مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تدبير الخلاص حسب الكنيسة الجامعة - الأنبا رافائيل الأسقف العام 📖

19- مَنْ هو الإنسان؟

 

لكي تُفْهَم أبعاد، وأعماق، وعظمة ما عمله الله معنا، في ابنه الوحيد ربنا يسوع المسيح، بالروح القدس، في تدبير خلاصنا، على المرء أولًا أن يفهم:

• من هو الإنسان؟ وما هي مكانته عند الله؟

• ثم ندرك تأثير الخطية في الطبيعة البشرية،

• وبالتالي نفهم أبعاد العمل الإلهي الخلاصي في استعادة الإنسان لمكانته الأولى.[39]

 

وهذه الخطة في فهم تدبير الخلاص (مُبْتَدِئًا من معرفة من هو الإنسان) قد تَبَنَّاهَا الآباء، مُرْتَكِزِين على الكتاب المقدس، وَعَبَّرُوا عنها في الليتورجية المقدسة:

• "إن كلمة الله قد وَحَّد بنفسه طبيعة الإنسان بشمولها؛ لكي يخلّص الإنسان بكُليَّته".[40]

• "فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ ٱلْأَوْلَادُ فِي ٱللَّحْمِ وَٱلدَّمِ ٱشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِٱلْمَوْتِ ذَاكَ ٱلَّذِي لَهُ سُلْطَانُ ٱلْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ" (عب 2: 14)

• "كل عجينة البشرية، أعطتها بالكمال، لله الخالق، وكلمة الآب".[41]

 

St-Takla.org Image: Christ leading the Fathers out of Limbo (Adam, Eve and their sons being led out of the fortress of hell) - from: Mirror of Human Salvation manuscript (image 169) (Speculum Humanae Salvationis), (Cologne or Westfalia, c1360) - Universitäts-und Landesbibliothek, Darmstadt, Germany, Hs 2505. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يخرج آدم وبنيه من الجحيم. - من مخطوط مرآة خلاص البشرية (صورة 169)، صدر في كولونيا أو وستفاليا بألمانيا، 1360 م. تقريبًا - جامعة دارمشتات التقنية، ألمانيا.

ص 40 يشرح القديس أثناسيوس الرسولي هذه الحقيقة بقوله:

"الله صالح، بل هو بالأحرى مصدر الصلاح. والصالح لا يمكن أن يبخل بأي شيء، وهو لا يحسد أحدًا حتى على الوجود. ولذلك خلق كل الأشياء من العدم بكلمته يسوع المسيح ربنا، وبنوع خاص تَحَنَّن على جنس البشر. ولأنه رأى عدم قدرة الإنسان أن يبقى دائمًا على الحالة التي خُلِقَ فيها،[42] أعطاه نعمة إضافية، فلم يكتف بخلق البشر مثل باقي الكائنات غير العاقلة على الأرض، بل خلقهم على صورته وأعطاهم شركة في قوة كلمته حتى يستطيعوا بطريقة ما، ولهم بعض من ظِلّ (الكلمة) وقد صاروا عُقَلَاء، أن يبقوا في سعادة ويحيوا الحياة الحقيقية، حياة القديسين في الفردوس."[43]

 

وهذا بعينه ما تعلنه الأسفار المقدسة:

"فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ الإِنْسَانَ خَالِدًا (على غير فساد)، وَصَنَعَهُ عَلَى صُورَةِ أزليته" (حكمة 2: 23).

ὅτι ὁ θεὸς ἔκτισεν τὸν ἄνθρωπον ἐπʼ ἀφθαρσίᾳ καὶ εἰκόνα τῆς ἰδίας ἀϊδιότητος ἐποίησεν αὐτόν,[44]

For God created man to be immortal and made him to be an image of his own eternity.

 

ما هو معنى حقيقة أننا مخلوقون على صورة الله؟ ما هي هذه الصورة فينا؟

إن صورة الله المُنْطَبِعَة فينا هي العقل، والحكمة، والقداسة، والحرية، والبر، والخيرية، والصلاح، والرحمة، والميل للفضيلة، والمعرفة، والصداقة مع الله، والبنوَّة لله، والحياة، والسلطان، والفكر الخَلَّاق، والخلود الأبدي.[45]... إلخ.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

ص 41 يقول القديس كيرلس الكبير:

"وكون أن الإنسان خُلِقَ على صورة الله (تك 26:1) فهذا له معاني ومدلولات أخرى: فالإنسان وحده من بين الخلائق الحية على الأرض، هو كائن عاقِل، ورحوم، وله ميل نحو كل فضيلة. وقد أُعطِيَ له سلطان على كل الأشياء التي على الأرض، وذلك حسب صورة الله وَمِثاله". وَتِبْعًا لذلك، فكما أن الإنسان هو كائن حي عاقل، وهو مُحِب للفضيلة وله سلطان على كل الأشياء التي على الأرض، لذلك يؤكد (الكتاب) أنه قد خُلِقَ على صورة الله."[46]

 

لذلك نصلي في القداس الإلهي قائلين: "وكتبت فيّ صورة سلطانك".[47]

يقول المزمور: "فَمَنْ هُوَ ٱلْإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ؟ وَٱبْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟ وَتَنْقُصَهُ قَلِيلًا عَنِ ٱلْمَلَائِكَةِ، وَبِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ. تُسَلِّطُهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. جَعَلْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ: ٱلْغَنَمَ وَٱلْبَقَرَ جَمِيعًا، وَبَهَائِمَ ٱلْبَرِّ أَيْضًا، وَطُيُورَ ٱلسَّمَاءِ، وَسَمَكَ ٱلْبَحْرِ ٱلسَّالِكَ فِي سُبُلِ ٱلْمِيَاهِ." (مز 8: 4-8)

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[39]

• "وأردت أن تجدده، وترده إلى رتبته الأولى". (صلاة الصلح - القداس الغريغوري).

• "فتح باب الفردوس، ورد آدم إلى رئاسته مرة أخرى”. (ثيئوطوكية يوم الأحد القطعة 15).

• "من قِبل صليبه، وقيامته المقدسة، ردّ الإنسان مرة أخرى، إلى الفردوس". (مرد إنجيل عيد الصليب المجيد).

[40] القديس كيرلس الكبير - شرح انجيل يوحنا، (12: 27). المجلد الثاني، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد. المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، ص76.

[41] ثيؤطوكية يوم الخميس متحدثة عن العذراء وسر التجسد منها.

ويُقصد بكلمة كل عجينة البشرية، أن الرب أخذ منها ناسوتًا كاملًا مساوٍ لنا بالكمال، جسد وروح إنسانية، ونفس عاقلة.

[42] أي دوام الوجود.

[43] القديس أثناسيوس الرسولي. "تجسد الكلمة" (3/ 3) مرجع سابق، ص 8.

[44] Septuaginta: With morphology. (1979). (electronic ed., Wis 2:23). Stuttgart: Deutsche Bibelgesellschaft.

[45] "الذي جبل الإنسان على غير فساد" (صلاة الصلح - القداس الباسيلي).

[46] القديس كيرلس الكبير - رسائل القديس كيرلس الكبير، الرسالة 83، من كيرلس إلى كالوسيروس أسقف أرسينوى ضد أولئك الذين يقولون أن اللاهوت له هيئة بشرية، ترجمة الدكتور موريس تاوضروس، والدكتور نصحي عبد الشهيد. المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، يونيو 1997م، الفقرة 4، ص304.

[47] القداس الغريغوري.

وحدة الجنس البشري

تدبير الخلاص حسب الكنيسة الجامعة كتب الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة

قضية الخَلْق من العدم

---