St-Takla.org  >   books  >   fr-angelos-almaqary  >   bible-history-edersheim-2
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تاريخ العهد القديم للعلامة ألفريد إدرشيم: الجزء الثاني: الخروج والتيه في البرية - القمص أنجيلوس المقاري

5- الفصل الخامس: موسى يعود إلى مصر - صرف صفورة - موسى يلتقي بهارون - قبول بني إسرائيل لهما وتصديقهما - ملاحظات على تقسية قلب فرعون (خر 4: 18-31)

 

الفصل الخامس

موسى يعود إلى مصر - صرف صفورة - موسى يلتقي بهارون - قبول بني إسرائيل لهما وتصديقهما - ملاحظات على تقسية قلب فرعون (خر 4: 18-31)

 

تاريخ الكتاب المقدس ملئ بتناقضات غريبة في الظاهر. وإن كانت غامضة وغير مفهومة للملاحظ السطحي، فإن القلب المؤمن يبتهج أن يستشف فيها، جنبًا إلى جنب، الفرق بين ما يظهر لعين الإنسان وما هو فعليًا أمام الله، وبعد ذلك بين قوة الله ووضاعة السبل والظروف التي من خلالها أختار أن يظهرها.

فالهدف من ناحية هو دعم إيماننا وتشجيعه في الظروف الأقل وعدًا بالنجاح، ومن الناحية الأخرى أن نعطي كل المجد لله وأن نوجه أعيننا على الدوام من الأرض إلى السماء. هكذا كان عندما في أيام جسده، لا إسرائيل ولا الأمم تعرفوا وأدركوا الكرامة الملوكية للمسيح في مَنْ دخل أورشليم "وديعًا راكبًا على أتان وجحش ابن أتان" (مت 21: 5)، كذلك ظهر هذا أيضًا عندما في اللغة البسيطة للكتاب المقدس قيل: "فَأَخَذَ مُوسَى امْرَأَتَهُ وَبَنِيهِ وَأَرْكَبَهُمْ عَلَى الْحَمِيرِ وَرَجَعَ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ. وَأَخَذَ مُوسَى عَصَا اللهِ فِي يَدِه" (خر 4: 20).

 يا للمفارقة!

الذي يحمل في يده عصا الله تم صرفه بأسلوب وضيع، زوجته وبنيه وكل ممتلكاتهم محملة على حمير وهو شخصيًا يسير بجانبهم بدعةٍ! من سوف يتعرف في هذه الهيئة الوضيعة، على من بالعصا التي يحملها سوف يحطم كبرياء فرعون وجبروت مصر؟

عند عودته من "جبل الله" أعلم موسى ببساطة حموه عن قصد زيارته لمصر، وربما يثرون لم تكن لديه الاستنارة الكفاية لينقل له موسى فحوى الرؤيا الإلهية. بالإضافة إلى هذا فإن العلاقات بينهما في ذلك الوقت (كما استخلصنا حتى من الطريقة التي صرفه بها) لا يبدو أنها من النوعية التي تدعوه لأن يكون محل ثقته الخاصة، بل ربما لو أفصح بما في قلبه قد لا يؤدي هذا سوى إلى إقامة العراقيل من جانب يثرون أو صفورة.

لكنها كانت علامة على أن الله عضد طريقه وعززه عندما كل من زوجته وحميه وافقا في الحال على مثل هذه الرحلة رغم أن ظروفها قد تكون محفوفة بأخطار كثيرة (بحسب التاريخ الماضي لموسى). لكن هذا لم يكن كل ما في الأمر. فبعد أن عزم على الانطلاق وفعليًا قبل أن يشرع في رحلته، قام الله بتشجيعه إذ أخبره بموت كل من كانوا يطلبون نفسه.

St-Takla.org Image: Moses, Zipporah and their child Gershom (Exodus 2:21, 22) صورة في موقع الأنبا تكلا: موسى وصفورة وابنهما جرشوم (خروج 2: 21، 22)

St-Takla.org Image: Moses, Zipporah and their child Gershom (Exodus 2:21, 22)

صورة في موقع الأنبا تكلا: موسى وصفورة وابنهما جرشوم (خروج 2: 21-22)

مرة أخرى بينما كان في رحلته، أعطاه الله تعضيد ثلاثي للعمل الذي أمامه. أولًا: هو لفت نظره إلى العصا الإلهية في يده والتي بها كان له أن يبرهن بمعجزات إرساليته إلى فرعون (خر 4: 21).

ثانيًا: لئلا يخور بسبب إخفاق هذه الآيات في ضمان خضوع فرعون، فإن الله ليس فقط أخبره بتقسية قلب الملك، بل بقوله: "وَلَكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَه" (ع21)، برهن أن ذلك الحدث أيضًا كان تحت السيطرة والإشراف المباشر له.

أخيرًا: في الرسالة التي كان له أن يحملها إلى فرعون تم نقل تأكيد وضمانة مضاعفة (ع22-23). طلب الرب الحرية لشعبه لأن "إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْر"، والله هدد أنه في حالة رفض فرعون فقال: "هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْر". كان التهديد مرعب جدًا ليبرهن جدية مطلب الله ومقصده. ومن الناحية الأخرى، فإن الخبر المعُطى لإسرائيل فيه تشجيع بالغلبة النهائية ويتضمن أن الله لن يترك بكره تحت نير عبودية مصر.

في الصراع مع فرعون، الرب يقينًا سوف يغلب وينتصر. هذه العلاقة الثمينة بين الله وشعبه والتي توطدت تمامًا في العهد عند جبل سيناء (خر 19: 5)، يمكن القول أنها بدأت مع دعوة إبراهيم. كان إسرائيل ابن لله بالاختيار، بالنعمة، بالتبني (تث 32: 18؛ إش 64: 8؛ إر 3: 4؛ ملا 1: 6؛ 2: 10)، ولكونه ابن، لن يسحب الرب محبته عنه مطلقًا (هو 11: 1؛ إر 31: 9-20)، بل يتراءف عليه كما يتراءف الأب على بنيه (مز 103: 13)، ومع أنه سيعاقب الشعب لأجل خطاياهم لكنه لن يسحب ويمنع رحمته عنهم.

لا يوجد في أي موضع في العهد القديم ذكر لعلاقة بين الله وأمة أخرى كالتي كانت قائمة بين الله وإسرائيل. لكنه أمر في غاية الأهمية أن إسرائيل دُعي فقط "البكر" لأن هذا ينقل لنا فكرة أن إسرائيل لم يكن له أن يكون وحده في عائلة الله، بل إنه بحسب الوعد مع إبراهيم، كان لبنين آخرين أن يولدوا في بيت الأب (الآب). هكذا حتى في أسمى وعد قيل لإسرائيل يتضمن تأكيدًا ببركة آتية للأمميين.

ولكن الذي كان له أن يعلن إسرائيل بكونه الوارث لهذا الميراث الثمين، كان هو نفسه في ذلك يحيا في حالة إهمال لعلامة ذلك العهد ذاتها! لم يتم ختان ابنه الثاني(99) بحسب الأمر الإلهي (تك 17: 14)، سواء عن إهمال بسبب الإيمان المحُبط أو الاحتمال الأكثر، كما استنتجنا من سلوك لاحق لصفورة، بسبب معارضة زوجته، وهي معارضة لم يستطع موسى في ظروفه الصعبة التغلب عليها.

لكن القضاء يلزم أن يبدأ من بيت الله، ولا يوجد شخص مؤهل لأن يُستخدم كأداة لله بينما هو في حياته الخاصة بطريقة ما يهمل وصاياه. حتى مع عبده المختار موسى التقى الله به كعدو. كانت حياته في خطر بالغ ووشيك، وكان لصفورة ولو على مضض أن تخضع لفريضة الله المختصة بالختان. لكن طبعها وأسلوبها أظهر أنها لم تكن مُعدة لأن تكون معين لموسى في العمل الذي أمامه. ويبدو أنه أدرك هذا فأرجعها وأبنيها إلى حميه. وفقط في فترة متأخرة عندما سمع يثرون كُلَّ مَا صَنَعَ اللهُ إِلَى مُوسَى وَإِلَى إِسْرَائِيلَ شَعْبِه، قام بنفسه وأرجعها مرة أخرى إلى موسى (خر 18: 1-7).

وإذ تطهر موسى هكذا وتنقى من خمير الخطية، واصل رحلته. مرة أخرى استبق الله مشاكل ومصاعب عبده، بل يكاد يمكننا القول تنفيذ وعوده. إذ هو فعلًا وجّه هارون وقال له: " «اذْهَبْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لاِسْتِقْبَالِ مُوسَى». فَذَهَبَ وَالْتَقَاهُ فِي جَبَلِ اللهِ وَقَبَّلَه، وانضم هارون طوعيًا إلى الإرسالية الإلهية لموسى. وإذ وصلا إلى مصر، في الحال "جَمَعَا جَمِيعَ شُيُوخِ بَنِي إِسْرَائِيل". وعند سماع الأخبار الطيبة التي أعلنها هارون ولدى رؤيتهم الآيات التي بها برهن إرساليته لهم، قيل لنا إنهم: "خَرُّوا وَسَجَدُوا".

إذًا الله لم يهجر شعبه الذي سبق فعرفه!

وهكذا ليست مخاوف موسى من عدم التصديق (خر 4: 1)، بل وعد الله الكريم (خر 3: 18)، هو الذي تحقق تمامًا في هذا الموقف أيضًا. فلا بقائهم الطويل في مصر ولا عبوديتهم فيها قد أطفأ إيمانهم بإله آبائهم أو رجائهم في الخلاص والتحرر. فمهما ضلوا واخطئوا فيما بعد، فإن الأخبار بكون الرب افتقدهم، لم تكن غريبة وغير مصدقة بالنسبة لشعبه. بل ما هو أكثر من ذلك أن إيمانهم كان ممتزجًا بالتواضع والتبجيل لله.

قبل أن نجتاز للحديث عن العجائب التي كان لموسى أن يعملها سريعًا ليبرهن أمام فرعون حقيقة إرساليته، قد يكون من المناسب هنا أن نتأمل باختصار عنصر مهم جدًا في تاريخ هذه المعاملات، ونقصد تقسية قلب فرعون. ليس بمعنى أنه يمكننا أن نتعشم دومًا أن نفهم بالتمام ما يختص بمشورات الله، تدبير رئاسته وحكمه، الارتباط السري بين المخلوق والخالق، والأحكام المهيبة التي بها يدافع عن سلطانه على العصيان والتمرد. لكن تأمل وقور لبعض نقاط مأخوذة مباشرة من النص ذاته قد تساعدنا على الأقل -كمثل إسرائيل في القديم- أن نخر ونسجد.

لقد سبق أن لاحظنا أنه قبل عودة موسى إلى مصر (خر 4: 21)، أعلن الله عن فرعون قائلًا: "َلَكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ"، واضعًا هذه العبارة في الطليعة لكي يمكن لموسى أن يتيقن من مشيئة الله المسيطرة على الأمر. ولأجل مقصد مشابه، بل بمزيد من التعبير الأكثر صراحة، أعلن الله ثانية لموسى قبل بدء الضربات العشر (خر 7: 3): "وَلَكِنِّي أُقَسِّي قَلْبَ فِرْعَوْنَ وَأُكَثِّرُ آيَاتِي وَعَجَائِبِي فِي أَرْضِ مِصْرَ".

هذان هما أول مقولتان عن تقسية قلب فرعون.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

في كلا الحالتين الفعل منسوب إلى الله، لكن في كلا الحالتين الحدث لا يزال مستقبلًا، والإعلان عنه جُعل فقط من أجل توضيح ما كان إيمان موسى يحتاج بشدة لأن يعرفه.

على مدار هذا التاريخ ورد تعبير تقسية القلب مرتبطة بفرعون عشرين مرة. ومع أن ترجمتنا الإنجليزية تستخدم كلمة وحيدة "قسَّى"، لكن النص العبري يستخدم ثلاثة تعبيرات مختلفة، منها كما في (خر 7: 3) حرفيًا تعني "يجعله قاسيًا أو عديم الإحساس"، والثاني كما في (خر 10: 1) ويعني يجعله غليظًا أو سميكًا، أي غير حسَّاس ولا يتأثر، والثالث في (خر 14: 4) ويعني يجعله شديد أو صلب وذلك لكي يكون ثابت في عدم تأثره وجدانيًا.

ومن الملُاحظ أن من العشرين فقرة التي تتحدث عن تقسية فرعون، عشرة بالضبط تنسبه لفرعون شخصيًا وعشرة لله(100)، وأنه في كلا الحالتين تُستخدم بالضبط نفس الثلاث تعبيرات. هكذا التقسية والتغليظ والتشديد للقلب بالتحديد والعدد بالضبط تُنسب إلى فرعون نفسه كما أيضًا لله. وعن حق وصواب علّق كاتب ألماني فقال: "تأثير الأول هو تقسية لقلب الإنسان يؤول لهلاكه، بينما الثاني فيه تقسية قلب الإنسان تؤول إلى مجد الله".

ولو نتقدم خطوة نجد أنه مع استثناء فقرتين (خر 4: 21؛ 7: 3) فيهما التدخل الإلهي للتقسية أُعلن عنه مقدمًا ومسبقًا لموسى لتعليمه وإرشاده، فإن عملية التقسية هي على مدار كل التاريخ الفعلي، هي في المقام الأول منسوبة فقط لفرعون شخصيًا.

هكذا قبل الضربات العشر، وعندما برهن هارون أولًا إرساليته الإلهية بتحويل العصا إلى حية (خر 7: 10)، "اشتد قلب فرعون" أي قسى نفسه بنفسه (ع13-14). بالمثل بعد كل واحدة من الضربات الخمس الأولى (خر 7: 22؛ 8: 15؛ 8: 19؛ 8: 32)، التقسية تُنسب أيضًا لفرعون شخصيًا بصريح العبارة.

فقط عقب استمرار مقاومته، نقرأ بعد الضربة السادسة لأول مرة أنه "شدد الرب قلب فرعون" (خر 9: 12). لكن بالرغم من ذلك، يلزم أنه تُركت مساحة للتوبة والرجوع، لأنه بعد الضربة السابعة نقرأ أيضًا أن فرعون "أغلظ قلبه" ( 9: 34)، وأنه فقط بعد الضربة الثامنة، نُسب فعل التقسية كليًا لله.

علاوة على ذلك علينا أن نتأمل تطور ونمو هذه التقسية من جانب فرعون والتي بمقتضاها في النهاية صارت خطيته جاهزة للعقاب. لقد كان ليس فقط أنه قاوم طلب موسى -حتى بعد رؤيته للآيات العجائبية التي بها أثبت إرساليته- بل إنه خطوة بعد خطوة، يد الله باتت ظاهرة بوضوح أكثر، إلى أن كان هو باعترافه الشخصي بلا عذر.

فمع أن الآية الأولى لتحويل العصا إلى حية أمكن للسحرة المصريين بطريقة ما أن يزيفوها، لكن عصا هارون ابتلعت عصيهم (خر 7: 12). لكن بعد الضربة الثالثة، اعترف السحرة أنفسهم بعجزهم عن الاستمرار في الصراع، معلنين: "هذا إصبع الله" ( 8: 9). ولو كان هناك أي شك لا يزال يساور عقله، لكان يلزم إزالته بالبرهان المقدم بعد الضربة الخامسة (خر  9: 7)، عندما: "أَرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَإِذَا مَوَاشِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَمُتْ مِنْهَا وَلاَ وَاحِد". بعض المصريين على الأقل قد انتفعوا واستفادوا من هذا الدرس، وعند الإعلان عن الضربة السابعة فقاموا بإيواء مواشيهم من النار والبَرَد الذي تم الإنباء به (خر 9: 20-21).

أخيرًا بعد تلك الضربة السابعة، اعترف فرعون شخصيًا بخطيته وخطأه (خر 9: 27)، ووعد بإطلاق سراح بني إسرائيل (خر 9: 28). لكن بعد كل هذا وعقب زوال الضربة عاد وقسى قلبه مرة ثانية! (خر 9: 35).

هل يمكننا التعجب والاندهاش أن مثل هذا العصيان المستبد والتمرد الذي لا عذر له، بات ثمرة ناضجة للقصاص الذي ظهر في تقسية الإلهية لقلبه؟ يقينًا في مثل هذا الصراع بين الكبرياء ووقاحة المخلوق (فرعون) مع قدرة الرب الإله، يلزم أن تظهر علانية حقيقة وصدق هذا التصريح الإلهي: «إِنِّي لِهَذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ لِكَيْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِي وَلِكَيْ يُنَادَى بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ» (رو 9: 17). لأن طول أناة الله وصبره لن ينتظرا إلى الأبد.

فعلًا هي حقيقة صادقة تمامًا قول الله: "إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ, بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا" (حز 33: 11)، وأنه "يشاء أن الجميع إلى معرفة الحق يُقبلون ويخلصون" (1تي 2: 4؛ 2بط 3: 9)، لكن: "اَلْكَثِيرُ التَّوَبُّخِ الْمُقَسِّي عُنُقَهُ بَغْتَةً يُكَسَّرُ وَلاَ شِفَاءَ" (أم 29: 1). نفس ظهور الله والذي هو للمؤمن رائحة حياة لحياة، هو لمن يقاومونه رائحة موت لموت (2كو 2: 16). مثلما كتب أحدهم: "نور الشمس يشرق على أرضنا فينتج نتائج مختلفة بحسب طبيعة التربة"، أو بتعبير الكتاب: [7- لأَنَّ أَرْضًا قَدْ شَرِبَتِ الْمَطَرَ الآتِيَ عَلَيْهَا مِرَارًا كَثِيرَةً، وَأَنْتَجَتْ عُشْبًا صَالِحًا للَّذِينَ فُلِحَتْ مِنْ أَجْلِهِمْ، تَنَالُ بَرَكَةً مِنَ اللهِ. 8- وَلَكِنْ إِنْ أَخْرَجَتْ شَوْكًا وَحَسَكًا، فَهِيَ مَرْفُوضَةٌ وَقَرِيبَةٌ مِنَ اللَّعْنَةِ، الَّتِي نِهَايَتُهَا لِلْحَرِيقِ. (عب 6: 7-8). ] أو كما صاغها كاتب ألماني هكذا: "إنها لعنة الخطية التي تجعل القلب القاسي أكثر تحجرًا عما قبل مقابل الجذب الكريم للحب الإلهي وللصبر وطول أناة الله".

هكذا الذين يقسون قلوبهم يسقطون في النهاية تحت الحكم الإلهي بالتقسية مع كل العواقب الوخيمة والمرعبة التي تتضمنها تقسية القلب. إلى هنا نكون فقط قد تتبعنا هذا الأمر كما يظهر في مسار تاريخ فرعون. لكن توجد أوضاع أعمق للمسألة مرتبطة بالتعاملات الإلهية، سلطان وملوكية الله. ولمثل هذه الأسئلة من الواضح أنه ليس مجالها هنا. لكن يكفينا أن نخرج ببعض دروس عملية.

أولًا وقبل كل شيء: نحن نتعلم عدم كفاية وأهلية حتى أكثر المعجزات إثارة للدهشة والانبهار في أن تُخضع المشيئة العاصية، في أن تحول القلب أو أن تخضع الإنسان لله. وربنا المبارك شخصيًا قال في حالة شبيهة بطريقة ما أن الناس لن يؤمنوا حتى لو قام واحد من بين الأموات (لو 16: 31). ومقولته هذه قد تحققت بفيض بليغ في تاريخ هذا العالم منذ قيامته (إذ لا يزال بلايين بعد قيامته غير مؤمنين به). الدين هو مسألة قلب ولن يمكن لاقتناع عقلي، بدون تدخل الروح القدس أن يؤثر في المنابع الداخلية لحياتنا.

ثانيًا: لا يمكننا بالكاد أن نتخيل - سوى بواسطة ما تقدمه سيرة هذا الفرعون- إظهار أكثر رعبًا لوقاحة الكبرياء البشرية والاتكال على القدرة الدنيوية وخداع الخطية. ولكن يبدو أن الدرس قد أغفله الكثيرون! ليس فقط التاريخ المقدس، بل من المرجح أن خبرتنا الشخصية يمكن أن تقدم لنا أمثلة لميول شبيهة، وفي أعماق نفسه، يلزم أن كل مؤمن شعر بخطورة موقفه في هذا الأمر، لأن: "القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس" (إر 17: 9).

أخيرًا مقاومة الله يلزم أن تنتهي يقينًا بقصاص مخيف ومرعب.

كل توبيخ يُكبت، كل نصح يُخنق، كل عرض محبة يُرفض، يميل نحو زيادة بلادة الإحساس الروحي، إلى أن ينتهي بموت الإحساس الروحي تمامًا. من الحكمة والأمان لنا أن نترقب التأثيرات المباركة لروح الله وأن نفتح قلوبنا على مصراعيها لشعاع نعمته.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(99) يمكن أن نستنتج من (خر 4: 25) أن ابن واحد كان مطلوب ختانه، وهذا بالطبع سيكون أصغر الاثنين.

(100) ربما ينبغي لنا أن نشير إلى أن عدد عشرة هو عدد الكمال. والفقرات العشر التي تُنسب فيها التقسية إلى فرعون نفسه هي (خر 7: 13، 22؛ 8: 15، 19، 32؛ 9: 7، 34-35؛ 13: 15)، والعشرة التي تنسب الفعل لله هي (خر 4: 21؛ 7: 3؛ 9: 12؛ 10: 1، 20، 27؛ 11: 10؛ 14: 4، 8، 17).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/bible-history-edersheim-2/moses-zipporah-pharaoh.html

تقصير الرابط:
tak.la/z9vnrb3