St-Takla.org  >   books  >   fr-angelos-almaqary  >   john-chrysostom-father-son-equality
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب مساواة الآب والابن في الجوهر: للقديس يوحنا ذهبي الفم - القمص أنجيلوس المقاري

6- العظة الحادية عشر: داود وجليات | محاربة الهراطقة بالكتاب | توافق العهد القديم مع الجديد | مميزات المشاركة في الاجتماعات المسيحية

 

محتويات: (إظهار/إخفاء)

مقدمة
داود وجليات
محاربة الهراطقة بالكتاب
قصة قائد المائة
توافق العهد القديم مع الجديد
المجيء إلى الكنيسة ضرورة مُلِحَّة
مميزات المشاركة في الاجتماعات المسيحية
حضور الأسر كلها للخدمات في الكنيسة

العظة الحادية عشر

 

مقدمة

إنني تحدثت معكم فقط ليوم واحد، وبعد هذا اليوم أحببتكم كما لو كنت ترعرعت وتربيت معكم من أول يوم مولدي في الأرض. إن رباطات هذا الحب قد وحدتني بكم بنفس القوة كما لو كنت قد استمتعت بالبهجة العظيمة لمجتمعكم لوقت طويل جدًا. ولم تكن طبيعتي الودودة والمصادقة (أي التي تحب الصداقة) هي التي سببت هذا، بل لأنني وجدتكم مشتاقين ومحبين أكثر من كل الآخرين. من لا يندهش ويعجب لغيرتكم الملتهبة، لحبكم الخالص، لعطفكم، لشعوركم الودي نحو من يعلّمونكم(148)، اتحاد ذهنكم واتفاقكم مع بعضكم البعض.

ألا تكفي كل هذه الأسباب لاجتذاب حتى من قلبه حجر إليكم؟ لهذا السبب أنا أحببتكم حبًا لا يقل عن حبي للكنيسة (الإنطاكية) الني ولدت وترعرعت فيها. إن كنيستكم هي أخت لتلك الكنيسة وقد برهنتم بعملكم أن هذه القرابة موجودة. إن كانت كنيسة إنطاكية أقدم من جهة الزمن، فهذه الكنيسة (التي لكم) هي أكثر حرارة في إيمانها، واحتمالكم وصبركم عظيمان، وهذا دليل قوي على قوة روحكم.

إن الذئاب (يقصد الآريوسيين والأنوميين) يحيطون بكم من كل جانب، لكن قطيعكم لا يتلاشى. بحر عاصف، زوابع وأمواج أحاطت باستمرار بهذه السفينة المقدسة، لكن الذين يبحرون عليها لم تبتلعهم المياه. نيران الهراطقة تهدد بلهيبها المحيط من كل جانب، لكن الذين في وسط الأتون يستمتعون ببركات الندى السماوي. بنفس النمط إنه شيء عجيب وغير متوقع أن ترى كيف أن هذه الكنيسة غُرست في هذا القطاع من المدينة، أن تراها هنا، هو مثل رؤية شجرة زيتون مزهرة (أي فيها زهور الثمر) محمّلة بالثمر، لكن واقفة في وسط الأتون.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

داود وجليات

حيث أنكم هكذا عطوفو القلب وعاقلون، حيث أنكم تستحقون نعمًا لا حصر لها، هلموا الآن ودعوني -بكل الحب- أوفي الوعد الذي قطعته لكم حديثًا عندما ناقشت معكم أسلحة داود وجليات. في حديثي أظهرت أن جليات كان محميًا بقوة أسلحته وقوة درعه، بينما داود لم يكن له من عدة السلاح الكاملة هذه (شيء يُذكر)، لكنه كان متقويًا بالإيمان.

كان لجليات الحماية الخارجية من درعه اللامع وترسه، بينما داود لمع من الداخل بنعمة الروح. لهذا السبب تغلب الصبي على الرجل، لهذا السبب من لم يتقلد أي سلاح بالمرة، هزم من هو مدجج بالسلاح. لهذا السبب طرح راعي الغنم الجندي. لهذا السبب حجر أملس في يد الراعي هشّم وكسر أسلحة الحرب البرونزية.

لذلك فلنأخذ في يدنا هذا الحجر الأملس، أقصد حجر الزاوية، الصخرة الروحية. إن كان بولس قد تفكر بهذه المعاني في صخرة الصحراء (التي خرج منها ماء للشرب للشعب) فلن يستاء أحد مني لو فهمت حجر داود بنفس المعنى. في حالة اليهود في البرية، لم تكن طبيعة الحجر المرئي بل قوة الحجر الروحي هي التي أخرجت أنهار الماء تلك. كذلك أيضًا في حالة داود لم يكن الحجر المرئي بل الحجر الروحي هو الذي ضرب رأس البربري. لهذا السبب في ذلك الوقت أنا وعدت أنني لن أقول شيئًا قائمًا على براهين عقلية "إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون. هادمين ظنونًا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله" (2كو 10: 4-5).

لذلك نحن تلقينا أمرًا أن نهدم الظنون (والتعليلات) لا أن نمجدها. نحن تلقينا أمرًا أن نلاشي الأفكار السفسطائية وأن لا نسلح أنفسنا بها والكاتب المُلهم (بالروح) يقول: "لأن أفكار المائتين جزوعة" (حك 9: 14). لماذا يقول جزوعة؟ حتى لو سار الإنسان الجزوع (أي الجبان) في موضع فيه آمان، لا يشعر بجسارة بل يرتعب من الخوف. كذلك أيضًا حتى لو كان حقًا، الشيء الذي تم إثباته بتعليلات عقلية، فهذه البراهين لا تقدم اليقين assurance الكافي تمامًا ولا (تقدم) الإيمان الذي هو وافي للنفس (ويشبعها تمامًا).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The Holy Bible, an old book, by cgrape. صورة في موقع الأنبا تكلا: نسخة قديمة من الكتاب المقدس، لسيجريب.

St-Takla.org Image: The Holy Bible, an old book, by cgrape.

صورة في موقع الأنبا تكلا: نسخة قديمة من الكتاب المقدس، لسيجريب.

محاربة الهراطقة بالكتاب

حيث أن التعليلات (البراهين) العقلية ضعيفة جدًا، هلموا لنلتحم في معركة مع خصومنا متخذين براهين الكتاب كأسلحة لنا.

من أي مصدر سأبدأ حديثي؟ من أي مصدر ترغبونه سواء من العهد الجديد أو من القديم. يمكننا أن نرى أن مجد الابن الوحيد يبرق بفيض عظيم من الضوء ليس فقط في كلمات الإنجيليين والرسل، بل أيضًا فيما قاله الأنبياء وفي العهد القديم كله. اعتقد أنه من الأفضل أن أُحارب خصوصًا بأسلحة مأخوذة من العهد القديم، لأنه لو أخرجت براهيني من ذلك المصدر، أستطيع أن أطرح ليس فقط هؤلاء الأعداء، بل أيضًا هراطقة كثيرين، أقصد ماركيان، ماني، ڤالنتيان وكل اليهود. عندما سقط جليات بيد داود، هرب كل جيش الفلسطينيين. شخص واحد قُطعت رأسه ومات، لكن الجيش كله شارك في الهزيمة الجبانة. كذلك أيضًا عندما تُطرح هرطقة واحدة وتسقط، ستكون هناك هزيمة يشارك فيها كل الذين ذكرتهم.

يبدو أن المانيين وكل من هو مصاب بمرضهم يقبلون المسيح الذي تم التنبؤ به، لكنهم يزدرون بالأنبياء ورؤساء الآباء الذين تنبأوا عنه. ومن ناحية أخرى فإن اليهود يقبلوا ويوقروا هؤلاء الذين تنبأوا عن المسيح أقصد الأنبياء وموسى معطي الناموس لكنهم يزدرون بمن تنبأوا عنه لهم.

لذلك عندما بنعمة الله نبرهن أن المجد العظيم للابن الوحيد سبق فأخبر به العهد القديم، سيمكننا أن نخزي كل الأفواه التي تحارب ضد الله ونلجم ألسنتهم المجدفة. عندما يتضح أن العهد القديم قد تنبأ عن المسيح، أي حجة (أو دفاع) سيكون هناك للمانيين وكل مَن ينضم إليهم في الازدراء بالكتاب، حيث أنه قد سبق فأخبر بمجئ سيدنا ورب الكل؟ وأي عذر أو مغفرة سيكون لليهود لو رفضوا أن يقبلوا من تنبأ عنه الأنبياء؟

حيث أن ثروتنا من الأسلحة التي تجلب النصرة كثيرة جدًا، لنحول دفة حديثنا إلى الأسفار القدامى وللسفر الذي هو أقدم من كل الأسفار، أقصد سفر التكوين ولنمضي إلى بدايته ذاتها. لكي تعلموا أن موسى كان لديه الكثير ليقوله عن المسيح، اسمعوا للمسيح نفسه عندما يقول: "لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني" (يو 5: 46). أين كتب موسى عنه؟ سأحاول الآن أن أبيّن هذا.

إن كل الخليقة تهيأت، السموات كانت متوّجة بمجموعات مختلفة من النجوم، والأرض من أسفل تتلألأ بكل نوع من الزهور. إن قمم الجبال وصلت إلى أقصى ارتفاعها، الحقول والوديان وكل وجه الأرض امتلأ بالنباتات والأشجار والأعشاب... عندما أُعدّ كل شيء ولم يترك شيء ناقص، آنذاك بحث الجسد عن رأسه، فتشت المدينة عن حاكمها والخليقة عن ملكها. بالطبع بهذا أقصد الإنسان.

عندما كان الله موشك أن يشكل الإنسان قال: "لنعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" (تك 1: 26). لمن قال هذا؟ من الواضح تمامًا أنه كان يتكلم مع ابنه الوحيد. إن الله لم يقل: "اعمل" إنه ما أرادكم أن تظنوا أن ما قاله كان أمرًا مُعطى لعبد أو خادم. إنه قال "لنعمل" لكي من صفة التشاور التي تحددها كلماته، يمكنه أن يكشف المساواة في الكرامة التي تخص من هو يتحدث إليه. لأنه يقال أحيانًا أن الله له مشير وأحيانًا (أخرى) يقال أن لا مشير له.

ليس هذا لأن الكتاب يناقض نفسه، بل لأنه يكشف لنا عن تعاليم لا يُنطق بها بكلا الطريقتين من التعبير. عندما يرغب الكتاب في إظهار أن الله غير محتاج لأحد، يقول أن لا مشير له (انظر إش 40: 13)، وعندما يرغب في أن يظهر المجد المساوي للابن الوحيد يدعو ابن الله مشيره (انظر إش 9: 6).

إن الكتاب يرغب في تعريفكم بكلا التعليمين. إنني أرغب في أن تعرفوا أن الأنبياء دعوا الابن مشير الآب ليس لأن الآب يحتاج إلى مشورة الابن، بل لكي تعرفوا كرامة (مجد) الابن الوحيد. اسمع لبولس لكي تعلم أن الآب لا يحتاج لمشير. إن بولس يقول: "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه. ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء. لأن من عرف فكر الرب أو من صار له مشيرًا؟" (رو 11: 33-34). لذلك بولس هنا أظهر أن الآب غير محتاج لأن يأخذ مشورة من أحد.

أيضًا كان إشعياء هو الذي تحدث عن الابن الوحيد عندما قال هذا الكلام: "وسيكونوا راضيين لو حُرقوا بالنار. لأنه يولد لنا ولد ونُعطى ابنًا ويُدعى اسمه ملاك المشورة العظمى مشيرًا عجيبًا" [(إش 9: 5-6) بحسب النص]. إن كان هو مشيرًا عجيبًا فكيف أن بولس قال: "لأنه من عرف فكر الرب أو من صار له مشيرًا" (رو 11: 34)؟

إن السبب هو كما قلت منذ قليل هو لأن بولس يريد أن يبين أن الآب لا يحتاج إلى مشير له. لكن النبي يريد أن يظهر الكرامة المساوية للابن الوحيد. ولهذا السبب في نص التكوين لم يقل الآب اصنع هذا" أو "افعل هذا" بل قال "لنعمل" (تك 1: 26). لأنه أن تقول "اصنع هذا" هو استخدام لكلمات تليق بأمر يُعطى لعبد. وما سأخبركم به الآن يوضح هذا.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

قصة قائد المائة

مرة جاء قائد مائة إلى يسوع وقال: "يا سيد غلامي مطروح في البيت مفلوجًا متعذبًا جدًا" (مت 8: 6). فماذا قال له يسوع؟ "أنا آتي وأشفيه" (مت 8: 7). لكن قائد المائة لم تكن له الجسارة ليجتذب الطبيب إلى بيته. لكن المسيح بسبب اهتمامه ورأفته وعد عن طيب خاطر أنه سيمضي إلى بيت قائد المائة. إنه تصرف هكذا لكي يعطي قائد المائة سببًا وفرصة لكي يظهر تقواه الشخصية. إن المسيح علم ما كان قائد المائة مزمعًا أن يقوله، لكنه مع ذلك وعد أنه سيمضي (معه). لماذا؟ لكي تعرفوا كم كان هذا القائد تقيًا وورعًا.

ماذا قال قائد المائة؟ "يا سيد لست مستحقًا أن تدخل تحت سقفي" (مت 8: 8). إن آلام مرض عبده لم تجعل قائد المائة ينسى ميول قلبه المتسمة بالتقوى. وحتى في وسط البلية فإنه تعرف على سمو السيد (الرب). لهذا السبب قال: "قل كلمة فقط فيبرأ غلامي. لأني أنا أيضًا إنسان تحت سلطان. لي جند تحت يدي. أقول لهذا اذهب فيذهب ولآخر ائت فيأتي ولعبدي افعل هذا فيفعل" (مت 8: 8-10).

هل ترون أن الكلمات "افعل هذا" هي كلمات أمر من سيد لعبده؟ لذلك كلمات "لنعمل (الإنسان)" هي كلمات من يكلّم آخرًا مساو له في الكرامة. عندما يتحدث سيد لعبده يقول له "افعل هذا"، لكن عندما يكلم الآب ابنه "لنعمل (هذا)".

سيقول الهراطقة: لنفترض أن قائد المائة خمن هذا.

لكن ما توقعه ألم يكن هو الحقيقة؟ لم يكن قائد المائة رسولًا. هل كان؟ لم يكن تلميذًا. هل كان تلميذًا حتى نقبل ما يقوله؟ لننظر إلى ما تلا ذلك. هل صحح المسيح ما قاله قائد المئة (على اعتبار أنه خطأ)؟ هل وبخ المسيح قائد المئة لكونه اخطأ وقدم تعاليم فاسدة؟ هل قال له المسيح: "يا صديقي لماذا تفعل هذا؟ إن رأيك فيّ هو أعظم مما هو لي بالفعل. أنت تظهر لي معروفًا أكثر مما استحق. أنت تظن أنني أعطي أوامر، لأن لي سلطانًا، لكن أنا ليس لي سلطان".

المسيح لم يقل شيئًا مثل هذا. هل قال؟ بالطبع لا.

بل إن المسيح أكد ما ظنه قائد المئة عنه وقال لمن كانوا يتبعونه: "الحق أقول لكم لم أجد ولا في إسرائيل إيمانًا بمقدار هذا" (مت 8: 10). لذلك فإن مدح السيد يصادق على ما قاله قائد المئة. لم تعد هذه كلمات منطوقة من قائد المئة بل هي الآن تعبّر عن تصريح من السيد (الرب). لأنه عندما يمتدح المسيح ما قد قيل وأعلن أن ما قيل، قيل عن صواب، فإنني آخذ هذه الكلمات على أنها نطق إلهي. لأنها قد نالت تأكيدًا من فوق بسبب ما قاله المسيح إجابة عليها.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

توافق العهد القديم مع الجديد

هل ترون كيف أن العهد الجديد يتفق مع القديم وكيف أن كلًا منهما يبين أن المسيح له سلطان؟

لكن ماذا عن هذا؟ لنفترض أن المسيح صنع الإنسان، لكنه وهو يصنعه تصرف فقط كخاضع (للآب). يكفي هذا النزاع السخيف غير اللائق! لأنه عندما قال الله "لنعمل الإنسان" لم يُضف "على صورتك التي هي أقل من صورتي" ولا قال: "على صورتي التي هي أعظم من صورتك". بل ماذا قال الله؟ "على صورتنا كشبهنا" (تك 1: 26)، وبكلامه بهذه الطريقة أظهر أنه يوجد صورة واحدة للآب والابن. لأنه لم يقل "صور" بل قال "صورتنا". لا يوجد صورتان غير متساويتان، بل نفس الصورة المتطابقة للابن والآب. لهذا السبب قيل أن الابن يجلس عن يمين الآب، لكي تعلموا أن لهما نفس الكرامة ونفس القوة.

الجلوس على العرش بنفس الكرامة وبالضبط بنفس الطريقة هي علامة على قوة ربوبية. الوقوف بجانب العرش هي علامة على قوة خاضع يفعل ما يؤمر به. لكي تعرفوا أن هذا حقيقي، اسمعوا ما يقوله دانيال: "كنت أرى أنه وضعت عروش وجلس القديم الأيام. ألوف، ألوف تخدمه وربوات ربوات وقوف قدامه" (دا 7: 9-10). وأيضًا إشعياء قال: "رأيت السيد (الرب) جالسًا على كرسي عالٍ (عرش). والسيرافيم واقفون حوله ويخدمونه" (إش 6: 1-2). وميخا (بمن يملة) قال: "رأيت الرب جالسًا على كرسيه وكل جند السماء وقوف لديه عن يمينه وعن يساره" (1مل 22: 19). هل ترون أنه في كل هذه النصوص القوات السماوية واقفة وتخدم بينما الرب جالس؟ لذلك عندما ترون أن الابن أيضًا جالس عن يمين الآب لا تظنوا أن كرامته هي كرامة من هو يخدم ومن هو أدنى منه. ينبغي لكم أن تلاحظوا أن كرامته هي كرامة سيد (رب) له سلطان.

إن بولس الرسول فهم كلا الشيئين وهما أن تقف بجانب وتلازم يليق بمن يخدم، لكن الجلوس هو علامة لمن يعطون أوامر وتوصيات. انظر كيف ميّز بينهما عندما يقول: "من الملائكة يقول الصانع ملائكته رياحًا وخدامه لهيب نار" (عب 1: 7). "وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور" عب 1: 8) وبواسطة الكرسي يرينا القوة الملوكية للابن.

لذلك حيث أن حديثنا قد برهن بكل هذه النصوص أن الابن لم يُقيَّم كمن هو يخدم، بل أن له كرامة تليق بسيد، لنعبده كرب لنا بسبب أنه مساو في الكرامة للآب. هو نفسه أوصانا بعمل هذا عندما قال "لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب" (يو 5: 23). لنربط استقامة طريق حياتنا والأعمال (الصالحة) التي نعملها إلى صحة التعاليم التي نتبناها (نقبلها) لكي ما يختص بخلاصنا لا ينقسم إلى اثنين.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المجيء إلى الكنيسة ضرورة مُلِحَّة

لكي لا شيء يمكن أن يجعل حياتكم مستقيمة ويجعلها صحيحة تمامًا مثل مواظبتكم على حضور الكنيسة وانتباهكم الشغوف لسماع ما يقال هنا. كما أن الطعام يغذي الجسد، هكذا تعليم كلمة الله يغذي النفس. " (مكتوب) ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت 4: 4). إنه لذلك يعلم أن الإخفاق في المشاركة في هذه المائدة (التي لتعليم كلمة الله) يسبب مجاعة.

لذلك أنصتوا لله عندما صنع هذا الوعد والذي أيضًا ثبته كتهديد عقوبة وانتقام. لأنه قال: "هوذا أيام تأتي يقول السيد الرب أرسل جوعًا في الأرض، لا جوعًا للخبز ولا عطشًا للماء بل لاستماع كلمات الرب" (عا 8: 11). فكيف يكون من السخافة أن نشغل أنفسنا ونصنع كل شيء لندفع عنا جوع الجسد، وبمحض إرادتنا نأخذ لأنفسنا جوع النفس؟ هل نفعل هذا مع أن مجاعة النفس هي أكثر صعوبة وخطورة بقدر ما أن الخسارة والتلف الذي نعانيه يتضمن أشياء أكثر أهمية (من الجسد والترابيات)؟

أطلب وأتوسل إليكم ألا نعطي مثل هذا الاهتمام القليل لأنفسنا، لنفضّل الوقت الذي نقضيه هنا في الكنيسة عن أي شغل ومشغوليات أخرى.

أخبروني هذا: أية منفعة تجنيها يمكن أن تفوق في الأهمية الخسارة التي تجلبها لنفسك وكل بيتك عندما تظل بعيدًا عن الخدمات الدينية (في الكنيسة)؟ لنفترض أنك وجدت كنزًا مملوء ذهبًا، وهذا الاكتشاف هو سبب بقائك بعيدًا (عن الكنيسة). إنك فقدت أكثر مما وجدت وخسارتك أعظم جدًا بقدر ما أن الروحيات أفضل من المرئيات (الماديات التي نراها بعيوننا).

حتى لو كانت تلك النعم الأرضية كثيرة في العدد وتتدفق إلينا من كل جانب، فهي لا تذهب معنا إلى الحياة الآتية. إنها لا تحيل الأرض إلى السماء ولا تقف بجانبنا ساعة الدينونة الرهيبة. بل إنها كثيرًا ما تتسرب منا وتتخلى عنا حتى قبل نهاية الحياة. وحتى لو بقيت معنا إلى نهاية العمر، فإنها تنقطع عنا تمامًا عندما تنتهي حياتنا. لكن كنز الروح هو ملكية لا يمكن أن تُنزع منا. إنه يتبعنا أينما ذهبنا وإلى حيثما سافرنا. إنه يعطينا دالة عظيمة عندما نقف أمام منبر الدينونة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مميزات المشاركة في الاجتماعات المسيحية

إن كانت المنفعة من تجمعات (اجتماعات) أخرى هي عظيمة جدًا، فإن المنفعة التي نجنيها من الاجتماعات في الكنيسة هنا هي منفعة مضاعفة.

بالتأكيد نحن نجني منفعة لأننا ننعش نفوسنا بكلمة الله. لكن ليس هذا هو المكسب الوحيد. نحن ننتفع أيضًا بسبب أننا ننثر خزي عظيم على أعدائنا (الهراطقة)، ولأننا نمنح راحة وتشجيعًا لإخوتنا. لأن هذا هو نوع المنفعة التي تأتي لجيش يتم اجتذابه للمعركة عندما نسارع للخطوط (الأمامية) التي في ضيق ومملوءة بالخطر.

لذلك السبب ينبغي أن نأتي كلنا هنا في الكنيسة ونرد هجمات أعدائنا. هل ترون أنه لا يمكنكم أن تعظوا حديثًا مطولًا، وأنه ليس لكم تعليم لتعطوه؟ فقط تواجدوا هنا في الكنيسة وبذلك تكونوا قد فعلتم كل شيء عليكم أن تعملوه. إن وجودك في الكنيسة هو إضافة إلى قطيع الرعية. لو أنت متواجد هنا، ستجعل إخوتك جاهزين وراغبين في محاربة العدو. وفي نفس الوقت ستغطي أعداءك بخزي الهزيمة.

لنفترض أن إنسانًا جاء من خلال هذه الأبواب المقدسة (للكنيسة) ورأى أن الاجتماع صغير (العدد). فهو جاء لكونه صار مستعدًا وراغبًا في الانضمام إلى المعركة (ضد الهراطقة)، لكن إذ يرى قلة عدد الناس هنا تنطفئ رغبته. فإنه يتخدر ويتقاعس ويشعر بتردد أكثر وقلة استعداد للقتال، وهكذا يمضي بعيدًا. وبهذه الطريقة يصير كل اجتماع لنا تدريجيًا أكثر ضعفًا وغير مبالي بالأكثر. لكن لنفترض أن هذا الإنسان يرى الناس يسارعون سويًا بحماس وغيرة ولنفترض أنه يراهم يتدفقون إلى الكنيسة من كل جانب، فإن استعداد الآخرين يخدم كقاعدة (أو كسبب) يجعله أكثر تلهفًا ورضى، حتى لو صار قلبه بليدًا ومتراخيًا.

لو تم حك حجر ضد آخر، ألا يجعل هذا الشرار ينطلق؟ أليس هذا حقيقيًا مع أنه لا شيء أبرد من الحجر ولا شيء أكثر سخونة من النار؟ مع ذلك فالاحتكاك المستمر تغلّب على الطبيعة الباردة للأحجار. لو يحدث هذا للأحجار فسيحدث بالأكثر للنفوس التي تحتك (روحيًا) سويًا والتي بعد ذلك تصير ملتهبة بنار الروح (القدس).

ألم تسمع في وقت أجدادنا (بالروح) أن عدد من آمنوا كانوا (فقط) مئة وعشرين (انظر أع 1: 15)؟ بل قبل أن يؤمن هؤلاء كان العدد فقط اثني عشر. وليس كل الاثنى عشر ثابروا بل واحد منهم وهو يهوذا هلك، بعد ذلك لم يتبق له إلا الأحد عشر. لكن من الأحد عشر أتى المئة وعشرين، ومن المئة والعشرين أتى الثلاثة آلاف وبعد ذلك الخمسة آلاف، وبعد ذلك ملئوا العالم كله بمعرفة الله. السبب في هذا النمو كان أنهم لم يتركوا أبدًا اجتماعهم (سويًا). إنهم كانوا باستمرار مع بعضهم البعض، يقضون اليوم كله في الهيكل ويوجهون انتباههم إلى الصلوات والقراءات المقدسة. لهذا السبب أشعلوا نارًا (روحية) عظيمة، ولهذا السبب لم تتضاءل قوتهم، (بل) لهذا السبب اجتذبوا إليهم كل العالم. نحن أيضًا ينبغي أن نقتدي بهم.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

حضور الأسر كلها للخدمات في الكنيسة

لنفترض أننا أخفقنا في إظهار اهتمام وعناية كثيرين لإخوتنا في الكنيسة كما يظهر النساء لجاراتهن. ألن يكون هذا سخيفًا؟ لكن عندما ترى النساء صبية فقيرة وليس من يعولها، كلهن يأخذن موضع أقربائها ويساعدونها من مصادرهن الخاصة. وسترون جمعًا كبيرًا في يوم خطوبة تلك الفتاة الفقيرة. ويحدث كثيرًا أن بعض من النساء تساهمن بالمال، أخريات يحضرن شخصيًا، وهذا ليس بأمر زهيد، فإن اشتياق أولئك النسوة يخفي حالتهم الوضيعة (فقرهم). وبهذه الطريقة يخفين فقرهن بإظهار أنفسهن مستعدات ولديهن رغبة للمساعدة. ينبغي أن تعملوا هذا لكنيسة القسطنطينية.

لنسارع إلى المجئ من كل صوب ولنغط فقرها، بل لنحررها من فقرها بالمجيء إلى هنا دومًا. الرجل هو رأس المرأة (أف 5: 23)، المرأة معينة للزوج، لذلك لا تدعو الرأس يُتاح لها أن تقف في هذا الموضع المقدس بدون جسدها، لا تدعوا الجسد يُرى بدون رأسه، بل ليأت إلى هنا كل كيان بشري، رأس وجسد (أي رجال ونساء) ويحضرون أولادهم معهم.

إنه شيء مبهج أن ترى شجرة وفرعًا جديدًا يقوم من عند جذورها. لكنه أكثر بهجة أن ترى الإنسان -الذي هو مبهج أكثر من شجرة الزيتون- ومعه أبنه الخارج من صلبه وواقف بجانبه مثل نبتة جديدة. لأنه كما قلت سيكون من هذا الولد مكافأة أعظم للاجتماع.

نحن لا نندهش من الفلاح عندما يعتني بأرض زرعت مرات كثيرة من قبل، بل نُعجب به عندما يأخذ أراضي (بور) لم تُزرع أو تُفلح من قبل ويعتبرها جديرة بالاهتمام وبذل الجهد. هذا ما اعتاد بولس عمله عندما كان متلهفًا لنشر الإنجيل في أماكن حيث لم يُسمع فيها أبدًا عن اسم المسيح. لنقتد ببولس لكي نجعل الكنيسة تتقدم وتساعد (حرفيًا نساعد) نفوسنا.

لنسارع للحضور إلى هنا في كل اجتماع. لو تحرقت في قلبك شهوات رديئة فإن مجرد رؤية بيت الصلاة هذا سيمكّنك بسهولة من إطفاء هذا اللهب. لو أنت في نوبة هيجان، لن يكون هناك تعب في تهدئة الوحش (داخلك). لو أحدق بك أي هوى آخر، سيمكنك أن تقمع العاصفة وتجلب هدوء وسلام إلى نفسك.

ليت كل هذا يتم حتى نستمتع كلنا بهذا السلام بنعمة ورأفة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد مع الآب والروح القدس الآن وإلى أبد الآبدين آمين.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(148) هنا ذهبي الفم يصف شعور شعب القسطنطينية عقب العظة الأولى التي ألقاها على الشعب، ويبدو أن هذه هي ثاني عظة يلقيها بعد تنصيبه بطريركًا هناك.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/john-chrysostom-father-son-equality/david-and-goliath.html

تقصير الرابط:
tak.la/jhc2md4