الفصل الثالث: 1 | 2 | 3 | 4 | 5
العقيدة السليمة. خِلْقَة الكائنات من العدم لسبب فرط جود الله وكرمه. خِلْقَة الإنسان أعلى من سائر الكائنات ولكن دون أن تكون له المقدرة على البقاء مُستقلا عن غيره. العطية السامية المُمتازة التي مُنِحَت إليه أن يكون على صورة الله ومثاله، مع وَعْده بالسعادة بشرط استمراره في النعمة.
1- وهكذا نراهم يتخبطون في أوهامهم وتَرَهَاتِهم. أما التعليم الإلهي والإيمان بالمسيح، فإنهما يدمغان أقوالهم الغبية بوصمة العار، ويظهران أنها كُفْر وإلحاد. لأنه معلوم أن الكائنات لم تُخْلَق من تِلقاء ذاتها، فإن خِلقتها تستلزم وجود فِكر سابق. كما أنها لم تُخلق من مادة موجودة من قبل، لأن الله ليس ضعيفًا. ولكن الله خلق الكون من العدم، ومن غير سَبْق وجوده مُطلقًا، بكلمته، كما يقول (أولًا) على لسان “موسى” “في البدء خلق الله السموات والأرض”(11)، (وثانيًا) في الكتاب الباني جدًا الذي يُسَمَّى “الراعي(12)“ book of the Shepherd. “وقبل كل شيء أؤمن بأن الله واحد، الذي خلق وَصَوَّر كل الأشياء، وأوجدها من العدم”.
2- وإلى هذا يشير أيضًا “بولس” إذ يقول “بالإيمان نفهم أن العالمين أُتقنت بكلمة الله، حتى لم يتكون ما يُرى مما هو ظاهِر(13)“.
3- لأن الله صالح، أو بالحري هو بالضرورة مصدر الصلاح source of goodness، والصالِح لا يمكن أن يبخل بأي شيء. لذلك فإنه، إذ لا يضن بنعمة الوجود على أي شيء، خلق كل الأشياء من العدم بكلمته - يسوع المسيح ربنا. وفضلًا عن ذلك فإنه إذ أشفق بصفة خاصة على الجنس البشري دون سائر المخلوقات على الأرض، وإذ رأى ضعفه -بطبيعة تكوينه- عن أن يبقى في حال واحدة، منحهُ نِعمة أخرى، فإنه لم يكتف بمجرد خِلقته للإنسان، كما خلق باقي المخلوقات غير العاقلة على الأرض، بل خلقه على صورته ومِثاله، وأعطاه نصيبًا حتى في قوة “كلمته”، لكي يستطيع وله نوع من ظل “الكلمة”، وقد خُلق عاقلًا، أن يبقى في السعادة أبدًا، ويحيا الحياة الحقيقية، حياة القديسين في الفردوس.
4- ولكن لِعلمه أيضًا أن إرادة الإنسان يمكن أن تميل إلى إحدى الجهتين(14)، سبق فدعم النعمة، المُعطاة له، بالوصية التي قدمها إليه، والمكان الذي أقامه فيه، لأنه أتى به إلى جنته، وأعطاه وصية، حتى إذا حفظ النعمة، واستمر صالِحًا، استطاع الاحتفاظ بحياته في الفردوس بلا حُزن ولا ألم ولا هَم، فضلًا عن موعد عدم الفساد في السماء the promise of incorruption in heaven. أما إذا تَعَدَّى الوصية وارتد، وأصبح شريرًا. فيعلم بأنه يجلب على نفسه الفساد بالموت الذي كان يستحقه بالطبيعة، وأنه لا يستحق الحياة في الفردوس بعد، بل يُطرد منه من ذلك الوقت، ولكي يموت ويبقى في الموت والفساد.
5- وهذا يحذر منه الكتاب المقدس قائلًا بفم الله “مِن جميع شجر الجنة تأكل أكلًا. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت(15)“. وماذا يعني بقوله: “موتًا تموت” dying ye shall die. ليس المقصود مجرد الموت فقط، بل أيضًا البقاء إلى الأبد في فساد الموت abiding ever in the corruption of death.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(11) (تكوين 1: 1).
(12) لمؤلفه “هرماس” أحد مؤلفي الأجيال الأولى للمسيح.
(13) (عبرانيين 11: 4).
(14) أي الخير والشر.
(15) (تكوين 2: 16-17).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/incarnation-of-the-word/creation.html
تقصير الرابط:
tak.la/sxmacz9