12- أعطانا أن نكون شركاء الطبيعة الإلهية
بسبب نعمة التبني لله الآب، التي ننالها بالاتحاد بالابن الوحيد الحقيقي، بالإيمان، والمعمودية، نصير بهذا شركاء الطبيعة الإلهية فيه، ونصير إلهيين بسبب تنازله. فهو الله بالطبيعة، وصار إنسانًا بالحقيقة؛ لكي يؤلِّهنا فيه، أي نصير إلهيين بالنعمة، وشركاء ميراثه الأبدي، وارثين الحياة الأبدية، وعدم الفساد.
"كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ ٱلْإِلَهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَٱلتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ ٱلَّذِي دَعَانَا بِٱلْمَجْدِ وَٱلْفَضِيلَةِ، ٱللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا ٱلْمَوَاعِيدَ ٱلْعُظْمَى وَٱلثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ ٱلطَّبِيعَةِ ٱلْإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ ٱلْفَسَادِ ٱلَّذِي فِي ٱلْعَالَمِ بِٱلشَّهْوَةِ" (2بط 1: 3-4).
ويقول القديس أثناسيوس الرسولي:
"لأن كلمة الله صار إنسانًا لكي يؤلِّهنا نحن (نصير إلهيين)، وأظهر نفسه في جسد لكي نحصل على معرفة الآب غير المنظور، واحتمل إهانة البشر لكي نَرِث نحن عدم الموت. لأنه بينما لم يمسه هو نفسه أي أذى، لأنه غير قابل للألم أو الفساد، إذ هو الكلمة ذاته وهو الله، فإنه بعدم قابليته للتألم حفظ وخلّص البشر الذين يتألمون والذين لأجلهم احتمل كل هذا".[440]
ومفهوم التأليه الذي نناله، هو في أبسط شرح له (الاتحاد بالمسيح) فقد خَلَّصنا، باتحادنا فيه بالمعمودية، والإفخارستيا؛ كي نكون أعضاءه، وفيه نصير أبناء الآب، ومسكن الروح القدس. ووارثين ملكوت السموات، وصار المسيح رأس الجسد. ونحن أعضاء هذا الجسد، إنه اتحاد كياني، يؤول إلى خلاصنا.
"وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ ٱلْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا" (1كو 12: 27).
"بَلْ صَادِقِينَ فِي ٱلْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ ٱلَّذِي هُوَ ٱلرَّأْسُ: ٱلْمَسِيحُ، ٱلَّذِي مِنْهُ كُلُّ ٱلْجَسَدِ مُرَكَّبًا مَعًا، وَمُقْتَرِنًا بِمُؤَازَرَةِ كُلِّ مَفْصِلٍ، حَسَبَ عَمَلٍ، عَلَى قِيَاسِ كُلِّ جُزْءٍ، يُحَصِّلُ نُمُوَّ ٱلْجَسَدِ لِبُنْيَانِهِ فِي ٱلْمَحَبَّةِ” (أف 4: 15-16).
إن جوهر الخلاص هو الاتحاد بالسيد المسيح. فبفضل الاتحاد بين اللاهوت والناسوت اتحادًا أقنوميًا كاملًا، صار الواحد من الثالوث -من جهة ألوهيته- واحدًا منا -من جهة إنسانيته- ولأنه يحمل طبيعتنا البشرية في كيانه -من بعد الاتحاد- صار موته، ونصرته، محسوبة لصالح البشرية. وأعطانا السلطان -بالإيمان به- أن نتحد بجسده، ونصير أعضاءه. وكما أنه من خلال انتسابنا لآدم الأول، ورثنا الخطية، والموت، والفساد، هكذا بانتسابنا لآدم الجديد، واتحادنا به بالإيمان، والمعمودية، والإفخارستيا، نصير به وفيه، منتصرين على الموت، ونرث فيه وبه الحياة.
"لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ ٱلْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ ٱلْمَوْتُ بِٱلْوَاحِدِ، فَبِٱلْأَوْلَى كَثِيرًا ٱلَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ ٱلنِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ ٱلْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي ٱلْحَيَاةِ بِٱلْوَاحِدِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ! فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ ٱلْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هَكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ ٱلْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ، لِتَبْرِيرِ ٱلْحَيَاةِ. لِأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلْوَاحِدِ جُعِلَ ٱلْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هَكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ ٱلْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ ٱلْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا” (رو 5: 17-19).
"فَإِنَّهُ إِذِ ٱلْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضًا قِيَامَةُ ٱلْأَمْوَاتِ. لِأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ ٱلْجَمِيعُ، هَكَذَا فِي ٱلْمَسِيحِ سَيُحْيَا ٱلْجَمِيعُ. (1كو 15: 21-22).
"وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ ٱلتُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ ٱلسَّمَاوِيِّ” (1كو 15: 49).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
يُعبّر القديس أثناسيوس الرسولي عن شركة الطبيعة الإلهية بتعبير أن الله ألبَسنا عدم الفساد:
"وهكذا باتخاذه جسدًا مماثلًا لجسد جميع البشر وباتحاده بهم، فإن ابن الله عديم الفساد ألبَس الجميع عدم الفساد، بوعد القيامة من الأموات. ولم يعد الفساد الفعلي بالموت له أي سلطان على البشر بسبب الكلمة الذي جاء وسكن بينهم بواسطة جسده".[441]
وتعبّر الليتورجية القبطية الأرثوذكسية في صلواتها، عن هذه النعمة العظيمة، بكل بساطة بتعبير "الوحدة"، وهو المعنى الحقيقي الذي يقصده الآباء من تعبير θεοποισες "التأليه" أو "يجعلنا إلهيين".(441ب)
"لأن الذي على الشاروبيم، أتى وتجسد منكِ، حتى وحدّنا به، من قبل صلاحه".[442]
"هو أخذ جسدنا، وأعطانا روحه القدوس، وجعلنا واحدا معه، من قبل صلاحه".[443]
"هو أخذ الذي لنا، وأعطانا الذي له".[444]
"فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ ٱفْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ" (2كو 8: 9).
_____
[440] القديس أثناسيوس الرسولي - تجسد الكلمة: (54/ 3)، مرجع سابق ص173.
[441] القديس أثناسيوس الرسولي. كتاب "تجسد الكلمة" (9/ 2) مرجع سابق ص24.
(441ب) استخدمها القديس أثناسيوس الرسولي في المقالة الأولي من ضد الأريوسيين، في الفقرة 39:
Οὐκ ἄρα ἄνθρωπος ὢν, ὕστερον γέγονε Θεός· (32)ἀλλὰ Θεὸς ὢν, ὕστερον γέγονεν ἄνθρωπος, ἵνα μᾶλλον ἡμᾶς θεοποιήσῃ.
PG, Volume 26, page 92, line 34.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/economy-of-salvation/partakers-of-the-divine-nature.html
تقصير الرابط:
tak.la/cxhnq52