2 - السلطان الكنسي:
هذه الكنيسة التي اقتناها الله بدمه، كان لا بُد لها من سلطان عال يرعى الكنيسة... وقد انتقل هذا السلطان إليها من الرب نفسه. الذي قال لرسله القديسين قبيل صعوده إلى السماء "دُفع إلىَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت 28: 18-20)... وقد تقلد الرسل هذا السلطان أيضًا حينما قال لهم: "وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار. الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء. وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء" (مت 18: 17، 18)... بل لقد جعل الرب يسوع صوت الكنيسة كصوت الله نفسه "الذي يسمع منكم يسمع مني" (لو 10: 16)...
وحيث أن الكنيسة مؤسسة روحية، فسلطانها سلطان روحي خالص... ولم تحاول كنيسة الرسل أن تخرج عن هذا النطاق، أو تدعي لنفسها سلطانًا زمنيًا، أيًا كان نوعه... فمملكة المسيح مملكة روحية ليست من هذا العالم... في هذا الدهر يملك المسيح على القلوب، وفي الدهر الآتي مملكته من السماء... وقد استخدمت كنيسة الرسل هذا السلطان الإلهي المعطى لها كسياج للحفاظ على حياة المؤمنين الروحية والأدبية، لصون الإيمان الأرثوذكسي، وكل ما يتصل بنظام لكنيسة وعبادتها سليمًا...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ولقد مارَس الآباء الرسل هذا السلطان الإلهي في هذه الأغراض وأشباهها:
* تكلم القديس بولس عن هذا السلطان الإلهي فقال "فإني وإن افتخرت شيئًا أكثر بسلطاننا الذي أعطانا إياه الرب لبنيانكم لا لهدمكم لا أخجل، لئلا أظهر كأني أخيفكم بالرسائل" (2 كو 10: 8، 9). وقال أيضًا "لذلك أكتب بهذا وأنا غائب لكي لا أستعمل جزمًا وأنا حاضر حسب السلطان الذي أعطاني إياه الرب، للبنيان لا للهدم" (2 كو 13: 10).
وفي كلا القولين نلاحظ أمرًا هامًا، وهو أن هذا السلطان الإلهي الذي أُعْطي للكنيسة في شخص الرسل، يهدف بالدرجة الأولى للبنيان لا للهدم، لبنيان المؤمنين لا لهدمهم. وقد تناولت قوانين الرسل هذا الموضوع بإسهاب، ووضعت تحت طائلة العقاب الإلهي كل من يستخدم هذا السلطان استخدامًا مغرضًا...
* وكمثال لسلطان الكنيسة للمحافظة على حياة المؤمنين الروحية والأدبية، موقف القديس بولس إزاء زنا بالمحارم في كورنثوس... قال: "فإني أنا كأني غائب بالجسد، ولكن حاضر بالروح قد حكمت كأني حاضر في الذي فعل هذا هكذا، باسم ربنا يسوع المسيح إذ أنتم وروحي مجتمعون مع قوة ربنا يسوع المسيح أن يُسِلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع" (1 كو 5: 3-5)... ومرة ثانية يكتب لكنيسة كورنثوس... "هذه المرة الثالثة آتي إليكم. على فم شاهدين وثلاثة تقوم كل كلمة. قد سبقت فقلت، وأسبق فأقول كما وأنا حاضر المرة الثانية، وأنا غائب الآن أكتب للذين أخطأوا من قبل ولجميع الباقين أني إذا جئت أيضًا لا أشفق" (2 كو 13: 1، 2).
* وكمثال لسلطان الكنيسة للحفاظ على الإيمان الأرثوذكسي، ما قاله معلمنا بولس لكنيسة غلاطية... "ولكن إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فيكن أناثيما (محرومًا). كما سبق فقلنا أقول الآن وأيضًا إن كان أحد يبشركم بغير ما قبلتم فليكن أناثيما (محرومًا)" (غل 1: 8، 9)(143)... وبعد أن عرض الرسول للذين يُعلِّمون تعليمًا خاطئًا، قال "الذين منهم هيمينايس، والاسكندر اللذان أسلمتهما للشيطان لكي يؤدبا حتى لا يجدفا" (1تي 1: 20)... وقال القديس يوحنا الرسول في رسالته الثانية "إن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام. لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة" (2يو10).
* وكمثال لسلطان الكنيسة للمحافظة على نظام الكنيسة وعبادتها، ما قاله معلمنا بولس لكنيسة كورنثوس "كما دعا الرب كل واحد هكذا ليسلك، وهكذا أنا آمر في جميع الكنائس" (1كو 7: 17)... "ولكن إن كان أحد يظهر أنه يحب الخصام فليس لنا نحن عادة مثل هذه ولا لكنائس الله" (1كو 11: 16)... ويقول للتسالونيكيين "ثُمَّ نُوصِيكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنْ تَتَجَنَّبُوا كُلَّ أَخٍ يَسْلُكُ بِلاَ تَرْتِيبٍ، وَلَيْسَ حَسَبَ التَّعْلِيمِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنَّا... وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُطِيعُ كَلاَمَنَا بِالرِّسَالَةِ، فَسِمُوا هذَا وَلاَ تُخَالِطُوهُ لِكَيْ يَخْجَلَ" (2 تس 3: 6، 14).
_____
(143) See: John Chrysostom; Commentary on the Galatians (N.P.N.F., p. 8
).الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/church-authority.html
تقصير الرابط:
tak.la/289gqvw