(*) الأسقف:
عبر عنه في العهد الجديد بالكلمة اليونانية Episkopos ومعناها الناظر أو الرقيب أو المتعاهد. واللفظ قديم الاستعمال في اليونانية، وورد في الترجمة السبعينية للعهد القديم...
والأسقف هو رئيس الكنيسة ومدبرها وراعيها ومعلمها. وقد أقيم الأساقفة أصلًا نوابًا عن الرسل، الذين ما كانوا يستطيعون البقاء في مكان واحد لفترة طويلة، لأن مهمتهم كانت تقتضي التنقل لأعمال الكرازة... وقد أقيم الأساقفة بوضع أيدي الرسل، وأعطوا حقوقهم واختصاصاتهم، بل حملوا -في بعض الأحيان- اسم "رسل"... هؤلاء الأساقفة لم يعينوا على كنيسة واحدة، بل على إقليم بأكمله هكذا أقام الرسول بولس تيموثاوس على كل آسيا، وتيطس على كريت. ولا بُد وأنه أقام أساقفة آخرين على أقاليم أخرى بنفس الطريقة... وكان الأسقف يمر على كل الكنائس في إقليمه، ويرسم كهنة للخدمة الكنيسة في الأماكن المحتاجة إلى ذلك، ويحل أية مشكلات، ويوجه الخدام والشعب للسلوك المسيحي السليم والعقيدة القويمة بعظاته وتعليمه(61)... وكانت إقامة الأسقف تتم بانتخاب الشعب. وقد تكلمت تعاليم الرسل(62) وقوانين الرسل كثيرًا عن الأسقف وإقامته وعمله وخدمته(63).
 |
وقد أورد القديس بولس في رسالته الأولى إلى تيموثاوس، وفي رسالته إلى تيطس، الصفات الواجب توافرها في الأسقف. وقبل أن نتكلم عن هذه الصفات، نشير إلى ملاحظة هامة، وهي أن هذه الوظيفة -في مفهومها الرسولي- لم تكن وظيفة عنجهية وعظمة عالمية وكرامة فريسية... إن أُحيطت بهالة من الكرامة، فهي كرامة النعمة والفضيلة وحياة الزهد والبذل... وليست الكرامة المفروضة على الشعب، كضريبة يؤديها صاغرين وهكذا نفهم كلمات الرسول بولس: "إن ابتغى أحد الأسقفية فيشتهي عملًا صالحًا" (1 تي 3: 1)، لأنه في هذه الحالة يشتهي حياة الخدمة والبذل والفقر... "أنتم مكرمون وأما نحن فبلا كرامة. إلى هذه الساعة نجوع ونعطش ونُعرى... صرنا كأقذار العالم ووسخ كل شيء" (1 كو 4: 10- 13).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وأما الصفات الواجب توافرها في الأسقف، فيمكن تلخيصها فيما يلي:
* صفة عامة تختص بالفضيلة: عدَّد الرسول بولس عدة فضائل ينبغي أن يتحلى بها مَن يُؤهل لهذه الدرجة السامية، ثم عاد وأجملها في عبارة واحدة مقتضبة "يجب أن يكون الأسقف بلا لوم كوكيل الله" (تي 1: 7)... ما أكبر الحروف التي ينبغي أن تكتب بها هذه العبارة القصيرة الجامعة... ما أرهب الدرجة، وما أخطر المسئولية والدينونة المرتبطة بها... "بلا لوم كوكيل الله"!! لا تحتاج هذه العبارة إلى مزيد من الكلمات التفسيرية، بقدر ما تتطلب دراسة جدية، ووقفات طويلة تأملية!!
* صفة تختص بالعلم والتعليم: وعن هذا قال معلمنا بولس "ملازمًا للكلمة الصادقة التي بحسب التعليم، عاكفًا على القراءة" (1 تي 4: 13)... والرسول لا يشترط في الأسقف أن يكون هو نفسه متعلمًا، فهذا وحده لا يكفي. لكنه يشترط أن يكون هو نفسه ملازمًا للعلم وصالحًا للتعليم، وبعبارة أخرى قادرًا على تعليم الآخرين. وهذا التعليم لا يقتصر على المؤمنين وحدهم، بل يتعداهم إلى الخارجين عن الإيمان "لكى يكون قادرًا أن يعظ بالتعليم الصحيح، ويوبخ المناقضين" (تي 1: 9).
* صفة خاصة من جهة محبة المال: ويؤكد الرسول بولس على هذه النقطة في رسالتيه إلى تيموثاوس وتيطس "ولا طامع بالربح القبيح... ولا مُحِب للمال" (1 تي 3: 3؛ تي 1: 7)... ونفس الأمر يشير إليه الرسول بطرس إلى الكهنة "ارعوا رعية الله التي بينكم نظارًا، لا عن اضطرار بل بالاختيار، ولا لربح قبيح بل بنشاط، ولا كمَن يتسلط على ميراث الله، بل صائرين أمثلة للرعية"(1بط 5: 2، 3).
* صفة من جهة الخارجين عن الإيمان: يقول الرسول: "يجب أيضًا أن تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج"... لماذا؟ لأن هؤلاء هم من صميم اختصاصه ومسئوليته، ويجب أن يأتي بهم إلى الحظيرة... هو ليس أسقفًا على المؤمنين وحدهم، بل عليه واجب ومسئولية من نحو غير المؤمنين "ولي خراف أخر ليست من هذه الحظيرة، ينبغي أن آتي بتلك أيضًا... وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد" (يو 10: 16).
_____
(61) Harnack, Missions..., p.445.
(62) Didache,
15.1 - see A.N.F., Vol.7, p.381 (Footnote).(63) Apostolical Constitutions (A.N.F,Vol.7
).الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/bishop.html
تقصير الرابط:
tak.la/4r9sqcg
