقالوا أن شيديم نشأ خلال سقوط الإنسان. وقالوا أن شيديم خرج من العمود الفقرى ممن لم يحنوا ظهورهم في العبادة. وقد يظهر شيديم في هيئة إنسان أو أي شكل آخر. ويعيشون في الخرائب. والأماكن القذرة هي مكانهم المفضل. ويظهرون في الليل، وينصحون أن لا يذهب أحد بمفرده لهذه الأماكن ويجب أن يصحب معه آخر للهروب من الخطر. أما في حالة 3 أشخاص فهم لا يظهرون. ولا يفضل أن ينام أحد بمفرده في منزل وإذا خرج فليكن معه نار مشتعلة كمصباح. ويمكن أن يتقوا شرهم بوضع كلمات بصيغة معينة ليس بينها كلمات من التوراة بل بها بعض أسماء هذه الأرواح، ويلبسونها كحجاب. ولهم أعداد مهولة بالألاف يحومون حول الناس، ولو رأى أي شخص عددهم حوله لن ينجو. وملكة الأرواح المؤنثة يتبعها عدد ليس أقل من 180000. وهم موجودين حولنا في كل مكان على الأرض وفي المياه والزيت والأوانى. ولو شرب أحد من إناء كانوا فيه يمرض.
منهم أرواح مذكرة ومنهم أرواح مؤنثة. المذكرة تحت رياسة ملكهم أشميداى والمؤنثة تحت رياسة ملكتهم ليليس. والأرواح الضارة معرفة بـ روخين - مازيكين (المُضِرِّين) - مالاخى شابالا (ملاك الدمار). وهناك منهم أرواح نهارية وأرواح لمنتصف اليوم وأرواح ليلية. وكان لسليمان سلطان عليهم فكانوا في حضوره يقومون بالرقص. أشميداى ملك الجن أو هذه الأرواح، وهو قوى جبار شرير. والعجيب في أفكارهم أنهم قالوا أن له أعمال رحمة كأن يقود أعمى أو ليظهر الطريق لمخمور. وهو يعرف المستقبل ويعمل بالسحر. ولكن سليمان الملك سخره لينفذ إرادته. ليليث ملكة الأرواح المؤنثة وهذه غير ليلين أي الأرواح الليلية وغير ليلاه الملاك الذي رافق إبراهيم في حربه مع كدرلعومر.
كما تصوروا عن ملائكة كثيرين أنهم شخصنة لأشياء عديدة، قالوا هذا عن الشيديم أن كثير من الأمراض منسوبة لهم. وهناك شيديم لكل منطقة مثل السامرة وطبرية إلخ. ويستخدمونهم في السحر، وكان هذا مسموحا به ولكن قالوا أن فيه خطورة. وقالوا أنه من الطبيعى أن نجد هذه الأرواح في المياه أو الزيت لو تركت مكشوفة بدون غطاء ليلا. وتوجد على الأيدى غير المغسولة وتوجد في المياه التي تم غسل الأيدى بها. وعلى فتات الخبز الملقى على الأرض. وتستطيع هذه الأرواح أن تقلد ما كان يقوم به أنبياء العهد القديم مثل ثعابين سحرة فرعون أمام موسى. ويقول يوسيفوس أنه رأى بعينيه أحداث شفاء بترديد كلمات سحرية على المريض. ويكون لهذه الأرواح سلطان على من يستعمل الأرقام الزوجية، لذلك مثلا حذروا من شرب عدد زوجى من الكئوس ليلا. وهذا في كل الأيام ما عدا ليلة الفصح حيث لا يكون للأرواح سلطان على إسرائيل. ولكن هناك أرواح يسمونها (familiar spirits) هذه تقوم بتعليم الربيين.
[حقًا كانوا يتخبطون في ظلمة حتى أشرق نور المسيح].
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jesus-the-messiah/angels-devils.html
تقصير الرابط:
tak.la/cvt2hjt