منذ القديم... منذ أن اتخذ الرب لذاته شعبًا خاصًا من بين الأمم، عاملهم كرعية خاصة له، وأقام لهم رعاة... لكن رعاة إسرائيل انحرفوا عن رسالتهم ورعوا أنفسهم، فوبخهم توبيخًا شديدًا بفم أنبيائه(47). وفي ملء الزمان، لما سُر الله أن يصنع فداء لشعبه، وظهر في الجسد، كان ينظر في حزن إلى خراف بيت إسرائيل الضالة، وكان يتحنن عليهم إذ رآهم منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها (مت 9: 36)... وهكذا قدم ذاته مثالًا للرعاية، وأعلن أنه هو "الراعي الصالح".
وحينما قتله رعاة اليهود بأيد أثيمة، وقام وارتفع إلى المجد، بقي كما هو الراعي الصالح، لكن رأسًا غير منظور للكنيسة... وهكذا دُعي "راعي النفوس وأسقفها، ورئيس الرعاة" (1 بط 2: 25؛ 5: 4)، "وراعي الخراف العظيم"(48). وأقام نيابةً عنه الرسل وخلفاءهم والكهنة، رعاة مؤتمنين على الخراف الناطقة.
هكذا أحس الرسل -باكورة رعاة العهد الجديد- أن عمل الكنيسة الأول والأعظم في العالم ولأجله، هو الرعاية... فحينما أراد الرب يسوع أن يرد بطرس إلى رتبته الرسولية بعد أن أنكر وجدف، قال له: "ارع خرافي... ارع غنمي" (يو 21: 15- 17)... وقال القديس بولس إلى رعاة كنيسة أفسس: "احترزوا إذًا لأنفسكم ولجميع الرعية، التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه" (أع 20: 28)... وقال القديس بطرس في رسالته: "أطلب إلى الشيوخ الذين بينكم أنا الشيخ رفيقهم... أرعوا رعية الله التي بينكم نظارًا لا عن اضطرار بل بالاختيار. ولا لربح قبيح بل بنشاط. ولا كمَن يسود على الأنصبة. بل صائرين أمثلة للرعية. ومتى ظهر رئيس الرعاة تنالون إكليل المجد الذي لا يبلى" (1 بط 5: 1- 4).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وحينما قدم الرب يسوع ذاته كالراعي الصالح، كشف عن سر صلاحه في الرعاية، ومعه كشف عن الرعاة المزيفين... فالراعي الأمين يدخل من باب الخراف، الذي هو الرب يسوع نفسه، ويعرف خرافه، ويدعوها بأسمائها. ويكون مستعدًا أن يبذل ذاته عنها... أما الراعي الكاذب المزيف، فيدعوه الرب سارقًا ولصًا. وهو لا يدخل من الباب، بل يطلع من موضع آخر. وكل همه أن "يسرق ويذبح ويهلك"... ومتى رأى الذئب مقبلًا... متى نظر خطرًا داهمًا، يترك الخراف ويهرب غير مبال بها (يو 19: 10- 13)... هكذا علمت الكنيسة الأولى يقينًا، أن عملها الأول والأعظم والأسمى هو الرعاية، فانصرفت إليه بكل طاقاتها، وأولته كل عنايتها، عن طريق الخدام المختلفين، وأنواع الخدمات المتنوعة.
والآن نتناول بالكلام عَصَب الرعاية وهم الخدام، ثم نعرض لثلاثة ميادين للرعاية في كنسية الرسل: "الرعاية الاجتماعية"، "الرعاية الأدبية والروحية"، ثم "الرعاية التعليمية".
137 | |
138 | |
139 | |
140 | |
141 | |
142 | |
143 | |
144 | |
145 | |
146 | |
147 | |
148 | |
149 | |
150 | |
151 | |
152 | |
153 | |
154 | |
155 | |
156 | |
157 | |
158 |
_____
(47) انظر: (حزقيال 34: 2- 6).
(48) (عب 13: 20).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/care.html
تقصير الرابط:
tak.la/gd397qa